67. محنة تلو الأخرى

ذات صباح في أبريل/نيسان من عام 2009، قرابة الساعة التاسعة صباحًا، اندفع ثمانية رجال نحونا أنا والأخت دينغ نينغ في اللحظة التي خرجنا فيها إلى الشارع بعد أحد الاجتماعات. ودون أن ينبس أحدهم ببنت شفة، سحبوا أيدينا على الفور خلف ظهرينا وصادروا حقيبتينا وأكثر من 40 ألف يوان من أموال الكنيسة. فوجئت تمامًا على حين غرةٍ وقبل أن يتسنى لي الوقت لأتصرف، كانوا قد اصطحبوني بالفعل إلى مركبتهم. بعد فترة وجيزة، سمعت امرأة تقول: "المشتبهتان بهما قيد الاحتجاز لدينا". حينها فقط أدركت أن الشرطة قد ألقت القبض علينا. كنت أستشيط غضبًا لأنهم قد سرقوا هذا المبلغ الكبير من أموال كنيستنا وفكرت: "لقد اعتقلنا هؤلاء الضباط بشكل تعسفي فحسب وسلبوا أموالنا في وضح النهار – فأين سيادة القانون؟". كنت مرتعبة بعض الشيء وكان قلبي يخفق بشدة، فصليت إلى الله بشكل مستمر. طلبت من الله أن يحفظ قلبي بحيث مهما عذَّبني الضباط واستجوبوني، لم أكن لأخون الله مثل يهوذا، ولكان بإمكاني أن أتمسك بشهادتي له. بعد الصلاة، شعرت بإحساس بالهدوء يغمرني.

أقتادنا الضباط إلى مكان ناءٍ وفرَّقانا للاستجواب. كانت غرفة الاستجواب يكتنفها شعور كئيب ومشؤوم وبدا الضباط في الداخل وكأنهم شياطين وأشرار. بدأ أحد الضباط الاستجواب بطرح سؤال: "أأنتِ قائدة كنيسة؟ ما علاقتكِ بدينغ نينغ؟ كيف التقيتما؟ أهي قائدتكِ العليا؟". فأجبته قائلة: "لستُ قائدة ولا أعرف من هي دينغ نينغ التي تتحدث عنها". أثار ذلك غضبه وصفعني على وجهي وركلني مرتين قبل أن يصرخ قائلًا: "يبدو أنني سأضطر إلى القيام بذلك بالطريقة الصعبة لكي تعترفي". بعد أن قال ذلك، بدأ يلكمني في وجهي بشكل متكرر. فقدت الإحساس بعدد المرات التي ضربني فيها – كان الدم يتدفق من شفتيَّ، وكان وجهي متورمًا إلى حد التشوه، وكان الألم الحارق يفتك بي. لكنه لم يكفَّ حتى ذلك الحين، واستمر في توجيه لكمات متتالية إلى رأسي، تاركًا إياي تورمًا مؤلمًا على جبهتي. قلت لنفسي: "إنهم عديمو الرحمة للغاية في ضرباتهم. ماذا سأفعل لو أُصبت بارتجاج دماغي من هذه الضربات الوحشية؟ ماذا لو ضربوني لدرجة أنني أصبت بتلف خطير في الدماغ؟ كيف سأستمر في الإيمان بالله حينها؟". كلما أمعنت التفكير في الأمر، أصبحت أكثر خوفًا. صليت إلى الله بهدوء، طالبةً منه أن يحفظ قلبي. بعد الصلاة، تذكرت هذه الفقرة من كلمات الله: "مَنْ من بين كل البشر لا يحظى بعناية في عيني القدير؟ مَنْ ذا الذي لا يعيش وسط قضاء القدير المسبق؟ هل تحدث حياة الإنسان ومماته باختياره؟ هل يتحكَّم الإنسان في مصيره؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الحادي عشر). إنَّ الله هو الخالق وهو الذي يحكم كل شيء. كانت حياتي بين يديه، ولم يكن للشيطان رأي فيما إذا كنت سأصاب بالشلل أو أُضرب إلى حد تلف الدماغ. كنت على استعداد لوضع حياتي في يد الله. عندما أدركت ذلك، شعرت بسلام أكثر قليلًا وفكرت: "كان من الأفضل لهؤلاء الأبالسة أن يتخلوا عن التفكير في أنهم سينتزعون مني أدنى قدر من المعلومات. لن أستسلم لهم أبدًا!".

