11. اعتقال ابنتي كشفني
في وقت مبكر من مساء يوم ١٤ أكتوبر ٢٠٢٣، أبلغتني إحدى الأخوات أن الشرطة اعتقلت قائدة من كنيسة "شينغوانغ". صُدمتُ عندما سمعتُ ذلك، وفكرتُ: "يا إلهي! هل يمكن أن تكون هذه هي ابنتي؟". فتحتُ الرسالة التي أُعطيت لي على عجل، لأقرأ: "مين جينغ اعتُقلت..." انسلَّت كل قوتي فجأةً من جسدي، وفكرتُ: "ابنتي اعتُقلت! رجال الشرطة هؤلاء أشرار وحقيرون. لا حدود لما يفعلونه في اضطهادهم الوحشي للمؤمنين. فكيف عساها أن تتحمل ذلك؟ ابنتي هي من لحمي ودمي. فكيف لي أن أتحمل تركها تعاني كل هذا العذاب؟". شعرتُ وكأن سكينًا يُغرز في قلبي، وتمنيتُ بشدة أن أتحمل تلك المعاناة بدلًا من ابنتي. شعرتُ بقلقٍ بالغ لأنَّ الشرطة إذا علمت أن ابنتي قائدة كنيسة، فسيمارسون الضغط عليها بالتأكيد للكشف عن تفاصيل تخص الكنيسة. خشيتُ من أنَّ الشرطة قد تصيبها بعجز من فرط الضرب المبرح إن هي لم تُفصح عن تلك التفاصيل. إن أصبحت عاجزة وهي في هذه السن الصغيرة، فكيف ستواصل حياتها؟ إن ضُربت حتى الموت، فسأفقد ابنتي للأبد. ابنتي لا تحضر الاجتماعات إلا منذ عامين فقط، وما تزال هناك حقائق كثيرة لم تفهمها بعد. كيف يمكن أن يسمح الله للشرطة باعتقالها؟ علاوة على ذلك، فإن ابنتي تخلّت عن حياتها المهنية والزواج لتكرس كل وقتها في بذل نفسها من أجل الله. فلِمَ لَم يحمها اللهُ؟ ألا يُحب اللهُ الإنسانَ؟ بدأتُ أشكو اللهَ، وكلما زاد تفكيري في الأمر برمته، ازداد انزعاجي. لم أستطع منع دموعي من أن تنهمر من عيني. أردتُ تلاوة كلام الله لمعالجة حالتي، لكنني لم أستطع التركيز في التلاوة. تذكرتُ أختين كنتُ في شراكة معهما سابقًا، وبعد أن تم اعتقالهما، تعرضتا لضغوط من أجل خيانة القادة والعاملين، وغُسِلَ دماغهما قسرًا وخانتا اللهَ في النهاية وأصبحت كل منهما يهوذا. كنتُ متأكدةً أن الشرطة ستضغط على ابنتي أيضًا لخيانة الكنيسة، وإذا غُسِل دماغها هي الأخرى، وانتهى بها الأمر إلى أن تُضلَّل وتتصرف كـيهوذا، فستفقد تمامًا فرصتها في الخلاص! وبالتفكير في هذا، لم يسعني إلا أن أشتكي في قلبي، مفكرةً: "لماذا لم يحمِ اللهُ ابنتي؟ لماذا سمح بأن يصيبها هذا النوع من المواقف؟". كما ألقيتُ باللوم على الأخت المضيفة لابنتي لعدم حرصها الكافي ولعدم إدراكها خطورة الموقف، ولعدم نقل ابنتي إلى دار استضافة أخرى في الوقت المناسب. بعد ذلك، كنتُ في حالةٍ فظيعةٍ لعدة أيام؛ لم أستطع الأكل، أو النوم، أو التركيز على واجبي، ولم أُعر اهتمامًا حتى عندما كانت الأخت التي كنتُ شريكة معها تقدم شركة عن كلام الله. لم أستطع منع خيالي من أن يجمح. كنتُ أعلم أنني إذا استمررتُ على هذا النحو، فسأؤخر واجبي وستعاني حياتي، لذلك أتيت إلى الله في صلاة: "يا الله! منذ اعتقال ابنتي، قد أصبحتُ سلبيةً وضعيفةً للغاية، حتى إنني شكوتُكَ وأسأتُ فهمك. لا أعرف ما الدرس الذي يجب عليَّ أن أتعلمه من هذا الموقف. أرجوك أرشدني لفهم مقصدك".
بعد ذلك، تلت لي الأختُ التي كنت في شراكة معها هذا المقطع من كلام الله: "ينبغي أن يفحص الناس بانتظام أي شيء في قلوبهم لا يتوافق مع الله، أو يسيء فهم الله. كيف يحدث سوء الفهم؟ لماذا يسيء الناس فهم الله؟ (لأن مصلحتهم الشخصية تتأثر). بعد أن يرى الناس الحقائق المتعلقة بنفي اليهود من يهودا، يشعرون بالألم ويقولون: "في البداية، أحب الله بني إسرائيل كثيرًا. فأخرجهم من مصر وعبر البحر الأحمر، وأعطاهم المن من السماوات ومياه الينابيع ليشربوا، ثم أعطاهم بنفسه النواميس لتقودهم، وعلَّمهم كيف يعيشون. كانت محبة الله للإنسان فياضة؛ فالناس الذين عاشوا في ذلك الوقت كانوا مباركين للغاية! كيف يمكن لموقف الله أن يتغير مائة وثمانين درجة في غمضة عين؟ أين ذهبت كل محبته؟" لا يمكن أن تتجاوز مشاعر الناس هذا، ويبدأون في الشك قائلين: "هل الله محبة أم لا؟ لماذا لم يعُد موقفه الأصلي تجاه بني إسرائيل ظاهرًا؟ لقد اختفت محبته دون أثر. هل لديه أي محبة على الإطلاق؟" من هنا يبدأ سوء فهم الناس. ما السياق الذي يُشكِّل فيه الناس سوء الفهم؟ هل يمكن أن يكون ذلك بسبب عدم توافق أفعال الله مع أفكار الناس وتصوراتهم؟ هل هذه الحقيقة هي التي تجعل الناس يسيئون فهم الله؟ أليس سبب سوء فهم الناس لله أنهم يحدّون من تعريفهم لمحبته؟ إنهم يعتقدون هذا: "الله محبة. لذلك ينبغي أن يعتني بالناس ويحميهم، ويُمطرهم بالنعمة والبركات. هذا ما تعنيه محبة الله! يعجبني عندما يحب الله الناس بهذه الطريقة. لقد أمكنني أن أرى بشكل خاص كم أحب الله الناس عندما قادهم عبر البحر الأحمر. كان الناس في ذلك الوقت مباركين جدًا! ليتني أكون واحدًا منهم". عندما تكون مغرمًا بهذه القصة، فإنك تتعامل مع المحبة التي أعلنها الله في تلك اللحظة على أنها الحقيقة الأسمى، والعلامة الوحيدة على جوهره. أنت تحدّ من تعريفك له في قلبك، وتعامل كل ما فعله الله في تلك اللحظة على أنه الحق الأسمى. أنت تعتقد أن هذا هو الجانب الأفضل من الله، وهو الجانب الذي يُجبِر الناس على احترامه واتقائه، وأن هذه هي محبة الله. في الواقع، كانت أفعال الله نفسها إيجابيةً، ولكن بسبب تعريفاتك المحدودة، أصبحت مفاهيم في ذهنك، وأساسًا تُعرِّف أنت الله بناءً عليه. إنها تجعلك تسيء فهم محبة الله، كما لو أنه لا يوجد فيها شيء آخر عدا الرحمة، والعناية، والحماية، والإرشاد، والنعمة، والبركات؛ وكأن هذه وحدها هي محبة الله. لماذا تعتز بهذه الجوانب من المحبة كثيرًا؟ هل لأنها مرتبطة بمصلحتك الشخصية؟ (نعم، هي كذلك). بأي مصالح شخصية ترتبط؟ (ملذات الجسد والحياة المريحة). عندما يؤمن الناس بالله، فإنهم يريدون الحصول على هذه الأشياء منه، ولكن ليس الأشياء الأخرى. لا يريد الناس التفكير في الدينونة، أو التوبيخ، أو التجارب، أو التنقية، أو المعاناة من أجل الله، أو التخلي عن الأشياء وبذل أنفسهم، أو حتى التضحية بحياتهم الخاصة. لا يريد الناس سوى الاستمتاع بمحبة الله، ورعايته، وحمايته، وإرشاده، لذا فهم يُعرِّفون محبة الله على أنها السمة الوحيدة لجوهره، وجوهره الوحيد. أليست الأمور التي فعلها الله عندما قاد بني إسرائيل عبر البحر الأحمر هي التي أصبحت مصدرًا لمفاهيم الناس؟ (نعم، هي كذلك). شكَّل هذا سياقًا كوّن فيه الناس مفاهيم عن الله، وإن كوّنوا مفاهيم عن الله، فهل يمكنهم الوصول إلى إدراك حقيقي لعمل الله وشخصيته؟ من الواضح أنهم إلى جانب أنهم لن يفهموا ذلك، فسيسيئون تفسيره ويُشكِّلون مفاهيم عنه. هذا يُثبِت أن فهم الإنسان ضيق للغاية، وليس فهمًا حقيقيًا. لأنها ليست الحقيقة، بل هو نوع من المحبة والفهم الذين يُحلِّلهما الناس في الله ويُفسِّرونهما عنه بناءً على مفاهيمهم، وتصوراتهم، ورغباتهم الأنانية؛ ولا يتوافق مع جوهر الله الحقيقي. بأية طرق أخرى يحب الله الناس عدا الرحمة، والخلاص، والرعاية، والحماية، والاستماع إلى صلواتهم؟ (بالتأنيب، والتأديب، والتهذيب، والدينونة، والتوبيخ، والتجارب، والتنقية). هذا صحيح. يُظهِر الله محبته بطرق كثيرة: بالضرب، والتأديب، والتقريع، والدينونة، والتوبيخ، والتجارب، والتنقية، وما إلى ذلك. هذه كلها جوانب من محبة الله. هذا المنظور وحده شامل ومتماشي مع الحق. إذا فهمتَ هذا عندما تفحص نفسك وأدركتَ أن لديك سوء فهم بشأن الله، ألن تتمكن من معرفة تحريفك وتُحسِن التأمل فيما أخطأت فيه؟ ألا يمكن أن يساعدك هذا في علاج سوء فهمك عن الله؟ (نعم، يمكنه ذلك). من أجل تحقيق هذا، ينبغي أن تطلب الحق. طالما يطلب الناس الحق، فيمكنهم استبعاد سوء فهمهم بشأن الله، وبمجرد أن يستبعدوا سوء فهمهم بشأن الله، يمكنهم الخضوع لجميع ترتيبات الله" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. من خلال فهم الحق وحده يمكن للمرء أن يعرف أفعال الله). ومن خلال قراءة كلمات الله، أدركتُ أنني كنتُ أعيش في حالةٍ من سوء فهم الله إذ أنني حدّدتُ محبته. في مفاهيمي وتصوراتي، كنت أؤمنُ أن محبة الله تتكون من الرحمة، والعطف المحب، والحماية، والبركات. أما الاضطهادات، والمشقة، والتجارب، والتنقيات، فلم تتوافق مع مفهومي، واعتقدا أنها ليست من محبة الله، لذلك، بعد أن اعتُقلّت ابنتي، شكوت اللهَ وأسأت فهمه، ولم أستطع أن أخضع للموقف الذي رتبه. تأملتُ كيف أنني – في الماضي – أُجبرتُ على مغادرة المنزل بسبب مطاردة الشرطة لي. في ذلك الوقت، كانت ابنتي لا تزال صغيرة، وقد أمكن أن تكبر بصحة جيدة تحت رعاية الله وحمايته. ظننت أن هذا هو ما تتكون منه محبة الله. بعد إيمانها بالله، بدأت ابنتي في القيام بواجبها في الكنيسة. فكرت أنه بما أن عائلتنا بأكملها كانت تبذل نفسها من أجل الله، فإننا سنحصل بالتأكيد على عواقب وغايات جيدة، لذا زاد اعتقادي بأن هذه هي محبة الله، وشكرتُ اللهَ في قلبي. والآن، قد أُلقي القبض على ابنتي، وكان من المرجح جدًا أن تُعذَّب. إذا لم تستطع تحمل هذا الاضطهاد وأصبحت يهوذا، فستفقد فرصتها في الخلاص. هذا جعلني أشكك في محبة الله، وألومه على عدم حمايته لابنتي، وأطوِّر سوء فهم عنه في قلبي. كان إدراكي لمحبة الله يعتمد كليًا على ما كان مواتيًا لي. إذا ضمن الله أن يسير كل شيء بسلاسة وسلام لعائلتي، وكانت العواقب مُرضية لهم، كنت سأقولُ إن الله محبة. ولكن عندما لم تتوافق الظروف مع مفاهيمي ولم تكن مواتية لعائلتي، كنت أنكرُ محبة الله. كنت أعتقد أن محبة الله تتكون من الرحمة، والعطف المحب، والحماية، والبركات، لكن هذا كان مفهومي وتصوري، ولم يكن يتوافق مع الحق. فمحبة الله لا تتكون فقط من الرحمة، والعطف المحب، بل تشمل أيضًا الدينونة، والتوبيخ، والتجارب، والتنقيات. ربما بدا اعتقال ابنتي أمرًا سيئًا، لكن إذا أمكنها طلب الحق والتمسك بشهادتها، فإنَّ إيمانها وإرادتها في المرور بالمعاناة كانت ستُكمَّل. هذا في الواقع أمر جيد لابنتي. وعلاوة على ذلك، فإن اعتقال ابنتي ساعد في كشف مفاهيمي، وتصوراتي، ومطالبي غير المعقولة من الله، مما سمح لي بالتأمل في فسادي وما لدي من شوائب. فهمتُ أيضًا أنه لا ينبغي للمرء أن يطلب النعمة والبركات في إيمانه، ويجب أن يركز على ما هو أكثر أهمية: اختبار عمل الله وكلامه، وبلوغ الحق، والتخلص من الفساد، وتحقيق تغيير في الشخصية. ورأيتُ أنه مهما يفعل الله، فهو دائمًا مظهر من مظاهر خلاصه ومحبته.
بعد ذلك، واصلتُ الطلب فيما يتعلق بمشكلتي. عندما اعتُقلت ابنتي، كنتُ أطالب الله وأشكوه في قلبي باستمرار؛ ما طبيعة مشكلتي؟ وفي خضم طلبي، صادفتُ هذا المقطع من كلام الله: "بعض الآباء الجهلاء لا يستطيعون استيعاب الحياة أو القدر، ولا يدركون سيادة الله، وغالبًا ما يقومون بأشياء تتسم بالجهل عندما يتعلق الأمر بأبنائهم. على سبيل المثال، قد يواجه أبناؤهم، بعد أن يصبحوا مستقلين، بعض الأوضاع الخاصة أو المشاق أو الحوادث الكبيرة؛ بعضهم يواجهون الأمراض، وبعضهم يتورطون في دعاوى قضائية، وبعضهم يُطلَّقون، وبعضهم يُخدعون ويُحتال عليهم، وبعضهم يُختطفون أو يتعرضون للأذى أو يُضربون ضربًا مبرحًا أو يواجهون الموت. يوجد حتى مَن يسقطون في هوة تعاطي المخدرات، وما إلى ذلك. ماذا يجب أن يفعل الآباء في هذه المواقف الخاصة والمهمة؟ ما هو رد الفعل النموذجي لمعظم الآباء والأمهات؟ هل يفعلون ما يتعين عليهم فعله بوصفهم كائنات مخلوقة لها هوية الأب والأم؟ نادرًا ما يحدث أن يسمع الآباء والأمهات مثل هذه الأخبار ويتفاعلون معها كما لو كان الأمر قد حدث لشخص غريب. معظم الآباء والأمهات يسهرون طوال الليل حتى يشيب شعرهم، ويجافيهم النوم ليلة تلو الليلة، وتنعدم شهيتهم في أثناء اليوم، ويمعنون في التفكير، بل إن بعضهم يبكون بمرارة حتى تحمر عيونهم وتجف دموعهم. إنهم يصلون بحرارة إلى الله أن يراعي إيمانهم ويحمي أولادهم ويُنعم عليهم ويباركهم ويرحمهم وينقذ حياتهم. بوصفهم آباءً وأمهات في مثل هذا الوضع، تُكشَف جميع نقاط ضعفهم وجوانب هشاشتهم ومشاعرهم البشرية تجاه أبنائهم. ما الذي يُكشَف أيضًا؟ تمردهم على الله. إنهم يتضرعون إلى الله ويصلون إليه، متوسلين إليه أن يحفظ أولادهم من المصائب. حتى لو حدثت كارثة، فإنهم يصلون من أجل ألا يموت أولادهم، وأن ينجوا من الخطر، وألا يؤذيهم الأشرار، وألا تزداد أمراضهم وطأة، بل تتحسن، وهكذا. ما الذي يصلون من أجله حقًا؟ (يا الله، إنهم بهذه الصلوات يطلبون مطالب من الله بنبرة تذمر). من ناحية، هم غير راضين تمامًا عن محنة أولادهم، ويشتكون من أنه ما كان ينبغي أن يسمح الله بحدوث مثل هذه الأشياء لأولادهم. يمتزج عدم رضاهم بالشكوى، ويطلبون من الله أن يعدل عن رأيه، وألا يتصرف هكذا، وأن ينجي أولادهم من الخطر، ويحفظهم في أمان، ويشفي أمراضهم، ويساعدهم على الهروب من الدعاوى القضائية، ويجنبهم المصائب عند حدوثها، وهكذا؛ باختصار، أن يجعل كل شيء يسير على ما يرام. بالصلاة على هذا النحو، هم من ناحية يشتكون إلى الله، ومن ناحية أخرى يطلبون منه بعض المطالب. أليس هذا مظهرًا من مظاهر التمرد؟ (بلى). إنهم يقولون ضمنيًا إن ما يفعله الله ليس صحيحًا أو صالحًا، وإنه ينبغي ألا يتصرف هكذا. لأن هؤلاء أبناؤهم وهم مؤمنون، فهم يعتقدون أن الله لا ينبغي أن يسمح بحدوث مثل هذه الأشياء لأبنائهم. أبناؤهم مختلفون عن الآخرين، ويجب أن يتلقوا بركات تفضيلية من الله. بسبب إيمانهم بالله، يتعين على الله أن يبارك أطفالهم؛ وإن لم يفعل، يصيبهم الضيق ويبكون ويصابون بنوبة غضب ولا يعودوا يريدون أن يتبعوا الله. وإذا مات طفلهم، يشعرون بأنهم هم أيضًا لا يستطيعون الاستمرار في الحياة. هل هذا هو الشعور الذي يدور في خاطرهم؟ (نعم). أليس هذا شكل من أشكال الاحتجاج على الله؟ (إنه كذلك). هذا احتجاج على الله" [الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (19)]. يفضح اللهُ كيف أنَّ الآباء يطلبون من الله مطالب غير معقولة عندما يُواجه أبناؤهم مصائب، معتقدين أن الله يجب أن يتصرف على هذا النحو أو ذاك، ويلومونه إن لم يفعل ذلك وفقًا لذلك. وهذا احتجاج ضد الله. أنا كنتُ في مثل هذه الحالة تمامًا. حالما سمعتُ أن ابنتي اعتُقلت، صرتُ قلقة وخائفة من أن تُعذبها وتفجعها الشرطة، وكنتُ أكثر قلقًا من أن تخون إخوتها وأخواتها، وتُصبح يهوذ ولا تُحقق عاقبة جيدة. ودون حتى أن أُدرك ذلك، بدأتُ أشكو الله، وأنا أفكر: "رغم كل شيء، تخلّت ابنتي عن حياتها المهنية لتبذل نفسها ووقتها كاملًا من أجل الله. فكيف أمكن ألا يحميها الله؟". كنتُ دائمًا إما أُسيء فهم الله أو أُطالبه بمطالب غير معقولة. كم كنتُ قاصرة عقل! فكرتُ في كيف أن الله يسود على جميع المواقف التي نواجهها يوميًا ويرتبها. رغم ذلك، لم أفهم سيادة الله، وأصبحتُ غير معقولة وعدائية تجاه الله عندما اعتُقلت ابنتي. بعد ذلك، عندما حاولتْ الأخت التي كنت في شراكة معي أن تقدم لي شركة عن كلام الله، لم أُصغِ لها ولم أقبل كلام الله. إذا لم أُعالج حالتي هذه، وحدث لابنتي مكروه مريع، لشكوت الله حتمًا، بل ربما انقلبتُ عليه وخنته! فكّرتُ في كيف أن أيوب عندما مرّ بالتجارب، وفقد كل ممتلكاته وأولاده، وامتلأ جسده بالقروح، أدرك أن الله هو من وهبه ممتلكاته وأولاده، وأنهم بإذن الله أُخذوا منه. ولذلك، لم يشكُ الله أو يُجادل معه، وكان بإمكانه الخضوع لسيادة الله وترتيباته، بل إنه سبّحَ اسمه أيضًا. أما أنا، فعندما واجهتُ اعتقال ابنتي، بدأتُ أشك في قدرة الله، وسيادته، وسلطانه، وكنتُ قلقة وخائفة باستمرار، بل إنني كنتُ أطالب الله وأجادل معه! كنتُ أتمرد على الله وأقاومه! وعندما أدركتُ ذلك، لم أعد أرغب في التمرد على الله أو مقاومته. مهما حدث لابنتي، سواءً تعرضت للتعذيب أم لا، أو كانت غايتها وعاقبتها جيدةً، فلن أشكو الله، وسأخضع في كل شيء لسيادته وترتيباته.
لاحقًا، صادفتُ هذه المقاطع من كلام الله: "فإن حياة الأبناء والآباء مستقلة في عينيِّ الله. لا ينتمي أحدهم للآخر، ولا تربطهما علاقة هرمية. وبالطبع هي ليست علاقة أنهم يملكون ولا أنهم مملوكين. حياتهم من الله، والله هو مَن له السيادةَ على أقدارهم. الأمر ببساطة أن الأبناء يولدون من آبائهم، والآباء أكبر من أبنائهم، والأبناء أصغر من آبائهم، رغم ذلك، فبناءً على هذه العلاقة، هذه الظاهرة السطحية، يعتقد الناس أن الأبناء هم ملحقات الوالدين وملكيتهم الخاصة. هذه النظرة لا تتناول الأمر من جذوره، بل هي لا تنظر إليه إلا على المستوى السطحي، وعلى مستوى الجسد، وعلى مستوى عواطف الشخص. لذلك، فإن طريقة النظر هذه هي نفسها خاطئة، وهذا المنظور خاطئ. أليس كذلك؟ (بلى)" [الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (19)]. "إلى جانب الولادة وتربية الأطفال، تتمثّل مسؤوليّة الوالدين في حياة أطفالهم ببساطةٍ في توفير بيئةٍ أساسية لهم للنموّ، لأنه لا شيء سوى سبْق تعيين الخالق يكون له تأثيرٌ على مصير الشخص. لا أحد يمكنه التحكّم في نوع مستقبل الشخص، فهو مُحدّدٌ منذ زمانٍ طويل، ولا يمكن حتّى لوالديّ المرء أن يُغيّرا مصيره. بقدر ما يتعلّق الأمر بالمصير، فإن كل شخصٍ مستقلّ وكل واحدٍ له مصيره. ولذلك لا يمكن لوالديّ المرء أن يُجنِّباه مصيره في الحياة أو ممارسة أدنى تأثيرٍ على الدور الذي يلعبه المرء في الحياة. يمكن القول إن العائلة التي يكون من مصير المرء أن يولد فيها والبيئة التي ينمو فيها ليستا أكثر من الشروط السابقة لإنجاز مهمّة المرء في الحياة. إنها لا تُحدّد بأيّ حالٍ مصير الشخص في الحياة أو نوع المصير الذي يُؤدّي فيه المرء مهمّته. ومن ثمَّ، لا يمكن لوالديّ المرء مساعدته على إنجاز مهمّته في الحياة، وبالمثل، لا يمكن لأقاربه مساعدته على أداء دوره في الحياة. كيفيّة أداء المرء مهمّته ونوع البيئة المعيشيّة التي يُؤدّي فيها دوره حدّدها مسبقًا بالإجمال مصير الشخص في الحياة" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)]. ومن خلال كلمات الله، أدركتُ أنه كان من الخطأ اعتبار ابنتي "ملكًا خاصًا" لي، لأنها من لحمي ودمي. حياة الإنسان مستمدة من الله، فهو الذي يمنح الإنسان نَفَس الحياة. دور الوالدين هو إنجاب الأطفال وتربيتهم حتى يبلغوا سن الرشد. وحينما يتم ذلك، تنتهي مهمتنا. فكل شخص مستقل بذاته؛ لكل من لآباء والأبناء قدرهم الخاص، ولابد لكل منا أن يعيش وفقًا للمسار الذي رسمه له الخالق، متحملين مسؤولياتنا. كما أنني أدركتُ أن سبب قلقي من أن يعاني جسد ابنتي، ورغبتي – بصفتي أمها – في أن أتحمل المعاناة بدلًا منها، كان راجعًا إلى افتقاري لفهم لسيادة الله. في الواقع، ما سيكون لدينا من اختبارات، وما سنتحمله من معاناة، وما سنلعبه من دور في الحياة، هي أشياء مُقدّرةٌ مُسبقًا، لذا كان قلقي غير ضروري. ومهما بلغ قلقي، فإنه ما كان ليُغيِّر شيئًا ولا أن يكون له أي تأثير على مستقبل ابنتي وقدرها. إذا جبُنت ابنتي، بعد اعتقالها، وفعلت كل ما هو ضروري من أجل التشبث بالحياة، فخانت إخوتها وأخواتها لحماية مصالحها الخاصة، وأصبحت يهوذا وطُردت، فإن ذلك مُحدد بجوهر طبيعتها والطريق الذي سلكته. لا أحد يستطيع تغيير ذلك. بعد أن أدركتُ هذا، شعرتُ بقدر أكبر قليلًا من الوضوح. وعرفتُ أنه يجب عليّ تسليم ابنتي لله، والخضوع لسيادته وترتيباته، وأن أخلص في عملي وأقوم بواجبي جيدًا. لاحقًا، بعد أن أكلتُ وشربتُ بعضًا من كلام الله، أدركتُ أن ما يفعله الله في الأيام الأخيرة هو عملُ تكميل الناس وكشفهم واستبعادهم. فالله يستخدم التنين العظيم الأحمر ليطهر الكنيسة. بالنسبة إلى الذين يسعون إلى الحق، فمهما كانت المؤامرات الشريرة التي يدبرها الحزب الشيوعي الصيني أو الشائعات والمغالطات التي يختلقها، فلن يُضلَّلوا، ولن ينكروا الله أو يخونوه، وسيكونون قادرين على التمسك بشهادتهم أمام الله. وبالنسبة إلى أولئك الذين لا يسعون إلى الحق وأولئك الذين ليسوا من الله، فسيُكشفون ويُستبعدون من خلال هذه البيئات. يستخدم الله هذه الظروف الصعبة ليمتحن الناس: فأولئك الذين يتمسكون بشهادتهم هم كالحنطة، بينما أولئك الذين لا يستطيعون التمسك بها هم كالقشٌّ المُهمَل. هذه إحدى طرق امتحان الله للناس، وهي حكمة عمل الله. سواء كانت ابنتي ستجتاز هذا الامتحان واستطاعت تقديم الشهادة أم لا، كان يعتمد على كيفية سعيها إلى الحق في الظروف العادية، وأيضًا على جوهر طبيعتها والمسار الذي اختارته. إنْ كان بإمكانها التمسك بشهادتها لله، فهذا يدل على إيمانها الصادق به. وإنْ أنكرتْ الله خلال هذه التجربة وخانتْه، فستكون هذه هي طريقة الله في كشفها. الله بارٌّ بالناس جميعًا. بعد أن أدركتُ هذا، شعرتُ بالتحرر والسكينة.
لقد مرّ شهران على اعتقال ابنتي، وما زلتُ لم أسمع أي خبرٍ عن موقفها، لكنني أعلم أن قدرها بيديّ الله، وأنني لستُ مُقيدةً بموقفها. وعلاوة على ذلك، فقد أدركتُ أنني بحاجةٍ إلى الاعتزاز بالفرصة التي لا تزال متاحة لي للقيام بواجبي، وأداء مسؤولياتي جيدًا. حالما أضعُ قلقي واهتمامي بابنتي جانبًا، يكون بإمكاني أن أُخلص في واجبي.