92. ما المخاوف التي كانت تكمن وراء عدم رغبتي في أن أترقى

لقد كنت أتعاون مع عمل التصفية في الكنيسة، ومن خلال عدة سنوات من الممارسة، استوعبت بعض المبادئ المتعلقة بواجباتي، وأحرزت بعض النتائج في واجباتي. فعند مناقشة المشكلات، كان القادة والشمامسة والإخوة والأخوات الذين تعاونت معهم يتفقون عمومًا مع وجهات نظري. كانوا يقصدوني من أجل لعقد شركة ويتبنون آرائي حين كانوا يجدون صعوبة في تمييز الأمور بوضوح. بدأ يتملكني شعور بالفوقية، ظانًا أنني أفضل منهم. في ديسمبر من عام 2020، رُقِّيتُ لأقوم بواجباتي في منطقة أخرى. كانت الأختان اللتان كنت أتعاون معهما تقومان بهذا الواجب لفترة أطول مني، وكانتا لديهما فهمًا أفضل للمبادئ. في عدة مرات، حلَّلنا معًا المواد الخاصة بإخراج الناس، وكانت الأختان تحللان تلك المواد بدقة شديدة من خلال ربطها بالمبادئ. كنت أرغب في أفصح في الشركة، لكنني كنت أشعر بأنهما قد عقدتا للتو شركة حول ما فهمته، وأنني لم ألاحظ حتى بعض المشكلات التي أشارتا إليها، فظننت أنه من الأفضل ألا أتفوه بشيء، وأن الإفصاح لن يكون له قيمة مرجعية، بل سيجعلني أبدو غير كفء. لذا التزمت الصمت. في مرة أخرى، حلَّلنا وثيقة تتعلق بطرد شخص شرير. لم أكن أرى أن الشخص كان شخصًا شريرًا حقًّا، فعقدت شركة حول وجهة نظري. ثم قالت إحدى الأختين إنها تعتقد أن هذا الشخص كان يحمل جوهر شخص شرير، وقدمت تحليلها لهذا الأمر من خلال الاستناد إلى أعمال هذا الشخص الشريرة وجوهر أفعاله. ووافقتها الأخت الأخرى في الرأي أيضًا. بعد أن استمعتُ إلى ما قالتاه، ظننتُ أن شركة الأختين كانت صحيحة ومبنية على المبادئ، وشعرت بحُمْرة مفاجئة من الحرج. فكرت بيني وبين نفسي: "لقد أظهرت نفسي بمظهر الأحمق. ماذا ستظن الأختان بي الآن؟ هل ستظنان أنني أفتقر إلى التمييز وأن مستوى قدراتي منخفض؟" لاحقًا، عندما حلَّلنا المواد معًا مجددًا، لم أتجرأ على التعبير عن آرائي مباشرة، لخوفي من نظرة الآخرين إليَّ في حال كانت شركتي خطأ. في السابق، لم يكن الإخوة والأخوات الذين تعاونت معهم قد أبلوا بلاءً حسنًا في واجباتهم مثلما كنت أُبلي أنا، لكن الآن الأختان اللتان كنتُ أتعاون معهما كانتا أفضل مني في كافة النواحي، فشعرت بأنني الأعجز هناك، وكنت أفتقر إلى أي إحساس بالحضور، وكثيرًا ما كنت أغرق في حالة من الشعور بالكبت. خلال تلك الفترة، كانت حالتي مزرية، وأحيانًا، كنت أرغب حتى في الهروب من هذا الوضع وعدم القيام بواجباتي هناك. بعد فترة وجيزة، ونظرًا لانخفاض عبء العمل، دعت الحاجة إلى ترشيد الأفراد، وقيَّم القادة مستوى قدراتي بأنه متوسط وعينوني في منصب آخر.

بعد مرور بعض الوقت، وبسبب زيادة عبء العمل، خاطبني القادة طالبين مني مواصلة القيام بعمل التصفية في منطقة أخرى. حين رأيت رسالتهم شعرت ببعض المقاومة، إذ كنت أفكر: "الإخوة والأخوات الذين سأتعاون معهم هناك جميعهم لديهم مستوى قدرات أفضل من مستوى قدراتي، وهم أيضًا أفضل مني في عقد شركة حول الحق وفي النظر إلى الأشياء. لن أكون متميزًا في واجباتي هناك وسينتهي بي الأمر فقط بأن أظهر بمظهر الأحمق. لا أريد الذهاب إلى هناك". فرفضت، واختلقت أعذارًا وقلتُ بأنني أفتقر إلى مستوى القدرات ولا أستطيع تولي هذا الواجب. ومع زيادة عبء العمل، خاطبني القادة والعاملون عدة مرات في شركة، ولكن عندما فكرت في كيف أن الإخوة والأخوات في المنطقة الأخرى كان لديهم مستوى قدرات وإمكانيات عمل جيدة، شعرت بأنه لن يكون لي أي حضور هناك، فواصلت رفض طلباتهم. الحقيقة أنني شعرت بعدم ارتياح شديد حيال التهرب من واجباتي، وشعرت بالذنب، لكن حينها فكرت بيني وبين نفسي: "الأمر متطابق أينما أقوم بواجباتي، والعمل هنا أيضًا يتطلب تعاون الناس عليه، لذا يمكنني الاكتفاء بأن أعمل بجدية أكبر وأتقن القيام بواجباتي هنا".

بعد فترة من الزمن، كتبت أخت رسالة لي، استندت فيها إلى اختباراتها الشخصية في أنها عُينت في واجبات أخرى حتى تعقد شركة معي، ولفتت انتباهي إلى أن عدم رغبتي في القيام بواجباتي في المنطقة الأخرى قد يكون بسبب تقيُّدي بالسمعة والمكانة. نبَّهتني أيضًا إلى مواجهة مشكلاتي وطلب الحق لعلاجها. تأثرت بعمق حين رأيت الأخت تبوح لي بمكنونات قلبها في الشركة معي. أدركت أنني قد كررت رفض واجباتي، وأنني بذلك كنت أتمرد حقًّا على الله! كنت أعلم أن هذه فرصة أخرى من الله لي لأتوب، وأنه كان عليَّ أن أغتنمها. لاحظت في الرسالة أن الأخت قد وجدت لي فقرة من كلمات الله لأقرأها: "ما نوع الحالة الموجودة داخل الناس عندما تكون لديهم شخصية متعنتة؟ هي في الغالب أنهم عنيدون وأبرار في عيني ذواتهم. يتمسكون دائمًا بأفكارهم، ويعتقدون دائمًا أن ما يقولونه صحيح، وهم جامدون تمامًا ومتشبثون بآرائهم. هذا هو موقف التعنت. إنهم كالأسطوانة المشروخة؛ لا يستمعون إلى أي شخص، ويظلون ثابتين على مسار عمل واحد بلا أي تغيير، ويصرون على مواصلته بصرف النظر عما إذا كان صحيحًا أم خطأ – في هذا يكمن شيء من عدم التوبة. مثلما يرد في القول: "الخنازير الميتة لا تخاف الماء المغلي". يعرف الناس جيدًا الشيء الصحيح الذي يجب فعله، ومع ذلك فهم لا يفعلونه إذ يصرون على رفض قبول الحق. هذا أحد أنواع الشخصية: التعنت. ما أنواع الأوضاع التي تكشفون فيها عن الشخصية المتعنتة؟ هل أنتم متعنتون في كثير من الأحيان؟ (نعم). في أحيان كثيرة! وبما أن التعنت هو شخصيتك، فإن هذا يرافقك في كل ثانية على مدار كل يوم من أيام وجودك. التعنت يمنع الناس من أن يكونوا قادرين على أن يأتوا أمام الله، ويمنعهم من قبول الحق، ويمنعهم من القدرة على الدخول إلى واقع الحق. وإذا كنت غير قادر على الدخول إلى واقع الحق، فهل يمكن أن يحدث تغيير في هذا الجانب من شخصيتك؟ لا يمكن إلا بصعوبة كبيرة. هل حدث الآن أي تغيير في هذا الجانب من شخصيتكم العنيدة؟ وما مقدار التغيير الذي حدث؟ لنفترض مثلًا أنك كنت متعنتًا للغاية، لكن الآن قد حدث فيك تغيير طفيف: عندما تواجه مشكلةً ما، يكون لديك قدر من الضمير في قلبك وتقول لنفسك: "يجب أن أمارس قدرًا من الحق في هذا الأمر. بما أن الله قد كشف هذه الشخصية المتعنتة – بما أنني سمعت بها وأنا الآن أعرفها – فيجب أن أتغير. عندما واجهت هذه الأنواع من الأشياء عدة مرَّات في الماضي، سايرت جسدي وفشلت ولست سعيدًا بهذا. يجب في هذه المرَّة أن أمارس الحق". في ظل مثل هذا التطلع، يمكن ممارسة الحق، وهذا تغيير. عندما يكون لديك اختبار بهذه الطريقة لبعض الوقت وتتمكن من تطبيق المزيد من الحقائق، وهذا يؤدي إلى تغييرات أكبر، ويتضاءل أكثر فأكثر كشف شخصياتك المتمردة والمتعنتة عن نفسها – هل حدث تغيير في شخصيك الحياتية؟ إذا أصبحت شخصيتك المتمردة تتضاءل أكثر فأكثر بشكل واضح، وأصبح خضوعك لله أكبر كثيرًا من ذي قبل، فقد حدث تغيير حقيقي. إلى أي مدى إذًا يجب أن تتغير لكي تحقق الخضوع الحقيقي؟ سوف تكون قد نجحت عندما لا يوجد أدنى قدر من التعنت بل خضوع فحسب. هذه عملية بطيئة. فالتغييرات في الشخصية لا تحدث بين عشية وضحاها، بل تستغرق فترات طويلة من الاختبار وربما حتى مدى الحياة. في بعض الأحيان يكون من الضروري أن تعاني العديد من المشاق الجسيمة – مشاق مشابهة للموت والعودة إلى الحياة، ومشاق أكثر إيلامًا وصعوبة من كشط سمٍّ من عظامك" (الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. معرفة الأنواع الستة للشخصيات الفاسدة هي وحدها التي تمثل معرفة النفس الحقيقية). كان ما كشفه الله يطابق حالتي بالضبط. لقد كنت أعيش في شخصية عنيدة. وقد منعني هذا من المثول أمام الله لأطلب الحق، وأفقدني القدرة على الخضوع لتنظيمات الله وترتيباته. استعدت ذكريات ترتيب القادة لي لأقوم بواجباتي في منطقة أخرى. كنت أعلم أن عليَّ أن أعطي الأولوية لعمل الكنيسة، ولكن كان يشغلني أن الأخوات اللواتي سأتعاون معهن قد يكون لديهن مستوى قدرات وتمييز أفضل مني، وكنت أخشى أن تعاوني معهن في واجباتي لن يقتصر على عدم حصولي على أي تقدير، بل سيجعلني أبدو غير كفء، ويشعرني بأنني غير مرئي. ولأحمي سمعتي ومكانتي، رفضت بعناد واجباتي المرة تلو المرة، ولم أكن أصغي إطلاقًا، مهما عقد الآخرون معي شركة. أغلقت قلبي تمامًا عن الله. كنت حقًّا عنيدًا ومتعنتًا، كنت أعلم أن عبء العمل في تلك المنطقة كان ثقيلًا وأنهم بحاجة إلى أناس أكثر للمساعدة، لكنني لم أهتم في هذه اللحظة الحرجة إلا بكبريائي ومكانتي، ولم أراعِ عمل الكنيسة إطلاقًا. كنت أنانيًّا وحقيرًا للغاية ومفتقرًا إلى أي إنسانية! شعرت بندم شديد، فصليت إلى الله: "يا الله، إنَّ شخصيتي متعنتة جدًّا وعنيدة. إنني أعرف الحق لكنني لا أمارسه. إنني على استعداد لأن أغير حالتي المتمردة هذه وأن أطلب الحق لعلاج مشكلاتي. أرجوك أرشدني وقُدني". خاطبت بعد ذلك القادة معربًا عن استعدادي للقيام بواجباتي في منطقة أخرى.

لاحقًا، تأملت في سبب عدم رغبتي في القيام بواجباتي في منطقة أخرى، وأدركت أن السبب في ذلك هو أن الأمر كان يزاحم سمعتي ومكانتي. فطلبت الحق بوعي في هذا الجانب. قرأت فقرة من كلمات الله: "يقوم أضداد المسيح بواجبهم على مضض لنيل البركات. كما أنهم يستفسرون عما إذا كانوا سيتمكنون من استعراض أنفسهم وتطلع الآخرين إليهم من خلال القيام بهذا الواجب، وما إذا كان الأعلى أو الله سيعرف ما إذا كانوا يقومون بهذا الواجب. هذه هي جميع الأشياء التي يفكرون فيها عندما يؤدون واجبًا ما. الشيء الأول الذي يريدون تحديده هو الفوائد التي يمكن أن يحصلوا عليها من خلال أداء أحد الواجبات، وما إذا كان من الممكن أن ينالوا البركة. هذا هو الشيء الأهم بالنسبة إليهم. إنهم لا يفكرون أبدًا في كيفية مراعاة مقاصد الله وردّ جميل محبة الله، وكيفية الوعظ بالإنجيل والشهادة لله حتى ينال الناس خلاص الله والسعادة. كما أنهم لا يطلبون أبدًا فهم الحق أو كيفية معالجة شخصياتهم الفاسدة وعيش شبه الإنسان. إنهم لا يفكرون في هذه الأشياء أبدًا. إنهم لا يفكرون إلا فيما إذا كان بإمكانهم أن ينالوا البركة ويربحوا المنافع، وكيف يحصلون على موطئ قدم في الكنيسة وبين الجمهور، وكيف يكتسبون المكانة، ويجعلون الناس ينظرون إليهم نظرة تقدير، وكيف يتميزون عن الآخرين ويصبحون الأفضل. إنهم لا يريدون على الإطلاق أن يكونوا أتباعًا عاديين. فهم يريدون دائمًا أن يكونوا الأوائل في الكنيسة، وأن يكون لهم القول الفصل، وأن يصبحوا قادة، وأن يجعلوا الجميع يستمعون إليهم. وعندها فقط يمكن أن يشعروا بالرضا. يمكنكم أن تروا أن قلوب أضداد المسيح مليئة بهذه الأشياء. هل يبذلون أنفسهم حقًا من أجل الله؟ هل يؤدون واجباتهم بصدق ككائنات مخلوقة؟ (لا). ماذا يريدون أن يفعلوا إذًا؟ (تقلد زمام السلطة). هذا صحيح. إنهم يقولون: "بالنسبة إلي، أريد في العالم الدنيوي أن أتفوق على أي شخص آخر. ينبغي أن أكون الأول في أي مجموعة. أرفض أن أكون في المرتبة الثانية، ولن أكون تابعًا أبدًا. أريد أن أكون قائدًا وأن يكون لي القول الفصل في أي مجموعة من الناس أكون فيها. إذا لم يكن لي القول الفصل، فسأبحث عن كل السبل الممكنة لإقناعكم جميعًا، ولأجعلكم جميعًا تنظرون إلي نظرة تقدير، ولجعلكم تختارونني كقائد. بمجرد حصولي على المكانة، سوف يكون لي القول الفصل، وسيتعين عليكم جميعًا الاستماع إليَّ. سيتعيّن عليكم فعل الأشياء بطريقتي، وأن تكونوا تحت سيطرتي". مهما يكن الواجب الذي يؤديه أضداد المسيح، فسوف يحاولون تقلّد منصب رفيع واحتلال مكانة عالية؛ إذْ لا يمكنهم مطلقًا أن يرضوا بمكانتهم كأتباع عاديين. وما أكثر ما يتحمسون له أكثر من سواه؟ إنه الوقوف أمام الناس وتوجيه الأوامر إليهم، وتأنيبهم، وجعلهم يفعلون كما يقولون. إنهم لا يفكرون أبدًا بكيفية أداء واجبهم أداءً سليمًا، فضلًا عن أن يسعَوا إلى مبادئ الحق ليمارسوا الحق ويُرضوا الله أثناء أداء واجبهم. وعوضًا عن ذلك، يُجهدون عقولهم بحثًا عن طرق لتمييز أنفسهم، وجعل القادة يقدّرونهم ويُرَقّونهم لكي يتمكنوا هم أنفسهم من أن يصبح أحدهم قائدًا أو عاملًا، ويستطيع قيادة الآخرين. هذا ما يقضون اليوم كله يفكرون فيه ويتطلعون إليه. أضداد المسيح ليسوا على استعداد لأن يقودهم غيرُهم، ولا لأن يكونوا أتباعًا عاديين، فضلًا عن أن يؤدوا واجباتهم بهدوء ودون ضجيج. مهما تكن واجباتهم، إن لم يستطيعوا أن يتصدروا المشهد، وأن يكونوا أعلى من الآخرين، وأن يقودوا الآخرين، فسيجدون أداء واجباتهم أمرًا مملًا، بل ويصبحون سلبيين، وتبدأ همتهم في الفتور. ولولا ثناء الآخرين وإعجابهم لكان الأمر حتى أقل إثارةً لاهتمامهم، بل وتقل رغبتهم في أداء واجباتهم. أما إذا كانوا في الصدارة والمقدمة أثناء أداء واجباتهم، وكان لهم القول الفصل، فإنهم يشعرون بتعزيز موقفهم، ويتحملون أية مشقات. توجد لديهم دائمًا دوافع شخصية في أداء واجباتهم، ويريدون دومًا أن يميزوا أنفسهم عن غيرهم كوسيلة لإشباع حاجتهم إلى التفوّق على الآخرين، وإرضاء أهوائهم وطموحاتهم. وأثناء أدائهم لواجباتهم، علاوةً على قدرتهم التنافسية العالية – حيث ينافسون في كل ناحية ليَبرُزوا ويكونوا في القمة ويَعلوا على الآخرين – يفكرون دائمًا بكيفية الحفاظ على مكانتهم وسمعتهم ووجاهتهم" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء السابع)]. يكشف الله أنه مهما كان المكان الذي يقوم فيه أضداد المسيح بواجباتهم، فإنهم يقومون بذلك لإرضاء رغبتهم في المكانة. فإن كانوا من الشخصيات البارزة أو القادة بين الناس، وكانوا قادرين على التميز وكسب الإعجاب، فإنهم يكونون شديدي الحماسة في كل أفعالهم. أما إذا كانوا لا يستطيعون التميز ويفشلون دائمًا في إبراز أنفسهم، فإنهم لا يرغبون حتى في القيام بواجباتهم. وعندما قارنت آرائي عن السعي بهذا الفهم، أدركت أنها كانت مطابقة مع آراء أضداد المسيح. فحينما أُسند إليَّ القيام بواجبي في منطقة أخرى ورأيت أن الأختين اللتين تعاونت معهما كانتا أفضل مني في مستوى القدرات وقدرات العمل، شعرت بأنني غير كفء وعديم الفائدة بينهما، وبأن لا وجود لي. وهذا كثيرًا ما تسبب لي في أن أعيش في حالة من الحزن والكبت، وألّا أفكر في كيفية إتقان القيام بواجباتي، وكنت كثيرًا ما أتمنى الهروب من هذا الوضع. لم أتأمل في الطريق الخطأ الذي سلكته، بعد أن عُينت في واجبات أخرى، وحين رتب لي القادة القيام بواجباتي في منطقة أخرى مجددًا، وجدت أعذارًا للرفض لأنني شعرت بأنني لن أتمكن من التميز. ومع أن الإخوة والأخوات عقدوا معي شركة عدة مرات، وكنت أعلم أن عبء العمل في تلك المنطقة كان ثقيلًا وبحاجة ماسة إلى أناس أكثر للمساعدة، ظللت أتجاهل عمل الكنيسة. كان اهتمامي بالسمعة والمكانة طاغيًا. كنت أزعم دائمًا أنني أقوم بواجباتي إرضاءً لله وردًّا لمحبته، لكنني أدركت الآن أن تضحياتي وبذلي ومعاناتي كانت كلها من أجل السمعة والمكانة. لم أكن أقوم بواجباتي إطلاقًا، بل كنت أحاول استخدام الله وخداعه. لاحقًا، سألت نفسي: "لماذا أُولي هذه الأهمية الكبرى للسمعة والمكانة؟" كان السبب هو أن سمومًا شيطانية على غرار "من الأفضل أن تكون سمكة كبيرة في بركة صغيرة"، و "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها" قد ترسخت في قلبي وأصبحت أهدافي التي أسعى إليها وقواعد بقائي. كنت أومن أن العيش يعني التميز وكسب إعجاب الناس، وأن عيش هذه الحياة كان ذا معنى وقيمة. إذا لم أتمكن قط من التميز، أو كنت دائمًا موضع احتقار أينما ذهبت، فإنني كنت أشعر بأنني أعيش حياة تثير الشفقة. ومع أنني كنت أبدو وكأنني أقوم بواجباتي، كنت أركز في داخلي فحسب على كيفية إثبات ذاتي واكتساب السمعة والمكانة، وعندما كان عمل الكنيسة يحتاج إلى تعاوني، بحثت عن أعذار للرفض لأن رغباتي في نيل السمعة والمكانة لم تكن مُلبَّاة. عندما كنت أعيش بهذه السموم الشيطانية، أصبحت متكبرًا وأنانيًّا حقًّا، دون أي شبه من الإنسان، وانتهى بي الأمر إلى التمرد على الله ومقاومته دون وعي مني. خلال ذلك الوقت، تكرر رفضي لواجباتي، وكنت أشعر في كثير من الأحيان بالخوف والاضطراب، وشعرت كأنني على حافة الخطر. كان هذا الموقف تجاه واجباتي كفيلًا بأن يسيء إلى شخصية الله، وإن لم أتب إلى الله، فمن المؤكد أن الله سينحِّيني جانبًا ويستبعدني. شعرت بالخوف الشديد عندما أدركت ذلك، وتبيَّن لي أن رفضي لواجباتي كان مشكلة خطيرة. كان يملؤني الندم والشعور بالذنب، وكرهت نفسي لقدرتها على التمرد على الله بهذه الطريقة، مُخلِّفًا ورائي تعديات ووصمات. كنت مدينًا لله حقًّا بالكثير! إنَّ السعي وراء السمعة والمكانة هو طريق لا عودة منه يؤدي إلى الدمار، لذا أردت أن أغيِّر آرائي تجاه السعي.

لاحقًا، وجدت طريقًا للممارسة والدخول من خلال كلام الله. يقول الله القدير: "بما أنك تتمنى البقاء بسلام في بيت الله كعضو، فينبغي عليك أولًا أن تتعلم كيفية أن تكون كائنًا مخلوقًا جيدًا، وأن تُتمِّم واجباتك وفقًا لمكانك. سوف تصبح حينها في بيت الله كائنًا مخلوقًا يرقى إلى مستوى اسمه. الكائن المخلوق هو هويتك ولقبك الخارجيين، وينبغي أن يتسم بمظاهر محددة وجوهر محدد. لا يتعلق الأمر بمجرد الحصول على اللقب؛ ولكن بما أنك كائن مخلوق، ينبغي أن تُتمِّم واجبات الكائن المخلوق. بما أنك كائن مخلوق، ينبغي أن تُتمِّم مسؤوليات الكائن المخلوق. ما واجبات الكائن المخلوق ومسؤولياته إذًا؟ تحدد كلمة الله بوضوح واجبات الكائنات المخلوقة، والتزاماتها، ومسؤولياتها، أليس كذلك؟ من اليوم فصاعدًا، أنت عضو حقيقي في بيت الله، وذلك يعني أنك تقرّ بأنك أحد كائنات الله المخلوقة. بناءً عليه، ينبغي عليك، بدءًا من اليوم، إعادة صياغة خطط حياتك. ينبغي ألا تعود إلى السعي إلى التطلعات، والرغبات، والأهداف التي حددتها مسبقًا لحياتك، بل أن تتخلى عنها. بدلًا من ذلك، ينبغي عليك تغيير هويّتك ومنظورك في تخطيط الأهداف الحياتية والاتجاه الذي ينبغي أن يكون لدى الكائن المخلوق. أولًا وقبل كل شيء، ينبغي ألا تكون أهدافك واتجاهك أن تصبح قائدًا، أو أن تقود أو تتفوق في أي مجال عمل، أو أن تصبح شخصيةً مشهورةً تنفذ مهمةً معينةً أو تجيد مهارةً محددةً. ينبغي أن يكون هدفك هو قبول واجبك من الله، أي معرفة العمل الذي ينبغي أن تعمله الآن، في هذه اللحظة، وفهم الواجب الذي يجب عليك تأديته. عليك أن تسأل عما يطلبه الله منك وما الواجب الذي جرى ترتيبه لك في بيته. ينبغي أن تفهم المبادئ التي ينبغي فهمها وأن تتضح لك، وأن تتمسك بها، وتتبعها فيما يخص ذلك الواجب. إن لم تتمكن من تذكُّرها، فيمكنك كتابتها على الورق أو تسجيلها على حاسوبك. خصص الوقت لمراجعتها والتفكير فيها. ينبغي أن يكون هدف حياتك الأساسي، باعتبارك عضوًا من الكائنات المخلوقة، هو أن تُتمِّم واجبك ككائن مخلوق وأن تكون كائنًا مخلوقًا كفؤًا. هذا هو هدف الحياة الأكثر جوهرية الذي ينبغي أن يكون لديك. الأمر الثاني والأكثر تحديدًا هو كيفية إتمام واجبك ككائن مخلوق وأن تكون كائنًا مخلوقًا كفؤًا. بالطبع، ينبغي التخلي عن أي أهداف أو اتجاهات ترتبط بسمعتك، ومكانتك، وغرورك، ومستقبلك، وما إلى ذلك" [الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (7)]. من خلال كلام الله، فهمتُ أنني كائن مخلوق، وأنه ينبغي لي أن أسعى جاهدًا لأتمم واجباتي بصفتي كائنًا مخلوقًا. هذه هي مسؤوليتي. لا ينبغي لي أن أركز دائمًا على نظرة الآخرين لي، ولا أن أنافسهم حول من لديه مهارات أفضل. ما ينبغي لي أن أفعله هو أن أخضع، وأن أقوم بواجباتي وفقًا لمتطلبات ومبادئ بيت الله بطريقة واقعية، وأن أُكثر من الصلاة إلى الله عن الأشياء التي لا أفهمها، وأن أطلب الشركة مع الآخرين، وأن أبذل جهدًا في مبادئ الحق. هذه هي الطريقة الصحيحة للممارسة.

والآن وقد كنت أقوم بواجبي في منطقة أخرى، لا أزال أحيانًا أسيء الحكم على الأمور أو أخطئ في تقديرها عند تحليل المواد المتعلقة بإخراج الناس. عندما كان بالقرارات التي كتبتها عن الإخراج مشكلات، وقدَّم الجميع اقتراحات وتصحيحات، ظللت أشعر ببعض الانزعاج والقلق حيال نظرة الآخرين إليَّ. عندما ظهرت هذه المشاعر، أدركت أنني كنت مكبَّلًا ومقيدًا برغبتي في السمعة والمكانة مجددًا، فصليت إلى الله، مستعدًا لمواجهة أوجه قصوري على نحو صحيح، وقبول الاقتراحات الصحيحة، والقيام بواجباتي وفقًا للمبادئ. بعد شيء من الاختبار، أدركت أنه على الرغم من أنه لا يزال لديَّ العديد من أوجه القصور في واجباتي، فقد أحرزت تقدمًا في تمييز الناس والنظر إلى الناس وإلى الأشياء من خلال إرشاد إخوتي وأخواتي الشركاء وشركتهم ومساعدتهم. لقد أصبح اختياري للكلمات أيضًا أدق بكثير من ذي قبل. لقد ساعدتني هذه الأشياء حقًّا في تعويض الكثير من أوجه قصوري. ومع أنني لا أزال أقلق أحيانًا بشأن سمعتي ومكانتي، فإنني قادر على الصلاة إلى الله لأتمرد على ذاتي وألا أكون مقيدًا للغاية برغبتي في السمعة والمكانة. الشكر لله على تخليصي!

السابق: 91. وداعًا للشعور بالدونية

التالي: 99. بعد علمي باعتقال زميلي في العمل وخيانته لله تحت التعذيب

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

23. المعركة

بقلم تشانغ هوى – الصيناسمي تشانغ هوى، وقد آمنت أسرتي بأكملها بالرب يسوع في عام 1993. كنت ممَّن يسعون ويطلبون بحماس، لذلك سرعان ما أصبحت...

37. الله بجانبي

بقلم جوـ زي – الولايات المتحدةولدتُ لأسرة مسيحية، وعندما كان عمري عامًا واحدًا قبلت أمي العمل الجديد للرب يسوع العائد (الله القدير)، على...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب