38. لماذا لم أستطع قبول واجبي بهدوء
في نهاية آذار 2023 طلب منّي القادة الإشراف على عمل تطهير الكنيسة شعرت بكثير من الضغط حين أخبروني بذلك، وفكّرت "لديّ فهم سطحيّ للحقيقة وأفتقر للتمييز. إن لم أستطع القيام بالعمل الفعليّ، قد ينتهي الأمر بفصلي قريباً سيكون ذلك محرجاً للغاية كوني عضوةً فريق تحمل مسؤوليات أقل وبوجود مشرفة تراجع الأمور، فإنّ احتمالات ارتكاب الأخطاء أقلّ إن أصبحت مشرفةً، سيكون حجم العمل أكبر، وحالما أرتكب خطأً، قد يؤخّر ذلك العمل أو، الأسوأ من ذلك، قد يؤدّي هذا إلى اتهامات وعقوبات ظالمة. سيكون ذلك تجاوزاً خطيراً! الغاية من أداء الواجب هي أن يكون تهيئةً للأعمال الصالحة لكن إن تجاوزت كثيراً، حينها سأكون قد أفلتُّ بعقاب بسيط بفصلي وتعرّضت للإحراج، وفي أسوأ الحالات قد يتم طردي من الكنيسة. هل سأظلّ أحصل على نتيجة ووجهة جيدتين حينها؟" بوضع ذلك في الاعتبار، قدّمت أعذاراً لرفض الدور بقولي أن مسيرة حياتي كانت سطحيّة، وأنّي لم أكن مهيّأة لهذا الواجب. لمَ يقل القائد الكثير لكنّه طلب منّي مواصلة البحث. في الأيام التالية، شعرت بثقل كلّما تذكّرت كلمات القائد. وصدف أنّي خلال تلك الفترة، واجهت مشكلةً في تقدير سلوك أحدهم. نظرت فقط للعواقب الوخيمة لأفعالها الشرّيرة وصنّفتها كشخصٍ شرّير دون التمعّن في حقيقة طبيعتها أو سلوكها المعتاد. لاحقاً فقط أدركت أنّه رغم ارتكاب تلك الشخصية لبعض الأفعال الشرّيرة، فإنّها لم تكن هي نفسها شرّيرة. أشعرتني تلك الحادثة بثقل أكبر. ذلك الخطأ الذي ارتكبته قد تسبّب بالأذى لأحدهم وأفسدت عمل التطهير. كنت أفتقر حقاً للتمييز. إن أصبحت مشرفةً وارتكبت الاخطاء ثانيةً، هل سينتهي بي المطاف بمزيد من التجاوز؟ ثم فكّرت في الأخت "لين فانغ"، المشرفة التي فُصلت للتوّ لعدم قيامهما بعمل فعليّ وأخفاقها بالإشراف على العمل وتنظيمه. إن المشرفتين اللتين سبقتاها انتهى بهما المطاف بالطرد من الكنيسة لارتكابهما الكثير من الأفعال الشرّيرة. أشعرني ذلك أن الإشراف أمر بالغ الخطورة، وأنّي إن لم أقم بالعمل على أكمل وجه، سينتهي بي المطاف بالطرد أو بالإقصاء قريباً. شعرت أن من الآمن أن أكون عضوةً في فريق وحسب. لكن الرفض المباشر لذلك الواجب لم يكن أيضاً عملاً لائقاً، لذا شعرت بالصراع. خلال الأيام التالية، بقيت أفكّر بتلك الأمور، وشعرت أنّي تحت ضغط كبير، وتأثّر حالي. دعوت الله وسألته أن يهديني.
خلال إحدى عباداتي، قرأت مقالاً عن شهادة اختبارية، عن شخصٍ ظلّ يختلق الأعذار ويرفض الواجبات لأنّه كان يفكّر في كبريائه ومصالحه، لكنّه أدرك لاحقاً أن الواجبات تأتي من سيادة الله وتدابيره، وأنّ الله يراقب موقفه حيال واجباته، وكان عليه أن يخضع أوّلاً. كان عليّ أنا ايضاً أن أصل لحقيقة الخضوع لله أولاً. لذا، بحثت عن نصّ من كلام الله. وقرأت كلمات الله التي تقول: "عندما فعل نوح ما أمره الله أن يفعله، لم يكن يعرف مقاصد الله، ولم يكن يعرف ما أراد الله إنجازه. لقد أعطاه الله وصية فحسب، وأمره أن يفعل شيئًا، ولكن بدون الكثير من الشرح، مضى نوح قدمًا وفعله. لم يحاول تفسير مقاصد الله سرًا، ولم يقاوم الله أو يُظهر نفاقًا. ذهب فقط وفعل الأمر وفقًا لذلك بقلب بسيط ونقي. مهما كان ما أمره الله أن يفعله قد فعله، وكان الخضوع لكلمة الله والإنصات لها يمثلان أساس إيمانه بما فعله. هكذا كان يتعامل مع ما ائتمنه الله عليه تعاملاً مباشرًا وبسيطًا. جوهره، أي جوهر تصرفاته، كان الخضوع، وليس الترقب أو المقاومة أو التفكير في مصالحه الشخصية أو مكاسبه وخسائره. بالإضافة إلى ذلك، حين قال الله إنه سيدمر العالم بالطوفان، لم يسأل متى أو عما سيحلّ بالأشياء، ومن المؤكد أنه لم يسأل الله كيف كان سيدمر العالم. لقد فعل ببساطة كما أمره الله. وكيفما أراد الله للفلك أن يُبنى وبأي مواد يُبنى، فقد فعل بالضبط مثلما طلب الله منه، بل وبدأ العمل في الحال. تصرف وفقًا لتعليمات الله بسلوك شخص يريد أن يرضي الله" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (1)]. من قرائتي لكلمات الله، أدركت أن القدرة على الخضوع في أي موقف هي ما يطلبه الله من الناس وأنّ هذا هو العقل الذي يجب أن تتحلّى به المخلوقات. رأيت أن "نوح" كان نقيّ القلب في سعيه لمشيئة الله. لقد أطاع وخضع وحسب. لم يأبه بالصعاب التي قد يواجهها لصنع الفُلك، أو المسؤوليات التي قد يكون عليه تحمّلها لو لم يصنعه بشكل جيّد. لقد أراد فقط أن يلبّي مشيئة الله، بأن يصنع الفلك كما أمر الله بأسرع ما يمكن، كي تتحقّق مشيئة الله. لكن حين أوكل إليّ واجب، كانت أفكاري في غاية الاضطراب، وبقيت أفكّر في مصاعبي ومستقبلي ووجهتي. ظننتُ أن كوني مشرفةً محفوف بالمخاطر وقد يدفعني لارتكاب التجاوزات، وأنّي إذا ارتكبت الكثير من التجاوزات، فلن تكون عاقبتي جيدة. حين راودتني تلك الأفكار، اكتشفت أنّي لن لم أستطع الخضوع مطلقاً، واستمررت باختلاق الأعذار للتهرّب من ذلك الواجب. بالتفكير بذلك، شعرت بالخزي حقاً. لقد آمنت بالله لسنوات عديدة لكنّي ما زلت أفتقر للخضوع الأساسي لم تكن لديّ أي وقائع حقّ على الإطلاق. ولم أستطع المضيّ هكذا. رغم أنه كانت لديّ صعوبات ومخاوف، كان عليّ أولاً الخضوع وقبول ذلك الواجب.
لاحقاً، قرأت نصّاً آخراً من كلمات الله واكتسبت بعض الفهم لحالتي. يقول الله: "بالنظر إلى موقف أضداد المسيح تجاه الله، وتجاه البيئات، والناس، والأحداث، والأشياء التي أعدها الله، وتجاه كشف الله لهم وتأديبه لهم، وما إلى ذلك، هل لديهم أدنى نية لطلب الحق؟ هل لديهم أدنى نية للخضوع لله؟ هل لديهم أدنى إيمان بأن كل هذا ليس مصادفة بل هو تحت سيادة الله؟ هل لديهم هذا الفهم والوعي؟ من الواضح أن الإجابة هي لا. يمكن القول إن أصل حذرهم هو شكوكهم في الله. ويمكن القول أيضًا إن أصل ارتيابهم في الله هو شكوكهم في الله. فنتائج تمحيصهم لله تجعلهم أكثر ارتيابًا في الله، وفي الوقت نفسه تُزيدهم حذرًا من الله. وبالنظر إلى الأفكار ووجهات النظر المتنوعة التي تمخّض عنها فكر أضداد المسيح، وكذلك الأساليب والسلوكيات المتنوعة الناتجة عن هيمنة هذه الأفكار ووجهات النظر، فإن هؤلاء الناس ببساطة غير عقلانيين؛ إنهم لا يستطيعون فهم الحق، ولا يمكن أن ينشأ لديهم إيمان حقيقي بالله، ولا يستطيعون أن يؤمنوا بوجود الله ويعترفوا به تمامًا، ولا يستطيعون أن يؤمنوا ويعترفوا بأن الله يسود على كل الخليقة، وأنه يسود على كل شيء. ويرجع كل هذا إلى جوهر شخصيتهم الخبيث" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. الملحق الخامس: تلخيص خُلُق أضداد المسيح وجوهر شخصيَّتهم (الجزء الثاني)]. من كلام الله، رأيت أن أتباع المسيح الدجال لا يؤمنون ببر الله عند حدوث الأمور. بدلاً من البحث عن الحقيقة لمعرفة ترتيب الله، فهم يستخدمون مفاهيم وتصورات إنسانية وفلسفات شيطانية لتحليل عمل الله والأوضاع التي يرتبها. لذلك، يصبحون متحفّظين ويسيئون فهم الله. هذا ناجم عن الطبيعة الخبيثة لأضداد المسيح. عندما فحصت نفسي في ضوء كلام الله، رأيت أن حالتي مطابقة لهذا تمامًا. وبالنظر إلى أن المشرفين الثلاثة السابقين قد أُعفوا واستُبعدوا، لم أطلب الحق، ولم أراعِ سبب فشلهم، ولم أكتسب التمييز من إخفاقاتهم ولا تعلمت منها الدروس. بدلًا من ذلك، أصبحت متحفّظةً، أعيش وفقا لفلسفات شيطانية مثل "الحذر هو أساس السلامة"، و"كلما علوتَ أكثر، كان سقوطك أشد"، شعرت أن كوني مشرفة كان محفوفًا بالمخاطر، وأنني إذا أوقعتُ اتهامات أو عقوبات ظالمة فإن هذا سيكون تعديًّا كبيرًا، ولن أحظى بعاقبة أو غاية صالحة. اعتقدت بأنه يتعين علي أن أحمي نفسي أتجنب المخاطر، لهذا واصلت اختلاق الأعذار لتجنب القيام بهذا الواجب. لاحقًا، تفكرتُ: "ما هي مقاصد الله في تكليفي بهذه المهمة؟ ينطوي الإشراف على عمل التصفية على مسؤوليات جسام، لكنه سيُمكِّنني من التعرف على مختلف أنواع الأشرار، وأضداد المسيح، وعديمي الإيمان، ما سيساعدني على تحقيق تقدم سريع في تمييز الأشخاص. أيضًا، فإن كوني مشرفة سيتضمن التعامل مع العديد من المشكلات، وهذا من شأنه أن يحثني على طلب مبادئ الحقّ المرتبطة به، وعلى تزويد نفسي بالحقّ، ما يجعلها فرصة رائعة للتدريب. لكن بدلًا من طلب الحق في هذه المسألة، كنت أعتقد دائمًا أن كوني مشرفة يعني تحملي لمسؤولية أكبر وأنني سأُكشف وأستبعد بسرعة أكبر، لهذا كنت مليئة بالارتياب والحيطة تجاه الله. لقد جرخت قلب الله حقّاً!"
حينذٍ، فكرت في فقرة من كلمات الله: "أن الله بار وعادل تجاه الجميع. لا ينظر الله إلى ما كنتَ عليه من قبل أو إلى قامتك الحالية. هو ينظر إلى ما إذا كنت تسعى وراء الحق وما إذا كنت تسلك طريق السعي للحق. ... يسمح لك الله بأن تتعثر وتفشل وترتكب الأخطاء. سوف يمنحك الله الفرص والوقت لفهم الحق، وممارسة الحق، وفهم مقاصده تدريجيًا، وفعل كل شيء بحسب مقاصده، الخضوع لله حقًا، وتحقيق واقع الحق الذي يطلب الله من الناس امتلاكه. ومع ذلك، مَن أكثر شخص يبغضه الله؟ من يرفض قبول الحق، ناهيك عن ممارسته، على الرغم من معرفته الحق في قلبه. بدلًا من ذلك، لا يزال يعيش بحسب فلسفات الشيطان، ومع ذلك يعتبر نفسه صالحًا للغاية وخاضعًا لله، بينما يسعى أيضًا لتضليل الآخرين والحصول على منصب في بيت الله. إن هذا النوع من الأشخاص هو أكثر ما يبغضه الله، فهم أضداد المسيح. رغم أن كل شخص لديه شخصية فاسدة، فإن هذه الأفعال ذات طبيعة مختلفة. إنها ليست شخصية فاسدة عادية ولا استعلانًا عاديًا للفساد. بل هي مقاوَمة منك لله بوعي وعناد حتى النهاية. أنت تعلم أن الله موجود، وتؤمن بالله، لكنك تختار عمدًا مقاومته. هذا ليس امتلاكًا لتصورات عن الله ومشكلة سوء فهم، بل أنت تقاوِم الله عمدًا حتى النهاية. هل يُمكن لله تخليص شخص مثل هذا؟ الله لا يخلِّصك. أنت عدو الله، فأنت إبليس وشيطان. هل لا يزال بوسع الله أن يخلِّص الأبالسة والشياطين؟" (الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. أهم ما في الإيمان بالله هو ممارسة كلامه واختباره). من كلمات الله، رأيت أنّ الله منصف مع الناس. الله لا يستبعد الناس بسبب أخطاء أو إخفاقات لحظية، لكنّه يكشف ويستبعد الناس عندما يرفضون الحقّ باستمرار ويعارضونه بعناده. فكّرت في كيف أن عدم فهمي للحقّ قد دفعني لارتكاب أخطاء في تمييز الناس، ومع ذلك، لم يسعَ أحد لأن يحمّلني المسؤولية أو يمنعني من القيام بهذا الواجب بسبب ذلك. كان الله يستخدم أخطائي ليمدّني بالحقّ فيما يتعلّق بتمييز الأشرار لتعويض نقائصي. لقد أمعنت التفكير في سبب فشل لين فانغ. لقد سمعتها في الآونة الأخيرة تتحدث عن نواياها الخطأ في واجبها. عندما رأت نتائج العمل سيئة، قامت بتحويله إلى أختها الشريكة، ولم تتحمّل المسؤولية بنفسها. وحين كانت القيادة العليا تعقد الشركة معها وتقوّمها، ظلّت تسوق الأعذار وتحاول الدفاع عن نفسها، ورفضت أن تتأمل في ذاتها وتعرفها فيما يتعلق بهذه المشكلات. لم تُعف لين فانغ بسبب أخطائها، بل كان السبب الرئيسي وراء ذلك هو رفضها قبول الحقّ وعدم مسؤوليتها. كانت هناك أيضاً مشرفان آخران. كانت إحداهما متغطرسةً ومستبدّةً، وأرادت دوماً الاستحواذ على كلّ السلطة، وحين لم يصغِ إليه الآخرون، حاول قمعهم وتعذيبهم. بينما سعى المشرف الآخر باستمرار للسمعة والمكانة، وقمع وإقصاء الآراء المعارضة. لقد سلك كلاهما طريق ضد المسيح، وطُردا بسبب أعمالهما الشريرة الكثيرة. أدركت أن الله بارٌّ وأنّه لا يعفي الناس أو يُخرجهم لمجرّد ارتكابهم أخطاءً في واجباتهم، بل بناءً على موقف الناس من الحقّ ومن الله، والطريق الذي يسلكونه. من سلوكهم المتّسق، كان واضحًا أن جوهر طبيعتهم ينفر من الحقيقة ويكرهه، وأنهم لم يسعوا إلا إلى السمعة والمكانة ولم يحموا عمل الكنيسة إطلاقًا، الأمر الذي أدى إلى أن يكشفهم الله ويستبعدهم. لكنني كنت قد فكرت أن أولئك الذي يتمتّعون بمكانة أو مسؤولية كبرى كانوا أكثر عرضةً للكشف والاستبعاد، في حين كان الأخ أو الأخت الكبرى العاديين ذوي المهام الأقلّ، يقترفون ذنوباً أقلّ لقيامهم بأمورٍ أقلّ، وبذلك تجنبوا أن يُكشفوا ويُستبعدوا. لكن هذه لم تكن سوى مفاهيمي وتصوراتي. لقد كنت دوماً متحفّظةً تجاه الله وأتجنّب أداء واجبي. حتّى لو لم أرتكب أي ذنوب، إن لم أسعَ وراء الحقّ، فلن تتطهّر شخصيتي الفاسدة أو تتغيّر، ولن أنال الخلاص، وفي النهاية، سأظل لا أحظى بعاقبة جيّدة. مع أخذ هذا بالاعتبار، أصبحت على استعداد لقبول هذا الواجب. يسمح الله بالانحرافات والخلل في واجب الإنسان، وما دام الإنسان بإمكانه أن يطلب الحق بعد ذلك ويتأمل في ذاته ويصحح هذه الانحرافات على الفور، فسيستمر الله في إرشاده. حينما فكرت بالأمر، أدركت أنني كنت أقوم بعمل التصفية منذ فترة طويلة، وأنني توصّلت لفهم بعض مبادئ التمييز كان عمل الكنيسة يحتاج بشكل عاجل إلى تعاون الناس، لذا كان عليَّ مراعاة مقاصد الله وبذل قصارى جهدي للتعاون، إذ كان ذلك هو العقل والخضوع اللذين كان عليَّ أن أمتلكهما. لكن ذهني لم يكن يعجُّ إلا بأفكاري الخاصة بمصالحي وعاقبتي وغايتي. لقد كنت أنانية وحقيرة للغاية!
لاحقاً، قرأت المزيد من كلام الله: "بأيّ طريقةٍ يُعتبر التعامل مع السعي وراء البركات هدفًا خطأً؟ إنه يتعارض تمامًا مع الحق، ولا يتوافق مع مقصد الله لخلاص الناس. بما أن الحصول على البركة ليس هدفًا ملاءمًا ليسعى إليه الناس، فما الهدف الملاءم يا تُرَى؟ السعي وراء الحق، والسعي لإحداث تغييرات في الشخصية، والقدرة على الخضوع لجميع تنظيمات وترتيبات الله: هذه هي الأهداف التي يجب على الناس السعي وراءها. لنقُل، مثلًا، إن تهذيبك يجعلك تحمل مفاهيمًا وتفسيرات خطأ، وتصبح غير قادر على الخضوع. لماذا لا يمكنك الخضوع؟ لأنك تشعر أن غايتك أو حلمك في أن تكون مباركًا قد واجه تحديًا؛ فتصبح سلبيًّا ومنزعجًا، وتحاول التهرب من أداء واجبك. ما السبب وراء ذلك؟ ثمَّة مشكلة في سعيك. إذن، كيف يمكن حل هذا الأمر؟ من الضروري أن تتخلى فورًا عن هذه الأفكار الخاطئة، وأن تبحث فورًا عن الحقيقة لحل مشكلة شخصيتك الفاسدة. عليك أن تقول لنفسك، "يجب ألّا أستسلم، يجب أن أستمر في القيام بالواجب الذي ينبغي أن يقوم به الكائن المخلوق جيدًا، وأن أضع رغبتي في أن أكون مباركًا جانبًا". عندما تتخلى عن الرغبة في أن تكون مباركًا، وتسير في طريق السعي إلى الحق، يتم رفع ثقل عن كاهلك. وهل ستظل قادرًا على أن تكون سلبيًا؟ على الرغم من أنه لا تزال هناك أوقات تكون فيها سلبيًا، فأنت لا تدع هذا يُقيِّدك، وفي قلبك، بل تستمر في الصلاة والاجتهاد، وتغير هدف سعيك من السعي وراء الحصول على البركة وأن تكون لك غاية، إلى السعي وراء الحق، وتفكر في نفسك: "السعي وراء الحق هو واجب الكائن المخلوق. لفهم بعض الحقائق اليوم – ليس هناك حصاد أعظم، فهذه أعظم نعمة على الإطلاق. حتى لو كان الله لا يريدني، وإن لم تكن لدي غاية جيدة، وتحطمت آمالي في أن أكون مباركًا، سأظل أقوم بواجبي كما يجب، فأنا ملزم بذلك. مهما كان السبب، لن يؤثر ذلك على أداء واجبي، ولن يؤثر على إنجازي لتكليف الله؛ هذا هو المبدأ الذي أتصرف بمقتضاه". بفعلك هذا، ألا تكون قد تخطيتَ قيود الجسد؟" (الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. ما من سبيل لدخول الحياة إلا بممارسة الحق). "لا توجد علاقة بين واجب الإنسان وبين كونه مباركًا أو ملعونًا. على الإنسان أن يؤدي واجبه. إنه واجبه الملزم ويجب ألا يعتمد على التعويض أو الظروف أو الأسباب. عندها فقط يكون عاملًا بواجبه. يكون الإنسان مباركًا عندما يُكمَّل ويتمتع ببركات الله بعد اختبار الدينونة. ويكون الإنسان ملعونًا عندما تبقى شخصيته دون تغيير بعد أن يختبر التوبيخ والدينونة، بمعنى أنه لا يختبر التكميل بل العقوبة. يجب على الإنسان ككائن مخلوق أن يقوم بواجبه، وأن يفعل ما يجب عليه فعله، وأن يفعل ما يستطيع فعله، بغض النظر عمَّا إذا كان سيُلعَن أو سيُبَارَك. هذا هو أقل ما يمكن للإنسان الذي يبحث عن الله أن يفعله. يجب ألا تقوم بواجبك لتتبارك فحسب، وعليك ألا ترفض إتمامه خوفًا من أن تُلعَن. اسمحوا لي أن أقول لكم هذا الأمر: إذا كان الإنسان قادرًا على إتمام واجبه، فهذا يعني أنه يقوم بما عليه القيامُ به. وإذا كان الإنسان غير قادر على القيام بواجبه، فهذا عصيانه. ودائمًا من خلال عملية إتمام واجبه يتغيّر الإنسان تدريجيًا، ومن خلال هذه العملية يُظهِرُ إخلاصه. وهكذا، كلما تمكنتَ من القيام بواجبك، حصلتَ على مزيد من الحق، ويصبح تعبيرك كذلك أكثر واقعية. أما أولئك الذين يتقاعسون عن القيام بواجبهم ولا يبحثون عن الحق فسيُستبعدون في النهاية، لأن هؤلاء الناس لا يقومون بواجبهم في ممارسة الحق، ولا يمارسونه في أداء واجبهم. هؤلاء الناس هم الذين يبقون على حالهم وسوف يُلعَنون. فما يظهرونه ليس نجسًا فحسب، إنما الشرّ هو كل ما يعبِّرون عنه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وجه الاختلاف بين خدمة الله المتجسِّد وواجب الإنسان). من كلام الله، رأيت أنّه بغض النظر عما إذا كان الشخص يتلقى البركات أو يعاني من المحن، فمن الطبيعي والمبرر تمامًا أن يقوم الكائن المخلوق بواجبه. وبما أن الناس يتبعون الله، فيجب عليهم أن يتمموا مسؤولياتهم، فتلك هي الطريقة التي نعيش بها حياة ذات قيمة ومعنى. إن مقاصد الله هي أن يدخل الناس واقع الحقّ من خلال واجبهم. أثناء قيام المرء بواجبه، ستُكشف العديد من الشخصيات الفاسدة، وستُفضح الكثير من العيوب. من خلال هذه الفرصة، يمكن للمرء أن يطلب الحق ويتأمل في ذاته، وبذلك يُطهَّر ويتغير. رغم أنّي كنت أواجه صعوبات في التدريب بصفتي مشرفة الآن، فقد أمكنني الاتكال على الله أكثر، والتركيز على طلب الحق، والقيام بواجبي وفقا للمبادئ، والقيام بمسؤولياتي وإظهار إخلاصي. في حال انتهى بي الأمر بعد فترة من التدريب إلى أن يُعاد تعييني بسبب عدم كفاية مستوى القدرات فلن أشعر بأي ندم.
وبالمضي قدمًا، في أثناء قيامي بواجب المشرفة، سواء واجهتني صعوبات أو انحرافات في واجبي، لقد رأيتها فرصة جيدة لأكسب الحقّ، لقد عقدت شركة ولخّصت تلك الأمور مع إخوتي وأخواتي، وسعيت لمبادئ الحقيقة ذات الصلة. وشيئًا فشيئًا، باتت الحقائق التي لم أفهمها سابقًا أكثر وضوحًا، وأحرزت بعض التقدّم. لم أعد متحفّظةً تجاه الله، ولا أريد إلا أن أتعلم الدروس بصوة عملية في كل وضع يرتبه الله. أشكر الله على تمكينه لي من تحقيق مكاسب حقيقية والحصول على بعض الرؤى الفعلية.