64. التحرر من مستنقع الثراء وذيوع الصيت
حينما كنت صغيرة، كانت عائلتي فقيرة، وكثيرًا ما كان الناس ينظرون إلينا نظرة دونية. ففكرت: "عندما أكبر، يجب أن أجني الكثير من المال لكي ينظروا إليَّ باحترام كبير". تزوجت فيما بعد، لكن عائلة زوجي كانت فقيرة أيضًا. بحثت عن طرق لجني المال أينما استطعت ولم أفوِّت أي فرصة قط. جربنا قيادة سيارة أجرة وبيع الخضراوات، لكننا لم نجنِ الكثير من المال. ومع ذلك، لم أستسلم. رأيت ابنة عمي تجني مالًا وفيرًا من زراعة فطر المحار وبنت منزلًا جميلًا بسرعة فائقة. فقررت أن أتعلم منها زراعة الفطر. عملنا بكدٍّ من الخريف إلى الربيع، لكن حينما طُرِح فطرنا في السوق، كان هناك فائض في العرض، وتوافر في كل مكان. وانتهى بنا الأمر بعدم جني أي أموال. وذهبت جهودنا التي استغرقت نصف عام أدراج الرياح. أدت الساعات الطويلة من الانحناء أثناء قيامي بالعمل إلى انزلاق غضروفي. أنفقتُ الكثير من المال على البحث عن علاجات طبية في كل مكان، ما أدى إلى تدهور وضعنا المالي السيئ بالفعل. ومع ذلك، لم أستسلم. ذات يوم، شاهدت تقريرًا إخباريًّا عن مزرعة كبيرة لتربية الحمام تجني ملايين اليوانات سنويًّا. لمعت عيناي، "الملايين! لا توجد مزرعة لتربية الحمام في الجوار. إذا بدأت الآن، فقد أصبح رئيسة في غضون سنوات قليلة". فاستدنَّا قرضًا للبدء في تربية الحمام. أشعرتني رؤية الحمام وهو يتكاثر بالحيوية والحماس الكاملين. لكن في اللحظة التي كنا نستعد فيها لبيع الدفعة الأولى من الحمام، تفشت إنفلونزا الطيور، وخسرنا أكثر من 20000 ألف يوان. كان التفكير في خسارة المال بعد عام من العمل الشاق أشبه بسكين يشق قلبي. في الليل، وأنا مستلقية في الفراش، بكيتُ وسألت نفسي: "لمَ قدري قاسٍ هكذا؟ لماذا يصعب عليَّ كثيرًا جني المال بينما يبدو أن الآخرين يجنون المال بكل سهولة؟". أثَّر الضغط النفسي على صحتي. لم أستطع النوم أو تناول الطعام وكانت معدتي متوعكة. انخفض وزني إلى ما يزيد قليلًا عن أربعين كيلوغرامًا فقط وكنت أترنح في أثناء المشي. وبالرغم من ذلك، رفضت الاستسلام، وفكرت: "لديَّ عقل ويدان مثل الآخرين. لستُ أقل ذكاءً من أي شخص آخر. لا أصدق أنه لا يمكنني جني المال! عليَّ أن أحاول مجددًا!". سمعت لاحقًا أن بيع الشواء كان مربحًا. على الرغم من سوء حالتي الصحية، فقد انتقلت إلى مدينة أخرى لتعلُّم هذه الحرفة. وبعد عودتي إلى الديار، افتتحت مطعم شواء. ونظرًا للمنافسة الشرسة، لم يستمر العمل لفترة طويلة قبل أن أضطر إلى إغلاقه. لم أتمكن من فهم سبب نجاح الآخرين في العمل نفسه، وجنيهم لـ 3000 آلاف يوان في الليلة، في حين لم أتمكن من جني أي أموال. تذكرت أن والدتي كثيرًا ما كانت تقول لي إن لديَّ "طموحات كبيرة ولكن قدري هشٌّ". فكرت كيف كوَّنت أختي ثروة طائلة في غضون سنوات قليلة من عملها في مجال الخضروات وبنت منزلًا جميلًا، إضافة إلى ادخار مئات الآلاف من النقود، في حين كنت أكافح وأفشل لأكثر من عقد من الزمان. أكان هذا قدري حقًّا؟ كلما أمعنت التفكير في الأمر، ازداد شعوري بالضيق. وسقطت في حالة من اليأس، وشعرت بالعجز والمرض لأيام، ولم أكن أرغب في التحرك، وتمنيت لو كان بإمكاني النوم فحسب إلى الأبد وعدم الاستيقاظ مجددًا. كانت هذه الحياة شديدة الصعوبة. زوجي أيضًا أغرق أحزانه في شرب الكحول يوميًّا.
بعد ذلك، شرعنا في عملنا الخاص في مجال الإفطار. ولدهشتي، سار العمل على نحوٍ جيد للغاية. كنا نضطر إلى الاستيقاظ في الساعة الواحدة صباحًا كل يوم والعمل حتى الساعة العاشرة صباحًا قبل أن يتسنى لنا نحن تناول إفطارنا. أدى عملي وأنا جوعى على هذا النحو إلى تفاقم مشكلة معدتي، وأصبت بالارتجاع الحمضي ونقص السكر في الدم. أدى ذلك أيضًا إلى إصابة زوجي بداء الفقار الرَّقَبيَّة مما تسبب في تخدير ذراعيه وشعوره بالألم. نصحه الطبيب بأخذ إجازة لعدة أيام لتلقي العلاج بالحقن الوريدي. لكنه شعر أن توصيل المحلول الوريدي كل يوم كان مضيعة للوقت، وأنه سيكون من المؤسف للغاية أن يفوِِّت على نفسه دخلًا يوميًا قدره ألف يوان. اختار مسكنات الألم بدلًا من ذلك، وكان يخطط للبحث عن علاج مناسب عندما يخف ضغط العمل. تدهورت حالته مع مرور الوقت. كان يحتاج إلى تناول مسكنات الألم أكثر فأكثر، فانتقل من قرص واحد في كل مرة إلى قرصين أو ثلاثة. وعندما كان الألم يزداد سوءًا، كان يسبني، وأصبحت حالته المزاجية مهتاجة على نحو متزايد. تضاءل تواصلنا حتى لم يبقَ منه تقريبًا إلا الجدالات. تسبب الألم الجسدي وكبت عقلي وروحي في شعوري بالضياع. ماذا كان الهدف من كل هذا العمل الشاق؟ شعرت وكأنني آلة، أعمل من الصباح حتى الليل. كنت منهكة للغاية لدرجة أن خصري كان ملتهبًا وظهري كان يؤلمني. كنا نجني المال ولكن لم يكن لدينا وقت للاستمتاع به. كنا نقول إن المال سيجلب لنا السعادة، لكن لمَ كنت أشعر ببؤس أكبر رغم امتلاكنا للمال؟
بعد مرور عام، عدنا إلى قريتنا الأم لبناء منزل جديد. شعرت بإحساس بالإنجاز، وأنا أفكر في أننا تمكننا أخيرًا من العيش في منزل جميل، بعد أن كافحنا لمدة اثني عشر عامًا أو ما يزيد. أثنى جيراننا وأقرباؤنا وأصدقاؤنا على قدراتنا ونباهتنا، بل وبادروا بمساعدتنا في الحصول على المواد اللازمة للبناء. قدَّم لنا سكرتير فرع الحزب في القرية أيضًا مساعدة خاصة من خلال تأمين الموافقة على أعمال البناء الخاصة بنا. شعرتُ باختلاف مع وجود الكثير من المال، وبدا أن كل شيء يسير بسلاسة أكبر. لكن بعد ذلك، وفي الوقت الذي بدأت فيه الأمور تبشر بالخير بالنسبة لنا، حلَّت بنا مأساة. بعد أن هدمنا منزلنا القديم، اشتكى زوجي من ألم عنقه الشديد وقرر الذهاب إلى مستشفى القرية. بحلول الوقت الذي وصلت فيه، أخبرني الطبيب على وجه الاستعجال: "ها أنتِ هنا في الوقت المناسب! إنَّ زوجك في حالة حرجة!". توقف عقلي عن التفكير: "هذا مستحيل"، فكرتُ: "لقد كان زوجي دائمًا يتمتع بصحة جيدة وقلَّما أصيب حتى بنزلة برد منذ أن تزوجنا. كيف كان بالإمكان أن يموت الآن؟". هرعت إلى الجناح ورأيت زوجي مستلقيًا هناك. كانت بشرة وجهه داكنة وعيناه مغمضتان. أمسكتُ بيده وأجهشتُ بالبكاء وأنا أنادي باسمه، لكنه لم يستيقظ بعدها قط. أوضح الطبيب أن زوجي قد أصابته سكتة دماغية حادة، من المرجح أن تكون مرتبطة بحالة الفقرات العنقية التي كانت تضغط على أوعيته الدموية وبالتالي تعوق دورته الدموية. خلَّفت وفاة زوجي المفاجئة حالة من الذهول في نفسي. "كيف سأتدبر أنا المرأة الراعية لطفلين أمر معيشتي؟". فكرت: "كل ما أردته هو أن تتحسن أوضاع حياتنا وألا ينظر إلينا الناس نظرة دونية. بعد سنوات من العمل الشاق، وحين بدأت الأمور في التحسن، توفي زوجي فجأة. لمَ يبدو كل ما أرجوه بعيدًا جدًّا وليس في متناول يدي؟". انعزلت في غرفتي وأنا أبكي بشكل مستمر. تناوبت أخواتي على زيارتي بشكل يومي؛ لقلقهن من أنني قد أؤذي نفسي. لكنهن لم يستطعن تقديم سوى بضع كلمات معزية، والتي لم تكن قادرة تمامًا على تبديد الحزن في قلبي.
لاحقًا، أحضرت إحدى قريباتي أختًا لتشاركني الإنجيل. قرأت لي الأخت فقرة من كلمات الله: "يرحم القدير هؤلاء الناس الذين عانوا بشدة، وفي الوقت نفسه يشعر بالنفور من هؤلاء الناس الذين ليس لديهم أي وعي على الإطلاق، إذ اضطر إلى الانتظار طويلاً لتلقي رد من الناس. هو يريد أن يبحث، يبحث عن قلبك وروحك، ويقدم لك الماء والزاد، حتى تستيقظ ولا تعود ظمآن أو جائعًا. عندما تشعر بالإنهاك، وعندما تشعر بشيء من كآبة هذا العالم، لا تشعر بالضياع، ولا تبكِ، الله القدير، المراقب، سيعانق مجيئك في أي وقت. إنه بجوارك، يراقبك وينتظر عودتك إليه. إنه ينتظر اليوم الذي ستسترد فيه فجأةً ذاكرتك: عندما تدرك أنك أتيتَ من الله، وأنك في وقتٍ غير معروف، فقدت اتجاهك، وفي وقت غير معروف فقدتَ وعيك على الطريق، وفي وقتٍ غير معروف صار لك "أبٌ"، وعندما تدرك، إضافة إلى ذلك، أن القدير كان يراقب دائمًا، منتظرًا عودتك منذ وقتٍ طويلٍ جدًا. لقد كان يراقب بلهفة وشوق، منتظرًا ردًا دون جوابٍ. إن انتظاره ومراقبته لا يُقدَّران بثمن، وهما من أجل قلوب البشر وأرواحهم. ربما هذا الانتظار وهذه المراقبة غير محدديْ المدة، وربما قد بلغا نهايتهما. لكن ينبغي أن تعرف بالضبط أين يوجد قلبك وروحك الآن" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تنهدات القدير). بينما كنت أسمع "عندما تشعر بالإنهاك، وعندما تشعر بشيء من كآبة هذا العالم، لا تشعر بالضياع، ولا تبكِ، ... إنه بجوارك، يراقبك وينتظر عودتك إليه،" انهمرت الدموع على وجهي دون أن أدرك ذلك. تأملت في المصاعب التي قد تحملتها على مدار السنين، والعذاب المؤلم بدرجة لا توصف والذي مررت به. لقد توفي والداي، ورحل زوجي أيضًا. لمن كان بإمكاني التعبير عن ألمي الداخلي؟ من كان بإمكانه أن يفهم؟ لامس كلام الله قلبي، وشعرت بالدفء في داخلي. أردت بشدة أن أقول بصوت عالٍ كل الألم الذي قد تراكم في قلبي، لكنني لم أدرِ من أين أبدأ. ظللت أبكي فحسب. قالت الأخت: "أتفهَّمُ شعوركِ. ما نقوله لا يُمكنه سوى تعزيتكِ، لكن لا يمكننا علاج ألمكِ حقًّا. وحده الله هو القادر على علاج ألمنا". سألتُ: "من أين مصدر كل هذا الألم؟ أيستطيع الله أن يعالجه حقًّا؟". بعد ذلك قرأت لي الأخت فقرة من كلمات الله القدير: "ثمَّة سر عظيم في قلبك، سر لم تدركه قط، لأنك كنت تعيش في عالمٍ بلا نور. قلبك وروحك انتزعهما الشرير. عيناك أعتمهما الظلام؛ وأنت لا تستطيع أن ترى الشمس في السماء ولا نجمة الليل المتلألئة تلك. أذناك تسدهما الكلمات الخادعة، فلا تسمع صوت يهوه الراعد ولا صوت المياه المتدفقة من العرش. لقد فقدتَ كل شيء مستحق لك، كل شيء أنعم عليك به القدير. لقد دخلتَ إلى بحرٍ لا متناهٍ من المشقات، دون أي قوة تنقذك، ودون أي أمل في النجاة، وكل ما تفعله هو التصارع والاندفاع... منذ تلك اللحظة فصاعدًا، قُضِي عليك بالابتلاء من الشرير، بعيدًا عن بركات القدير، وبعيدًا عن إمدادات القدير، سائرًا في طريق لا عودة منه. مليون دعوة لا تكاد توقظ قلبك أو روحك. أنت تغط في نومٍ عميق بين يدي الشرير، الذي استدرجك إلى عالمٍ غير محدود، دون اتجاهات أو علامات طريق. منذ ذلك الحين، فقدتَ براءتك ونقاءك الأوليين وبدأت تحيد عن عناية القدير. داخل قلبك، يوجهك الشرير في كل الأمور، وقد أصبح هو حياتك. لم تعد تخافه أو تتجنبه أو ترتاب فيه، بل صِرت تعامله بوصفه هو الإله في قلبك. لقد بدأت تقدِّسه وتعبده، وصار كلاكما كجسد وظل لا يفترقان، متعهدان بأن تعيشا وتموتا معًا. ليست لديك أية فكرة عن المكان الذي أتيتَ منه، أو عن السبب في أنك وُلِدتَ، أو عن السبب في أنك ستموت. تنظر إلى القدير وكأنه غريب، لا تعرف أصوله، فضلًا عن أن تعرف كل ما فعله من أجلك" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تنهدات القدير). قدمت لي الأخت شركة: "لقد كشف الله عن السبب الجذري لمعاناة البشر. في بادئ الأمر، خلق الله البشر وقادهم للعيش في جنة عدن. كان الناس في ذلك الوقت يستمعون إلى الله، ويعيشون حيوات هانئة، ولم يختبروا هذه الآلام والمتاعب. ومع ذلك، بعد أن أغواهم الشيطان وأفسدهم، خان البشر الله، وحادوا عن رعايته وحمايته، فسقطوا تحت سلطة الشيطان. والآن يعيش الناس في الخطيئة، يخططون ويتآمرون ويتقاتلون ويلفقون التهم بعضهم إلى بعض، من أجل المال والمكانة والشهرة والمكاسب، بل إن البعض يفكر في الانتحار. كل هذه المعاناة تسبب فيها الشيطان. على مدار آلاف السنين، غرس الشيطان في البشر العديد من فلسفات التعاملات الدنيوية والعديد من المغالطات، مثل "المال يحكم العالم"، و"اصنع حياةً أفضل بيديك"، و "الإنسان يملك مصيره بيده". يفضِّل الناس تصديق هذا الكلام الشيطاني بدلًا من تصديق سيادة الله، ويعيشون ويسعون بناءً على قواعد الشيطان هذه للبقاء. بدون قيادة الله وإرشاده، ينساق الناس بشكل سلبي مع الاتجاهات الشريرة للمجتمع، ويلهثون بصعوبة وراء المال والمكانة والشهرة والمكاسب عامًا بعد عام، دون أن يفهموا معنى الحياة، أو من أين أتوا أو إلى أين هم ذاهبون. كل هذا يخلِّف لديهم شعورًا بالفراغ والكرب. بالرغم من أن البشر قد خانوا الله، فإنه لم يتخلَّ عن تخليص البشر. لقد دأب الله على قيادة البشر وتخليصهم طوال الستة آلاف عام التي كان يقوم فيها بعمله، منتظرًا عودة الناس إليه. لقد نزل الله القدير، المُخلِّص، في الأيام الأخيرة، إلى الأرض بشخصه، وعبَّر عن الحقائق ليُخلِّص البشر. فقط من خلال قبول الحقائق التي يعبِّر عنها الله يمكن للبشر أن يميزوا مخططات الشيطان ويهربوا من فساد الشيطان وعذابه". شعرت بتأثر عميق، بينما كنت أستمع إلى الأخوات. ألم يكن هذا هو وضعي بالتحديد؟ لقد كنت أعمل بلا كلل ليلًا ونهارًا، لأجني مالًا أكثر فحسب على أمل أن يكون بإمكاني يومًا ما أن أرتقي فوق البقية وأكسب احترام الناس، وقد انتهى بي الأمر منهكة ومريضة، ولا أزال أشعر بالفراغ والكرب بعد كل ذلك. لكنني لم أتساءل قط عما إذا كان العيش على هذا النحو خاطئًا أم لا. لأن الأمر كان كذلك على مدى أجيال، أليس كذلك؟ كيف كان بإمكاني أن أشكِّل استثناءً؟ الآن فقط فهمت أن كل هذه المعاناة إنما كان سببها فساد الشيطان وعذابه. لولا كشف الله القدير عن الصورة الحقيقية لإفساد الشيطان للبشر، لما أدركت أبدًا كل هذا، ولكان الشيطان قد استمر في تضليلي، ولكنت عانيت من الألم.
لاحقًا، قرأت المزيد من كلمات الله القدير: "نظرًا لأن الناس لا يعترفون بتنظيمات الله وسيادته، فإنهم دائمًا يواجهون القدر بالتحدّي وبموقف التمرّد، ويريدون دائمًا التخلّص من سلطان الله وسيادته والأشياء التي يُخبئها المصير آملين عبثًا في تغيير ظروفهم الحاليّة وتبديل مصيرهم. ولكنهم لا يمكن أن ينجحوا أبدًا، بل يُحبطون في كل جولة. هذا الصراع، الذي يحدث في أعماق نفس المرء، يسبب ألمًا عميقًا يتغلغل في عظام المرء، بينما يُبدّد المرء حياته طوال الوقت. ما سبب هذا الألم؟ هل هو بسبب سيادة الله أم لأن المرء وُلِدَ سيئ الحظ؟ من الواضح أن كلا السبيين غير صحيح. في الأصل، يكمن السبب في المسارات التي يسلكها الناس والطرق التي يختارون أن يعيشوا بها حياتهم. ... إذا كان الناس لا يستطيعون إدراك حقيقة أن الخالق له السيادة على مصير الإنسان وعلى جميع أمور البشر، وإذا لم يتمكّنوا من الخضوع حقًّا لسيادة الخالق، فعندئذٍ سوف يكون من الصعب عليهم ألا تدفعهم وتُقيّدهم الفكرة القائلة بأن "مصير المرء في يديه". سيكون من الصعب عليهم التخلّص من آلام صراعهم الشديد ضد المصير وسلطان الخالق، وغنيٌ عن القول، إنه سوف يكون من الصعب عليهم أن يصبحوا مُعتقين ومُحرّرين حقًّا وأن يصبحوا أشخاصًا يعبدون الله" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)]. بينما كنت أقرأ كلام الله، انهمرت الدموع على وجهي، وتوالت اختباراتي السابقة بوضوح في ذهني. لأتجنب أن يُنظَر إليَّ نظرة دونية، أجهدت عقلي وحاولت أن أجني المال باستيئاس، واعتقدت أنه من خلال المثابرة والعمل الجاد وحدهما، كان بإمكاني تغيير مصيري بيدي. لقد حافظت على عقلية التحدي في كل مرة كنت أفشل فيها، واعتقدت أنه إذا كان بإمكان الآخرين ممن لديهم عقل ويدين أن يصبحوا أثرياء، فأنا أيضًا يمكنني ذلك إذا حاولت جاهدة. ففي النهاية، كان لدي عقل ويدين، ولم أكن أقل ذكاءً منهم. اعتقدت أن إخفاقاتي السابقة كانت بسبب نقص الخبرة أو عدم تمكني من الحصول على الفرصة المناسبة. لقد تعاملت مع مغالطات مثل "على المرء أن يتحمل أعظم المصاعب لكي يصبح أعظم الرجال"، و "غيِّر مصيرك بيدك" بوصفها أقوالًا حكيمة، ومهما تعددت مرات فشلي، فقد كافحت بإصرار ضد قدري بعقلية لا تستسلم أبدًا، إيمانًا مني بأن العمل الشاق كان بإمكانه تغيير القدر، وكنت أسعى بإصرار لأصبح متفوقة على الآخرين. تسبَّب هذا في إصابتي بالعديد من الأمراض، بل وكلف زوجي حياته. كل هذا كان بسبب فساد الشيطان وعذابه! في الماضي، كثيرًا ما كنت ألقي باللائمة على القدر لكونه غير منصف بحقي. الآن فقط أدركت أن الله لم يعاملني بفظاظةٍ أو أن قدري كان سيئًا. بدلًا من ذلك، كان اختياري للطريق ونمط حياتي خاطئًا. لم أدرك سيادة الله ولم يكن بإمكاني الخضوع لتنظيماته وترتيباته. لقد أردت دائمًا تغيير وضعي الراهن ومصيري بيدي. لقد كافحت وعانيت لأكثر من عقد من الزمان من أجل المال والشهرة والمكاسب. الآن فقط أدركت أن كل هذه المعاناة قد نجمت عن كوني فاسدة ومعذَّبة من الشيطان، من جرَّاء جهلي بالحق. منذ تلك اللحظة فصاعدًا، ومتى ما كان لديَّ متسع من الوقت، كنت أقرأ كلام الله، وأحرص دائمًا على فهم حقائق أكثر.
ذات يوم، قرأت فقرة من كلمات الله: "في الواقع، بغضّ النظر عن سموّ مُثُل الإنسان العُليا، وبغضّ النظر عن مدى واقعيّة رغبات الإنسان أو مدى لياقتها، فإن كلّ ما يسعى إليه الإنسان يرتبط ارتباطًا وثيقًا بكلمتين. هاتان الكلمتان مُهمّتان للغاية بالنسبة لحياة كلّ شخصٍ، وهما متعلقتان بأمورٌ يعتزم الشيطان غرسها في الإنسان. ما هاتان الكلمتان؟ هما "الشهرة" و"الربح". يستخدم الشيطان نوعًا دقيقًا جدًّا من الطرق، وهي طريقةٌ تتوافق إلى حد كبير مع مفاهيم الناس؛ وهي ليست متطرفة على الإطلاق، ومن خلالها يجعلُ الناس يقبلون – دون وعي منهم – طريقة عيش الشيطان وقواعده للعيش ويُحدِّدون أهداف الحياة ووجهتهم في الحياة، وعند قيامهم بذلك تصبح لديهم أيضًا طموحات في الحياة دون دراية منهم. بغضّ النظر عن مدى سموّ هذه الطموحات الحياتية، فهي ترتبط ارتباطًا وثيقًا "بالشهرة" و"الربح". كل شيء يتبعه أيّ شخصٍ عظيم أو مشهور، أو جميع الناس في الحياة يتعلَّق بكلمتين فقط: "الشهرة" و"الربح". يعتقد الناس أنه بمُجرَّد حصولهم على الشهرة والربح يمكنهم حينها الاستفادة منهما للتمتع بالمكانة العالية والثروة الكبيرة والاستمتاع بالحياة، ويعتقدون أن الشهرة والربح هما نوع من رأس المال الذي يمكنهم الاستفادة منه للحصول على حياة قائمة على البحث عن اللذة والمتعة الجسدية المفرطة. يسلِّم الناس عن طيب خاطرٍ، وإن كان دون درايةٍ، أجسادهم وعقولهم وكلّ ما لديهم ومستقبلهم ومصائرهم إلى الشيطان لتحقيق الشهرة والربح اللذين يرغبون فيهما. يفعل الناس هذا فعلًا دون تردُّدٍ للحظةٍ واحدة ويجهلون دائمًا الحاجة إلى استعادة كلّ شيءٍ سلَّموه. هل يمكن للناس أن يتحكَّموا بأنفسهم بمُجرَّد أن يلجأوا إلى الشيطان بهذه الطريقة ويصبحوا مخلصين له بهذه الطريقة؟ لا بالتأكيد. فالشيطان يتحكَّم بهم تمامًا وبمعنى الكلمة. كما أنهم قد غرقوا تمامًا وبمعنى الكلمة في مستنقعٍ، وهم عاجزون عن تحرير أنفسهم" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (6)]. بالتأمل في كلام الله، أدركت أن المال والشهرة والمكاسب هي الطرق التي يفسد بها الشيطان الناس. يستخدم الشيطان التأثيرات المجتمعية والتنشئة العائلية ليغرس في نفسي العديد من المعتقدات الزائفة، ومنها على سبيل المثال "الإنسان يُكافح للصعود؛ والماء يتدفَّق للنزول"، "اسعَ إلى التميز والتفوق"، و "المال أولًا". وبسبب نشأتي فقيرة وتعرضي للتمييز العنصري فقد تبنّيت هذه الآراء بسهولة، واعتقدت أنه بالمال والشهرة والمكاسب، سيُقدرني الناس وأحظى بالاحترام، وسأكون قادرة على التحدث بثقة، وعيش حياة كريمة وذات قيمة. لأربح الشهرة والمكاسب، أجهدت عقلي في البحث عن فرص عمل، وعملت رغم إصابتي بالمرض، بل إنني تركت ابني البالغ من العمر عامًا واحدًا لأقطع آلاف الأميال لأتعلم إحدى المهارات. من أجل الشهرة والمكاسب، وعلى الرغم من انشغالي الشديد عن تناول الطعام، وإصابتي بالدوار والإعياء من الجوع، مما أضر بصحتي، لم أتردد قط في تقديم التضحيات. كان زوجي مُنقادًا بنفس الرغبات، ولم يتخلَّ عن العمل، مفضلًا تناول المسكنات على طلب العلاج الطبي. أصبح غنيًّا في النهاية لكنه فقد حياته. ألم تكن كل هذه المعاناة بسبب السعي وراء المال والشهرة والمكاسب؟ بدون فهم الحق وامتلاك التمييز، أسأت فهم الهرطقات والمغالطات التي يوظفها الشيطان لإفساد الإنسان بوصفها قوانين النجاة وأهداف الحياة. كنت حقًّا حمقاء وعمياء! بعد فهمي لهذا الأمر، قررت أن أكرِّس نفسي للإيمان بالله والسعي إلى الحق، بدلًا من اللهث وراء المال والشهرة والمكاسب كما كنت أفعل في السابق. أمضيت وقتًا أطول في قراءة كلام الله يوميًّا وشاركت بفاعلية في الشركات. بعد ثلاثة أشهر، باشرت واجبي في الكنيسة، ومارست سقاية المؤمنين الجدد.
لقد لاحظ أقربائي أنني قد توقفت عن إدارة عملي، وأعربوا عن قلقهم قائلين إنه مع وجود أطفال صغار ونفقات مستقبلية لا حصر لها، يجب أن أواصل عمل الإفطار. اتصل بي المالك أيضًا، قائلًا إن العديد من الناس استمتعوا بطعامنا وأعربوا عن أملهم في أن أعيد فتح المحل، وأنه وعائلته سيساعدونني إذا لم يكن بإمكاني القيام بذلك بمفردي. أثارت كلماتهم أفكاري: "هذا صحيح. فمع وجود طفلين في المدرسة، بالكاد يفي راتبي بتكاليف المعيشة الأساسية. وفي حال لم أجنِ مالًا أكثر، فسأظل أنا وأطفالي عُرضة للنظرات الدونية. قد يدرُّ عمل الإفطار آلاف اليوانات في اليوم. إنه لأمر صعب التخلي عن ذلك ربما كان بإمكاني توظيف شخص ما للمساعدة وإعادة استئناف العمل؟". بدأتُ في التخطيط والتفكير في هذا الخيار. لكنني كنت أعلم أن إعادة فتح عمل الإفطار سيتطلب مني جهدًا كبيرًا، الأمر الذي لا يتيح لي وقتًا كافيًا للقيام بواجباتي في الكنيسة. قد يكون من الجيد بالنسبة إليَّ أن أضمن انضمامي إلى الشركات. إنَّ إدارة عمل تجارية كانت دائمًا ما تستلزم اهتمامي. كان سيغدو من الصعب التركيز على قراءة كلام الله والسعي إلى الحق، وكانت حياتي الروحية ستتكبد خسائر بالتأكيد. شعرت بالتمزق والتضارب، ولم أتمكن من النوم في تلك الأيام. ذات يوم، قرأت بعضًا من كلمات الله: "لدى معظم الناس الرغبات التالية: أن يعملوا أقل ويكسبوا أكثر، وألا يكدحوا في الشمس والمطر، وأن يرتدوا أفضل الملابس، وأن يلمعوا ويضيئوا في كل مكانٍ، وأن يرتفعوا فوق الآخرين، وأن يجلبوا المجد لأسلافهم. يأمل الناس في تحقيق الكمال، ولكنهم عندما يتّخذون خطواتهم الأولى في رحلة حياتهم يُدرِكون تدريجيًّا كيف أن المصير البشريّ غير مثاليّ، ويستوعبون لأول مرةٍ حقيقة أنه رغم أن المرء يمكنه أن يضع خططًا جريئة لمستقبله وقد تراوده خيالاتٌ جريئة، إلا أنه لا أحد لديه القدرة أو القوّة على تحقيق أحلامه الخاصة، ولا أحد في وضعٍ يُمكّنه من التحكّم في مستقبله. سوف تكون هناك دائمًا مسافةٌ ما بين أحلام المرء والحقائق التي يتعيّن عليه أن يواجهها. فالأمور لا يمكن أبدًا أن تكون كما يرغب المرء، وفي مواجهة مثل هذه الحقائق، لا يستطيع الناس أبدًا الوصول للرضا أو القناعة. سوف يتمادى بعض الناس إلى أبعد مدى يمكن تخيّله، وسوف يبذلون جهودًا كبيرة ويبذلون تضحيات كبيرة من أجل معيشتهم ومستقبلهم في محاولة لتغيير مصيرهم. ولكن في النهاية، حتّى إذا استطاعوا تحقيق أحلامهم ورغباتهم عن طريق عملهم الشاقّ، فإنه لا يمكنهم أبدًا تغيير مصائرهم، ومهما حاولوا بإصرارٍ، فإنه لا يمكنهم أبدًا أن يتجاوزوا ما قدّره لهم المصير. بغضّ النظر عن الاختلافات في القدرة والذكاء وقوّة الإرادة، فالناس جميعهم متساوون أمام المصير، الذي لا يُميّز بين الكبار والصغار أو بين العظماء والأدنياء أو بين الأعزاء والحُقراء. المهنة التي يمتهنها المرء، وما يفعله لكسب قوته، ومقدار الثروة التي يجمعها في الحياة لا يُحدّدها والداه أو مواهبه أو جهوده أو طموحاته، ولكن الخالق سبق فحدّدها" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)]. "إذا كان لدى شخص ما موقف إيجابي تجاه سيادة الله على مصير الإنسان، فعندما يراجع رحلته، وعندما يختبر سيادة الله حقًا، سيرغب بصدق أكبر في الخضوع لكل ما رتبه الله، وسيكون لديه المزيد من التصميم والإيمان للسماح لله بترتيب قَدَرِهِ ولن يعود يتمرد على الله. هذا لأنهم يرون أنه عندما لا يعرف الناس ما هو القدر أو يفهموا سيادة الله، فإنهم يشقون طريقهم بجهد ويتعثرون في الضباب بناءً على إرادتهم الخاصة، وهذه الرحلة شاقة للغاية ومفجعة للغاية. لذلك عندما يدرك الناس أن الله له السيادة على قدر الإنسان، يختار الأذكياء أن يعرفوا سيادة الله ويقبلوها، ويودِّعوا الأيام المؤلمة التي "يحاولون فيها بناء حياة جيدة بأيديهم"، بدلاً من الاستمرار في الجهاد ضد القدر والسعي وراء ما يُسمى بأهدافهم في الحياة بطريقتهم الخاصة. عندما يكون الإنسان بدون الله، وعندما لا يستطيع رؤيته، وعندما لا يستطيع معرفة سيادة الله بوضوح، يصبح كل يوم بلا معنى، وبلا قيمة، ومؤلمًا بشكل لا يوصف. أيًا كان مكان وجود الشخص، وأيًا تكن وظيفته، فإن وسائل بقائه على قيد الحياة وأهدافه التي يسعى لتحقيقها لا تجلب له سوى انكسار قلب لا نهاية له وألم يصعب تجاوزه، لدرجة أنه لا يستطيع تحمل الالتفات إلى ماضيه" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)]. عند قراءة كلام الله، أجهشت بالبكاء. بالتأمل في الأيام المؤلمة التي كنت أجاهد فيها ضد القدر قبل أن أعرف الله، أدركت أن عذابي ناجم عن عدم اعترافي بسيادة الله ومقاومتي لقدري بشخصيات فاسدة. كان عذاب عدم تحقيق ما كنت أرغب فيه لا يزال ماثلًا في ذاكرتي. كان بإمكان الآخرين أن يجنوا الملايين من نفس العمل في حين انتهى بي الأمر صُفر اليدين، بل بخسائر فادحة. هذا يبين أن مقدار المال الذي يمكن للمرء أن يجنيه وسواء كان المرء غنيًّا أو فقيرًا هي أمور مقدَّرة سلفًا من الله. إنه ليس شيئًا يمكن تحقيقه بجهود المرء فحسب. في عالم اليوم، تشتد حدة الكوارث بشكل متزايد. إذا أعطيت الأولوية لجني المال والسعي وراء الشهرة والربح والمكانة، وتخليت عن فرصة السعي إلى الحق وكسب الخلاص، ألم أكن لأصبح حمقاء وجاهلة؟ حتى لو كان عمل الإفطار بإمكانه أن يجلب آلاف اليوانات يوميًّا، فإن الفراغ والمعاناة من البعد عن الله لا يمكن تعويضهما بالمال. قد لا أكون غنية في الوقت الحالي، لكن كان لا يزال بإمكاني أن أعيش حياة طبيعية. والأهم من ذلك، أنني قد فهمت بعض الحقائق وفهمت معنى الحياة. كان بإمكاني أيضًا أن أقوم بواجباتي في الكنيسة، وهو ما جلب لي السلام والفرح. وفي ظل هذا الإدراك، قررت التخلي عن العمل والتركيز على واجباتي. بعتُ أدوات المطبخ التي كانت موجودة في متجري بسعر زهيد للآخرين.
لاحقًا، قرأت المزيد من كلمات الله: "إذا كان الناس لا يستطيعون إدراك حقيقة أن الخالق له السيادة على مصير الإنسان وعلى جميع أمور البشر، وإذا لم يتمكّنوا من الخضوع حقًّا لسيادة الخالق، فعندئذٍ سوف يكون من الصعب عليهم ألا تدفعهم وتُقيّدهم الفكرة القائلة بأن "مصير المرء في يديه". سيكون من الصعب عليهم التخلّص من آلام صراعهم الشديد ضد المصير وسلطان الخالق، وغنيٌ عن القول، إنه سوف يكون من الصعب عليهم أن يصبحوا مُعتقين ومُحرّرين حقًّا وأن يصبحوا أشخاصًا يعبدون الله. ولكن توجد طريقة بسيطة للغاية لتحرير الذات من هذه الحالة؛ وهي توديع المرء طريقة عيشه السابقة وتوديع أهدافه السابقة في الحياة، وتلخيص وتشريح نمط حياته السابق ونظرته إلى الحياة، ومساعيه ورغباته ومثله العليا، ثم مقارنتها بإرادة الله ومطالبه للإنسان، ومعرفة ما إذا كان أيٌ منها يتّفق مع إرادة الله ومطالبه، وما إذا كان أيٌ منها يُنتِج القيم الصحيحة للحياة ويقود المرء إلى فهمٍ أكبر للحقّ ويسمح له بالعيش بإنسانية وبصورة إنسان. عندما تفحص مرارًا وتحلل بعنايةٍ الأهداف المختلفة التي يسعى إليها الناس في الحياة وطرق عيشهم التي لا تحصى، ستجد أنه ليس من بينها ما يناسب المقصد الأصليّ الذي أوجد الخالق به البشر. جميعها تجرّ الناس بعيدًا عن سيادة الخالق ورعايته؛ وجميعها أفخاخ تسبب إفساد الناس وتقودهم إلى الجحيم. بعد أن تعرف هذا، تكون مهمّتك هي أن تضع جانبًا وجهة نظرك القديمة عن الحياة وتبتعد عن الفخاخ المختلفة، وتسمح لله بأن يتولّى حياتك ويضع ترتيبات لك. وهي أيضًا أن تحاول فقط الخضوع لتنظيمات الله وإرشاده، وأن تعيش يبدون خيار فردي، وأن تصبح شخصًا يعبد الله" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)]. "أمّا أولئك الذين يسعون لمعرفة الله فهم قادرون على تنحية رغباتهم جانبًا وعلى استعدادٍ للخضوع لسيادة الله وترتيبه، ويحاولون أن يكونوا نوعية الناس الخاضعين لسلطان الله والذين يرضون مشيئة الله. هؤلاء الناس يعيشون في النور وفي ظلّ بركات الله، وسوف يكونون بالتأكيد موضع ثناء الله" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)]. "أنت مخلوق، وبالطبع عليك أن تعبد الله وأن تنشد حياة ذات معنى. أما إن لم تعبد الله، بل عشتَ في جسدك الدنس، أفلستَ إذًا مجرَّد حيوان في ثوب إنسان؟ بما أنك مخلوق أن تبذل نفسك من أجل الله وأن تتحمل كل ضيق. عليك أن تقبل بسرور وثقة الضيق القليل الذي تكابده اليوم، وأن تعيش حياة ذات معنى مثل أيوب وبطرس. في هذا العالم، يرتدي الإنسان ثوب الشيطان، ويأكل طعامًا من الشيطان، ويعمل ويخدم تحت إمرة الشيطان، ويتمرغ تمامًا في دنسه. إن لم تفهم معنى الحياة أو تجد الطريق الصحيح، فما معنى حياتك بهذه الطريقة؟ أنتم أناس يسعون نحو الطريق الصحيح، وينشدون التحسُّن. أنتم أناس تنهضون في أمة التنين العظيم الأحمر، ويدعوكم الله أبرارًا. أليس هذا أسمى معاني الحياة؟" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الممارسة (2)]. كشف لي كلام الله ما تعنيه المساعي ذات المعنى حقًا وذات القيمة في الحياة. الآن قد حالفني الحظ بأن أقابل عمل الخالق لتخليص الإنسان، وهي فرصة لا تعوض، وسماع صوت الخالق هو شيء يحلم به الكثيرون. فقررت ألا ألهث وراء المال والشهرة والمكاسب بعد الآن، بل أن أخضع لسيادة الله وأعيش بحسب متطلباته. فكرت في بطرس. عند سماعه دعوة الرب يسوع، ترك شباك صيده دون تردد ليتبعه، وفي النهاية عرف الله وخضع له وأَحَبَّه. أيوب أيضًا خسر كل شيء، لكنه ظل يسبح الله، وقدم شهادة جميلة لله أمام الشيطان، وفي النهاية بُورِكَ بظهور الله. لقد تخلى العديد من القديسين على مر التاريخ عن كل شيء، حتى عن حيواتهم، لينشروا إنجيل الله، وهي الطريقة ذات المعنى الأكبر والأكثر قيمة للعيش. مع وضع هذه الأمثلة في الاعتبار، علمت أنه يجب أن أقنع بالحصول على الملابس والطعام، وأن أكرِّس طاقة أكبر للسعي إلى الحق والقيام بواجباتي. إنَّ طلب معرفة الله هو الأمر الأكثر قيمة. بعد أن تخليت عن عملي تمامًا، فإلى جانب العمل والقيام بواجباتي، كنت أقضي ما تبقى من وقتي في قراءة كلام الله والترنُّم بالترانيم لتسبيح الله مع أبنائي. في كل يوم، كنت أشعر بالسلام والثبات، وكان الأمر ممتعًا. بعد بضعة أشهر، شُفيت من مرض معدتي الطويل الأمد، وعرفت أنها رحمة الله. أصبح أطفالي أكثر اعتمادًا على أنفسهم في دراستهم ونمط حياتهم اليومي. كانوا مطيعين وعقلاء بشكل خاص. شعرتُ باستنارة الله وإرشاده من خلال أكل وشرب كلام الله، والقيام بواجباتي. فهمت بعض الحقائق شيئًا فشيئًا. اكتسبت فهمًا أعمق لقدرة الله وسيادته، وكيف أفسد الشيطان الناس، وكيف خلَّص الله البشر. تعلَّمتُ أيضًا كيف ينبغي أن يعيش الناس وما المساعي ذات المعنى والقيمة حقًا. قلَّ الاضطراب في قلبي بشكل ملحوظ. إنني ممتنة بشدة لخلاص الله!