بعد ذلك، اقتادني الضباط إلى أحد الفنادق واستمروا في استجوابي. استجوبتني إحدى الضابطات بحدة، وسألتني: "ما اسمكِ؟ كم عدد العائلات المضيفة التي قد أقمتِ معها؟ من تعرفين؟ أين تخفي كنيستكِ أموالها؟". عندما لم أُجبها، ثارت ثائرتها أمامي، وصفعتني مرتين على وجهي وأجبرتني على خلع حذائي قبل أن تدوس على أصابع قدميَّ بحذائها الجلدي. سرى ألم حارق في جسدي كله على الفور، ولم يسعني إلا أن أصرخ متألِّمة. لقد داست على أصابع قدمي النازفة بينما تقول: "إذا كنتِ لا تستطيعين تحمُّل الألم، فلتخبرينا بما نريد سماعه فحسب!". كان الألم لا يُحتمل حقًّا، ولذلك دعوت الله: "يا إلهي! إذا لم يحصلوا على ما يريدون، فلن يتركوني. أخشى ألا أتمكن من الصمود أمام تعذيبهم. أرجو أن أرشدني". بعد الصلاة، تذكرت فجأة أن الله هو درعي، ومع الله يقود في الطريق، ما الذي كان هناك لأخافه؟ مهما بلغت درجة تعذيب الشرطة لي، لم أكن لأخون الله أو أخون الكنيسة. عندما رأى ضابط آخر أنني كنت لا أزال أرفض التحدث، قيَّد ضابط آخر يديَّ خلف ظهري وسحب يديَّ بالقوة إلى أعلى بينما كان يستجوبني. شعرتُ على الفور بألم في ذراعي وكأنها قد خُلعت، وسرعان ما بدأ ظهرا يديَّ يتورمان بشدة. هددني ضابط آخر قائلًا: "إذا لم تبدأي بالتحدث، فسنجرِّدك من ملابسكِ ونعلق لافتة على عنقكِ وبعد ذلك نضعكِ فوق سيارة دورية ونستعرضكِ في أرجاء المدينة. سنرى ما إذا كان لديكِ أي كرامة متبقية بعد ذلك!". عندما سمعت هذا، أصبحت قلقة للغاية وفكرت: "هؤلاء الأبالسة أشرار حقًّا، ويبدو وكأنه لا يوجد شيء لن يفعلوه. إذا جردوني حقًّا من ملابسي واستعرضوني في أرجاء المدينة، فكيف سأكون قادرة على إظهار وجهي على الملأ ومواصلة الحياة بعد ذلك؟". بينما كنت أشعر بأقصى درجات الضعف والحزن الشديدين، تذكرت ترنيمة من كلمات الله: "يعاني الله عذابًا عظيمًا من أجل خلاص الإنسان": "في هذه المرَّة، صار الله جسدًا ليؤدي العمل الذي لم يُكمله بعد، ويُدين هذا العصر وينهيه، ويُخلِّص الإنسان من بحر المعاناة، ويُخضِع البشرية تمامًا، ويُغيِّر شخصيات الناس الحياتية. تحمَّل الله الكثير من الليالي الساهرة لتحرير الإنسان من المعاناة ومن قُوى الظلام السوداء كالليل، ومن أجل عمل البشرية. لقد نزل من أعلى الأماكن إلى أدناها ليعيش في جحيم البشر هذا ويقضي أيامه مع الإنسان. لم يشكُ الله قط من الرثاثة بين البشر، ولم يطلب الكثير منهم بتاتًا؛ بل تحمَّل القدر الأعظم من الخزي أثناء أداء عمله. تحمَّل الله الإذلال وعانى الظلم ليأتي إلى الأرض حتى تنعم البشرية جمعاء بالراحة قريبًا، ودخل بنفسه إلى عرين النمر لخلاص البشر" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول]. بينما كنت أتفكر في كلمات الله، تأثرت بعمق. إنَّ الله قدوس – من أجل أن يخلِّص البشرية، التي قد أفسدها الشيطان إفسادًا عميقًا، جاء مرتين في الجسد. جاء أولًا ليفدي البشرية وصُلب، إذ عانى عذابًا لا يُحتمل. في الأيام الأخيرة، قد جاء مرة أخرى في الجسد إلى الصين وقد عانى من اضطهاد الحزب الشيوعي الصيني ومطارداته بالإضافة إلى الإدانة والافتراء والرفض من العالم الديني، كل ذلك من أجل أن يخلِّص البشرية تمامًا من خطاياهم. قد تحمَّل الله كل هذا بهدوء، ويستمر في التعبير عن الحقائق ويؤدي العمل لكي يخلِّصنا – إن محبته لنا عظيمة جدًّا حقًّا. لقد كنت محظوظة بما يكفي لقبول عمل الله في الأيام الأخيرة والتمتع بإمداد كلام الله، فعلمتُ أنه يجب أن أرد لله محبته. بعد أن توصلتُ إلى هذه الإدراكات، علمتُ أن الألم والإذلال كانا مفيدين وقيِّمين – لقد كان تحمُّل الاضطهاد باسم البر. صليتُ إلى الله بصمتٍ: "يا إلهي! مهما يبلغ من إذلال الضباط لي، سأتمسك بشهادتي لإرضائك!". بعد الصلاة، لم أعد أشعر بنفس القدر من الخوف. بعد ذلك، مهما بلغ من تهديد الضباط لي، لم أنبس ببنت شفة ولم يكن أمامهم خيار آخر سوى المغادرة.

بعد عدة أيام، عندما خَلُص الضباط إلى أنهم لم يتمكنوا من استخلاص أي معلومات مني، أرسلوني إلى أحد مراكز الاحتجاز. حالما وصلتُ، تعمَّدت إحدى الضابطات إذلالي بأمرها لي بالتجرد من كل ملابسي والدوران حول نفسي في دوائر، وكذلك الجلوس في وضع القرفصاء مع وضع يديَّ خلف رأسي والقيام بقفزات الضفدع. بعد اثنين وأربعين يومًا، وُجِّهت إليَّ تهمة ملفقة بـ "استخدام تنظيم طائفي لتقويض تطبيق القانون" وحُكم عليَّ بعام ونصف من إعادة التأهيل من خلال العمل. فكرت في أن الأمر سيكون صعبًا للغاية أن أقضي أكثر من عام دون قراءة كلام الله والاجتماع والشركة والقيام بواجبي. صليت إلى الله بصمت، "يا إلهي! لست أدري ما العذاب الذي ينتظرني وما إذا كنت سأتمكن من تحمله. أرجو أن ترشدني لأفهم مقصدك، حتى أستطيع أن أقف بثبات في هذه البيئة". بعد الصلاة، تذكرت هذه الفقرة من كلمات الله: "لا تيأس ولا تضعف، فسوف أكشف لك. إن الطريق إلى الملكوت ليس سلسًا إلى هذه الدرجة؛ لا شيء بتلك البساطة! أنت تريد أن تأتي البركات بسهولة، أليس كذلك؟ سيكون على كل واحد اليوم مواجهة تجارب مُرَّة، وإلا فإن قلبكم المُحبّ لي لن يقوى، ولن يكون لكم حب صادق نحوي. حتى وإن كانت هذه التجارب تتألف من مجرد ظروف بسيطة، فلا بُدَّ أن يمرّ كل واحد بها، إنها فحسب تتفاوت في الدرجة. التجارب بركة مني، وكم منكم يأتي كثيرًا أمامي ويتوسَّل جاثيًا على ركبتيه من أجل نيل بركاتي؟ يا لكم من أبناء سذَّج! تعتقدون دائمًا أن بعض الكلمات الميمونة تُعتبَرُ بركة مني، لكنكم لا تدركون أن المرارة هي إحدى بركاتي. أولئك الذين يشاركونني مرارتي، حتمًا سوف يشاركونني حلاوتي. هذا وعدي وبركتي لكم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الحادي والأربعون). لقد ساعدتني كلمات الله على إدراك أن هذه البيئة كانت ستساعد على تكميل إيماني وتقوية إرادتي على تحمل المعاناة. فقط من خلال المرور بالمعاناة كنت سأكون قادرة على الصلاة إلى الله والاتكال عليه أكثر والاقتراب منه بشكل أكبر. على الرغم من حقيقة أنني لم أكن قادرة على قراءة كلام الله أو الاجتماع وعقد الشركة مع الإخوة والأخوات طوال العام ونصف العام القادمين، فإن الله كان لا يزال معي، لذا كان عليَّ أن أتكل على الله وأتمسك بشهادتي لأخزي الشيطان. بعد أن توصلت إلى فهم مقصد الله، شعرت بإحساس متجدد بالإيمان والقوة. أثناء فترة وجودي في معسكر العمل، كنت كثيرًا ما أصلي إلى الله وأتفكر في كلامه. بفضل إرشاد كلام الله، تمكنت من تجاوز أيام حبسي الطويلة.

بعد أن أُطلق سراحي، بدأت في القيام بواجبي مجددًا، لكن في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2013، اعتُقلت مجددًا. في ذلك اليوم، قرابة الساعة الرابعة بعد الظهر، كنت عائدة للتو من نشر الإنجيل وكنت أترجَّل من الحافلة، عندما اندفع نحوي مجموعة من ثلاثة أشخاص وأمسكوا بي. قال أحدهم: "لقد مضت بضع سنوات الآن، ألا تزالين تتعرفين عليَّ؟ لمَ لا تأتي معنا في جولة صغيرة؟". أصابني الذعر على الفور، وفكرت: "الآن أنا في مأزق. والآن بعد أن أوقفتني الشرطة، فمن المؤكد أنهم لن يتركوني بسهولة". لقد أجبروني على ركوب سيارتهم وجلسوا على جانبيَّ، ممسكين بيديَّ إلى الأسفل حتى لا أتمكن من الحركة. بعد ذلك، أُرسلت إلى مركز لغسل الأدمغة وكان يصحبني طوال الوقت "مرافقان". في ذلك المكان، من الساعة 7:30 صباحًا حتى الساعة 7:00 مساء، لكي يقنعاني بأن أخون الله، أُجبرت على مشاهدة مقاطع فيديو تجدِّف على الله وتشوِّه سمعة الكنيسة، بالإضافة إلى مقاطع فيديو تمجِّد الحزب الشيوعي الصيني. كان المرافقان يراقبانني على مدار 24 ساعة في اليوم، ولم يكن مسموحًا لي بالصلاة أو حتى إغلاق الباب عند الذهاب إلى دورة المياه. تسبَّبت الساعات الطويلة من غسيل الدماغ والمراقبة المستمرة في شعوري بالكبت – شعرت بالقلق والتوتر كل يوم، وكنت مذعورة من أنني إذا لم أتوخَّ الحذر، فسأكون قد وقعت في مؤامرة الشيطان. كنت أصلي إلى الله بشكل مستمر وأتوسل إليه أن يحفظ قلبي فحسب.

في أحد الأيام، أحضر لي، تشين، الذي كان يشرف على غسل الأدمغة، نسخة من كتاب الكلمة يظهر في الجسد وقال لي: "هذا كتاب كنيستكِ – ألا تزالين تعتقدين أن هذا هو كلام الله؟ من الواضح أن من كتبه شخص عادي". أخذت كتاب كلام الله وفكرت: "إنَّ كل كلمة من كلام الله هي الحق؛ وأنتم أيها الأبالسة لا تؤمنون بالله، فكيف كان بإمكانكم أن تفهموا كلامه". فتحت الكتاب ورأيت الفقرة التالية: "الإيمان العظيم والمحبة العظيمة مطلوبان منا في عمل الأيام الأخيرة. قد نتعثر من أقل إهمال لأن هذه المرحلة من العمل مختلفة عن جميع المراحل السابقة. ما يُكمّله الله هو إيمان البشرية – والمرء لا يمكن أن يراه أو يلمسه. ما يفعله الله هو تحويل الكلمات إلى إيمان ومحبة وحياة" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الطريق... (8)]. عندما قرأت هذه الكلمات، شعرت بتشجيع الله وتعزيته. إنَّ عمل الله في الأيام الأخيرة هو عمل الكلمات. إنه يرتب جميع أنواع المواقف للسماح للناس باختبار كلماته، إذ يسمح لهذه الكلمات أن تصبح جزءًا من الناس، وأن تصبح حياتهم. هكذا يخلِّص الله البشرية ويكمِّلها. فكرت في كيف منحني كلام الله الإيمان والقوة لأتغلب على إيذاء الأبالسة أثناء التعذيب وعذاب اعتقالي الأول. الآن أثناء هذا الاعتقال الحالي، عندما كنت أشعر بالعذاب والكرب والكبت من جرَّاء تعرضي للمراقبة المستمرة وغسل دماغي بالهرطقات والمغالطات، رتَّب الله للضابط أن يُطلعني على نسخة من كلامه، فملأني إيمانًا وقوة. على الرغم من المحن المحفوفة بالمخاطر التي حلَّت بي داخل السجن الجهنمي، لم أشعر حقًا بالوحدة، إذ كنت أعلم أن الله كان يحفظني دائمًا ويستخدم كلامه لإرشادي. بعد ذلك، مهما حاول الضباط غسل دماغي بهرطقات الشيطان ومغالطاته، كنت أهدِّئ أفكاري بوعي أمام الله وأصلي إليه وأتكل عليه كي لا أقع في مؤامرات الشيطان. أراني أحد الضباط صورة إحدى الأخوات وسألني عما إذا كنت أتعرَّف عليها. وعندما لم أُجبه، حاول ترهيبي وخداعي بقوله: "لقد خانكِ الآخرون بالفعل. لقد أخبرونا أنكِ قائدة، ولكن ها أنتِ ذا لا تزالين تحاولين حمايتهم. لقد اعترفوا جميعًا بالفعل وأُعيدوا إلى منازلهم. أنتِ تتصرفين بغباء بامتناعكِ عن الكلام فحسب، وستواجهين عقوبة سجن لفترة طويلة جدًّا! كلما أسرعتِ بالتحدث، يمكننا إعادتكِ إلى المنزل بشكل أسرع". صُدمت عندما سمعت هذا وفكرت: "شخص ما خانني؟ إذن لا بد أن الضباط يعرفون كل شيء عني! إذا لم أبدأ بالتحدث، فربما تكون عقوبتي طويلة جدًّا. ربما، يمكنني فحسب إخبارهم ببعض التفاصيل غير المهمة، حتى إذا اضطررت حقًّا للذهاب إلى السجن، فعلى الأقل يمكنني الحصول على حكم مخفف ولن أضطر إلى المعاناة بالقدر نفسه". لكنني فكرت بعد ذلك: "إذا أخبرتهم بالتفاصيل، ألن أكون بذلك أخون الله وأخون إخوتي وأخواتي؟ هذا لن يحدث، لا يمكنني إخبارهم بأي شيء!". حينها فقط تذكرت كلمات الله التي تقول: "في المستقبل سينال كل شخص القصاص بحسب ما عمل. لقد قلت ما يُفترض أن أقوله؛ لأن هذا هو العمل الذي أقوم به" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ينبغي أن يُعاقَب الشرير). لقد ساعدتني كلمات الله على فهم كيف يعامل الناس وفقا للكيفية التي قد تصرفوا بها. لو كنت خنتُ إخوتي وأخواتي، لكنتُ تصرفت مثل يهوذا المخزي ولكان الله لعنني وعاقبني. إذا خانني الآخرون، فذلك كان فعلهم الشرير، لكن لم يكن بإمكاني أن أخون الله أو أخون إخوتي وأخواتي الآخرين. تذكرتُ كيف أن إحدى الأخوات كانت قد اعتُقلت وتعرضت لتعذيب وحشي، وحُكم عليها بالسجن لمدة 9 سنوات، لكنها لم تستسلم قط للشيطان واستمرت في القيام بواجبها عندما أُخلي سبيلها. على الرغم من اختبارها لبعض المعاناة، فقد تمسكت بشهادتها واستحسنها الله. كان هناك أيضًا بطرس، في عصر النعمة، الذي صُلب مقلوبًا بعد أن قُبض عليه وشَهِد لله بمحبته. باستعادة هذه القصص من ذاكرتي، شعرت بالتشجيع العميق وامتلأ قلبي بالإيمان والقوة. لقد اتخذتُ قرارًا صامتًا: مهما طالت المدة التي عليَّ قضاؤها في السجن، لن أخون الله أبدًا أو أخون إخوتي وأخواتي!

بعد ذلك، استمروا في استجوابي، وسألوني: "من تتواصلين معه؟ من قائدكِ الأعلى؟ أين يعيشون؟". عندما لم أجبهم، كانوا يرغموني على الوقوف في مواجهة الجدار ويتناوبون مدة ساعتين، مع ضابطين معيَّنين في كل نوبة، للتأكد من أنني لم أغفُ على مدار 24 ساعة. إذا رأوني يغلبني النعاس، كانوا يصيحون: "إياكِ أن تغمضي عينيكِ أو تصلي لإلهكِ!". بعد الوقوف مدة يوم كامل، تورمت ساقاي لدرجة أنهما أصبحتا مشدودتين ولامعتين ولم يعد بإمكانهما أن تتناسبا مع حذائي واضطررت إلى السير حافية القدمين. شعرت أيضًا بألم شديد في ظهري لدرجة أنني اعتقدت أنه قد انكسر شيء ما. لقد عذبوني بهذه الطريقة لسبعة أيام وسبع ليالٍ كاملة. كنت منهكة تمامًا جسديًّا وعقليًّا على حد سواء، وكان جسدي قد وصل إلى نقطة الانهيار، فدعوت الله بهدوء في الصلاة، طالبةً منه أن يمنحني الإيمان والقوة لأتغلب على وحشية هؤلاء الأبالسة. بعد الصلاة، تذكرت كلمات الله التي تقول: "أثناء هذه الأيام الأخيرة يجب أن تحملوا الشهادة لله. بغض النظر عن مدى حجم معاناتكم، عليكم أن تستمروا حتى النهاية، وحتى مع أنفاسكم الأخيرة، يجب أن تظلوا مخلصين لله، وخاضعين لترتيبه. فهذه وحدها هي المحبة الحقيقية لله، وهذه وحدها هي الشهادة القوية والمدوّية" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله). لقد ملأتني كلمات الله بالإيمان. مهما بلغت درجة تعذيب الشرطة لي، لم يكن بإمكانهم السيطرة على قلبي. ما دمت كنت لا أزال حية وأتنفس، كنت سأتمسك بشهادتي لأخزي الشيطان. لاحقًا، أخرج أحد الضباط بيانًا يجدِّف فيه على الله وطلب مني التوقيع باسمي. عندما رفضتُ التوقيع، صفعوني عدة مرات على وجهي وصرخوا في وجهي بشراسة قائلين: "لستِ إلا قطعة لحم على لوح التقطيع ويمكننا تقطيعكِ كيفما نريد. كل يوم لا توقِّعين فيه باسمكِ ولا تخبرينا بما نريد معرفته سيكون يومًا آخر نعاقبكِ فيه عقابًا جسديًّا. لدينا هنا ثمانية عشر شكلًا مختلفًا من أشكال التعذيب المتاحة هنا من أجل استمتاعكِ المُتمَهِّل. كان بإمكاننا أن نقتلكِ ولم يكن أحد ليكتشف ذلك قط!". بعد قولهم هذا، بدأوا بركلي ولكمي. انهالوا عليَّ بالضرب لأكثر من 10 دقائق – شعرت بالدوار، وتورَّم وجهي، وكان رأسي يخفق، وسمعت رنينًا عاليًا في أذنيَّ، وسالت الدماء من فمي. كان وجهي يؤلمني بشدة لدرجة أنني شعرت وكأن شخصًا ما قد ألقى الملح على جرح محروق حديثًا. كنت قلقة من أنهم إذا استمروا في ضربي على هذا النحو، فإنني كنت سأموت لا محالة. حينها فقط، تذكرت فقرة من كلمات الله: "عندما يكون الناسُ مُستعدين لأن يضحّوا بحياتهم يصبح كلُّ شيء تافهًا، ولا يمكن لأيٍّ كان أن ينتصر عليهم. ما الذي يُمكِنُ أن يكون أكثر أهمية من الحياة؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تفسيرات أسرار "كلام الله إلى الكون بأسره"، الفصل السادس والثلاثون). لقد منحتني كلمات الله الإيمان والقوة. كانت حياتي وموتي بيد الله، ومن دون إذنه، لم يكن بإمكان الشيطان أن يسلبني حياتي. حتى لو كنت سأُعذَّب حتى الموت، لكان ذلك سيحدث بإذن الله. كنت مستعدة للخضوع لترتيبات الله وتدابيره، وتمسكتُ بشهادتي لإرضائه حتى لو كان ذلك يعني موتي.

بعد ذلك، ألحوا عليَّ وأكرهوني بلا هوادة على توقيع بيان كان يتضمن تجديفًا على الله. عندما رفضت التوقيع عليه، أجبروني على الجلوس بوضعية القرفصاء بينما كانوا يضربونني بقضيب معدني على ساقيَّ وظهري. في مرة أخرى، ضربني أحد الضباط ضربًا مبرحًا على ظهري لدرجة أنني شعرت وكأن شيئًا ما قد انكسر وصرخت بشكل لا إرادي. بعد ذلك أشعل سيجارة ونفث دخانها في عينيَّ بينما كان يجبرني على إبقاء عينيَّ مفتوحتين. شعرت بإحساس حارق مؤلم في عينيَّ، وانهمرت الدموع والمخاط من عينيَّ وأنفي. لم أتمكن من التوقف عن السعال الناتج عن الدخان وحاولت تحريك رأسي بعيدًا، لكن الضابط أمسكني من شعري ليثبت رأسي في مكانه واستمر في نفث الدخان. بينما كان يضحك بجنون، قال: "أيروق لكِ هذا؟ إذا كنتِ لا تستطعين تحمل ذلك، فلتوقعي فحسب على الورقة وتخبرينا بما تعرفينه. إذا لم تتكلمي، فستقعين في مأزق. سأشتري غدًا علبة سجائر أخرى وأعيد تدخينها عليكِ". بحلول الوقت الذي قد احترقت فيه تلك السيجارة، تبلَّلت ملابسي تمامًا بالعرق. بعد ذلك أجبرني الضابط على اتخاذ وضعية القرفصاء مجددًا، لكنني كنت مرهقة تمامًا، وكان جسدي كله يرتجف وكنت ضعيفة للغاية لدرجة أنني شعرت أنني سأنهار في أي لحظة. استمروا في تعذيبي على هذا النحو لمدة ساعتين أخريين. لاحقًا، نفثوا الدخان في وجهي بسيجارتين أخريين – كنت في عذاب شديد، وسرى شعور خانق رهيب في صدري وبطني، وقد أصبحت أصابعي متصلبة ومطويَّة أمسكوا بيدي وحاولوا إجباري على توقيع الوثيقة، لكني دعوت الله بهدوء ولم أدعهم يزحزحون يدي قيد أُنْملة. في النهاية، لم أوقِّع على تلك الوثيقة التي تجدِّف على الله، لكن الضباط لم ينتهوا مني – لإجباري على التوقيع، أمسكني أحد الضباط من شعري وضرب رأسي بالجدار، تاركًا لي كتلة كبيرة متورمة في رأسي. بعد ذلك، ضربني بقوة على وجهي، وركلني في ساقيَّ وبطني، الأمر الذي أشعرني بالدوار والخدر في كل جزء من جسدي. حالما تعب الضابط من ضربي، أمسك بهراوة كهربائية وبدأ بصعقي على وجهي وصدري وأجزاء أخرى من جسدي. شعرت وكأنني كنت أتعرض للوخز بالإبر في جميع أنحاء جسدي. صليت إلى الله بشكل مستمر، طالبةً منه أن يملأني بالإيمان والقوة لأصمد. بينما كان يصعقني، هددني الشرطي بشراسة قائلًا: "سأعذبكِ حتى تصابين بتلف داخلي. عندما تغادرين من هنا، فإنك ستعانين من أمراض كثيرة وتموتين موتًا بطيئًا!". كلما تكلَّم هؤلاء الضباط أكثر، زادت كراهيتي لهم. فكرتُ في كلمات الله التي تقول: "كيف يمكن لهذا الشيطان المستشيط غضبًا أن يسمح لله بأن يسيطر على بلاطه الإمبراطوري في الأرض؟ كيف يمكنه الانحناء طواعيةً لقوة الله العظيمة؟ لقد كُشف وجهه البغيض على حقيقته، وهكذا يجد المرء أنه لا يدري أيضحك أم يبكي، ومن الصعوبة حقًا التحدث عن الأمر. أليس هذا هو جوهر الشيطان؟ ما زال يعتقد أنه جميلٌ بشكل لا يًصدق مع أنه يمتلك نفسًا قبيحة. يا لها من عصابة من الشركاء في الجريمة! ينزلون إلى عالم البشر لينغمسوا في الملذات ويحدثوا ضجة ويثيروا الفوضى إلى درجة تجعل العالم يصبح مكانًا متقلِّبًا وغير ثابت، ويصبح قلب الإنسان مملوءًا بالرعب وعدم الارتياح. وقد تلاعبوا بالإنسان كثيرًا حتى أصبحت ملامحه مثل ملامح وحوش البرّيّة الهمجية، الشديدة القبح، والتي فقدت آخر أثر للإنسان الأصيل المقدس، حتى إنهم علاوة على ذلك يرغبون في تولي سلطة السيادة على الأرض. إنهم يعوقون عمل الله كثيرًا فلا يستطيع التقدم إلا بصعوبة، ويعزلون الإنسان بإحكام كما لو كان وراء جدران من النحاس والفولاذ. وبعد أن ارتكبوا العديد من الخطايا الفظيعة، وتسبّبوا بالكثير من الكوارث، هل ما زالوا يتوقعون شيئًا غير التوبيخ؟" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (7)]. إنَّ الحزب الشيوعي الصيني هو إبليس الذي يكره الله ويقاومه. كلما زاد تعذيبهم لي، كان بإمكاني أن أرى بوضوح أكبر مدى قبحهم وبشاعتهم حقًّا. لقد كرهتهم بكل كياني، وتمردت عليهم وشعرت حتى بدافع أكبر لاتباع الله وإرضائه. بعد ذلك، حاول الضابط ترهيبي مجددًا بقوله: "حتى لو لم تتكلمي، فإنكِ لا تزالين مدانة وسيُزجُّ بكِ في السجن لأكثر من عشر سنوات!". كنت أستشيط غضبًا وفكرت: "إذا تحتم عليَّ الذهاب إلى السجن، فليكن. مهما بلغ عدد السنوات التي يُحكم عليَّ بها، لن أستسلم لكم أبدًا، أيها الأبالسة!". في النهاية، لم يتمكنوا من التثبت من أي معلومات مني، وفي يوليو/تموز من عام 2014، أصدروا بحقي تهمة ملفقة وهي "استخدام تنظيم طائفي لتقويض تطبيق القانون"وحكموا عليَّ بالسجن لأربع سنوات.

عندما استعدت في ذاكرتي المرتين اللتين اعتُقلت فيهما وسُجنت، استخدم التنين العظيم الأحمر مختلف الأساليب لمحاولة إجباري على خيانة الله، بما في ذلك الضرب الوحشي والترهيب وغسل الدماغ والإذلال. خلال كل محنة من هذه المحن، لو لم أكن قد حظيتُ بحماية الله والإيمان والقوة التي غرسها فيَّ من خلال كلام الله، لكنت قد عُذِّبتُ حتى الموت على أيدي الضباط منذ فترة طويلة. من خلال هذه المحن، اختبرت محبة الله مباشرةً وشهدتُ سلطان كلماته وقوتها. إنَّ كلام الله هو الذي أرشدني خلال هذه المحن. مهما يبلغ اضطهاد الحزب الشيوعي الصيني لي، فسأستمر في اتباع الله والقيام بواجبي لأردَّ لله محبته.

السابق: 66. لم أعد أنظر بازدراءٍ تجاه شريكي

التالي: 68. الألم الذي تجلبه السمعة والمكانة

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

33. الحظ والبَليّة

بقلم دوجوان – اليابانولدتُ لأسرة فقيرة في قرية بمنطقة ريفية في الصين. وبسبب صعوبات أسرتي الاقتصادية كنت أضطر للخروج أحيانًا دون أن أتناول...

2. الطريق إلى التطهير

بقلم كريستوفر – الفلبيناسمي كريستوفر، وأنا قس بكنيسة منزلية في الفلبين. في عام 1987، تعمدت وتحوّلت نحو الرب يسوع ثم بنعمة الرب، في عام 1996...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب