76. تأمل ذاتي بعد إعادة توزيع الواجبات

في سبتمبر من عام 2020، كنتُ مسؤولة عن تنسيق عمل ما بعد الإنتاج لملفات الترانيم الصوتية. كنتُ أتولى الاهتمام بكل أمور الفريق، كبيرها وصغيرها، وكان قائد الفريق يستشيرني في مختلف الأمور. كما كان الإخوة والأخوات على استعداد لمناقشة حالاتهم والصعوبات التي تواجههم معي. قال لي قائد الفريق: "على مدار السنوات، مرّ على فريقنا العديد من المنسقين، لكنّكِ الأطول بقاءً هنا. أنتِ قادرة على إدارة جميع جوانب العمل بكفاءة، وتتمتعين بمهارة عالية في التنسيق". أحيانًا، عندما كنتُ أُعقد شركة مع الإخوة والأخوات، كنتُ أسمع بعضهم يقول: "عقد الشركة معكِ يجعل ذهني أكثر صفاءً". وفي كل مرة كنتُ أسمع مثل هذه الكلمات، كنتُ أشعر برضا عميق. كنتُ أعتقد أنني الشخص الأنسب لهذا الواجب، وأنه يُجسِّد قيمة وجودي على أفضل وجه. لذلك، كنتُ أحب هذا الواجب كثيرًا.

وعلى نحو غير متوقع، أُعيد توزيعي إلى فريق تسجيل الترانيم في يناير من عام 2023 بسبب احتياجات العمل. لم أكن قد سجَّلت أي ترنيمة لأكثر من أربع سنوات، لذلك كان عليّ أن أتعلم بعض المهارات والتقنيات من نقطة الصفر. أصبحتُ أقل أعضاء الفريق مهارة. في السابق، بصفتي مُنسّقة، كان أعضاء الفريق يأتون إليّ طلبًا للمشورة في مختلف الأمور، أما الآن، فكان عليّ أن أسأل الآخرين عن كل شيء. كان بإمكان أي شخص في الفريق أن يأتي ليوجهني في عملي ويشير إلى نقائصي، ما جعلني أشعر بعدم الارتياح. فكَّرت: "لقد اعتدت أن أكون الشخص الذي يرتب المهام للآخرين. أما الآن، فأي شخص يمكنه أن يوجّهني. أين يمكنني أن أختبئ؟ ماذا سيظنّ بي الإخوة والأخوات؟ لا يمكن أن يستمر الأمر هكذا! عليّ أن أتدرّب على الغناء بجدية وأسعى جاهدة لتحسين مهاراتي في أسرع وقت ممكن، لكي لا يشير الآخرون إلى مشكلاتي باستمرار". رغم جهودي، كانت لا تزال لديّ مشكلات كثيرة في تقنيات الغناء. وتكرر الأمر ذاته في أثناء تصوير فيديوهات الجوقة. بما أنني لم أشارك في أي تصوير منذ فترة طويلة، بدت تعبيراتي غير طبيعية. ورغم أنني كنتُ أتدرّب بجد، لم يكن يُسمح لي إلا بالوقوف في الصف الأخير كجزء من الخلفية، ولم أظهر إلا في لقطات نادرة طوال الأغنية. زاد ذلك من شعوري بالضيق. فكّرتُ: "لا أُجيد الغناء، ولا أُحسن الأداء. أنا الأسوأ في كل جانب. مهما حاولتُ، لا أستطيع مواكبة الآخرين. هل قُدر لي أن أبقى دائمًا في الخلفية؟ ما قيمة القيام بهذا الواجب إذًا؟ كيف يمكنني مواجهة أي أحد؟". عندما قارنتُ "مجدي" السابق بـ"سقوطي" الحالي، بكيتُ لما أشعر به من ظُلم. هذا الوضع جعلني أشعر بألم وكبت شديدين. فقدتُ كل حماسي لدرجة أنني فكّرتُ في مغادرة الفريق. كنت أفتقد أيامي كمنسقة على نحو متزايد، وكنت أتخيّل نفسي باستمرار وأنا أعود إلى ذلك الدور يومًا ما، فبذلك لن أشعر بمثل هذا الألم. عندئذٍ، سأتمكن من القيام بواجبي بسهولة، وترتيب مهام الآخرين بمهارة، وأواصل الاستمتاع بنظرات التقدير من الإخوة والأخوات. كنتُ أعلم أن حالتي لم تكن صحيحة. وفي وسط ألمي، أتيتُ أمام الله للصلاة، طالبةً منه أن يقودني للخروج من هذه الحالة.

وفي أثناء عباداتي، ظللتُ أتأمل: من الطبيعي ألا يكون الإنسان على دراية بالمهارات اللازمة عند تولي واجب جديد. عقد الإخوة والأخوات شركة معي أيضًا، وشجّعوني على عدم القلق، قائلين إنني سأتحسن مع الممارسة بمرور الوقت. لكن لماذا كان ما يبدو عاديًا للآخرين يشعرني غالبًا بالسلبية، بل إنه يدفعني أحيانًا إلى الهروب؟ قرأتُ كلمات الله هذه: "لا يفكّرَنَّ أي شخص أنّه مثالي، أو مرموق، أو نبيل، أو متميّز عن الآخرين. ينبع كل هذا من الشخصية المتغطرسة للإنسان وجهله. أن يعتقد المرء دائمًا أنّه متميّز، هذا تسببه شخصية متغطرسة. ألّا يقدر المرء أبدًا على تقبل عيوبه ومواجهة أخطائه وفشله، هذا يعود إلى شخصية متغطرسة، لا تسمح أبدًا لقوة الآخرين بأن تتجاوز قوتهم وتزيد عنها، وهذا يعود إلى الشخصية المتغطرسة، التي لا تسمح مطلقًا للآخرين بامتلاك أفكار واقتراحات وآراء أفضل منه، وعندما يكتشف أن الآخرين أفضل منه، يصبح سلبيًّا ولا يرغب في الكلام ويشعر بالأسى والاكتئاب والاستياء، كل هذا يعود إلى شخصية متغطرسة. يمكن أن تجعلك الشخصية المتغطرسة ساعيًا لحماية سمعتك، وغير قادر على تقبّل التصحيحات من الآخرين، وغير قادر على مواجهة عيوبك، وغير قادر على تقبل فشلك وأخطائك. علاوةً على ذلك، عندما يكون أحد أفضل منك، قد يسبّب هذا نشوء الكراهية والغيرة في قلبك، وقد تشعر بأنّك مقيّد لدرجة أنّك لا ترغب في القيام بواجبك وتصبح لامباليًا في أدائه. قد تُسبّب الشخصية المتغطرسة نشوء هذا السلوك وهذه الممارسات فيك" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. المبادئ التي يجب أن توجّه تصرّف المرء). قارنتُ نفسي بكلام الله وتأملتُ. أدركتُ أن طبيعتي كانت متكبرة جدًا. على مدار العامين الماضيين، اكتسبتُ بعض الخبرة في واجب التنسيق وحققتُ بعض النتائج، جعلني هذا أعتقد أنني ذكية ومتمكِّنة في عملي، وأنني القائدة دائمًا في أي مجموعة. كنتُ أعتقد أنه ينبغي أن أكون أنا مَن يرتب العمل للآخرين، وليس العكس. حتى بعد أن تمَّ توزيعي على واجب يتطلب تعلّم مهارات جديدة، شعرتُ بأن عليَّ التعلم أسرع من الجميع. واجه أعضاء الفريق الآخرون صعوبات في الغناء، واستغرقوا أشهرًا من التدريب، أو حتى أكثر، لتحقيق تناغم تدريجي بين أصواتهم وأصوات الآخرين. ورغم ذلك، كنتُ أتوقع من نفسي أن أواكبهم في غضون أسابيع قليلة فقط. وبعدما فشلتُ في تحقيق تلك التوقعات، شعرتُ بالإحباط والسلبية. وفي أثناء التصوير، عندما رأيتُ الإخوة والأخوات يتمتعون بتعبيرات وأداءات أفضل مني، شعرتُ بعدم الارتياح أيضًا. وحين لم أظهر في العديد من اللقطات، أصبحتُ سلبية، بل وفكرتُ في التخلّي عن واجب الغناء. لم أستطع الاستمرار في بيئة بدت عادية للآخرين. وأي انتكاسة صغيرة أو صعوبة كانت تجعلني أرغب في التهرّب من مسؤوليتي والتخلي عن واجبي. كنتُ حقًا متكبرة وأفتقر إلى العقل! وعندما قدَّم لي الإخوة والأخوات الإرشاد والمساعدة، لم أستطع التعامل مع ذلك بشكل صحيح. بل شعرتُ fأن ذلك قد جرح كبريائي. أدركتُ أن ضيقي وسلبيتي لم يكونا لأنني لم أقم بواجبي كما يجب لإرضاء الله، بل لأنني كنتُ الأسوء في المجموعة، ولم أحظَ بإعجاب الإخوة والأخوات وثناءهم. ثم قرأتُ مقطعًا آخر من كلمات الله: "ما هو دافعه لجعل الناس يقدرونه؟ (ليحظى بالمكانة في أذهان أمثال هؤلاء الناس). عندما تحظى بالمكانة في ذهن شخص آخر، فإنه عندما يكون في صحبتك يحترمك ويكون على وجه الخصوص مؤدبًا عندما يتحدث إليك. إنه يقدّرك ويقدمك على نفسه دومًا في كل الأمور، ويفسح لك الطريق، ويتملقك ويطيعك. وفي كل الأمور يسعى إليك ويدعك تتخذ القرارات، وأنت يراودك إحساس بالمتعة من ذلك؛ إذ تشعر أنك أقوى وأفضل من أي شخص آخر. يحب الجميع هذا الشعور. هذا هو الشعور المصاحب للحصول على المكانة في قلب شخص آخر، ويرغب الناس في الاستمتاع بذلك. وهذا هو السبب وراء تنافس الناس على المكانة، ويتمنى جميعهم أن يحظوا بالمكانة في أفئدة الآخرين، وأن يحترمهم الآخرون ويحبونهم لدرجة العبادة. ومالم يتمكنوا من الحصول على هذه المتعة من ذلك فلن يسعوا وراء المكانة. على سبيل المثال، إن لم تحظَ بالمكانة في ذهن شخص ما، فسوف يتعامل معك على قدم المساواة، ويعاملك كندٍّ له، ويعارضك عند اللزوم، ولا يعاملك بتهذيب أو احترام، وحتّى قد يغادر قبل أن تنتهي من الحديث. فهل ستشعر بالضيق؟ أنت لا يعجبك أن يعاملك الناس على هذا النحو، بل يعجبك الأمر عندما يتملقونك ويقدرونك ويحبونك حتى العبادة في كل لحظة من اللحظات، ويعجبك أيضًا أن تكون محور كل شيء، وأن يدور كل شيء حولك، ويستمع الجميع إليك، ويقدّرونك، ويخضعوا لتوجيهك. أليست هذه رغبة في أن تسود كملك، وأن تمتلك السلطة؟ إن الدافع وراء كلامك وأعمالك هو السعي وراء المكانة وحيازتها، وأنت تجادل وتتشبث بها وتنافس الآخرين عليها، وهدفك هو تولي منصب، وجعل شعب الله المختار يستمعون إليك، ويدعمونك، ويقدسونك. وبمجرد أن تتولى ذلك المنصب، ستكون عندئذ قد حظيت بالسلطة، ويمكنك التمتع بفوائد المكانة، وإعجاب الآخرين، وجميع المزايا الأخرى التي تصاحب ذلك المنصب" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. المبادئ التي يجب أن توجّه تصرّف المرء). بعد قراءتي لكلام الله، تأثرتُ بعمق وفهمتُ على الفور أن تردّدي في التخلي عن واجب التنسيق السابق كان نابعًا من رغبتي العميقة في أن أكون محط تقدير الآخرين واشتهائي لمنافع المكانة. عندما تأملتُ في وقتي مع الفريق السابق، عندما كنتُ أنظّم كل شيء بإتقان، كنتُ أتلقى مديح الجميع. إضافةً إلى ذلك، كان الإخوة والأخوات يُقدّرون آرائي، وكان قائد الفريق يستشيرني في كل الأمور، وكان الجميع يخاطبونني بتهذيب شديد. وفي ظل هذه البيئة، كان لدي شعور قوي بأنني مهمة للغاية، ومحط اهتمام وإعجاب من الجميع، واستمتعتُ كثيرًا بهذا الشعور. بعد أن بدأتُ واجب الغناء، لم أتمكن من مجاراة أعضاء الفريق في جوانب مختلفة. لم يعد أحد يطلب رأيي أو يستشيرني في أمور العمل، وبدلاً من ذلك، قدم الجميع لي الإقتراحات باستمرار، فأردتُ الهروب من هذه البيئة. لتحسين مستوى مهاراتي، كنتُ أستيقظ مبكرًا ولا أرتاح إلا متأخرًا لممارسة الغناء. وأبذل جهدًا أكبر من الآخرين، على أمل أن أستعيد يومًا ما إعجاب الآخرين وثناءهم. حتى إن لم أصبح الأكثر تميزًا، فعلى الأقل، لن أظل مُهمَلة في كل جانب كما هو الحال الآن. كنتُ أعلم جيدًا أن تحسين مهاراتي في الغناء هو عملية تدريجية، لكنني ظللت متعجلة لرؤية نتائج سريعة. وعندما لم ألحظ تقدمًا كبيرًا بعد فترة من بذل الجهد، أصبحتُ سلبية وفقدتُ كل حماسي. أدركتُ الآن أن رغبتي لم تكن هي تأدية الترانيم بشكل جيد، فحسب بل كنتُ أسعى لتحسين مستوى مهاراتي بسرعة، حتى أهرب من وضعي الحالي حيث يتم تجاهلي وتهميشي، وأصبح شخصًا ذا قيمة في الفريق. قارنتُ مظاهري المختلفة بما كشفه كلام الله، وأدركتُ أنني لم أكن أرغب في أن يوجّهني الآخرون، ولا أن يتم تجاهلي، بل كنتُ أسعى دائمًا لأن تكون لي الكلمة الأخيرة وسلطة قيادة المجموعة. كنتُ أسعى إلى تلقي الدعم ونظرات التقدير، وأردتُ أن أضمن لنفسي مكانًا في قلوب الجميع. ألم يكن هذا سيرًا في طريق أضداد المسيح؟ شعرتُ بخوف شديد، وسارعتُ بالمثول أمام الله للصلاة: "يا الله، لقد كنتُ عنيدة ومتمردة في الآونة الأخيرة. فقط لأنني لم أحظَ بتقدير الإخوة والأخوات واهتمامهم، أردتُ التهرب من مسؤوليتي ونبذ واجبي، ولم أستطع الخضوع لسيادتك وترتيباتك. الآن أدرك أن الطريق الذي أسير فيه خطأ، وأنا مستعدة للتوبة. أرجوك أرشدني لأفهم نفسي بعمق أكبر".

لاحقًا، قرأتُ مقطعًا آخر من كلمات الله: "المكانة والهيبة بالنسبة إلى أضداد المسيح هما حياتهم وهدفهم مدى الحياة. الاعتبار الأول لديهم في كل ما يفعلونه هو: "ماذا سيحدث لمكانتي؟ ولهيبتي؟ هل القيام بهذا يمنحني هيبة؟ هل سيرفع مكانتي في أذهان الناس؟" هذا هو أول ما يفكرون فيه، وهو دليل كافٍ على أن لديهم شخصية أضداد المسيح وجوهرهم؛ وإلا لما نظروا إلى المشكلات بهذه الطريقة. يمكن القول إن المكانة والهيبة بالنسبة إلى ضد المسيح ليستا بعض المتطلبات الإضافية، كما أنهما ليستا شيئًا زائدًا يمكنهم الاستغناء عنه. إنهما جزء من طبيعة أضداد المسيح، إنهما في عظامهم، وفي دمائهم، إنهما فطرة لديهم. أضداد المسيح ليسوا غير مبالين تجاه تمتعهم بالمكانة والهيبة، هذا ليس موقفهم. ما هو موقفهم إذن؟ ترتبط المكانة والهيبة ارتباطًا وثيقًا بحياتهم اليومية، وحالتهم اليومية، وما يسعون من أجله يوميًا. وهكذا فإن المكانة والهيبة هما حياة أضداد المسيح. بغض النظر عن الطريقة التي يعيشون بها، وبغض النظر عن البيئة التي يعيشون فيها، وبغض النظر عن العمل الذي يقومون به، وبغض النظر عمَّا يسعون لتحقيقه، وما هي أهدافهم، وما هو اتجاه حياتهم، كل ذلك يدور حول كونهم يتمتعون بسمعة طيبة ومكانة عالية. وهذا الهدف لا يتغير، ولا يمكنهم أبدًا تنحية مثل هذه الأشياء جانبًا. هذا هو الوجه الحقيقي لأضداد المسيح وجوهرهم. يمكنك وضعهم في غابة بدائية في أعماق الجبال، ومع ذلك لن ينحوا جانبًا سعيهم وراء المكانة والهيبة. يمكنك وضعهم ضمن أي مجموعة من الناس، ويظل كل ما يمكنهم التفكير فيه هو المكانة والهيبة. ومع أن أضداد المسيح يؤمنون أيضًا بالله، فإنهم يرون أن السعي وراء المكانة والهيبة مساوٍ للإيمان بالله، ويعطونه نفس القيمة. وهذا يعني أنهم بينما يسيرون في طريق الإيمان بالله، يسعون أيضًا إلى مكانتهم وهيبتهم. يمكن القول إن أضداد المسيح يؤمنون في قلوبهم بأن الإيمان بالله والسعي إلى الحق هو السعي وراء المكانة والهيبة؛ والسعي وراء المكانة والهيبة هو أيضًا السعي إلى الحق، واكتساب المكانة والهيبة هو اكتساب الحق والحياة. سيشعرون بالإحباط الشديد إذا شعروا أنه ليس لديهم هيبة أو مكانة، وأن لا أحد يعجب بهم، أو يبجلهم، أو يتبعهم، وعندها يظنون أنه لا فائدة من الإيمان بالله ولا قيمة له، ويتساءلون في قرارة أنفسهم: "هل مثل هذا الإيمان بالله فشلٌ؟ أليس هذا ميؤوسًا منه؟" إنهم غالبًا ما يتفكَّرون في مثل هذه الأمور في قلوبهم، ويتفكَّرون في كيفية ترسيخ مكان لأنفسهم في بيت الله، وكيف يمكن أن يكون لهم سمعة رفيعة في الكنيسة، بحيث يستمع الناس إليهم عندما يتحدثون، ويساندونهم عندما يتصرفون ويتبعونهم أينما ذهبوا؛ وحتى يكون لهم صوت في الكنيسة، وسمعة طيبة، بحيث يتمتعون بالمزايا، ويتمتعون بمكانة. إنهم يركزون بالفعل على مثل هذه الأمور. هذا هو ما يسعى إليه هؤلاء الناس" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثالث)]. من كلمات الله، فهمت أن أضداد المسيح يُعطون الأولوية دائمًا لسمعتهم ومكانتهم في كل ما يفعلونه. إنهم يجعلون من السمعة والمكانة أهدافًا دائمة في حياتهم. أليس ما كنتُ أسعى إليه هو ذاته ما يسعى إليه أضداد المسيح؟ عندما نظرتُ إلى الماضي، وجدتُ أنه منذ طفولتي، علّمني والداي ومعلمِيَّ أن الحياة ينبغي أن تُعاش بطموح، وأنه ينبغي لي، في أي مجموعة، أن أسعى لأكون الأفضل، وأصبح مثالًا يُحتذى به الآخرون، وأن حياتي لن يكون لها قيمة إلا بهذه الطريقة. تذكّرتُ أنه عندما كنتُ طفلة، قبل المشاركة في مختلف المسابقات، كنتُ أقوم أولًا بتقييم فرصي في الفوز. إن كنتُ واثقة من الفوز، كنتُ أشارك؛ أما إذا كانت فرصي ضئيلة، كنتُ أفضّل عدم المشاركة على أن أخسر وأتعرض للإحراج. في ذهني، لم يكن هناك مفهوم "المشاركة هي الأهم"، بل فقط "الفوز هو أهم شيء". وقد انتقل هذا النهج إلى واجباتي في بيت الله. كنتُ أرغب دائمًا في أداء الواجبات التي أجيدها، لأنها كانت ستُظهر كفاءتي في العمل وتكسبني استحسان الآخرين. كنتُ غير مستعدة لقبول المهام التي لا أجيدها، لأنني لم أرغب في أن يرى الإخوة والأخوات الجانب قليل الخبرة وغير المتمكّن لديَّ. استطعت أن أدرك أن كل ما كشفته أفعالي وتصرفاتي كان يتمحور حول السمعة والمكانة. ما كنتُ أُظهره كان بالضبط شخصية أضداد المسيح. عندما كنتُ أتمتع بالسمعة والمكانة، كنتُ أشعر بالحماس في عملي، وأجد في الواجب قيمة ومعنى. لكن بمجرد أن فقدتُ تلك السمعة والمكانة، فقدتُ أيضًا الرغبة في أداء واجبي. كان التفكير في سمعتي ومكانتي ووضع الخطط لهما يجري فيّ بشكل طبيعي، تمامًا كما هو الحال مع الأكل والنوم يوميًا. كانت الفلسفات الشيطانية مثل "الإنسان يترك اسمه ورائه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت"، و"الإنسان يُكافح صعودًا؛ والماء يتدفَّق نزولًا". قد ترسّخت بعمق في قلبي، وأصبحت الأهداف والمعايير لسلوكي. إن لم أتُب وأتغير، فعاجلًا أم آجلًا، كان الله سيكشفني ويستبعدني لأنني سلكتُ طريق أضداد المسيح في السعي وراء السمعة والمكانة.

خلال أحد الاجتماعات، سمعتُ مقطعًا من كلمات الله، وقدّم لي طريقًا واضحًا للممارسة، وفهْمًا لمتطلبات الله من البشرية. يقول الله القدير: "بما أنك تتمنى البقاء بسلام في بيت الله كعضو، فينبغي عليك أولًا أن تتعلم كيفية أن تكون كائنًا مخلوقًا جيدًا وأداء واجباتك وفقًا لمكانك. سوف تصبح حينها في بيت الله كائنًا مخلوقًا يرقى إلى مستوى اسمه. فالكائن المخلوق هو هويتك ولقبك الخارجيين، وينبغي أن يتسم بمظاهر محددة وجوهر محدد. لا يتعلق الأمر بمجرد الحصول على اللقب، ولكن بما أنك كائن مخلوق، ينبغي أن تؤدي واجبات كائن مخلوق. وبما أنك كائن مخلوق، ينبغي أن تفي بمسؤوليات كائن مخلوق. ما واجبات الكائن المخلوق ومسؤولياته إذًا؟ تحدد كلمة الله بوضوح واجبات الكائنات المخلوقة والتزاماتها ومسؤولياتها، أليس كذلك؟ من اليوم فصاعدًا، أنت عضو حقيقي في بيت الله، وذلك يعني أنك تقر بأنك أحد كائنات الله المخلوقة. وبناءً عليه، ينبغي عليك بدءًا من اليوم إعادة النظر في خطط حياتك. ينبغي ألا تعود تسعى إلى المُثُل العليا والرغبات والأهداف التي حددتها مسبقًا لحياتك بل أن تتخلص منها. بدلًا من ذلك، ينبغي عليك تغيير هويتك ومنظورك لتخطيط الأهداف الحياتية والاتجاه الذي ينبغي أن يكون لدى الكائن المخلوق. أولًا وقبل كل شيء، ينبغي ألا تكون أهدافك واتجاهك أن تصبح قائدًا أو أن تقود أو تتفوق في أي مجال عمل أو أن تصبح شخصية مشهورة تنفذ مهمة معينة أو تجيد مهارة محددة. ينبغي أن يكون هدفك هو تلقي واجبك من الله، أي معرفة العمل الذي ينبغي أن تعمله الآن في هذه اللحظة وفهم الواجب الذي يجب عليك إتمامه. عليك أن تسأل عما يطلبه الله منك والواجب الذي جرى ترتيبه لك في بيته. ينبغي أن تفهم المبادئ التي ينبغي فهمها وأن تتضح لك، وأن تتمسك بها وتتبعها فيما يخص ذلك الواجب. إن لم تتمكن من تذكُّرها، فيمكنك كتابتها على الورق أو تسجيلها على حاسوبك. خصص الوقت الكافي لمراجعتها والتفكير فيها. ينبغي أن يكون هدف حياتك الأساسي باعتبارك عضوًا في الخليقة هو أن تؤدي واجبك ككائن مخلوق وأن تكون كائنًا مخلوقًا كفؤًا. هذا هو هدف الحياة الأكثر جوهرية الذي ينبغي أن يكون لديك. والأمر الثاني والأكثر تحديدًا هو كيفية أن تؤدي واجبك ككائن مخلوق وتكون كائنًا مخلوقًا كفؤًا. وبالطبع، ينبغي التخلي عن أي أهداف أو اتجاهات ترتبط بسمعتك ومكانتك وغرورك ومستقبلك وما إلى ذلك" [الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (7)]. يتطلب الله من كل كائن مخلوق أن يؤدي واجباته وفقًا لمكانه، وأن يعرف عمله وواجبه في الوقت الحاضر. أي أهداف تتعلق بالسمعة أو المكانة أو المستقبل الشخصي، ينبغي التخلي عنها. واجبي الحالي هو الغناء، وما ينبغي لي فعله هو التركيز أكثر على دراسة مهارات الغناء وتقنياته، وأن أحرص على تحسين مستواي في أسرع وقت ممكن. لا ينبغي لي التعلق بمجد دوري السابق كمنسقة، ولا الانشغال بالقلق حول كيف يمكن أن تتأثر سمعتي ومكانتي في أثناء ممارستي للغناء. فهذه ليست مظاهر تدل على التواضع في أداء بالواجبات. بعد أن فهمتُ ذلك، حاولتُ بكل جهدي الممارسة وفقًا لكلام الله، مع التركز على معالجة شخصيتي الفاسدة ووجهات نظري المغلوطة في أثناء ممارسة الغناء. كلما كنتُ أقلق بشأن سمعتي ومكانتي وأتردد في الغناء علانيةً، كنتُ أصلّي لله بصمت، طالبةً منه أن يرشدني ويساعدني على التخلي عن كبريائي ورغبتي في المكانة. ورغم أنني كنتُ لا أزال أشعر أحيانًا بالإحباط والانزعاج بسبب عدم إتقاني للغناء، فإنني، من خلال أكل كلام الله وشربه، أدركت بوضوح أن وجهة نظري في السعي كانت خطأ. فالله لا يطلب من البشر أن يكونوا قادة أو شخصيات بارزة في أي مجال، بل يريد منهم أن يتمسكوا بواجباتهم ومسؤولياتهم. عندما أدركتُ ذلك، سارعتُ إلى تصحيح مشاعري السلبية، وأصبحتُ أقل تقيُّدًا في الغناء. وبعد فترة، أخبرني المشرف أنني أحرزتُ بعض التقدم في الغناء، وسمَح لي بالمشاركة في التسجيل. عندما رأيتُ هذا التحسن البسيط في مهاراتي، شعرتُ بسعادة كبيرة. وأدركتُ أن التقدم في المهارات مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالدخول الشخصي في الحياة. عندما كنتُ أركز على سمعتي ومكانتي، كنتُ أشعر بأنني مقيدة ومكبلة في كل شيء. ولم أستطع أن أشعر بإرشاد الله في واجبي. لكن عندما كنتُ على استعداد لتنحية كبريائي ومكانتي وممارسة مهاراتي بجدية، اكتشفتُ دون أن أدرك بعض سُبل الممارسة.

من خلال هذا الاختبار، أدركتُ حقًا أن السعي وراء السمعة والمكانة بدلًا من السعي إلى الحق، لم يساعدني على القيام بواجبي بشكل جيد، بل أثّر سلبًا في عمل الكنيسة. كما أدركتُ أن إعادة توزيعي إلى هذا الواجب كانت حماية عظيمة من الله لي. لقد سمح لي ذلك بأن أرى فسادي ونقائصي، وأجد مكاني الصحيح، وأخضع، وأقوم بواجبي براحة بال. أشكر الله على خلاصه لي!

السابق: 74. كيفية التعامل مع مساعدة الآخرين ونصائحهم

التالي: 88. مبادئ التفاعل مع الآخرين

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

34. صحوة مسيحي روحيًا

بقلم لينجوُو – اليابانإنني طفل من جيل الثمانينيات، وولِدت في أسرة مزارعين عادية. كان أخي الأكبر دائمًا معتل الصحة ومريضًا منذ أن كان...

6. اسمعوا! من هذا الذي يتكلم؟

بقلم تشو لي – الصينبصفتي واعظة في الكنيسة، ليس هناك ما هو أكثر صعوبة من الفقر الروحي ومن ألا يكون لديَّ شيء أُبشِّرُ به. كنت أشعرُ بالعجزِ...

40. العودة إلى البيت

بقلم مويي – كوريا الجنوبية" محبَّةُ الله تفيضُ، أعطاها مجّانًا للإنسانِ، وهيَ تُحيطُ بهُ. الإنسانُ بريءٌ طاهرٌ، غيرُ قلقٍ أنْ تُقيدَهُ...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب