التأمل في رد المعروف

2023 يونيو 10

قبل بضعة أشهر، واجهت شيئًا مشابهًا. تلقيت رسالة من كنيسة في مسقط رأسي تطلب تقييمًا لإحدى الأخوات، وتدعى تشانغ هوا. ذكرت الرسالة أنها كانت تعطل حياة الكنيسة، وتحرِّض الناس ضد بعضهم بعضًا وتشكِّل تحزّبات من أنصارها. حاول القادة الشركة معها عدة مرات لكن دون جدوى، ودافعت عن نفسها بالإشارة إلى أخطاء القادة. كانت الكنيسة تعدّ المعلومات اللازمة لاستبعاد تشانغ هوا وطلبت مني كتابة تقييم عنها. عندما رأيت الرسالة، أدركت أنه من المرجح أن تُستبعد تشانغ هوا هذه المرة لأنها كانت مُصرّة على مثل هذا السلوك طوال الوقت وما زلت لم تتغير. كان هذا وضعًا بالغ الخطورة. عندما تخيلت إقصاء تشانغ هوا، لم أشعر أنني على ما يرام بشأن ذلك. لقد رقّتني في السابق، وحاولت دائمًا الاعتناء بي. إن علمتْ أنني كنت أحد الذين كشفوا أفعالها الشريرة، فماذا ستظن بي؟ هل ستقول إنني ناكر للجميل وشديد القسوة؟ عندما فكرت في ذلك، أردت تجنب الأمر فحسب. تصادف أن لدي عمل آخر لأؤديه وأجّلته لبضعة أيام.

ظلت المشكلة عالقة بذهني تذكرت شيئًا قبل عشر سنوات. كانت تشانغ هوا قائدة الكنيسة آنذاك وقد رقّتني إلى العمل النصيّ، لأتمكن من الحصول على المزيد من الممارسة. ترقيت المرة تلو الأخرى وتوجهت لتأدية واجبي خارج المدينة. اعتقدت أن القدرة على مواصلة العمل النصيّ كانت لها علاقة بترقيتها لي طوال تلك السنوات السابقة. فكرت في الشركة والمساعدة والدعم الذي قدمته خلال سنواتها كقائدة؛ انسجمنا بمنتهى السهولة واعتنت بنا جيدًا في حياتنا اليومية. لم يقتصر الأمر على ترتيبها أفضل منازل لاستقبالنا فحسب، لكن لو كنا نعاني من نقص في ملابسنا أو في حاجاتنا اليومية كانت أيضًا تجلبها إلينا على الفور. أتذكّر أنها عقدت اجتماعًا لنا في إحدى المرات. سمعت أنني مصاب بمرض في الكبد واتصلت بأخ يعمل كطبيب وأعطاني عشرات القِنان من أدوية الكبد مجانًا. لقد تأثرت للغاية بهذا. باستثناء عائلتي، لم يظهِر أي أحد مثل هذا الاهتمام بمرضي مطلقًا. لطالما شعرت أنها كانت تقدّرني وتحترمني ولهذا كنت ممتنًا لها إلى الأبد. لذلك كان أمرًا محرجًا بشكل لا يُطاق تقريبًا ليُطلب مني بعد ذلك كتابة تقييم عن تشانغ هوا، لأنني كنت أعرف أن لديها قائمة بالأعمال الشريرة؛ لو كُشِف عنها، ستؤدي إلى إقصائها. كانت مهملة ولا مبالية في واجبها بصفتها قائدة، وأضرَّت بعمل الكنيسة ضررًا بالغًا. بعد إعفائها كقائدة، ذهبَت للوعظ بالإنجيل لكنها بدأت في اتباع أضداد المسيح، واتهمت القادة بأنهم قادة كذبة في صراعها من أجل القيادة. وترتّب على ذلك أن القادة والعمال لم يتمكنوا من أداء واجبهم وتعطل عمل الكنيسة بشدة. كانت أختها شخصًا شريرًا. عندما استُبعدت، لم تكن تشانغ هوا مسرورة وتقدمت للدفاع عنها ونشرت المفاهيم، وعطلت عمل الكنيسة. تساءلت لماذا كانت تشانغ هوا تدعم دائمًا الأشخاص السيئيين. ثم فكرت في كلمة الله: "هناك كثيرون في الكنيسة ليس لديهم تمييز. وحين يحدث أمر مخادع يقفون فجأة في صف الشيطان؛ حتى إنهم يستاؤون عندما يُدعون أتباع الشيطان. وعلى الرغم من أن الناس قد يقولون عنهم إنهم بلا تمييز، فإنهم يقفون دومًا في الجانب الذي لا حق فيه، ولا يقفون أبدًا في جانب الحق في الأوقات الحرجة، وكذلك لا يصمدون أبدًا ويجادلون من أجل الحق. هل يفتقرون حقًّا إلى التمييز؟ لماذا يقفون فجأة في جانب الشيطان؟ لماذا لا يقولون أبدًا كلمة واحدة عادلة ومنطقية لدعم الحق؟ هل هذا حقًا موقف ناشئ عن حيرتهم اللحظية؟ كلما قل التمييز لدى الأشخاص، قلت قدرتهم على الوقوف في جانب الحق. ماذا يوضح هذا؟ ألا يوضح هذا أن من ليس لديهم تمييز يحبون الشر؟ ألا يوضح أنهم ذرية مخلصة للشيطان؟ لماذا هم قادرون دائمًا على الوقوف في جانب الشيطان والتكلم بلغته نفسها؟ كل كلمة وكل سلوك، وتعابير وجوههم تكفي لِتُثبت بأنهم لا يحبون الحق بأي شكل من الأشكال، بل هم أناس يبغضون الحق. قدرتهم على الوقوف في جانب الشيطان تكفي لِتُثبت أن الشيطان يحب حقًّا هذه الشياطين الحقيرة التي تقضي حياتها كلها وهي تقاتل من أجله. أليست كافة هذه الحقائق شديدة الوضوح؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تحذير لمن لا يمارسون الحق). من خلال إعلان كلمة الله، ومقارنتها بالأعمال الشريرة السابقة لتشانغ هوا وسلوكها الراهن، رأيت أنها كانت دائمًا تنحاز إلى جانب الشيطان وتعطل عمل الكنيسة. لقد فهمت أنها كانت في واقع الأمر خادم للشيطان؛ شخص شرير يعطل عمل الكنيسة. لو كنت كشفت كل أعمال تشانغ هوا الشريرة، كانت ستُستبعد بالتأكيد بحسب مبادئ الكنيسة. عندئذٍ لن يكون لها دور تؤديه في بيت الله ولا أي فرصة للخلاص. كانت بالفعل في منتصف العمر ولم تبدأ بتكوين أسرة. لو أنها استُبعدت، فهل ستجد مكانًا تذهب إليه؟ عندما فكرت في العناية والترقية اللتان منحتهما إياي، وجدت نفسي أمام معضِلة. إن كتبت التقييم، فمن المرجح أن تُستبعد لسلوكها السيئ. وإن لم أكتب التقييم، فلن أحافظ على عمل الكنيسة أو أكون وفيًّا لله. بالتفكير في هذا، توصلت إلى حل وسط. مضت سنوات وذاكرتي لم تكن بتلك القوة. لقد نسيت بالفعل الكثير من التفاصيل، لذلك لم يكن هناك جدوى من بذل جهد كبير لتذكُّرها. كنت أدوّن باختصار بعض التفاصيل الواضحة فحسب وأكتفي بهذا القدر. عندما تبادرت هذه الفكرة إلى ذهني، شعرت باللوم في قلبي. ألم تكن هذه مجرد خيانة وخداع؟ الآن هي المرحلة النهائية من الإعلان في عمل الله، عندما يُصنّف الناس بحسب نوعهم. فقط عندما يُستبعد الأشرار وأضداد المسيح وضعيفو الإيمان والأرواح الشريرة ستتطهّر الكنيسة وتتمكن من أداء عملها بسلاسة. كنت أعلم جيدًا أن تشانغ هوا كانت شريرة، لكنني لم أرغب في كشفها؛ بل أردت حمايتها والتستّر عليها. سيكون هذا انحيازًا إلى جانب الشيطان ومقاومة لله. وإذ أدرك هذا، صرت خائفًا. حاولت جاهدًا تذكّر كل أفعالها وكتبتها للقائد.

بعد أن أرسلتها، شعرت بالراحة بعض الشيء. لكن الشعور بالحزن ظل قائمًا. إن عدت إلى مسقط رأسي ذات يوم وعلمَت تشانغ هوا أنني كنت أحد الذين كشفوا أعمالها الشريرة، فهل ستخبرني أنني كنت بدون مشاعر وأنني كنت ناكرًا للجميل؟ لعدّة أيام، عندما فكرت في هذا الأمر، شعرت أنني قد ارتكبت شيئًا خاطئًا. ظللت أتفكر: أعلم أن الكشف والإبلاغ عن الأشرار هي مشيئة الله وواجب كل مختاري الله، إذن لمَ كنت شديد الحزن ورفضت كشفها؟ لمَ شعرت أنني مدين لها بشيء؟ عند التأمل، تذكرت أنه عندما شرَّح الله أخلاق البشرية تطرَّق إلى موضوع رد المعروف، لذا شرعت في قراءة كلمة الله. تقول كلمات الله، "إن فكرة "وجوب رد المعروف بامتنان" هي إحدى المعايير الكلاسيكية للحكم على ما إذا كان الشخص أخلاقيًا أو غير أخلاقي في الثقافة التقليدية الصينية. عند تقييم ما إذا كان شخص ما لديه إنسانية جيدة أو رديئة ومدى فضيلته، فإن أحد المعايير هو ما إذا كان يرد ما يحصل عليه من معروف أو مساعدة، أي ما إذا كان شخصًا يمارس "وجوب رد المعروف بامتنان" أم لا. في إطار الثقافة التقليدية الصينية، وفي الواقع، في إطار الثقافة التقليدية البشرية ككل، يتعامل الناس مع هذا على أنه مقياس مهم للفضيلة. فإذا كان شخص ما لا يمارس "وجوب رد المعروف بامتنان"، فإنه ناكر للمعروف ويُعتبر خاليًا من الضمير وغير جدير بوجود روابط به. وهو مُحتقَر أو مُزدَرى أو مرفوض من الجميع. ومن ناحية أخرى، إذا مارَسَ شخص ما "وجوب رد المعروف بامتنان" – أي إذا كان ممتنًا وردَّ ما حصل عليه من معروف ومساعدة بقدر ما يمكن، فإنه يُعتبر شخصًا يتمتع بالضمير والإنسانية. إذا تلقى شخص ما منافع أو مساعدة من شخص آخر، لكنه لم يردها أو أعرب عن القليل من الامتنان له مع تعبير بسيط عن "الشكر" ليس إلا، فما سيكون رأي الشخص الآخر؟ هل يمكن أن يتضايق؟ أيمكن أن يقول لنفسه: "ذلك الشخص لا يستحق المساعدة، فهو ليس شخصًا جيدًا. إذا كانت تلك هي الطريقة التي يستجيب بها عندما ساعدته كثيرًا، فإنه ليس لديه ضمير أو إنسانية، ولا يستحق وجود روابط به"؟ إذا صادف هذا النوع من الأشخاص مرَّة أخرى، فهل سيستمر في مساعدته؟ إنه لا يرغب في ذلك على الأقل. ألن تتساءلوا في ظروف مماثلة عما إذا كان عليكم حقًا المساعدة أم لا؟ كان الدرس الذي كنت ستتعلَّمه من اختبارك السابق هو: "لا يمكنني مساعدة أي شخص – يجب أن يفهم "وجوب رد المعروف بامتنان". إذا كان من النوع الناكر للمعروف ولم يرُدْ لي مقابل المساعدة التي قدمتها له، فمن الأفضل ألا أساعده". ألن تكون هذه هي وجهة نظركم في هذا الشأن؟ (بلى، ستكون كذلك)" [الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (7)]. بعد قراءة كلمة الله، أدركت سبب شعوري بالحزن الشديد وشعرت أنني مدين لها بشيء. لقد خدعني وسمّمني المبدأ الأخلاقي المتمثل في رد المعروف. خلال طفولتي، عندما كان يتحدث والداي أو الشيوخ أو القرويون، كانت عبارة "رد المعروف" تظهر بشكل متكرر في محادثاتهم. عندما كانوا يسمعون أن أحدهم قد تلقى مساعدة وردّ الجميل فيما بعد، كانوا يثنون على هذا الشخص ويقولون إنه صالح وذو ضمير ويستحق إقامة علاقة صداقة معه. لقد أُعجبوا واحترموا هؤلاء الناس وحيّوهم بفرح حين رأوهم. لكن عندما لم يردّ أحدهم الجميل، لم يرغبوا في الارتباط به. لقد وصفوا مثل هؤلاء الناس سِرًّا أنهم ناكرون للجميل ويفتقرون إلى الضمير والإنسانية، ولم يحيّوهم على الإطلاق. وبانغماسي في هذا النوع من القيم من بيئة طفولتي، حاولت دائمًا ممارسة فكرة رد المعروف. كان عليّ أن أتذكر كل شخص ساعدني أو ساعد عائلتي وأكافئهم بأسرع ما يمكن. إذا لم يكن ذلك ممكنًا حينها، كان عليَّ الانتظار ومكافأتهم لاحقًا متى استطعت. بدت هذه الطريقة هي التي يجب أن يتصرف بها الشخص النبيل والمراعي لضميره والمستقيم أخلاقيًّا على هذا النحو وأكسبتني ودّ من حولي. لكن بالنسبة إلى تشانغ هوا، شعرت أنني لم أكافئ صنيع ترقيتها واهتمامها ومساعدتها وكان عليَّ إظهار أعمالها الشريرة للعيان. تملكني شعور بالذنب وشعرت بنكران الجميل. ظلت هذه الأفكار تسيطر عليَّ لدرجة أنه على الرغم من علمي أن الأشرار وضعيفي الإيمان بإمكانهم تعطيل عمل الكنيسة وواجبات الإخوة والأخوات فحسب، كنت ما زلت أرفض كشف أعمالها الشريرة. لقد خدعني وقيّدني للغاية المفهوم المتمثل في رد المعروف.

عندئذٍ، قرأت المزيد من كلمة الله. "إن التصريحات المرتبطة بالسلوك الأخلاقي مثل "وجوب رد المعروف بامتنان" لا تخبِر الناس بالضبط عن مسؤولياتهم كأعضاء في المجتمع وجزء من البشرية. وبدلًا من ذلك، فإنها وسيلة لإلزام الناس أو إجبارهم على التصرف والتفكير بطريقة معينة بصرف النظر عما إذا كانوا يريدون ذلك أم لا، وبصرف النظر عن الظروف أو السياق. توجد أمثلة كثيرة على ذلك من الصين القديمة. مثال ذلك، عائلة استقبلت صبيًا متسولًا جائعًا، وأطعمته وألبسته ودرَّبته على فنون الدفاع عن النفس وعلَّمته جميع أنواع المعرفة. انتظرت العائلة حتى كبُرَ ثم بدأت في استخدامه كمصدر للدخل، وإرساله لارتكاب الشر وقتل الناس، وأداء أفعال لم يُرِد أن يفعلها. إذا نظرت إلى قصته في ضوء جميع الامتيازات التي حصل عليها، فإن إنقاذه كان أمرًا جيدًا. ولكن إذا فكرت فيما أُجبرَ على فعله لاحقًا، فهل كان جيدًا أم سيئًا حقًا؟ (كان سيئًا). ولكن في ظل تكييف الثقافة التقليدية مثل "وجوب رد المعروف بامتنان"، لا يمكن للناس إجراء هذا التمييز. يبدو ظاهريًا أن الصبي لم يكن لديه خيار إلا أن يفعل أمورًا شريرة ويؤذي الناس ويصبح قاتلًا – وهي أشياء لا يرغب معظم الناس في فعلها. ولكن ألم تكن رغبته في فعل الشرور والقتل بأمر من سيِّده نابعة في الأصل من رغبة في مكافأته على معروفه؟ نظرًا لتكييف الثقافة التقليدية الصينية على وجه الخصوص، مثل "وجوب رد المعروف بامتنان"، لا يسع الناس إلا أن يتأثروا بهذه الأفكار وأن تتحكم بهم. كما أن الطريقة التي يتصرفون بها والنيَّات والدوافع وراء هذه الأفعال تكون مقيدة بها أيضًا. عندما وُضِعَ الصبي في ذلك الموقف، ماذا كان أول ما فكر به؟ "لقد أنقذتني هذه العائلة وأحسنت معاملتي. لا يمكنني أن أكون ناكرًا للمعروف، ويجب أن أرد معروفها. أنا مدين لها بحياتي، ولذلك يجب أن أكرسها لها. ينبغي أن أفعل ما تطلبه مني، حتى لو كان ذلك يعني فعل الشر وقتل الناس. لا يمكنني التفكير فيما إذا كان هذا صحيحًا أم خاطئًا، ويجب ببساطة أن أرد معروفها. فأي نوع من الأشخاص سأكون إذا لم أفعل ذلك؟" ونتيجةً لذلك، كلما أرادته العائلة أن يقتل شخصًا ما أو يرتكب خطأ ما، كان يفعل ذلك دون أي تردد أو تحفظات. ألم يكن مبدأ "وجوب رد المعروف بامتنان" هو الذي يُملي سلوكه وأفعاله وطاعته العمياء؟ ألم يكن يُنفِّذ ذلك المبدأ الأخلاقي؟ (بلى). ماذا تستفيد من هذا المثال؟ هل "وجوب رد المعروف بامتنان" شيء جيد أم لا؟ (إنه ليس كذلك، فهو لا ينطوي على مبدأ). في الواقع، الشخص الذي يرد المعروف لديه مبدأ، وهو "وجوب رد المعروف بامتنان". إذا صنع معك شخص ما معروفًا، فيجب أن تصنع معه معروفًا في المقابل. إذا لم تفعل ذلك، فأنت لست إنسانًا ولا يوجد شيء يمكنك قوله إذا أُدنت بسبب ذلك. يقول المثل: "قطرة الماء يجب ردها بينبوع ماء فائض"، ولكن في هذه الحالة، تلقى الصبي معروفًا أنقذ حياته، وكان عليه رده بحياة في المقابل. لم يكن يعرف حدود أو مبادئ رد المعروف. كان يعتقد أن حياته قد وُهبت له من تلك العائلة، ولذلك كان عليه تكريسها لها في المقابل، وعمل كل ما تطلبه منه، بما في ذلك القتل أو غيره من أفعال الشر. وهذه الطريقة في رد المعروف ليست لها مبادئ أو حدود. لقد حرَّض وحشًا وأفسدَ نفسه أثناء ذلك. هل كان من حقِّه أن يرد المعروف بهذه الطريقة؟ بالطبع لا. كانت هذه حماقة" [الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (7)]. من خلال مثال الله عن السائل الذي يرد المعروف، رأيت أن رد المعروف فكرة شيطانية خاطئة تهدف إلى تسميمنا. إن فكرة رد المعروف لا تقيّد روحنا فحسب، بل تشوّه أفكارنا أيضًا وتحوّل المساعدة العادية بين الناس إلى دَين امتنان يجب تذكّره وسداده، لئلا يوصف الشخص بأنه يفتقر إلى الضمير والإنسانية. كم من الناس فقدوا التواصل مع السلوك اللائق بسبب هذه الأخلاق المخادعة والسّامة؟ لا يهم مَن يفعل الصنيع، حتى ولو كان شريرًا أو شخصًا لديه دوافع خفية، كلّ مَن يحصل على النفع لا بُدّ أن يردّه بكامل كيانه، حتى ولو وصل إلى حدّ ارتكاب جريمة قتل وغيرها من الشرور. كما أدركت أن أخلاق رد الإحسان هي في الواقع تُسمّم الناس. عندما فكرت في مهاجمة تشانغ هوا للقادة وتعطيل عمل الكنيسة، كنت أعلم أن هدف القائد من طلب تقييم أن يفهم بوضوح كيف كانت تتصرف تشانغ هوا عادةً حتى يتمكن من الحكم على ما إذا كان يجب طردها أم لا. لكن تحت خداع وتأثير "رد المعروف"، مجرد التفكير في ترقية وعناية تشانغ هوا بي وكل خدماتها، جعلني أرغب في التستّر على أعمالها الشريرة. كنت في حيرة من أمري في التمييز بين الخير والشر والأبيض والأسود! في هذه المرحلة، تمكنت من تمييز بعض الأمور حول فكرة رد المعروف. رأيت أن هذا ليس شيئًا إيجابيًّا، بل فكرة خاطئة يستخدمها الشيطان لخداع الناس وإفسادهم. كنت أعلم أنه لا يجب عليّ العيش وفقًا لهذه الفكرة الخاطئة ولا يجب اتخاذها كمبدأ للسلوك.

لاحقًا، قرأت المزيد في كلمة الله. "إن المفهوم الثقافي التقليدي الذي مفاده أن "ما تلاقيه من لطف يجب أن تقابله بالعرفان" يحتاج إلى التبصر. أهم جزء في هذا المفهوم هو كلمة "اللطف" – فكيف يجب عليك النظر إلى هذا اللطف؟ وما مظهر هذا "اللطف" وطبيعته التي يشير إليها؟ وما دلالة "ما تلاقيه من لطف يجب أن تقابله بالعرفان"؟ من الضروري لأي شخص يسعى إلى الحق أن يكتشف إجابات هذه الأسئلة. فما الذي يعنيه "اللطف" وفقًا للمفاهيم البشرية؟ بشكل مبسط، اللطف يعني أن يساعدك شخص عندما تواجه متاعب. على سبيل المثال؛ شخص يمنحك طبق أرز عندما تتضور جوعَا، أو زجاجة ماء عندما تشعر بظمأ شديد، أو يساعدك على النهوض إذا سقطت ولم تستطع النهوض. كل هذه أعمال تدل على اللطف. أما أعظم أعمال اللطف فهو أن ينقذك شخص ما عندما تكون في حالة من اليأس الشديد؛ فهذا هو اللطف المنقذ للحياة، أو شخص يساعدك على النجاة من الموت عند تعرّضك لخطر مميت، وفي الواقع ينقذ حياتك. هذه بعض التصرفات التي يراها الناس "لطفًا". وهذا النوع من اللطف يفوق بكثير أي خدمة مادية تافهة؛ لأنه معروف عظيم لا يمكن قياسه بالمال أو بالأشياء المادية. ومن يتلقونه يشعرون بنوع من العرفان لا يمكن أن تعبر عنه مجرد كلمات قليلة من الشكر. ومع ذلك، فهل يعد قياس الناس للطف على هذا النحو عملًا دقيقًا؟ (كلا). ولِمَ ذلك؟ (لأن هذا القياس قائم على معايير الثقافة التقليدية). هذه إجابة تستند إلى النظرية والتعاليم. وعلى الرغم من أنها قد تبدو صائبة، فإنها لا تصيب جوهر الأمر. إذن، كيف يمكن للمرء أن يوضح ذلك بشكل عملي؟ فكر في الأمر بإمعان. منذ فترة، سمعت عن مقطع فيديو عبر الإنترنت حول رجل سقطت حافظة نقوده منه دون أن يدري. يلتقط كلب صغير حافظة النقود ويلاحق صاحبها، وعندما يراه الرجل، يضربه معتقدًا أنه سرق حافظة نقوده. تصرف سخيف، أليس كذلك؟ أخلاقيات الرجل هنا أدنى من أخلاقيات الكلب! كانت تصرفات الكلب متماشية تمامًا مع المعايير الإنسانية للأخلاق. لو كان شخصًا لصاح: "لقد أسقطتَ حافظة نقودك"، لكن بما أن الكلب لا يستطيع الكلام، فقد التقط الحافظة بصمت وهرول في إثر الرجل. لذا إن كان بمقدور الكلب أن يأتي بسلوكيات جيدة تحث عليها الثقافة التقليدية، فماذا يخبرنا هذا عن البشر؟ يولد البشر ولديهم ضمائر وعقول؛ لذا فهم جميعًا أقدر على فعل هذه الأمور. وما دام المرء يمتلك ضميرًا، فيمكنه الوفاء بهذا النوع من المسؤوليات والالتزامات. وهي لا تتطلب منك عملًا شاقًّا ولا دفع ثمن، بل القليل من الجهد؛ فهي ببساطة مجرد القيام بشيء مفيد، أيْ شيء ينفع الآخرين. لكن هل ترتقي حقًا طبيعة هذا العمل لتنطبق عليها صفة "اللطف"؟ وهل يرتقي فعلًا لمستوى السلوك اللطيف؟ (كلا). وبما أنه لا يرتقي لهذا المستوى، فهل يحتاج الناس إلى الحديث عن رد الجميل؟ لن يكون هذا ضروريًا" [الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (7)]. وبينما كنت أتأمل في كلمته، استنار قلبي. يقول الله، "أهم جزء في هذا المفهوم هو كلمة "اللطف" – فكيف يجب عليك النظر إلى هذا اللطف؟" بمجرد أن تمكنت من اكتشاف كيفية النظر إلى فكرة "اللطف"، رأيت الحق ولم أعد أنخدع بها أو تسيطر عليَّ. لذا فكرت في الأمر مليًّا. اعتقدت أن تشانغ هوا قد أظهَرت لي اللطف بطريقتين رئيسيتين. أولًا، رقّتني. ثانيًا، كان لديها أخ يزوّدني بالدواء عندما كانت قائدة. الآن، أكان هذا جميلًا حقًّا؟ في حقيقة الأمر، عندما يمرض شخص ما أو يواجه بعض الصعوبة، فإن مدّ يد العون لتوفير بعض الراحة هو سلوك طبيعيّ وهذه هي الفطرة السليمة. لكن هذا يشكّل بالكاد جميلًا من نوع خاص يجب مكافأته. عندما علمت تشانغ هوا أنني مصاب بمرض في الكبد وجعلت الأخ يعطني الدواء، يمكن اعتبار هذا مسؤوليتها بالفعل، أحد الموجودين بين جميع الناس العقلاء من ذوي الضمير. لكنني تأثرت تأثرًا عميقًا بمساعدتها ووصفتها بأنه جميل من نوع خاص لابد من مكافأته، حتى أنني حاولت الإبقاء عليها في الكنيسة بالتستّر على أعمالها الشريرة. بمكافأة جميلها بهذه الطريقة، ألم أكن أضحّي بمصالح الكنيسة من أجل مصلحتي؟ كنت في حيرة من أمري تمامًا.

كما تساءلت عما إذا كانت ترقية تشانغ هوا لي تعتبر جميلًا من نوع خاص. فكرت في هذا في كلام الله: "يجب أن تعرف حقيقة هذا الأمر. بصرف النظر عن أي فترة هذه أو أي مرحلة من العمل تُنفذ، يحتاج الله دائمًا إلى تعاون جزء من الناس. لقد قدر الله مسبقًا أن هؤلاء الناس يتعاونون مع عمل الله أو يشاركون في نشر الإنجيل. ... من منكم يؤدي واجبه في بيت الله الآن موجود بالصدفة؟ مهما كانت الخلفية التي أتيتَ منها، فتأديتك لواجبك ليست من قبيل الصدفة. لا يمكن أن يقوم بهذه الواجبات العديد من المؤمنين المُختارين عشوائيًا، فهذه الأشياء سبق أن عيَّنها الله قبل الدهور. ماذا يعني أن يتم تعيين شيء ما مسبقًا؟ ما هي التفاصيل؟ إنه يعني أن الله في خطة تدبيره الكاملة قد خطَّط منذ زمنٍ بعيد كم مرَّةٍ ستأتي إلى عالم الإنسان، وأيّ نسبٍ وأيَّة عائلةٍ ستولد فيها خلال الأيَّام الأخيرة، وظروف هذه العائلة، وسواء ستكون ذكرًا أم أنثى، ونقاط قوَّتك، ومستوى التعليم الذي ستحصل عليه، ومدى وضوحك، وإمكاناتك، وكيف ستبدو، وفي أيّ سنٍّ ستأتي إلى بيت الله وتبدأ في أداء واجبك، والواجب الذي ستُؤدِّيه وفي أي وقت، لقد عين الله كل خطوة لك مسبقًأ منذ زمن بعيد. فقبل أن تولد، عندما جئتَ بين البشر في حيواتك العديدة السابقة، كان الله قد رتَّب بالفعل الواجب الذي ستُؤدِّيه خلال هذا، أي خلال المرحلة الأخيرة من العمل" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). كلما تأملت في كلام الله، ازدادت الأمور وضوحًا. ربما بدا أن عملي النصيّ قد حصلت عليه بسبب ترقية تشانغ هوا، لكن الله هو الذي ينظم كل شيء. كان هو مَن قادني شيئًا فشيئًا لتأدية هذا الدور. لو لم يكن بيت الله امتلك هذه الوظيفة، لما تمكنت من أداء هذا الواجب. إذن ألم يحدث كل هذا نتيجة لعمل الله؟ إنه الله الذي كان يجب أن أكون شاكرًا وممتنًا له، ومع ذلك، اعتبرتُ تشانغ هوا مصدر هذا الصنيع وأردت مكافأتها مقابل ذلك. لم أتمكن من رؤية نعمة الله، بل نعمة الإنسان فحسب. كنت حقًّا أعمى وجاهل وغير عقلاني وأحمق. واجب تشانغ هوا بصفتها قائدة للكنيسة كان تدريب الناس وترقيتهم بحسب متطلبات عمل بيت الله كان يجب أن أشكر الله بدلًا من أن يُنسب هذا المعروف إلى شخص آخر. بمجرد فهمي لهذا الأمر، شعرت بالارتياح. العرفان بالجميل الذي شعرت به تجاهها لما يزيد عن عشر سنوات، والامتنان الذي شعرت به لتقديرها لي، ورغبتي في مكافأتها كل ذلك اختفى. لم أعد أشعر أني مدين لها أو بالندم على كشف أعمالها الشريرة. كما اختفى ذنب نكران الجميل ولم يعد هناك وجود لمسألة أي معروف بيننا. تمامًا كما يقول الله: "بالنسبة لي، هذا النوع من "المعروف" غير موجود ببساطة، وآمل أن ينطبق الأمر عليكم كذلك. كيف يجب أن تفكر فيه إذًا؟ اعتبره ببساطة التزامًا ومسؤولية وغريزة إنسانية طبيعية. ينبغي أن تعامله على أنه مسؤوليتك والتزامك كإنسان، وأن تعمله بأفضل ما لديك. هذا كل شيء" [الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (7)]. لقد حررتني كلمة الله من عبودية الحاجة إلى رد المعروف وصحّحت منظوري حول هذه الأمور. أشعر بالامتنان الشديد له.

لذا على أي حال، اعتقدت أن الأمر قد انتهى. ولكن قبل بضعة أيام، كتبت لي الكنيسة في مسقط رأسي مجددًا، تطلب مني الكتابة بوضوح عن سلوك تشانغ هوا وأيضًا الأوقات والأماكن التي وقعت فيها، عندما دافعَت عن أضداد المسيح والأشرار واتبعَت أضداد المسيح لتفعل الشر. بدون مثل هذه الأدلة، سيكون من المستحيل طردها. بعد أن تلقيت الرسالة، ظللت أشعر بعدم ارتياح بعض الشيء. إذا كتبت هذا التقييم، فستُطرد تشانغ هوا بالتأكيد. لقد كانت في غاية الطيبة معي. إذا فعلت هذا، ألن... لكن سرعان ما أدركت أن المبدأ الشيطاني في رد المعروف عاد ليظهر من جديد. كان عليَّ تجاهل هذه الفكرة والممارسة بحسب كلمة الله. تذكرت أن كلمة الله تقول: "بحسب أي مبدأ يطلب كلام الله من الناس التعامل مع الآخرين؟ أحْبِبْ ما يحبه الله، وأَبغِض ما يُبغضه الله: هذا هو المبدأ الذي ينبغي التمسك به. يحبّ الله الذين يسعون إلى الحق ويستطيعون اتّباع مشيئته. هؤلاء هم أيضًا الأشخاص الذين ينبغي أن نحبهم. أمّا غير القادرين على اتباع مشيئة الله، والذين يبغضون الله ويتمردون عليه، فهؤلاء يزدريهم الله، وعلينا أن نزدريهم أيضًا. هذا ما يطلبه الله من الإنسان. ... قال الرب يسوع في عصر النعمة: "مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتي؟" (متَّى 12: 48). و"لِأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي" (متَّى 12: 50). كانت هذه الكلمات موجودة بالفعل في عصر النعمة، والآن أصبحت كلمات الله أكثر وضوحًا: "أحبوا ما يحبه الله، واكرهوا ما يكرهه الله". تدخل هذه الكلمات في صلب الموضوع..." (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء أن يتحوّل حقًّا إلّا من خلال التعرف على آرائه المضلَّلة). توضح كلمة الله ذلك بجلاء: أنه يجب علينا معاملة الناس بالمبادئ وأن نحب ما يحبه الله ونكره ما يكرهه الله. أولئك الذين يسعون إلى الحق ويمارسونه هم إخوتنا وأخواتنا ويجب معاملتهم بمحبة. أولئك الذين لا يسعون إلى الحق أو يمارسونه على الإطلاق، أو حتى يرتكبون الشرور التي تعطل عمل الكنيسة ليسوا إخوة وأخوات بل خدّامًا للشيطان وأشرارًا. يجب أن يُكشفوا ويتم تمييزهم ويُستبعدوا من الكنيسة. هذا يتوافق مع مشيئة الله فحسب. لم أتردد بعد هذا الفهم. مع الوثائق التي قدمتها في وقت سابق وبتذكّر دقيق، أعددت بيانًا عن أعمالها الشريرة. بعد أن أرسلت ردّي، شعرت بالطمأنينة والراحة. لقد هربت أخيرًا من قيود مفهوم رد المعروف وشعر قلبي بالارتياح.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

حماية الله

يقول الله القدير، "ليس في وسع الناس أن يغيروا شخصيتهم بأنفسهم، بل لا بُدَّ لهم من الخضوع للدينونة والتوبيخ والمعاناة والتنقية في كلام الله،...

وداعًا لشخصيتي "اللطيفة"

بقلم لين فان – إسبانيا أمضيت طفولتي وسط صوت زوجة أبي وهي تصرخ وتسبُّ. وعندما كبرت لاحقًا وصرت أكثر دراية، ومن أجل التوافق مع زوجة أبي...

اترك رد