53. واجبي كشف أنانيتي

كنت مشرفة على أعمال الفيديو لأكثر من عامين. منذ فترة وجيزة، وبسبب متطلبات العمل، انقسمت مجموعتنا إلى مجموعتين أصغر. كانت الأخت ليلى تتولى مسؤولية إحدى المجموعتين، وتوليتُ أنا مسؤولية المجموعة الأخرى. على الرغم من أن الأخت ليلى كانت قد بدأت للتو في الإشراف على هذا العمل، فقد كانت دائمًا ما تقدم اقتراحات رئيسية حول إنتاج مقاطع الفيديو، وكثيرًا ما كانت تقود الإخوة والأخوات في المراجعة المشتركة للعمل وتعلم المهارات الفنية. لم أكن سعيدة للغاية بشأن ذلك، وفكرت: "بهذا المعدل من المؤكد أنهم سيحققون تقدمًا سريعًا ولن يمر وقت طويل قبل أن تصبح مجموعتي غير مرغوب فيها مقارنة بمجموعتهم". اجتاحني إحساس بالأزمة، وكنت أقول لنفسي إنه يجب أن أقوم بعمل جيد في كل مقطع فيديو لئلا أتخلَّف عن ليلى ومجموعتها. في ذلك الوقت، كنا نصنع أحد مقاطع الفيديو يتطلب مهارات فنية عالية، وكنت أدرس عن كثب المهارات ذات الصلة مع إخوة وأخوات آخرين. عندما كنا نواجه صعوبات، كنت أصلي إلى الله وأطلب الحلول مع الجميع. أُنجز مقطع الفيديو بعد الكثير من العمل الشاق، وقال الإخوة والأخوات الذين شاهدوه إنه جيد الصنع. كان هذا الأمر مُرضيًا لأنه أوحى بأنني كنت قوة لا يستهان بها، وكنت أكثر قدرة من ليلى ومجموعتها. أرسلت مقطع الفيديو إلى إخوة وأخوات في مجموعات أخرى، وبعد أيام قلائل ردوا عليَّ قائلين إن مقطع الفيديو بدا نابضًا بالحياة وسألوني عن كيفية تحسيني لمهاراتي الفنية. كنت في أوج سعادتي لسماع ذلك وقلت لنفسي: "الآن وقد رأى جميع الإخوة والأخوات ما يمكنني القيام به، من المؤكد أنهم سينظرون إليَّ نظرة احترام ويعجبون بي". لقد قطعت عهدًا على نفسي بأنني سأتعامل مع جميع مقاطع الفيديو اللاحقة بأقصى قدر من الحرص.

واجهت ليلى ومجموعتها بعد ذلك بعض الصعوبات في أحد مقاطع الفيديو، وأرادوا مني المساعدة في حلها. قلت لنفسي: "هذا الفيديو هو مسؤوليتكم. إذا أمضيت وقتًا في حل هذه المشكلات، فلن أحصل على أي تقدير مقابل ذلك وسيؤخر ذلك عملي أيضًا. سيكون من الأفضل بالنسبة إليَّ أن أبذل جهدًا أكبر في مقطع الفيديو الذي أنا مسؤولة عنه، بدلًا من مساعدتكم في حل مشكلاتكم". لذلك، قررت عدم مساعدتهم. لاحقًا، عندما ظلت ليلى عاجزة عن إيجاد حل، كانت تعود إليَّ مرة أخرى. قالت إنهم قد جربوا مختلف الأساليب دون جدوى، وسألت كيف تعاملت مع مثل هذه الصعوبات في الماضي. فكرت: "إذا أمضيتُ وقتًا في حل مشكلات مجموعتكِ وانتهى بكِ الأمر إلى القيام بعمل أفضل مني، ألن يعتقد الجميع أنكِ قائدة مجموعة أفضل مني، على الرغم من أنكِ لم تبدأي العمل إلا للتو؟ سأبدو غير كفؤة!". مع أخذ هذا الأمر في الاعتبار، قلت لها، بطريقة مرتجلة، إنه لا يوجد شيء يمكنني فعله للمساعدة. لم يكن أمام ليلى خيار سوى العودة ومواصلة استقصاء الصعوبات بنفسها. ثم أرسلت بعد ذلك عينة من مقطع الفيديو إلى مجموعة الدردشة لنتحقق مما إذا كانت هناك أي مشكلات. لم أكن أنوي الرد، معتقدة أن مشاهدة مقطع الفيديو ستكون إهدارًا لوقتي. لكن في الوقت نفسه، كنت قلقة من أنني إذا لم أشاهده، فقد يقول الإخوة والأخوات إنني مهملة في الإشراف على العمل وغير مسؤولة بصفتي قائدة للمجموعة. لذا، فتحت الملف على مضض وشاهدت مقطع الفيديو. وجدتُ مشكلات في مواضع عدة، لكنني لم أمعن النظر فيها بعناية. ثم واصلت ليلى إرسال مقطع الفيديو إلى القائدة، التي أشارت إلى عدد لا بأس به من المشكلات، لذا كان يتعين إعادة العمل على مقطع الفيديو الخاص بهم وإصلاحه. تأخر تقدم العمل نتيجة لذلك. عندما جاءت القائدة لاحقًا لتراجع العمل معي، أشارت إلى مشكلاتي وقالت: "عندما نقوم بواجباتنا في الكنيسة، فإننا نقسم العمل، لكن هذا لا يعني أننا نعمل بشكل مستقل عن بعضنا بعضًا. أنتِ قائدة مجموعة، لذا عليكِ تحمل عبء أكبر. لم تبدأ ليلى إلا للتو في الممارسة بصفتها قائدة مجموعة، لذا عليكِ أن تتحققي عن كثب من مقاطع الفيديو التي تصنعها هي ومجموعتها، كي يتسنى حل بعض المشكلات قبل وقوعها". أدركت حينها أنه لا يمكنني أن أتنصل من مسؤولية هذا التأخير، لأن ذلك كله يعود إلى أنانيتي المفرطة، حيث لم أهتم سوى بعملي الخاص وأرفض التعاون مع ليلى. لكنني لم أتأمل بعمق شديد في الأمر. كلما كنت أصنع مقاطع فيديو بعد ذلك، كان تفكيري غير واضح المعالم، وشعرت بالخمول والحيرة. لم أتمكن من إيجاد المشكلات في واجبات الإخوة والأخوات، ولم أكن أدري حتى ماذا أقول في الصلاة. أدركت أنني لست في الحالة الصحيحة، وأن الله يخفي وجهه عني. لذا، جئت أطلب وأصلي أمام الله، طالبةً منه أن يرشدني إلى فهم ذاتي.

في إحدى الليالي، قبل أن أخلد إلى النوم، تأملت في أدائي في الآونة الأخيرة. فكرت في كيف يكشف الله أضداد المسيح الذين لا يهتمون إلا بعملهم في أداء واجباتهم. وجدت هذه الفقرة من كلمات الله: "يفتقر أضداد المسيح إلى الضمير والحس والإنسانية. لا يقتصر الأمر على أنهم يفتقرون إلى أي حياء، بل لديهم أيضًا علامة مميزة أخرى: فهم أنانيون وخسيسون بصفة استثنائية. ليس من الصعب فهم المعنى الحرفي "لأنانيتهم وخساستهم": إنهم لا يرون إلا مصالحهم الخاصة. وأي شيء يتعلق بمصالحهم الخاصة يحظى بانتباههم التام، وسوف يكابدون من أجله، ويدفعون الثمن، وينغمسون فيه، ويكرسون أنفسهم له. وأي شيء لا يتعلق بمصالحهم الخاصة سوف يغضون الطرف عنه ولن ينتبهوا له. يمكن للآخرين أن يفعلوا ما يشاؤون – فهم لا يهتمون بما إذا كان أي شخص يسبب الانقسام أو الاضطراب، ويعتبرون أن هذا لا علاقة له بهم. وللتعبير عن هذا بلباقة، فإنهم يهتمون بشؤونهم الخاصة. ولكن الأدق هو أن نقول إن مثل هذا الشخص خسيس ودنيء وبائس؛ ونحن نُعرِّفه على أنه "أناني وخسيس". كيف تتجلّى أنانية أضداد المسيح ودناءتهم؟ فهم يبذلون الجهد لفعل أي شيء ضروري أو قوله، ويتحملون عن طيب خاطر أي معاناة، في أي شيء يعود بالنفع على مكانتهم أو سمعتهم. أما حيث يتعلق الأمر بعمل رتّبه بيت الله، أو بعمل يعود بالفائدة على نمو الحياة لشعب الله المختار، فإنهم يتجاهلونه تمامًا. وحتى عندما يقوم فاعلو الشر بالتعطيل والتشويش وارتكاب جميع ضروب الشر، ويؤثّرون بشكل خطير في عمل الكنيسة، فإنهم يظلون منعدمي الحس والمبالاة؛ كما لو أن هذا ليس من شأنهم. وإذا ما اكتشف أحدٌ الأفعال الشريرة لأحد الأشرار وأبلغ عنها، فإنه يقول إنه لم يَرَ شيئًا ويتظاهر بعدم العلم بها. ... بغض النظر عن العمل الذي يتولونه، فإن نوع الشخص الذي هو ضدٌّ للمسيح لا يبالي بمصالح بيت الله، بل لا يأخذ في الاعتبار سوى ما إذا كانت مصالحه ستتأثر، ولا يفكر إلا بالقدر اليسير من العمل الذي أمامه ويعود بالفائدة عليه. وعمل الكنيسة الأساسي في نظره ما هو إلا ما يفعله في أوقات فراغه؛ فهو لا يأخذه على محمل الجد مطلقًا، بل لا يقوم إلا بجهد سطحي، ولا يفعل إلَّا ما يهوى فعله، ولا يقوم بعمل سوى الحفاظ على مركزه وسلطته، كما لا يرى أهمية لأي عمل يرتبه بيت الله، ولا لعمل نشر الإنجيل، ولا لدخول الحياة لشعب الله المختار. ومهما تكن المصاعب التي يعانيها الأشخاص الآخرون في عملهم، والقضايا التي حددوها وأُبلغوا عنها، ومهما يكن كلامهم مخلصًا، فإن أضداد المسيح لا يلقون بالًا، ولا ينخرطون، كما لو أن هذا لا يعنيهم. إنهم لا يبالون مطلقًا بشؤون الكنيسة مهما كانت أهمية هذه الشؤون. وحتى عندما تكون المشكلة أمام أعينهم مباشرةً، فإنهم لا يتعاملون معها إلا بلا مبالاة. وهم لا يؤدون على مضض إلا قدرًا ضئيلًا من العمل الحقيقي، ولا يقدمون للأعلى شيئًا يراه إلا بعد أن يتعامل معهم الأعلى بصورة مباشرة ويأمرهم بحل مشكلة ما، ولا يلبثون بعد ذلك أن يستمروا في الاعتناء بشؤونهم الخاصة، بينما تجدهم لا مبالين ومتجاهلين إزاء عمل الكنيسة والأمور المهمة في السياق الأوسع نطاقًا. بل إنهم يتجاهلون المشكلات التي يكتشفونها، ويعطون إجابات سطحية، أو يستخدمون كلامهم للتهرُّب عندما يُسأَلون عن المشكلات، ولا يتعاملون معها إلا بتقاعس شديد. هذا دليل على الأنانية والدناءة، أليس كذلك؟ فوق ذلك، مهما يكن الواجب الذي يؤديه أضداد المسيح، فكل ما يفكرون فيه هو ما إذا كان سيرفع مكانتهم. فما دام سيحسن سمعتهم، فإنهم يعصرون أذهانهم ليتوصلوا إلى سبيل يتعلمون من خلاله كيف يؤدون الواجب وينجزونه. كل ما يهمهم هو ما إذا كان ذلك سيجعلهم مميزين. أيًّا كان ما يفعلونه أو يفكرون به، لا تعنيهم سوى شهرتهم ومكانتهم، ومهما يكن الواجب الذي يؤدونه فهم لا يتنافسون إلا على أساس من أعلى ومن أدنى، ومن يربح ومن يخسر، ومن يتمتع بسمعة أحسن. إنهم لا يبالون إلا بعدد الأشخاص الذين يتطلعون إليهم بالتقدير، وعدد من يطيعونهم، وعدد أتباعهم. إنهم لا يَعقدون شركة حول الحق أو يحلون مشكلات حقيقية، ولا يأخذون في اعتبارهم مطلقًا كيف يفعلون الأمور حسب المبدأ عند أداء أحدهم لواجبه، سواء كانوا مخلصين، أو وفَّوا بمسؤولياتهم، أم كانوا منحرفين أو إن كانت ثمة مشكلات، ولا يبالون بما يطلبه الله، وما هي مشيئة الله. ولا يلقون أدنى بال لهذه الأشياء جميعًا، بل يُطرِقون برؤوسهم فحسب ويفعلون أشياء من أجل المكانة والهيبة، وإرضاءً لطموحاتهم ورغباتهم، هذا هو تجلي الأنانية والدناءة، أليس كذلك؟ يكشف هذا تمامًا عن مدى امتلاء قلوبهم بمطامعهم ورغباتهم ومطالبهم التافهة. تتحكم مطامعهم ورغباتهم في كل ما يفعلونه. ومهما فعلوا فإن الدافع والمنطلق هو مطامعهم ورغباتهم ومطالبهم التافهة. هذا هو المظهر النموذجي للأنانية والدناءة" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. الملحق الرابع: تلخيص شخصيَّة أضداد المسيح وجوهر شخصيَّتهم (الجزء الأول)]. يكشف الله أن أضداد المسيح شديدو الأنانية. في الأمور التي تتعلق بمصالحهم الخاصة، أو تلك التي تسمح لهم بإبراز تفوقهم، فإنهم يعملون بجد وعن طيب خاطر، بغض النظر عن الثمن الذي يتعين عليهم دفعه أو مقدار ما يجب أن يعانوه. لكن، إذا كان هناك شيء لا يتصل بمصالحهم الخاصة، فإنهم يتجاهلونه ببساطة. في مثل هذه الحالات، لن يكونوا راغبين في إيلاء الأمر اهتمامهم، مهما كانت الصعوبات التي يواجهها الآخرون أو مدى فداحة الخسارة التي تلحق بالعمل الكنسي. كل ما يفعلونه هو من أجل سمعتهم ومكانتهم الشخصية، ولا يراعون مصالح الكنيسة إطلاقًا. أدركت حينها أن هذه هي الطريقة التي كنت أتصرف بها. بعد أن انقسمت مجموعتنا إلى مجموعتين، رأيت أن ليلى تحرز تقدمًا سريعًا وتتحمل عبئًا في واجبها. كنت قلقة من أن تتفوق عليَّ، لذلك كنت غير راغبة في مساعدتها كلما واجهت صعوبات ولجأت إليَّ طلبًا للمساعدة. شعرت أن هذا ليس من بين مسؤولياتي الأساسية، وأن القيام بذلك سيستغرق وقتي وطاقتي. ليس ذلك فحسب، لكن حتى لو سار مقطع الفيديو بشكل جيد، فإن عملي الشاق سيمر دون أن يلاحظه أحد – بدلًا من ذلك، سيفترض الآخرون أن ليلى كانت في نفس مستواي، على الرغم من أنها لم تبدأ في الممارسة إلا للتو بصفتها قائدة مجموعة. في هذه الحالة، لم أكن لأتمكن من إبراز نفسي. ثم، عندما طلبت مني ليلى أن أتحقق من مقطع الفيديو الخاص بهم وأقدم لهم اقتراحات، لم أكلف نفسي العناء. لم أكن أرغب في تمضية الوقت والجهد في مشاهدته. في النهاية، شاهدته بالفعل – لكن على مضض فحسب، من باب الشكل، لأني كنت قلقة من أنه قد يصفني الآخرون بأنني غير مسؤولة. لهذا السبب، كان لا بد من إعادة العمل على مقطع الفيديو – الذي احتوى على العديد – من المشكلات. لو أنني بذلت جهدًا أكبر قليلًا فحسب، لتمكنت من اكتشاف تلك المشكلات وتصحيحها في وقت أبكر. لكن، لأنني كنت شديدة الأنانية ولم أفكر إلا في مصالحي الخاصة، تأخر عمل الكنيسة. شعرت بالذنب الشديد عند التفكير في ذلك. لقد رتبت لي الكنيسة أن أكون قائدة مجموعة، لذا كان عليَّ أن أتمِّم مسؤولياتي وأن أكون يقظة في حل مختلف الصعوبات والمشكلات التي كان الإخوة والأخوات يواجهونها في واجباتهم. لكنني لم أهتم بمقاصد الله إطلاقًا. كل ما كنت أهتم به هو ما إذا كانت مقاطع الفيديو التي كنت أتولى مسؤوليتها جيدة الصنع، وما إذا كان بإمكاني جذب المزيد من الناس للإعجاب بي. عندما واجهت ليلى بعض الصعوبات، كان لديَّ بالتأكيد بعض الأفكار حول كيفية حلها، لكنني لم أساعد إطلاقًا. حتى أنني فكرت بشكل حقود: "إنه لأمر جيد أنهم يواجهون بعض الصعوبات. إذا كانت نتائجهم ضعيفة، فسيجعلني ذلك أبدو أفضل فحسب. سيعتقد الإخوة والأخوات أنني العمود الفقري لمجموعتنا، وأنهم لا يستطيعون الاستغناء عني". كانت الطريقة التي فكرت وتصرفت بها دنيئة حقًّا! عند مراجعة العمل في وقت لاحق، سمعتُ بعض الأخوات يقلن أشياء مثل: "هذا الفيديو لم يُنجز بشكل جيد جدًّا، وأشعر بنوع من السلبية تجاهه. أعتقد أن مستوى قدراتي ليس جيدًا بما يكفي لهذا الواجب". كان سماع هذا الأمر مزعجًا، وعزَّز ما كنت أشعر به حول مدى أنانيتي. لم أكن أهتم إلا بسمعتي ومكانتي. كنت على علم تام بأنهم قد بدأوا للتو في الممارسة العملية، وأنهم بحاجة إلى المساعدة والتعاون. لكنني كنت أجلس فحسب دون حتى ذرة من المحبة. كلما أمعنت التفكير في الأمر، زاد شعوري بأنني كنت أفتقر إلى الإنسانية. كيف أمكنني أن أفعل شيئًا دنيئًا وحقيرًا إلى هذا الحد؟

خلال أحد الاجتماعات، استمعتُ إلى أحد الإخوة وهو يعقد شركة عن اختبار خاضه ووجدتُ أنني استفدتُ منه للغاية. كانت هناك فقرة من كلمات الله في شركته، تركت لديَّ انطباعًا عميقًا للغاية. تقول كلمات الله: "ما المعيار الذي يُحْكَمُ به على أفعال الشخص وسلوكه على أنها خيِّرةٌ أو شرِّيرة؟ إنه سواء كان في أفكاره وكشوفاته وأفعاله يمتلك شهادة ممارسة الحقِّ، والحياة وفقًا لواقع. إن لم تكن لديك هذه الحقيقة، أو لم تحيا بحسبها، فأنت إذًا شرِّيرٌ بلا شكٍّ. كيف ينظر الله إلى الأشرار؟ بالنسبة لله، فأفكارك وأفعالك الظاهرية لا تحمل شهادة له، كما أنها لا تهزم الشيطان، وبدلًا من ذلك فإنها تُخجِل الله، وهي زاخرة بعلامات الخزي التي جلبتها عليه. أنت لا تشهد لله، ولا تبذل نفسك من أجل الله، ولا تفي بمسؤولياتك وواجباتك تجاه الله، وبدلًا من ذلك، تتصرف من أجل مصلحتك. ماذا تعني جملة "من أجل مصلحتك"؟ لأكون دقيقًا، إنها تعني من أجل الشيطان. لذلك، سيقول الله في النهاية: "ٱذْهَبُوا عَنِّي يا فَاعِلِي ٱلْإِثْمِ!" في عينيِّ الله، لن تُرَ أفعالك كأعمال حسنة، وإنما ستُعتبر أعمالًا شريرة. ولن تفشل في ربح استحسان الله فحسب، بل ستُدان. ماذا يأمل المرء أن يربحه من إيمان مثل هذا بالله؟ ألن يكون هذا الإيمان في النهاية هباءً؟" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن كسب الحرية والتحرير إلّا بتخلص المرء من شخصيته الفاسدة). من كلمات الله توصلت إلى فهم أن الله لا ينظر إلى عدد الواجبات التي يقوم بها الشخص أو مقدار ما يمدح به الآخرون الشخص. إن ما ينظر إليه، بالأحرى، هو ما إذا كان الشخص، في أفكاره وتعبيراته وأفعاله، يمتلك شهادة ممارسة الحق في سياق قيامه بواجبه. هذه هي الطريقة التي يحكم بها الله على ما إذا كانت الأمور التي يفعلها الإنسان خيرًا أم شرًّا. إن الله يمحِّص قلوب الناس، وإذا كان الشخص يقوم بواجبه دون نية الشهادة لله وإرضاء الله، وبدلًا من ذلك يضر بالعمل الكنسي من أجل الدفاع عن مصالحه الخاصة، فمهما كان الثمن الذي يدفعه الشخص، فإنه لا يزال يفعل الشر في نظر الله. كنتُ أشعر دائمًا أنني حية الضمير ومسؤولة في واجبي، وأنني لست بهذا السوء. لكن من خلال التأمل في سلوكي في ضوء كلام الله، ومع ذلك، أدركت أنه على الرغم من أنني أبذل قصارى جهدي وأدقق في العمل الذي أتولى مسؤوليته، فقد كان وراء ذلك نية مخفية لأحتل مكانة في قلوب إخوتي وأخواتي؛ نية أن أوهم الناس أنني العمود الفقري للمجموعة وأنهم لا يستطيعون الاستغناء عني. حتى عندما كانت ليلى تواجه صعوبات وتعجز عن التقدم في عملها، لم أكن منزعجة ولو بأقل قدر. على العكس، كنت فَرِحة لأنها كانت تواجه صعوبات لأنني شعرت أن ذلك سيساعدني على إبراز نفسي. عندما كنت أقوم بواجبي بهذه النوايا الدنيئة، كنت أفعل الشر وأدانني الله. لو لم أتب، لاستبعدني الله في نهاية المطاف، حتى لو قمت بالكثير من العمل ودفعت ثمنًا باهظًا. لقد أفزعتني هذه الفكرة وكنت أشعر أنني في خطر داهم. صليت إلى الله، عازمةً على ألا أعيش بعد الآن بشخصيتي الفاسدة، وأنه إذا حلَّ بي شيء مماثل في المستقبل، كان عليَّ أن أراعي عمل الكنيسة في مجمله وأن أحافظ على مصالح الكنيسة.

وجدتُ بعد ذلك طريقًا للممارسة في كلام الله. يقول الله: "لأن كل من يؤدي واجبًا، مهما كان مدى عمق فهمه للحق أو ضحالته، فإن أبسط طريقة لممارسة الدخول في واقع الحق هي التفكير في مصالح بيت الله في كل شيء، والتخلِّي عن رغبات المرء الأنانية، والمقاصد الشخصية، والدوافع، والكبرياء، والمكانة. ضع مصالح بيت الله أولًا؛ هذا أقل ما يجب أن يفعله المرء. إذا كان الشخص الذي يؤدي واجبه لا يستطيع حتى القيام بهذا القدر، فكيف يمكن أن يُقال إنه يؤدي واجبه؟ ذلك ليس أداء المرء لواجبه. عليك أولًا أن تفكِّر في مصالح بيت الله، وتراعي مقاصد الله، وتراعي عمل الكنيسة. ضع هذه الأمور في المقام الأول وفي الصدارة؛ فقط بعد ذلك يمكنك أن تفكِّر في استقرار مكانتك أو كيف يراك الآخرون. ألا تشعرون أن هذا يصبح أسهل قليلًا عند تقسيمه إلى هاتين الخطوتين وتقديم بعض التنازلات؟ إذا مارست بهذه الطريقة لفترة من الوقت، فستشعر بأن إرضاء الله ليس بالأمر الصعب. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تكون قادرًا على الوفاء بمسؤولياتك، وتأدية التزاماتك وواجبك، ووضع رغباتك ومقاصدك ودوافك الأنانية جانبًا؛ وعليك أن تُظهر مراعاة لمقاصد الله، وتمنح الأولوية لمصالح بيت الله، وعمل الكنيسة والواجب الذي من المفترض أن تؤديه. بعد اختبار هذا لفترةٍ من الوقت، ستشعر بأنَّ هذه طريقة جيدة لضبط سلوكك. إنه عيش باستقامة وأمانة، من دون أن تكون شخصًا وضيعًا وشريرًا، وهو عيش بإنصاف وشرف بدل أن تكون حقيرًا ووضيعًا وعديم الفائدة. ستشعر بأنّ هكذا ينبغي أن يتصرف الإنسان، وهكذا تكون الصورة التي ينبغي أن يحيا بحسبها. تدريجيًا، ستتضاءل رغبتك في إرضاء مصالحك" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن كسب الحرية والتحرير إلّا بتخلص المرء من شخصيته الفاسدة). من كلمات الله أدركت أنه لكي يقوم المرء بواجبه بشكل جيد، يجب أن يُنحِّي المرء جانبًا نواياه الشخصية ودوافعه وكبريائه ومكانته، ويجب أن يعطي الأولوية لمصالح الكنيسة في جميع الأوقات. بعد ذلك كنتُ أقوم بواجبي بوعي وفقًا لمتطلبات الله، وتوقفت عن التصرف بأنانية ودناءة ومراعاة سمعتي ومكانتي الخاصة فحسب. ذات مرة، واجهت ليلى صعوبة أثناء صناعة أحد مقاطع الفيديو وأرادت مني أن ألقي نظرة على كيفية حلها. كنت مترددة إلى حد ما وقلت لنفسي: "لم أنتهِ بعد من مقطع الفيديو الذي أعمل عليه حاليًا. هل ستؤثر المساعدة في حل مشكلتها على تقدم عملي؟ إذا انتهى بي الأمر إلى أنني لم أتمكن من إنهائه في الوقت المحدد، فهل سيقول الآخرون إنني غير كفؤة، على الرغم من كوني قائدة مجموعة؟". أدركت أنني كنت أعيش بشخصيتي الفاسدة مجددًا. تذكرت القرار الذي قطعته أمام الله – بأنني سأراعي عمل الكنيسة في مجمله، ولن أميل إلى عملي الخاص فحسب – وصليت إلى الله، راغبة في التمرد على الجسد، وتنحية مصالحي جانبًا، ومساعدة ليلى بكل جد. شاهدت مقطع الفيديو بانتباه، وسجلت المشكلات، ثم ذهبتُ لرؤية ليلى ومجموعتها لتقديم الإرشاد في الموقع. قالت ليلى إن شركتي قد فتحت لها طريقًا، وشعرتُ بإحساس كبير بالسلام في قلبي. كنت أعتقد في البداية أن مساعدتهم ستؤخر عملي، لكن في النهاية لم يكن هناك أي تأخير إطلاقًا. بالنسبة لمجموعتينا، سار العمل بكفاءة أكثر من أي وقت مضى واكتمل بنجاح في غضون شهر واحد. بعد ذلك، عندما كان الإخوة والأخوات يطلبون مني المساعدة في صعوباتهم لم أعد أرفض بعد ذلك. بدلًا من ذلك، كنت أساعدهم قدر استطاعتي. على الرغم من أنني كنت أبذل وقتًا وجهدًا أكبر في التحقق من الأمور وتقديم الاقتراحات، فقد شعرت بالسلام في الممارسة بهذه الطريقة.

لاحقًا قمت ببعض التأمل الذاتي، وسألت نفسي عن سبب مواظبتي الشديدة في الأمور التي تمس مصالحي الخاصة، لكن لم أكن متعاونة، عندما لم تكن مصالحي معنية، ما كان جوهر هذه المشكلة بالتحديد؟ رأيت بعضًا من كلمات الله: "لحماية غرورهم وكبريائهم، وللحفاظ على سمعتهم ومكانتهم، يسعد بعض الأشخاص بمساعدة الآخرين والتضحية من أجل أصدقائهم بغض النظر عن الثمن، لكن عندما يتعين عليهم حماية مصالح بيت الله، والحق، والعدالة، فإن مقاصدهم الصالحة تختفي، تكون قد تلاشت تمامًا. عندما يتوجب عليهم ممارسة الحق، لا يمارسونه على الإطلاق. ما الذي يجري؟ لحماية كرامتهم وكبريائهم، سيدفعون أي ثمن ويتحمّلون أي معاناة. غير أنهم عندما يحتاجون إلى القيام بعمل حقيقي والتعامل مع الشؤون العملية، ولحماية عمل الكنيسة والأمور الإيجابية، ولحماية شعب الله المختار والنهوض بأعبائه، لماذا لا تعود لديهم القوة لدفع أي ثمن وتحمّل أي معاناة؟ هذا لا يمكن تصوره. الواقع أنَّ لديهم نوع من الشخصيات التي تنفر من الحق. لماذا أقول إن شخصيتهم تنفر من الحق؟ لأنه كلما تعلق الأمر بتقديم الشهادة لله، وممارسة الحق، وحماية شعب الله المختار، ومحاربة مخططات الشيطان، أو حماية عمل الكنيسة، فإنهم يفرّون ويختفون، ولا يهتمون بأي أمور جادة. أين بطولتهم وروح تحمّل المعاناة لديهم. أين يطبّقون هذه الأمور؟ من السهل رؤية هذا. حتى لو وبّخهم شخص ما، قائلاً إنه يجب ألا يكونوا أنانيين ودنيئين يحمون أنفسهم، وأنه يجب عليهم حماية عمل الكنيسة، فإنهم لا يهتمون حقًا. إنهم يقولون لأنفسهم: "أنا لا أفعل تلك الأشياء، وليس لها أي علاقة بي. ما فائدة التصرف على هذا النحو لسعيي نحو الشهرة والربح والمكانة؟" إنهم ليسوا أشخاصًا يسعون إلى الحق. هم فقط يحبون طلب الشهرة والربح والمكانة، ولا يؤدون العمل الذي ائتمنهم الله عليه على الإطلاق. لذا، عندما تكون ثمة حاجة إليهم للقيام بعمل الكنيسة، فإنهم ببساطة يختارون الفرار. هذا يعني أنهم – في قلوبهم – لا يحبون الأمور الإيجابية، وليسوا مهتمين بالحق. هذا مظهر واضح لكون المرء نافرًا من الحق. فقط أولئك الذين يحبون الحق ويمتلكون واقع الحق بإمكانهم التقدم للأمام عندما يتطلبهم عمل بيت الله وشعب الله المختار، فقط هم من يمكنهم الوقوف بشجاعة ملتزمين بالواجب، لتقديم الشهادة لله وعقد شركة عن الحق، وقيادة شعب الله المختار على الطريق الصحيح، مما يُمكّنهم من تحقيق الخضوع لعمل الله. وحده هذا الموقف هو موقف مسؤولية ومظهر لإظهار مراعاة مقاصد الله. إذا لم يكن لديكم هذا الموقف، ولستم سوى مهملين في تعاملكم مع الأمور، وكنتم تفكرون: "سأقوم بالأمور التي تقع ضمن نطاق واجبي، لكنني لا أهتم بأي شيء آخر. إذا سألتني عن شيء، فسأجيبك لو كنت في مزاج جيد؛ وإلا، فلن أجيبك. هذا موقفي"، فإن هذه شخصية فاسدة، أليست كذلك؟ حماية المرء لمكانته وسمعته وكبريائه فحسب، وحماية الأمور التي تتعلق بمصالحه الخاصة فحسب، هل هذه حماية لقضية عادلة؟ هل هي حماية لمصالح بيت الله؟ خلف تلك الدوافع الحقيرة الأنانية، تكمن الشخصية النافرة من الحق" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). "عندما يرى الله أنّ الناس يتمتّعون بمقدرة ضعيفة، وأنّ لديهم عيوبًا معينةً وطباعًا فاسدةً أو جوهرًا يعارضه، لا يشمئزّ منهم، ولا يبقيهم بعيدين عنه. ليست تلك مشيئة الله وليس ذلك سلوكه تجاه الإنسان. لا يكره الله مقدرة الناس الضعيفة، ولا يكره حماقتهم، ولا يكره امتلاكهم لطباع فاسدة. ما الذي يمقته الله أشد المقت في الناس؟ أن يسأم الناس من الحق. إن سئمت من الحق، فلذلك السبب وحده لن يُسَرَّ الله منك أبدًا. هذا أمر لا يتغيّر. إن كنت تسأم من الحق ولا تحبّ الحق، وإن كان موقفك من الحق موقف عدم الاكتراث والاستهانة والتكبر، وحتى الاشمئزاز والمقاومة والرفض، إن كانت لديك هذه السلوكيات، فإن الله يحتقرك تمامًا، وستكون فاشلًا، ولن تحظى بالخلاص" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. فهم الحق بالغ الأهمية لأداء المرء واجبه جيدًا). من كلمات الله أدركت أن الناس الذين لا يحبون الحق ولا يحافظون على مصالح الكنيسة، ودائمًا ما يحافظون على السمعة والمكانة الشخصية ويسارعون إلى القيام بكل ما يخدم مصالحهم ويجعلهم يبرزون بينما يتجاهلون ويرفضون كل ما لا يفيدهم، هم أناس ذوو شخصية شيطانية تنفر من الحق. مهما يكن مدى اجتهاد هذا النوع من الأشخاص في الأمور التي تمس مصالحهم الخاصة، ومهما يبلغ الثمن الذي يدفعونه أو مدى إعجابهم بنتائج عملهم، فإن نيتهم دائمًا ما تكون لإشباع حاجتهم إلى السمعة والمكانة. عندما يتعلق الأمر بمصالح الكنيسة، فإنهم يعرفون الحق بوضوح لكنهم لا يمارسونه، ولا يؤيدون عمل الكنيسة إطلاقًا. أدركت عند التأمل أنني كنت أقوم بواجبي بهذه الطريقة. لقد كنت مستعدة لبذل الجهد ودفع الثمن ما دمت قادرة على إبراز نفسي والظهور بمظهر جيد. حتى في مواجهة الصعوبات، لم يُثنني ذلك عن مواصلة العمل على أكمل وجه لأحصل على النتائج. لكن حالما أدركت أن القيام بهذا العمل بشكل جيد لن يبرزني أو يفيدني شخصيًا، ابتعدت عن هذا العمل. لم أكن قلقة حتى عندما رأيت عمل الكنيسة يتكبد خسائر. كنتُ أكشف عن الشخصية الشيطانية النافرة من الحق! من خلال كل سنوات إيماني وكل كلام الله الذي قرأته، كنت أعلم من حيث التعليم أنني بصفتي كائنًا مخلوقًا يتعين عليَّ أن أتمِّم واجبي بكل قلبي وعقلي وقوتي، وأنه عليَّ أن أعطي الأولوية لمصالح الكنيسة في جميع الأوقات. كنت كثيرًا ما أصلي إلى الله، قائلةً إنني سأقوم بواجبي قدر استطاعتي لأرد له محبته. لكن عندما واجهتُ موقفًا حقيقيًّا، كنت أختار إرضاء رغباتي الأنانية بدلًا من الحفاظ على مصالح الكنيسة. كنت دائمًا ما أُولي سمعتي ومكانتي على مصالح الكنيسة. ما أشرَّني! إذا لم أتعامل مع شخصيتي الشيطانية النافرة من الحق، فلن أحرز تغييرًا في شخصيتي الحياتية أبدًا، ناهيك عن نيل الخلاص، مهما بلغ عدد السنوات التي استمررت فيها في الإيمان بالله. أدركت من خلال هذه الفكرة فحسب، كم كانت شخصيتي قاتلة. صليت إلى الله، طالبةً منه أن يرشدني إلى التخلص من أغلال هذه الشخصية الفاسدة.

بعد ذلك بقليل، قرأتُ فقرة أخرى من كلمات الله: "في بيت الله، جميع أولئك الذين يسعون إلى الحق متَّحدون أمام الله، غير منقسمين. جميعهم يعملون معًا لتحقيق هدفٍ مشترك: تتميم واجبهم، وقيامهم بالعمل المنوط بهم، والتصرُّف بحسب مبادئ الحق، والعمل وفقًا لما يطلب الله، وإرضاء مقاصده. إذا لم يكن هدفك لأجل ذلك، وإنما لأجل ذاتك، لأجل إرضاء رغباتك الأنانيَّة، فإنما ذلك كشف عن شخصيَّة شيطانيَّة فاسدة. في بيت الله، تُؤدَّى الواجبات بحسب مبادئ الحق، أما تصرُّفات غير المؤمنين فتحكمها شخصيَّاتهم الشيطانيَّة. وهذان سبيلان مختلفان أشد الاختلاف. ذلك أنَّ غير المؤمنين يحتفظون بمشورتهم لأنفسهم؛ كلٌّ منهم له أهدافه الخاصة وخططه، والجميع يعيشون لأجل مصالحهم. ولهذا السبب يتدافعون جميعهم لتحقيق نفعهم الشخصي؛ وهم غير مستعدين للتنازل عن ذرة واحدة مما ربحوا. هم منقسمون، غير متَّحدِين، لأنَّهم لا يسعون لهدفٍ مشترك. إنَّ القصد وراء ما يفعلون وطبيعته، هما ذاتهما؛ جميعهم يسعون في سبيل أنفسهم. لا حقَّ يحكم في ذلك، ما يحكم ذلك ويسيطر عليه هي شخصيَّة شيطانيَّة فاسدة. كلٌ منهم محكوم بشخصيته الشيطانيَّة الفاسدة ولا يملكون من أمرهم شيء، لذا يزدادون سقوطًا في الخطيئة أكثر فأكثر. وفي بيت الله، إن لم تكن مبادئ تصرفاتكم وأساليبها ودوافعها وكذلك نقطة الانطلاق الخاصة بها مختلفة عما يتبناه غير المؤمنين، أو إن كان ثمة شخصيَّة شيطانيَّة فاسدة تلهو بكم وتسيطر عليكم وتتلاعب بكم، أو إن كانت نقطة الانطلاق لتصرُّفاتكم هي مصالحكم الخاصَّة وسمعتكم وكبرياءكم ومكانتكم، فحينها لن يوجد اختلاف بين أسلوب أداء واجبكم وبين أسلوب غير المؤمنين في أداء الأمور. إذا كنتم تسعون إلى الحق، فعليكم تغيير طريقة قيامكم بالأمور. عليكم أن تتخلُّوا عن مصالحكم الخاصة ومقاصدكم ورغباتكم الشخصيَّة. عليكم أوَّلًا أن تعقدوا معًا شركة حول الحق عندما تقومون بالأمور، وأن تفهموا مقاصد الله ومتطلَّباته قبل أن تُوزِّعوا الحِملَ فيما بينكم، واضعين في الحسبان من يصلح في فعل هذا أو ذاك، ومَن لا يصلح. عليكم أن تتولوا ما تستطيعون فعله وتتمسَّكوا بواجبكم. لا تتصارعوا أو تتخاطفوا الأشياء. ينبغي لكم تعلُّم الوصول لحلول وسط. وأن تكونوا متسامحين. إن كان أحدٌ ما قد بدأ للتوِّ أداءَ واجبٍ أو تعلَّم لتوه مهارات مجالٍ ما، لكنَّه غير جاهزٍ لبعض المهام، فعليكم ألَّا تجبروه. يجب أن توكلوا إليه مهامًا أسهل قليلًا؛ ذلك من شأنه أن يُسهِّل عليه تحقيق نتائج في أداء واجبه. وهذا هو معنى أن تكونوا متسامحين وصبورين وتتحلون بالمبادئ. هذا جزءٌ مما ينبغي أن تتحلى به الإنسانية الطبيعيَّة؛ هذا ما يطلبه الله من الناس وما يجب عليهم ممارسته" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). لقد أفهمتني كلمات الله مدى اختلاف القيام بالواجب في الكنيسة مقارنةً بالطريقة التي يقوم بها غير المؤمنين بالأمور. في عالم غير المؤمنين، يتفاعل الناس بما يتماشى مع الفلسفات الشيطانية للتعاملات الدنيوية مثل "اترك الأشياء ما دامت لا تؤثر عليك"، و "لا تتدخل فيما لا يعنيك". إنهم لا يراعون سوى مصالحهم الخاصة وما إذا كانت هناك ترقية أو ثروة يمكن كسبها. لا أحد يُظهر أي اهتمام أو قلق إزاء صعوبات الآخرين. عند الأخذ في الاعتبار كيف كنت أتصرف في واجبي، أدركت أنني كنت أتصرف تمامًا مثل غير المؤمن. كنت على علم تام بحقيقة أن ليلى كانت قد بدأت للتو في الممارسة، وأنها تواجه صعوبات في واجبها، لكنني كنت أخشى أن أتخلَّف عنها وأن تتفوق عليَّ، لذلك لم أكن راغبة في المساعدة. نتيجة لذلك، لم تؤدِ إعادة العمل على مقطع الفيديو إلى تأخير التقدم في العمل فحسب، بل كنت أعيش أيضًا بشخصية فاسدة، مكروهة من الله وكنت أفتقر إلى إرشاده في واجبي. أتاح لي هذا أن أرى أن شخصية الله بارة، وأن الله يمحِّصنا إلى أعماق قلوبنا، وأن الله يرى بجلاء تام نوايانا الأنانية في القيام بواجباتنا، وأننا نعجز عن بلوغ عمل الروح القدس إذا أضمرنا نوايا خاطئة في واجباتنا. من كلمات الله توصلت إلى فهم أننا في الكنيسة نقوم بالواجب بدلًا من أن نتعامل مع شؤوننا الخاصة، ولا يمكننا أن ننفذ مشروعنا الشخصي بناءً على شخصية فاسدة. مهما كلف الأمر، علينا أن نمارس الحق وأن ندافع عن مصالح الكنيسة، وأن نساعد إخوتنا وأخواتنا وندعمهم بشكل متبادل، لكي يتقدم عمل الكنيسة بسلاسة. لقد استمتعتُ بسقاية الكثير من كلام الله وإمداده، وقد نمَّتني الكنيسة على مدى فترة طويلة للغاية. إذا كنت لا أزال أخطط لنفسي، مرضيةً رغباتي الأنانية بينما كنتُ عاجزة عن القيام بواجبي بشكل جيد لأرد لله محبته، عندئذٍ كنتُ حقًّا مجرَّدة من الضمير وغير مستحقة لكل ما أنعم الله به عليَّ، ناهيك عن العيش أمام الله. لقد ملأني هذا الإدراك بالندم. لم يكن ينبغي أن أتعامل مع واجبي هكذا، وكان عليَّ أن أغيِّر من نفسي إلى الأحسن بأسرع ما يمكن. في تعاملي مع المشكلات في المستقبل، ما دام الأمر كان عملاً كنسيًّا، كان عليَّ أن ألتزم به وأتمِّم مسؤولياتي، بغض النظر عما إذا كان العمل في حدود مسؤوليتي أو كان سيجعلني أبدو بمظهر جيد. لم أعد أرفض بعد ذلك قط كلما واجهت الإخوة والأخوات صعوبات واحتاجوا إلى مساعدتي، وكنت قادرة على إخبارهم ببعض الطرق الجيدة التي لخصتها. شعرت بالراحة والسلام، عند قيامي بواجبي بهذه الطريقة.

السابق: 51. ما يكمن وراء هجمات أقاربي

التالي: 55. صحوة من السجن

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

37. الله بجانبي

بقلم جوـ زي – الولايات المتحدةولدتُ لأسرة مسيحية، وعندما كان عمري عامًا واحدًا قبلت أمي العمل الجديد للرب يسوع العائد (الله القدير)، على...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب