40. علاج الغيرة

يقول الله القدير، "جسد الإنسان من الشيطان، وهو مملوء بشخصية متمرِّدة، إنه نجس بصورة بائسة، وهو شيء غير طاهر. يشتهي الناس متع الجسد كثيرًا، وتوجد شواهد كثيرة جدًا للجسد. بهذه الطريقة يحتقر الله جسد الإنسان إلى درجة ما. عندما يطرح الناس عنهم النجاسة والأشياء الفاسدة التي تأتي من الشيطان، فإنهم يفوزون بخلاص الله. أما إذا ظلوا لا يطرحون النجاسة والفساد عن أنفسهم، فإنهم يظلون يعيشون تحت مُلك الشيطان. إن تآمُر الناس وخداعهم والتواءهم هي جميعها أمور من الشيطان. إن خلاص الله لك هو تحريرك من تلك الأمور الشيطانية. لا يمكن لعمل الله أن يكون خطأ، وهو كله من أجل تخليص الناس من الظلمة. عندما تصل في إيمانك إلى مستوى معين، وتجرد ذاتك من فساد الجسد، ولا تُعد مُقيَّدًا بهذا الفساد، أما تكون قد خلصت؟ عندما تعيش تحت مُلك الشيطان تكون غير قادرٍ على إظهار صورة الله، وتكون شيئًا نجسًا، ولا يمكنك نيل ميراث الله. لكن بمجرد أن تُطهَّر وتُكمَّل، تصبح مقدسًا وتصبح شخصا عاديًا ويباركك الله وتكون مُحبَّبًا إليه" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الممارسة (2)]. من خلال كلام الله فهمت أن لدينا صراعات غيرة ونزاعات شخصية لأن الشيطان قد أفسدنا، ونحن جميعا نعيش بشخصياتنا الشيطانية المخادعة، والأنانية، والحقيرة. كان هناك وقت عشت فيه في حالة من الغيرة، وكنت أخطط باستمرار ضد الناس وأسعى إلى الوصول إلى الصيت والربح. لقد كانت طريقة مؤلمة للعيش، لكنني لم أتمكن من تحرير نفسي. أنا مدينة لدينونة الله وتوبيخه بأنني تمكنت من التغيُّر بعض الشيء والهرب من ذلك الألم.

في يونيو 2017 كُلفت بوظيفة قائدة مجموعة في الكنيسة، وكنت مسؤولة عن حياة الكنيسة في عدد قليل من أماكن الاجتماع. كنت سعيدة حقًا بتولي هذا الواجب وشعرت أن الله كان يرفعني، وأنه كان عليّ أن أحسن القيام بهذا لأرد محبة الله. كنت نشطة للغاية في الشركة في الاجتماعات بعد ذلك، وكنت عندما أرى إخوة وأخوات يواجهون صعوبات، أو في حالة ضعف، أجد كلام الله المناسب لإقامة شركة ومعالجة المشاكل. بعد فترة بدأ الآخرون ينظرون إليّ بشكل إيجابي وقالوا إنه يمكنني حل المشاكل العملية من خلال الشركة في الاجتماعات، وإنني أتحمل المسؤولية في واجبي وإنني محبة تجاه الإخوة والأخوات. شعرت بالرضا عن نفسي عندما سمعت هذا.

