62. لقد اكتسبت أخيرًا قدرًا من الوعي الذاتي

ثمة شعاع من الضوء الدافئ أشعَّ في الاستوديو بعد ظهيرة أحد أيام الشتاء المتأخرة. كانت جيانغ نينغ ويي تشين وليو فاي تناقشن بنشاط مشروعهن الابتكاري التالي للرسم. على الرغم من أن هذا العمل كان في غاية الصعوبة، فقد كنَّ مفعمات بالإيمان، لا سيَّما جيانغ نينغ، التي كانت ترتسم على وجهها نظرة واثقة، وفكرتْ: "أمتلك أساسًا جيدًا في الرسم، واستيعابي للتكوين ونظرية الألوان جيد جدًّا أيضًا. إنني أيضًا ذكية ومتعلمة قوية وأستوعب الأشياء الجديدة بسرعة، وما دام لدي متسع من الوقت للدراسة والممارسة، فإنني واثقة من إتقان هذه المهارات وإبداع أعمال بهذا الأسلوب". بعد ذلك بدأ ثلاثتهن في البحث عن مواد مختلفة لدراستها، مع تبادل ما خلصن إليه بعضهن مع بعض. كانت مشرفتهن كثيرًا ما تأتي للدراسة معهن أيضًا. وبعد فترة، شعرت جيانغ نينغ أنها قد استوعبت هذا الأسلوب الجديد في الرسم. يي تشين وليو فاي أيضًا قالتا إن جيانغ نينغ كانت متعلمة قوية، وأن الأعمال التي كانت تنتجها جيدة، وأنه يتعين على جيانغ نينغ أن تشاركهما لاحقًا ما قد تعلمته واكتسبته في دراستها. ابتهجت جيانغ نينغ لسماع ثنائهما، وفكرتْ: "إن مهاراتي أقوى من مهارات شريكتيَّ، وكثيرًا ما يأتيني الإلهام حين أناقش أفكار الرسم معهما، وأؤدي دورًا قياديًّا في الفريق". كلما أمعنتْ في التفكير على هذا النحو، باتت مغرورة بنفسها أكثر، وبدون وعي، بدأتْ في القيام بواجبها بشعور من التفوق.

في صباح ذات يوم، كانت جيانغ نينغ ويي تشين وليو فاي يتناقشن حول تكوين إحدى اللوحات. بعد أن أبدت جيانغ نينغ رأيها، استمعت بعناية إلى آراء أختيها، لكن كلما أصغت أكثر، تعمَّق عبوس وجهها، وارتسمت على وجهها نظرة ازدراء. وفكرتْ قائلة: " إنني رسامة موهوبة أكثر منكما. حينما أدرس فنيات جديدة، فإنني أتعلمها أسرع منكما. أيضًا، لديَّ استيعاب أفضل للمبادئ. كيف كان ممكنًا أن أسيء تفسير التطبيقات العملية الآن؟ لمَ لا تستمع كلتاكما إلى آرائي فحسب؟". قبل أن تتمكن ليو فاي من إكمال كلامها، قاطعتها جيانغ نينغ بنفاد صبر وسألتها بحدة: "تقولين إن هناك شيئًا خاطئًا في اللوحة. أيمكنكِ أن تقولي ما هو بالتحديد؟ ما الشيء الناقص؟ كيف ينبغي تصحيحه؟ لا تكوني غامضة هكذا، فإنني لا أفهم ما ترمين إليه". بعد ذهولها للحظة من مقاطعة جيانغ نينغ لها، ردت ليو فاي بقلق قائلة: "في الوقت الراهن، ليست لديَّ سوى فكرة، لم أفكر في التفاصيل بعد؛" لم تنتظر جيانغ نينغ أن تكمل ليو فاي كلامها، وأعادت جيانغ نينغ بعجالة صياغة رأيها، منتظرة بنفاد صبر أن تتقبل ليو فاي وجهة نظرها. كانت يي تشين وليو فاي غير مرتاحتين بشكل واضح، وخيَّم الصمت على الغرفة. عند رؤيتها أن الأجواء أصبحت متوترة، شعرت جيانغ نينغ بالذنب بعض الشيء قائلة: "أكنتُ شديدة التعجرف والتكبر؟". لكنها فكرتْ بعد ذلك: "من الطبيعي أن تنشأ بعض الخلافات عند مناقشة القضايا"، ولم تتأمل في مشكلاتها. لاحقًا، علمت جيانغ نينغ من المشرفة أن وجهات نظرها كانت خاطئة، وأن العمل قد تأثر، لكنها مع ذلك لم تتأمل في ذاتها. كانت كثيرًا ما تتجادل مع أخواتها حول الأمور المتعلقة بواجباتهن، وكانت المشرفة تعقد معهن شركة حول التعاون المنسجم، وتقدم لجيانغ نينغ نصائح بشأن شخصيتها المتغطرسة، لكنها لم تأخذ أيًّا من ذلك على محمل الجد. شعرتْ أنه على الرغم من أنها كشفت عن شخصية متكبرة إلى حد ما، فقد كانت قادرة على أداء دورها في واجبها، ونظرًا لأن آراءها كانت عادةً صائبة، لم يكن الأمر جللًا إذا كانت متكبرة بعض الشيء. لذلك متى ما اختلفت مع أختيها، كانت جيانغ نينغ لا تتراجع أبدًا تقريبًا. كانت دائمًا ما تواصل إعادة التأكيد على آرائها المرة تلو الأخرى، في محاولة لإقناع أختيها بالاستماع إليها. كانت تتشبث في قلبها بفكرة واحدة: "كلتاكما مخطئتان، وما أقوله أنا هو وحده ما يتماشى مع المبادئ". وبسبب موقفها، لم تكن أختاها تعرفان كيف ينبغي عليهما تقديم الشركة. في بعض الأحيان عندما كانت ثلاثتهن يناقشن إحدى الصور معًا، كانت مناقشاتهن كثيرًا ما تقف عند منتصف الطريق، ما يؤدي إلى تراكم العمل أكثر فأكثر. وإزاء هذا الأمر، أدركت جيانغ نينغ أنها كانت تتصرف بتكبر شديد، وتصر دائمًا على وجهات نظرها الخاصة، وتؤخر تقدم العمل بشكل خطير. كانت ترى أنه يجب عليها ألا تعود هكذا. لكن عندما قدمت الأختان اقتراحات مجددًا، واصلت الإصرار على آرائها الخاصة، وأجرت تعديلات وفقًا لأفكارها الخاصة، وهو ما يعني أنه كان يتعين تمضية وقت أطول في مزيد من المناقشات لاحقًا، مما أخَّر التقدم. تأكَّد في النهاية أن اقتراحات الأختين كانت صائبة، وأن جيانغ نينغ كانت تلتزم باللوائح. وهكذا، كُنَّ يعملن دائمًا بشكل غير كفء، ولم يكن بالإمكان تحسين تقدم عملهن. ولأن جيانغ نينغ كانت متكبرة للغاية وعنيدة دائمًا وغير قادرة على قبول النصيحة، كانت رسوماتها في كثير من الأحيان ما تحتوي على الكثير من المشكلات وكان لا بد من إعادة العمل عليها. لفتت مشرفتهن الانتباه إلى مشكلات جيانغ نينغ على وجه التحديد، وأرشدتها إلى التأمل حول سبب وجود الكثير من المشكلات في العمل، وما إذا كان لذلك علاقة بشخصيتها المتكبرة. لكن جيانغ نينغ لم تستطع قبول ذلك فحسب، وفكرتْ: "من منا لا يرتكب أخطاءً في واجباته؟ إنَّ لديَّ فهمًا جيدًا للمبادئ والفنيات، وهذه الانحرافات لم تكن إلا هفوات لحظية. في المرة القادمة، سأبذل جهدًا أكبر في تحسين فنياتي وسأكون أكثر حرصًا، وبعد ذلك سأتجنب ارتكاب هذه الأخطاء". بلغ إلى مسامع شياو يي أن جيانغ نينغ كانت رسامة ماهرة، وكثيرًا ما كان يراسلها، طالبًا توجيهها بشأن رسوماته. شعرت جيانغ نينغ أن هذا كان حقًّا أدنى من مستواها، وفكرتْ: "العديد من رسوماتك ليست ذات قيمة كبيرة، فهل إرشادي ضروري حقًّا؟ أيضًا، ثمة الكثير من الرسومات المتأخرة في الوقت الراهن، فكيف من المفترض أن أجد متسعًا من الوقت لإرشادك؟". لذا نحَّتْ أسئلة شياو يي جانبًا، وعندما وصلتها الرسائل القليلة التالية منه، تظاهرت بأنها لم ترها. وفي النهاية توقف شياو يي عن السؤال.

في صباح ذات يوم، بينما كانت الأمطار تتساقط برذاذ خفيف في الخارج، رسمت جيانغ نينغ منظرًا طبيعيًّا وقد عبس وجهها. نظرت كل من يي تشين وليو فاي إحداهما إلى الأخرى، ووقفتا وجلستا بجانب جيانغ نينغ. قالت يي تشين بهدوء: "جيانغ نينغ، أيمكننا التحدث إليكِ؟". استغرقت جيانغ نينغ للحظات في التفكير، وبعدها أجابت دون اهتمام: "نعم، بالتأكيد". قالت يي تشين وهي ترسم تعبيرًا جادًّا بعض الشيء: "نشعر مؤخرًا في أثناء قيامنا بواجباتنا معًا، بأنكِ كنتِ متغطرسة للغاية، وأنكِ كنتِ تتصرفين بجفاءٍ، وحينما نناقش المشكلات، إذا تعارض رأيكِ، فإنك تميلين إلى إعادة طرح الأسئلة واستجواب الآخرين. لقد كان الوجود بقربكِ مقيِّدًا حقًّا". عند سماع يي تشين تقول هذا، اكفهرَّ وجه جيانغ نينغ، وترددت قبل أن تتكلم. لقد اعترفت بشخصيتها المتكبرة، لكنها في داخلها لم تكن راغبة في قبول ذلك. فكرتْ: "لقد كنت أحاول تغيير الأمور إلى الأفضل مؤخرًا. لا يمكن تغيير الشخصية المتكبرة بين عشية وضحاها. أمهليني فحسب بعض الوقت، حسنًا؟". كلما أمعنتْ التفكير في الأمر، زاد شعورها بالظلم. شعرتْ أن يي تشين وليو فاي رأيا أن فسادها شيء يمكن أن يحملاه ضدها وأن ملاحظاتهما كانت تستهدفها بوضوح، لكنها كانت تعلم أيضًا أنه يجب أن يكون لديها سبب وجيه يؤدي إلى أن تُهذَّب، فكبحت جماح نفسها وأجابت على مضض: "سآخذ ما قد قلتيه في الاعتبار". ولم تتفوه بأكثر من ذلك. كان القلق والتوتر واضحين في أعين يي تشين وليو فاي. لم يُظهر هطول الأمطار الخفيفة في الخارج أي بادرة على التوقف، وانتهى حديث الأخوات الموجز عند هذا الحد.

منذ ذلك الحين، توقفت جيانغ نينغ عن إبداء آرائها خلال المناقشات لتتجنب نعت أختيها لها بالمتكبرة. وعندما كانت الأختان الأخريان تطلبان منها إبداء آرائها، كانت تظل صامتة بعناد، مما جعل الأجواء محرجة للغاية. اتُخذت بعض القرارات المتعلقة بالرسومات على عُجالة دون مناقشة مستفيضة، مما أدى إلى إعادة العمل على الرسومات وتعديلها لاحقًا. شعرت كل من يي تشين وليو فاي بالتقييد الشديد من أختهما. بعد مضي أيام قلائل، جاءت مشرفتهن لمقابلتهن واكتشفت أن جيانغ نينغ ليس لديها معرفة ذاتية منذ فترة طويلة، وأنها كانت تتصرف بشكل غير معقول، إذ كانت تضع نفسها في مواجهة أختيها، وتعطل العمل وتعرقله. شرَّحت المشرفة سلوكها وأعفتها. بعد فترة وجيزة، علمت جيانغ نينغ أن الإخوة والأخوات قد أبلغوا عنها بسبب تقريعها للناس وبسبب أنها كانت تشعر الناس بالتقييد. إحدى الأخوات حتى قالت: "الآن وقد أًعفيت جيانغ نينغ، لن نضطر أخيرًا إلى أن نكون قريبين منها، ويمكننا أن نتنفس الصُّعَداء مرة أخرى!". عند سماع هذه الأشياء، شعرت جيانغ نينغ بألم يخترق قلبها، وحينها فقط أدركت مدى خطورة مشكلاتها. باتت تدرك أنها في أثناء قيامها بواجبها مؤخرًا، قد قيدت الآخرين وأضرت بهم. شعرتْ وكأنها إنسانة شريرة وملأها إحساس بكارثة وشيكة. فكرتْ: "لقد قُضي الأمر بالنسبة إليَّ هذه المرة، لقد ارتكبتُ شرًا عظيمًا في واجبي"، ولم تعرف كيف تتجاوز هذا الموقف. اغرورقت عيناها بالدموع، وصلَّت إلى الله قائلةً: "يا إلهي، لقد قيَّدتُ إخوتي وأخواتي وأضررت بهم بسبب شخصيتي المتكبرة، وقد عرقلتُ العمل. كل ما خلَّفته ورائي هو أعمال شريرة! إنني نادمة ندمًا عميقًا، ونادمة على عدم إدراكي لشخصيتي المتكبرة وعدم علاجها في وقتٍ أبكر. يا إلهي، لست أدري كيف أتجاوز ما أنا على وشك مواجهته. أرجو أن ترشدني".

أثناء تأملها الروحي، تذكرت جيانغ نينغ فقرة من كلمات الله كانت قد قرأتها في السابق: "العجرفة هي أساس شخصية الإنسان الفاسدة. وكلّما زادت عجرفة الناس، كانوا أقل عقلانيةً، وصاروا أكثر قابليةً لمقاومة الله. كم مدى خطورة هذه المشكلة؟ لا ينظر أصحاب الشخصية المتعجرفة إلى كل الآخرين بفوقية فحسب، بل أسوأ ما في الأمر هو أنّهم يتعالون حتّى على الله، وليس لديهم قلوب تتقي الله. وعلى الرغم من أن الناس قد يظهر أنّهم يؤمنون بالله ويتبعونه، فإنهم لا يعاملونه على أنه الله على الإطلاق. إنهم يشعرون أنّهم يملكون الحق، ويظنون أنفسهم رائعين. هذا جوهر الشخصية المتعجرفة وأساسها، وهي نابعة من الشيطان. بالتالي، يجب حل مشكلة العجرفة. شعور المرء بأنّه أفضل من الآخرين هو مسألة تافهة. المسألة الحاسمة هي أنّ شخصية المرء المتعجرفة تمنعه من الخضوع لله ولسيادته وترتيباته؛ يشعر مثل هذا الشخص دائمًا بالميل إلى منافسة الله على السلطة والسيطرة على الآخرين. هذا النوع من الأشخاص ليس لديه قلب يتقي الله على الإطلاق، فضلًا عن محبة الله أو الخضوع له. إن الأشخاص المُتكبِّرين والمغرورين، وخصوصًا أولئك المُتكبِّرين لدرجة أنهم فقدوا عقولهم، لا يمكنهم الخضوع لله في إيمانهم به، حتَّى إنهم يُمجِّدون أنفسهم ويشهدون لها. ومثل هؤلاء الناس يقاومون الله أكثر من غيرهم وليس لديهم مطلقًا قلوب تتقي الله" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). بعد قراءتها لكلمات الله، شعرت أن شخصيتها المتكبرة كانت خطيرة للغاية. مهما بلغ عدد الأخطاء أو الانحرافات التي قد ارتكبتها، لم تشعر قط أنها قد ارتكبت أي شيء خاطئ. كانت تفتقر إلى أي موقف لقبول الحق أو طلبه، وأصرت على أن الجميع مطالبون بالاستماع إليها وإطاعتها. عندما كانت تصطدم بآراء مختلفة، كانت تنتقد أختيها بغطرسة، وتقول إنهما مخطئتان بشأن هذا الشيء أو ذاك، وبعد ذلك تجبرهما على الاستماع إليها. في حال عدم وصولها إلى أهدافها، كانت تتهور وتستجوب أختيها بنبرة عدوانية. أحيانًا، كانت تقاطعهما قبل أن ينتهيا من الكلام، وتستخدم نبرة حازمة لدحض كلامهما، مما يشعرهما بأنهما مقيدتان بشدة. لكنها لم يكن لديها أي معرفة بالذات. لم تكن تشعر سوى أنها كانت متمسكة بآرائها أو تبدي فكرًا مستقلًّا. حتى حينما كانت تتجادل مع الآخرين، كانت تعتقد أنها كانت تأخذ المبادئ على محمل الجد فحسب، لا لأنها كانت تتصرف بعناد. عند التأمل في هذا الأمر، علمتْ أنها إذا أرادت حقًّا أن تأخذ المبادئ على محمل الجد، فإنها لم تكن لتتمسك بشدة بفكرة أنها كانت دائمًا على صواب. بدلًا من ذلك، كانت ستنحِّي آراءها الخاصة جانبًا، وتفكر فيما إذا كانت اقتراحات الآخرين تتوافق مع المبادئ وتفيد العمل. كان هذا سيصبح موقف طلب الحق وقبوله. ومع ذلك، فإنها لم تُنحِِّ قط آراءها الخاصة جانبًا، وعلى الرغم من أنها قد ناقشت المشكلات مع الأختين في الظاهر، كانت قد اتخذت قرارها بالفعل بأنها محقة. لقد كانت تفتقر إلى التواضع في الطلب طوال الوقت. كانت في غاية العناد. شعرتْ بالخزي الشديد. لقد كانت مليئة بالشخصيات الفاسدة، ولم تكن قد فهمت الحق، وقد افتقرت إلى المبادئ في تصرفاتها. ومع أنها كانت تفهم بعض الأمور الفنية، كان ينقصها الكثير، وكانت محدودة في تفكيرها. لقد اعتمدت فحسب على عقلها واختباراتها الخاصة، ما كان يعني أن الأمر لم يقتصر فحسب على القيام بواجبها بشكل سيئ، بل تسببت أيضًا في العديد من الانحرافات، وبذلك أضرت بالعمل. كان عليها أن تعمل بانسجام مع الآخرين حتى يكون بإمكانهم تعويض نواقص بعضهم بعضًا. إذا كانت لا تفهم مبدأ ما بوضوح أو لم تستطع التوصل إلى اتفاق، فعليها أن تطلب الإرشاد من المشرفة، بدلًا من إجبار الآخرين على قبول اقتراحاتها. ومع ذلك، فقد بالغت في تقديرها لنفسها وأن كل ما قالته كان صائبًا، كما لو كانت هي نفسها مصدر مبادئ الحق. لقد أدركتْ أخيرًا مدى غطرستها، وافتقارها إلى العقل الذي يجب أن يتحلى به أي شخص يتمتع بإنسانية طبيعية. لقد أدركت أن الاقتراحات التي طرحها الآخرون كانت في الواقع صائبة في كثير من الأحيان، وربما كان الروح القدس هو الذي ينيرها ويرشدها، ويمكن أن تساعدها على إدراك نواقصها وقصورها. ومع ذلك، فقد كانت غير مبالية تجاه اقتراحات أختيها ولم تعترف بشخصيتها الفاسدة. لقد أضرت حتى بمن حولها وعرقلت عمل الكنيسة. أدركتْ أن كل هذا كان عائدًا إلى طبيعتها المتكبرة وأن عيشها بهذه الشخصية المتغطرسة لم يتسبب فحسب في أن تنظر إلى الآخرين نظرة دونية، بل أيضًا إلى الحق وإلى الله. إذا لم تعالج هذه الشخصية المتكبرة، كان سيصعب عليها أن تقبل الحق، وتتمِّم واجبها، وأن تتخلى عن نفسها وتتعاون بانسجام مع الآخرين. شعرت جيانغ نينغ أخيرًا بمدى خطورة ترك هذه الشخصية المتكبرة دون تغيير!

لاحقًا، قرأت جيانغ نينغ كلمات الله: "ترتيب الأمر لك لتكون قائدًا هو مجرد رفعة لك ومنحك فرصة للممارسة، وليس لأنك تمتلك واقعًا أكثر من الآخرين أو لأنك أفضل من الآخرين. في الواقع، أنت مثل أي شخص آخر. لا أحد منكم يمتلك الواقع، وفي بعض النواحي، قد تكون أكثر فسادًا من الآخرين. فلماذا تتسبب في المتاعب على نحو غير معقول، وتلقي المحاضرات تعسفيًّا، وتوبِّخ الآخرين وتقيِّدهم؟ لماذا تُجبِر الآخرين على الاستماع إليك، حتى عندما تكون مخطئًا؟ ماذا يثبت هذا؟ هذا يثبت أنك في موقع خاطئ، وأنك لا تعمل من موقع إنسان، فأنت تعمل من موقع الله، ومن موقع فوق الآخرين. إذا كان ما تقوله صحيحًا ويتوافق مع الحق، يمكن للآخرين الاستماع إليك، فالأمر مقبول في هذه الحالة. ولكن عندما تكون مخطئًا، فلماذا تجبر الآخرين على الاستماع إليك؟ أأنت صاحب سلطان؟ أأنت الأسمى؟ أأنت الحق؟ ... إنهم يفعلون كلَّ ما يحلو لهم ويطلبون من الآخرين أن يفعلوا ما يقولون. ألا يضخِّمون أنفسهم؟ ألا يمجِّدون أنفسهم؟ أليسوا متغطرسين ومغرورين؟ إنهم يتبعون تفضيلاتهم الخاصة في واجبهم قدر الإمكان دون ممارسة الحق على أقل تقدير. لذلك، عندما يقودون الناس، لا يطلبون ممن يقودونهم ممارسة الحق، وبدلًا من ذلك، يطالبون الآخرين بأن يستمعوا إلى ما يقولونه، ويتبعوا طرقهم الخاصة. أليس بهذا يطلبون من الناس أن يعاملوهم مثل الله ويطيعوهم كما يطيعون الله؟ هل يمتلكون الحق؟ إنهم خالون من الحق، ومملوؤون من شخصية الشيطان، وهم شيطانيون. فلماذا لا يزالوا يطلبون من الناس طاعتهم؟ هل شخص مثل هذا لا يعظِّم نفسه؟ ألا يُعلِّي من ذاته؟ هل يمكن لأفراد مثل هؤلاء أن يأتوا بالناس أمام الله؟ هل يمكنهم جعل الناس يعبدون الله؟ إنهم يريدون أن يطيعهم الناس. عندما يعملون بهذه الطريقة، هل يقودون الناس حقًا إلى الدخول في وقائع الحق؟ هل يقومون حقًا بعمل ائتمنهم الله عليه؟ كلا، إنهم يحاولون إنشاء ملكوتهم الخاص. إنهم يريدون أن يكونوا الله، ويريدون من الناس أن يعاملوهم مثل الله، ويطيعوهم مثل الله. أليسوا أضداد المسيح؟ كانت طريقة أضداد المسيح كانت دائمًا هكذا مهما كان تأخير عمل الكنيسة، أو درجة إعاقتهم أو إيذائهم لدخول جميع مختاري الله الحياة، يجب على الجميع طاعتهم والاستماع إليهم. أليست هذه طبيعة الشياطين؟ أليست هذه شخصية الشيطان؟ أناس مثل هؤلاء هم شياطين حية في هيئة بشرية. قد يكون لديهم وجوه بشرية، لكن كل شيء بداخلهم شيطاني. كل ما يقولونه ويفعلونه شيطاني. لا شيء مما يفعلونه يتفق مع الحق، ولا شيء مما يفعلونه يفعله البشر العاقلون، لذا يمكن ألا يكون من شك في أن هذه هي أفعال الأبالسة والشيطان وأضداد المسيح. يجب أن تكونوا قادرين على تشريح هذا بوضوح. إذًا، عندما تتصرفون وتتكلمون وتتفاعلون مع الآخرين ‒ في كل ما تفعلونه في الحياة ‒ عليكم أن تحفظوا هذا المرسوم في قلوبكم: "يجب على الإنسان ألّا يعظم نفسه ولا أن يمجدها، بل ينبغي أن يعبد الله ويمجده". بهذه الطريقة تُوضع قيود على الناس، ولن يصلوا إلى حد الإساءة إلى شخصية الله. هذا المرسوم الإداري حاسم، وعليكم جميعًا أن تفكروا جيدًا في معنى هذا المرسوم الإداري، ولماذا يطلب الله هذا من البشر، وما الذي يقصد تحقيقه. ضعوا في اعتباركم هذا بعناية. لا تدعوه يمر عليكم مرور الكرام. سيكون هذا نافعًا لكم حقًا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. حول مراسيم الله الإدارية في عصر الملكوت). يكشف الله أن إجبار الآخرين دائمًا على الإصغاء إليك وإطاعتك، ومحاولة وضع الآخرين تحت سيطرتك هو تمجيد للذات، مما يعني أنك تسلك طريق ضد المسيح، وهو ما ينتهك المراسيم الإدارية ويسيء إلى شخصية الله. استعادت جيانغ نينغ في ذاكرتها ما قد كشفت عنه مؤخرًا؛ معتقدة على الدوام أنها تفهم الأمور الفنية وأنها تتمتع باستيعاب جيد للمبادئ، وأن آراءها واقتراحاتها هي الأصوب، وأن الآخرين كانوا دون مستواها. حينما كانت أختاها تطرحان وجهات نظر متباينة، لم تكن تعيرها أي اعتبار وكانت وتنحيها جانبًا، وتحاول بشكل مستمر إقناع الآخرين بالاستماع إليها. وإذا لم تتمكن من إقناعهم، كانت تعوِّل على اندفاعها في استجوابهم، ولا تكف عن ذلك إلا عندما يتخلون عن أفكارهم الخاصة. تذكرت جيانغ نينغ مطلب الله: "يجب على الإنسان ألّا يعظم نفسه ولا أن يمجدها، بل ينبغي أن يعبد الله ويمجده". مهما يكن المكان أو الواجب، لا بد أن نكرم الله بصفته عظيمًا، وأن نطلب مقاصده في كل شيء، وأن نطلب مبادئ الحق، ولا سيَّما عند نشوب خلافات، فمن الأهم أن ننحِّي أنفسنا جانبًا ونتبنى وجهة النظر التي تتوافق مع الحق أيًا كان صاحبها. هذا وحده هو سلوك الشخص ذي القلب الذي يتقي الله ويكرم الله بصفته عظيمًا. ومع ذلك، فقد كانت جيانغ نينغ تعيش بسموم الشيطان، حيث كانت مغرورة إلى أبعد الحدود، وكانت تعتبر نفسها هي الأعظم وآراءها بمثابة مبادئ الحق. متى ما سمعت باقتراحات مختلفة، مهما كان من طرحها أو ما إذا كانت تتوافق مع الحق، فإنها كانت تلقي بها جانبًا ما دامت تتعارض مع آرائها، وتحاول فحسب حمل الآخرين على إطاعتها. لقد تسببت عجرفتها في أن تفقد عقلها. فكرت جيانغ نينغ في الحزب الشيوعي الصيني، وكيف أنه مهما كان ما يفعله، لم يسمح قط لأي شخص بمعارضته، وأنه فور ظهور رأي مخالف، كان يستخدم شتى الوسائل لقمع ذلك الرأي. فكرتْ كيف أن الشخصية التي قد كشفتْ عنها في أفعالها كانت هي نفسها التي كشف عنها الحزب الشيوعي الصيني، وكان الخوف يملأها.

ذات يوم، قرأت جيانغ نينغ بعضًا من كلمات الله. لقد جعلتها كلمات الله تتعرف على شخصيتها المتكبرة بشكل أكثر وضوحًا. يقول الله القدير: "إن الشخصية التي تتسم بالغطرسة والبر الذاتي هي الشخصية الشيطانية الأكثر وضوحًا في الإنسان، وإذا لم يقبل الناس الحق، فلن يكون أمامهم أي طريقة لتطهيرها. الناس جميعًا يمتلكون شخصيات تتسم بالغطرسة والبر الذاتي، وهم دائمًا مغرورون. وبغض النظر عمَّا يظنونه، أو ما يقولونه، أو الكيفية التي يرون بها الأمور، فإنهم يعتقدون دائمًا أن وجهات نظرهم وتوجُّهاتهم الشخصية صحيحة، وأن ما يقوله الآخرون ليس جيدًا أو صحيحًا مثل ما يقولونه هم. دائمًا ما يتشبثون بآرائهم الشخصية، ومهما كان مَن يتحدث لن يستمعوا إليه. حتى إن كان ما يقوله شخص آخر صحيحًا، أو يتوافق مع الحق، لا يقبلونه؛ يبدو عليهم وكأنهم يستمعون فقط، لكنهم لا يتبنَّون الفكرة بحق، وعندما يحين وقت التصرف، يستمرون في فعل الأشياء بطريقتهم الخاصة، معتقدين دائمًا أن ما يقولونه صحيح ومعقول. من المحتمل أن ما تقوله هو حقًا صحيح ومعقول، أو أن ما فعلته صحيح ولا عيب فيه، ولكن ما نوع الشخصية التي أظهرتها؟ أليست شخصية تتسم بالغطرسة والبر الذاتي؟ إذا لم تتخلَّ عن الشخصية التي تتسم بالغطرسة والبر الذاتي، ألن تؤثر في أدائك لواجبك؟ ألن تؤثر في ممارستك للحق؟ إذا لم تَحلّ شخصيتك التي تتسم بالغطرسة والبر الذاتي، ألن تتسبب في أن تنتكس انتكاسات خطيرة في المستقبل؟ بالتأكيد سوف تواجه انتكاسات، وهذا أمر حتمي. قل لي، هل يستطيع الله أن يرى مثل هذا السلوك الذي يتبناه الإنسان؟ الله أقدر على رؤيته! فالله لا يفحص أعماق قلوب الناس فحسب، بل إنه يراقب أيضًا كل كلمة وكل عمل في كل مكان وزمان. ماذا سيقول الله عندما يرى سلوكك هذا؟ سيقول الله: "أنت عنيد! من المفهوم أنك قد تتشبث بأفكارك عندما لا تعرف أنك مخطئ، ولكن عندما تكون على علم بوضوح أنك مخطئ وتظل تتمسك بأفكارك، وتفضل الموت على أن تتوب، فأنت مجرد أحمق عنيد واقع في ورطة. إذا كنت، بغض النظر عمَّن يقدم اقتراحًا، تتبنى دائمًا موقفًا سلبيًا ومقاومًا تجاهه، ولا تقبل حتى القليل من الحق، وإذا كان قلبك مقاومًا ومنغلقًا ورافضًا تمامًا، فأنت سخيف للغاية؛ أنت شخص أحمق! ويصعب جدًا التعامل معك!" بأي كيفية يصعب التعامل معك؟ من الصعب التعامل معك لأن ما تُظهره ليس نهجًا خاطئًا، أو سلوكًا خاطئًا، ولكنه ما تفيض به شخصيتك. ما الشخصية التي تفيض بها؟ إنها شخصية تسأم الحق وتكرهه" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا ينعم المرء بعلاقة طبيعية مع الله إلا بالعيش في حضرته كثيرًا). "إذا كان موقفك هو الإصرار العنيد، وإنكار الحقّ، ورفض اقتراحات أيِّ شخصٍ آخر، وعدم طلب الحقّ، وعدم الثقة إلا بنفسك، وعدم فعل إلا ما تريد – إذا كان هذا هو موقفك بصرف النظر عمَّا يفعله الله أو يطلبه – فما ردّ فعل الله إذًا؟ الله لا يكترث بك ويضعك على الهامش. ألست عنيدًا؟ ألست مُتكبِّرًا؟ ألا تعتقد دائمًا بأنك على صوابٍ؟ إذا كنت خاليًا من الخضوع، ولم تسعَ قطّ، وكان قلبك مغلقًا تمامًا ومقاومًا لله، فإن الله لا يكترث بك. لماذا لا يكترث الله بك؟ لأنه إذا كان قلبك مغلقًا على الله، فهل يمكنك قبول استنارة الله؟ هل تشعر عندما يُوبِّخك الله؟ وعندما يكون الناس عنيدين، وعندما تنبثق طبيعتهم الشيطانيَّة والبهيمية، فإنهم لا يشعرون بأي شيءٍ يفعله الله ويكون هذا كلّه بلا جدوى؛ وهكذا فإن الله لا يعمل عملًا عديم الفائدة. إذا كان لديك هذا النوع من الموقف العدائيّ العنيد، فإن كلّ ما يفعله الله هو أن يبقى مخفيًّا عنك، فالله لن يعمل أشياء لا لزوم لها" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). بعد قراءة هذين الفقرتين من كلمات الله، أدركت جيانغ نينغ أنها كانت عنيدة للغاية وغير راغبة تمامًا في قبول اقتراحات الآخرين، وأنها قد كشفت عن شخصية شيطانية تنفر من الحق وتثير اشمئزاز الله وبغضه. الآن وقد فهمتْ أنه كان يتعين عليها أولًا أن تقبل اقتراحات أختيها المتباينة، ثم تطلب مبادئ الحق جنبًا إلى جنب معهما. ربما كان بإمكانها أن تكتشف عيوبها، وتقلل من الانحرافات في عملها، وربما في النهاية، قد تثبت صحة وجهات نظرها. ومع ذلك، كانت النقطة الأهم خلال هذه العملية هي الحفاظ على موقف قبول الحق، وهو أيضًا ما يقدِّره الله. بالإضافة إلى ذلك، فإن الوصول إلى توافقات في الآراء من خلال طلب المبادئ مفيد أيضًا للعمل. بدأت جيانغ نينغ تفهم أنه في كل مرة كان لأختيها وجهات نظر أو آراء مختلفة، كان هذا ينطوي على مقصد الله، وهو ما دفعها إلى طلب مبادئ الحق، وأنه حين كانت أختاها تبديان آراء متباينة كان ذلك لغرض المناقشة والطلب معًا، لتقليل الانحرافات قدر المستطاع، وأن هذا كان بغرض حماية عمل الكنيسة. لقد فهمت أن عليها أن تقبل هذه الأشياء وتطيعها. لكنها لم تأخذ تذكيرات أخواتها على محمل الجد قط، فحتى عندما كانت لديهما وجهات نظر متباينة، كانت تعتقد فحسب أنهما تفتقران إلى فهم المبادئ أو الفنيات، وكانت تجبرهما على قبول وجهة نظرها الخاصة. لم يجعل هذا أختيها تشعران بأنهما مقيدتان فحسب، بل قد أضر بالعمل بشكل كبير أيضًا. على الرغم من أنه بدا في ظاهر الأمر أن جيانغ نينغ لم تكن تقبل اقتراحات الآخرين وتجادلهم، فإنها في الواقع كانت تكشف عن شخصية النفور من الحق، وتُظهر عداءً ومقاومة تجاه الأشياء الإيجابية. لقد أدركت جيانغ نينغ أن الله كان يحتقر هذا الموقف تجاه الحق، وأنها لم تستطع أن تكسب عمل الروح القدس من خلال القيام بواجبها على هذا النحو، وأنه لم يكن بإمكانها حتى فهم حالتها الخاصة. لقد أصبحت، إلى حد ما، مخدَّرة. ولولا إعفاؤها، لما كانت قد استفاقت بعد، ولما كانت قادرة على طلب الحق وعلاج شخصيتها المتكبرة. بعد إدراكها لهذه الأشياء، كانت جيانغ نينغ مفعمة بالامتنان لله على تخليصه لها في الوقت المناسب.

تأملت جيانغ نينغ لاحقًا في سبب غطرستها الدائمة. ذات يوم، قرأتْ فقرة من كلمات الله: "مهما كنت متعلمًا، وبغض النظر عن الجوائز التي فزت بها، أو مقدار ما حققته، وبغض النظر عن مدى سمو مكانتك ومنزلتك، يجب أن تبدأ بالتخلي عن كل هذه الأشياء، وتنزل من برجك العاجي. في بيت الله، مهما كانت هذه الأشياء رائعة ومجيدة، لا يمكن أن تعلو على الحق؛ لأن هذه الأمور السطحية ليست الحق ولا يمكن أن تحل محله. لا بد أن تتحلى بفهم جلي لتلك القضية. إذا قلت: "أنا موهوب جدًّا، وحادُّ الذكاء للغاية، وردود أفعالي سريعة، وأنا سريع التعلُّم، وأتمتع بذاكرة جيدة للغاية، لذلك أنا مؤهل لاتخاذ القرار النهائي"، إذا كنت تستخدم دائمًا هذه الأشياء كرأس مال، ورأيتها ثمينة وإيجابية، فهذه مشكلة. إذا كان قلبك مشغولًا بهذه الأشياء، وإذا كانت قد ترسخت في قلبك، فسيكون من الصعب عليك قبول الحق؛ والتفكير في عواقب ذلك مُحزن. وبالتالي، يجب عليك أولًا أن تطرح عنك وتنكر تلك الأشياء التي تحبها، والتي تبدو لطيفة، والتي هي ثمينة بالنسبة لك. تلك الأشياء ليست الحق، بل بدلًا من ذلك، هي أشياء يمكنها منعك من دخول الحق" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ما هو الأداء المناسب للواجب؟). رأت جيانغ نينغ أن الله يقول إنه مهما بلغ عدد المواهب التي يمتلكها المرء، فهي ليست الحق ولا يمكن أن تحل محله. لا يمكن للشخص أن يقوم بواجباته بشكل صحيح إذا كان يعتمد فحسب على مواهبه ولا يطلب الحق. في حال عوَّل المرء أهمية مبالغ فيها على مواهبه، فإن هذا عادةً يمكن أن يعوق طلبه الحق وقبوله. لقد وجدت جيانغ نينغ أن مصدر مشكلاتها هو الأهمية المفرطة التي أولتها للذكاء والمواهب والمهارات الفنية. ففي كل مرة كانت تواجه فيها واجبًا جديدًا، كانت سرعان ما تستوعب الجوانب المهنية والفنية وتعتقد أنها أذكى وأفضل من الآخرين، ومن هذا استمدت إحساسها بالتفوق في واجبها. مثلما حدث حينما جربت هي وأختاها أسلوبًا جديدًا في الرسم؛ في بادئ الأمر، وجدن جميعًا صعوبة في ذلك، لكن جيانغ نينغ سرعان ما أتقنته ومضت في إبداع عدد من الأعمال، وهو ما غرس فيها شعورًا بالتفوق على أختيها، ودفعها إلى النظر إليهما نظرة دونية طوال فترة تعاونهما كما لو كانت آراؤهما واقتراحاتهما لا قيمة لها، مما جعلها غير راغبة تمامًا في التعاون معهما. هذا الفشل جعل جيانغ نينغ تدرك أن ذكاءها المتقد لم يكن بإمكانه إلا أن يساعدها على تعلم مهارة مهنية أو فنية بشكل أفضل وأسرع، لكن في بيت الله، كل واجب ينطوي على الحق والشهادة لله. إنَّ كون المرء قادرًا على القيام بواجبه بشكل جيد لا يعتمد على ما إذا كان لديه عقل متقد أو مواهب، ولا يعتمد على المهارات المهنية أو الفنية. الأمر الأساسي هو ما إذا كان الشخص قادرًا على طلب مبادئ الحق والتصرف بالتوافق مع مقاصد الله ومتطلباته. هذه الأشياء هي الأهم. استعادت جيانغ نينغ في ذاكرتها بداية تعلُّمها للمهارات الجديدة. كانت تعلم أنها لا تفهم سوى أقل القليل، لذلك كان لديها قلب متواضع وقلب كان يطلب. كانت قادرة على تقبل وجهات نظر الآخرين وتقصِّيها، وفي أثناء ذلك، كان بإمكانها أن تكتسب عمل الروح القدس، وكان واجبها قد اكتسب بعض النتائج. لكن فيما بعد، ظنًا منها أنها قد تعلمت كل شيء، أصبحت أكثر تكبُّرًا ونظرت للجميع نظرة دونية. أثار موقفها هذا اشمئزاز الله ولم يكن بمقدورها أن تربح عمل الروح القدس. كان لديها أيضًا العديد من الانحرافات في واجبها. أدركت أخيرًا أن قدرة الشخص على القيام بالواجب بشكل جيد لا علاقة له كثيرًا بذكائه ومواهبه، وأن المواهب ما هي إلا أداة للناس ليقوموا بواجباتهم. حتى لو لم يتمتع الشخص بأي مواهب، إذا كان بإمكانه التركيز على طلب الحق والعمل بتوافق مع الآخرين، فإن واجبه سيثمر عن بعض النتائج. لقد نظرت جيانغ نينغ دائمًا إلى الأختين اللتين قد عملت معهما نظرة دونية، لكنها رأت الآن أنه على الرغم من أنهما لا تتمتعان بمواهب عظيمة، فقد كانتا قادرتين على طلب مبادئ الحق بناءً على اقتراحات الآخرين. كان هذا الموقف من قبول الحق وطلبه أفضل بكثير من موقفها الخاص. أدركت أخيرًا بوضوح أنه من أجل أن تتمِّم واجبًا بشكل جيد، فإن أهم شيء هو طلب الحق وقبوله، وأن تمتلك قلبًا يتقي الله وأن تكون متجرِّدًا من العناد.

طلبت جيانغ نينغ أكثر عن الكيفية المحددة التي ينبغي أن تتعاون بها مع الآخرين في واجبها بانسجام. قرأتْ فقرةً من كلمات الله: "عندما يصيبكم شيء ما، يجب ألا تتسموا بالاعتداد بالبر الذاتي. عليكم أن تهدؤوا أمام الله وتتعلَّموا درسًا. يجب أن تكونوا قادرين على التخلِّي عن أنفسكم من أجل تعلُّم المزيد. إذا كنت تظن قائلًا: "أنا خبير في هذا أكثر منكم، لذلك يجب أن أكون أنا المسؤول عنه، وعليكم جميًعا أن تستمعوا إليّ!" – فأي شخصية تلك؟ إنها غطرسةٌ واعتداد بالبرٌ الذاتي. إنها شخصية شيطانية فاسدة وليست شيئًا من العالم البشري العادي. ... ما هي إذًا الطريقة الصحيحة للتصرُّف والسلوك؟ كيف يمكنك أن تتصرَّف وتسلك وفقًا لمبادئ الحق؟ عليك طرح أفكارك علانية والسماح للجميع بمعرفة ما إذا كانت تنطوي على أي مشكلات. إذا اقترح شخص ما اقتراحًا، فعليك أولًا قبوله، ثم السماح للجميع بتأكيد المسار الصحيح للممارسة. إذا لم يكن لدى أي شخص أي مشكلة مع الاقتراح، فيمكنك عندئذٍ تحديد الطريقة الأنسب للقيام بالأشياء والتصرُّف وفقًا لتلك الطريقة. إذا اكتُشفت مشكلة، فعليك أن تلتمس آراء الجميع، وعليكم جميعًا أن تطلبوا الحق وتعقدوا شركة معًا حيال المشكلة، وبهذه الطريقة، ستنالون استنارة الروح القدس. عندما تُضاء قلوبكم، وتتخذون مسارًا أفضل، فإن النتائج التي تحققونها ستكون أفضل من ذي قبل. أليس هذا إرشاد الله؟ إنه شيء رائع! إذا استطعت تجنُّب أن تكون بارًا في عيني نفسك، وإذا كان بإمكانك التخلِّي عن تصوراتك وأفكارك، وإذا كان بإمكانك الاستماع إلى آراء الآخرين الصحيحة، فستتمكن من الحصول على استنارة الروح القدس. سيُضاء قلبك وستكون قادرًا على إيجاد المسار الصحيح. سيكون لديك طريق للمضي قدمًا، وعندما تمارس ذلك، ستكون ممارستك بالتأكيد متوافقة مع الحق. عن طريق مثل هذه الممارسة وهذه الخبرة، ستتعلَّم كيفية ممارسة الحق، وفي الوقت نفسه ستتعلَّم شيئًا جديدًا عن مجال العمل هذا. أليس هذا شيئًا جيدًا؟ ستدرك بهذا أنه عندما تحدث لك أشياء، يجب ألا تكون بارًا في عيني نفسك ويجب أن تطلب الحق، أمَّا إذا كنت بارًا في عيني نفسك ولا تقبل الحق، فسيكرهك الجميع وسيشمئز منك الله بالتأكيد. أليس هذا درسًا مستفادًا؟ إذا كنت تسعى دائمًا بهذه الطريقة وتمارس الحق، فستستمر في صقل المهارات المهنية التي تستخدمها في واجبك، وستحصل على نتائج أفضل باستمرار في واجبك، وسينيرك الله ويباركك، ويسمح لك باكتساب المزيد. بالإضافة إلى ذلك، سيكون لديك مسار لممارسة الحق، وعندما تعرف كيفية ممارسة الحق، ستدرك المبادئ تدريجيًا. عندما تعرف أي التصرفات ستؤدي إلى استنارة الله وإرشاده، وأيها ستؤدي إلى كراهيته ونبذه، وأيها ستؤدي إلى استحسانه وبركاته، سيكون أمامك طريقًا للمضي قدمًا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا ينعم المرء بعلاقة طبيعية مع الله إلا بالعيش في حضرته كثيرًا). من كلمات الله، بدأت تفهم مبادئ التعاون المنسجم. في حال طرح الآخرون اقتراحات متباينة في واجب المرء، فلا يهم ما إذا كانوا يفهمون الأمور المهنية أم لا، لا بد أن يكون للمرء موقف قبول الحق وطلبه، وأن يبدأ بقبول اقتراحاتهم دون اتباعها بشكل أعمى، وبعد ذلك يجب أن يتفحص المرء ما تنص عليه المبادئ ويستخدم مبادئ الحق ليقرر المسار. لاحقًا، كانت جيانغ نينغ محظوظة بما يكفي لتعود إلى واجبها في التصميم. كانت في غاية الامتنان لله وأرادت أن تعمل في انسجام مع الآخرين هذه المرة.

ذات يوم، فحصت شياو يو رسمها ولفتت انتباهها إلى العديد من المشكلات في التكوين. عند سماعها لذلك، شعرت جيانغ نينغ أن أختها لم تفهم نواياها، وقد استرشدت أيضًا ببعض الأعمال الجيدة، فينبغي أن يكون تكوينها مناسبًا. كلما أمعنتْ التفكير بشأن هذا الأمر، زاد شعورها بأن شياو يو كانت شديدة الانتقائية وشديدة الوعي باللوائح، فأعادت تأكيد فكرتها مجددًا. لكن بعد أن قالت ذلك، قالت شياو يو: "أتفهَّمُ فكرتكِ، لكن في اعتقادي حقًّا أن هناك بعض المشكلات في هذا التكوين، يمكنكِ الأخذ بعين الاعتبار فيما إذا كان هناك حل أكثر ملاءمة". عند سماع شياو يو تقول هذا، أدركت جيانغ نينغ فجأة أنها كانت تؤكد على وجهة نظرها المرة تلو الأخرى فقط لتثبت لأختها أنها محقة. لم تفكر بجدية في اقتراح أختها وظنت فحسب أنها كانت على صواب. ألم تكن لا تزال تتصرف بعناد فحسب ولا تقبل اقتراحات الآخرين إطلاقًا؟ شعرت جيانغ نينغ بشيء من الندم وأدركت أنها كانت تكشف عن شخصية فاسدة مجددًا. فكَّرتْ في مبدأ الممارسة المتمثل في أنه عندما تواجهها آراء متباينة يجب عليها في بادئ الأمر أن تنحِّي نفسها جانبًا، وأن تفكر بعناية فيما إذا كانت آراء الآخرين صائبة، وما إذا كانت تتوافق مع المبادئ. عندما هدأت لتفكر في الأشياء، وجدت أنه كانت توجد لديها بالفعل بعض المشكلات في التكوين. بعد ذلك، استشارت جيانغ نينغ مشرفتها حول الأجزاء التي لم تكن متيقنة منها، وقدمت مشرفتها الشركة معها حول المبادئ ذات الصلة، واكتسبت طريقًا أوضح لتؤدي من خلاله مراجعاتها. بعد ذلك، شعرت بسعادة بالغة. كان من الجيد أنها لم تكن عنيدة هذه المرة، لأن ذلك كان سيتسبب في حدوث انحرافات. هذا ما جعلها تدرك مدى أهمية موقف قبول الحق في أداء المرء لواجبه، وأنه مهما يكن شعور المرء بأنه صائب أو مهما يكن شعوره باليقين، فعندما يبدي الآخرون آراءً مختلفة، يجب على المرء في البداية أن يُنحِّي آراءه الخاصة جانبًا، وأن يفكر في الأشياء ويطلب. هذا لأنه من المرجح جدًّا أن الله يستخدم الآخرين لإرشاد المرء للكشف عن مشكلاته. وجدت جيانغ نينغ أن موقف قبول الحق يمكن أن يساعد المرء على تجنب الكثير من الانحرافات. وبمضيها قدمًا في واجبها، قبلت جيانغ نينغ بوعي اقتراحات الآخرين، وشعرت أنها اكتسبت الكثير، وأنها كانت قادرة على التعاون بانسجام مع إخوتها وأخواتها. كان قلبها مليئًا بالامتنان لله!

السابق: 59. الترعرع في غمرة العاصفة

التالي: 64. التحرر من مستنقع الثراء وذيوع الصيت

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

16. كلمة الله قوّتي

بقلم جينغنيان – كندالقد اتبعت إيمان أسرتي بالرَّب منذ طفولتي، وكنت كثيرًا ما أقرأ في الكتاب المقدَّس وأحضر الخدمات. شاركت إنجيل الرَّب يسوع...

5. قلبٌ تائهٌ يَعود

بقلم نوفو – الفلبّيناسمي نوفو، وأنا من الفلبّين. اتَّبعتُ أمّي في إيمانها بالله منذُ أن كنتُ صغيرًا، وكنتُ أستمِعُ للصّلوات في الكنيسة مع...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب