41. لتحل السماحة محل الغيرة

قبل بضع سنوات، نُقلت الأخت شياوجي إلى كنيستنا لمساعدتي في واجبات القيادة. على مدار الوقت، وجدت أنها رغم صغر سنها، كانت ذات مقدرة جيدة وقادرة حقًا. لقد مارَستْ الحق عند ظهور المشكلات وركزت على طلب مبادئ الحق. لم أكن نظيرتها في المقدرة أو القدرة على العمل. لقد أُعجبت بها حقًا وشعرت أنها موهوبة. ذات مرَّة، سألتني قائدة في اجتماع زملاء العمل، عما إذا كان هناك أناس في الكنيسة يطلبون الحق ولديهم مقدرة كبيرة، فأخبرتها عن نقاط قوة الأخت شياوجي دون تردُّد، وسرعان ما دعتها القائدة إلى اجتماع زملاء العمل، وطلبت منها أن تحضر الاجتماعات العديدة المُقبلة أيضًا. بدأتُ تدريجيًا أشعر ببعض الانزعاج، وفكرت: "كنت أنا دائمًا مَن تحضر الاجتماعات، وتناقش القائدة العمل الكنسي معي. ها هي الآن تطلب من شياوجي أن تحضر. يبدو أنها تريد تركيز جهودها على تدريبها. لو كنت أعرف، لما ذكرتُ نقاط قوتها". شعرت وكأنني نُسيتُ وأُهمِلتُ، وكل ذلك بسببها. كنت أشعر بالضيق أكثر فأكثر، وبدأت تتشكَّل فكرة بهدوء، أنه سيكون رائعًا إذا نقلتها القائدة. ما دمنا لسنا معًا، فلن أبدو أسوأ منها، وبعد ذلك، ربما تناقش القائدة الأمور معي. لكنني علمت أنه لن يتم نقل شياوجي مرة أخرى بهذه السرعة. شعرت وكأن حِملًا ثقيلًا يجثم على صدري. ليس هذا فحسب، لكنني لم أكن راغبة في التنازل، فأوليت سرًا كلام الله اهتمامًا جمًا بقراءته وحفظه والتأمل فيه أكثر من ذي قبل حتى يمكنني التفوق عليها في الشركة عن الحق لأثبت نفسي. لكن دوافعي كانت خاطئة، ولم أكن أتنافس معها إلا على المكانة، لذا، لم يكن لدي عمل الروح القدس في واجبي. لم أتمكن من فهم أي مشكلة أو معالجتها.

ذات مرَّة، اختيرت أختان لتكونا شماستين في الكنيسة. كانتا قلقتين جدًا من أنهما لم تفهما ما يكفي من الحق، لحل المشكلات العملية للآخرين مع الدخول إلى الحياة. ولم ترغبا في تولي هذا المنصب. عندما سمعت هذا، فكرت: "ما كلمات الله التي يمكنني أن أشارك بها لمعالجة حالتهما، حتى يتمكن الجميع من رؤية أن الأخت شياوجي ليست أفضل مني؟". بمجرد انتهاء هاتين الأختين، أسرعت لقراءة مقطعين من كلام الله ثم مشاركة الشركة. ولكنني لم أرغب سوى في التباهي والحصول على التقدير، وليس تهدئة نفسي أمام الله وطلب الحق، لإيجاد أصل المشكلة. فشلت شركتي. وعندما رأيتهما جالستين هناك دون استجابة، شعرت بإحراج حقًا. لم أكن أعرف ماذا أقول. ثم تدخلت الأخت شياوجي للشركة حول معنى القيام بواجبنا، وتحدثت عن تجربتها الخاصة وفهمها وعن مشيئة الله، فتحركت مشاعر الأختين وبكَتا وعقدتا العزم على قبول هذا الواجب. عندما رأيتهما تنظران إلى شياوجي بإعجاب، شعرت بغصة في حلقي. كان الجميع يقبلني حقًا قبل أن تأتي، لكنها ربحت اليد العليا في كل شيء، بعد وقت قصير من انضمامها إلى الكنيسة. حيث تقدرها القائدة ويتطلع إليها إخوتها وأخواتها، ولم أرقَ لذلك، مع أنني كنت قائدة لفترة أطول. قلقت مما ظنه الآخرون بي. هل يقولون إنني افتقرت إلى حقيقة الحق، وإنني جعلتها تبدو جيدة مقارنة بي؟ سيطرت عليَّ هذه الأفكار خلال تلك الفترة الزمنية. وشعرت أن الأخت شياوجي تسرق مني الأضواء، وأصبحت أشعر بالغيرة منها. في بعض الأحيان كنت أتمنى أن يمكنني إخراجها من كنيستنا بطريقة مفيدة للطرفين. فكرت وفكرت، لكنني لم أتمكن من التوصل إلى أي شيء. شعرتُ أيضًا أنني كنت أبتعد عن الله، وأن روحي تسقط في الظلام. لم تكن لشركاتي حول كلام الله أي نور، ولم أتمكن من مساعدة الآخرين في معالجة مشكلاتهم. ظللت أقوم بواجبي كل يوم، لكني كنت أتعذَّب وأتألم، فجلبتُ حالتي أمام الله في صلاة، طالبة منه أن يرشدني لفهم مشيئته ومعرفة فساد نفسي.

قرأت فيما بعد كلمات الله هذه: "كقادة كنيسة، يجب أن تعرفوا كيف تكتشفون الأشخاص الموهوبين وتثقفونهم، وألّا تشعروا بالغيرة من أصحاب الموهبة. بهذه الطريقة، ستكونون قد أدّيتم واجبكم بشكل مُرضٍ، وستكونون قد أتممتم مسؤوليتكم، وستكونون كذلك قد بذلتم قصارى جهودكم لتكونوا مخلصين. يخاف بعض الناس على الدوام من أن يسرق آخرون الأضواء منهم ويتفوقوا عليهم؛ فيكسبوا التقدير، بينما هم أنفسهم يلقون الإهمال. يؤدّي بهم هذا إلى التهجّم على الآخرين واستبعادهم. أليست هذه حالة من حالات الغيرة من أشخاص أكثر قدرةً منهم؟ أليس مثل هذا السلوك أنانيًا وخسيسًا؟ أي نوع من الشخصيات هذه؟ إنّها حقودة! لاتفكر إلا في نفسها، وبإرضاء رغبات النفس فقط، وعدم مراعاة واجبات الآخرين، والتفكير في المصالح الشخصية فقط وليس في مصالح بيت الله – يملك هؤلاء الأشخاص شخصيةً سيئةً، ولا يحبّهم الله" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). تصل كلمات الله إلى العمق بسرعة حقًا. لقد كشفت حالتي الدقيقة. عندما رأيت المقدرة العالية لأختي وشركتها العملية، وأن القائدة قدَّرتها، ونالت تقدير الآخرين، شعرت بالغيرة ونبذتها، ولم أُطق انتظارًا لتغادر الكنيسة. لم أفكر في كيفية تأثير ذلك على عمل الكنيسة أو مصالح بيت الله. لم أظهِر شيئًا سوى الشراسة، وكنت أنانية وحقيرة بشكل خاص. كنت أفتقر تمامًا للطبيعة البشرية! كيف يمكن لأداء واجبي على هذا النحو ألا يثير اشمئزاز الله؟ لقد فقدت إرشاد الروح القدس في واجبي وسقطت في الظلمة. كانت تلك شخصية الله البارَّة. لذا، صليت الى الله طالبة منه أن يرشدني لأترك المكانة، وأعيش بحسب الطبيعة البشرية، وأعمل جيدًا مع أختي.