وبعد ذلك بقليل، سمعت أنه ستُعقد انتخابات لاختيار قيادة للكنيسة وفكرت في نفسي: "الجميع يقدرونني، لذلك ربما تكون فرصتي جيدة. إذا انتُخبت، فسيحترمني الإخوة والأخوات أكثر من ذي قبل". رُشحنا أنا والأخت يانغ بعد التصويت. شعرت بشيء من عدم الثقة عندما رأيت أنها حصلت على بضع أصوات أكثر مني، وفكرت: "أتحمل المسؤولية في قيامي بواجبي ويمكنني القيام بعمل عمليّ، فكيف تسنى لها أن تحصل على أصوات أكثر مني؟" ولكن بعد ذلك فكرت: "هذه مجرد ترشيحات وليست التصويت النهائي. لا تزال لديّ فرصة. أحتاج إلى أن أتسلح بالحق الآن وأن أساعد الآخرين أكثر على حل صعوباتهم في دخول الحياة، حتى يتمكنوا جميعًا من رؤية أنها لا تتفوق عليّ في أي شيء، وعندها سأكون متأكدة من أن يتم انتخابي!" فكرت في مشكلة أثارتها الأخت وانغ في الاجتماع الأخير ولم يتم حلها، لذلك سارعت إلى إعداد بعض كلمات الله ذات الصلة للشركة معها في المرة القادمة. عندما جاء يوم الاجتماع، ذهبت إلى مكان اجتماعنا، ولكن بمجرد دخولي رأيت الأخت يانغ تقدم شركة للأخت وانغ. شعرت بضيقٍ شديد. وفكرت في نفسي: "جئت اليوم لتقديم شركة لها لحل مشكلتها ولكنك انقضضتِ عليها أولاً! إذا توليتي أنتِ الأمر بالفعل، فكيف لي أن أبيّن ما يمكنني القيام به؟" من المؤكد أن ابتسامة ظهرت على وجه الأخت وانغ بعد شركة الأخت يانغ وهز الإخوة والأخوات الآخرين رؤوسهم بالموافقة. لم أكن سعيدة حقًا برؤية هذا. كنت أغار من الأخت يانغ، معتقدةً أنها حرمتني من مجدي، وأطرقْتُ قائلة، "قبل انضمامك إلى هذا الاجتماع، كان الآخرون يرغبون في سماع شركتي. ولكن الآن يتطلع إليك الجميع باحترام ولا يعيرونني أي اهتمام". كان الجميع منخرطين بسعادة في الشركة في ذلك الوقت، لكنني لم أستطع تحمّل أي شيء منها وكنت أتلهف إلى المغادرة.

عندما وصلت إلى المنزل جلست على سريري، مكتئبة، وكلما فكرت في الأمر زاد شعوري بالحزن. وفكرت: "إذا استمر هذا، ستتضاءل فرصي حقًا في أن أكون قائدة. مستحيل، يجب أن أكون أكثر نشاطًا في الشركة. حتمًا يجب ألا أخسر أمامها بعد الآن". لاحظت في وقت لاحق أن الأخت شيانغ كانت تشعر بالقلق من اضطهاد الحزب الشيوعي الصيني القاسي وكانت تشعر بالتقييد في أدائها لواجباتها، لذلك سرعان ما وجدت بعض كلام الله لإقامة شركة معها قبل الاجتماع. وصلت إلى مكان الاجتماع في وقت مبكر من اليوم التالي، لكن لدهشتي، كانت الأخت يانغ قد وصلت قبلي إلى هناك وكانت بالفعل تقدم شركة للأخت شيانغ. انقبض قلبي، وفكرت: "كيف أمكنك أن تفعلي ذلك مرة أخرى؟ أريد أن أرى أي نوع من الإنارة لديك في شركتك. أنا ببساطة لا أعتقد أن يمكنها أن تغطي كل شيء". جلست بجوارهما عن غير اقتناع لسماع ما تقوله يانغ. أثناء الاستماع، اكتشفت أن الأخت يانغ أقامت شركة بخصوص بعض مسارات الممارسة في ضوء كلام الله، لكنها لم تذكر جذر ضعف الأخت شيانغ وسلبيتها. ففكرت في نفسي قائلة: "عليَّ الاستفادة القصوى من هذه الفرصة لمشاركة فهمي الخاص وتقليص مكانة الأخت يانغ". وعند هذا، هرعت إلى مشاركة شركتي قائلة: "يا أختي، إن مجرد وجود مسار للممارسة ليس كافيًا لعلاج الحالة السلبية. نحتاج أيضًا إلى أن نفهم الحقيقة الخاصة بكيفية استخدام الله للتنين العظيم الأحمر كشخصية ضد لتكميل شعبه المختار. فقط بفهم عمل الله وقدرته وحكمته يمكننا الخروج من الحالة السلبية. فلنقرأ بعض كلام الله معا". بينما أومأت الأخت شيانغ برأسها، نظرت بطرف عيني إلى الأخت يانغ ورأيتها تجلس جانبًا مرتبكة. شعرت كما لو أنني ربحت للتو معركة، وفكرت: "يمكن لأي شخص أن يرى من صاحبة الشركة الفعّالة حقًا عند المقارنة. يمكنني رفع رأسي مرة أخرى، وهذا يثبت أنني لست بهذا السوء". أصبحت أكثر نشاطًا في واجبي بعد ذلك. وفي اللحظة التي كنت أسمع فيها عن شخص في حالة سيئة أو يواجه صعوبات، كنت لا أضيّع الوقت وأبحث عن كلام الله، وأدوّن الملاحظات، ومن ثم أقيم شركة معهم. وكنت أشعر بسعادة غامرة عندما أرى شخصًا يومئ برأسه، بينما أقلق بشكل لا يطاق إذا لم يكن هناك أي رد فعل، ثم كلما ازددتُ حزنًا، قل فهمي لحالات الآخرين أو حل المشاكل. كنت أيضًا أشعر بالمزيد والمزيد من التعب، وفكرت قائلة: "إذا استمرت الأمور على هذا المنوال، سيقول الإخوة والأخوات بالتأكيد أنني أفتقر إلى واقع الحق ولن ينتخبونني كقائدة". خاصةً عندما رأيت الأخت يانغ تشارك شركة عملية حول الحق، يتفق معها الإخوة والأخوات، تضايقت أكثر. وطفت غيرتي وعدم قدرتي على قبول الأمر إلى السطح، إذ بدأت أستاء منها ولم أرغب حتى في التحدث معها. كنت أعيش حالة حرب من أجل الصيت والربح. كان هذا مؤلمًا حقًا بالنسبة إليّ. لم أكن أحصل على أي تنوير من كلام الله، وفي الصلاة كنت أؤدي مظاهر الصلاة فقط. شعرت بأنني كنت أزداد بعدًا عن الله.

وصليت في وقت لاحق إلى الله وطلبت تنويره لي حتى أتمكن من إدراك شخصيتي الفاسدة وأخرج من تلك الحالة المروّعة. فقط من خلال كلام الله اكتسبت بعض الفهم لحالتي الفاسدة. هذا ما يقوله كلام الله: "يخاف بعض الناس على الدوام من أن يسرق آخرون الأضواء منهم ويتفوقوا عليهم؛ فيكسبوا التقدير، بينما هم أنفسهم يلقون الإهمال. يؤدّي بهم هذا إلى التهجّم على الآخرين واستبعادهم. أليست هذه حالة من حالات الغيرة من أشخاص أكثر قدرةً منهم؟ أليس مثل هذا السلوك أنانيًا وخسيسًا؟ أي نوع من الشخصيات هذه؟ إنّها حقودة! لاتفكر إلا في نفسها، وبإرضاء رغبات النفس فقط، وعدم مراعاة واجبات الآخرين، والتفكير في المصالح الشخصية فقط وليس في مصالح بيت الله – يملك هؤلاء الأشخاص شخصيةً سيئةً، ولا يحبّهم الله. إن كنتَ قادرًا فعلًا على مراعاة مشيئة الله، فستتمكّن من معاملة الآخرين بإنصاف. إن أعطيتَ شخصًا تزكيتك، وإن نما ذلك الشخص وأصبح ذا موهبة، وبالتالي أحضر شخصًا موهوبًا آخر إلى بيت الله، ألن تكون آنذاك قد أدّيتَ عملك بإتقان؟ ألن تكون آنذاك قد أديتَ واجبك بإخلاص؟ هذا عمل صالح أمام الله، وهو نوع الضمير والمنطق الذي يجب على البشر امتلاكه" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). شعرت بالخجل بعد قراءة كلام الله وفكرت في كل التصرفات المدفوعة بالغيرة، وكل نضالي من أجل الصيت والربح. كنت أحترق بالرغبة في منصب القائدة منذ سمعت أن الكنيسة تعقد انتخابات، ثم عندما رأيت الأخت يانغ تحصل على أصوات أكثر مني في الترشيحات، بدأت أراها كخصم لي، أقاتلها وأتنافس معها بهدوء. وكنت أشعر بالغيرة لدى رؤيتي لها تحل مشاكل الإخوة والأخوات من خلال الشركة حول الحق، واعتقدت أنها سرقت مجدي، وأنها تهدد فرصتي في القيادة، فحرّضت نفسي ضدها سرًا، بالعثور على أخطاء في شركتها وانتقادها. لقد قللت منها سرًا بينما كنت أمجّد نفسي، وأضعفت إيجابيتها في واجباتها. عندما رأيت أنني لا أستطيع الفوز، استأت منها ولم أرد حتى الاعتراف بها. لقد جاهدت من أجل الصيت والربح وشعرت بالغيرة في واجبي. هاجمتها واستبعدتها. لم أكشف سوى شخصية شيطانية. لقد كنت أنانية وحقيرة وخبيثة! كنت أؤسس حياتي على هذه الشخصيات الشيطانية، ولم أكن أؤذي الآخرين فقط، بل أيضًا أحيا في استياء وألم. ذكرني ذلك بشخصية تشو يو في "رومانسية الممالك الثلاث". كان خسيسًا جدًا، وكان دائمً الغيرة من تشوج ليانغ، وقبل وفاته مباشرة قال: "بما أن يو قد وُلِدْ، فما الحاجة إلى ليانغ؟" وكانت نهايته أن مات ساخطًا. أليست تلك هي العواقب الرهيبة للغيرة؟ أدركت أنني مثله، كانت جهودي لاكتساب مكانة تنم عن الغيرة، التي لم تكن فقط تعيق دخولي إلى الحياة، بل وكانت أيضا تؤذي الآخرين. كنت أفتقر إلى الإنسانية تمامًا. كان أمرًا مقززًا ومكروهًا لدى الله. في الواقع، رتب لي الله أن أكون في صحبة شخص يتمتع بإمكانات أعلى، على أمل أن أتعلم من نقاط قوتها لتحسين نقاط الضعف لديّ. لكني كنت أحارب وأجري مقارنات فحسب. لم أكسب شيئًا في النهاية، وتألمت بشدة. كنت حمقاء للغاية. كما أن الحق يحكم في بيت الله، وهناك مبادئ لاختيار القادة. على الأقل، هم أناس يتمتعون بإنسانية جيدة ويمكنهم قبول الحق وممارسته، لكنني كنت دائمًا أشعر بالغيرة، وأتنافس من أجل الصيت والربح، ولا أعيش أي إنسانية. وجعلني هذا غير مستحقة للقيادة. كنت أعلم أن عليّ التوقف عن القتال، والتركيز على ممارسة الحق والعيش حسب كلام الله. كان هذا هو المسار الوحيد الصحيح. شعرت بالارتياح حقًا بعد التعرف على كل ذلك.

صليت هذه الصلاة يوم الانتخابات: "يا إلهي! بغض النظر عن النتائج، أنا على استعداد لطاعتك، وسأدلي بصوت عادل". ولكن عندما حان الوقت حقًا للتصويت كنت ما زلت مترددة، وفكرت في هذا: "إذا صوّت للأخت يانغ وانتهى الأمر باختيارها، فماذا سيظن الآخرون بي؟ سيقولون بالتأكيد إنني لست مساوية لها". تبادر كلام الله التالي إلى ذهني عندئذ: "يجب أن تتعلّم أن تترك هذه الأمور وتضعها جانبًا، وأن تزكّي الآخرين وتسمح لهم بالبروز. لا تكافح بغضب أو تسرع لاستغلال فرصة لحظةٍ تصادفها كي تبرز أو كي تكسب المجد. يجب أن تتعلّم أن تتراجع، لكن لا يجب أن تؤجّل تأدية واجبك. كن شخصًا يعمل في خمول ذكر وصمت، ولا يتباهى أمام الآخرين بينما تؤدي واجبك بإخلاص. كلّما تخليت عن مكانتك ووضعك، وتخليت عن مصالحك، ستنعم بسلام أكبر، وسيُفتح مكان أكبر في قلبك، وستتحسّن حالتك" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). عندها فكرت: "عليّ ممارسة كلام الله. لا يمكنني الاستمرار في العيش من أجل هيبتي ومكانتي". فكرت كيف كانت الأخت يانغ تتمتع بإمكانات جيدة وكيف كانت شركتها عملية، لذا فإن وجودها كقائدة سيفيد الكنيسة وكذلك دخول الإخوة والأخوات الحياة. كان عليّ أن أمارس الحق وأن أدعم مصالح الكنيسة. وهكذا، صوتت لها. تم التصويت لها كقائدة وكنت هادئة جدًا وتقبلت الأمر بسلام. وشعرت بأنني تمكنت أخيرًا من ممارسة الحق. الحمد لله!

في وقت لاحق، في أبريل 2018، اُختِرتُ لواجب قائدة بالكنيسة، وعملت جنباً إلى جنب مع بضع الإخوة والأخوات الآخرين المسؤولين عن عمل الكنيسة. في البداية، كنا نناقش جميع أعمال الكنيسة ونتعاون بشكل سلس للغاية. لكن بعد فترة، لاحظت أن الأخت لي، المسؤولة عن أعمال الكتابة لدينا، كانت تتمتع بإمكانات جيدة وتتعلم بسرعة. كانت شركتها منيرة وبناءة للآخرين. كنت حقًا معجبة بها لكني شعرت ببعض الغيرة. بدأت أسعى إلى المشاركة في عمل في نطاق اختصاصها، راغبة في تعلم المزيد من المهارات والمبادئ حتى لا أتخلف عنها. وذات يوم تلقّيت رسالة من قائدتنا تقول إنهم بحاجة إلى شخص للقيام بمهمة في كنيسة بمنطقة أخرى وتسأل عما إذا كانت الأخت لي مناسبة لذلك. سألتني إذا ما كان بوسعي جمع بعض التقييمات لها. اندلعت غيرتي على الفور، وفكرت، "إنهم يريدون صقل الأخت لي. إنها تتمتع بإمكانات جيدة وتتعلم بسرعة، لكنها لم تكن مؤمنة منذ فترة طويلة وكان دخولها الحياة ضحلًا. من أي جانب لا أرقى إلى مستواها؟ لماذا لا يجعلونني أنا أذهب؟ إذا ذهبت الأخت لي للاضطلاع بهذا الدور، فماذا سيظن الآخرون بي؟ سيقولون بالتأكيد إنها أفضل مني". زادت هذه الأفكار من شعوري بعدم الراحة، وبالكاد كنت أبالي بها عندما أراها بعد ذلك. وكانت رؤيتها لسلوكي هذا تشعرها بالتقيد وتوقفت عن مناقشة الأمور معي كما كانت تفعل من قبل. حصلت على تقييمات الإخوة والأخوات للأخت لي بعد بضعة أيام، وشعرت بالغيرة حقًا عندما رأيت أن جميعها كانت إيجابية، بل كانت أفضل من تقييماتهم لي. كنت قائدة، لكنني لم أكن حتى بقدر إحدى الزملاء. كم كان هذا محرجًا بالنسبة إليّ! كلما فكرت في الأمر ازداد شعوري بعدم الارتياح. وقلت لأخت أخرى: "ما بال تقييمك؟ أليس لديك أي تمييز. تقدمت الأخت لي، ولكن دخول الحياة لديها سطحي. لقد صوّرتيها بشكل جيد للغاية، ولكن إذا ذهبت إلى كنيسة أخرى وأخّرت عملها لأنها لا تستطيع القيام بعمل عملي، فسيكون هذا بمثابة عمل شر من جانبك!" خافت الأخت قليلًا عند سماعي أقول هذا. وقالت إنها كتبت ذلك بناءً على الظروف الفعلية، لكنها لم تفكر في الصورة الكاملة، وأنها ستنظر للأمر بنظرة مختلفة. على الرغم من أنني نفذت بالفعل ما شرعت في القيام به، إلا أنني لم أشعر بالسعادة. خاصة عندما رأيت الأخت لي، إذ شعرت بوخز الضمير وشعرت بالذنب حقًا. لقد فعلت شيئًا سيئًا، مخجلًا، ولم أجرؤ على النظر في عينيها. وعندما رأت أنني بدوت متباعدة قليلاً، جاءت إلىّ وقالت بدافع القلق: "هل ثمة خطب؟" شعرت بالذنب أكثر عندما سمعتها تقول ذلك، لذلك قلت متلعثمة "نعم"، ثم هرعت إلى غرفة أخرى وركعت مصليةً لله. قلت: "يا إلهي، أنا غير منطقية. لقد شعرت بالغيرة من الأخت لي عندما رأيت تقييمات الجميع لها بل أنني قمت بالحط من شأنها خلف ظهرها. يا إلهي، أعلم أنك تكره هذه الأمور، لكنني أسيرة شخصيتي الفاسدة. لا أستطيع أن أمنع نفسي. يا إلهي، أرجوك أنرني حتى أتمكن من معرفة نفسي حقًا والتوقف عن العيش بشخصيتي الفاسدة". بعد صلاتي شعرت ببعض الهدوء، وشغّلت جهاز الكمبيوتر وقرأت فقرتين من كلام الله.

يقول الله: "إذا رأوا شخصًا أفضل منهم، يمارسون عليه القمع، أو ينشرون إشاعة ضدّه، أو يستخدمون وسائل غير أخلاقية لضمان عدم تقدّم الآخرين عليهم، كي لا يكون الآخرون أفضل منهم: بيد أن ذلك يعكس الشخصيّة الفاسدة التي تقوم على الغطرسة ورفض الرأي الآخر، كما على المكر والخداع والغدر، ومثل أولئك الأشخاص لا يتورّعون عن القيام بأيّ شيء من أجل تحقيق أهدافهم. إنهم يعيشون هكذا، ومع ذلك فهم يعتقدون أنهم أشخاص رائعون وصالحون. لكن، هل لديهم فعلاً قلوب تخشى الله؟ أوّلاً، وقبل كل شيء، إذا تناولنا الأمر من منظور طبيعة هذه المسائل، أليس الذين يتصرفون بهذه الطريقة أشخاصًا يفعلون ببساطة ما يحلو لهم؟ هل يأخذون في الاعتبار مصالح عائلة الله؟ إنهم لا يفكرون إلا بمشاعرهم الخاصة ولا يريدون سوى أن يحققوا أهدافهم الخاصة، بغض النظر عن الخسارة التي يتكبدها عمل عائلة الله. إنّ مثل أولئك الأشخاص ليسوا فقط متغطرسين وأبرارًا في عيون أنفسهم فقط، بل هم أيضًا أنانيون وجديرون بالاحتقار؛ إنهم غير مبالين بمقاصد الله على الإطلاق. ودون أدنى شك، فإن مثل هؤلاء لا يملكون قلوبًا تخاف الله. ولذلك، فهم يفعلون ما يحلو لهم ويتصرفون بشكل عشوائي، دون أي إحساس بتوبيخ الذات، ودون أي فزع، ودون أي خوف أو قلق، ودونما نظر في عواقب أفعالهم. هذا ما يفعلونه غالبًا، وكيف كانوا يتصرفون دائمًا. ما هي العواقب التي يواجهها هؤلاء؟ سيكونون في ورطة، أليس كذلك؟ بعبارة بسيطة، هؤلاء الناس غيورون جدًا ولديهم رغبة قوية جدًا في الشهرة والمكانة الشخصية؛ هم خادعون وغادرون للغاية. لتوضيح الأمر بشكل أكثر قسوة، فإن المشكلة الأساسية هي أن قلوب هؤلاء الناس لا تتقي الله بأي شكل. إنهم لا يخافون الله، بل يعتقدون أن لذواتهم أهمية قصوى، ويعتبرون أن كل جانب من جوانب أنفسهم هو أرفع من الله وأعلى من الحقّ. وفي قلوبهم، فإنّ الله هو الأقل استحقاقًا لأن يذكر والأقل أهمية، كما أنه ليس له أيّة مكانة في قلوبهم على الإطلاق .هل توصَّلَ مَن لا يوجد مكانٌ لله في قلوبهم ومَن لا يتّقون الله إلى دخول الحق؟ (لا.) إذًا، عادةً عندما يُبقون أنفسهم منشغلين بمرح ويبذلون الكثير من الطاقة، ما الذي يفعلونه؟ يدّعي حتى أشخاص كهؤلاء أنّهم قد تخلّوا عن كل شيء من أجل التضحية لله وأنّهم عانوا كثيرًا، لكن في الواقع، حافز كل أفعالهم ومبدأها وهدفها هو الاستفادة الذاتية؛ إنّهم لا يحاولون سوى حماية جميع مصالحهم الخاصة. هل برأيكم هذا النوع من الأشخاص مريع أم لا؟ أي نوع من الأشخاص هو الذي لا يتّقي الله؟ هل هم متعجرفون؟ هل هؤلاء الأشخاص هم الشيطان؟ أي نوع من الأشياء لا يتّقي الله؟ عدا عن الحيوانات، يشمل كل الذين لا يتّقون الله الأباليس والشيطان ورؤساء الملائكة والذين يقاومون الله" (من "الحالات الخمس لدى الناس قبل أن يدخلوا المسار الصحيح للإيمان بالله" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). "تنبع الشخصية الفاسدة في الإنسان من تعرّضه للتسمّم، والسحق من الشيطان، ومن الضرر المذهل الذي أصاب به الشيطان تفكيره وأخلاقه وبصيرته وعقله. ولهذا بالتحديد، أي لأن هذه المكونات الأساسية في الإنسان قد أفسدها الشيطان، وأصبحت لا تشبه على الإطلاق الصورة التي خلقها الله عليها في الأصل، بات الإنسان يعارض الله ولا يفهم الحق" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أن تكون شخصيتك غير متغيرة يعني أنك في عداوة مع الله).

كنت منزعجة للغاية ومحبطة من كلام الله. ألم يكشف عن حالتي بدقة؟ لقد شعرت بالغيرة والتحيز عندما أرادت القائدة صقل الأخت لي حتى أنني حططت من شانها وأدنتها بطرق خسيسة. فكرت في كل شيء لمنعها من القيام بهذا الواجب دون مراعاة لمصالح الكنيسة على الإطلاق. لقد فعلت كل ما طرأ لي فعله للحصول على ما أريد. كنت متغطرسة ومتعسفة ولم أكن أتقي الله. يأمل الله أن يراعي المزيد من الناس مشيئته وأن يتعاونوا في عمله. كنت أعرف جيدًا... كنت أعرف جيدًا أن الأخت لي لديها إمكانات جيدة وتركز على متابعة الحق، لذلك مع المزيد من فرص التدريب، سيتقدم دخولها الحياة ومهاراتها، وهذا سيفيد عمل الكنيسة. لكني حجّمتها في محاولة مني لحماية هيبتي ومكانتي، حتى باستخدام وسائل ملتوية لمنع تكليفها بهذا الواجب. سرعان ما أصبحت ألعوبة للشيطان وأعطّل عمل الكنيسة. وبّخت نفسي حقًا. كنت أعلم أن الغيرة هي شخصية شيطانية تتعارض مع مشيئة الله، لكني لم أتخيل أبدًا أنها ستقودني إلى فعل شيء غير إنساني كهذا، وأنني سأعطل عمل الكنيسة، وأفعل الشر، وأقاوم الله. تذكرت كلام الله القائل: "تنبع الشخصية الفاسدة في الإنسان من تعرّضه للتسمّم... من الشيطان". فكرت كيف كنت غيورة دائمًا وكيف لم أستطع تحمل رؤية أي شخص أفضل مني لأن تفكيري ووجهات نظري قد تحوّلا بسبب سموم الشيطان، تمامًا مثل "اللهم نفسي، وليبحث كل مرء عن مصلحته فقط" "أنا الأفضل في الكون كله،" و"لا يمكن أن يكون هناك سوى رجل حاكم واحد". لكوني أعيش بهذه السموم، كنت أرغب في شق طريقي بالقوة إلى الأمام في أي مجموعة، اعتقادًا مني أنني يجب أن أكون فوق الآخرين، ولم أستطع معاملة أي شخص بإنصاف إذا اعتقدت أنهم أكثر قدرة مني. كنت أشعر بالغيرة والتمييز، حيث رأيتهم شوكة في جنبي. شعرت بالغيرة وكنت نافرة وعدائية تجاه الناس من حولي الذين سعوا وراء الحق، إلى درجة الحط من قدرهم خلف ظهورهم. كنت أفتقر إلى الإنسانية تمامًا! لطالما أردت بناء نفسي وهدم الآخرين، للقتال، للفوز، وكنت أرفض الاستسلام لأي شخص. أردت فقط التباهي. ألم أكن شيطانة حية؟ عندها فقط رأيت أن تلك السموم الشيطانية وقواعد البقاء أصبحت طبيعتي. لقد بنيت حياتي عليها، وأصبحت أكثر أنانية وغطرسة وخبثًا. علمت أن الله سيحتقرني وينبذني إذا ظللت أرفض التوبة إليه. شعرت بالخوف حقًا عندما أدركت كل هذا. هرعت للصلاة إلى الله وأخبرته أنني أريد التوبة، وأنني سأحاول ممارسة الحق منذ ذلك الحين وأتوقف عن العيش بهذه السموم الشيطانية.

بعد أيام قليلة تلقيت رسالة من القائدة تقول إنه بشكل عام، تبدو الأخت لي مناسبة للعمل في الكنيسة الأخرى. شعرت بشيء يتحرك في داخلي عندما قرأتها، لكنني أدركت على الفور أن غيرتي تعبث بي مرة أخرى. صليت على الفور إلى الله وأصبحت على استعداد للتخلي عن ذاتي. قرأت فقرتين إضافيتين من كلام الله بعد صلاتي. يقول الله: "عندما تكشف عن أنّك أنانيّ وخسيس وتكون قد وعيت هذا، يجب أن تسعى إلى الحق: ماذا يجب أن أفعل لأكون منسجمًا مع مشيئة الله؟ كيف يجب أن أتصرّف كي تفيد تصرفاتي الجميع؟ أي أنّه عليك أن تبدأ بوضع مصالحك الخاصة جانبًا، والتخلي عنها تدريجيًا بحسب قامتك، شيئًا فشيئًا. بعد أن تكون قد اختبرت هذا عدة مرات، ستكون قد وضعتها كلها جانبًا، وحينما تفعل هذا، ستشعر بالمزيد من الصمود. كلما تضع مصالحك جانبًا، ستشعر أكثر بأنّك يجب أن تتمتّع بضمير وعقل كإنسان. ستشعر بأنّك، من دون دوافع أنانية، تتصرّف كشخص واضح ومستقيم وتقوم بأمور لإرضاء الله بالكامل. ستشعر بأنّ هذا النوع من السلوك يجعلك جديرًا بأن تدعى "إنسانًا"، وأنّك بالعيش بهذه الطريقة على الأرض، فأنت صريح وصادق، وأنت شخص أصيل تتمتّع بضمير صافٍ، وأنت جدير بكل الأشياء التي يمنحك إياها الله. كلما مضيت في العيش على هذا النحو، ستشعر بالمزيد من الصمود والسعادة. على هذا النحو، ألن تكون قد وطئت الطريق الصحيح؟" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). "إن كنتَ قادرًا فعلًا على مراعاة مشيئة الله، فستتمكّن من معاملة الآخرين بإنصاف. إن أعطيتَ شخصًا تزكيتك، وإن نما ذلك الشخص وأصبح ذا موهبة، وبالتالي أحضر شخصًا موهوبًا آخر إلى بيت الله، ألن تكون آنذاك قد أدّيتَ عملك بإتقان؟ ألن تكون آنذاك قد أديتَ واجبك بإخلاص؟ هذا عمل صالح أمام الله، وهو نوع الضمير والمنطق الذي يجب على البشر امتلاكه" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). حدد كلام الله بوضوح مسارًا للممارسة. يجب أن أترك مصالحي الخاصة وأن أفكر في مصالح بيت الله. يجب أن أوصي بأي شخص أقوى مني في مجال معين حتى يتمكن كل شخص موهوب من استغلال مواطن قوته في بيت الله وان يلعب دوره الصغير في نشر إنجيل الملكوت. وحده هذا النوع من البشر من يتمتع بالإنسانية، وهو شخص يراعي مشيئة الله ويستطيع الحفاظ على مصالح بيت الله. إنهم يكسبون استحسان الله وهذا عمل جيد. ذهبت لرؤية الأخت لي في نفس المساء وسألتها إذا كانت تريد المغادرة لتولي هذا الواجب. قالت إنها على استعداد للقيام بذلك، لكنها كانت قلقة من عدم إتقان عملها نظرًا لحداثتها في الإيمان وصِغر قامتها الروحية بعد أن سمعت ما يقلقها، أقمت معها شركة حول مشيئة الله، وشجعتها على الاتكال على الله تثبيت ناظريها إليه والتركيز على البحث عن مبادئ الحق في واجبها. وبعد بضعة أيام، غادرت للقيام بواجبها الجديد. كنتُ جد سعيدة، وشعرت بأن قدرتي على ممارسة الحق وعدم العيش من أجل هيبتي ومكانتي كانا السبيل الوحيد للعيش بنزاهة وكرامة. شعرت بسلام تام داخل قلبي.

عندما أنظر إلى لوراء إلى الوقت الذي كنت أعيش فيه بحسب شخصيتي الفاسدة؛ دائمًا غيورة وأناضل من أجل الصيت والمكانة، حين أفسدني الشيطان وتلاعب بي، أرى أنها كانت طريقة مؤلمة جدًا للعيش. أعد الله كافة أنواع الناس والأشياء والأحداث والبيئات ليكشفني، ليخلصني. كما أنه استخدم كلامه لكشفي وإدانتي، ولإروائي وإعالتي حتى أدركت أخيرًا طبيعتي الشيطانية المتعجرفة، الأنانية، الخسيسة، ورأيت طبيعة الغيرة والقتال من أجل الصيت والربح ونتائجهما. عندها فقط تمكنت من ممارسة القليل من الحق واكتساب القليل من الضمير والعقل. الحمد لله!

السابق: 39. عيش شَبَه الإنسان في نهاية المطاف

التالي: 41. لتحل السماحة محل الغيرة

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

2. الطريق إلى التطهير

بقلم كريستوفر – الفلبيناسمي كريستوفر، وأنا قس بكنيسة منزلية في الفلبين. في عام 1987، تعمدت وتحوّلت نحو الرب يسوع ثم بنعمة الرب، في عام 1996...

12. كشف لغز الثالوث

بقلم جينغمو– ماليزيالقد كنت محظوظة في عام 1997 لقبولي إنجيل الرب يسوع، وعندما تعمدت، صلى القس وعمّدني باسم الثالوث – الآب والابن والروح...

32. الاكتشاف

بقلم فانغ فانغ – الصيننحن جميعًا في عائلتي نؤمن بالرب يسوع، وفي حين أنني كنت مؤمنة عادية في كنيستنا، كان والدي أحد زملاء الكنيسة. في فبراير...

27. لم الشمل مع الله

بقلم جياندنغ – الولايات المتحدةولدتُ لأسرة كاثوليكية، وعلمتني أمي قراءة الكتاب المقدَّس منذ نعومة أظافري. كان هذا خلال الوقت الذي كان يبني...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب