55. صحوة من السجن
أنا عضو مخضرم سابق في الحزب الشيوعي. كانت عائلتنا من الفلاحين الفقراء، لكن الحكومة منحتنا أرضًا ومنزلًا جديدًا، لذلك شعرت بأنه يجب أن أكون ممتنًا للحزب الشيوعي. نظرًا لتأثري العميق بدعاية الحزب الشيوعي، فقد نشأت على عبادة الحزب، وخدمت بصفتي أحد كوادر القرية لأكثر من ثلاثين عامًا. خلال تلك الفترة، كنت أتحمل مسؤوليات جسام دون أدنى ضغينة، وكثيرًا ما كنت أُضطر إلى إهمال عمليات الزراعة الخاصة بعائلتنا بسبب واجباتي بصفتي كادرًا. كنتُ أحظى بالقدر الواجب من الاحترام لمساهماتي في الحزب، ومُنحت في النهاية لقبيَّ "الكادر المتقدم" و"عضو الحزب المتقدم". بعد حصولي على هذه التكريمات، أصبحت حتى أكثر إخلاصًا للحزب. بعد دخولي في الإيمان، آمنت بأنني لا يجب أن أكون ورعًا في إيماني فحسب، بل عليَّ أيضًا أن أواصل أداء كل أعمالي بشكل جيد داخل الحزب. فقط بعد أن اعتقلني الحزب الشيوعي الصيني واضطهدني مرتين وفي النهاية أُصبتُ بالشلل دائم نتيجة لذلك، قد عُدتُ، أنا العضو المخضرم السابق في الحزب، أخيرًا إلى رشدي.
كنت قد أمضيتُ عامًا واحدًا فقط في الإيمان عندما اعتقلتني الشرطة في أبريل/نيسان من عام 2004، بسبب استضافتي اجتماعًا مع الإخوة والأخوات. اقتادني ضابطان إلى مكتب حكومي محلي في المقاطعة وبدآ على الفور في تفتيشي. قال أحدهما: "من الأفضل لك أن تقدم لنا رواية صادقة فحسب. ما دمت ستقدم لنا رواية واضحة عن إيمانك بالله القدير، فيمكنك الاستمرار في الخدمة بصفتك كادرًا. إذا لم تفعل، فلا تلومنا إذا قسونا عليك!". قلت لنفسي: "كل ما فعلته هو أنني عقدت اجتماعًا وقرأت كلام الله، ولم أفعل أي شيء مخالف للقانون. علاوةً على ذلك، فإنني أخدم بصفتي كادرًا منذ سنوات، وقد بذلت أقصى ما في وسعي من أجل الحزب، وعملتُ بجد حتى لو لم أحصل دائمًا على الجدارة. بالنظر إلى كل ذلك، فإنني متيقن من أنهم لن يمسوني بسوء". فأجبت قائلًا: "إن الإيمان بالله ليس ضد القانون. لا يهمني إن كنت سأستمر في الخدمة بصفتي كادرًا أم لا". هَسْهَسَ أحد الضابطين بشراسة: "استمر في عنادك وسترى كيف سنتعامل معك!". لم يكتفوا بعد ذلك بمداهمة منزلي فحسب، بل إنهم حتى قبضوا أيضًا على زوجتي المريضة للغاية. لقد ألقوا بشهادات "عضو الحزب المتقدم" الخاصة بي على الأرض وقالوا لي: "كيف أمكنك أن تؤمن بالله وأنت عضو بارز في الحزب الشيوعي؟ هذا يتعارض بشكل مباشر مع الحزب الشيوعي!". بعد ظهر ذلك اليوم، فصلت الشرطة بيني وبين زوجتي، واستجوبت كلٌ منَّا. في غرفة التحقيق في لواء الأمن الوطني، صاح قائد فصيلة الأمن بعدوانية: "من قائد كنيستك؟ بمن أنت على اتصال؟". قبل أن يتسنى لي الوقت للرد، أمسكني من شعري وضرب رأسي بعنف في الكرسي. سقطت على الأرض، شاعرًا بالدوار واسودَّت رؤيتي. في ظل معرفتي بأن الحزب الشيوعي الصيني أعطى الشرطة سلطة ضرب الناس مع الإفلات التام من العقاب، شعرت بشيء من الخوف والقلق مما قد يفعلونه بي. دعوت الله، طالبًا منه أن يحميني كي يتسنى لي أن أتمسك بشهادتي. بعد الصلاة، تذكرت فقرة من كلمات الله: "أنا سندك ودِرعك، وكل الأشياء في يدي، فمِمَّ تخاف؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل التاسع). في الواقع، مهما بلغت وحشية الشرطة، فقد كانوا جميعًا في يد الله. كان الله درعي، لذلك لم يكن لديَّ ما أخشاه. ما دمت اتكلت على الله بإخلاص، لم تكن هناك محنة لم أستطع النجاة منها. منحتني كلمات الله الإيمان والقوة وأصبح الألم أقل حدة. بعد أن عثر الضابط في أثناء فحص هاتفي على أرقام هواتف إخوة وأخوات لها رموز مناطق تنتمي إلى مقاطعات أخرى، قال: "بناءً على هذا وحده، يمكن أن تُحبَس من ثماني إلى عشر سنوات". قلت لنفسي: "إنني لم أفعل أي شيء خاطئ بإيماني بالله ولم أنتهك أي قوانين. بناءً على أي قانون يجب أن يُحكم عليَّ بالحبس من ثماني إلى عشر سنوات؟ مهما يكن الحكم الذي ستوقعونه عليَّ، فلن أخون إخوتي وأخواتي أبدًا". عندما رأوا أنني لن أفصح عن أي شيء، اصطحبني الضباط إلى مركز الاحتجاز.
