يعمل الروح القدس بطريقة تقوم على أُسُس
بالرغم من أنني لم أتوقف عن تناول كلمات الله والارتواء منها، مرَّت فترة لم أشعر فيها أبدًا بالنور. وقد صلَّيت إلى الله من أجل هذا الأمر، ومع ذلك لم ألقَ استنارةً. ففكرت محدثةً نفسي: "يوجد وقت محدد لكي ينير الله كل إنسان، لذا فلا فائدة من محاولة تعجيل الأمر". التزمت بعد ذلك بالقواعد، وكنت أتناول كلمات الله وأرتوي منها من دون قلق "بصبرٍ"، في انتظار استنارة الله.
إلى أن قرأت في أحد الأيام كلمات الله هذه: "لن يثمر سعيك وراء الحقيقة والتغييرات في شخصيتك إلا عندما يكون قلبك في سلام أمام الله. وبما أنك تَمثُل أمام الله حاملاً ثقلاً وتشعر دائمًا بأنك تعاني نقصًا بطرق عديدة، وتحتاج إلى معرفة العديد من الحقائق، وتحتاج إلى اختبار جانب كبير من الواقع، وأن عليك توجيه كل الاهتمام لإرادة الله – فهذه الأشياء دائمًا ما تشغل عقلك. يبدو الأمر كما لو أنها تضغط عليك بشدة بحيث لا يمكنك التنفس؛ وبالتالي تشعر بثقل في القلب (رغم أنك لست في حالة سلبية). مثل هؤلاء الأشخاص هم وحدهم المؤهلون لقبول استنارة كلام الله وتأثير روح الله فيهم. إنهم يتلقون الاستنارة والإضاءة من الله بسبب حِمْلهم واكتئابهم، ويمكن القول إنه بسبب الثمن الذي دفعوه والعذاب الذي عانوه أمام الله، لأن الله لا يحابي أحدًا بمعاملة خاصة. فهو عادل دائمًا في معاملته للناس، لكنه أيضًا لا يعطي للناس اعتباطًا أو دون قيد أو شرط. هذا هو أحد جوانب شخصيته البارة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. من المهم جدًا إقامة علاقة طبيعية مع الله). وبتأمّلي في كلمات الله هذه، فهمت أن الله إلهٌ بارٌ، ففي عطائه للإنسان لا يظلم البتة، ولا يعطي للإنسان بدون قيد أو شر. ولكي يحصل الناس على استنارة الله ونوره، يجب عليهم أن يُهدِّئوا قلوبهم أمام الله، وأن يكون لهم قلب يتوق إلى كلمات الله ويسعى إليها. يجب عليهم أن يتحمَّلوا العبء من أجل حياتهم، وأن يبحثوا عن مواطن ضعفهم في كلمات الله. وبينما يتحمَّلون العبء الملقى عليهم، يجب عليهم أن يتناولوا كلمات الله ويرتووا بها على نحو هادف حتى يُولوا كل الاهتمام بإرادة الله، ويتعمَّقوا في الحق بدون توقف. لا يستطيع الإنسان أن يحصل على الاستنارة من الله إلّا عن طريق دفع ثمن للعمل مع الله بشكل فعليّ. لم أكن في السابق أتحمَّل أي عبء، ولم يكن لدي قلب يتوق إلى تناول كلمات الله والارتواء منها. كل مرةٍ كنت أحمل فيها كتاب كلمة الله، كنت أُقلِّب صفحاته، وأدرك أنني قد قرأت هذا المقطع، وقرأت ذاك المقطع أيضًا، حيث ظننت أنه كان لدي فكرة شاملة عن كل مقطع. بعد ذلك كنت أبحث عن أي مقطع قديم، وأقرأه قراءة سريعة، وبهذا أكون قد انتهيت من الأمر. عندما كنت أتناول كلمات الله وأرتوي منها، كان يكفيني فقط أن أفهم المعنى الحرفي للكلمات، ولم أكن أُهتم بشيء إلّا بعض القواعد والممارسات. بالتأكيد لم أكن أرى الكثير من الحق الذي كنت أحتاج أن أدخل إليه، ولم أكن أُرضي قلب الله. لم أكن أتحمَّل أي عبء من أجل حياتي على الإطلاق، ولم يكن يقلقني عدم تسلّحي بما يكفي من الحق؛ بل كنت أتعامل مع تناولي لكلمات الله والارتواء منها بلامُبالاةٍ. كيف كان لي، بهذا الموقف المُتعالي تجاه كلمات الله،أن أحصل على استنارته ونوره؟ لم أكن حقًا أعمل مع الله، وكنت أستخدم العبارة التي تقول: "يوجد وقت محدد لكي ينير الله كل إنسان" لألتمس بها عذرًا لأنتظر استنارة الله بلا هوادة. كم كنت حقًا جاهلةً! لقد أدركت الآن فقط أنه، بالرغم من وجود وقت محدد يهب الله الاستنارة لكل إنسان، وهذا صحيح إلى حدٍ بعيدٍ، إلّا أنه يوجد مبدأ وراء عمل الروح القدس في الانسان. فالإنسان نفسه يجب أن يكون لديه قلب يتوق ويسعى ليتمكن من العمل بإيجابية وفاعلية مع الله. وعندئذٍ فقط يمكن للروح القدس أن يعمل في الإنسان ويهبه الاستنارة، وينير بصيرته ليفهم مشيئة الله، وبذلك يساعد الله الناس على إدراك الحق في كلماته.
آه يا إلهي! أشكرك من أجل استنارتك التي جاءت في الوقت المناسب، وقد سَمَحَت لي أن أتعرَّف على الشائبة في تجربتي الخاصة. والآن أتمنى أن أعود إلى العمل معك بإيجابية ونشاط، وأن أحتفظ بقلبٍ ساعٍ توَّاق، وأتحمَّل العبء الملقى على كاهلي، وأتناول كلماتك وأرتوي منها، وأسعى إلى الحصول على المزيد من الاستنارة من خلال كلماتك، وأحمل نفسي إلى التعمّق في الحق، وأن أجعل حياتي تنمو أكثر من أي وقت مضى.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.