محبة الله وحدها هي المحبة الحقيقيَّة

2019 أغسطس 26

زياودونج – إقليم سيتشوان

قال الله: "لقد بقيت الأمة الصينية الفاسدة منذ آلاف السنين حتى اليوم، حيث تتقدم كل أنواع "الفيروسات" دون توقف، وتنتشر في كل مكان مثل الطاعون. يكفي مجرد النظر إلى علاقات الناس لمعرفة عدد "الجراثيم" الكامنة داخل الناس. من الصعب للغاية على الله أن يطور عمله في مثل هذه المنطقة المغلقة بشدة والمصابة بفيروسات. فشخصيات الناس، وعاداتهم، والطريقة التي يفعلون بها الأشياء، وكل ما يعبرون عنه في حياتهم وعلاقاتهم الشخصية، كلها في حالة يُرثى لها..." (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الطريق... (6)). لقد جعلني الإعلان الذي في كلمات الله أرى كيف يجعل فساد الشيطان جميع العلاقات بين الناس غير طبيعية؛ ذلك لأن كل شيء يستند إلى فلسفة الشيطان في الحياة، ولا يحتوي حتى على ذرةٍ من الحق. لولا خلاص الله، لظلَّت عيناي معصوبتين ومشاعري تحاصرني، لكن اختبار عمل الله جعلني أفهم جوهر ما يعنيه أن "نساعد بعضنا البعض" وأظهر لي الحق فيما يخص الصداقة والحب والمودَّة العائلية. رأيت أن كلمات الله وحدها هي الحق، وأنه فقط من خلال العيش بحسب كلمات الله يمكننا أن نهرب من تأثير الشيطان، وأنه فقط من خلال توافق المرء مع نفسه على أساس الحق، يُمكِنه أن يعيش حياة ذات معنى.

كان والديَّ مسيحيين، وفي ذلك الحين جلب علينا إيماننا بيسوع قدرًا كبيرًا من النعمةِ، خاصةً في مجال الأعمال، باركنا الله بركةً وفيرة من جهة وسائل الراحة المادية. لم يكن معظم أقاربي ميسوري الحال مثل عائلتنا، وكان والديّ يعتنيان بهم ماليًا وعينيًا. كان أقاربي يكنّون كل احترام لوالديّ، وكانوا ينظرون إليّ، بطبيعة الحال، نفس النظرةِ. كان هذا هو نوع البيئة المواتية التي نشأت فيها. لقد ظننت أن أصدقائي وأقاربي كانوا رائعين، ومهما احتاجت عائلتنا، سيكونون على استعداد للمساعدة.

في عام 1998، قبلت عائلتي بأكملها عمل الله القدير، ولأن ذلك كان مجالًا صعبًا، فقد أوقفنا أعمال عائلتنا. في ذلك الوقت، لم أكن قد فهمت الحق؛ لذلك كان قلبي لا يزال يتوق إلى هذا العالم. قضيت أيامي في الأكل والشرب والتنعُّم مع أصدقائي وأقاربي المُقرَّبين؛ ولأنني كنت أصرف بسخاءٍ، فقد أحاط بيّ المزيد والمزيد من الأصدقاء، وتجمَّع من حولي زملاء الدراسة القُدامى في لقاءات لم الشمل، والحفلات، وأعياد ميلاد زملاء الدراسة والأصدقاء، وحفلات زفافهم، وغيرها من المناسبات التي لم يكن من الممكن أن تُقام بدون دعوتي، لأنني كنت "مُهمًا" للغاية. والأكثر من ذلك، كان عليّ كل يوم أحد أن أَمُرّ لأخذ صديقتي وأن أعيدها، وكثيرًا ما كُنَّا نخرج معًا. في ذلك الحين، على الرغم من أنني لم يكن يفوتني أي من الاجتماعات الثلاثة التي أحضرها كل أسبوع في الكنيسة، كنت، مع ذلك، لا أفهم على الإطلاق كلمات الله، وكان قلبي لا يزال يشرد في العالم الخارجي، وكان إيماني بالله أشبه بنيرٍ من القواعد. لكن الله استخدم بيئات ليجعلني أُدرك الحق. لقد أظهر لي أن العلاقات بين الناس لا تستند إلّا إلى المصلحة المُتبادلة، وأنه لا يوجد شيء اسمه شعور حقيقي أو محبة فيهم.

بعد توقف أعمالنا، أصلح والديّ منزلنا، وكان لابد أن يقوما بدفع الرسوم الدراسية لأختي وليّ، وبهذا كانت مدَّخرات عائلتنا قد أوشكت على النفاد بعد بضع سنوات. وكما يقول المثل: "إن جفت الينابيع تجف الأنهار"، ولأنني كنت أعتمد عليهما في الحصول على دخلي، انخفضت نفقاتي الخاصة، فأصبحت أتجنَّب الذهاب إلى حفلات الزفاف والتجمَّعات، الكبيرة والصغيرة، كلَّما استطعت ذلك؛ وعليه فقد بدأت دائرة أصدقائي في التقلص، وأَخَذَتْ مكانتي في أعين أصدقائي تقل شيئًا فشيئًا. ومع زيادة ثروات أصدقائي وأقربائي الذين كانوا أفقر منّا، أصبحوا أيضًا أقل ارتباطًا بنا. كانت هذه فترة تنقية بالنسبة لي، لأنني شعرت بأنه لم يكن لي أي مكانة في قلوب الآخرين؛ وبخاصةً صديقتي، التي ابتعدت عني لأنني لم أعُد أُنفِق المال بسخاءٍ كما كنت أفعل في الماضي، وقد تركتني أخيرًا لترتبط بشخصٍ آخر في عام 2001. عندما علمت بذلك، لم أستطع أن أُصَدِّق أنه كان حقيقة. لم أكن أُظهِر ذلك من الخارج، لكن كانت معرفتي بذلك بمثابة طعنة سكين في قلبي. فقد كنت وفيًا لها، وكانت جهودي من أجلها مُفعمةً بالإخلاص، فلماذا جنيت خيانتها في المقابل؟ تلك كانت الطريقة التي انتهت بها علاقتنا التي دامت لمدة خمس سنوات. لم أكن أعرف كيف أنساها، فكل ما استطعت أن أفعله هو أن أدفن الألم في أعماق قلبي. بعد ذلك، كنت أكره أن يذكر الآخرون تلك الواقعة. لم أستطع أن فهم كيف يمكن أن يحدث شيء كهذا ليّ. ثم حدث ذات يوم أنّي قرأت هذا المقطع من كلمة الله: "ويعيش معظم الناس في مكان الشيطان الكريه، ويعانون من سخريته؛ إنه يضايقهم بهذه الطريقة إلى أن يصيروا شبه أحياء، متحملين كل تقلّب وكل مشقة في العالم الإنساني. وبعدما يتلاعب الشيطان بهم، يضع نهاية لمصيرهم. وبذلك يمر الناس خلال حياتهم في ارتباك ولا يتمتعون ولو لمرة بالأمور الصالحة التي أعدَّها الله لهم، بل يدمرهم الشيطان ويتركهم كثياب بالية. اليوم صاروا مُجهدين وفاترين لدرجة أن ليس لديهم أي رغبة في ملاحظة عمل الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (1)). إن الإعلان الذي في كلمات الله هو تصوير حقيقي لحياة الإنسان. عندما أسترجع كيف قضيت أيامي غارقًا في لوعة الحب، أحيا في عالمٍ خياليّ من "الحب الرومانسي". كنت محاصرًا في فخٍ لا يمكن الفكاك منه، ولم يكن لدي أي فكرةٍ على الإطلاق أن هذه الأمور هي خدع الشيطان التي يخدع بها الناس، وحيل مُصَّممة للإيقاع بالناس ولجعلهم يعيشون دون أي أهداف، ودون أن يتّجهوا إلى ملاحظة عمل الله. بالرغم من أنني كنت أدعو نفسي مؤمنًا بالله، فقد قضيت أيامي قلقًا بشأن الصداقة والحب وعملت على الحفاظ عليهما، ولو لم تتغيَّر الظروف بالنسبة لي، لكنت ما زلت أؤمن بـ "تعهدات الحب الأبدي" و"الأصدقاء المخلصين"، ولم أكن لأفلت منهم أبدًا. فبسبب الانفصال عن صديقتي، قطعت جميع علاقاتي مع زملاء الدراسة؛ وبعيدًا عن بيئة صاخبة كهذه، كان بإمكاني أن أُهدّئ قلبي وأُكرِّس نفسي لإيماني بالله. في الاجتماعات، من خلال قيامي بالشركة حول كلام الله مع إخوتي وأخواتي، فهمت جزء من الحق ونلت بعض الفهم للحب والصداقة، وأدركت أنه فقط من خلال السعي إلى الحق وفهمه، يمكن لآراء الشخص في الأشياء أن تتغير، ولن يخدعهم الشيطان قط. وقد بدأ قلبي الجريح يُشفى تدريجيًا. شعرت بالفرح الذي كنت قد نسيته منذ أمد بعيد، ولم أعد تائهًا، ولم أعُد أحيا في ألمي. ولأنه لم يكن هناك أي مصادر للتشويش من العالم الخارجي، فقد استطعت أن أُهدِّئ عقلي وأعكف على الاجتماعات. أصبحت أكثر اهتماما بالإيمان بالله، ومنذ ذلك الحين فصاعدًا بدأت أؤدي واجباتي.

عندما عَلِم أقاربي بأنني آمنت بالله، كان اضطرابهم لا حدود له. لقد ظنوا أنه لم يكن من شأني الإيمان بالله في هذا العُمر المبكر. كانت خالتي تطلب منيّ خدمات في كثير من الأحيان، وطلبت مني عمتي أن أقوم بأعمال تجارية معها، حتى أمي الحاضنة دفعتني إلى الزواج، قائلةً إنها ستعتني بطفلي بعد ولادته (لأنها لم يكن لديها ابن)، وبكت جدَّتي قائلةً: "ليس لدي إطلاقًا أي اعتراضٍ على إيمان أبويك بالله؛ ذلك لأنهم عملوا نصف عمرهم وقد قدَّموا كل ما لديهم لتمهيد الطريق لك، لذا فقد حان الوقت لندعهما يستريحان. ينبغي عليك أن تركّز على تأسيس أسرة ومستقبل وظيفي". ثم واصلت حديثها واصفةً كيف نشأ والدي في فقرٍ، وكيف بدأ من لا شيء، وكم كان يعاني، ومدى الصعوبة التي لاقاها في عمله، وقالت إنني كنت في مثل هذا البيئة الجيدة، وأنه لم يكن لدي أي مُثُل. كان "قلقهم" المفاجئ بشأني مُمتعًا للغاية. كنت مُرتبكًا لأن الأمر بدا وكأن كل واحد منهم كان على صواب فيما كان يقول. كانوا جميعًا يريدون الأفضل بالنسبة لي؛ وبما أنهم كانوا أقرب أقاربي، فبالطبع لن يؤذونني. إن لم أكن أفعل شيئًا في صغري، فماذا يا تُرى كان سيصيبني عندما أكبر؟ كنت أعيش في عملية تنقية، وبالرغم من أنني كنت أعلم أن هذه كانت معركة روحية، لم يكن لديّ القوة الكافية لمواصلة القتال. وفي أحد الاجتماعات، أراني أحد القادة هذا المقطع من كلمة الله: "لآلاف السنين، عاش شعب الصين حياة العبيد، وهذا قد قيَّد أفكارهم ومفاهيمهم وحياتهم ولغتهم وسلوكهم وتصرفاتهم حتى إنهم صاروا لا يتمتعون بأدنى قدر من الحرية. آلاف السنوات من التاريخ قد أخذت الناس المفعمين بالحياة الذين يملكون روحًا وأهلكتهم حتى صاروا شيئًا يماثل الجثث التي بلا روح. الكثيرون يعيشون تحت السكين الحاد للشيطان...من الخارج، يظهر أن البشر "حيوانات" عليا؛ في الواقع، يعيشون ويسكنون مع الشياطين النجسة. ليس للناس أحد يحنو عليهم وهم يعيشون داخل كمين الشيطان مُحاطين بالمشقات بلا طريق للهروب. بدلًا من قول إنهم يجتمعون بأحبائهم في منازل دافئة ويعيشون حياة سعيدة ومُشبِعة، ينبغي على المرء أن يقول إن البشر يعيشون في الجحيم ويتعاملون مع الشياطين ويرتبطون بهم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (5)). من خلال الإعلان الذي في كلمة الله والشركة مع إخوتي وأخواتي، أدركت أنه في حين يبدو هؤلاء أنَّهم أقاربي في الظاهر، وكلماتهم تتفق مع احتياجاتي الجسدية، إلّا أن أفكارهم، ومفاهيمهم، وحياتهم، ولغتهم، وسلوكهم، وتصرّفاتهم مُقيَّدَة بسبب فساد الشيطان. إنهم جميعًا غير مؤمنين، وكل وجهات نظرهم، وكل ما يناقشونه، يأتي من الشيطان، وكل ما يسعون إليه هو الرغبات الشريرة للجسد، ولا يتفق أي شيء من هذا مع الحق؛ إن استمعت لهم سأسقط في براثن الشيطان. ولأنني لا أقتني أي قدر من الحق ولا التمييز، فإن المزيد من التواصل معهم لن يؤدي إلّا إلى مزيد من التدهور. لم أكن لأحصل على أي مكاسِب من ذلك، ولا يمكنهم سوى أن يجلبوا عليَّ الدمار. كان لديّ في ذلك الحين بعض الفهم لما يعنيه القول "كل أولئك الذين لا يؤمنون، مع أولئك الذين لا يمارسون الحقيقة، هم شياطين!" لكنني كنت مع ذلك لا أفهمه فهمًا كاملًا. وفي وقت لاحق، رتَّب الله ظروفًا بيَّنَت لي الجوهر الحقيقي للعلاقات الأسرية.

لطالما كانت عائلتنا عائلة مضيفة. وفي أحد الأيام في عام 2005، بسبب بلاغ من أحد فاعلي الشر، ألقت شرطة الحزب الشيوعي الصيني القبض على والديّ وعدد من الإخوة والأخوات. ولحسن الحظ نجت شقيقتي من غرق وشيك أثناء فرارها، ولم تنج بحياتها إلَّا لأن الله حماها. احتُجز والديَّ والإخوة والأخوات الذين كانوا في منزل عائلتي، وغُرّموا، وتعرَّضوا جميعهم للتعذيب، وخرجوا جميعًا مُصابين. عندما سمعت هذا الخبر، لم أتمالك مشاعري. لم يكن لديّ الشجاعة لأداء واجباتي. فكَّرت: "في ظرفٍ مثل هذا، ينبغي أن أذهب إلى البيت مهما كان. لقد رباني والديَّ، والآن ها هما يواجهان مشكلةً؛ حتى لو لم يكن بإمكاني أن أفعل أي شيءٍ لهما، فينبغي على الأقل أن أكون موجودًا حتى أطمئن عليهما وأواسيهما". لذا أخذت القطار إلى مسقط رأسي وذهبت مباشرةً إلى بيت عمتي (التي تؤمن أيضًا بالله) لرؤية والديّ. في ذلك الوقت رأيت أن جروحهما لم تلتئم، وشعرت بالضيق في داخلي، وانهمرت الدموع من عينيّ. شعرت أن والديّ قد تعرَّضا للإهانة. وعندئذٍ قال لي والديّ: أثناء الهروب من الشرطة، غطست شقيقتي في النهر (حدث هذا في ديسمبر، بعد حلول الظلام). كان الماء يصل إلى رقبتها، وكانت تيارات النهر قوية، وعلقت نباتات بريَّة برِجل بنطالها، وانغرز حذائها في الوحل، ولم تكن تعرف كيف تسبح، لذلك كان لغزًا غامضًا كل الغموض كيف وصلت إلى البر الآخر. لا بد أن الله قد حماها بطريقة معجزيَّة، ولولا ذلك لكانت النتائج مرعبة لا يستطيع أن يتأمَّلها أحد (كانت المياه العميقة والتيارات القوية قد أودت بحياة رجل في الأربعينات من عمره قبل ذلك بعدة أيام). اختبأت شقيقتي في وقت لاحق في منزل أخت أكبر سنًا، وقد أعطت أختي ملابس بدلًا من الملابس التي كانت عليها، وكانت تبكي وهي تُجفِّف ملابسها المُبللة فوق النار، وقد اعتنت بها عنايةً شديدة. بعد ذلك بعدة أيام عَلِمَتْ أن منزل هذه الأخت الأكبر لم يعد آمنًا، ولذا فقد ذهبت شقيقتي للاختباء في منزل خالتي. ثم خرجت خلال النهار لإرسال خطاب إلى كنيستنا تُبلِّغ فيه قائدنا بوضع عائلتي، ولكن عندما عادت، قالت لها الابنة الصغرى لخالتي: "يا بنت الخالة، لماذا عُدتِ؟ ظننت أنكِ رَحلتِ. لقد قمنا بالفعل بطي السرير". أدركت أختي أن خالتي كانت خائفة من التورُّط، ولم تكن تريد أن تدعها تمكث هناك، لذلك فقد تركت منزلهم باكيةً، وواجهت خطر الاعتقال لتعود إلى البيت لأنه لم يكن هناك أي مكان آخر تذهب إليه. بعد إطلاق سراح والديَّ، وعندما علما بأن أختي شارفت على الغرق، وكيف طردتها خالتي، كانا غاضبين جدًا، ولكن خالتي أجابت بنبرةٍ تدل على اقتناعها بأنها كانت على حق، قائلةً: "هذا صحيح، نحن خائفون من التورّط. لقد جلبتم هذه الاعتقالات على أنفسكم. كنتم تنعمون بحياةٍ رائعة، لكن كان عليكم أن تذهبوا وتفسدوها، والآن كنتم على وشك أن يُقتَل شخص منكم!" لم أكن أتخيَّل أبدًا أن أقرب أقاربي، الأشخاص الذين كانوا أقرب المقرّبين إليّ في الماضي، في الوقت الذي كان فيه الحزب الشيوعي الصيني يعتقل عائلتي، وكانت حياتهم مُعرَّضة للخطر، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى التعزية أكثر من أي شيءٍ آخر، سيقول فعلًا مثل هذه الكلمات غير الإنسانية، أو يفعل مثل هذه الأمور القاسية. لقد حزنت حزنًا شديدًا لمَّا عرفت أنهم يستطيعون ذلك. لم يأتِ أي من الأشخاص الذين ساعدناهم في الماضي أعظم مساعدة ليطمئن علينا أو يُعزّينا. أولئك الذين كانت تربطنا بهم أفضل العلاقات أصبحوا لا يتحدثون مع والديّ عندما كانوا يلتقون بهما في الشارع، وليس هذا فقط، بل أيضًا انتقلوا من طريق والديّ. والبعض الذين كانوا يُحيّوننا ويقولون لنا "مرحبًا"، حوّلوا لنا الآن ظهورهم، وتقوّلوا علينا. إخوتنا وأخواتنا هم وحدهم الذين كانوا يأتون لزيارتنا وللشركة مساءً. لم أكن أظن أبدًا أن عائلتنا من الممكن أن تصل إلى مثل هذا الوضع البائس. عاد الألم ليحاصرني من جديد، حيث بدأت تتبلور في قلبي أفكار الخيانة لله. في وقت لاحق، بعد أن تلقيت إعلانًا من الله، اختبرت ما كان إخوتي وأخواتي يتحدّثون إليّ عنه في الشركة: "العلاقات بين الناس لا تقوم إلا على المصلحة المشتركة؛ أفراد الأسرة والأصدقاء يساعدون بعضهم البعض فحسب على أساس المنفعة المُتبَادلة". واسترجعت أيضًا حديث والديّ عمَّا استفاداه من اختبار القبض عليهما، على سبيل المثال: عندما استخدمت الشرطة سوطًا جلديًا لضرب أبي، قال إنه لم يشعر بألمٍ بالغ، وأن السوط تقطَّع إلى ثلاثة أجزاء وهم يضربوه. وقالت أختي إنها لم تشعر بأي خوفٍ على الإطلاق أثناء اختبارها، وعلى الرغم من أن ذلك كان في شهر ديسمبر، إلّا أنها لم تشعر قَط بأي برودةٍ تخرج من الماء. لقد منحها الله مزيدًا من القوة والثقة. إن إلقاء الحزب الشيوعي الصيني القبض عليهم قد جعل إيمانهم أكثر ثباتًا. لقد جعلهم أكثر قوةً. قال والدي أنه لم يكن يُصدِّق كلمات الله التي تبيّن كيف يكشف الله شر الحزب الشيوعي الصيني، وكراهيته للحق في الماضي، وأنه كان من المُعجبين بملك الشياطين، لكن هذه الواقعة أظهرت له أن الحزب الشيوعي الصيني ما هو إلا عصابة من السفاحين، وقطَّاع الطرق الذين لا يتورّعون عن الاستيلاء على أي شيءٍ ذو قيمةٍ في منزلنا، ويفضلّون اعتقال المؤمنين بالله الملتزمين بالقانون عن اعتقال القتلة ومشعلي الحرائق. شعرت بالخجل عندما أدركت أننا جميعًا نعيش تحت قيادة الله، وكل ما نختبره هو جزء من سيادة الله وترتيبه، ولا يملك أي شخصٍ القدرة على مساعدة شخص آخر، وأن المودّة العائلية لن تدفعنا إلّا بعيدًا عن الله، وأن الأمور التي يستطيع الناس مساعدة بعضهم البعض فيها لا تتفق إلّا مع الجسد، وليس مع الحق. إن الأفكار مثل: "لا أريد أن يتألم والديّ جسديًا" لا تفيد حياتهما على الإطلاق، وليس هذا فقط، بل أيضًا لا يوجد أي فائدة منها لخلاصهما. الله وحده يعلم ما يحتاجه الإنسان، والله يحب الإنسان أكثر من أي أحد آخر. رأيت مقطعًا من كلمة الله كان يقول: "منذ أن خلق الله العالم، أتمّ أعمالاً كثيرة تشمل حيوية الحياة، وقام بأعمال كثيرة تجلب للإنسان الحياة، ودفع ثمنًا باهظًا حتى يفوز الإنسان بالحياة، لأن الله ذاته هو الحياة الأبدية، وهو نفسه الطريق لقيامة الإنسان. لا يغيب الله مطلقًا عن قلب الإنسان، بل إنه موجود معه على الدوام. إنه القوة التي تغذي حياة الإنسان، وكُنه الوجود البشري، ومَعين ثري لوجوده بعد ولادته. يهب الإنسان ولادة جديدة، ويمنحه القدرة على أن يؤدي دوره في الحياة على أكمل وجه وبكل مثابرة. ظل الإنسان يحيا جيلاً بعد جيل بفضل قدرة الله وقوة حياته التي لا تنضب، وكانت قوة حياة الله طوال هذه المدة هي ركيزة الوجود الإنساني التي دفع الله من أجلها ثمنًا لم يدفعه أي إنسانٍ عادي. لقوة حياة الله القدرة على السمو فوق أي قوة، بل والتفوق على أي قوة؛ فحياته أبدية وقوته غير عادية، ولا يمكن لأي مخلوق أو عدو قهر قوّة حياته. قوة حياة الله موجودة وتلمع بأشعتها البراقة، بغض النظر عن الزمان والمكان. تبقى حياة الله إلى الأبد دون أن تتغير مهما تغيَّرت السماء والأرض. الكل يمضي ويزول وتبقى حياته لأنه مصدر وجود الأشياء وأصل وجودها. فالله أصل حياة الإنسان، وسبب وجود السماء، بل والأرض أيضًا تستمد وجودها من قوة حياته. لا يعلو فوق سيادته مخلوقٌ يتنفس، ولا يفلت من حدود سلطانه ما يتحرك. هكذا يخضع الكل – كان من كان – لسيادة الله، ويحيا الجميع بأمره، ولا يفلت من سيطرته أحد" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وحده مسيح الأيام الأخيرة قادر أن يمنح الإنسان طريق الحياة الأبدية). من خلال كلمات الله وحقيقته، اختبرت قوة حياة الله غير العادية والعظيمة، وأنه يعيش بين البشر في جميع الأوقات، وهو دائمًا يرشد البشرية ويُظهِر قوته، وأن كل شخص يعيش في ترتيبات من تدبير الله. في مواجهة كلمة الله، رأيت كم كنت صغيرًا، وكم كانت الروابط العاطفية تافهة. ما الذي يمكن أن أفعله في مواجهة الصعوبات التي تعرَّضَت لها أسرتي؟ ألم يكن الله هو من يحميهم ويهتم بهم ويقودهم خلال الأزمة؟ هل يمكن أن يكون حب الإنسان للإنسان أعظم من حب الله للإنسان؟ وقد أدانتني في الوقت ذاته كلمات الله: "مَن منكم يمكنه حقًّا أن يبذل كل شيء من أجلي ويقدّم كيانه لي؟ إنَّكم جميعًا منقسمو القلب، تدور في أذهانكم الأفكار حول البيت، والعالم الخارجي، والمأكل، والملبس. وبالرغم من أنَّك أمامي تفعل أمورًا من أجلي، فإنك في قلبك ما زلت تفكِّر في زوجتك، وأبنائك، وأبويك في البيت. هل كل هذه ممتلكاتك؟ لماذا لا تودعها لديَّ؟ ألا تثق بي بما فيه الكفاية؟ أم أنَّك تخشى أن أتَّخذ ترتيبات غير مناسبة لك؟ لماذا تقلق دائمًا على عائلة جسدك؟ وتفتقد دومًا أحبابك! هل لي مكانة في قلبك؟ ما زلت تقول أنَّك تدعني أهيمن داخلك وأستحوذ على كل كيانك – كل هذه أكاذيب مُضلِّلة! كم منكم يناصر الكنيسة بكل قلبه؟ ومَن منكم لا يفكِّر في نفسه، وإنَّما يناصر ملكوت اليوم؟ فكَّروا في هذا بإمعان شديد" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل التاسع والخمسون). رأيت أن ما كنت أهتم به في قلبي كان لا يزال هو عائلتي، ولأنه لم يكن لدي إيمان حقيقي بالله، فقد كنت حتى ذلك الحين لا أستطيع أن أودعهم بالكامل في يدي الله. لقد رأيت أنني لم أكن أعيش في الحق، وبالرغم من أنني كنت أؤدي واجباتي في بيت الله، فقد كنت في أحيانٍ كثيرة أقلق بشأن عائلتي، ولم أسمح لله بأن يشغل قلبي. لم أستطع أن أحترم الله فوق كل الآخرين، وأن أؤدي واجباتي بإخلاصٍ. لقد خدعني الشيطان وابتلاني. لولا هذه الأمور "المؤسفة" التي حدثت لي، لم أكن أبدًا لأرى الأشياء بوضوحٍ. تمامًا كما تقول هذه الترنيمة من كلمة الله: "عندما يتعلق الأمر بحياة الإنسان، لم يجد الإنسان حتى الآن الحياة الواقعية، ولا زال لم ير بنظرة ثاقبة تجتاز ظروف العالم البائسة الظالمة الخربة – ومن ثم، لولا وقوع الكوارث، لكان معظم الناس سيعتنقون الطبيعة الأم، وكانوا سيغرقون أنفسهم في ملذات "الحياة". أليست هذه هي حقيقة العالم؟ أليس هذا هو صوت الخلاص الذي أقوله للإنسان؟ لماذا لا يحبني أحد حقًّا بين البشر؟ لماذا يحبني الإنسان فقط في وسط التوبيخ والتجارب، ولا أحد يحبني وهو تحت حمايتي؟" ("الناس لا يعرفون خلاص الله" في"اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). لولا ما كشفت ليّ عنه هذه الظروف، لم أكن أبدًا لأفهم حقًا العلاقات بين الناس، ولكنت لا أزال واقعًا تحت سيطرة العلاقات العائلية، والحب، والصداقة، واقعًا في فخٍ لا مناص منه في السعي وراء هذه الأمور، أُخدَعُ بها وأقاسي منها، سعيدًا في جهلي. وكذلك لم أكن لأقبل الحق أبدًا، ولم أكن لأتَّخِذ قَط مسار الحياة الصحيح، ولم يكن خلاص الله ليسمح لي مطلقًا بتذوّق نكهة "الحياة" من جديد. حينما أدركت كل هذا، قررت أن أؤمن بالله من كل قلبي وأن أسعى إلى الحق حتى أرد لله محبته لي.

لقد قمت إلى الآن بأداء واجباتي في أسرة الله لعدة سنوات، واختبرت محبة الله وسط عائلته. لا يهم أين أؤدي واجباتي، فالله دائمًا يرعاني أينما كنت. أتوافق مع إخوتي وأخواتي كما لو كانوا عائلتي، لا نستغل بعضنا البعض، ولا يوجد تبادل للمنافع. إخوتي وأخواتي مُخلصون لدرجة أنه حتى إذا ظهر فسادنا تجاه بعضنا البعض في بعض الأحيان، إلَّا أنه لا توجد بيننا ضغائن أو تحفّظات لأننا نفتح قلوبنا ونتواصل حول فهمنا لأنفسنا. نساعد بعضنا البعض، ويقدِّم كلٌ منّا المحبة للآخر، نحن جميعًا متساوون، ولا يُعامَل أحدٌ بطريقةٍ مختلفة لأنه فقير أو غني. لديّ مشاكل صحية، ولذا تكون صحتي مُعتلّة في كثيرٍ من الأحيان، ولكن إخوتي وأخواتي متفهِّمون جدً ويعتنون بي كثيرًا، مما جعلني أختبر أنه حتى بدون روابط الدم بين إخوتي وأخواتي، من الممكن أن يكونوا أقرب من الأقارب. أعيش في انسجامٍ تام مع إخوتي وأخواتي، وبإرشاد الله، نسعى جميعًا إلى الحق، ونجتهد في أداء واجباتنا.

لقد ساعدتني أيضًا خبراتي التي تراكمت خلال هذه السنوات على إدراك مشيئة الله تدريجيًا، وكذلك على رؤية أن العمل الذي أنجزه الله فيّ هو عمل الخلاص والمحبة، وأن الكلمات التي تكلَّم بها الله هي الحق، ولكن الأهم من ذلك هو أنَّها الكلمات التي تُخلّص حياتنا. لقد أصبحت هذه الحقائق أفضل رعاية وحماية لي من قِبَل الله. لو كنت قد ابتعدت عن هذه الكلمات أو إن لم أر الأمور على الأساس الذي تقدّمه هذه الكلمات، لكنت قد دمَّرت نفسي. لقد أفسدني الشيطان فسادًا عميقًا، ولم يكن لدي القدرة على فهم معنى كلمات الله مباشرةً؛ ولذلك فقد رتَّب الله العديد من الظروف والأشخاص والأمور والأشياء المختلفة، المُصمَّمة لاحتياجاتي، لتفيدني وتكمّلني، ولتساعدني على فهم كلماته. وسط معاناتي وتجاربي، رأيت عن غير قصد أن هذه الكلمات التي عبّر عنها الله هي الحق كله، وأنها الأمور التي تحتاجها البشرية. فهي ليست فقط تمنح الإنسان حياةً وتسمح له بأن يعيش الحياة الإنسانية كما يجب أن تكون، بل أيضًا تُوضِّح له المسار الصحيح في الحياة، لأن الله هو الطريق والحق والحياة. كلام الله هو الذي أوصلني إلى هذا اليوم. أرغب في أن أحتفظ بكلامه كشعار لي، كعلامة الطريق التي بها أتقدم والدليل الذي أتصرف بحسبه. وبالرغم من عدم إدراكي للكثير من الحق، إلّا أنه من خلال سعيي المستمر إلى الحق والوفاء بواجباتي، فإن الله سيهبني الاستنارة والتنوير حتى أفهم كلماته. لا يزال هناك الكثير من الفساد في داخلي، والذي يجب تطهيره، وأحتاج إلى أن أختبر المزيد من عمل الله، وكذلك دينونة الله وتوبيخه وما يصاحبهما من مصاعب وتنقيات. ما زلت أسعى جاهدًا للبحث عن الحق. ومهما كانت المصاعب أو الضيقات التي تصيبني في المستقبل، سأتبع الله إلى النهاية!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

ماذا يكمن وراء الأكاذيب

بقلم زياو - جينج – إقليم شاندونج في كل مرة رأيت فيها كلمات الله تدعونا إلى أن نكون أشخاصًا أمناء وأن نتكلم بدقة، كنت أفكّر مُحدِّثةً نفسي:...

كيف أبلغتُ عن ضدٍّ للمسيح

منذ بضعة سنوات، عُدتُ إلى كنيستي المحلية من خارج المدينة لأؤدي واجبي. عندما سمعتُ القائدة، تشانغ شين، تقول إن شماسة السقاية كانت شياو ليو،...

وجدت مكاني

بعد أن آمنت بالله، تابعت بحماس شديد. مهما كان الواجب الذي رتبته الكنيسة لي، فقد أطعت. عندما واجهت صعوبات في واجبي، كنت أعاني أيضًا وأدفع...

اترك رد