ثم قرأت كلمات الله هذه: "إن كنتَ قادرًا فعلًا على مراعاة مشيئة الله، فستتمكّن من معاملة الآخرين بإنصاف. إن أعطيتَ شخصًا تزكيتك، وإن نما ذلك الشخص وأصبح ذا موهبة، وبالتالي أحضر شخصًا موهوبًا آخر إلى بيت الله، ألن تكون آنذاك قد أدّيتَ عملك بإتقان؟ ألن تكون آنذاك قد أديتَ واجبك بإخلاص؟ هذا عمل صالح أمام الله، وهو نوع الضمير والمنطق الذي يجب على البشر امتلاكه" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). شعرت بمزيد من الندم والذنب. يريد الله من الناس الذين يطلبون الحق أن ينهضوا ويتعاونوا مع الله. كنت قائدة للكنيسة، ولكن لم يكن لديَّ ما يريده الله في قلبي. عندما رأيت أشخاصًا من هذا النوع يعملون في الكنيسة، أحزنني ذلك، بل وشعرت بالغيرة والقلق بشأن مكانتي. لم يكن لدي أبسط صور ضمير وعقل الإنسان. رأيت أنني كنت غير مؤهلة على الإطلاق لأن أكون قائدة، وكرهت كم كنت أنانية. كان تمتُّع الأخت شياوجي بمقدرة جيدة، ومعالجتها المشكلات من خلال الشركة، مفيدًا لعمل الكنيسة، وحياة الإخوة والأخوات. كان ينبغي عليَّ أن أساندها وأن أتعلَّم من نقاط قوتها. كان العمل معها جيدًا في واجبنا، الطريقة الوحيدة لمراعاة مشيئة الله. بمجرد أن فهمت مشيئة الله، ظللت أشعر ببعض الغيرة عندما ألاحظ قبول الآخرين للأخت شياوجي، لكنني كنت أصلي لله وأهمل نفسي. ركزت على العيش أمام الله، لأقوم بواجبي بشكل جيد، وتوقفت عن التفكير كثيرًا فيمن ينال التقدير، وشعرت بغيرة أقل بكثير. أصبحت قادرة على السعي ومناقشة أمور معها في مواجهة مشكلة، والاستفادة من قوتها لتعويض ضعفي، وطلب مبادئ الحق معًا. وشعرت بمزيد من الحرية والراحة. بعد إجراء بعض التغيير، اعتقدت أن طبيعتي الغيورة قد تحسَّنت، لكنني فوجئت عندما واجهت موقفًا آخر، أظهر مدى عمق جذور طبيعتي الشيطانية. كنت بحاجة إلى المزيد من دينونة الله وتوبيخه لأتطهر.

ذات مرة، ذهبت أنا وشياوجي إلى اجتماع زملاء العمل حيث رحَّبت بي القائدة سريعًا ثم بدأت مناقشة عمل الكنيسة مع شياوجي. كنت جالسة على الهامش فحسب، أشعر وكأنني غير مرغوب بي. وسرعان ما ساء مزاجي. نظرت إلى شياوجي بسخط، ولم يسعني إلا أن أشعر بالريبة، وأفكر: "القائدة إذًا تقدرك أكثر مني. أنت الفتاة الذهبية في الكنيسة وفي عينيّ القائدة، وأنا فقط أجعلك تبدين جيدة مقارنة بي". سمعت فيما بعد أن القائدة رتبت لشياوجي حضور عظات في منطقة أخرى، والحصول على بعض التدريب. لم أكن سعيدة لسماع ذلك. وفكرت: "لماذا أرادت أن تذهب شياوجي ولست أنا؟ هل أنا حقًا بهذا السوء؟ ألست أستحق حتى القليل من التدريب؟". شعرت بالإحراج وكأن ماءً باردًا سُكب عليَّ. شعرت بأنني غير قادرة على قبول ذلك على الإطلاق، معتقدة أنني بذلت في واجبي مثلما فعلت هي. لكنني كنت أُترَك بينما كانت تذهب للاستماع إلى العظات. شعرت بالتجاهل تمامًا، وبأنني لن أكون نظيرة لها أبدًا مهما فعلتُ. ازداد شعوري بالسوء كلما قارنت نفسي هكذا، وبدأت أعيش في حالة من الغيرة والاستياء مرة أخرى. كنت أتحرَّق شوقًا لأن تجعلنا القائدة نعمل بشكل منفصل، حتى أتمكن من الحصول على فرصة للتميز.

بعد ذلك بفترة وجيزة، أصيب زوج شياوجي بمرض خطير، وكان هذا صعبًا عليها حقًا. لقد عزَّيتها وشجعتها على الصلاة وطلب مشيئة الله خلال هذه التجربة، لكني لم أتمكن من إلا أن أفكَّر، "لقد كانت حقًا في ذروة نجاحها. الآن تتنقَّى، وهي في حالة سيئة، لذا ستكون فرصتي لأظهِر نفسي. إذا نجحَت في تحسين حالتها، فلن أحظى بهذه الفرصة أبدًا. أرجو أن تستمر معها هذه التنقية لفترة من الوقت. عندها سيرى الجميع أنها تقدم شركات جيدة عندما تكون الأمور طبيعية، لكنها لا تستطيع أن تعيش بحسب واقع كلام الله. ثم لن يعجبوا بها كثيرًا. قد ترى القائدة أنها تفتقر إلى حقيقة الحق، ولن تدرِّبها بعد ذلك، ومن الطبيعي أن تتحسن بعدها نظرة الآخرين لي". لم أفكر حقًا كثيرًا في حالة ذهني، ولكنني تركت هذه الأفكار تمُر فحسب. ذات يوم، سألت بعض الأخوات عن شياوجي بدافع القلق، وقلتُ إنها كانت في حالة مريعة، ورغم أنها عادة ما كانت تقدم شركة رائعة، فإنها أصبحت سلبية خلال التجربة وتفتقر إلى القامة الحقيقية. شعرت بعدم الارتياح بمجرد أن قلت ذلك. كنت أبالغ في الأمور لإدانتها والحط من قدرها. لكن عندما رأيت أن هؤلاء الأخوات صدقن كلامي، شعرت بالغبطة سرًا. ظننت أنهن لن يُعجبن بشياوجي كثيرًا بعد الآن. لكن عندما رأيتها فيما بعد، رغم أنها كانت تتألم حقًا، وتبكي كلما صلَّت، لم تدع ذلك يتدخل في واجبها على الإطلاق. لم يسعني إلا أن أشعر بالقليل من الذنب. سيكون من الصعب ألا تعاني وتشعر ببعض الضعف، في مواجهة تلك التجربة. كنت لأصلي من أجلها لو كانت لدي إنسانية حقًا، وكنت لأفعل كل ما بوسعي لمساعدتها ودعمها. لكن ماذا فعلتُ؟ شعرت بالفزع حيال ذلك. وقفت أمام الله في الصلاة قائلة: "يا الله! أنا غيورة للغاية. لقد أدنت الأخت شياوجي وأهنتها حتى أتمكن من التفوق عليها. حتى إنني استمتعت بألمها، ولم أطق انتظارًا حتى تصبح سلبية وتتعثر. أنا أفتقر تمامًا للإنسانية. يا الله، أرجو أن ترشدني وتنيرني لأعرف فسادي وأتحرر من شخصيتي الشيطانية".

قرأت هذا في كلمات الله بعد صلاتي: "وإذا رأوا شخصًا أفضل منهم، يمارسون عليه القمع، أو ينشرون إشاعة ضدّه، أو يستخدمون وسائل غير أخلاقية لضمان عدم تقدّم الآخرين عليهم، كي لا يكون الآخرون أفضل منهم: بيد أن ذلك يعكس الشخصيّة الفاسدة التي تقوم على الغطرسة ورفض الرأي الآخر، كما على المكر والخداع والغدر، ومثل أولئك الأشخاص لا يتورّعون عن القيام بأيّ شيء من أجل تحقيق أهدافهم. إنهم يعيشون هكذا، ومع ذلك فهم يعتقدون أنهم أشخاص رائعون وصالحون. لكن، هل لديهم فعلاً قلوب تخشى الله؟ أوّلاً، وقبل كل شيء، إذا تناولنا الأمر من منظور طبيعة هذه المسائل، أليس الذين يتصرفون بهذه الطريقة أشخاصًا يفعلون ببساطة ما يحلو لهم؟ هل يأخذون في الاعتبار مصالح عائلة الله؟ إنهم لا يفكرون إلا بمشاعرهم الخاصة ولا يريدون سوى أن يحققوا أهدافهم الخاصة، بغض النظر عن الخسارة التي يتكبدها عمل عائلة الله. إنّ مثل أولئك الأشخاص ليسوا فقط متغطرسين وأبرارًا في عيون أنفسهم فقط، بل هم أيضًا أنانيون وجديرون بالاحتقار؛ إنهم غير مبالين بمقاصد الله على الإطلاق. ودون أدنى شك، فإن مثل هؤلاء لا يملكون قلوبًا تخاف الله. ولذلك، فهم يفعلون ما يحلو لهم ويتصرفون بشكل عشوائي، دون أي إحساس بتوبيخ الذات، ودون أي فزع، ودون أي خوف أو قلق، ودونما نظر في عواقب أفعالهم. هذا ما يفعلونه غالبًا، وكيف كانوا يتصرفون دائمًا. ما هي العواقب التي يواجهها هؤلاء؟ سيكونون في ورطة، أليس كذلك؟ بعبارة بسيطة، هؤلاء الناس غيورون جدًا ولديهم رغبة قوية جدًا في الشهرة والمكانة الشخصية؛ هم خادعون وغادرون للغاية. لتوضيح الأمر بشكل أكثر قسوة، فإن المشكلة الأساسية هي أن قلوب هؤلاء الناس لا تتقي الله بأي شكل. إنهم لا يخافون الله، بل يعتقدون أن لذواتهم أهمية قصوى، ويعتبرون أن كل جانب من جوانب أنفسهم هو أرفع من الله وأعلى من الحقّ. وفي قلوبهم، فإنّ الله هو الأقل استحقاقًا لأن يذكر والأقل أهمية، كما أنه ليس له أيّة مكانة في قلوبهم على الإطلاق. ... هل برأيكم هذا النوع من الأشخاص مريع أم لا؟ أي نوع من الأشخاص هو الذي لا يتّقي الله؟ هل هم متعجرفون؟ هل هؤلاء الأشخاص هم الشيطان؟ أي نوع من الأشياء لا يتّقي الله؟ عدا عن الحيوانات، يشمل كل الذين لا يتّقون الله الأباليس والشيطان ورؤساء الملائكة والذين يقاومون الله" (من "الحالات الخمس لدى الناس قبل أن يدخلوا المسار الصحيح للإيمان بالله" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). كانت قراءة هذا في الصميم حقًا. هذا هو بالضبط نوع الشخص الذي كُنته. كنت أعلم أن الأخت شياوجي تتمتع بمقدرة جيدة، وتطلب الحق، وتستحق التدريب، لكن عندما رأيت أن القائدة تقدرها وأنها أرادت أن ترسلها بعيدًا إلى الاجتماعات، فقدت التوازن، وشعرت أنني أتعرَّض للظلم، ولم أتمكن من قبول ذلك. شعرت بالغيرة والاستياء منها، وأردت بشدة أن تنقلها القائدة. عندما كانت ضعيفة وتتألم خلال تجربتها، تصرفت وكأنني ساعدتها، لكنني استمتعت بمعاناتها. كنت أريدها أن تصبح سلبية، حتى تُسلَّط عليَّ الأضواء. حتى إنني أدنتها وأهنتها أمام الآخرين لأرفع من شأني، وأتمكَّن من التميُّز فحسب. أؤمن بالله منذ سنوات، ولكن لم أكن أتقيه. شعرت بالغيرة وفعلت أمورًا بلا ضمير، لحماية مكانتي فحسب. كنت حقيرة وخبيثة للغاية. كنت ضيقة الأفق وعبثية وشريرة وحقيرة ومثيرة للشفقة! كيف كنت اختلف عن الشيطان؟ وحده الشيطان لا يستطيع تحمُّل رؤية الأمور تسير على ما يرام، ويريد أن يكون الناس سلبيين، بعيدين عن الله، ويخونون الله. من الواضح أنني كنت أتصرف كخادمة للشيطان، مما أدى إلى تعطيل عمل الكنيسة. كنت أقوِّض بيت الله وأعمل الشر وأساند الشيطان ضد الله! ومع ذلك، فكرت كثيرًا في نفسي. من الواضح أنني افتقرت إلى حقيقة الحق، ولم تكن مقدرتي نظيرة لمستوى الأخت شياوجي. كنت أتنافس دائمًا على المكانة، وأريد التفوق عليها. كنت متغطرسة للغاية، وأفتقر لأي وعي ذاتي! عند تلك المرحلة، كرهت نفسي حقًا وأردت أن أتحرَّر من شخصيتي الشيطانية على وجه السرعة.

بعد ذلك، قرأت هذا في كلمات الله: "إن مصدر معارضة الإنسان وتمرده على الله هو الإفساد الذي ألحقه به الشيطان. ولأن ضمير الإنسان قد أفسده الشيطان، فإنه أصبح مخدرًا، وغير أخلاقي، واضمحلت أفكاره، وأصبحت لديه نظرة ذهنية متخلفة. أما قبل أن يفسد الشيطان الإنسان، فقد كان الإنسان يتبع الله بالطبيعة ويطيع كلماته بعد سماعها. كان بطبيعته يتمتع بتفكير سديد وضمير سليم وطبيعة بشرية عادية. أما بعدما أفسده الشيطان أُصيب منطقه وضميره وإنسانيته الأصليين بالتبلد ولحقها التلف بفعل الشيطان. وبهذه الطريقة، فقد طاعته ومحبته لله. أصبح منطق الإنسان شاذًا، وأصبحت شخصيته مشابهة لشخصية الحيوان، وأصبح تمرده على الله أكثر تكراراً وأشد إيلاماً. ومع ذلك فإن الإنسان لا يعلم ذلك ولا يلاحظه، وبكل بساطة يعارض ويتمرد. إن الكشف عن شخصية الإنسان هو تعبير عن تفكيره وبصيرته وضميره، ولأن عقله وشخصيته فاسدان، ولأن ضميره تخدّر إلى أقصى حد، فقد أصبحت شخصيته متمردة على الله. إذا كان تفكير الإنسان وبصيرته غير قابلين للتغيير، فإن التغييرات في شخصيته تصبح غير واردة؛ حيث يصبح حسب قلب الله. إذا كان تفكير الإنسان غير سليم، فإنه لا يكون قادراً على خدمة الله ويصبح غير صالح لأن يستخدمه الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أن تكون شخصيتك غير متغيرة يعني أنك في عداوة مع الله). ساعدني هذا على فهم أنني كنت أعارض الله وأقاومه دائمًا، وأعيش في الفساد لأن الشيطان كان قد أفسدني. لقد كنت غارقة في المبادئ الشيطانية والمنطق الشيطاني، مثل "اللهم نفسي، وليبحث كل مرء عن مصلحته فقط"، و"أنا الأفضل في الكون كله"، و"لا يمكن أن يكون هناك سوى رجل حاكم واحد"، و"يترك الإنسان اسمه خلفه أينما يمكث، تمامًا مثلما تُطلِق الأوزة صيحتها أينما تطير"، وهكذا. لقد قبلت هذه الأقوال المأثورة من الشيطان، ووجهات نظري وقواعد بقائي وعقلي صاروا ملتويين، وجعلوني أكثر غطرسة وشرًا وخالية من الإنسانية. بسبب تحكُّم سموم إبليس هذه فيَّ، لم أرغب سوى في السعي للاسم والمكانة والتقدير. أردت التميُّز في أي حشد، ولم أرغب في أن يتفوق عليَّ أحد، وحينما يتفوق علي شخص، لم يسعني سوى أن أشعر بالتنافس. إن لم أتمكن من التفوق على الآخرين، كنت أشعر بالغيرة والاستياء، أو حتى أفعل أمورًا مخادعة للوصول إلى هدفي. لم أُظهر سوى الشخصيات الشيطانية المتمثلة في الغطرسة والخداع والوحشية. زعمت أنني أقوم بواجبي، لكنني في الواقع كنت أعمل لنفسي، أفعل الشر وأقاوم الله. فكرت في أضداد المسيح الذين طُردوا. كانوا يشعرون بالغيرة والمرارة تجاه أي شخص يطلب الحق أو يهتم بمشيئة الله، ويعامِلون أي شخص يهدِّد مكانتهم وكأنه شوكة في حلقهم. كانوا ظالمين وحاقدين، بل وأرادوا طرد آخرين من الكنيسة، حتى يتمكنوا من السيطرة. انتهى بهم الأمر جميعًا بطردهم من الكنيسة، بسبب فعل الكثير من الشر. لم أكن حاقدة أو أفعل شرًا عظيمًا مثل أعداء المسيح، لكني كنت غيورة، وتحت سيطرة طبيعتي المتغطرسة الشريرة. حتى إنني استبعدت آخرين وأدنتهم، للحفاظ على مكانتي. كنت في طريق ضد المسيح، الذي هو ضد الله. لا تتسامح شخصية الله البارة مع أي إثم. كنت أعرف أنني إذا لم أتُب، فسينتهي بي المطاف برفض الله لي وإقصائي. كان ذلك مرعبًا بالنسبة لي. كنت أعلم أن الله يحميني بدينونته القاسية. وإلا فلم أكن لأتأمل في نفسي، ومن ثمَّ يأتي الندم بعد فوات الأوان عندما أفعل شيئًا شريرًا حقًا. لقد تأثرت حقًا، بينما كنت أتأمل في مشيئة الله. وصليت إلى الله، مستعدة للتوبة والتغيير.

قرأت كلمات الله هذه في خلواتي التعبدية ذات يوم: "من جهةٍ، كل واحد منكم يؤدي واجبه، بغض النظر عن مدى فهمك العميق للحق، إذا كنت ترغب في الدخول في واقع الحق، فإن أبسط طريقة للممارسة هي التفكير في مصالح بيت الله في كل ما تفعله، والتخلِّي عن رغباتك الأنانية، ونيتك الفردية، ودوافعك، وهيبتك ومكانتك. ضع مصالح بيت الله أولاً – هذا هو أقل ما يجب أن تفعله. إذا كان الشخص الذي يقوم بواجبه لا يستطيع حتى القيام بهذا، فكيف يمكن أن يُقال إنه يؤدي واجبه؟ هذا لا يعني أداء الشخص لواجبه. عليك أن تفكر أولاً في مصالح بيت الله، وأن تنظر في مصالح الله الخاصة، وأن تأخذ عمله بعين الاعتبار، وأن تضع هذه الاعتبارات في المقام الأول وفي الصدارة؛ فقط بعد ذلك يمكنك أن تفكِّر في استقرار مكانتك أو كيف يراك الآخرون. ... بالإضافة إلى هذا، إن كنت تستطيع الاضطلاع بمسؤولياتك، وتأدية التزاماتك وواجباتك، ووضع رغباتك الأنانية جانبًا، ووضع نواياك وحوافزك جانبًا، ومراعاة إرادة الله، وإعطاء الأولوية لمصالح الله وبيته، فبعد اختبار هذا لفترةٍ من الوقت، ستشعر بأنّ هذه طريقة عيش جيدة: هذا عيش ببساطة وأمانة، من دون أن تكون شخصًا وضيعًا أو عديم الفائدة، فتعيش بإنصاف وشرف بدل أن تكون متعصبًا أو سافلًا؛ ستشعر بأنّ الإنسان ينبغي أن يعيش ويتصرّف هكذا. تدريجيًا، ستتضاءل الرغبة داخل قلبك في تعظيم مصالحك" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). "الوظائف ليست نفسها. هناك جسد واحد؛ حيث يقوم كل واحد بواجبه، وكل في مكانه ويبذل قصارى جهده – لكل شرارة وميض نور واحد – ويسعى إلى النضج في الحياة. هكذا سوف أكون راضيًا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الحادي والعشرون). فهمت من كلمات الله، أن الله هو الذي يحدد مقدرة كل فرد سلفًا، والدور الذي يمكنه القيام به. لا يمكنك التنافس أو الكفاح من أجل هذه الأشياء. عندما يكون لدى شخص آخر مقدرة أفضل، وعندما يقرر الله مسبقًا أنني يجب أن أكون العشب ولست الشجرة، فيجب أن أكون مثل ورقة العشب تلك وأقوم بهذا الدور بسعادة. لم أعد أرغب في التنافس مع الآخرين على المكانة بعد الآن، بل في ترك رغباتي الأنانية وعدم العيش بشخصيتي الشيطانية، ووضع مصالح بيت الله أولًا، والقيام بواجبي بشكل جيد حقًا. هذه هي الطريقة الوحيدة للعيش في النور. تصارحتُ مع الأخوات بشأن فسادي واعتذرت للأخت شياوجي. عندما علمت بنواياي الخبيثة وأفعالي، لم تلمني على الإطلاق، بل قدمت شركة عن الحق لمساعدتي. لقد تأثرتُ حقًا. كرهت أيضًا أنني كنت أفتقر إلى الإنسانية وأجرحها. صليت إلى الله فيما بعد، للتوقف عن التآمر من أجل المكانة، والقيام بواجبي بشكل جيد.

عادت شياوجي بعد حوالي شهر من رحلتها، وشاركت بما تعلمته في الاجتماعات. كانت شركتها هذه نيِّرة ونافعة حقًا، لكنني عندما رأيت الآخرين يستمعون بانتباه، شعرت بهذا الشعور غير المريح مرة أخرى. أدركت أنني كنت أكافح من أجل المكانة، وكنت أشعر بالغيرة مرة أخرى، لذا، دعوت الله بسرعة لأنحِّي ذاتي. تذكرت شيئًا سمعته في عظة، أن الشخص العاقل الذي يخدم الله لا يغار، لكنه يأمل أن يكون الآخرون أفضل منه، حتى يتمكن المزيد من الناس من المساعدة في مشاركة عبء الله. يمكن لشخص مثل هذا أن يسعد عندما يربح الله شخصًا ما. أدركت أنها نضجت وتعلمت أمورًا من رحلتها التي استمعت فيها إلى العظات، ويمكنها أن تروي الآخرين وتساعدهم. كان هذا جيدًا لفهم الجميع للحق، ويمكنه أن يجلب تعزية الله. كان عليَّ أن أتعلَّم منها، وأن أستفيد من نقاط قوتها في واجبي. كان ذلك مهمًا للغاية. عندما صليت وأهملت نفسي هكذا، شعرت براحة أكبر. مهما كان رأي الإخوة والأخوات، ومهما كان موقعي في الكنيسة، لم يعد مهمًا لي بعد الآن. لقد هدأت واستمعت إلى شركتها وشعرت بالاستنارة. وعملت معها لطلب مبادئ الحق في عملنا. في عملنا معا بعد ذلك، عندما كنت أرى القائدة تناقش شيئًا معها، كنت متقبلة الأمر، ولم أشعر بالغيرة. كان هذا مصدر ارتياح كبير بالنسبة لي. أنا شخصيًا اختبرت، أنني شعرت براحة أكبر، واستقامة أكثر عندما تركت غيرتي، وبمرور الوقت، تمكنت من العيش بحسب الشبه الإنساني. لقد تغيرت قليلًا بسبب دينونة كلام الله وتوبيخه. أشكر الله على خلاصي!

السابق: 40. علاج الغيرة

التالي: 42. من دون الغيرة تتحرر أنفاسي

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

5. قلبٌ تائهٌ يَعود

بقلم نوفو – الفلبّيناسمي نوفو، وأنا من الفلبّين. اتَّبعتُ أمّي في إيمانها بالله منذُ أن كنتُ صغيرًا، وكنتُ أستمِعُ للصّلوات في الكنيسة مع...

12. كشف لغز الثالوث

بقلم جينغمو– ماليزيالقد كنت محظوظة في عام 1997 لقبولي إنجيل الرب يسوع، وعندما تعمدت، صلى القس وعمّدني باسم الثالوث – الآب والابن والروح...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب