16. الأشياء الصغيرة في الحياة هي أيضًا فرص للتعلم
لفترة من الزمن، كان عليّ الاختباء في منزل مضيف للقيام بواجباتي لتجنب ملاحقة الحزب الشيوعي الصيني لي. وفي أحد الأيام، بعد عودة المشرف من اجتماع، قدم شركة حول بعض مبادئ الحق المتعلقة بتمييز الناس. لم أستطع أن أمنع نفسي من الشعور بالحسد في قلبي، إذ فكرت: "سيظل من الأفضل أن أتمكن من الخروج والقيام بالواجبات. سيكون المرء قادرًا على حضور المزيد من الاجتماعات وكسب المزيد من الحقائق والدخول إليها بسرعة أكبر، وذلك بخلافي، أنا التي أقوم بواجب نصي طوال اليوم دون الخروج. فبخلاف مهامي الحالية، أنا لا أتفاعل سوى مع الزوجين من عائلة المضيف وكلبهما. دائرتي الاجتماعية صغيرة لدرجة أنني لا أرى أي شخص إلا نادرًا. ولا يوجد حتى سياق حيث يمكن أن أكشف عن فسادي. كيف يمكنني أن أعرف نفسي؟ كيف يمكنني أن أكسب المزيد من الحقائق؟". في تلك اللحظة، فكرت: "الله يحدد عاقبة الناس بناءً على ما إذا كانوا يمتلكون الحق. إذا انتهى بي الأمر إلى عدم كسب الحق ولم تتغير شخصيتي، فهل يظل من الممكن أن أُخلص؟". وعندما فكرت في ذلك، لم أعد أرغب في القيام بواجبي النصي بعد الآن. أردت أن أطلب من المشرف أن يكلفني بواجب يتضمن المزيد من التفاعل مع الناس والمزيد من الاجتماعات. وبعد ذلك، شعرت أن هذا لم يكن معقولًا. فالواجبات التي يُكلَّف الأشخاص بها كانت تعتمد على تقييم شامل لمستوى قدراتهم وقواهم. لذا، فإنني بانتقائي واختياري للواجب الذي أقوم به أكون غير مطيعة. حدقت في الكمبيوتر، أفكر تارة بهذه الطريقة وتارة بتلك، غير قادرة على تهدئة قلبي.
في بعد ظهر اليوم التالي، عندما رأيت المشرف يخرج لحضور اجتماع آخر، شعرت بغيرة شديدة وأنا أفكر: "أن تكون مشرفًا أمر رائع. فليس الأمر فحسب أنهم يلتقون بالقادة كثيرًا ويفهمون المزيد من الحقائق، بل يمارسون أيضًا حل المشكلات من خلال الحق في مجموعات مختلفة. وفي كل يوم يحققون بعض المكاسب، وحياتهم تتقدم بسرعة كبيرة! واجبي يبقيني بأمان في الداخل، لكن مع قلة الاجتماعات، كيف لي أن أكسب الحقائق؟". لم أتمكن من منع نفسي من أن يكون لدي شكاوى ولم أرد أن أستمر في هذا الواجب. لكن بعد ذلك فكرت في ما قاله المشرف حول صعوبة إيجاد موظفين يقومون بالعمل النصي. إذا قلتُ إني لا أريد القيام بهذا الواجب، ألن يكون ذلك بمثابة خلق متاعب للكنيسة؟ لذلك، لم يكن يسعني سوى الالتزام بالقيام به. وعلى الرغم من أنني واصلت العمل، فإنني لم أشعر بأي إحساس بالعبء في قلبي. في اليومين التاليين، تعطل جهاز الكمبيوتر الخاص بي أكثر من مرة، وتزامن ذلك مع افتقاري إلى التفاني في واجباتي، فتأخر العمل. ذكرني المشرف بعدم الاكتفاء فقط بالبحث عن الأسباب الخارجية، بل بالتأمل في حالتي الخاصة. لذلك، شاركته بما قد كشفت عنه مؤخرًا. سألني المشرف: "هل طلبتِ الحق لحل حالتك؟ أنتِ لا تطلبين الحق لحل فسادك الذي كُشِف عنه. ولا تتعلمين الدروس التي أمامكِ. هل تعتقدين أن تغيير واجبك سيساعدك على تعلمها؟". جعلتني كلمات المشرف عاجزة عن الكلام. فما قاله كان صحيحًا فعلًا. كان عليَّ أن أركز على تعلم الدروس من الأمور التي في متناول يدي وأن أطلب الحق لأحلَّ به فسادي.
في وقت لاحق، قرأت كلمات الله هذه: "إن الحق الذي يحتاج الإنسان إلى امتلاكه موجودٌ في كلمة الله، وهو الحق الأكثر نفعًا وفائدةً للبشرية. إنه الترياق والغذاء اللذان يحتاج إليهما جسدكم، وهو شيء يساعد الإنسان على استعادة إنسانيته الطبيعية. إنَّه الحق الذي يجب أن يتسلَّح به الإنسان. كلما مارستُم كلمة الله أكثر، أزهرت حياتكم أسرع، وازداد الحق وضوحًا. كلما نمت قامتكم، رأيتم أمورًا من العالم الروحي بشكل أكثر وضوحًا، وستكون لديكم قوة أكبر للانتصار على الشيطان. سوف يتضح لكم الكثير من الحق الذي لا تفهمونه عندما تمارسون كلمة الله. يشعر غالبية الناس بالرضا لمجرَّد أن يفهموا نص كلمة الله ويركزوا على تسليح أنفسهم بالتعاليم بدلًا من تعميق اختبارهم في الممارسة، ولكن أليست هذه طريقة الفريسيين؟ هل يمكنهم ربح واقع عبارة "كلمة الله حياة" من خلال القيام بذلك؟ لا يمكن لحياة الإنسان أن تنمو بمجرَّد قراءة كلمة الله، ولكن فقط عندما تُمارَس كلمة الله. إذا كان في اعتقادك أن فهم كلمة الله هو كل ما يلزم لتنال الحياة والقامة، ففهمك إذًا ناقص؛ فالفهم الصحيح لكلمة الله يحدث عندما تمارس الحق، وعليك أن تفهم أنه "لا يمكن مطلقًا فهم الحق إلا بممارسته". تستطيع اليوم، بعد قراءة كلمة الله، أن تقول فقط إنَّك تعرف كلمة الله، لكن لا يمكنك أن تقول إنَّك فهمتها. يقول البعض إن الطريقة الوحيدة لممارسة الحق هي أن تفهمه أولًا، لكنَّ هذا صحيح جزئيًا فقط، وبالتأكيد ليس دقيقًا في مجمله. فأنت لم تختبر ذلك الحق قبل أن تمتلك معرفته. إن شعورك بأنَّك تفهم شيئًا ما مما تسمعه في عظةٍ لا يعني فهمه حقًا، فما هذا إلَّا اقتناء كلمات الحق الحرفيَّة، وهو ليس كفهم المعنى الحقيقي الذي تنطوي عليه. إنَّ مجرد اقتنائك لمعرفة سطحية بالحق لا يعني أنك تفهمه أو أنّه لديك معرفة به بالفعل؛ فالمعنى الحقيقي للحق يتأتّى من جراء اختباره. ومن ثمَّ، فإنك لا تستطيع فهم الحق إلاّ عند اختباره، وعندئذٍ فقط تستطيع أن تفهم الجوانب الخفية فيه. إن تعميق اختبارك هو الطريق الوحيد لفهم دلالات الحقّ واستيعاب جوهره" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بمجرد فهمك للحق عليك أن تمارسه). جعلتني كلمات الله أدرك أن الفهم الحقيقي للحق يتطلب ممارسته والدخول فيه في الحياة الواقعية، وأن فقط من يركزون على الممارسة يمكنهم فهم جوهر الحق. فقراءة كلام الله أو الاستماع إلى شركة الآخرين فحسب دون التركيز على الممارسة أو الدخول فيه، يمكن أن تجعل المرء يفهم التعاليم فقط، ولا يفهم الحق بشكل حقيقي. فكرت في قائدين عرفتهما سابقًا. كانا يعملان من الفجر حتى الغروب، ويعقدان الاجتماعات والشركة في كل مكان مع الإخوة والأخوات. كانا يقرآن الكثير من كلام الله ويحضران اجتماعات عديدة مع القادة رفيعي المستوى. وعلى الرغم من أنهما كانا يفهمان العديد من الكلمات والتعاليم، فلم يركزا على فحص فسادهما المشكوف أو ممارسة كلام الله. كان أحد القادة يمجد نفسه دائمًا ويشهد لها، ويجمع الإخوة والأخوات حوله، وفي النهاية أصبح من أضداد المسيح. أما القائد الآخر فكان مهووسًا بالمكانة، وكان يعذب أي شخص لا يخضع له أو يقدم له اقتراحات، وفي النهاية طُرد من الكنيسة جرَّاء كثرة أعماله الشريرة. في حين أن بعض الإخوة والأخوات كان لديهم واجبات لا تضعهم في دائرة الضوء وكانت تتضمن تواصلًا محدودًا مع الآخرين، لكنهم كانوا يركزون على التأمل الذاتي ومعرفة أنفسهم وفقًا لكلام الله، فكانت حياتهم تنمو مع مرور الوقت. حتى إن بعضهم كتب مقالات شهادات اختبارية. فكرت أيضًا في بطرس من عصر النعمة. لقد استمع إلى عظات كثيرة من الرب يسوع، لكنه لم يقنع بسماعها فحسب. كان كثيرًا ما يتفكر في كلمات الرب ويركز على ممارستها في الحياة اليومية. ومن خلال ممارسة الحق، نال استنارة الله وتوجيهه، وبالاختبار التدريجي بهذه الطريقة، أصبح الحق حياته، وكسب واقع الخضوع لله، واتقائه ومحبته. وبالمثل، كنت قد سمعت الآن الكثير من كلام الله، والعديد من العظات والشركات حول دخول الحياة، ولكن لأنني لم أكن أسعى للحق، أو أركز على التأمل في نفسي عندما تحدث أشياء، ولأنني نادرًا ما كنت أطلب الحق أثناء قيامي بالأشياء، كانت مكاسبى أقل ما يمكن. من خلال ذلك، أدركت أن التركيز فحسب على تزويد النفس بالتعاليم، مهما يكن مقدار ما يفهمه المرء، فإن ذلك لا يعني أنه يفهم الحق. فكرت في كيف أنني كثيرًا ما قرأت سابقًا عن حق الخضوع لله، وفهمت أنه في جميع الظروف يجب أن أتشبث بواجبي وأخضع لتنظيمات الله وترتيباته، ولكن عندما لم تتناسب البيئة التي وضعها الله مع مفاهيمي، أدركت أنني كنت أفتقر إلى واقع الخضوع. وعندما اعتقدت أن هذا الواجب لا يتماشى مع رغباتي، شعرت بمقاومة تجاهه وكنت غير راغبة في الخضوع. أدركت أنه مهما استمعت إلى شركات، فإن ذلك لا يعني أنني قد فهمت الحق أو اكتسبته. ما فهمته لم يكن إلا كلمات وتعاليم، وإذا لم أركز على ممارسة الحق، فسأظل غير قادرة على كسبه بصدق، ولن يكون بإمكاني تغيير شخصيتي الحياتية.
واصلت الطلب بناءً على حالتي وصادفتُ فقرةً من كلمات الله تقول: "لا يحدث تحول الشخصية الفاسدة بين يوم وليلة. يتعين على المرء أن يتأمل في نفسه ويتفحصها باستمرار من حيث كل الأمور، وعليه أن يفحص أفعاله وسلوكياته في ضوء كلام الله، ويحاول أن يفهم نفسه ويجد مسار ممارسة الحق. هذا هو الطريق للتعامل مع الشخصية الفاسدة. من الضروري التأمل في الشخصيات الفاسدة التي تكشف عن نفسها في الحياة اليومية واستكشافها، وممارسة التشريح والتمييز اعتمادًا على فهم المرء للحق، وأن يحرز تقدمًا تدريجيًّا، حتى يتمكن المرء من ممارسة الحق ويوائم كل أعماله مع الحق. ومن خلال هذا المسعى والممارسة وفهم الذات يبدأ هذا الكشف عن الفساد بالتلاشي، ويوجد أمل بأن يحدث تحول في شخصية المرء في نهاية المطاف. هذا هو المسار. إن حدوث تحول في شخصية المرء هو مسألة نمو في حياته. على المرء استيعاب الحق وممارسته؛ إذ لا يمكنه معالجة مشكلة الشخصية الفاسدة إلّا من خلال ممارسة الحق. وإن استمرت إحدى الشخصيات الفاسدة بالكشف عن نفسها بشكل دائم، حتى إلى درجة الكشف عن نفسها في كل عمل وكلمة، فيدل ذلك على أن شخصية المرء لم تتغير. ويجب تشريح أي أمور متصلة بالشخصية الفاسدة واستقصاؤها بجدّيّة، وينبغي للمرء أن يسعى إلى الحق لكي يكتشف الأسباب الجذرية للشخصية الفاسدة والتعامل معها. هذه هي الطريقة الوحيدة لحل مشكلة الشخصية الفاسدة بشكل كامل. وبمجرد أن تجد هذا المسار، يوجد أمل لحدوث تحول في شخصيتك. هذه ليست أمور فارغة؛ فهي ترتبط بالحياة الواقعية. ويكمن المفتاح فيما إذا كان بإمكان الأفراد تكريس أنفسهم بإخلاص وجدية لوقائع الحق، وما إذا كان بإمكانهم ممارسة الحق. فما داموا قادرين على ممارسة الحق، يمكنهم البدء تدريجيًّا بالتخلص من شخصيتهم الفاسدة، ثم يمكنهم التصرف وفقًا لمتطلبات الله وحسب مقامهم. وسينالون استحسان الله عند العثور على مكانهم، والثبات في دورهم ككائنات مخلوقة، وعندما يصبحون أشخاصًا يعبدون الله حقًّا ويخضعون له" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. المبادئ التي يجب أن توجّه تصرّف المرء). لقد بيَّنت كلمات الله بوضوح تام أن شخصيات الإنسان الفاسدة تُكشف كل يوم. ففي كل أمر وكل كلمة تُقال، قد تكون هناك شخصيات فاسدة وأفكار وآراء مغلوطة مختلطة بها. على الناس أن يطلبوا الحق للتعرف على هذه المشكلات وعلاجها. وفي النهاية، تعتمد إمكانية اكتساب الحق وتحقيق تغيير في الشخصية على ما إذا كان الشخص يسعى للحق ويمارسه. فالأمر ليس أنه كلما تفاعلت مع عدد أكبر من الناس كلما أظهرت فسادًا أكثر، أو أنه إذا لم تخرج وتعاملت مع عدد أقل من الناس، ستظهر فسادًا أقل. كان هذا مفهومي وتصوري. في الواقع، حتى لو كان لدى الناس واجبًا يتطلب تفاعلًا محدودًا مع الآخرين، فما داموا يتحملون عبء دخولهم الحياة، ويولون اهتمامًا لوجهات نظرهم وأفكارهم التي تُكشف في كل أمر، ويفحصونها بعناية، ويطلبون الحق في الوقت المناسب لعلاج أي فساد يُكتشف، فلا يزال بإمكانهم كسب الحق واختبار التغيير. وبالتفكير في نفسي، وعلى الرغم من أن واجبي الحالي يتطلب تفاعلًا محدودًا مع الناس، فإنني كنت قد كشفت عن الكثير من الفساد في عملي. في بعض الأحيان، عندما كان العمل مزدحمًا ويتطلب السهر لوقت متأخر، كنت أخشى أن أفرط في استخدام عيني بسبب مشكلة بسيطة فيها، خوفًا من أنه إذا تعبت عيناي، فلن أتمكن من متابعة القيام بواجبي ولن أخلص، لذا كنت أتخاذل وأؤخر العمل. وفي أحيان أخرى، كنت أقوم بواجبي بلا مبالاة، ولا أتحقق من تفاصيل العمل، مما كان يؤدي إلى إعادة العمل وتأخير تقدمه. لقد أدركت أن طبيعتي الحقيرة كانت خطيرة. تذكرت أيضًا أنه في السابق، حينما كان لديَّ واجب يتطلب مني مقابلة الناس وحضور الاجتماعات يوميًا، وعلى الرغم من أنني كنت قد أظهرت الكثير من الفساد، لقد استخدمت انشغالي بالواجبات عذرًا لأتجنب التأمل في ذاتي، ونادرًا ما كنت أطلب الحق لعلاج فسادي. لقد مررت بالعديد من الاختبارات وأظهرت الكثير من الفساد، لكنني لم أكسب الكثير من الحق. أما الآن، وأنا أقوم بواجب نصي، كنت مشغولة بالتركيز فقط على إنجاز الأشياء كل يوم، ونادرًا ما كنت آتي إلى الله للتأمل في فسادي. وعلاوة على قيامي بواجبي، كان ذهني كثيرًا ما يصيبه حالة من الفراغ، أو كنت أفكر في المتعة الجسدية أو المودة العائلية أو الشهرة أو المكانة – كلها أشياء لا علاقة لها بالحق. لم يكن هناك تقدم في دخولي الحياة. لقد أدركت أن كسب الحق لا يعتمد على الواجب الذي يقوم به المرء. فالأهم هو ما إذا كانوا يركزون على التأمل في أنفسهم، وما إذا كانوا يبذلون جهودًا حقيقية لحل فسادهم الظاهر. فإذا لم يطلبوا الحق ويتأملوا في أنفسهم، فإنهم حتى لو أصبحوا مشرفين، فلن يكتسبوا الحق ولن يكون بإمكانهم أن يُخلَّصوا. وعند مواجهة هذه الحقائق، أدركت مدى عبثية آرائي وخطأها! ولأنني لم أفهم الحق، فقد نظرت إلى الأمور من منظورات مغلوطة، ودائمًا ما كنت أرغب في نبذ هذا الواجب وعدم الخضوع لسيادة الله وترتيباته. لقد قمت بواجبي أيضًا دون حماسة، وإذا كنت واصلت على هذا النحو، فلم يكن بالإمكان إلا أن يؤخر العمل ويجعل الله يزدريني. أدركت مدى أهمية أن تتبنى أفكارًا وآراءً صحيحة عند السعي إلى الحق. وبعد أن فهمت ذلك، لم أعد انتقائية بشأن واجبي، بل كنت مستعدة للاستفادة من الفرصة الحالية للقيام بواجبي، وأوليت اهتمامًا وثيقًا لأفكاري وآرائي عندما تحدث أشياء، وكنت أطلب الحق لعلاجها على الفور.
وأثناء تأملي، أدركت أن عدم قدرتي على الخضوع للقيام بواجبي الحالي لم تكن بسبب آرائي المغلوطة فحسب، بل كانت أيضًا بسبب رغبتي في كسب البركات. كنت أحسب أن قيامي بهذا الواجب سيسهم في اكتسابي حقائق أقل، مما يعني أن أملي في البركات كان ضئيلًا، لذلك لم أكن أرغب في القيام به. لقد أدركت أن مقصدي من الإيمان بالله والقيام بالواجبات كان خاطئًا. فقرأت كلمات الله هذه: "يؤمن الناس بالله لينالوا البركات والمكافآت والأكاليل. ألا يوجد هذا في قلوب الجميع؟ في الواقع، نعم. رغم أن الناس لا يتحدثون في كثير من الأحيان عن ذلك، حتى إنهم يتسترون على دوافعهم ورغبتهم في الحصول على البركات، فإن هذه الرغبة والدافع كانا دومًا راسخين في صميم قلوب الناس. مهما يكن مدى فهم الناس للنظرية الروحية، والاختبار أو المعرفة التي لديهم، أو الواجب الذي يمكنهم القيام به، أو حجم المعاناة التي يتحملونها، أو مقدار الثمن الذي يدفعونه، فإنهم لا يتخلون مطلقًا عن الدافع الكامن في أعماق قلوبهم لنيل البركات، ودائمًا ما يعملون بصمت في خدمة ذاك الدافع. أليس هذا هو الشيء المدفون في أعماق قلوب الناس؟ كيف سيكون شعوركم بدون هذا الدافع لتلقي البركات؟ كيف سيكون سلوككم في تأدية واجبكم واتّباع الله؟ ماذا سيحدث للناس إن تخلَّص الناس من هذا الدافع المخفي في قلوبهم لنوال البركات؟ من الممكن أن يصبح كثير من الناس سلبيين، في حين تضعف عزيمة البعض في أداء واجبهم. سيفقدون الاهتمام بإيمانهم بالله، كما لو أن نفوسهم قد تلاشت، وسيبدون وكأنما قلوبهم قد انتُزعت. لهذا أقول إن الدافع لنيل البركات هو شيء مخفي بعمق في قلوب الناس" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ستَّة مُؤشِّرات لنمو الحياة). لقد كشفت كلمات الله عن حالتي. فقد كان هدفي الوحيد من الإيمان بالله والتخلي عن الأشياء وبذل نفسي والعمل بجد، هو تلقي البركات. وكنت إذا لم أتمكن من تلقي البركات، أفقد الدافع للقيام بواجبي، وافتقر للحماس تجاه كل شيء. منذ أن بدأت في الإيمان بالله، كنت دائمًا متحمسة للقيام بواجبي، متخلية عن عملي وزواجي، وكنت على استعداد لأن أعاني وأدفع ثمنًا في واجبي. وعندما عُيِّنتُ في هذا الواجب النصي، فكرت في أنه ينطوي على قليل من الاجتماعات الخارجية وفرص أقل لكسب الحق، مما قد يعيق خلاصي. لذلك، أردت أن يعطيني المشرف واجبًا مختلفًا، وكنت أشتكي من أن الواجب الذي عُيِّنتُ فيه غير مناسب. وبدأت في القيام بواجبي بلا مبالاة، وكنت أتخاذل وأوخر العمل. لقد أدركت أن تضحياتي وجهودي في القيام بواجباتي كانت مدفوعة برغبتي في البركات. لم أراعِ في إيماني سوى مصلحتي الشخصية، وكنت أتعامل مع واجبي كوسيلة لكسب البركات. فإذا بدا لي الواجب مفيدًا لكسب البركات، كنت أتحمس للقيام به، وإذا لم يكن كذلك، أصبحت سلبية وشعرت بالمقاومة تجاهه. لم أكن أسعى للخضوع لله وإرضائه، ولم أكن أقوم بواجبي بصفتي كائنًا مخلوقًا بصدق تجاه الله. لن يؤدي السعي على هذا النحو إلا إلى بغض الله وسيؤدي في النهاية إلى أن يستبعدني الله. يجب عليَّ أن أطيع ترتيبات الكنيسة، وأقوم بواجباتي بمثابرة وضمير حي، وأن أركز على التأمل في ذاتي في كل الأمور لأتعلَّم الدروس، وأن أسعى إلى تغيير شخصيتي.
في الأيام التالية، ركزت على تعلم الدروس من الأشياء التي واجهتها. كان الأخ الموجود في بيت المضيف متحمسًا للقيام بواجبه، ولكنه لم يولِ الكثير من الاهتمام لدخول الحياة. وفي الماضي، كنت أساعده بنوايا حسنة، ودائمًا ما كنت أحاول دفعه للتعرف على ذاته من خلال الأشياء التي تقع له، مما أدى إلى شعوره بالمقاومة والنفور. جعلني ذلك أشعر بالظلم، وتساءلت لماذا لم تُقدَّر نواياي الحسنة. ومن خلال التأمل، أدركت أنه كانت لديَّ شخصية متغطرسة وكنت أجبر الآخرين على الاستماع إليَّ. وكنت أفتقر أيضًا إلى المبادئ في مساعدة الآخرين. لاحقًا، قرأت "مبادئ مساعدة الآخرين بمحبة"، وفهمت أن مساعدة الآخرين يجب على الأقل ألا تجعلهم يتعثرون بل أن تفيدهم، وأنه يجب عليَّ أن أتعامل مع الآخرين وفقًا لقامتهم، موجهة إياهم بصبر وعطف دون إجبارهم على قبول آرائي. علاوة على ذلك، منذ فترة من الزمن، غادر المدينة العديد من الإخوة والأخوات المدينة ليبشروا بالإنجيل. ولم أتمكن من الذهاب لأسباب معينة، وشعرت بالكثير من السلبية والإحباط، وكنت أشتكي من سبب سماح الله بحدوث ذلك لي. فيما بعد، ركزت على طلب الحق، ومن خلال قراءة كلمات الله والتأمل في نفسي، أدركت آرائي المغلوطة ونيتي في طلب البركات. كنت أعتقد أن مغادرة المدينة للقيام بالواجبات يوفر فرصًا أكبر للممارسة، وبالتالي أملًا أكبر في كسب الحق والخلاص. وعندما لم يتحقق هذا الهدف، أصبحت سلبية وتذمرت. أدركت أنه يجب عليَّ بصفتي كائنًا مخلوقًا أن أخضع لتنظيم الخالق وترتيباته، وفهمت أن قدرة الإنسان على كسب الحق تعتمد على سعيه ودفعه الثمن من أجله، وليس على المكان الذي يقوم فيه بواجباته. يجب علىَّ أن أتمسك بواجبي، وأسعى إلى الحق، وأتعلم الدروس في بيئتي الحالية، وأقوم بواجبي بشكل جيد. كان هذا ما يجب أن أسعى إليه.
من خلال التأمل في اختباراتي خلال تلك الفترة، فهمت أنه في الإيمان بالله، سواء كان المرء يمكنه اكتساب الحق أم لا، فإن ذلك لا يعتمد على الواجب الذي يقوم به المرء، بل على ما إذا كان يحب الحق ويمارسه. فإذا كان الشخص جادًا في التعامل مع الأمور اليومية التي تطرأ، مركزًا على التأمل في فساده وطلب الحق لعلاجه، وبذل الجهود لتغيير شخصيته، فسوف يحقق بعض المكاسب كل يوم. الآن، لم أعد أشعر بالمقاومة تجاه القيام بهذا الواجب النصي وأستطيع الخضوع له. إنني أيضًا مستعدة للاعتزاز بهذا الواجب وبذل الجهد في السعي إلى الحق.