72. توبة مرائية

يقول الله القدير، "خدمة الله ليست بالمهمة اليسيرة. إن أولئك الذين لا تزال شخصيتهم الفاسدة كما هي دون تغيير لا يمكنهم أن يخدموا الله أبدًا. إذا لم تكن شخصيتك قد خضعت لدينونة كلمة الله وتوبيخها، فإن شخصيتك لا تزال تمثل الشيطان، وهذا يكفي لإثبات أن خدمتك لله بعيدة عن نيتك الحسنة. إنها خدمة تعتمد على طبيعتك الشيطانية. إنك تخدم الله بشخصيتك الطبيعية، ووفقًا لتفضيلاتك الشخصية؛ وأكثر من ذلك، أنك تفكر في أن الله يبتهج بكل ما تريد القيام به، ويكره كل ما لا ترغب في القيام به، وأنك تسترشد كلية بتفضيلاتك الخاصة في عملك، فهل تُسمى هذه خدمة لله؟ في نهاية المطاف، لن تتغير شخصية حياتك مثقال ذرة؛ بل ستصبح أكثر عنادًا لأنك كنت تخدم الله، وهذا سيجعل شخصيتك الفاسدة متأصلة بعمق. وبهذه الطريقة، ستطوِّر من داخلك قواعد حول خدمة الله التي تعتمد في الأساس على شخصيتك والخبرة المكتسبة من خدمتك وفقًا لشخصيتك. هذا درس من الخبرة الإنسانية. إنها فلسفة الإنسان في الحياة. إن مثل هؤلاء الناس ينتمون إلى الفريسيين والمسؤولين الدينيين، وإذا لم يفيقوا ويتوبوا، فسيتحولون في نهاية المطاف إلى مسحاء كذبة وأضداد للمسيح يُضلون الناس في الأيام الأخيرة. سيقوم المسحاء الكذبة وأضداد المسيح الذين ورد ذكرهم من بين مثل هؤلاء الناس" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. يجب تطهير الخدمة الدينية). هذا المقطع من كلمات الله كان يجعلني أفكّر بالفرِّيسيين ورجال الدين المُرائين، وبجميع أضداد المسيح الأشرار هؤلاء المهووسين بالمكانة. اعتقدت أنهم هم الذين قصدهم الله في حديثه. كنت أعرف في المبدأ أن الله كان يكشف شيئًا يوجد فينا جميعًا، وأن لديَّ أنا أيضًا ذلك النوع من الشخصية الفاسدة. ولكن لم يكن لديَّ فهم حقيقي لنفسي، ولذلك، بدا الفريسيون وأضداد المسيح والمخادعون وكأنهم بعيدون كل البعد عني. لم أكن كذلك، ولا يمكن أن أصل إطلاقًا إلى تلك النقطة. كنت مؤمنة لسنوات، وقمت بأمور جيدة، ودفعت ثمنًا في واجبي. وبصرف النظر عن الواجب الذي كانت الكنيسة توكله إليّ، كنت أطيع وأنفذّه. إضافة إلى ذلك، لم أكن أسعى إلى أن أصبح قائدة، وكنت أقوم بواجبي سواء كنت أتمتّع بأيّة مكانة أم لا. فكيف عساني أن أتحوّل إلى ضد المسيح، وإلى مخادِعة؟ لكن في الحقيقة، كنت أعيش تمامًا ضمن مفاهيمي وتصوراتي، ولاحقًا في مواجهة الحقائق، انقلبت مفاهيمي هذه رأسًا على عقب.

غادرت لأتولّى مسؤولية عمل إنجيلي في الكنيسة خارج المدينة. وسرعان ما شرع هذا القسم من عملهم في التحسّن، وقد قدّرني القادة حقًا لذلك. أحيانًا كانوا يطلبون رؤيتي لمناقشة جوانب أخرى من عملهم، والتشاور معي. وعلاوة على ذلك، كنت مؤمنة منذ فترة طويلة وبإمكاني تحمّل المشقة من أجل واجبي، ولذا كان الإخوة والأخوات ينظرون إليّ بإجلال نوعًا ما. كذلك رأيت نفسي كما لو أنني كاملة الصفات. كان لديّ إيمان طوال تلك السنوات وكنت أتحمّل مسؤوليات، لذلك اعتقدت أنني لا أستطيع أن أكون على غرار الآخرين، بل أن عليَّ أن أبدو أفضل منهم. اعتقدت أنني لا يمكن أن أُظهر فسادًا أسوأ من الفساد الذي يُظهرونه، وأنني لا يمكن أن أُظهر ضعفًا أو سلبية كما يفعلون. وإلا فما الذي سيعتقدونه عني؟ ألن يقولوا كم أن قامتي ما زالت صغيرة بعد كل سنوات إيماني، وينظرون إليّ باستخفاف؟ فيما بعد، جرى التعامل معي من جانب قائدة بسبب انتهاك المبادئ في واجبي. قالت إنني ما زلت أفتقر إلى البصيرة في رؤية الأمور بعد سنوات طويلة من الإيمان، وإنني أفتقر إلى واقع الحقّ. شعرت بالخجل والعار بشكل لا يصدَّق، لكنني لم أتفكر في فسادي وعيوبي أو أتقصّى الحقّ للتعويض عن أوجه قصوري. بدلاً من ذلك، نطقت بمجموعة من الكلمات والتعاليم الجوفاء، وتظاهرت بمعرفة نفسي، وتصرفت كشخص روحي، للتمويه على افتقاري إلى واقع الحقّ.

ذات مرة، أتذكر أن زميل عمل يؤمن بالرب قال إنه يريد أن يتقصّى الطريق الحق. أخبرتني القائدة بأن أذهب حالًا لأشهد أمامه لعمل الله في الأيام الأخيرة. قلت إنني سأفعل، لكنني اكتشفت أن لديه الكثير من المفاهيم التي يصعب معالجتها. وصادف أنني كنت منشغلة حقًا في تلك الفترة، لذلك وضعت هذه المهمة جانبًا في ذلك الوقت. سألتني القائدة بعد بضعة أسابيع: "لماذا لم تشاركي الشهادة معه بعد كل هذه الفترة؟ إنه يريد أن يبحث عن الطريق الحق، كما أنه يقود الكثير من المؤمنين، الذين يتوقون جميعًا إلى عودة الرب. لماذا لم تشهدي له بعد عن عمل الله في الأيام الأخيرة؟". شعرت بأنني مذنبة بعض الشيء، فسارعت إلى تبرير نفسي قائلة، "لم أستطع القيام بذلك لأن أمورًا أخرى استجدّت". استشاطت القائدة غضبًا عندما سمعت ذلك، وقالت إنني كنت عديمة المسؤولية ومتعجرفة في واجبي، وإنني تلكأت وأعَقت عملنا الإنجيلي بشكل خطير. لقد وبّختني بشدة حقًّا. كان الكثير من الإخوة والأخوات حاضرين آنذاك، فشعرت أن الدماء هبّت إلى وجهي. فكّرت: "ألا يمكنك أن تتركي لي بعض الاعتبار وألا تعامليني بمثل هذه القسوة؟ أعلم أنني أخطأت، أفلا يمكنني أن أذهب الآن لمشاركة الإنجيل معه فحسب؟ لا حاجة للتعامل معي بمثل هذه القسوة". حاولت أن أبرِّر الأمر لنفسي أيضًا، ففكّرت بأنني لم أكن خاملة، وأنّ الوعظ بالإنجيل كان يملأ أيّامي من الفَجر حتى الغسق. لكنها قالت مع ذلك إنني كنت أتلهى بالتوافه، وإنني كنت عديمة المسؤولية. هل يمكن لأحد أن يطلب مني أكثر من ذلك؟ شعرت أن واجبي كان صعبًا للغاية فحسب. بعد هذا الاجتماع، تواريت في غرفتي وبكيت بشدة. شعرت بالظلم والسلبية، وكنت مترعة بالمفاهيم الخاطئة عن الله. تصاعد في داخلي شعور بالتعرُّض للخيانة. اعتبرت أنه بما أن القائدة عاملتني بقسوة مفرطة، فلا بد أن الله يمقتني، فكيف يمكنني حتى الاستمرار في أداء هذا الواجب؟ ربما ينبغي عليّ فقط أن أتلقى اللوم، وأتقبل الأمر، وأنسحب، بحيث لا يُعرقَل عمل بيت الله ولا أقوم بمهمة غير مرغوب فيها. بعد ذرف الدموع بغزارة، شعرت بأنني لست في الحالة السليمة. كنت مؤمنة منذ سنوات طويلة، وما إن جرى التعامل معي بشيء من الشدّة، لم أستطع تحمل ذلك. لقد تحاججت مع الله وتنافست معه، وأردت حتى أن أقر بالهزيمة وأنسحب. لم يكن لدي أية قامة حقيقية. تذكرت كلمات الله، بأن نبقى مُخلصين لواجباتنا حتى لو اشتدّت الصعوبات. إن التفكير في ذلك حفّزني حقًا. مهما كان ما يظنه الله أو القائد بشأني، كان ينبغي عليَّ ألا أنهار، وأن أرتقي إلى مستوى التحديات، بصرف النظر عن مدى صعوبة واجبي. لم أعد أشعر بالبؤس عندما فكرت بهذه الطريقة. مسحت دموعي على الفور وذهبت للمناقشة مع الإخوة والأخوات. في غضون أيام قليلة، قمت بإعادة زميل العمل ذاك إلى صفوفنا. لكن بعد ذلك، لم أبحث بجدّ عن الحقّ ولم أتفكّر في مشاكلي. بدلاً من ذلك، أصرّرت على الاستمرار في أداء واجبي استنادًا إلى ضميري وإرادتي. اعتقدت أن لديّ بعض القامة وبعض الجوانب العملية.

في الواقع، تعاملت القائدة معي لكوني عديمة المسؤولية، وأختار الطريق السهل للخروج، ولعدم القيام بعمل عملي. كانت هذه حقًّا مشاكل خطيرة. كنت أترأس عملنا الإنجيلي، وعندما رأيت شخصًا لديه الكثير من المفاهيم، لم أكن على استعداد للانخراط في شركتي والشهادة. لقد وضعت الأمر جانبًا بلا مبالاة فحسب، وتركت أسبوعين من الوقت يضيعا. كان ذلك يعني إعاقة الكثير من الناس الذين يبحثون عن الطريق الحق ويتطلعون للترحيب بعودة الرب! إن كوني متعجرفة جدًا في واجبي كان مرادفًا لمقاومة الله وإغضاب شخصيته. لم أبدُ خاملة إطلاقًا وكنت مستعدّة لدفع ثمن في واجبي، ولكن كلما كنت أواجه تحديًا، لم أكن لأركّز على تقصّي الحقّ لحل المشكلة والقيام بواجبي بشكل جيد. بدلًا من ذلك، كنت أنكفئ وأفعل ما شئت، وأنحّي إرسالية الله جانبًا بطريقة لا مبالية فحسب. كيف يمكن أن يعدّ ذلك نوعًا من التكريس؟ تحدثت القائدة جهارًا عن موقفي اللامبالي وغير المسؤول في أداء واجبي، وعن شخصيتي الشيطانية الخادعة، ولم تكن تلك المرة الأولى التي أفعل فيها شيئًا كهذا. لقد شرّحت القائدة المسألة من أجلي، لكي أعرف نفسي وأتوب وأتغيَّر، لكنني لم أتفكَّر في نفسي بصدق، ولا نظرت إلى أين تضرب جذور مشاكلي. تصرفت وكأنني قبلت أن يجري تهذيبي والتعامل معي، لكن لم يكن لدي أي فهم حقيقي لنفسي. لهذا قلت بعض الأمور والتعاليم الجوفاء في الاجتماع، ثم تظاهرت بأنني ربحت وعيًا لذاتي. قلت إنني كنت عديمة المسؤولية في واجبي وإنني أعقت عمل بيت الله، وألحقت به الضرر بشكل خطير. كان توبيخ القائدة لي يستند إلى تعليلات متينة. لقد طرحتْ أمورًا تتعلق بطبيعتي، وشخصيتي الشيطانية، لذا لم يكن بوسعي تحليل الصواب والخطأ فيما فعلته. لكنني لم أتشارك إطلاقًا بشأن سبب الخطأ لديّ، وطبيعة أفعالي وعواقبها، ولا بشأن نوع الشخصية الفاسدة التي أظهرتها في موقفي اللامبالي تجاه واجبي، وأيّ نوع من التفكير والمفاهيم العبثية حملتها. لم أهتم بهذه الجوانب الأكثر تفصيلًا للمسألة. ما الذي تحدثت عنه بدلًا من ذلك؟ تحدثت عن كيفية اتّكالي على الله وانطلقت من الجانب الإيجابي. وتابعت الحديث عن هذه الأنواع من التفاهمات الإيجابية. قلت إنني شعرت بالسلبية وتذمّرت عندما جرى التعامل معي وأردت أن أقر بالهزيمة وأنسحب، لكن التفكير في كلمات الله ألهمني حقًا وشعرت أنني لا يمكنني التراجع. قام الله بالكثير من العمل فيّ ومنحني الكثير، لذلك كان ينبغي عليَّ أن أتمتّع بضمير، ولم يكن في وسعي أن أخذل الله. لذلك فكّرت أنه بصرف النظر عن الطريقة التي تهذّبت بها وجرى التعامل بها معي، ومهما يكن واجبي صعبًا، كان يتعين عليَّ أن أبلي فيه حسنًا، وأنه كان يتوجّب على القائدة التي تعاملت معي أن تجعلني أتفكَّر في نفسي وأعرف ذاتي، من أجل التوبة والتغيير. عندما سمع الآخرون ذلك، لم يكن لديهم أيّ تمييز بشأن مشاكلي وفسادي ولم يشعروا أنني ألحقت ضررًا جسيمًا بعمل بيت الله. بدلًا من ذلك، شعروا أن القائدة قَست عليَّ حقًّا، وأنني تهذّبت وجرى التعامل معي لمجرد زلّة بسيطة في عملي. كانوا حقًّا متعاطفين ومتفهمين. وعند رؤية أنني لم أصبح سلبية بعد أن جرى التعامل معي بحزم شديد، بل أمكنني الاستمرار في تحمل واجبي، شعروا أنني فهمت الحق حقًا وأنّ لدي قامة. لقد نظروا إلي بإجلال حقًا وتزلّفوا إليّ. وقال بعضهم آنذاك إن بقائي قوية واستمراري في أداء واجبي، عند التعامل معي بحزم شديد، كان حقًا محل إعجاب. وقال آخرون إن واجبي لم يكن سهلًا على الإطلاق، وإنني لم أكتفِ بوضع كل طاقتي في عملي، بل تعرّضت للتوبيخ عند أول زلة غير مقصودة. رأوني أمسح دموعي لأعود حالًا إلى واجبي، وقالوا إنهم كانوا لينهاروا منذ فترة طويلة وإنهم لم تكن لديهم تلك القامة. لقد استمعوا إلى شركتي، ولم يفهموا طريق الممارسة لقبول التعامل والتهذيب، أو أن تعرُّض المرء للتهذيب والتعامل معه هو مرادف لمحبة الله وخلاصه. بدلًا من ذلك، أساءوا فهم الله، وزادوا احتراسهم، ونأوا بأنفسهم عن الله، واقتربوا مني أكثر. لقد جرى التعامل معي بضع مرات بعد ذلك، وكان ذلك يتعلق بالمسألة نفسها في كل مرة. كان حديثي يدور دائمًا حول التعاليم الحَرفية، وكنت أتظاهر بالروحانية وأدّعي معرفة الذات، وأن لدي قامة وأسلوبًا عمليًّا، وبذلك خدعتُ جميع الإخوة والأخوات. كلا. كنت أجهل حالتي تمامًا، وكنت معطّلة الإحساس تمامًا، وكنت فخورة حقًّا بنفسي لأنني استطعت البقاء صامدة خلال تلك الفترة. كنت أطري على نفسي بشكل لا يصدَّق، وشعرت بأنني أتمتع بقامة وبحقيقة الحقّ. وأصبحت أكثر غرورًا ورضا عن النفس.

وذات مرة، أشار أخ إلى بعض المسائل في واجبي. رفضت قبول ذلك، واشتكيت من أنه كان يبحث عن المشاكل، وأنه كان يسعى إلى تصيّد الأخطاء فحسب. شعرت حقًّا بالانزعاج منه. لكنني خشيت من أن يرى أحدهم كم كنت مغرورة رغم إيماني كل تلك السنوات، فيسيء الظنّ بي. كنت أخشى أيضًا من أن تكتشف القائدة ذلك، فتقول إنني لم يكن في وسعي قبول الحقّ، لذا تكلّفت وأجبرت نفسي على عدم التذمّر بشأن ذلك. تصرّفت بهدوء، وقلت له: "يا أخ، أخبرني كل شيء عن المسائل التي تراها هنا، وسنناقشها جميعًا الواحدة تلو الأخرى. وإذا لم نتمكن من حلها، يمكننا الحديث مع قائدة". وعليه قام بذكر المشاكل الواحدة تلو الأخرى، وشرحتُ تفنيدي لكل واحدة منها. وفي نهاية المطاف، شرحت معظم القضايا التي أثارها. رأيت المشكلة وكأنها حُلّت وشعرت بسرور بالغ. ولكنه شعر بعدم الارتياح حيال ذلك، فذهب لمناقشة الأمر مع قائدة. وما الذي حدث بعد ذلك؟ حسنًا، تبيّن أن بعض القضايا التي أثارها كانت مشاكل بالفعل، وما إن اكتشفت القائدة ذلك، تعاملت معي وهذبتني أمام جميع الحاضرين. قالت إنني كنت مغرورة ولم أكن أقبل اقتراحات الآخرين، وإنني لم أكن يقظة الضمير في قيامي بواجبي، وإنني أفتقر تمامًا إلى واقع الحق حتى بعد كل سنوات الإيمان تلك. وقالت إنني لم يكن في وسعي حل أيّة مشاكل عملية، وإنني كنت مغرورة بشكل أعمى، وغير عقلانية على الإطلاق. لقد صعُب عليّ سماع ذلك، لكنني كنت غير مقتنعة تمامًا. فكّرت: "أنا مغرورة ولديّ أحيانًا نوع من الثقة الزائدة بالنفس، لكن يمكنني قبول بعض الاقتراحات. أنا لست مغرورة إلى هذا الحدّ".

بعد ذلك بوقت قصير، كُشفت مرة أخرى في اجتماع عمل. وجدت القائدة أنني كنت أماطل في العمل الذي كنت أتولّى مسؤوليته وسألتني: "لماذا تعملين على ذلك بشكل غير فعال؟ ما المشكلة؟ ألا يمكنك أن تحسّني أداءك؟". أجبت بقولي: "كلا، لا أستطيع ذلك". شعرت بأن القائدة لم تفهم وضعنا الفعلي، وأنها كانت تتوقع منا أكثر مما نستطيع. بعد ذلك قرأت لنا بعضًا من كلمات الله، وتشاركت عن أهمية نشر الإنجيل. وقالت أيضًا إن الوقت يدهمنا حقًّا، وإنه ينبغي علينا تحسين كفاءتنا. لم أتقبّل حقًّا أيًّا مما قالته، بل تمسكت بمفاهيمي وتجربتي الخاصة، وفكّرت: "أنا حقًّا لا أستطيع زيادة كفاءتنا". سألت الإخوة والأخوات من حولي بهدوء، "هل تعتقدون أننا نستطيع؟". كان دافعي من وراء طرح هذا السؤال عليهم هو استمالتهم إلى جانبي، وجعلهم يقولون نفس الأمور التي أقولها، ومناهضة القائدة، وإبقاء وتيرة العمل بطيئة. كان الأمر جليًّا للغاية، لكنني كنت غير مدركة تمامًا. لم يكن لديهم أي تمييز بشأني. وبالإمكان القول إنهم لم يطبقوا أي تمييز. وقفوا جميعًا إلى جانبي وسايروني.

فيما بعد، بما أنني كنت مغرورة وغير فاعلة في واجبي، وبما أن الأمر لم يكن يقتصر على عدم إدارتي عمل الفريق بشكل جيد، بل تعدّاه إلى عرقلتي إياه، أُعفيت من واجبي. لكن لدهشتي، عندما حان الوقت من جديد لاختيار قادة الفِرق، لم يقترع الإخوة والأخوات لي مرة أخرى فحسب، بل حدث ذلك بالإجماع. سمعت بعضهم يقولون إنه بإعفائي، سينهار الفريق بأكمله، ومن الآخر الذي يمكنه إدارة هذا الفريق؟ عندها شعرت وكأنني أعاني مشكلة خطيرة، إذ كان الجميع يصغون إلي ويدعمونني رغم الطريقة التي عملت بها. اقترع الجميع لصالحي رغم أن القائدة استبعدتني، لا بل سعوا جاهدين لأن ألقى معاملة عادلة. لقد نجحتُ حقًا في تضليل الإخوة والأخوات.

فكرت في مقطع من كلمات الله: "بقدر ما يتعلق الأمر بكم جميعًا، لو تسلّمتم الكنائس في إحدى المناطق، ولم يوجد مَنْ يشرف عليكم لمدة ستة أشهر، لبدأتم في أن تضلّوا. ولو لم يشرف عليك أحد لمدة عام، لقدته بعيدًا وضللته. إذا مرَّت سنتان ولم يكن من أحد يشرف عليك، لأتيت به أمامك. لماذا هذا؟ هل سبق وأخذتم هذا السؤال في عين الاعتبار؟ هل يمكنكم أن تكونوا هكذا؟ لا يمكن أن تدعم معرفتكم الناس إلَّا لفترة محددة من الوقت. ومع مرور الوقت، إذا اسْتَمْرَرْتَ في قول الأشياء نفسها، سيستطيع بعض الناس تمييز ذلك؛ سيقولون إنك سطحي للغاية وإنَّك تفتقر افتقارًا عميقًا. لن يكون لديك خيارٌ سوى أن تحاول وتخدع الناس عن طريق الوعظ عن التعاليم. إذا اسْتَمْرَرْتَ دائمًا على هذا النحو، فأولئك الذين هم أدنى منك سيتبعون طرقك وخطواتك ونموذج إيمانك واختبارك، وسيطبقون تلك الكلمات والتعاليم. وفي نهاية المطاف، بينما أنت تعكف على الوعظ، سوف يتَّخذونك جميعًا قدوةً. تتحدَّث بالتعاليم في قيادتك الناس، ولهذا فأولئك الذين هم أدنى منك سيتعلَّمون التعاليم منك، وفي الوقت الذي فيه تتطوَّر الأمور ستكون قد سلكت المسار الخطأ. وسيسلك أولئك الذين هم أدنى منك أي طريق تتخذه، وسيتعلَّمون جميعًا منك ويتبعونك، لذلك ستشعر قائلًا: "إنني الآن قوي؛ يستمع لي الكثير من الناس، والكنيسة رهن إشارتي". من شأن طبيعة الخيانة هذه التي في داخل الإنسان أن تجعلك تُحوِّل الله دون أن تدري إلى مجرَّد رئيس صوري، وتكوِّن أنت نفسك حينذاك طائفةً ما. كيف تنشأ الطوائف المختلفة؟ إنها تنشأ بهذه الطريقة. انظروا إلى قادة كل طائفة؛ إنهم متكبرون وأبرار في أعين أنفسهم، ويفتقر تفسيرهم للكتاب المقدس إلى السياق، وهم مسوقون بخيالاتهم الشخصية. يعتمدون كلهم على المواهب والمعرفة الواسعة في القيام بعملهم. إن لم يستطيعوا الوعظ على الإطلاق، فهل كان الناس ليتبعوهم؟ لكنهم في النهاية يملكون بعض المعرفة وبوسعهم أن يعظوا قليلاً عن التعاليم، أو يعرفوا كيف يقنعون الآخرين ويستغلون بعض الحيلة، التي يستخدمونها لاستقطاب الناس إليهم وخداعهم. أولئك يؤمنون بالله اسمًا، لكنهم في الواقع يتبعون قاداتهم. عندما يصادفون مَنْ يعظ بالطريق الحق، يقول بعضهم: "لا بد أن نستشِر قائدنا عن إيماننا". الإنسان هو وسيط إيمانهم بالله؛ أليست تلك مشكلة؟ ماذا أصبح أولئك القادة إذًا؟ أليسوا بذلك قد أصبحوا فريسيين ورعاة كاذبين ومضادين للمسيح وأحجار عثرة أمام قبول الناس للطريق الحق؟ مثل هؤلاء الناس هم من عينة بولس نفسها". (من "ليس الإيمان الحقيقي بالله إلا السعي وراء الحق" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). استطعت أن أرى من كلمات الله أنني كنت أشبه تمامًا الفرِّيسي الذي كشفه، وأنني لم يكن لديَّ تلك الشخصية المخادعة والشريرة والشيطانية فحسب، بل إن سلوكي وصل إلى حدّ أنني كنت أضلل الآخرين وأتحكم بهم، وأنحّي الله جانبًا. فكرت في هؤلاء الفريسيين ورجال الدين المرائين الذين لا يتحدثون إلا عن التعاليم ويتصرفون وكأنهم يعملون بجدّ لتضليل الناس. يقولون إنهم مدينون لله ويبدون حقًا متواضعين ومدركين لذواتهم، لكنهم يستعرضون دائمًا ما يتنازلون عنه من أجل الرب، وكم يعانون، ومقدار العمل الذي يقومون به. وكنتيجة لذلك، يعبدهم المؤمنون ويظنون أن كل ما يقولونه يتماشى مع مشيئة الرب. لا يتمتع المؤمنون بأي تمييز عنهم. حتى أنهم يعتقدون أن إطاعة هؤلاء الفريسيين هي إطاعة للرب. إن هذا بمثابة إيمان بالرب في الظاهر، لكنه في الحقيقة تبعية لرجال الدين. بِمَ يختلف المسار الذي كنت أسلكه عن مسار الفرِّيسيين ورجال الدين؟ كنت أركز أيضًا على التعاليم والتضحيات الظاهرية لكي يظن الإخوة والأخوات أنني مكرَّسة لواجبي. وعندما جرى التعامل معي، لم أطلب الحقّ أو أتفكّر في نفسي حقًا. كنت أكتفي بقول الأمور الصحيحة في الظاهر لتضليل الجميع، بحيث يعتقدون أنني كنت أخضع للحقّ، وأنني أتمتع بقامة، فيهيمون بي إذ ذاك ويصغون إليَّ. لقد جعلتهم يناهضون حتى متطلبات الله معي. كنت أتولى مقاليد السلطة في الواقع. فبِمَ كنت أختلف عن ضد المسيح؟ لم أكن قائدة ولم أكن أشغل أي منصب رفيع. كنت أتشارك فقط مسؤولية بعض الأعمال مع أختين أخريين تحت إشراف القائدة، ولكن مع ذلك، بلغت مشكلتي ذلك الحد من السوء. لو أنني تبوّأت منصبًا أعلى أكون فيه مسؤولة بمفردي عن عمل ما، أكره أن أفكر في أيّ نوع من الشر العظيم كنت سأرتكب في تلك الحال. وبما أنني كنت مؤمنة منذ فترة طويلة وواصلت القيام بواجبي مهما كان نوع المشقات أو التجارب التي واجهتها، اعتقدت أن لدي طبيعة بشرية جيدة جدًا، وأنني لم أناضل إطلاقًا لأصبح قائدة، وعليه لن أصبح فريسيّة أو ضدًّا للمسيح على الإطلاق. لكن عند مواجهة الحقائق، بُهِتُّ ولم أقوَ على الإجابة. رأيت في نهاية المطاف كم أن مفاهيمي كانت سخيفة وضارة، وكم أن شخصيتي كانت شريرة ومخيفة. رأيت أنني، كمؤمنة، لم أتقصَّ الحق، ولم أقبل أن يدينني الله أو يوّبخني أو يتعامل معي أو يهذبني، كما لم أخضع لذلك. لم أكن أتفكر في طبيعتي الشيطانية وأعرفها في ضوء كلمات الله. كنت راضية بالطاعة الظاهريّة وبالاعتراف الشكليّ. لكن مهما كنت أبدو صالحة أو ملتزمة بالقواعد، في اللحظة التي سنحت فيها الفرصة، برزت طبيعتي الشيطانية المتعلقة بخيانة الله إلى الواجهة بوضوح، وقد ارتكبت دون قصد شرًا لم أكن حتى مدركة له. كان الأمر حقًا كما يقول الله بالضبط: "وتبقى فرصة خيانتكم لي قائمة بنسبة مائة بالمائة".

كان الله يعلم كم كنت مُفسَدة من الشيطان بعمق، وكم كنت معطَّلة الإحساس وعنيدة. كنت غير قادرة على تحقيق التغيير من خلال معرفة الشيء اليسير عن نفسي فحسب. لذلك، تعرضت لاحقًا للكشف والتعامل معي من الإخوة والأخوات. أتذكر أن أختًا قالت لي ذات مرة بكل صراحة: "لدي بعض التمييز بشأنك الآن. نادرًا ما تتشاركين عن أعمق أفكارك أو تكشفين فسادك. أنت لا تتحدثين إلا عن بعض مدخلاتك الإيجابية وأوجه الفهم لديك، كما لو أن فسادك قد عولج تمامًا، وكما لو أنك تحررت منه". قالت أيضًا إنها كانت شغوفة بي في الماضي، وإنها كانت تظن أنني مؤمنة منذ فترة طويلة وأفهم الحقّ، وإنني عرفت كيف أختبر أمورًا كثيرة، وإن بوسعي أن أعاني وأدفع ثمنًا في واجبي، وتحديدًا إن بوسعي قبول التعامل معي وأن أتهذّب بشدة. ولهذا السبب كانت تنظر إلي بإجلال. لقد اعتقدتْ أن كل ما قلته كان صحيحًا، وكانت تستمع إليَّ دائمًا، وتضعني، من الناحية العملية، محلَّ الله في قلبها. عند سماعها تقول إنها، على المستوى العملي، تأتي لرؤيتي بوصفي الله، شعرت وكأن صاعقة ضربتني. كنت خائفة حقًّا وكنت مقاوِمة حقًا لذلك. فكّرت: "إذا صح ذلك، ألا أكون قد تحوّلت إلى ضد للمسيح؟ وكيف يمكن للمرء أن يكون غبيًا وغير مميِّز لهذه الدرجة؟ أنا أيضا مُفسَدة من الشيطان. فَكيف أمكنك أن تَرينني بهذه الطريقة؟". ظللت محطّمة لأيّام. كنت أشعر بإحباط كل مرة كنت أفكر فيها بما قالته، وتملّكني شعور غريب بالرعب، وبأن أمرًا فظيعًا يوشك أن يحلّ بي. كنت أعلم أن ذلك هو غضب الله عليَّ، وأن شخصيته البارّة أتت عليَّ، وأنّه ينبغي عليَّ أن أتقبّل عواقب ارتكاب ذلك النوع من الشر. كنت أعلم أن شخصيّة الله لا تحمل أي إثم، وشعرت أنني أُدنت بالفعل من الله، ولذا اعتقدت أن مسار إيماني وصل إلى نهايته. عند تفكيري بذلك، كنت غير قادرة على حبس دموعي. لم أتخيل إطلاقًا أن باستطاعتي أنا، الشخص الذي لم يقم في الظاهر بأفعال شريرة أو أمور سيئة حقًا، بلوغ نقطة بمثل هذه الخطورة. أنا لم أضلل الناس بالتعاليم فحسب، بل قدتهم إلى أن يعبدوني كما لو أنني كنت أنا الله. كان ذلك بمثابة تحويل الله إلى صورة شكليّة، ما أدّى إلى إغضاب شخصية الله بشدّة. كنت أشعر بأنني سلبية حقًّا، وبأن تعدياتي وأعمالي الشريرة منطبعة في أعماق قلبي. شعرت أنني أشبه الفريسيّ تمامًا، وضدّ المسيح، وأنني كنت من إبليس، وأنني عاملة خدمة ستُقصى. لم أفهم فحسب كيف تركت نفسي أصل إلى تلك النقطة. في ندمي، وقفت أمام الله وتبت قائلة: "يا الله، لقد فعلت شرًا عظيمًا. لقد أسأت إلى شخصيتك، وينبغي أن أُلعن وأن أعاقب! أنا لا أطلب غفرانك، أنا فقط أطلب منك أن تنيرني، حتى أتمكَّن من فهم طبيعتي الشيطانية وأرى حقيقة إفساد الشيطان لي. يا الله، أرغب في أن أتوب وأكون مستقيمة ونزيهة".

في الأيام التي تلت، بدأت أتفكَّر في سبب بلوغي مثل ذلك المكان الرهيب، وفي أصل المشكلة ومكمنها. قرأت ذلك في خلواتي التعبدية ذات مرة: "إذن ما الشخصية التي يستثمر أضداد المسيح أنفسهم فيها؟ بمَن يتظاهرون أنهم هم؟ الهدف من انتحالهم الشخصية، بالطبع، هو المكانة والسمعة، وهو ما لا يمكن فصله عن هذين الأمرين، وإلا فلن يقدموا على مثل هذا التظاهر – مستحيل أن يقوموا بأمر بهذه الحماقة. إن كان مثل هذا السلوك يستحق كل توبيخ ويُعد مقيتًا ومثيرًا للاشمئزاز، فلماذا لا يزالون يفعلون ذلك؟ لديهم بلا شك أهدافهم ودوافعهم – ينطوي الأمر على نوايا ودوافع. إذا كان لأضداد المسيح أن يكتسبوا مكانة في أذهان الناس، فعليهم أن يجعلوا هؤلاء الناس يقدِّرونهم. وما الذي يجعل الناس يقدِّرونهم؟ بالإضافة إلى انتحال بعض السلوكيات والتعبيرات التي هي في مفاهيم الناس جيدة، فإن أضداد المسيح ينتحلون أيضًا بعض السلوكيات والصور التي يعتقد الناس أنها نبيلة، من أجل دفع الآخرين إلى النظر إليهم نظرة تقدير"(من "لا يُؤدِّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء العاشر)" في "كشف أضداد المسيح") ."بغض النظر عن الخلفية، أو المكان الذي يؤدي فيه أضداد المسيح واجبهم، فإنهم يظهرون أنهم ليسوا ضعفاء، وأن لديهم أقصى درجات المحبة لله، وأن الإيمان بالله يملأهم، وأنهم لم يكونوا أبدًا سلبيين. ويخفون عن الآخرين الموقف الحقيقي والنظرة الحقيقية التي يتبنونها في أعماق قلوبهم تجاه الحق والله. في الواقع، في أعماق قلوبهم، هل يؤمنون حقًا بأنهم يتمتعون بقوة غير محدودة؟ هل يعتقدون حقًا أنهم لا ضعف فيهم؟ كلا. إذن مع معرفتهم أنهم يمتلكون ضعفًا وعصيانًا وشخصيات فاسدة، لماذا يتكلمون ويتصرفون بهذه الطريقة أمام الآخرين؟ هدفهم واضح: إنه ببساطة حماية مكانتهم بين الآخرين وأمامهم. إنهم يعتقدون أنهم إذا ظهروا أمام الآخرين سلبيين علنًا، وقالوا بصراحة أشياء ضعيفة، وأظهروا التمرد، وتحدثوا عن معرفة أنفسهم، فهذا شيء يضر بمكانتهم وسمعتهم، وهو خسارة. لذلك يفضلون الموت على أن يقولوا إنهم ضعفاء وسلبيون، وأنهم ليسوا كاملين، لكنهم مجرد أشخاص عاديين. إنهم يعتقدون أنهم إذا اعترفوا بأن لديهم شخصية فاسدة، وأنهم أشخاص عاديون، وكائنات ضئيلة وغير مهمة، فسوف يفقدون مكانتهم في أذهان الناس. وهكذا، بغض النظر عن أي شيء، لا يمكنهم التخلي عن هذه المكانة، ولكن بدلاً من ذلك يبذلون قصارى جهدهم لتأمينها. في كل مرة يواجهون فيها مشكلة ما، يتقدمون إلى الأمام – ولكن عندما يرون أنهم يمكن أن ينكشفوا، ويمكن للناس أن يروا حقيقتهم، سرعان ما يتوارون. إذا كان هناك أي مجال للمناورة، إذا كان لا يزال لديهم فرصة استعراض أنفسهم، والتظاهر بأنهم خبراء، وأنهم يعرفون هذا الأمر، ويفهمونه، ويمكنهم حل هذه المشكلة، فعندئذ يندفعون إلى الأمام لاغتنام الفرصة لكسب تقدير الآخرين، ولتعريفهم بأنهم ماهرون في هذا المجال" (من "لا يُؤدِّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء العاشر)" في "كشف أضداد المسيح"). "يريد أضداد المسيح أن يلعبوا دور الأشخاص الروحانيين، ويريدون أن يكونوا الأبرز بين الإخوة والأخوات، وأن يكونوا أناسًا يمتلكون الحق، ويفهمون الحق، ويمكنهم مساعدة الضعفاء وغير الناضجين من الإخوة والأخوات. وما هو هدفهم من لعب هذا الدور؟ أولاً، يعتقدون أنهم قد تجاوزوا الجسد بالفعل، وتخطوا الاهتمامات الدنيوية، وتخلصوا من نقاط ضعف الطبيعة البشرية، وتغلبوا على الاحتياجات الجسدية للطبيعة البشرية؛ إنهم يؤمنون بأنهم أولئك الذين يمكنهم الاضطلاع بمهام ذات شأن في بيت الله، والذين يمكنهم مراعاة مشيئة الله، والذين تمتلئ أذهانهم بكلمة الله. إنهم يعطون عن أنفسهم صورة أشخاص حققوا بالفعل متطلبات الله وأرضوا الله، ومَن يمكنهم مراعاة مشيئة الله، ويمكنهم الحصول على الغاية الجميلة التي وعدهم بها الله بذاته. ولذا فهم غالبًا متعجرفون، ويعتقدون أنهم مختلفون عن الآخرين. إنهم يوجهون اللوم للأخرين، ويدينونهم، ويتوصلون لاستنتاجات عنهم باستخدام الكلمات والعبارات التي يمكنهم تذكرها والتي يقدرون على فهمها في أذهانهم. لذلك أيضًا، غالبًا ما يستخدمون الممارسات والأقوال الناتجة عن خيال مفاهيمهم الخاصة للوصول إلى استنتاجات حول الآخرين وإرشادهم، لجعل الآخرين يتبعون هذه الممارسات والأقوال، ومن ثمَّ تحقيق المكانة التي يرغبون فيها بين الإخوة والأخوات. إنهم يعتقدون أنه طالما أنهم يستطيعون قول الكلمات والعبارات الصحيحة، والتعاليم الصحيحة، ويمكنهم أن يهتفوا ببعض الشعارات، ويمكن أن يتحمَّلوا القليل من المسؤولية في بيت الله، ويمكنهم القيام ببعض المهام ذات الشأن، وبما أنهم على استعداد لأخذ زمام المبادرة، وقادرون على الحفاظ على النظام الطبيعي في مجموعة من الناس، فهذا يعني أنهم روحانيون، وأن وضعهم آمن. وهكذا، بينما يتظاهرون بأنهم روحانيون، ويفتخرون بروحانيتهم، فإنهم يتظاهرون أيضًا بأنهم يملكون كل القوة وقادرون على أي شيء، وأنهم أشخاص مثاليون، ويعتقدون أنهم قادرون على فعل كل شيء، وأنهم يجيدون كل شيء" (من "لا يُؤدِّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء العاشر)" في "كشف أضداد المسيح").

أظهرت لي كلمات الله السبب وراء كوني مرائية جدًا على الدوام، واكتفائي بإظهار جانبي الجيد في الشركة، بينما أسعى جاهدة لإخفاء جانبي القبيح والشرير كيلا يراه أحد. كان ذلك بهدف حماية المكانة التي تبوّأتها في قلوب الناس، والحفاظ على الصورة التي كوّنها الناس عني كمؤمنة منذ زمن بعيد. وسيعتقد الناس بعدئذ أنني كنت مميَّزة من خلال سنوات إيماني، ومختلفة عن بقية الإخوة والأخوات، وأنني كنت أفهم الحقّ وأتمتع بقامة، فينظرون إليّ بإجلال، ويشغفون بي. أدركت أنني كنت مغرورة وشريرة ومخادعة جدًا! اعتقدت أنني كنت مؤمنة منذ فترة طويلة وأفهم بعض التعاليم، لذلك اعتبرت أنني كاملة الصفات وبدأت في التظاهر بأنني إنسانة روحانية. كنت أفتقر إلى حقيقة الحقّ ولم أركز على طلب الحقّ وتقصّيه. اكتفيت باستخدام التعاليم والسلوك الجيد وبعض التضحيات السطحية، للتمويه على الحقيقة البشعة بأنني كنت أفتقر إلى واقع الحقّ. لم أتفكَّر وأعرف نفسي عندما جرى تهذيبي والتعامل معي، ولم أشرّح مشاكلي وفسادي. أخفيت دوافعي القبيحة وشخصيتي الفاسدة كي لا يعرف أحد عنها شيئًا، من أجل حماية موقعي وصورتي. بمَ كانت تلك الاستعراضات المرائية تختلف عن استعراضات الفريسيين الذين عارضوا الرب يسوع؟ لقد وبّخ الرب يسوع الفريسيين بقوله: "وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْمُرَاؤُونَ! لِأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا" (متى 23: 27-28). "أَيُّهَا ٱلْقَادَةُ ٱلْعُمْيَانُ! ٱلَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ ٱلْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ ٱلْجَمَلَ" (متى 23: 24). ألم أكن هكذا تمامًا؟ بدا وكأنني كنت أتشارك عن اختباري، لكنني تحدثت عن أمور يمكن للجميع رؤيتها فحسب، عن مجرد تعاليم فارغة، بينما كنت أخفي أفكاري الحقيقية وتلك الأشياء الفاسدة والشريرة بداخلي، وأمتنع عن ذكرها ولو لمرة واحدة. بهذه الطريقة يظن الناس أن رغم أنني كنت أعاني من الفساد والتمرد، كنت مع ذلك أفضل بكثير من الآخرين. لقد كنت كمن يتشدد في الصغائر ويتسامح في الكبائر. بدوت متواضعة من الخارج، لكن من الداخل، لم أكن أسعى سوى إلى الحفاظ على اسمي ومكانتي، وحماية الصورة التي كوّنها الآخرون عني. كنت مرائية جدًا، ومراوغة ومخادعة للغاية. لقد خدعت جميع الإخوة والأخوات. لم أكن إنسانة صالحة أو مستقيمة، ولم أحفظ مكاني ككائن مخلوق، ولم أختبر عمل الله من منظور شخص أُفسد من الشيطان بشدة، وقبِل أن يُدان ويُوبّخ ويتهذّب ويجري التعامل معه من الله للتخلص من الفساد. بدلًا من ذلك، كنت أستخدم واجبي من أجل التباهي وإثبات وجودي وتضليل الآخرين، وكنت أتنافس مع الله على شعبه المختار. أليس هذا هو طريق معارضة الله والتحوّل إلى ضدّ المسيح؟ إن هذا طريق أدانه الله. بالنسبة لي، وبصرف النظر عن الفترة الطويلة التي قضيتها في الإيمان، لم أكن ندًّا للآخرين في الكفاءة أو تقصّي الحقّ. لم أكن أتمتع بواقع الحقّ بعد كل تلك الفترة، ولم تتغير شخصية حياتي. كنت من نفس صورة الشيطان المغرور والمتباهي بنفسه، ولم أكن يقظة الضمير في أداء واجبي. لم أفشل فقط في الاهتمام بمشيئة الله وتمجيده، بل أعقت عملنا الإنجيلي. وبالنظر إلى كل سنواتي كمؤمنة، كان ذلك أمرًا مخزيًا حقًا. لكنني اعتقدت أن هذا هو الرصيد الذي يمكنني استخدامه لتمجيد نفسي وجعل الناس ينظرون إليّ بإجلال. كنت غير عقلانية، ووقحة جدًّا!

قرأت هذا المقطع من كلمات الله في إحدى خلواتي التعبدية: "إذا كان الشخص لا يسعى إلى الحق، فلن يفهمه أبدًا. يمكنك أن تقول الحروف والتعاليم عشرة آلاف مرة، لكنها ستظل مجرد حروف وتعاليم. يقول بعض الناس: "المسيح هو الحق والطريق والحياة"، لكن حتى إنْ كررت هذه الكلمات عشرة آلاف مرة، فستظل عديمة الفائدة؛ إذ إنك لا تفهم معناها. لماذا قيل إن المسيح هو الحق والطريق والحياة؟ هل يمكنك التكلم عن المعرفة التي اكتسبتها من خلال الاختبار حول هذه المسألة؟ هل دخلت إلى حقيقة الحق والطريق والحياة؟ لقد نطق الله بكلماته حتى تتمكنوا من اختبارها ومن رِبحِ المعرفة، لكن لا فائدة من مجرد قول الحروف والتعاليم. لا يمكنك أن تعرف نفسك إلا بعد أن تفهم كلام الله وتدخل فيه. إذا كنت لا تفهم كلام الله، فلا يمكنك أن تعرف نفسك. يمكنك أن تميز فقط عندما تمتلك الحق؛ إذ دون الحق، لا يمكنك التمييز. لا يمكنك أن تفهم مسألة ما بالكامل إلا عندما تمتلك الحق؛ وبدون الحق، لا يمكنك فهم أي مسألة. يمكنك أن تعرف نفسك فقط عندما تمتلك الحق؛ إذ بدون الحق، لا يمكنك معرفة نفسك. لا يمكن أن تتغير شخصيتك إلا عندما تمتلك الحق؛ فبدون الحق، لا يمكن أن تتغير شخصيتك. فقط بعد أن تمتلك الحق يمكنك أن تخدم وفقًا لمشيئة الله؛ إذ لا يمكنك أن تخدم وفقًا لمشيئة الله دون الحق. فقط بعد أن تمتلك الحق يمكنك أن تعبد الله؛ إذ بدون الحق، لن تكون عبادتك أكثر من مجرد أداء لطقوس دينية. كل هذه الأشياء تتوقف على رِبحِ الحق من كلام الله". (من "كيفية معرفة طبيعة الإنسان" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). ساعدتني هذه القراءة على أن أفهم بشكل أكثر وضوحًا سبب سلوكي الطريق الخطأ لمعارضة الله مثل فريسيّ. حدث ذلك لأنني لم أتقصّ الحقّ إطلاقًا ولم أمارسه على مرّ السنين، وعند قراءة كلمات الله، كنت أركّز على المعنى الحرفي فحسب. لم أكن أدخل إلى كلماته أو أمارسها، ولم يكن لدي أي فهم حقيقي للحقّ. لذلك، بطبيعة الحال، كان باستطاعتي فقط أن أشرح التعاليم الحرفية. في إيماني، لم أحب الحق ولم أتعطش لكلمات الله، ونادرًا ما كنت أسكّن نفسي أمام الله لأتأمل في كلماته، بما في ذلك أي جانب من جوانب الحقّ كُشف في المقطع، وكم فهمت ومارست ودخلت فيه، وماهية مشيئة الله، أو مدى تأثير ذلك المقطع عليّ. وعند حدوث خطب، لم أحاول التفكير بشأن حالتي في ضوء كلمات الله، للتفكّر في مشاكلي الشخصية وفحص نوع الفساد الذي أكشفه، ونوع المفاهيم الخاطئة التي حملتها. كنت أُشغل نفسي باستمرار، تمامًا مثل بولس، وأفكر في المعاناة من أجل عملي وإرضاء طموحاتي. لقد عبَّر الله المتجسِّد في الأيام الأخيرة عن الكثير من الحقائق، وقد تشارك عن الكثير من التفاصيل حول جميع أنواع جوانب الحقّ. وذلك لنتمكَّن من فهم الحقّ، وفهم حقيقة إفسادنا من الشيطان، ونتوب ونتغير. لكنني استخففت بكلمات الله حقًا. لم أتأمل فيها أو أتقصّاها، ولم أفكر في ممارستها أو الدخول فيها. ألم يكن هذا مخالفًا تمامًا لمشيئة الله في تخليص الجنس البشري؟ أليس هذا هو المسار نفسه الذي سلكه الفريسيون والقساوسة في الدين؟ لقد اهتم الفريسيون فقط بالوعظ والمعاناة في عملهم وحماية مواقعهم. لم يمارسوا أبدًا كلمات الله ولم يشاركوا خبرتهم الخاصة وفهمهم لكلمات الله. لم يكن في وسعهم قيادة الناس إلى واقع الحقّ، بل أمكنهم فقط أن يضللوا الناس بحَرفية الكتاب المقدس والمعرفة والتعاليم. إن هذا جعلهم أشخاصًا يعارضون الله. لم أحاول ممارسة الحق في إيماني أيضًا، بل اتبعت فقط بعض القواعد. لم أكن أقوم بأفعال شريرة أو أخطاء جسيمة، وبدوت وكأنني أحسن التصرُّف، وشاركت ما بدا صحيحًا ظاهريًّا في الاجتماعات، لذلك اعتقدت أنني أبلي حسنًا في إيماني. لكنني أدركت أنني لم أكن إلا مجرَّد مرائية. كيف كان ذلك إيمانًا حقيقيًّا بالله؟ إذا استمررت في هذا النوع من الإيمان، دون أيّ واقع للحقّ، ودون أيّة تغييرات على شخصيتي الفاسدة، ألن ينتهي بي الأمر إلى الإقصاء؟ كنت ملأى بالندم وصليت الى الله: "لا أريد أن أكون مرائية بعد الآن. أريد أن أتقصّى الحق، وأن أقبل دينونتك وتوبيخك وأخضع لهما، وأن أغيّر نفسي".

بعد ذلك، قرأت هذا المقطع من كلمات الله في صلواتي: "مثال ذلك، إنك تعتقد بأنه بمُجرَّد حصولك على مكانةٍ يجب أن ينم مظهرك عن السلطة وأن تتباهى بسيادتك. وبعد أن تدرك أن هذه طريقةٌ خاطئة في التفكير، يجب أن تتركها؛ لا تسلك هذا الطريق. عندما تكون لديك أفكارٌ مثل هذه، ينبغي عليك الخروج من تلك الحالة وعدم السماح لنفسك بأن تعلق فيها. بمُجرَّد أن تعلق في تلك الأفكار والآراء وتتشكَّل في داخلك، سوف تخفي نفسك وسوف تربطها بإحكامٍ شديد حتَّى لا يتمكَّن أحدٌ من رؤية ما بداخلك أو من معرفة ما يدور بقلبك وعقلك. سوف تتحدَّث إلى الآخرين كما لو كنت تتحدَّث من وراء قناعٍ. لن يتمكَّنوا من رؤية قلبك. ينبغي أن تتعلَّم السماح للآخرين برؤية قلبك؛ تعلَّم كيفيَّة فتح قلبك لهم والاقتراب منهم – لكنك تتَّخذ النهج المعاكس. أليس هذا هو المبدأ؟ أليس هذا هو طريق الممارسة؟ ابدأ من داخل أفكارك ووعيك: ففي اللحظة التي تشعر فيها بالرغبة في الانغلاق على نفسك ينبغي أن تُصلِّي هكذا: "يا الله! أريد أن أخفي نفسي من جديدٍ وأنا على وشك الانخراط في الحيل والخدع مرَّةً أخرى. يا لي من شيطانٍ! إنني أجعلك تمقتني كثيرًا! أشعر الآن بالاشمئزاز من نفسي. أرجوك هذَّبني ووبِّخني وعاقبني". ينبغي أن تُصلِّي وتُخرِج موقفك إلى النور. هذا ينطوي على كيفيَّة ممارستك. أيّ جانبٍ من جوانب الإنسانيَّة تستهدفه هذه الممارسة؟ إنها تستهدف الخواطر والأفكار والمقاصد التي كشف عنها الناس فيما يرتبط بموضوعٍ ما، وكذلك المسار الذي يسلكونه والاتّجاه الذي يتخذونه. وهذا يعني أنه بمُجرَّد أن تخطر مثل هذه الأفكار على بالك وتريد تنفيذها، يجب عليك بترها ثم تشريحها. بمُجرَّد أن تبتر خواطرك وتُشرِّحها، ألن تُعبِّر عن تلك الخواطر وتُنفِّذها بدرجةٍ أقلّ بكثيرٍ؟ علاوةٌ على ذلك، ألن تعاني شخصيَّاتك الداخليَّة الفاسدة من انتكاسةٍ؟" (من "ليعالج الفرد شخصيته الفاسدة، يجب أن يكون لديه مسار محدد للممارسة" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). لقد وجهتني كلمات الله إلى طريق الممارسة. من أجل معالجة مُراءاتي مُرائيتي وشخصيتي المخادعة والشريرة والشيطانية، كان ينبغي أن أمارس الحقّ وأكون شخصًا مستقيمًا، وأتعلَّم الانفتاح على الله والتشارك في شركة صادقة مع الآخرين، وفي مواجهة المشاكل، أن أشارك وجهة نظري وأفكاري الحقيقية. وعندما أردت أن أكون مراوغة من جديد، تعيّن عليّ أن أصلي إلى الله، وأهمل نفسي، وأفعل العكس تمامًا. كان عليَّ الانفتاح والكشف وتشريح فسادي، وألا أدع شخصيتي الشيطانية تسود. تذكرت كلمات الله: "إذا كانت لديك العديد من الأسرار التي تأبى مشاركتها، وإذا كنت غير مستعد بتاتًا للبوح بأسرارك – أي الصعوبات التي تواجهك – أمام الآخرين حتى تبحث عن طريق النور، فأنا أقول إنك شخصٌ لن ينال الخلاص بسهولة ولن يخرج بسهولة من الظلمة". (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الإنذارات الثلاثة). شعرت بعدها بمدى أهمية أن يكون المرء صادقًا. طوال سنوات إيماني، لم أمارس ذلك ولم أدخل فيه، رغم أنه يمثّل حقيقة أساسية. كان ذلك مثيرًا للشفقة! لذا دعوت الله راغبة في التوبة وممارسة الحق وفي أن أكون شخصًا مستقيمًا.

منذ ذلك الحين، كلما سمعت أحدهم يقول إنني فهمت الحقّ وإنني أتمتع بقامة، كنت أشعر حقًّا بعدم الارتياح والإحراج. لم أعد أستمتع بذلك كما كنت أفعل سابقًا. ذات مرة التقيت بأخت، سمعتْ أنني كنت مؤمنة منذ فترة طويلة وأن باستطاعتي أن أعاني من أجل واجبي، وقد أُعجبت بي حقًا. قالت مباشرة أمامي: "أختاه، أعلم أنك مؤمنة منذ فترة طويلة، لقد سمعْتِ الكثير من العظات وفهمتِ الكثير من الحقائق. أنا معجبة بك حقًا". ارتعبت عندما سمعتها تقول هذا، وشعرت بقشعريرة في جسدي. شرحتُ حقيقة المسألة على الفور، وقلت: "أختاه، إن الأمر ليس كذلك حقًا. لا تنظري إلى المظاهر فحسب. لقد آمنتُ بالله لفترة طويلة، لكنني أفتقر إلى المقدرة، وأنا لا أحب الحقّ أو أتقصاه. خلال كل سنوات إيماني، لم أقدم سوى بعض التضحيات السطحية. أنا أقوم ببعض الأمور الجيدة ويمكنني أن أدفع ثمنًا، لكنني لم أكن يقظة الضمير في أداء واجبي ولم أغيّر شخصية حياتي كثيرًا. لم أتمكن من القيام بالواجبات التي كلّفني الله بها. أنا لا أفكِّر في مشيئة الله ولا أمجّده، بدلًا من ذلك أنا أعارض الله وأجلب له العار". بعدئذ شاركت هذه الشركة معها: "إن وجهة نظرك لا تتماشى مع الحقّ. لا تكتفي بالتزلّف الأعمى إلى الآخرين، بل انظري إلى الأشخاص والأشياء استنادًا إلى الحقائق الواردة في كلمات الله. كيف ينظر الله الى الناس؟ إنه لا يهتم بعدد السنوات التي آمنوا خلالها، وكم عانوا وذرعوا الأرصفة ذهابًا وإيابًا، أو كم يمكنهم أن يعظوا. إنه يهتم بما إذا كانوا يتقصّون الحقّ، وما إذا كانت شخصيتهم قد تغيرت، وما إذا كان باستطاعتهم أن يقدّموا الشهادة في واجبهم". "بعض ممّن هم جدد في الإيمان يمكنهم تقصّي الحقّ ويركّزون على ممارستهم ودخولهم. إنهم قادرون على التقدّم بسرعة. وهم أفضل مني بكثير. وينبغي أن تُجلّيهم على جديتهم وجهدهم في تقصّي الحقّ، وليس أنا لكوني مؤمنة منذ فترة طويلة أو لأنني عانيت. إن الفترة التي يقضيها أحدهم في الإيمان أمرٌ يحدده الله. وليس هناك ما يدعو للإعجاب بشأن ذلك. إذا لم يتقصَّ المؤمن قديم العهد الحقّ وإذا لم تتغير شخصيّة حياته، بل قام فقط ببعض الأمور الجيدة في الظاهر، يظلّ فريسيًّا يضلل الآخرين. ولذا فإن تقصّي الحقّ وإجراء تغيير في الشخصية يعدّان الأمرين الأكثر أهمية". شعرت براحة أكبر بعد مشاركة تلك الشركة. بعد ذلك، توقفت عن كثرة الحديث عن التعاليم، والتباهي في الاجتماعات، بل اكتفيت فقط بمشاركة فهمي لنفسي في ضوء كلمات الله. وأعلنت أيضًا: "ربحت بالكاد بعض المعرفة لذاتي فحسب. أنا لم أتغير بعد، ولم أمارس ذلك أو أدخل فيه حتى الآن". كانت شركتي غير عميقة، لكنني شعرت براحة أكبر.

من خلال خبرتي، رأيت أمرًا مؤكدًا وقد اختبرت ذلك بعمق: بصرف النظر عن المدة التي يقضيها شخص ما في الإيمان، وعن حسن مظهره وسلامة تصرفاته، ومهما بلغ حجم معاناته وعمله، إذا لم يتقصَّ الحق ولم يقبله ويخضع عندما يدينه الله ويوبّخه ويهذّبه ويتعامل معه، وإذا لم يحاول معرفة نفسه والدخول إلى واقع كلمات الله عندما تبرز المشاكل، وإذا لم تتغير شخصيته الشيطانية، فهو يسير في طريق الفريسيين وأضداد المسيح. وفي اللحظة التي تلوح فيها الظروف المناسبة، سيتحول إلى ضد المسيح، وإلى مخادع. هذا مؤكّد. إنها نتيجة حتمية. لقد رأيت مدى أهمية أن يتقصّى الناس الحقّ، ويقبلوا الدينونة والتوبيخ ويخضعوا لهما، وأن يجري التعامل معهم من جانب الله ليخلُصوا وتتغير شخصياتهم!

السابق: 71. التباهي سبَّب الأذى

التالي: 73. خلاص الله

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

9. نوع مختلف من الحب

بقلم تشنغشين – البرازيللقد أتاحت لي فرصة حدثت بالمصادفة في عام 2011 أن أذهب من الصين إلى البرازيل. بعد وصولي مباشرةً، كنت غارقًا في تجارب...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب