ما يكمن وراء هجمات أقاربي
كان والدي مدير مدرسة، وكثيرًا ما تحدث عن المادية في المدرسة والمنزل. علَّمنا أن السعادة تعتمد على عملنا الجاد، كان علينا تكريس أنفسنا للتميُّز عن الآخرين وجلب الشرف لأسلافنا. فعملت أنا وأشقائي دائمًا بجدٍّ، تقودنا كلمات والدينا والقدوة التي أرسياها. وانخرطنا في أعمال تجارية، أو صرنا موظفين وحققنا نجاحًا متواضعًا. في ربيع عام 2007، قبلتُ عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. قرأت كلمات الله يوميًّا، وقدمت شركة مع إخوتي وأخواتي بانتظام، وربحتُ بعض الفهم عن سيادة الله. كانت هذه الكلمات مؤثرة بشكل خاص: "خلق الله هذا العالم وهذه البشرية، لا بل كان المهندس المعماري الذي صمم الثقافة الإغريقية والحضارة البشرية. فقط الله مَنْ يعزّي هذه البشرية، وهو الوحيد الذي يعتني بها ليلًا ونهارًا. لا ينفصل التقدم البشري والنمو عن سيادة الله، ولا يمكن انتزاع تاريخ البشرية ومستقبلها بعيدًا عن مقاصده. إن كنت مسيحيًا حقيقيًا، فستؤمن حقًّا أن نهوض أو سقوط أية دولة أو أمة يتم طبقًا لمقاصد الله؛ فالله وحده يعرف مصيرَ الأمم والدول، وهو وحده من يتحكم في مسار هذه البشرية. إنْ ابتغت البشرية حُسنَ المآل أو أرادته دولة ما، فعلى الإنسان أن يسجد مُتعبِّدًا لله ويتوب معترفًا أمامه، وإلا سيكون مصيره وغايته كارثة حتمية" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ذيل مُلحق 2: الله هو من يوجِّه مصير البشرية). أبهجتْ كلمات الله قلبي. الله هو الخالق، وهو الذي يرشد الإنسان ويقوته حتى يومنا هذا. والأهم، أنه يتحكم في مصائرنا. فقط بعبادة الله، والتوبة إليه، وقبول خلاصه، يمكننا أن نحظى بمصير جيد. كما تعلمتُ أن المُخلِّص، الله القدير، قد جاء في الأيام الأخيرة ليعبر عن الحق ويقوم بعمل الدينونة، ليُطهِّر البشرية ويُخلِّصها تمامًا، ويقودنا بعيدًا عن تأثير الشيطان للغاية الجميلة التي أعدَّها الله لنا لنحظى بمصير وعاقبة جيدين. شعرت أنني مُباركة جدًّا لأنني استطعت قبول الله القدير، وأقسمت لنفسي بأن أمارس إيماني جيدًا، وأسعى للحق، وأؤدي واجب الكائن المخلوق لأوفِّي الله محبته.
لكن عندما انشغلتُ بأداء واجبي، اعتقلني الحزب الشيوعي. في أحد أيام مارس 2009، عند الظهيرة، أتت الشرطة لاجتماعنا وأخذتني وثلاثًا من أخواتي واحتجزتنا بشكل غير قانوني في مركز شرطة. صرخ رئيس الأمن العام فيَّ بشراسة: "أخبرينا بما تعرفينه! مَن هداكِ؟ ومَن قائد كنيستكِ؟ إن تكلمتِ، سأدعكِ تعودين للمنزل فورًا. لكن إن لم تتعاوني، مع كل الكتب الدينية التي وجدناها في مسكنكِ، يمكننا سجنكِ لخمس أو ست سنوات!" عندما رأيت النظرة الشرسة على وجهه، بدأ قلبي يخفق بشدة. لم أدرِ كيف كانوا سيعاملونني. سرعان ما تلوتُ صلاة، وطلبت من الله أن يحميني، ويمنحني الإيمان والقوة، وأن يدعني أبقى صامدة. فكرت في كلمات الله هذه بعد صلاتي: "قد يبدو الذين في السلطة أشرارًا من الخارج، لكن لا تخافوا؛ لأن هذا سببه أن إيمانكم ضئيل. ما دام إيمانكم ينمو، فلن يستعصي عليكم أمرٌ" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الخامس والسبعون). منحتني كلمات الله الإيمان والقوة. كل شيء بيد الله قطعًا. بدا رئيس الأمن العام مخيفًا، لكنه كان أيضًا بيد الله. لقد كان أداة تخدم الله. لم يكن لديه سُلطة فيما إذا كان سيُحكم عليَّ بالسجن – فهذا لله وحده. لم أستطع أن أجبن أمام إساءاته. أدركوا أنني لن أتكلم، فحبسوني وثلاثة آخرين في مركز احتجاز بتهمة الإخلال بالنظام الاجتماعي.
ذات صباح، فجأة، سمعتُ شخصًا يهتف باسمي. اضطربت بشدة. هل سيستجوبونني مجددًا؟ لقد استجوبوني في السابق، ولم أقل شيئًا. تساءلت عما إذا كانوا سيستخدمون أساليب أشد قسوة ضدي. لشعوري بالخوف، صلَّيت لله بصمت، وتمكنت من الهدوء تدريجيًّا. نقلتني الشرطة لغرفة واسعة. في اللحظة التي دخلتُ فيها، رأيت والدي، وشعرت بالإحباط. لماذا أحضروا أبي؟ لطالما عارض إيماني، فكيف سيعاملني الآن بعد أن اعتقِلتُ؟ وقبل أن أقول أي شيء، رفع أبي يده وضربني على رأسي ثلاث مرات. شعرتُ بالدوار وفقدت الوعي جزئيًّا. قال بعبوس: "لقد منعتكِ من الإيمان، لكنكِ أصررتِ والآن بعد أن اعتُقِلتِ، تمرَّغ اسمي في الوحل! أخبريهم بكل شيء عن إيمانكِ. قالت الشرطة إنهم سيطلقون سراحكِ بمجرد أن تعترفي، لكنكِ ستُعاقبين بشدة إن لم تفعلي!" عندما رأيت وجه أبي الهَرِم، شعرت بألم في قلبي. كان يبلغ من العمر 80 عامًا تقريبًا ولطالما كانت سُمعته أهم شيء له. كيف يمكنه التحمل لو حُكم عليَّ بالسجن؟ ثم، فجأة، جثا على ركبتيه. وقال والدموع تنهمر من عينيه: "عندما علمتْ أمكِ بهذا، سقطتْ مريضة. إنها طريحة الفراش في المنزل وتعيش على أنبوب وريدي. أخبريهم بما تعرفينه وعودي للمنزل معي!" أمام كل ذلك، لم أستطع كبح دموعي. منذ العصور الغابرة، لم يجثُ إلا الأبناء لآبائهم، وليس العكس. فكرت في المشاق التي تحملها والداي في تنشئتي وكيف ساعداني على رعاية أبنائي. كانا لا يزالا يقلقان عليَّ، وأنا في مثل هذه السن المتقدمة. لم يكن ليواجها مثل هذا الألم والعذاب لو لم أكن مؤمنة. شعرت بأنني مدينة لهما – فارتعبت. وعندئذ، أدركت أنني لم أكن في الحالة الصحيحة. فتلوت صلاة سريعة: "إلهي! هذا الوضع مؤلم لي. أشعر بالضعف. أشعر بأنني مدينة لوالديَّ. لا أعرف ما عليَّ فعله. أرجوك امنحني الاستنارة وأرشدني حتى أستطيع فهم مشيئتك وأبقى قوية". بعد صلاتي، تأملت فورًا فيما اعتزمت فعله أمام الله – لأكون قوية في إيماني، وأتبع الله، وأسعى دائمًا لمحبته. في تلك اللحظة، عدت لرشدي. فكرت أيضًا في كلمات الله: "هل لا يقدر الناس على تنحية جسدهم جانبًا لهذا الوقت القصير؟ ما الأمور التي يمكنها أن تحدث شقًا في الحب بين الإنسان والله؟ مَنْ يستطيع أن يمزق أواصر الحب بين الإنسان والله؟ هل الوالدان أم الأزواج أم الأخوات أم الزوجات أم التنقية المؤلمة؟ هل يمكن لمشاعر الضمير أن تمحي صورة الله داخل الإنسان؟ هل مديونية الناس وأفعالهم تجاه بعضهم بعضًا هي عملهم؟ هل يمكن لإنسان أن يعالجهم؟ مَنْ يقدر على حماية نفسه؟ هل الناس قادرون على إعالة أنفسهم؟ مَنْ هم الأقوياء في الحياة؟ مَنْ يستطيع أن يتركني ويعيش بمفرده؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تفسيرات أسرار "كلام الله إلى الكون بأسره"، الفصلان الرابع والعشرون والخامس والعشرون). أشعرتني كلمات الله بلوم الذات. لقد منحني الله هذا النفس، ويمدُّني الله بكل شيء أحتاجه للحياة. كانت رعاية الله وحمايته الهادئة لي هي الدافع الوحيد الذي عشت من أجله حتى ذلك اليوم. لقد أرسى كل شيء ليرشدني للمثول أمامه وقبول خلاصه. إن محبة الله عظيمة جدًّا! لم أستطع خيانة الله خشية إيذاء والديَّ. كان صحتهما أيضًا بيد الله وأي قلق من ناحيتي كان عديم الجدوى. كانا يشعران بالحزن والألم من قمع الحزب الشيوعي. إن استطاعا رؤية شر الحزب، لما شعرا بفقدان ماء وجهيهما، ولما تمكن الشيطان من خداعهما. بالتفكير في الأمر هكذا، لم أشعر بالضيق الشديد. أقسمت أن أتمسك بشهادتي، حتى ولو زُجَّ بي في السجن. كَفْكَفْتُ دموعي وساعدت أبي على النهوض. ثم جاء خمسة أو ستة ضباط وأحاطوا بي. فقلت لهم: "لا أعرف شيئًا". فحدَّق أحدهم في وجهي وقال: "أمامكِ خمس دقائق". كان أبي غاضبًا جدًّا. فضربني عدة مرات ثم جثا على ركبتيه، وقال: "إن لم تتكلمي، سأجثو هنا أمامكِ حتى أموت! لا يسمح الحزب بالمعتقدات الدينية – فكيف تجرؤين على معارضة ذلك؟ أسرعي واعترفي! ثم يمكننا العودة للمنزل". عندئذ، أدركت أن هذه كانت خدعة من الشرطة. لقد أرادوا من أبي أن يضغط عليَّ لأصبح مثل يهوذا وأخون الآخرين. هؤلاء الضباط غدَّارون جدًّا! شعرت بالغضب، والاستياء. ساعدت أبي على النهوض وأحاط بي خمسة أو ستة ضباط مجددًا لإرغامي على الكلام. فنظرت إليهم وقلت بهدوء: "لا أعرف شيئًا". عندئذ، بدأ هاتف أبي في الرنين، وطلب مني أن أرد. استطعت سماع والدتي على الهاتف، وهي تسبُّني وتقول: "سوف تتسببين في موتي! إن الحكومة لا تسمح بالإيمان، لكنكِ تصرين عليه. لا يمكنكِ أن تأملي في قتالهم! أخبريهم فحسب بما تعرفينه وعودي! ماذا سنفعل لو أُدنتِ؟ وكيف سيعثر ابنكِ على زوجة؟ سنُهان جميعًا أيضًا. فكري بنا!" أغلقتُ الهاتف باكية وشاهدت أبي يخرج، وهو يجرُّ قدميه. عندما عدت لزنزانتي، فكرت مرة أخرى في أمي المريضة طريحة الفراش. إن أصابها شيء فظيع، سأكون قد خذلتها. ازداد شعوري سوءًا كلما فكرت في الأمر. عجزتُ عن كبح دموعي. حينها أدركت أن عواطفي كانت نقطة ضعفي. فانشغلتُ بالصلاة لله. طلبت منه أن يرشدني لأتخذ موقفًا حازمًا، وألا أعيش بناءً على العاطفة. تذكرت شيئًا قاله الله: "لماذا يصعب على الناس فصل أنفسهم عن المشاعر؟ هل هي أعلى من معايير الضمير؟ هل يمكن أن يتمّم الضمير إرادة الله؟ هل يمكن للمشاعر أن تُعينَ الناس أثناء الشدائد؟ في نظر الله، المشاعر هي عدوه – ألم يُذكر ذلك صراحةً في كلام الله؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تفسيرات أسرار "كلام الله إلى الكون بأسره"، الفصل الثامن والعشرون). فتحت كلمات الله عيناي. العواطف هي عدو الله وأكبر عائق أمام ممارسة الحق. يزداد بُعدنا عن الله ونخونه عندما نعيش وفقًا للعاطفة. كنت عالقة في مشاعري تجاه والديَّ. اعتقدت أن عقوقي لهما كان إساءة فظيعة، وجعلني ابنة سيئة. عندما رأيت مدى حزنهما وانزعاجهما لاعتقالي، شعرت بأنني مدينة لهما. شعرت بأنهما عملا بجد لتنشئتي، لكنني لم أرد لهما الجميل، بل جعلتهما يعانيان بسببي. كنت أقدِّر لطف والديَّ، لكنني نسيت أن الله هو مَن يمنحنا الحياة. الله هو مصدر الحياة البشرية، ونَسَمة حياته هي التي قاتني حتى يومنا هذا. وما لديَّ هو بفضل إرشاد الله وإعالته لي. لقد منحنا الله الكثير دون حتى أن يطلب شيئًا في المقابل. في الأيام الأخيرة، تجسد الله مرة أخرى ليُخلِّص البشرية، وعانى إهانات عظيمة، وكذلك ملاحقة الحزب الشيوعي وقمعه. لقد منح الله البشر كل شيء – إن محبته عظيمة جدًّا! الله هو الواحد الذي يجب أن نعبده ونطيعه. ربما تكون رعاية والديَّ قد حسَّنت حياتي المادية، لكنهما لم يتمكنا من تقديم الحق لي. لم يتمكنا من تخليصي من فساد الشيطان أو منحي غاية وعاقبة جيدتين. إن خنتُ الآخرين والله، فقط لمسايرة رغبات والديَّ، فلن أكون مدينة لهما، بل سيمقتني الله وأفقد خلاصه إلى الأبد. في تلك اللحظة، أدركت أن الشيطان كان يستخدم محبتي لوالديَّ ليستدرجني للغواية، وفي النهاية يجعلني أبتعد عن الله، وأخونه، وأفقد فرصتي في الخلاص، وأسقط في الجحيم وأهلك معه. لم أستطع الوقوع في حيل الشيطان. هذا يُذكِّرني ببطرس الذي كان لديه مبادئ واتخذ موقفًا من والديه. لقد كان راسخًا في إيمانه واتَّبع الرب يسوع مهما حاولوا منعه. في النهاية، تغلَّبت محبته لله على كل شيء وربح رضا الله. إنه محفز جدًّا لي!
في اليوم الخامس، أحضرت لي الشرطة ثلاث رسائل لأقرأها، كتبتها والدتي، وابنتي، وابني. كتب ابني: "أمي، في السنوات القليلة الماضية في الجيش، كنت أتطلَّع لجمع شمل العائلة بأكملها. لم يكن سهلًا بالنسبة لي أن أُنقل وأعود، والآن أنتِ رهن الاعتقال. بدونكِ في المنزل، أشعر كما لو أن السماء قد انهارت. أمي، أخبري الشرطة بأموركِ الدينية فحسب! إن سُجنتِ، فسيؤثر ذلك على فرص عملي وزواجي. حتى لو كنتِ لا تفكرين في نفسكِ، فعليكِ أن تفكري فيَّ..." عند هذه النقطة من الرسالة، لم أستطع منع نفسي من البكاء. إن كان مستقبله سيتدمر حقًّا لأنني قضيت عقوبة السجن، فلن أقوى على مواجهته. من المؤكد أنه سيكرهني. شعرتُ بأن طريق الإيمان مليء بالعثرات، وأن كل خطوة تتطلب اتخاذ قرار. فصلَّيت لله في قلبي: "إلهي، إنني أتألم بشدة وأشعر بالضعف. أرجو أن تحرس قلبي وتقوِّي إيماني". عندما عدتُ للزنزانة، علمتْ إحدى الأخوات بما كنت أعانيه وذكَّرتني بألا أقع في حيل الشيطان. كان ذلك بمثابة إنذار لي. في كل لحظة، فكرت في كيفية استخدام الشيطان لجميع أنواع الوسائل لإغرائنا وخداعنا لخيانة الله. يمكننا الوقوع في حبائل الشيطان في اللحظة التي نتخلَّى فيها عن حذرنا. علينا مواصلة تهدئة قلوبنا أمام الله، والصلاة والاتكال عليه لندرك حقيقة حيل الشيطان، ونربح حماية الله، ونبقى أقوياء. في تلك الليلة استلقيت في الفراش، عاجزة عن النوم وصليت لله بصمت. تذكرت هذا من كلماته: "منذ اللحظة التي تدخل فيها هذا العالم صارخًا بالبكاء، فإنك تبدأ في أداء واجبك. تؤدي دورك وتبدأ رحلة حياتك لأجل خطة الله ولأجل ترتيباته. أيًا كانت خلفيتك وأيًا كانت الرحلة التي تنتظرك، فلا يمكن لأحد أن يفلت من تنظيمات وترتيبات السماء، ولا أحد يتحكَّم في مصيره؛ لأن مَنْ يحكم كل شيء هو وحده القادر على مثل هذا العمل" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله مصدر حياة الإنسان). صحيح. طوال حياتنا، يرتب الله مصائرنا، ولا يمكن لأحد تغييرها. لن أستطيع التحكم في نوع الوظيفة أو الزواج الذي سيحصل عليه ابني في المستقبل. مهما فكرت في أبنائي، لن أتمكن من تغيير مصائرهم، وسواء سُجِنتُ أم لا، فقد قرر الله ذلك أيضًا. لم أستطع الخروج منه لأنني أردت ذلك فحسب. ما كان عليَّ أن أفعله هو أن أعهد بكل شيء لله وأخضع لسيادته. بعد ذلك، فكرت في مقطع آخر من كلمات الله. "يجب أن تعاني المشقات من أجل الحق، ويجب أن تعطي نفسك للحق، ويجب أن تتحمل الذلَّ من أجل الحق، ويجب أن تجتاز المزيد من المعاناة لكي تنال المزيد من الحق. هذا هو ما ينبغي عليك القيام به. يجب ألا تطرح عنك الحق من أجل حياة أسرية هادئة، ويجب ألا تفقد كرامة حياتك ونزاهتها من أجل متعة لحظية. يجب أن تسعى في إثر كل ما هو جميل وصالح، ويجب أن تطلب طريقًا ذا معنى أكبر في الحياة. إذا كنت تحيا مثل هذه الحياة المبتذلة، ولا تسعى لتحقيق أي أهداف، ألا تُضيِّع حياتك؟ ما الذي يمكنك أن تربحه من حياة مثل هذه؟ يجب عليك التخلي عن كل مُتع الجسد من أجل حق واحد، وألا تتخلص من كل الحقائق من أجل متعة قليلة. لا يتمتع أناس مثل هؤلاء بالنزاهة أو الكرامة؛ ولا معنى لوجودهم!" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبارات بطرس: معرفته بالتوبيخ والدينونة). منحتني كلمات الله الإيمان والقوة. بصفتي مؤمنة، فإن السبيل الوحيد لربح رضا الله هو السعي للحق وأداء واجب الكائن المخلوق. عندها فقط يمكن اعتبارها حياة ذات قيمة، وأي قدر من المعاناة يستحق ذلك لربح الحق. إن خنتُ إخوتي وأخواتي والكنيسة لإرضاء عائلتي فقط، فسأصبح مثل يهوذا وأخون الله. سيكون ذلك أكبر إذلال، وسيلعنني الله لذلك. وحتى مع وجود أسرة سعيدة وحياة مريحة، ستكون خاوية وبلا معنى، ولن أكون أكثر من جثة تمشي على قدمين. عند التفكير في هذا، شعرت بأنني أكثر تصميمًا على اتباع الله. مهما كانت الأساليب التي استخدمتها الشرطة، سأتمسك بالشهادة وأذلُّ الشيطان!
استدعتني الشرطة للقاعة الرئيسية في اليوم السادس، حيث رأيت عمي وزوجي وابني وابنتي. عانقني أطفالي وبكوا قائلين: "أمي، عودي للمنزل!" وقف زوجي جانبًا وهو يبكي. ثم قال عمي باكيًا: "لينغمين، قالت الشرطة إنه يمكنكِ العودة للمنزل حالما تخبرينهم بشيء، ولن يتعين عليكِ قضاء سنوات في السجن. سيُدمر مستقبل ابنكِ إن سُجنتِ. ستُهدم الأسرة! استمعي إليَّ، وتحدثي معهم!" في تلك اللحظة، كان قلبي صافيًا. علمت أن حيلة الشيطان كانت وراء نصائح عائلتي، وحتى لو أخبرتهم بالقليل، سترغمني الشرطة على قول المزيد، وسيُعتقل كثيرون آخرون. ومن هذا المنطلق، قلت: "بصفتي مؤمنة، فأنا على المسار الصحيح في الحياة. لم أرتكب شيئًا غير قانوني، لذا ليس لديَّ ما أعترف به. عُودوا للمنزل". في طريق عودتي لزنزانتي، فكرت كيف تستخدم الشرطة أحبائي مرارًا وتكرارًا لإغوائي، وإرغامي على خيانة إخوتي وأخواتي وخيانة الله. إن الحزب الشيوعي شرير جدًّا! إنهم شياطين معادون لله! بعد ذلك، استدعاني أحد الضباط إلى المكتب وقال بغرور: "كيف كانت زيارة عائلتكِ؟" عندما رأيته يستمتع بهذا الوضع الرهيب، استشطتُ غضبًا وأخرجت هذه الرسائل الثلاثة من جيبي، ومزقتها وألقيتها على الطاولة وقلت: "إني مؤمنة وشخصية مستقيمة. لم أرتكب أي أمر مشين. لماذا حملتهم على نُصحي؟ وأيُّ قانون انتهكتُه؟" ثم خرجتُ على الفور. حقيقة أنني تمكنت من مواجهة استجواب الشرطة بهدوء كان بفضل القوة التي منحني الله إياها.
في صباح اليوم الرابع عشر، استدعاني رئيس الأمن العام للمكتب. لم يكن شرسًا كالسابق، لكنه تظاهر بالاهتمام وسألني عن عائلتي. حاول إغرائي بخيانة إخوتي وأخواتي بحديث مُنمَّق. فصلَّيت لله في قلبي دون انقطاع، سائلة إياه أن يحميني من الوقوع في حيل الشيطان. قال رئيس المكتب الكثير. وأخيرًا، عندما رأى أنني لم أقل شيئًا، استشاط غضبًا وصرخ بشراسة: "سأكون صريحًا معكِ. لقد عثرنا على الكثير من الكتب الدينية في منزلكِ، وهي أكبر قضية في المدينة. سوف تُسجنين بالتأكيد إن لم تتكلمي!" لكن مهما كان ما قاله، صلَّيت لله بصمت وأقسمت إنني لن أشارك معلومات عن الآخرين ولن أخون الله أبدًا، حتى ولو حُكم عليَّ بالسجن. بعد خمسة عشر يومًا، أدركوا أنهم لن يحصلوا على أي معلومة مني، وأعادوني للمنزل. بعد عودتي للمنزل، ظلت عائلتي تعارض إيماني. علمت أن كل هذا بسبب أكاذيب الحزب الشيوعي وقمعه. فصلَّيت لله وأقسمت أن أتبع الله حتى النهاية، مهما كان الأمر صعبًا. ثم خطرت ببالي ترنيمة اختبار: السير في طريق محبة الله.
1 لا يهمني مدى صعوبة طريق الإيمان بالله، فأنا أُتمِّم مشيئة الله كمهمتي وحسب؛ كما لا يهمني نيل البركات أو معاناة بلاء في المستقبل. الآن، وبعد أن عزمت على محبة الله، سأبقى أمينًا حتى النهاية. مهما كانت المخاطر أو المصاعب التي تطاردني، ومهما كانت نهايتي، فمن أجل الترحيب بيوم مجد الله، أتَّبع من قربٍ خطوات الله، وأسعى إلى الأمام...
– اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة
أنشدت هذه الترنيمة مرارًا وتكرارًا وشعرت بالإلهام الشديد. علمت أن طريق الإيمان سيكون دائمًا مصحوبًا باضطهاد الحزب. وأنه من المحتمل أن أُعتقل مجددًا بل وقد يُحكم عليَّ بالسجن في المستقبل. لكنني كنت على يقين بأن هذا هو الطريق الحق، وكنت مستعدة لاتباع الله للنهاية. لفترة، لم أتمكن من التواصل مع أعضاء الكنيسة الآخرين أو عيش الحياة الكنسية. لذا أكلت وشربت كلمات الله وسلَّحتُ نفسي بالحق في المنزل، وشاركت الإنجيل مع أسرتي. صار زوجي وابنتي مؤمنيْن. اجتمعنا، وأكلنا وشربنا كلمات الله كأسرة. وبعدها بعام، عاودت الاتصال بإخوتي وأخواتي وشرعنا في أداء الواجب. شعرتُ بالامتنان الشديد لله.
طوال هذا الوقت، بسبب قمع الحزب الشيوعي واعتقاله وهجمات عائلتي، ساعدتني استنارة كلام الله وإرشاده على تجاوز ذلك، خطوة بخطوة. مهما كانت صعوبة المسار أمامي، سأذهب مع الله حتى النهاية.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.