بعد وصولي إلى مركز الاحتجاز، كان الضباط يستجوبونني باستمرار ويضغطون عليَّ لأخون إخوتي وأخواتي، لكنني لم أستسلم قط. في مايو/أيار من عام 2004، سلمني أحد الضباط إخطارًا بالإصلاح التربوي من خلال العمل وطلب مني أن أوقِّع عليه. لقد لفقوا لي تهمة "تكدير السِّلم المجتمعي" وحكموا عليَّ بعامين ونصف العام من الإصلاح التربوي عن طريق العمل. كنت غاضبًا للغاية وألححت على الضابط: "ما القانون الذي خرقته بإيماني بالله؟ لماذا اعتُقلت؟ ولماذا هذا الحكم القاسي؟". لكنه بدا مبتهجًا بمعاناتي قائلًا: "ألا تزال ترفض الاعتراف بالذنب؟ إذن أعتقد أنك نلت عقوبة بسيطة. إن استضافة اجتماع هو بمثابة إيواء للمجرمين، ويتعارض بشكل مباشر مع الحزب الشيوعي الصيني. هذا يصنفك بوصفك مجرمًا سياسيًّا" في تلك الليلة، ظللت أتساءل عن السبب في أن حُكم عليَّ بهذه العقوبة القاسية لمجرد إيماني بالله. حتى لو كانت الحكومة تحظر على أعضاء الحزب الشيوعي ممارسة الدين، ألا ينبغي أن أُستثنى من ذلك نظرًا أنني كنت كادرًا لسنوات عديدة وتميزت بكوني عضوًا متقدمًا؟ بعد أن أدركت ذلك، شعرت بخيبة أمل شديدة في الحزب الشيوعي الصيني، وندمت على خدمتهم بإخلاص شديد في الماضي. حُكم على الأخوين اللذين اعتُقلا معي بأحكامٍ أشد. كنت في قمة الغضب، ولم أتمكن من فهم سبب كراهية الحزب الشيوعي الصيني لأولئك الذين يؤمنون بالله إلى هذا الحد. كان من الصعب للغاية ممارسة إيماننا في الصين؛ لم يكن من العجيب أن الله قال: "إنَّ التنين العظيم الأحمر يضطهِدُ اللهَ وهو عدوّه، ولذلك يتعرّضُ الناس في هذه الأرض إلى الإذلال والاضطهاد بسبب إيمانهم بالله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. هل عملُ الله بالبساطة التي يتصورها الإنسان؟). لم أبدأ في اكتساب بعض الوعي إلا عندما عُرضت الحقائق أمامي. رأيت أن الحزب الشيوعي الصيني يكره الله بعمق ويقاومه بشكل محموم. مهما كنت تخدم وتضحي بنفسك من أجل الحزب، فإنهم لن يتساهلوا معك ما دمت تؤمن بالله. إنهم حقًّا أبالسة يقاومون الله! في ذلك الوقت، عقد معي أحد الإخوة شركة بهدوء أثناء غياب الضابط قائلًا: "لقد اعتُقلنا بإذن الله. هذه المحنة الرهيبة أكثر قدرة على تكميل إيماننا. لا بد أن نتكل على الله لنتمسك بشهادتي". أدركت حينها أنه قد حُكم عليَّ بإصلاح تربوي عن طريق العمل بإذن الله. كان الله يستخدم هذه المحنة ليُكمِّل إيماني. حالما فهمت مقصد الله، شعرت بعزيمة متجددة، ولم أعد قلقًا بشأن عقوبتي. إذا تحتم عليَّ قضاء عامين ونصف في السجن، فليكن! لقد اتكلت على الله وآمنت أنه سيمنحني القوة لأصمد.
في معسكر العمل، أُجبرنا على العمل مثل الآلات. بعد وصولنا بفترة وجيزة، زجرنا أحد الضباط قائلًا: "وفقًا للقواعد، تتمتعون بحقوق الإنسان، لكن في الواقع، ليس لديكم حقوق إنسان إطلاقًا. أطيعوا الأوامر وافعلوا ما تؤمرون به! هنا، لا مجال للجدال أو التفاوض، ولا يحق لكم تقديم أي مطالب أو طلبات! لا يُسمح لكم أن تبدوا اعتراضكم أو أنكم نلتم عقوبة قاسية، أو أنه لا يجب أن تكونوا هنا. وإياكم أن تقولوا: "لا توجد حرية هنا"، أو "الحياة صعبة هنا"، أو "العمل اليدوي متعب"، وما إلى ذلك. لا يُسمح بأي من العبارات المذكورة أعلاه. اتبعوا الأوامر!". لم تكن هناك حرية في معسكر العمل. بعد شهري الأول في المعسكر، عُيِّنت في مصنع الطوب. كانت درجة الحرارة في فرن الطوب حوالي 50 درجة مئوية (122 درجة فهرنهايت). كان الطوب الحراري شديد السخونة عند إخراجه من الفرن لأول مرة ولم يكن هناك طريقة للاقتراب منه دون أن يؤذي المرء نفسه. أجبرنا ضباط المعسكر على العمل، وأرغمونا على ارتداء ملابس قطنية رثَّة ومبللة بوصفها وسيلة حماية رديئة. كان مصنع الطوب يستخدم الفحم لإشعال الطوب وكان المصنع بأكمله مليئًا بالدخان. نتيجة لذلك، كنا دائمًا قذرين وكريهي الرائحة ومغطين بالسخام من الرأس إلى أخمص القدمين. لقد كانوا صارمين بشكل خاص مع المؤمنين بالله. كنا نُجبر كل يوم على العمل الشاق والمهام القذرة لأكثر من عشر ساعات في كل مرة. إذا تباطأت خُطانا، كان الضباط يصيحون: "اعملوا بشكل أسرع، اعملوا بشكل أسرع!". في نهاية اليوم، كنت منهكًا للغاية وكان ظهري يؤلمني بشدة لدرجة أن كل ما أمكنني فعله هو الاستلقاء على الأرض، دون الرغبة في الحركة. علاوة على ذلك، لم نحصل قط على ما يكفينا من الطعام، لذلك أصبحت ضعيفًا بشكل متزايد، وشعرت أنه تعوزني القوة، وكثيرًا ما كان يصيبني الدوار. كنت أستلقي في الليل على فراشي وأفكر: "التنين العظيم الأحمر لا يعاملنا مثل البشر، إذ يجعلنا نقوم بهذا النوع من الأعمال الشاقة. لقد تجاوزتُ الخمسين عامًا، وإذا استمر الحال على هذا النحو، فلست متيقنًا من أنني سأتمكن من الصمود خلال هذين العامين ونصف العام من الاعتقال!". عندما كانت تراودني هذه الأفكار، كنت أشعر بشيء من اليأس، ولذا كنت أدعو الله بهدوء قائلًا: "يا إلهي! الحياة هنا بالغة الصعوبة. إني قلق من أنني لن أتمكن من تحمل الحياة هنا. يا إلهي! أرجوك امنحني القوة والإيمان لأتمكن من العيش خلال فترة وجودي الطويلة هنا في السجن". تبادر إلى ذهني بعد الصلاة أن كلام الله هو شريان حياتي، ولا بد لي من الاتكال على كلام الله لأثابر. لم يكن لديَّ أي من كلام الله في يدي لأقرأه، ولم أتذكر إلا بعض الترانيم، لذا كان عليَّ أن أتأكد من أنني لن أنساها. كنتُ أضع بطانيتي على رأسي في الليل وأردد ترانيم الله في رأسي بصمت، وأعد الترانيم التي أتذكرها على أصابعي. في كل مرة كنت أغني فيها الترانيم، كنت أشعر بإحساس كبير بالتشجيع. هناك ترنيمة تقول: "الإيمان أشبه بجسرٍ خشبيّ مُشيَّد من جذع واحد، بحيث يجد الذين يتشبّثون بالحياة في وضاعةٍ صعوبةً في عبوره، أمّا أولئك المستعدون لبذل أنفسهم فيمكنهم المرور عليه واثقي الخطى من دون قلقٍ" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس). أدركت أن الله يستخدم هذه المحنة ليُكمِّل إيماننا. كنت أؤمن أنه مع وجود الله إلى جانبي، لم تكن توجد صعوبة لا يمكنني التغلب عليها. وأنشدتُ أيضًا هذه الترنيمة: "يختبر الله معاناة البشر، ويقف إلى جانبهم عندما يُوَبَخون. هو يفكِّر في حياة الإنسان طوال الوقت. الله وحده هو الأقرب إلى جانبهم. يتحملُ الرفض بصمت. وخلال المحنة يكون مع الإنسان" (اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة، كم هو رائع أن الله القدير قد جاء). كانت الترنيمة مشجعة ومؤثرة للغاية. على الرغم من وجودي في السجن، كان الله معي، لذا كان لديَّ الإيمان والقوة لمواجهة هذين العامين ونصف العام في السجن مواجهة مباشرة. مهما بلغت صعوبة الحياة وتعبها، كان عليَّ أن أتكل على الله لأمضي قدمًا. كنت أعلم أنه فور انتهاء مدة عقوبتي، ينبغي عليَّ العودة إلى المنزل وقراءة المزيد من كلام الله وممارسة إيماني بشكل جيد.
في يونيو/حزيران من عام 2004، أصبح الطقس شديد الحرارة. ذات يوم، كنت أشعر بشيء من فقدان الوعي والدوار، وكانت ذراعاي وساقاي قد خارت قواهما، وبينما كنت أنزل من كومة من الطوب يزيد ارتفاعها عن ثلاثة أقدام، فقدت توازني فجأة وارتطمت بالأرض، لأهوي مسطحًا على ظهري على كومة من الطوب المفتت. في اللحظة التي هبطت فيها على الأرض، شعرت بألم حاد يخترق مؤخرتي وفخذي الأيسر. كان الألم حادًّا للغاية لدرجة أنني صرت أتعرق عرقًا باردًا، وبدأت دقات قلبي تتسارع، والتففتُ على نفسي مثل الكرة، عاجزًا عن الوقوف. عندما لاحظ أحد الضباط أنني مستلقٍ على الأرض، لم يكلف نفسه عناء رؤية ما إذا أصابني أي مكروه واكتفى بالصياح فحسب: "انهض وواصل العمل!". كنت أشعر بألم شديد لدرجة أنني لم أتمكن من الحركة، وظللت مستلقيًا على الأرض لمدة دقيقتين أخريين قبل أن أتمكن من التقاط أنفاسي. كنت أخشى من التعرض للضرب، لذا قاومت الألم الذي يكاد ألا يطاق ونهضت ببطء من على الأرض لأواصل العمل. في تلك الليلة، استلقيت وأنا ملتف على نفسي في فراشي من الألم، ولم أجرؤ على القيام بأدنى حركة في ساقي اليسرى، حيث كنت أشعر بألم حارق كما لو كنتُ مصابًا بكسر في العظم. كانت تؤلمني بشدة لدرجة أنني لم أستطع النوم طوال الليل. في ذلك الوقت، لم يُعرني أحد أي اهتمام، واستحوذ عليَّ شعور بالوحدة. كنت قلقًا أيضًا: "هذه إصابة خطيرة؛ إذا أُصبت بالشلل حقًّا، فكيف سأعيل أسرتي في المستقبل؟ ..." كلما أمعنت التفكير في الأمر، زاد شعوري بالسوء، فدعوت الله والدموع في عينيَّ: "يا إلهي! لست على يقين من قدرتي حتى على الوقوف بعد الآن. أنت كل من أتكل عليه، أرجوك امنحني الإيمان والقوة". بعد الصلاة، تذكرت كلمات الله هذه: "إن يديّ الله تتحكمان في مصير الإنسان. فلا يمكنك التحكم في نفسك: ومع أن الإنسان يهرع وينشغل دائمًا من أجل نفسه، إلا أنه يبقى غير قادر على السيطرة على نفسه. إذا كنت تستطيع معرفة تطلعاتك الخاصة، وإن كان بإمكانك التحكم في مصيرك، فهل كنت ستبقى كائنًا مخلوقًا؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. استعادة الحياة الصحيحة للإنسان وأخذه إلى غاية رائعة). في الواقع، إن أقدارنا كلها بيد الله. كان الأمر متروكًا لله ليقرر ما إذا كنت سأصاب بالشلل أم لا، لذلك لم يكن هناك أي معنى للقلق بشأن ذلك، لأنه لن يزيدني إلا انزعاجًا. كنتُ مستعدًا لأضع نفسي بين يدي الله؛ مهما حدث، وبغض النظر عما إذا كنت قد أُصبت بالشلل فعلًا، فسأتبع الله حتى النهاية! تقدَّمتُ لاحقًا بطلب إجازة مرضية إلى الضباط، لكنهم رفضوا طلبي، فلم يكن أمامي خيار سوى تحمل الألم القاسي، ضاغطًا بيدي اليسرى على فخذي الأيسر بينما أعرج وأنا في طريقي إلى المصنع. عندما رأى أحد الضباط في المصنع حالتي، انفعل بشراسة: "أنت تتصنع بأنك مُصاب فحسب لتتهرب من العمل! الإيمان بالله يتعارض مع الحزب الشيوعي الصيني ويصنفك بوصفك مجرمًا سياسيًا. هذه جريمة أسوأ من السرقة. أنت تستحق أن تُعذَّب!". كنت في غاية الغضب؛ لقد كانوا يعذبونني ويسيئون إليَّ لمجرد أنني آمنت بالله. كانوا بغيضين حقًّا. تذكرت الفقرة التالية من كلمات الله: "الحرية الدينية؟ حقوق المواطنين المشروعة ومصالحهم؟ كلها حيلٌ للتستّر على الخطية! ... لماذا تضع مثل هذه العقبة المنيعة أمام عمل الله؟ لماذا تستخدم مختلف الحيل لخداع شعب الله؟ أين هي الحرية الحقيقية والحقوق والمصالح المشروعة؟ أين العدل؟ أين الراحة؟ أين المودّة؟ لماذا تستخدم حيلًا مختلفة لتخدع شعب الله؟ لماذا تستخدم القوّة لتعيق مجيء الله؟" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (8)]. "هذا هو الوقت المناسب: قد جمع الإنسان كلّ قواه منذ زمن بعيد، وكرّس كل جهوده ودفع الثمن كله من أجل هذا، ليمزّق الوجه القبيح لهذا الإبليس، ويسمح للناس الذين أصابهم العمى، والذين تحملوا جميعَ أنواع الآلام والمشقات، للنهوض من آلامهم والتمرد على هذا الشيطان القديم الشرير" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (8)]. من خلال كلمات الله، أدركت الجوهر الإبليسي لعداء الحزب الشيوعي الصيني لله. يدَّعي الحزب الشيوعي الصيني أنه عظيم ومجيد ومعصوم، ويدَّعي أنه يدعم الحرية الدينية والحقوق والمصالح المشروعة، لكن هذه كلها كلمات خادعة وإبليسية. بعد أن اختبرت شخصيًّا اعتقال الحزب الشيوعي الصيني وقمعه، رأيت كيف يخدعون الناس ويعاملونهم بوحشية. إن الحزب الشيوعي الصيني ظلامي وشرير؛ إنهم أبالسة بالمعنى الحقيقي للكلمة. لقد كشف كلام الله كل هذا بشكل دقيق وعملي للغاية! إن السبب الذي يجعل الحزب الشيوعي الصيني يعتقل المؤمنين بالله بشكل محموم ويبطش بهم هو أنهم يريدون إجبارهم على إنكار الله وخيانته، لكنني لم أكن لأستسلم لهم قط. لقد كرهت نفسي لأنني كنت مخدوعًا تمامًا، وعبدتُ الحزب الشيوعي الصيني بشكل أعمى بوصفه فاعل خير عظيم، وامتننتُ لهم لمجرد أنهم منحوني قطعة أرض. لقد خلق الله كل شيء والأرض أيضًا لله، وهو الذي يهبها. كيف أمكنني أن أخطئ وأعزو نعمة الله إلى الشيطان إبليس؟ عندئذٍ فقط أدركت أن ما كنت أعبده دائمًا وأشعر بالامتنان له هو إبليس يقاوم الله ويحاول جاهدًا أن يسحبني إلى الجحيم!
لم يتسنَّ لطبيب السجن أن يفحصني إلا بعد مرور تسعة أيام، وشخَّص إصابتي بأنها نخر في رأس الفخذ. عندما سمعت التشخيص، فكرت على الفور: "هل الأمر بتلك الخطورة؟ لو أصبحت مشلولًا حقًّا، ألن أكون عديم الفائدة تمامًا؟ عندئذٍ ستنتهي حياتي!". وصف لي الطبيب دواءً أتناوله لبضعة أيام، لكنه لم يثبت فحسب أنه غير فعال تمامًا، بل إنني في الواقع شعرت حتى بألم أكبر. بحلول ذلك الوقت، لم يعد بمقدوري المشي؛ عندما كنت أضطر إلى استخدام دورة المياه، كان لا بد أن أنحني عند الخصر وأتشبث بالجدار، وأشق طريقي بخطوات صغيرة. كانت الرحلة التي لم تكن لتستغرق في الأصل سوى دقيقتين فقط، تتطلب الآن أكثر من نصف ساعة. كنت أضطر إلى الاعتماد على السجناء الآخرين ليجلبوا لي الطعام، وعندما كانوا ينسون، كنت أضطر إلى التضور جوعًا فحسب أو شرب القليل من الماء لكبح الألم. كنتُ أستلقي على فراشي فحسب، وكانت الساعات تمر ببطء شديد، بينما أتمرغ في معاناة. فكرت: "إن الدواء غير فعال ولن يسمحوا لي بالذهاب إلى المستشفى رغم أنَّ حالتي بهذه الخطورة. ربما سينتهي بي الأمر بالموت هنا فحسب...." كلما أمعنت التفكير، زاد شعوري بالسوء وانهمرت الدموع من عينيَّ. فكرت حتى في إنهاء حياتي لأنتهي من الأمر فحسب، ثم تذكرت فجأة أن كل شيء بيد الله، وأن عليَّ أن أتكل على الله! كنت أدعو الله باستمرار ثم تذكرت هذه الترنيمة من كلمات الله "بداية المرض هي محبة الله": "لا تيأس في مواجهة المرض، واستمرّ في البحث مرة تلو الأخرى ولا تستسلم، وسوف ينيرك الله بنوره. كيف كان إيمان أيُّوب؟ الله القدير طبيبٌ كُلّيّ القدرة! السُكنى في المرض مرضٌ، ولكن السُكنى في الروح صحّةٌ" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس). بينما كنت أتفكر في كلمات الله، امتلأ قلبي بالقوة. أجل، الله قدير، ولن أتمكن من شهادة أعماله إلا إذا كان لديَّ إيمان به. لكن في خضم معاناتي، كنت أتوق إلى إنهاء حياتي؛ لم يكن لديَّ إيمان حقيقي بالله وأصبحت أضحوكة الشيطان. كنت فقيرًا في القامة حقًّا. في الأيام القليلة التالية، كنتُ كثيرًا ما أصلي إلى الله وأدندن الترانيم، وكنت أشعر بالتشجيع والتأثر. وببطء، بدا أن الألم الرهيب الذي كان يعتصر جسدي، يتضاءل. في اليوم الثاني عشر، نُقلت أخيرًا إلى المستشفى لإجراء المزيد من الفحوصات. بسبب طبيعة حالتي المرضية الخطيرة، استصدروا لي إطلاق سراح مؤقت بكفالة لتلقي العلاج الطبي. قدَّم الضابط المرافق لي إفادة كاذبة، مدعيًا أنني سقطت من على كرسي قديم في أثناء مشاهدتي للتلفاز في أحد الفصول الدراسية. عندما حاولت أن أوضح أنني سقطت في الواقع بينما كنت أعمل في مصنع الطوب، تجَّهم الضابط وقال: "لن تحصل على إفراجك الطبي إذا أصررت على سرد هذه القصة. لن يكون أمامك سوى أن تستمر في المعاناة داخل السجن!". كنت قلقًا من أنني إذا أخَّرت العلاج أكثر من ذلك، فقد ينتهي بي الأمر بالشلل، لذا لم يكن أمامي خيار سوى التوقيع على الإفادة الكاذبة. بعد عودتي للمنزل، أُجريَت لي عملية جراحية، لكن بسبب تأخر العلاج لفترة أطول من اللازم، انتهى بي الأمر إلى الإصابة بالشلل الدائم.
عندما عدت إلى المنزل بعد خروجي من المستشفى، كنت طريح الفراش وبلا حراك، وكنت أعتمد على زوجتي لتطعمني الطعام والدواء بالملعقة. بعد حوالي أسبوعين من عودتي إلى المنزل، جاء نائب سكرتير الحزب في المقاطعة إلى منزلنا وسلَّمني ورقتين، قائلًا ببرود: "لقد أُلغيت عضويتك في الحزب، وقِّع هنا". قلت لنفسي: "جيد، فلتلغوا عضويتي! لم أعد راغبًا بالطبع في التضحية بحياتي من أجل الحزب!". وبذلك، وقَّعت بعزم على وثائق الإلغاء. عدتُ بذاكرتي إلى أكثر من ثلاثين عامًا من العمل بصفتي كادرًا قرويًّا. كان لساني يَلْهج بالثناء على الحزب، وبذلت كل ما في وسعي بإخلاص، وابتززت ثروات الشعب التي اكتسبها بشق الأنفس من خلال أشكال مختلفة من الخداع. كنت أعمل بجدٍ شديد لدرجة أنني لم يكن لدي حتى الوقت للاهتمام بمشروع عائلتي الزراعي، ونتيجة لذلك، أصبحت زوجتي منهكة وأصابها المرض. كنت أعتقد في السابق أنني يجب أن أكون مخلصًا للحزب، بصفتي عضوًا فيه. لو لم أُعتقل وأُضطهد وأُطرد من الحزب وأُجرد من منصبي بصفتي كادرًا، لواصلتُ تقديم كل ما أملك للحزب. على الرغم من أنني مررت ببعض المعاناة وأصبحت مصابًا بالشلل في ساقي اليسرى، فقد رأيت حقيقة الجوهر الإبليسي المقاوم لله لدى الحزب الشيوعي الصيني، ولم أعد مضلَّلًا أو مخدوعًا بهم. لقد كرهتُ الحزب الشيوعي الصيني ونبذته بكل قلبي وكرست نفسي بالكامل لله. كان هذا كله نتيجة محبة الله وخلاصه! في تلك الليلة، عندما أخبرت زوجتي بكل ما أدركته وتعلمته ورأت مدى تغيري، ضحكت وقالت: "كنتَ في السابق تريد اتباع الله والبقاء مخلصًا للحزب. والآن بما أنك لم تعد جزءًا من الحزب الشيوعي الصيني، يمكننا أن نكرس كل طاقاتنا للسعي إلى الحق والقيام بواجباتنا".
خلال تلك الفترة، اضطرت زوجتي إلى تحمل عبء جميع أعمالنا المنزلية. كانت تعاني بالفعل من مرض بالغ الخطورة في المعدة، والآن علاوة على ذلك، كان يقع على عاتقها مسؤولية إضافية تتمثل في الاعتناء بي والقيام بجميع الأعمال المنزلية. كانت تُصاب أحيانًا بالإنهاك الشديد لدرجة أنني كنت أرى يديها ترتجفان، عندما تأتي لتقدم لي الطعام. كان الأمر مزعجًا للغاية أن أرى زوجتي على هذه الحال، وكثيرًا لم يسعني إلا أن أبكي. بعد أربعة أشهر، كنت لا أزال غير قادر على تحريك ساقي إطلاقًا، وبدأت أتساءل عما إذا كنت سأصاب بشلل دائم. "لو كنت مشلولًا حقُّا، فكيف سأستمر في الحياة؟ ألم تكن حياتي لتنتهي فعليًّا؟". كنتُ في السابق ركيزة أسرتنا، لكنني أصبحت عديم الفائدة تمامًا، حتى إنني أصبحت أعتمد على زوجتي لمساعدتي في الذهاب إلى الحمام. شعرت بالأسف الشديد على زوجتي وأصبحت عبئًا عليها فحسب؛ دفعتني هذه الأفكار إلى التفكير في إنهاء حياتي. عندما كانت زوجتي تأتي لتطعمني، لم أكن أرغب في ابتلاع الطعام، معتقدًا أنني سأجوع فحسب وأتضور جوعًا حتى الموت. في أحلك لحظاتي، كنتُ أدعو الله مرة تلو الأخرى والدموع في عينيَّ وأقول: "يا إلهي! إني أعاني بمرارة الآن. أرجوك افتح لي طريقًا، أرجوك خلِّصني...." بعد الصلاة، تذكرت كلمات الله التي تقول: "أثناء هذه الأيام الأخيرة يجب أن تحملوا الشهادة لله. بغض النظر عن مدى حجم معاناتكم، عليكم أن تستمروا حتى النهاية، وحتى مع أنفاسكم الأخيرة، يجب أن تظلوا مخلصين لله، وخاضعين لترتيبه. فهذه وحدها هي المحبة الحقيقية لله، وهذه وحدها هي الشهادة القوية والمدوّية" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله). لقد منحتني كلمات الله الإيمان والقوة وخلَّفت في نفسي أيضًا شعورًا بالخجل والحرج. أردت أن أنهي حياتي بعد أن اختبرت القليل من المعاناة فحسب؛ أي نوع من الشهادات كانت تلك الشهادة؟ فكرت في كيف أن أيوب عندما واجه التجربة الهائلة بفقدانه جميع أبنائه وممتلكاته وانتشار الدمامل في كل جسمه، كان لا يزال يسبح باسم الله ويقدم شهادة مجيدة على الرغم من معاناته العظيمة. لكنني أصبحت سلبيًّا بعد أن اختبرت بعض المعاناة من المرض. لم أطلب مقصد الله؛ وبدلًا من ذلك، رغبت في إنهاء حياتي فحسب. لولا أن الله أنارني في الوقت المناسب تمامًا، لوقعت في مؤامرة الشيطان. بعد أن أدركت هذا، هدأت رغبتي في إنهاء حياتي، وعزمت على أن أتبع الله حتى آخر أنفاسي وأن أشهد له! بعد مرور شهر، تمكنت فجأة من رفع قدمي اليسرى مجددًا. كنت في أوج سعادتي وحماسي لدرجة أن الدموع انهمرت من عينيَّ ورحتُ أشكر الله باستمرار. لاحقًا، استعدت القدرة على المشي تدريجيًّا. لم أتخيل قط أنني سأتمكن من الوقوف مجددًا. كان هذا كله بفضل الله حقًّا!
في عام 2008، تحت شعار "الحفاظ على الاستقرار المجتمعي استعدادًا لأولمبياد بكين"، بدأ الحزب الشيوعي الصيني في قمع الكنيسة، واعتقال أي إخوة وأخوات لديهم إدانات سابقة. في اليوم السابق للألعاب الأولمبية، جاءني ضابطان من معسكر العمل إلى منزلي وأخبراني أنني لم أملأ نماذج الإفراج لمعسكر العمل وأنَّ عليَّ الذهاب معهما لإتمام المستندات المطلوبة. أخبراني أن العملية بأكملها لن تستغرق أكثر من ثلاثة أيام، لذا صدقتهما ووافقت على الذهاب معهما، لكنني فوجئت بأن ما كان من المفترض أن يستغرق ثلاثة أيام تحول إلى احتجاز لمدة أربعة أشهر. خلال فترة احتجازي، أجبرني الضباط على القيام بـ 12 ساعة من العمل اليدوي كل يوم، في مصنع خافت الإضاءة. كنت أُعاقَب إذا لم أنهِ مهامي في الوقت المحدد. نظرًا للإصابة التي كانت لا تزال لديَّ في ساقي اليسرى، لم يكن بمقدوري الجلوس إلا لمدة 20 دقيقة في المرة الواحدة قبل أن أضطر إلى الوقوف، وإلا ستنسد الدورة الدموية في ساقي. كنت مضطرًا إلى تغيير وضعيتي باستمرار لتخفيف الألم. أيضًا، نظرًا لاضطراري للعمل لساعات طويلة في تلك البيئة الخافتة الإضاءة، بدأ بصري يتدهور بشكل خطير. بعد أربعة أشهر، وفقط بعد أن أجرت ابنتي جميع اتصالاتها، أُطلق سراحي أخيرًا وسُمح لي بالعودة إلى المنزل. عندما عدت إلى المنزل، جاء أحد الضباط إلى منزلنا وقال مهددًا: "نحن نراقبك عن كثب. إذا اكتشفنا أنك عدت لممارسة الإيمان مجددًا، فسيُقبض عليك وتلقى حكمًا قاسيًا!". قلت لنفسي: "تبًّا لكم أيها الأبالسة الملاعين. يمكنكم التحكم في جسدي، لكن لا يمكنكم التحكم في قلبي. حتى لو اعتُقلت مجددًا، فسأستمر في الإيمان بالله!".
عدت بذاكرتي إلى كيف أنه على الرغم من العمل المضني الذي بذلته من أجل الحزب لأكثر من نصف حياتي، فقد ألحقوا بي إصابة دائمة ودفعوني إلى الرغبة في إنهاء حياتي في مناسبات عدة. لقد كان كلام الله هو الذي منحني الإيمان والقوة، وأعادني من على حافة الموت خطوة فخطوة، وسمح لي أن أكتسب تمييزًا لجوهر التنين العظيم الأحمر الشرير، وأظهر لي كيف أن الله هو مصدر حياة الإنسان، والله وحده هو القادر على أن يكون بمثابة حياة الإنسان، ووحده الإيمان بالله واتباعه هو الأمر ذو المعنى الأعظم. إن ترنيمة "الحياة ذات المعنى الأعظم" تعبر عن ذلك بشكل جيد: "أنت مخلوق، وبالطبع عليك أن تعبد الله وأن تنشد حياة ذات معنى. بما أنك مخلوق أن تبذل نفسك من أجل الله وأن تتحمل كل ضيق. عليك أن تقبل بسرور وثقة الضيق القليل الذي تكابده اليوم، وأن تعيش حياة ذات معنى مثل أيوب وبطرس. أنتم أناس يسعون نحو الطريق الصحيح، وينشدون التحسُّن. أنتم أناس تنهضون في أمة التنين العظيم الأحمر، ويدعوكم الله أبرارًا. أليس هذا أسمى معاني الحياة؟" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الممارسة (2)].