كيفية السعي إلى الحق (9)

آخر مرة اجتمعنا فيها، قدمنا شركة حول الجزء الثاني مما يلزم التخلي عنه في سياق "كيفية السعي إلى الحق"؛ وهو التخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم. وقد أدرجنا في هذا الموضوع أربعة أمور إجمالاً: أولاً – الاهتمامات والهوايات، وثانيًا – الزواج، وثالثًا – العائلة، ورابعًا – الحياة المهنية. في المرة الماضية، قدمنا شركة حول الاهتمامات والهوايات. أحد عناصر التخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم هو مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم التي تنشأ نتيجة للاهتمامات والهوايات. بعد الاستماع إلى شركتي، هل لدى الجميع موقف ومنظور صحيحين تجاه الاهتمامات والهوايات؟ (نعم). إن الهدف من شركتنا هو التخلي عن المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ نتيجة للاهتمامات والهوايات، لكن للتخلي عن هذه الأشياء، يجب أن تفهم أولاً ما هي الاهتمامات والهوايات، ثم تفهم كيف يجب أن تتعامل معها، وكيف تتخلى عن هذه الأشياء التي تنشأ نتيجةً لها. لا يهم ما إذا كنا نقدم شركة حول الإيجابي أم السلبي. الهدف باختصار، هو تمكين الناس من استيعاب ماهية الاهتمامات والهوايات، ومن ثم التعامل معها وتطبيقها بشكل صحيح، وإعطائها المساحة أو القيمة المناسبة لوجودها، وفي الوقت نفسه، تمكين الناس من التخلي عن المساعي والرغبات والتطلعات غير الصحيحة وغير الملائمة التي لا ينبغي أن تكون لديهم، والتي تؤثر في إيمانهم بالله والقيام بواجبهم. يمكن القول إن المساعي والرغبات والتطلعات التي تنشأ من اهتماماتك وهواياتك ستؤثر في حياتك وبقائك ونظرتك إلى البقاء، وبالطبع سيكون لها تأثير أكبر على الطريق الذي تسلكه، وعلى واجبك ومهمتك في هذه الحياة. لذا، من منظور سلبي، فإن المساعي والرغبات والتطلعات التي تجلبها الاهتمامات والهوايات للناس ليست هي الأهداف التي يسعون إليها، ولا هي الاتجاه الذي يسعون إليه، وهي بالتأكيد ليست النظرة إلى الحياة والقيم التي يجب أن يرسخوها في هذه الحياة. من خلال تقديم شركة حول ماهية الاهتمامات والهوايات، أخبر الناس كيف يعرفونها بشكل صحيح ويتعاملون معها، ومن ثم أجعلهم يعرفون ما إذا كانت مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم صحيحة أم لا من منظور تأثير الاهتمامات والهوايات. وهذا يعني أنني أستخدم كلا الجانبين الإيجابي والسلبي لأتيح للناس أن يروا بوضوح كيفية التعامل مع الاهتمامات والهوايات بشكل صحيح. فمن ناحية، إذا كان لدى شخص ما معرفة صحيحة وفهم دقيق للاهتمامات والهوايات، وكان قادرًا على التعامل معها بدقة، فإنه أيضًا يتخلى حقًا عن التطلعات والرغبات التي تنشأ عن الاهتمامات والهوايات. حالما يكون لديك فهم صحيح للاهتمامات والهوايات، ستكون الأساليب والطرق التي تتعامل بها معها صحيحة وفي توافق نسبيّ مع المبادئ ومع متطلبات الله من الإنسان. بهذه الطريقة، ستُمكَّن من التخلي عن المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ عن الاهتمامات والهوايات بطريقة إيجابية. إضافةً إلى ذلك، تتيح لك هذه الشركة أيضًا أن ترى بوضوح مختلف التأثيرات الضارة التي تجلبها المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ عن الاهتمامات والهوايات، أو التأثير المضاد السلبي الذي ينتج عنها، مما يتيح لك بعد ذلك التخلي عن هذه المساعي والتطلعات والرغبات غير الملائمة بشكل فعال. بعد شركتنا حول كل هذا، أليس هناك البعض ممن سيقولون: "لدى كل مختلف أنواع الناس في هذا العالم اهتمامات وهوايات مختلفة، وتؤدي اهتماماتهم وهواياتهم الفردية إلى مساعٍ وتطلعات ورغبات مختلفة. لنفترض أننا سلكنا بحسب طريقتنا الحالية في التفكير، ولم يكن الناس قد سعوا وراء تطلعاتهم ورغباتهم، هل كان هذا العالم سيتطور؟ كيف كان سيمكن لمجالات مثل التكنولوجيا والثقافة والتعليم في البشرية، والتي تمس بقاء البشرية وحياتها، أن تتطور رغم ذلك؟ هل كان البشر سيظلون قادرين على الاستمتاع بنمط حياتهم الحالي؟ هل كان العالم سيتطور إلى هذه الحالة الحالية؟ ألم يكن العالم ليصبح مثل مجتمع بدائي؟". هل كنا سنحظى بنمط الحياة البشرية الحديثة الحالية؟ هل هذه مشكلة؟ من المحتمل أنه أيًا كان الموضوع الذي نقدم حوله شركة، فإنكم جميعًا تقبلونه من منظور "كلام الله هو الحق، ويجب علينا قبوله والخضوع له"، لذلك في معظم الأحيان، لا يكون لديكم آراء مختلفة تدحضون بها الكلام الذي أقوله لكم في الشركة. لكن ذلك ليس الشيء نفسه كعدم وجود أي أحد – أو عدم وجود طرف ثالث – من شأنه أن يطرح مثل هذه الشكوك، أليس كذلك؟ إذا كان هناك فعلًا مَن طرح مثل هذا السؤال، فكيف ستجيبون؟ (أشعر أن المنظور الذي يعبر عنه هذا السؤال خاطئ، لأن اهتمامات الناس وهواياتهم لا تتحكم في تطور التكنولوجيا، ولا تتحكم في تقدم العصور. إن كل تطور التكنولوجيا وتقدم العصور تحت سيادة الله. لا يمكنك القول إنَّ شخصًا ما لديه اهتمام أو هواية يمكنه دفع تطور العالم إلى الأمام، وأن بإمكانه تغيير العالم). أنت تتحدث على المستوى العياني. هل توجد أي طرق مختلفة للنظر إلى الأمر؟ يعتمد ذلك على ما إذا كنت تفهم الحق فعلًا أم لا. هل تعتقدون أن غير المؤمنين سيطرحون مثل هذا السؤال بعد سماع كلمات الشركة هذه؟ (على الأرجح). وإذا طرحوا هذا السؤال، فكيف يمكنك الإجابة في توافق مع الحقائق الموضوعية ومع الحق؟ إذا لم تتمكن من الإجابة، فسيقولون إنك قد ضُلِّلت. عدم قدرتك على الإجابة يثبت حقيقة واحدة على الأقل، وهي أنك لا تفهم هذا الجانب من الحق. ألستم غير قادرين على الإجابة؟ (نحن غير قادرين). إذن فلنتحدث عن هذه المسألة.

يقول بعض الناس: "إذا لم يسعَ البشر وراء تطلعاتهم، فهل كان العالم سيتطور إلى حالته الحالية؟" الجواب هو "نعم". أليس ذلك بسيطًا؟ (إنه كذلك). ما التفسير الأبسط والأكثر صراحة لهذه "النعم"؟ إنه سواء كان البشر يسعون وراء تطلعاتهم أم لا، فليس لذلك أي تأثير على العالم، لأن تطور العالم حتى الوقت الحاضر لم تدفعه إلى الأمام وتقوده تطلعات البشر، بل إن الخالق هو الذي قاد البشرية إلى الحاضر، إلى يومنا هذا. وبدون مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم كان البشر سيصلون إلى اليوم على أية حال، لكن لولا قيادة الخالق وسيادته ما وصلوا إلى اليوم. هل مثل هذا التفسير مناسب؟ (نعم). ما المناسب فيه؟ هل يجيب عن السؤال؟ هل يفسر جوهر السؤال؟ إنه لا يفسره؛ بل هو فقط يجيب عن السؤال نظريًا، فيما يمكن تسميته بمصطلحات الرؤيا. لكن ثمة تفسير أكثر تفصيلاً وجوهري لم يُعَبَّر عنه. ما ذلك التفسير المفصّل؟ لنتحدث أولاً ببساطة. إن الناس في البشرية جمعاء يتبعون نوعهم، فلكل نوع من الأشخاص مهمته الخاصة. مهمة المؤمنين بالله هي أن يشهدوا لسيادة الخالق، وأن يشهدوا لأعماله، وأن يكملوا ما ائتمنهم عليه، وأن يقوموا بواجبهم جيدًا، وأن يُخلَّصوا في النهاية. هذه هي مهمتهم. وللتحدث بمزيد من التفصيل، مهمتهم هي أن ينشروا كلمة الله وعمله، وأن يتخلصوا من شخصيتهم الفاسدة ويُخلَّصوا من خلال قبول قيادته واختبار عمله. هذا النوع من الناس يختاره الله. إنه هذا النوع من الأشخاص الذي يتعاون مع العمل الذي يقوم به الله في عمل تدبير الله. مهمة هذا النوع من الأشخاص هي القيام بواجبهم جيدًا وإكمال ما ائتمنهم الله عليه. يمكن القول إن مثل هؤلاء الناس مجموعة فريدة من بين جميع البشر. هذه المجموعة الفريدة من الناس تحمل مهمة فريدة في عمل تدبير الله، في خطة تدبيره التي تبلغ ستة آلاف سنة؛ فلديهم واجب فريد ومسؤولية فريدة. لذلك عندما أقول أن تتخلوا عن المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ عن الاهتمامات والهوايات، فأنا أطلب من هؤلاء الناس – وبهم أعني أنتم جميعًا – أن يتخلوا عن المساعي والتطلعات والرغبات الشخصية، لأن مهمتكم وواجبكم ومسؤوليتكم هي في بيت الله وفي الكنيسة، وليس في هذا العالم؛ أي إنكم جميعًا لا علاقة لكم بتطور هذا العالم وتقدمه أو بأي من اتجاهاته. يمكن القول أيضًا إن الله لم ينعم عليكم بأي مهمة تتعلق بتطور هذا العالم وتقدمه. هذا تعيين الله. ما المهمة التي أنعم الله بها على أولئك الذين اختارهم والذين سيخلصهم؟ إنّها أن يقوموا بواجبهم جيدًا في بيت الله، وأن يُخلَّصوا. أحد الأشياء التي يطلبها الله من الناس لكي يُخلَّصوا هي السعي إلى الحق، وإحدى الطرق التي يطلب من الناس أن يسعوا بها إلى الحق هي التخلي عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم. إذن هذه الكلمات والمتطلبات ليست موجهة إلى كل البشر، بل هي موجهة إليكم أنتم، وإلى كل واحد من شعب الله المختار قد انتقاه، وإلى كل من يريد أن يُخلَّص، وهي موجهة بالطبع إلى كل مَن هو قادر على القيام بواجبه في عمل تدبير الله لخلاص البشرية. ما هو الدور الذي يمكنكم أن تلعبوه في عمل خطة تدبير الله؟ أنتم الذين سيخلّصهم الله. إذن عندما يتعلق الأمر بالذين سيخلصهم الله، ماذا يتضمن هذا "الخلاص"؟ إنه يتضمن قبول كلام الله، وتوبيخه ودينونته، وتعيينه، وسيادته وترتيباته، والخضوع لكل كلامه، واتباع طريقه، وفي نهاية المطاف عبادته والحيد عن الشر؛ ومن خلال فعل ذلك ستُخلَّص وتدخل إلى العصر التالي. هذا هو الدور الذي تلعبونه بين جميع البشر، وهذه هي المهمة الفريدة التي أنعم الله بها عليكم من بين جميع الناس. وبالحديث من منظوركم، فهذا بالطبع نوع خاص من المسؤولية والواجب يقع على عاتقكم من بين جميع البشر. هذا هو تناول هذه المسألة من منظور أولئك الذين انتقاهم الله من شعب الله المختار. ثانياً، من بين جميع البشر، أعطى الله هذه المجموعة الفريدة من الناس مهمة فريدة. إنه لا يحتاج لأن يكون لديهم أي التزام أو مسؤولية تجاه تطور العالم أو تقدمه أو أي شيء آخر له علاقة بالعالم. وإلى جانب هذه المجموعة الفريدة من الناس، فقد منح الله مهامًا مختلفة لبقية الناس الذين لم يخترهم من جميع الأنواع، بغض النظر عن جوهر طبيعتهم. في الفترات الزمنية المختلفة للبشرية، وفي البيئات الاجتماعية المختلفة، وبين مختلف الأعراق، تجعلهم مهامهم المختلفة يلعبون جميع أنواع الأدوار، مالئين جميع مناحي الحياة. وبسبب مختلف الأدوار التي عيّن الله لهم تأديتها، فإن لكل منهم اهتماماته وهواياته الخاصة. وفي ظل الشروط المسبقة لتلك الاهتمامات والهوايات، تنشأ فيهم جميع أنواع المساعي والتطلعات والرغبات. ولأن لهم كل أنواع المساعي والتطلعات والرغبات، في عصور مختلفة وفي بيئات اجتماعية مختلفة، ينتج العالم جميع أنواع الأشياء الجديدة والصناعات الجديدة- مثل التكنولوجيا والطب والأعمال والاقتصاد والتعليم، أو الصناعات الخفيفة كالنسيج والحرف اليدوية، وكذلك الطيران والصناعات البحرية وما إلى ذلك. ومن ثمَّ، فإن الشخصيات الرائدة والأفراد المتميزين والمتحمسين الفريدين الذين يظهرون في كل مجال نتيجةً لمختلف مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم لهم مهامهم الخاصة في أوقات مختلفة وفي ظل بيئات اجتماعية مختلفة. وفي الوقت نفسه، هم أيضًا يتممون مهمتهم باستمرار في بيئتهم الاجتماعية الخاصة. وبهذه الطريقة، ففي مختلف الفترات الزمنية للبشرية والبيئات الاجتماعية، يتطور المجتمع ويتقدم باستمرار نتيجةً لتحقق مساعي هؤلاء الأفراد الفريدين وتطلعاتهم ورغباتهم. وبالطبع، فإن هذا يجلب للبشرية باستمرار نوعيات مختلفة من الحياة المادية. على سبيل المثال، لم تكن توجد كهرباء قبل بضع مئات من السنين، لهذا كان الناس يستخدمون المصابيح الزيتية. في هذه الظروف الفريدة، جاء شخص فريد واخترع الكهرباء، وبدأت البشرية في استخدام الكهرباء للإضاءة. وكمثال آخر، ففي بيئة اجتماعية معينة، ظهر شخص آخر فريد رأى أن الكتابة على شرائح الخيزران كانت متعبة للغاية، وتمنى أن يأتي يوم فيه يستطيع المرء الكتابة على سطح رقيق ومستوٍ يكون مريحًا وسهل القراءة على حدٍ سواء. بدأ بعد ذلك في البحث في تقنيات صناعة الورق، ومن خلال بحثه المستمر واستكشافه وتجاربه اخترع الورق في نهاية المطاف. ثم كان هناك أيضًا اختراع المحرك البخاري؛ في فترة زمنية فريدة، جاء شخص فريد اعتقد أن العمل باليد كان مرهقًا للغاية ومهدرًا جدًا للطاقة البشرية وغير فعال للغاية. لو أنه كانت هناك آلة أو طريقة أخرى يمكن أن تحل محل العمل البشري، لوفر الناس الكثير من الوقت ولتمكنوا من القيام بأشياء أخرى. وهكذا، مع البحث والاستكشاف، اختُرِع المحرك البخاري، ثم اختُرعت واحدة تلو الأخرى جميع أنواع الأشياء الميكانيكية التي استخدمت مبادئ الحركة الخاصة بالمحرك البخاري. أليس ذلك صحيحاً؟ (إنه كذلك). وهكذا، في أوقات مختلفة، فإن التحقق والتثبت المستمرين لمساعي وتطلعات ورغبات شخص واحد فريد أو مجموعة فريدة من الناس تؤديان تدريجياً وباستمرار إلى التقدم والتطور في كل من الصناعات الخفيفة والثقيلة، مما يؤدي إلى تحسين نوعية الحياة وظروف معيشة البشرية جمعاء بشكل مستمر. فالصناعات الخفيفة، مثل المنسوجات والحرف اليدوية، تتطور الآن إلى مستويات متزايدة من الجودة والدقة والإتقان، ويزداد استمتاع البشرية بها. والصناعات الثقيلة، مثل جميع أنواع وسائل النقل، كالسيارات والقطارات والبواخر والطائرات، تجلب إلى حياة الناس سهولة كبيرة، جاعلةً تنقل الناس سهلاً ومريحًا. هذه هي العملية الحقيقية والمظهر التفصيلي لتطور البشرية. باختصار، سواء كانت صناعة خفيفة أو صناعة ثقيلة – أيًا كان الجانب – فإن كل شيء يبدأ ويُنتَج عن طريق اهتمامات وهوايات شخص واحد فريد أو مجموعة من الأشخاص الفريدين. وبسبب اهتماماتهم وهواياتهم الفريدة، فإن لديهم مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم الخاصة. وفي الوقت نفسه، وبسبب مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم الفريدة، في مختلف العصور الزمنية للبشرية وفي البيئات الاجتماعية التي يعيشون فيها، فإن المجالات المختلفة بينهم تؤدي إلى ظهور أشياء أكثر تقدمًا من جميع الأنواع، وأشياء مواتية بدرجة أكبر، وأشياء أكثر نفعًا لرفع جودة الحياة بين جميع البشر. وهذا يجلب السهولة للبشرية ويرفع من جودة حياتهم. لن نتحدث عن كل هذا، بل سنلقي نظرة على أصول هؤلاء الأفراد الفريدين. من أين يأتي هؤلاء الأفراد الفريدون في الفترات الزمنية المختلفة؟ أليسوا معينين من الله؟ (إنهم كذلك). هذه النقطة مؤكدة بلا أدنى شك، ولا يمكن لأحد أن ينكرها. وبما أنهم معينون من الله، فإن مهامهم مرتبطة أيضًا بتعيين الله. ماذا تعني عبارة "مرتبطة بتعيين الله"؟ إنها تعني أن الله قد أنعم على هؤلاء الأفراد الفريدين بمهام فريدة، مما جعلهم يخرجون في أوقات معينة، ويفعلون ما يريدون في أوقات معينة، ومن ثم يحفزون البشرية في أوقات مختلفة من خلال الأشياء الفريدة التي يقوم بها أولئك الأفراد. وبسبب هؤلاء الأفراد الفريدين، يخضع العالم باستمرار لتغييرات وتجديدات دقيقة. هذه هي الطريقة التي تتطور بها البشرية.

ما الفرق بين أولئك الذين لديهم هذه الاهتمامات والهوايات الفريدة وبين الشعب المختار الذي انتقاه الله؟ الفرق هو أنه على الرغم من أن الله قد عيّن لهؤلاء الأشخاص مهمة فريدة، فهم ليسوا من عيّنهم للخلاص، لذلك فإن متطلباته منهم هي فقط أن يقوموا بشيء فريد في عصرهم الفريد وزمنهم الفريد. يكملون مهمتهم، ثم يرحلون في وقتهم الفريد. وفي أثناء حياتهم على الأرض، لا يقوم الله بعمل الخلاص عليهم. هم فقط لديهم مهمة لتطور هذا المجتمع والبشرية وتقدمهما، أو لتغيير ظروف المعيشة للبشرية في فترات مختلفة. لا علاقة لهم على الإطلاق بعمل خلاص البشرية في خطة تدبير الله، لذلك مهما كان نوع المهمة التي يكملونها، ومهما كانت مساهماتهم للبشرية عظيمة، أو مدى عمق تأثيرهم على البشرية، فلا علاقة لهم بعمل الله لخلاص البشرية. إنهم ينتمون إلى العالم واتجاهاته وتطوره وكل من مجالاته وصناعاته؛ لا علاقة لهم بعمل الله لخلاص البشر، فلا علاقة لهم بأي كلمة يتكلم بها، أو أي كلمة يقدمها للبشر، أو الحق والحياة اللذان يعبر عنهما، أو مختلف المتطلبات التي هي لديه من البشر. ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أن أقوال الله للبشرية جمعاء، وإلى الكون بأسره، وصولاً إلى المتطلبات المحددة والمبادئ التي يتحدث عنها، ليست موجهة إلى جميع الناس، ناهيك بالطبع عن أن تكون موجهة إلى هؤلاء الناس الفريدين الذين لهم دور مهم في تطور المجتمع البشري. كلام الله – الحق والطريق والحياة – ليس موجهًا سوى للشعب المختار الذي انتقاه. تُفسَّر هذه المسألة بسهولة: كلام الله موجه إلى مَن يختاره أيًا كان، ومن يريد تخليصه أيًا كان، ومن يريد له أن يُخلَّص أيًا كان. إذا كان الله لم يختر شخصًا ما، وإذا كان لا يخطط لخلاصه، فإن كلمات الحياة هذه لا تُقال له؛ ليس له نصيب فيها. هل تفهمون؟ (نعم). هؤلاء الأفراد الفريدون لديهم اهتمامات وهوايات فريدة، لذلك لديهم مساعٍ وتطلعات ورغبات مختلفة وأسمى من تلك التي لدى الناس العاديين. ولأن لهم هذه المساعي والتطلعات والرغبات الفريدة، ولأن لهم اهتمامات وهوايات مختلفة أو فريدة، فإنهم يلعبون دورًا مهمًا في مسار تطور المجتمع البشري، وبالطبع، يكملون مهامهم المهمة في عصور مختلفة. وبغض النظر عما إذا كانوا سيكملون مهامهم في نهاية المطاف بمستوى مقبول أم لا، فهم الوحيدون الذين لهم علاقة بالمساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ بسبب هذه الاهتمامات والهوايات. ولأن هؤلاء الناس لديهم مهام فريدة، يجب أن يحققوا مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم في أوقات معينة وفي ظل ظروف اجتماعية معينة. هذه هي المهمة التي ينعم الله بها عليهم، والمهمة التي يضيفها إليهم، هذه هي مسؤوليتهم، وهذه هي الطريقة التي يجب أن يتصرفوا بها. ومهما بلغ مقدار الضغط الذي تتحمله أجسادهم أو قلوبهم أو عوالمهم العقلية، ومهما كان الثمن الذي يدفعونه في سبيل سعيهم إلى تحقيق تطلعاتهم ورغباتهم عظيمًا، فإنهم جميعًا سيكملون المهمة التي يجب عليهم أن يكملوها – أو لا بد لهم من ذلك – لأن هذا هو تعيين الله. لا يمكن لأحد أن يهرب من تعيين الله، ولا يمكن لأحد أن يهرب من سيادته وترتيباته. لذا، لا علاقة لهم على الإطلاق بما نتحدث عنه فيما يتعلق بالتخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم. ماذا يعني أنه لا علاقة لأحدهما بالآخر؟ يعني أن هذه الكلمات عن التخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم ليست موجهة إليهم. بغض النظر عن الحقبة الزمنية، وبغض النظر عن الظروف الاجتماعية، وبغض النظر عن النقطة التي يتطور إليها البشر، فإن هذه الكلمات من الله لا علاقة لها بهم. هذه الكلمات ليست موجهة إليهم، لذا فإنَّ هذه الكلمات ليست مطلبًا منهم. يجب عليهم أن يكملوا المهمة التي يجب أن يقوموا بها طبقًا لتعيين الله وسيادته وترتيباته. يجب عليهم أن يقوموا بما يتعين عليهم في مختلف الأزمنة وفي ظل الظروف الاجتماعية المختلفة للبشرية الشريرة والفاسدة، وأن يتمموا التزاماتهم، وأن يكملوا المهمة التي يتعين عليهم إكمالها. فهل هم يلعبون دور مؤدي الخدمة أم شخصية الضد؟ لا بأس بأي منهما؛ فباختصار، هم ليسوا من اختارهم الله، ولا هم الذين يريد أن يخلصهم- هذا كل ما في الأمر. إذن، مهما تخلى المؤمنون عن المساعي والتطلعات والرغبات، فإن ذلك لن يؤخر تطور العالم أو تطور البشرية، وبالطبع لن يؤخر تطور مختلف المجالات والصناعات في مختلف العصور الزمنية والظروف الاجتماعية المختلفة للعالم. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). ما السبب؟ السبب أنَّ تطور البشرية وصناعات المجتمع لا علاقة له بالمؤمنين ولا بالناس الذين اختارهم الله، فلا داعي لأن تقلق: "إذا فعلنا مثلما تقول وتخلينا عن المساعي والتطلعات والرغبات، فهل سيستمر هذا المجتمع والبشرية في التطور؟" لماذا من شأنك أن تقلق؟ لا داعي لذلك. لدى الله خطط وترتيبات؛ أنت تفهم ذلك، أليس كذلك؟ (بلى). قلقك لا لزوم له، وسببه أنك لا ترى الأشياء بوضوح، وأنك لا تفهم الحق.

ما المساعي والتطلعات والرغبات التي يجب أن تكون لدى المؤمن بالله؟ يجب عليك القيام بواجبك جيدًا، بمستوى مقبول، وأن تكمل ما ائتمنك الله عليه، وأن تسعى إلى الحق وتمارسه في عملية القيام بواجبك، وأن تحقق الدخول إلى واقع الحق، وأن ترى الناس والأشياء وتتصرف وتفعل بالكامل وفقًا لكلام الله، وأن يكون الحق معيارًا لك. هذه هي المساعي والتطلعات والرغبات التي يجب أن تكون لديك. المساعي والتطلعات والرغبات الدنيوية التي تنشأ من الاهتمامات والهوايات هي الأشياء التي يجب عليك التخلي عنها. لماذا تحتاج إلى التخلي عنها؟ أنت مختلف عن الناس خارج الكنيسة؛ لقد اختارك الله، وقد اخترت السعي إلى الحق، واتخذت قرارًا باتباع مسار السعي إلى الحق، لذا فإنَّ أهدافك واتجاهاتك في الحياة يجب أن تختبر تغييرًا، ويجب أن تتخلى تمامًا عن المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ من الاهتمامات والهوايات. لماذا عليك التخلي عنها؟ لأن هذا ليس بالطريق الذي يجب أن تسير فيه - ذلك طريق غير المؤمنين، أولئك الذين لا يؤمنون بالله. إذا سعيت إلى سير هذا الطريق، فلست واحدًا من أولئك الذين اختارهم الله. إذا سعيت إلى التطلعات والرغبات التي يسعى إليها غير المؤمنين، فأنت لا تستطيع السعي إلى الحق، ولا تستطيع نيل الخلاص. وبعبارة أكثر تحديدًا، إن كنت لا تستطيع التخلي عن مساعيك وتطلعاتك ورغباتك؛ وعلاوةً على ذلك ترغب في تحقيقها، فأنت غير قادر على الخضوع لعمل الله أو أن تتقي الله وتحيد عن الشر، ولا يمكن أبدًا أن تُخلَّص. ماذا يعني هذا؟ إن عدم مقدرتك على التخلي عن مساعيك وتطلعاتك ورغباتك، ورغبتك في تحقيقها علاوةً على ذلك، يعادل نبذ سعيك إلى الحق، ونبذ الخلاص وعدم الرغبة في الخضوع لسيادة الله وترتيباته. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). إذن في النهاية، الأمر كما قلت: إذا كنت تريد أن تسعى إلى الحق، فعليك أولاً أن تتخلى عن المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ من الاهتمامات والهوايات. يجب أن تتخلى عنها، لأن السعي وراء التطلعات والرغبات الدنيوية لا علاقة له بأولئك الذين يسعون إلى الحق والخلاص؛ ليس ذلك بالطريق الذي يجب أن تسيره، وليس بالهدف الذي يجب أن تؤسسه في حياتك ولا الاتجاه الذي يجب أن يكون لديك فيها. إذا كنت كثيرًا ما تخطط له وتحسب له في قلبك، وتُجهد عقلك للتأمل والتفكير فيه، فعليك أن تتركه في أقرب وقت ممكن. لا يمكن أن تكون لديك قدم في كلا المعسكرين بأن تريد السعي إلى الحق ونيل الخلاص بينما تريد أيضًا السعي إلى الدنيا وتحقيق تطلعاتك ورغباتك الخاصة. بهذه الطريقة، لن يقتصر الأمر على أنك لن تكون قادرًا على نيل أي منهما أو تحقيقه، بل إنه سيؤثر في خلاصك علاوةً على ذلك - وهو الأهم على الإطلاق. في نهاية المطاف، ستفوتك فرصة عمل الله لخلاص البشرية، وتضيّع أفضل فرصة لخلاص الله للبشرية، وتخسر فرصة أن تُخلَّص. في النهاية، ستقع في كارثة، وستقرع صدرك وتدب بقدميك، وسيكون أوان الندم قد فات؛ سيكون هذا هو مصيرك المؤسف. إذا كنت ذكيًا، واتخذت قرارك بالفعل بالسعي إلى الحق، فعليك أن تتخلى عن التطلعات والرغبات التي كانت لديك ذات يوم أو التي لا تزال تسعى إليها. الناس السخفاء والحمقى وغير الحكماء والمشوشون الذهن - هؤلاء الناس يريدون أن يسعوا إلى الحق وأن يُخلَّصوا، لكنهم لا يريدون التخلي عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم الدنيوية. إنهم يريدون الحصول على كلا الأمرين. إنهم يظنون أن التصرف بهذه الطريقة هو اغتنام للفرصة، وأنه تصرف ذكي، بينما هو في الحقيقة أغبى تصرف على الإطلاق. الناس الأذكياء سيتخلون تمامًا عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم الدنيوية ويختارون السعي إلى الحق والخلاص. مهما تكن الدرجة التي يتطور إليها العالم، ومهما تكن حالة الأمور أو تطور المجالات والصناعات المختلفة، فلا علاقة لأي شيء من ذلك بك. دع أولئك الذين ينتمون إلى العالم، أولئك الأبالسة الذين يعيشون على الأرض، يفعلون ما يجب عليهم فعله. هذا الذي سنقوم به هو إتمام الواجب الذي يجب علينا القيام به من جهة، والتمتع بثمار عملهم من جهة أخرى. كم هو رائع! على سبيل المثال، أجهزة الكمبيوتر وبرامجه التي يخترعونها مفيدة جدًا لك في القيام بواجبك وعملك. أنت تأخذها وتستخدمها، وتجعلها في خدمتك؛ تجعلها تساعدك بينما تتمم واجبك، وتجعلها تساعدك في إكمال عملك بشكل أفضل، وتزيد من الكفاءة التي تقوم بها بواجبك، وتحسن نتائجه، بينما توفر مزيدًا من الوقت. كم هذا رائع! لست بحاجة إلى أن تجهد عقلك في البحث عن: "كيف اختُرِع هذا البرنامج؟ مَن مصدره؟" كيف يجب أن أبذل الجهد في هذا البرنامج، أو في هذا المجال التقني؟ إجهاد عقلك على هذا النحو لا فائدة منه. أفكارك وطاقتك غير مخصصة لهذا الأمر. أنت لست بحاجة إلى المساهمة بطاقتك أو خلايا دماغك في هذا الأمر. دع هؤلاء الناس الدنيويين الذين يتعين عليهم فعل ذلك يساهمون؛ وبعد أن يقدموا مساهماتهم، نأخذها ونستخدمها. كم هذا رائع! كل شيء جاهز الصنع. رتب الله كل شيء مسبقًا، لكيلا تحتاج إلى السعي إليه، وفي هذه الأمور، لا تحتاج إلى القلق أو بذل الجهد. في هذه الأمور، أنت لا تحتاج إلى أن تأخذ أي شيء على عاتقك، ولا أن تقلق أو تشغل نفسك بأي شيء. كل ما تحتاج إلى عمله هو أن تحسن القيام بواجبك، وأن تسعى إلى الحق، وأن تحقق فهمًا للحق، وأن تدخل إلى واقع الحق. أليس هذا هو أكثر طرق الحياة صوابًا؟ (إنه كذلك).

هل تفهمون الآن مسألة السعي وراء التطلعات والرغبات؟ بعض الناس يقولون: "لو لم يسعَ الناس وراء تطلعاتهم، هل كان العالم سيستمر في التقدم؟" أنا أقول إنه كان سيستمر. هل تستوعبون هذه الإجابة؟ هل تفهمون؟ (نعم). إذن هل ترون أيضًا جوهر المشكلة التي نتحدث عنها بوضوح؟ أليس هذا هو الواقع؟ (إنه كذلك). عندما يتعلق الأمر بالكلمة الأخيرة – تطور العالم وتقدمه وشؤونه – فليتعامل معها الشياطين الذين ينتمون إلى العالم، أو ما يسمى بـ"البشر" الذين ينتمون إلى العالم. لا علاقة لهذا الأمر بأولئك الذين يؤمنون بالله. ما هي مهمة أولئك الذين يؤمنون بالله ومسؤوليتهم؟ (أن يقوموا بواجبهم بشكل جيد، وأن يسعوا إلى الحق، وأن ينالوا الخلاص). هذا صحيح. هذا محدد وعملي للغاية. أليس هذا بسيطًا؟ (إنه كذلك). أولئك الذين يؤمنون بالله لا يحتاجون سوى إلى السعي إلى الحق واتباع طريقه، وسوف يُخلَّصون في النهاية. هذه هي مهمتك، وهي أعظم توقعات الله ورجاءه لكم. يرتب الله الأمور المتبقية، لذلك لا داعي للتوتر أو القلق. عندما يحين الوقت، ستتمتعون بكل ما يتعين عليكم التمتع به، وتأكلون كل ما يتعين عليكم أكله، وتستخدمون كل ما يتعين عليكم استخدامه. كل شيء سيتجاوز خيالك وتوقعاتك، وسيكون وفيرًا. لن يتركك الله محرومًا، ولن تكون فقيرًا. ثمة سطر في الكتاب المقدس يقول إن حمل الرب خفيف. ماذا يقول الأصل؟ ("لِأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيف" (متى 11: 30).) أليس هذا هو المعنى؟ (إنه كذلك). إن مطالبتك بالتخلي عن مساعيك وتطلعاتك ورغباتك ليس المقصود منه أن يجعلك شخصًا متوسط المستوى، ولا أن يجعلك كسولًا، ولا بلا مساعٍ، ولا أن يجعلك جثة متحركة أو شخصًا بلا نفس؛ إنما المقصود منه تغيير الاتجاه والأهداف الخاطئة لمساعيك. من المفترض أن تتخلى عن المساعي والتطلعات والرغبات التي لا يجب أن تكون لديك، وأن تؤسس المساعي والتطلعات والرغبات الصحيحة. بهذه الطريقة وحدها يمكنك السير على الطريق الصحيح للحياة. هل حُلت هذه المشكلة؟ إذا لم يسع الناس وراء تطلعاتهم، فهل سيستمر العالم في التطور؟ الجواب هو "نعم". لماذا؟ (لأن الله قد عيَّن مهمة لأولئك الذين ينتمون إلى العالم؛ هم سيقومون بهذا العمل). هذا صحيح، لأن الله له تعيينه وترتيبه، لذلك لا داعي للقلق. العالم سيتطور، وهو لا يحتاج إلى أن يأخذ المؤمنون بالله على عاتقهم هذه المهمة، ولا أن يتمِّموا هذه المسؤولية والالتزام. لقد رتَّب الله الأمور. لا تحتاجون إلى القلق بشأن مَن يرتبه الله. يكفيك أن تسعى إلى الحق وتتبع طريق الله وتحقق الخلاص. هل أنت بحاجة إلى القلق بشأن أي شيء آخر؟ (لا). لا. لذا، فإن تخلي الناس عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم هو طريق يجب أن تمارسه. لا داعي لأن تقلق بشأن ما سيحدث للعالم أو للبشرية بعد أن تتخلى عن تطلعاتك ورغباتك. ليس هذا شيئًا يجب أن تقلق بشأنه؛ لا علاقة له بك. الله قد رتب الأمور. الأمر بهذه البساطة. هل تفهم؟ (نعم). من خلال عقد الشركة بهذه الطريقة، ألم أحل المشكلة من جذورها؟ (لقد فعلت). إذا سألكم شخص ما مرة أخرى، فكيف ستنظرون إلى هذه المشكلة وتشرحونها؟ إذا سألكم شخص لا يؤمن بالله قائلًا: "أنتم تتحدثون دائمًا عن عدم السعي وراء التطلعات، والتخلي عن التطلعات والرغبات. لو كان على الجميع أن يمارسوا وفقًا لكم، هل كان العالم سيظل موجودًا؟ هل سيكون للبشرية أن تستمر في التطور؟" عندها يمكنك أن تجيب قائلًا: "لكل شخص طموحه الخاص؛ ولا يمكنك إجباره". هذه مقولة رائجة في العالم. ينبغي أن تقول: "إن الله يطلب من الناس أن يتخلوا عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم؛ هذا هو الحق. إذا كنت على استعداد لقبول ذلك، فيمكنك التخلي عن هذه الأشياء، وإذا كنت غير راغب في قبول هذا، فيمكنك أيضًا أن تختار عدم التخلي عنها. لن يجبر الله أحدًا. إن التخلي عن مساعيك وتطلعاتك ورغباتك هو أمر طوعي من جانبك، وهو حقك؛ عدم التخلي عنها هو أيضًا أمر طوعي وهو حقك أيضًا. لكل فرد مهمته الخاصة. من بين جميع البشر، لكل شخص مهمته الخاصة، ودوره الخاص الذي يجب أن يلعبه. اختيارات الناس مختلفة، لذا فإن الطرق التي يسلكونها مختلفة. أنت تختار السعي وراء العالم، وتحقيق تطلعاتك ورغباتك في العالم، وتجسيد قيمك، بينما أختار أنا أن أتخلى عن مساعيَّ وتطلعاتي ورغباتي لأتبع الله، وأستمع إلى كلامه، وأتبع طريقه، وأرضيه. في نهاية المطاف، سأكون قادرًا على نيل الخلاص. أنت لا تسلك هذا الطريق، وأنت حر في ذلك. لا أحد يستطيع أن يجبرك". ما رأيك في هذا الجواب؟ (إنه جيد). إذا كنت تستطيع قبول فكرة "تخلي الناس عن تطلعاتهم ومُثُلهم ورغباتهم"، فإن هذا الكلام موجه إليك. إذا كنت لا تستطيع قبولها، فليس هناك ما يشير إلى أنه يجب عليك الاستماع إلى هذه الكلمات وقبولها. يمكنك أن تختار عدم الإصغاء؛ ويمكنك أن تختار أن تتنازل عن عمل تدبير الله لخلاص البشر، وأن تستغني عن فرصتك في الخلاص. هذا حقك. يمكنك أيضًا ألا تتخلى عن مساعيك وتطلعاتك ورغباتك، وأن تخرج إلى العالم وتحققها بكل ثقة في نفسك وجرأة. لن يجبرك أحد، ولن يدينك أحد. هذا حقك. اختيارك هو أيضًا مهمتك، ومهمتك هي الدور الذي قد عيَّن الله لتلعبه بين الناس. هذا كل ما في الأمر. هذه هي الحالة الحقيقية للحقائق. أيًا يكن ما ستختاره، فهذا هو نوع الطريق الذي ستسلكه، وأيًا يكن نوع الطريق الذي ستسلكه، فهذا هو الدور الذي ستلعبه بين الناس. الأمر بهذه البساطة. هذه هي الحالة الحقيقية للحقائق. إذن، لا تزال الكلمات التي ذكرتها من قبل: "لكل شخص طموحه الخاص؛ ولا يمكنك إجباره". لكن من أين يأتي هذا الطموح؟ مصدره أنه شيء معيَّن من الله. إذا لم تختر قبول الحق والقيام بواجبك بشكل جيد، فهذا يعني أن الله لم يخترك، وليس لديك فرصة للخلاص. لنتحدث بصراحة، أنت لا تملك هذه البركة؛ فالله لم يعينها لك. إن لم تكن أنت مهتمًا بالإيمان بالله أو السعي إلى الحق – إن لم تسع إلى هذا الجانب – فأنت تفتقر إلى هذه البركة. أولئك الذين عُيِّن لهم أن يدخلوا إلى بيت الله هم على استعداد للقيام بواجبهم فيه. كل ما يقوله الله يستمعون إليه؛ إذا أرادهم أن يتخلوا عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم فهم يفعلون ذلك، وإذا لم يستطيعوا التخلي عنها، فإنهم يجهدون عقولهم في التفكير في كيفية القيام بذلك. مثل هذا الشخص راغبٌ في السعي إلى الخلاص. هذا هو أعمق احتياجات نفسه ومطالبها، وهو ما عيّنه الله له، لذلك لديه هذه البركة، وهذا من حسن حظه. فالدور الذي يعيِّنه الله لك هو الدور الذي يجب أن تقوم به. هذا هو المصدر. أولئك الذين لم يُبارَكوا يسعون إلى الدنيا، بينما أولئك المبارَكون يسعون إلى الحق؛ أليست هذه حقيقة؟ (بلى). لذا إن سألكم أحدهم مرة أخرى، هل ستتمكنون من الإجابة؟ (نعم). ما هي أبسط إجابة؟ (لكل شخص طموحه الخاص؛ ولا يمكنك إجباره). لكل شخص طموحه الخاص؛ ولا يمكنك إجباره. إن مطالبتك بالتخلي عن مساعيك وتطلعاتك ورغباتك هو فقط لإعطائك طريقًا للممارسة. يمكنك اختيار التخلي عنها، ويمكنك اختيار عدم التخلي عنها. لكل شخص طموحه الخاص؛ ولا يمكن إجباره. إذا قبلت، فهذه الكلمات موجهة لك، وإن لم تقبل، فإن هذه الكلمات ليست موجهة لك، وبالتخلي عن المساعي والتطلعات والرغبات ليس له أي علاقة بك؛ فأنت حر. هل حُلت هذه المشكلة؟ (نعم). حُلت، لذا لن يستمر أحد في الإفراط في الحديث عن هذه المسألة، أليس كذلك؟ (صحيح).

ثمة مسألة أخرى فيما يتعلق بتخلي الناس عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم. يقول البعض: "أنت تتحدث الآن عن تخلي الناس عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم؛ هل لأن الوقت قد اقترب والأيام الأخيرة قد حانت، وجاءت الكوارث، وأتى يوم الله، تطلب من الناس أن يتخلوا عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم؟" هل هذا هو الحال؟ (لا). الجواب بالنفي: لا! إذن دعونا نتحدث عن السبب المحدد. بما إن الإجابة بالنفي، فثمة بعض المشكلات التفصيلية الموجودة بالتأكيد التي تحتاج إلى أن نقدم حولها شركة ونفهمها. لنتحدث عن هذا: قبل ألفي عام، أو حتى بضع مئات من السنين، كانت البيئة الاجتماعية بأكملها مختلفة عن اليوم؛ كان الوضع بالنسبة إلى البشرية جمعاء مختلفًا عن اليوم. كانت بيئة حياتهم مرتَّبة للغاية، ولم يكن العالم شريرًا كما هو الآن، ولم يكن المجتمع البشري فوضويًا كما هو الآن، ولم تكن ثمة كوارث. هل كان الناس ما زالوا بحاجة إلى التخلي عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم؟ (نعم). لماذا؟ اذكر سببًا، وتحدث بحسب معرفتك الخاصة. (الآن وقد أفسد الشيطان البشر، فإنَّ لديهم شخصية الشيطان الفاسدة، لذلك عندما يسعون وراء تطلعاتهم ورغباتهم، فإن ذلك كله سعيًا وراء الشهرة والربح والمكانة. ولأنهم يسعون وراء الشهرة والربح، فإنهم يتصارعون ويتقاتلون أحدهم مع الآخر، ويتقاتلون على الحياة والموت، والنتيجة أن الشيطان يفسدهم بصورة أكثر عمقًا، ويفقدون مظهر الإنسانية بشكل متزايد، ويبتعدون أكثر فأكثر عن الله. وهكذا يمكن للمرء أن يرى أن طريق السعي وراء التطلعات والرغبات خاطئ. إذن الله لا يطلب من الناس أن يتركوا مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم لأن يوم الله قريب؛ بل لا يجب على الناس أن يسعوا وراء هذه الأشياء في المقام الأول. يجب أن يسعوا بشكل صحيح، وفقًا لكلام الله). هل تعتقدون أن تخلي الناس عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم هو مبدأ من مبادئ الممارسة؟ (نعم). هل تخلي الناس عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم هو الحق؟ هل هو أحد مطالب الله من الإنسان؟ (نعم). إنّه حقٌّ، وأحد مطالب الله من الإنسان. إذن هل هذا هو الطريق الذي يجب أن يتبعه الناس؟ (نعم). بما أنَّه الحق، وهو مطلبٌ محدَّد لله من الإنسان، والطريق الذي يتعين على الناس اتباعه، فهل يختلف باختلاف الزمن والخلفية؟ (لا). لمَ لا؟ لأن الحق ومتطلبات الله وطريق الله لا تتغير بتغير الزمان أو المكان أو البيئة. مهما كان الزمان، ومهما كان المكان، ومهما كان الحيز، فإن الحق هو الحق دائمًا، والمعيار الذي يطلبه الله من الإنسان لا يتغير، ولا يتغير أيضًا المعيار الذي يطلبه من أتباعه. لذا، بالنسبة إلى أتباع الله، مهما كان الزمان أو المكان أو السياق، فإن طريق الله الذي يجب أن يتبعوه لا يتغير. لذا، فإن مطالبة الناس بالتخلي عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم في عصرنا هذا ليس مطلبًا مطروحًا على الإنسان لمجرد أن الوقت قريب، أو لأن الأيام الأخيرة قد حلت، ولا لأن الأيام قليلة والكوارث عظيمة، ولا خوفًا من أن يقع الإنسان في كارثة، يوجد مثل هذا المطلب الملِحُّ من الإنسان، والذي يتطلب منه الانخراط في مسارات عمل شديدة أو جذرية من أجل تحقيق أسرع دخول إلى واقع الحق. ليس هذا هو السبب. ما هو السبب إذن؟ بغض النظر عن الزمن، سواء قبل بضع مئات أو بضعة آلاف من السنين – حتى في الوقت الحاضر – لم تتغير متطلبات الله من الإنسان في هذا الصدد. كل ما في الأمر أنه قبل بضعة آلاف من السنين، وحتى في أي وقت قبل اليوم، لم يكن الله قد نشر هذه الكلمات للبشرية علنًا بالتفصيل، لكن متطلباته من الإنسان لم تتغير قط في أي وقت من الأوقات. بدءًا من الوقت الذي احتفظ فيه البشر بسجلات لأول مرة، لم يحدث قط أن كانت متطلبات الله منهم أن يجتهدوا في السعي وراء العالم، أو أن يحققوا تطلعاتهم ورغباتهم في العالم. كانت متطلباته الوحيدة منهم هي أن يستمعوا إلى كلامه، وأن يتبعوا طريقه، وألا ينغمسوا في المستنقع مع العالم، وألا يسعوا وراء العالم. دعوا أهل العالم يتعاملون مع الأمور الدنيوية؛ دعوهم يكملوا هذه الأمور. لا علاقة لهذه الأشياء بأولئك الذين يؤمنون بالله ويتبعونه. الشيء الوحيد الذي يحتاج المؤمنون بالله إلى عمله هو اتباع طريق الله واتباع الله. إن اتباع طريق الله هو أمر واجب على المؤمنين بالله وأتباعه. لا يختلف هذا الأمر باختلاف الزمان أو المكان أو الخلفية. لن يتغير هذا المطلب حتى في المستقبل، عندما تُخلَّص البشرية وتدخل في العصر التالي. الاستماع إلى كلام الله واتباع طريقه هو الموقف والممارسة المحددة اللذين يجب أن يمتلكهما تجاه الله من يتبع الله. فقط من خلال الاستماع إلى كلام الله واتباع طريقه يمكن للناس أن ينجحوا في اتقاء الله والحيد عن الشر. لذا، فإن مطالبة الله للناس بالتخلي عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم لا تنشأ بسبب الزمن، ولا بسبب بيئات أو خلفيات فريدة، بل ما دام كان الإنسان موجودًا، حتى لو لم يعطه الله الكلمات بوضوح، فقد طلب منه دائمًا هذا المعيار والمبدأ. هذا المطلب من الله لا يتغير مهما كان عدد الأشخاص الذين يستطيعون تحقيقه، أو عدد الأشخاص القادرين على ممارسة كلامه، أو حجم ما يستطيعون فهمه من كلامه. انظر في الكتاب المقدس، حيث توجد سجلات لأولئك الأشخاص الفريدين الذين اختارهم الله في أوقات فريدة: نوح وإبراهيم وإسحاق وأيوب وغيرهم. إن متطلبات الله منهم، والطريقة التي اتبعوها، وأهداف حياتهم واتجاههم، وكذلك الأهداف التي سعوا إليها ومسارات العمل المحددة التي سلكوها من أجل الحياة والنجاة، كلها تجسد متطلبات الله من الإنسان. ما هي متطلبات الله من الإنسان؟ من ضمنها أن يتخلى الناس عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم، أليس كذلك؟ (صحيح). سواء من حيث الروح أو من حيث الشكل، يجب أن يحيدوا عن البشر الصاخبين غير المنضبطين الأشرار، وأن يحيدوا عن اتجاهاتهم الصاخبة غير المنضبطة الشريرة. كانت هناك في السابق كلمة لم تكن مناسبة تمامًا، وهي كلمة "مقدس". في الواقع، معنى هذه الكلمة هو أن أطلب منك التخلي عن مساعيك وتطلعاتك ورغباتك؛ لمنعك من أن تصبح غير مؤمن، أو من أن تفعل ما يفعله غير المؤمنين، أو من أن تسعى إلى مساعي غير المؤمنين، بل أجعلك تسعى إلى ما ينبغي أن يسعى إليه المؤمن. هَذَا هو مَعْنَاها. عندما يقول بَعْضُ النَّاسِ: "هل لأن الوقت قد اقترب، والأيام الأخيرة قد حانت، والكوارث قد حلت، فإن الله يطلب من الناس أن يتخلوا عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم"، فكيف ينبغي أن تجيب عن هذا السؤال؟ ينبغي أن تكون الإجابة أن كل متطلبات الله من الإنسان هي الحق وهي الطريق الذي يجب أن يتبعه الناس. إنها لا تتغير بتغير الزمان أو المكان أو البيئة أو الموقع الجغرافي أو الخلفية الاجتماعية. إن كلام الله هو الحق، الحق الذي لم يتغير منذ الأزل، والذي لا يتغير على مدار الأبدية كلها، لذا فإن كل مطلب من مطالب الله من الإنسان وكل مبدأ محدد من مبادئ الممارسة التي يضعها له يعود إلى ما بعد خلقه للبشرية عندما لم يكن لديها سجلات زمنية بعد. إنها مصاحبة لله في الوجود. بعبارة أخرى، منذ اللحظة التي وُجد فيها البشر، كانت البشرية قادرة على فهم متطلبات الله منها. وأيا كان المجال الذي تتطرق إليه المتطلبات، فهي كلها أبدية ولن تتغير. بشكل عام، متطلبات الله من الإنسان هي سماع كلامه واتباع طريقه. هل تفهمون؟ (نعم). إن متطلبات الله لا علاقة لها بتاتًا بتطور العالم، أو بالخلفيات الاجتماعية للبشرية، أو بالزمان أو المكان، أو بالبيئة الجغرافية والحيز الذي يعيش فيه الناس. بعد الاستماع إلى كلام الله، من الصواب للناس أن يحفظوه ويمارسوه. ليس لله متطلبات أخرى من الناس. عندما يسمعون كلامه ويفهمونه، يكفيهم أن يمارسوه ويحفظوه؛ وبذلك سيكونون في نظره قد لبوا معيار أن يكونوا كائنات مخلوقة تفي بالمعيار. هل تفهمون؟ (نعم). لذا، بغض النظر عن الوقت أو البيئة الاجتماعية أو الخلفية أو الموقع الجغرافي، ما عليك فعله هو الاستماع إلى كلام الله، وفهم ما يقوله وما هي متطلباته منك، ثم الشيء التالي الذي يجب أن تفعله هو الاستماع له والخضوع والممارسة. لا تشغل نفسك بأشياء مثل "هل الكوارث في العالم الخارجي هائلة الآن؟ هل العالم فوضوي؟ هل من الخطر الخروج إلى العالم؟ هل يمكن أن أصاب بالطاعون؟ هل يمكن أن أموت؟ هل سأقع في الكوارث؟ هل ثمة غوايات في الخارج؟" التفكير في مثل هذه الأمور لا فائدة منه، ولا علاقة لها بك. عليك أن تشغل نفسك فحسب بالسعي إلى الحق واتباع طريق الله، وليس ببيئة العالم الخارجي. مهما كانت بيئة العالم الخارجي، فأنت كائن مخلوق، والله هو الخالق. لن تتغير العلاقة بين الخالق والكائنات المخلوقة، ولن تتغير هويتك، ولن يتغير جوهر الله. ستكون دائمًا الشخص الذي يتعين عليه أن يتبع طريق الله، وأن يستمع إلى كلامه ويخضع له. سيظل الله دائمًا هو الذي له السيادة عليك، ويرتب مصيرك، ويقودك في الحياة. علاقتك به لن تتغير، وهويته لن تتغير، وهويتك لن تتغير. لهذا كله، وبغض النظر عن الوقت، فإن مسؤوليتك والتزامك وواجبك الأسمى هو الاستماع إلى كلام الله والخضوع له وممارسته. هذا لن يكون خطأً أبدًا، وهو المعيار الأعلى. هل حُلت هذه المشكلة؟ (نعم). حُلت. هل تحدثت بوضوح؟ هل تحدثت بشكل صائب أكثر منكم؟ (نعم). بأي طريقة أنا على صواب؟ (لقد كنا نتحدث فقط بشكل عام، لكن الله قد فصَّل هذه المسألة تمامًا، وقدم شركة أيضا حول أن كلام الله هو الحق، والطرق التي يجب على الناس الالتزام بموجبها، وأنه يجب على الناس أن يستمعوا إلى كلام الله ويتبعوا طريقه. لقد قال الله هذا كله بوضوح). ما أقوله هو جانب من جوانب الحق. عبارة "جانب من جوانب الحق" هي نظرية، فما الذي يدعم هذه النظرية؟ إنها هذه الحقائق والمضامين المحددة التي سبق الحديث عنها. ثمة أدلة على كل هذه الحقائق؛ ليس منها واحدة ملفقة، وليس منها واحدة متخيلة. إنها جميعًا حقائق، أو هي جوهر الظواهر الخارجية للحقائق وواقعها. إذا كان بإمكانك أن تستوعبها وتفهمها، فهذا يثبت أنك تفهم الحق. السبب في أنكم لا تستطيعون الجهر بها هو أنكم لم تفهموا بعد هذا الجانب من الحق، ولا تفهمون الجوهر والواقع الكامن وراء هذه الظواهر، لذا فإنكم تتحدثون قليلًا فقط عن مشاعركم ومعرفتكم، وهذا بعيد كل البعد عن الحق. أليس هذا هو الحال؟ (هو كذلك). حُلت هذه المشكلة، لذا دعونا نتوقف عند هذا الحد. فيما يتعلق بموضوع التخلي عن المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ نتيجة للاهتمامات والهوايات، هل كان من الضروري إدراج هذا السؤال بوصفه نقطة إضافية؟ (نعم). كان ذلك ضروريًا. كل سؤال يمس بعض الحق، أي إنه يمس واقع بعض الحقائق وجوهرها، ووراء الواقع والجوهر دائمًا ما تكمن ترتيبات الله وخططه وأفكاره ورغباته. وماذا أيضًا؟ بعض من أساليب الله المحددة، إضافةً إلى أسس أفعاله وأهدافها وخلفياتها. هذه الأمور هي الواقع.

بعد الانتهاء من عقد الشركة حول موضوع التخلي عن المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ من الاهتمامات والهوايات، يجب أن نقدم شركة حول الموضوع التالي. ما هو الموضوع التالي؟ هو أنه ينبغي للناس أن يتخلوا عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم التي تنشأ من الزواج. بالطبع، يتطرق هذا الموضوع إلى جميع مختلف المشكلات المرتبطة بالزواج. أليس هذا الموضوع أكبر قليلًا من الاهتمامات والهوايات؟ لكن لا تخافوا من حجمه. سنقوم بتفصيله شيئًا فشيئًا، ونفهم هذا الموضوع ببطء ونخترقه من خلال الشركة. إن الخط الذي سنسلكه في شركتنا حول هذا الموضوع هو تشريح مشكلة الزواج من منظور وجوانب جوهر المشكلات هنا، سواء كانت إيجابية أو سلبية، ومفاهيم الناس المتنوعة للزواج، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، والأخطاء التي يرتكبونها في الزواج، وكذلك مختلف الأفكار ووجهات النظر الخاطئة التي تنشأ عن هذه المشكلة، وفي النهاية تمكين الناس من التخلي عما ينشأ عن الزواج من مساعٍ وتطلعات ورغبات. إن أفضل ممارسة لتحقيق "التخلي" وأسهلها هي هذه: أولًا، يجب عليك أن ترى بوضوح جوهر المشكلات، وأن ترى حقيقتها، وما إذا كانت إيجابية أم سلبية. بعد ذلك، يجب أن تكون قادرًا على التعامل مع المشكلات بشكل صحيح وعقلاني. هذا هو الجانب النشط من الأمور. في الجانب السلبي من الأمور، يجب أن تكون قادرًا على أن تفهم وترى حقيقة الأفكار ووجهات النظر والمواقف الخاطئة التي تجلبها لك المشكلات، أو مختلف التأثيرات الضارة والسلبية التي تنتجها في إنسانيتك، ثم أن تكون قادرًا من خلال هذه الجوانب على تركها. بعبارة أخرى، يجب أن تكون قادرًا على فهم هذه المشكلات ورؤيتها على حقيقتها، دون أن تكون مقيدًا أو محكومًا بالأفكار الخاطئة التي تنتجها هذه المشكلات، ودون أن تسمح لها بالسيطرة على حياتك وقيادتك إلى مسارات معوجة، أو قيادتك إلى اتخاذ خيارات خاطئة. وباختصار، سواء كنا نقدم شركة حول الإيجابيات أو السلبيات، فإن الهدف النهائي هو تمكين الناس من التعامل مع مشكلة الزواج بعقلانية، وعدم استخدام أفكار وآراء خاطئة لفهمها والتعامل معها، وعدم اتخاذ مواقف خاطئة تجاهها. هذا هو الاستيعاب الصحيح لممارسة "التخلي". حسنًا، دعونا نستمر في الشركة حول المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ عن الزواج. أولًا، دعونا ننظر في تعريف الزواج، وفي مفهومه. الغالبية منكم لم يدخلوا في الزواج، أليس كذلك؟ أرى أن الغالبية منكم بالغون. ماذا يعني أن تكونوا بالغين؟ يعني أن تكونوا قد بلغتم أو تجاوزتم سن الزواج. سواء كنتم في هذا العمر أو تجاوزتموه، فإن كل شخص لديه بعض الآراء والتعريفات والمفاهيم البورجوازية نسبيًا عن الزواج، سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة. لذا دعونا أولًا نستكشف ما هو الزواج في الواقع. أولًا، بتعبيرك الخاص: ما هو الزواج في الواقع؟ إذا أردنا أن نتكلم عمن هو مؤهل للحديث عن ماهية الزواج، فلعلهم أولئك الذين تزوجوا من قبل. لذا دعونا نبدأ أولًا بأولئك الذين سبق لهم الزواج، وعندما ينتهون من الكلام، يمكننا الانتقال إلى البالغين غير المتزوجين. يمكنكم التحدث عن آرائكم في الزواج، وسنستمع إلى استيعابكم للزواج وتعريفكم له. قل ما لديك، سواء كان من الجيد الاستماع إليه أم لا: شكاوى حول الزواج أو توقعات من الزواج، كل هذا لا بأس به. (كل شخص تكون لديه توقعات قبل أن يتزوج، فبعض الناس يتزوجون ليعيشوا حياة الثراء، بينما يسعى البعض إلى الزواج السعيد، ويبحثون عن أمير على حصان أبيض، ويتخيلون أنهم سيعيشون حياة سعيدة. وهناك أيضًا بعض الأشخاص الذين يريدون استخدام الزواج لتحقيق بعض أغراضهم الخاصة). إذن، في رأيك، ما هو الزواج في الواقع؟ هل هو معاملة تجارية؟ هل هو لعبة؟ ما هو؟ بعض الحالات التي ذكرتموها تتعلق بالعيش الرغد، وهو نوع من المعاملات التجارية. ماذا غير ذلك؟ (أشعر أن الزواج بالنسبة إليَّ هو مجرد شيء أتوق إليه، شيء أشتاق إليه). من أيضًا يريد التحدث؟ ما المعرفة التي لدى المتزوجين حول الزواج؟ خاصة المتزوجين منذ عشر سنوات أو عشرين سنة؛ ما مشاعركم حول الزواج؟ ألستم في العادة مليئين بالتأملات حول الزواج؟ من ناحية، اختبار في زواجكم، ومن ناحية أخرى رأيتم زيجات المحيطين بكم، وفي الوقت نفسه، تأملتم في زيجات الآخرين التي شاهدتموها في الكتب والأدب والأفلام. إذن من هذه الجوانب، ما الزواج في رأيك؟ كيف تعرِّفه؟ ما الذي تفهمه عنه؟ كيف تعرِّف الزواج؟ المتزوجون والمتزوجات الذين مضى على زواجهم بضع سنوات – لا سيما أولئك الذين قاموا بتربية أطفال – ما رأيكم في الزواج؟ تحدثوا. (يمكنني قول القليل. شاهدت الكثير من البرامج التلفزيونية منذ صغري. كنت أتوق دائمًا إلى حياة زوجية سعيدة، ولكن بعد الزواج، أدركت أنه ليس كما تخيلته. بعد الزواج، كان أول ما توجَّب عليَّ فعله هو العمل الجاد من أجل أسرتي، وكان ذلك متعبًا للغاية. من ناحية أخرى، وبسبب عدم التوافق بين طباعي وطباع زوجي، وبين الأشياء التي كنا نتوق إليها ونسعى إليها – خاصةً الاختلاف بين الطريقين اللذين يسلكهما كل منا – كانت هناك اختلافات كثيرة في الحياة، لدرجة أننا كنا نتشاجر. كانت الحياة صعبة. في هذه المرحلة، شعرت أن نوع الحياة الزوجية التي كنت أتوق إليها عندما كنت طفلة لم تكن واقعية فعليًا. لقد كانت مجرد رغبة ممتعة، لكن الحياة الواقعية ليست كذلك. هذه هي أفكاري حول الزواج). إذن فهمك للزواج هو أنه مرير، هل هذا صحيح؟ (نعم). إذن كل ذكرياتك وما تستجمعينه حوله به مرارة وتعب وألم ولا تطيقين تذكره؛ لقد شعرت بالانزعاج، لذلك لم يكن لديك فيما بعد توقعات أفضل للزواج. تعتقدين أن الزواج لا يتوافق مع رغباتك، وأنه ليس جيدًا أو رومانسيًا. أنت تفهمين الزواج على أنه مأساة؛ هل هذا ما تقصدينه؟ (نعم). في زواجك، سواء في الأشياء التي كنت قادرة على القيام بها أو في الأشياء التي لم تكوني راغبة في القيام بها، كنت متعبة للغاية وتشعرين بالمرارة بشأن كل شيء، هل هذا صحيح؟ (نعم). الزواج مرير، وهذا هو أحد أنواع المشاعر، وهو شعور يمكن للناس أن يتفهموه أو يشعرون به هم أنفسهم. بغض النظر عن الشكل، ربما يكون هناك الكثير جدًا من العبارات المختلفة حول الزواج والأسرة في العالم في الوقت الحالي. يوجد الكثير جدًا منها في الأفلام والكتب، ويوجد خبراء زواج وخبراء علاقات في المجتمع يقومون بتحليل جميع أنواع الزيجات وتشريحها، والذين يتعاملون مع التناقضات التي تظهر في تلك الزيجات ويحلونها، من أجل التوسط فيها. في نهاية المطاف، روَّج المجتمع بعض الأقوال حول الزواج. أي من هذه الأقوال الرائجة حول الزواج تتفقون معها أو تتعاطفون معها؟ (يا إلهي، كثيرًا ما يقول الناس في المجتمع إن الزواج يشبه دخول القبر. أشعر أنه بعد الزواج وتكوين أسرة وإنجاب الأطفال، يتحمل الناس مسؤوليات، وعليهم أن يعملوا بلا نهاية لإعالة أسرهم، وأضف إلى ذلك التنافر الذي يأتي من معيشة شخصين معًا، وتنشأ عن ذلك جميع أنواع المشكلات والصعوبات). ما هي العبارة على وجه التحديد؟ "الزواج قبر". هل هناك بعض الأقوال المشهورة والشعبية في الصين؟ ألا تحظى عبارة "الزواج قبر" بشعبية كبيرة؟ (هي كذلك). ماذا أيضًا؟ "الزواج مدينة تحت الحصار؛ من في الخارج يريدون الدخول إليها، ومن في الداخل يريدون الخروج منها". ماذا أيضًا؟ "الزواج بلا حب أمر غير أخلاقي". يعتقدون أن الزواج علامة على الحب، وأن الزواج بلا حب أمر غير أخلاقي. إنهم يستخدمون الحب الرومانسي لقياس مستوى الأخلاق. هل هذه هي تعريفات الزواج ومفاهيمه الموجودة لدى المتزوجين؟ (نعم). باختصار، المتزوجون يشعرون بمرارة شديدة: عبارة "الزواج قبر" هي أفضل وصف. هل الأمر بهذه البساطة؟ لقد انتهى المتزوجون من التحدث، لذا يمكننا الآن الاستماع إلى ما يقوله العزاب وغير المتزوجين. من يريد التحدث عن فهمه للزواج؟ حتى لو كان الأمر طفوليًا، أو خيالًا أو توقعات بعيدة كل البعد عن الواقع، فلا بأس. (يا الله، أشعر أن الزواج هو شخصان يعيشان كشريكين؛ حياة الضروريات اليومية). هل تزوجت من قبل؟ هل لديك أي اختبار شخصي؟ (لا). الضروريات اليومية، العيش كشريكين؛ هل هذا ما تعتقدينه حقًا؟ أهو بهذه الدرجة من العملية؟ (في تطلعاتي، الزواج ليس هكذا، لكن هذا ما رأيته في زواج والديَّ). زواج والديك هو مثل هذا، لكن الزواج الذي تتطلعين إليه ليس كذلك. ما هو فهمك وسعيك عندما يتعلق الأمر بالزواج؟ (عندما كنت صغيرة، كان فهمي هو العثور على شخص أُعجب به، ثم العيش معه بسعادة ورومانسية). أردتِ أن تعيشي معه، وتمسكين بيده وتكبران معًا، هل هذا صحيح؟ (نعم). هذا هو فهمك المحدد للزواج، والذي يشملك أنت نفسك؛ أنت لا تجدينه عند النظر إلى الآخرين. ما ترينه في زيجات الآخرين هو مظهرها السطحي فحسب، ولأنك لم تختبريه بنفسك بعد، فإنك لا تعرفين هل ما ترينه هو واقع الحقائق أم مظهرها السطحي فحسب؛ الشيء الذي تعتقدين أنه حقيقي سيظل إلى الأبد في أفكارك ووجهات نظرك. أحد أجزاء فهم الشباب للزواج هو العيش بشكل رومانسي مع المحبوب، والإمساك بيديه والتقدم في السن معًا، وعيش هذه الحياة معًا. هل لديكم جميعًا أي فهم آخر للزواج؟ (لا).

يقول البعض: "الزواج هو العثور على شخص يحبك. لا يهم سواء كان رومانسيًا أم لا، ولست بحاجة إلى أن تحبه كثيرًا. على أقل تقدير، يجب أن يحبك، وأن تكون في قلبه، وأن تتشاركا معًا في المساعي والتطلعات والشخصية والاهتمامات والهوايات، حتى يجد أحدكما الآخر متآلفًا وتعيشان معًا". ويقول آخرون: "ابحث عن شخص تعيش معه وتحبه ويحبك. هذا وحده هو السعادة". وثمة آخرون فهمهم للزواج هو: "يجب عليك أن تجدي شخصًا قويًا اقتصاديًا، حتى لا تقلقي بشأن الملبس والمأكل في آخر حياتك، ولكي تتمتعي بوفرة في حياتك المادية، ولئلا تعاني الفقر. بغض النظر عن سنه أو شكله، وبغض النظر عن شخصيته، وبغض النظر عن ذوقه، لا بأس به ما دام لديه مال. ما دام بإمكانه أن يمنحك المال لإنفاقه ويستطيع إشباع احتياجاتك المادية، فهو مقبول. العيش مع هذا النوع من الأشخاص يجلب السعادة، وستكونين مستريحة من الناحية الجسدية. هذا هو الزواج". هذه بعض المتطلبات والتعريفات التي يعطيها الناس للزواج. غالبية الناس يفهمون الزواج على أنه العثور على الحبيب، أو فتى الأحلام، أو فارس الأحلام، والعيش معه وأن يجد كل منهما الآخر متآلفًا معه. على سبيل المثال، يتخيل بعض الناس أن فارس أحلامهم نجم أو أحد المشاهير، أو شخص يتمتع بالمال والشهرة والثروة. ويظنون أن وحده العيش مع مثل هذا الشخص هو زواج موثوق وممتع، زواج مثالي، وأن مثل هذه الحياة وحدها هي الحياة السعيدة. يتخيل بعض الناس أن نصفهم الآخر شخص ذو مكانة، ويتخيل البعض الآخر أن نصفهم الثاني شخص جميل ووسيم، في حين أن البعض يتخيلون أن نصفهم الآخر هو شخص ينتمي لعائلة قوية وثرية وذات نفوذ، أي شخص غني. بعض الناس يتخيلون نصفهم الآخر شخصًا طموحًا وقويًا في عمله ويتخيل البعض نصفهم الآخر موهوبًا بشكل فريد. يتخيل بعض الناس أن نصفهم الآخر لديه بعض الخصائص المميزة في الشخصية. كل هذه وغيرها من متطلبات الناس من الزواج، وهي بالطبع التصورات والمفاهيم ووجهات النظر الموجودة لديهم عن الزواج. باختصار، فالذين سبق لهم الزواج من قبل يقولون إن الزواج قبر، وإن الدخول في الزواج هو دخول القبر، أو دخول في كارثة، والذين لم يتزوجوا يتصورون أن الزواج أمرٌ ممتع ورومانسي بشكل خاص، وهم مليؤون بالاشتياق والتوقعات. لكن سواء أولئك الذين تزوجوا أو الذين لم يتزوجوا، لا يستطيع أحد أن يتحدث بوضوح كبير عن استيعابه أو فهمه للزواج، أو عما يكون التعريف والمفهوم الحقيقي للزواج، أليس كذلك؟ (لا). أولئك الذين اختبروا الزواج يقولون: "الزواج قبر، إنه مرير". ويقول البعض من غير المتزوجين: "فهمك للزواج غير صحيح. أنت تقول إن الزواج سيئ، وهذا لأنك أناني للغاية. أنت لم تبذل الكثير في زواجك، وبسبب عيوبك ومشكلاتك المختلفة، حولت زواجك إلى فوضى. لقد دمرت زواجك وقضيت عليه بيديك". هناك أيضًا بعض المتزوجين بالفعل الذين يقولون للعازبين الذين لم يتزوجوا بعد: "أنت طفل جاهل، ماذا تعرف؟ هل تعرف كيف يكون الزواج؟ الزواج لا يخص شخص واحد، ولا يخص شخصين، بل يخص عائلتين، أو حتى عشيرتين. ثمة العديد من المشكلات في هذا الأمر، وهي ليست بسيطة ولا مباشرة. حتى في عالم مكون من شخصين فقط، حيث يكون الزواج متعلقًا بشخصين فقط، فالأمر ليس بهذه البساطة. مهما كان فهمك وتخيلك للزواج ممتعًا، فستطحنه تفاهات الاحتياجات اليومية مع مرور الأيام، إلى أن يتلاشى لونه ونكهته. أنت لست متزوجًا، فماذا تعرف؟ أنت لم يسبق لك الزواج، ولم يسبق لك أن أدرت زواجًا، لذا فأنت غير مؤهل لتقييم الزواج أو إبداء ملاحظات نقدية. إنَّ فهمك للزواج هو تخيل ومحض أمنيات؛ لا يستند إلى الواقع!". بغض النظر عمن يتحدث عن هذا الموضوع، ثمة مبرر موضوعي، لكن في نهاية المطاف، ما هو الزواج في الواقع؟ ما المنظور الأصح والأكثر موضوعية لرؤيته؟ ما المنظور الأكثر تماشيًا مع الحق؟ كيف ينبغي للمرء أن ينظر إليه؟ سواء تحدثنا عن أولئك الذين اختبروا الزواج من قبل أو أولئك الذين لم يختبروه من قبل، فمن ناحية، فهمهم للزواج مليء بتصوراتهم الخاصة، ومن ناحية أخرى فإن البشر الفاسدين مليؤون بالعواطف فيما يتعلق بالدور الذي يلعبونه في الزواج. ولأن البشر الفاسدين لا يفهمون المبادئ التي يجب عليهم التمسك بها في مختلف البيئات، ولا يفهمون الدور الذي يلعبونه في الزواج أو الالتزامات والمسؤوليات التي يجب عليهم تتميمها، فإن بعض أقوالهم عن الزواج عاطفية لا محالة، وتنطوي على أنانيتهم الشخصية وتهورهم وما إلى ذلك. وبالطبع، سواء كان الفرد متزوجًا أو غير متزوج، إذا لم ينظر إلى الزواج من منظور الحق، وإذا لم يكن لديه فهم ومعرفة صافية له من الله، فباستثناء اختباره الشخصي العملي للزواج، يتأثر فهمه للزواج تأثرًا كبيرًا بالمجتمع وبالبشرية الشريرة. وهو يتأثر أيضًا بأجواء المجتمع واتجاهاته وآرائه العامة، وكذلك بالأفكار المغلوطة والمتحيزة – وما يمكن أن يطلق عليه بشكل أكثر تحديدًا أنه غير إنساني – الأشياء التي يقولها الناس في كل مستويات المجتمع وطبقاته عن الزواج. وبسبب هذه الأشياء التي يقولها الآخرون، فإنَّ الناس من جهة ما سيتأثرون بهذه الأفكار ووجهات النظر دون وعي وستتحكم بهم، ومن جهة أخرى سيقبلون دون وعي هذه المواقف وطرق النظر إلى الزواج، وكذلك طرق التعامل مع الزواج، والمواقف التي يتبناها المتزوجون تجاه الحياة. بادئ ذي بدء، ليس لدى الناس فهم إيجابي للزواج، وليس لديهم به معرفة وإدراك إيجابيين ودقيقين. إضافةً إلى ذلك، فإنَّ كلًا من المجتمع والبشر الأشرار يغرسون فيهم أفكارًا سلبية ومغلوطة عن الزواج. لذلك، تصبح أفكار الناس ووجهات نظرهم حول الزواج محرَّفة، بل شريرة. ما دمت تعيش في هذا المجتمع وأنت باقٍ فيه على قيد الحياة ولديك عيون لترى وآذان لتسمع وأفكار للتأمل في الأسئلة، فإنك ستتقبل هذه الأفكار ووجهات النظر الخاطئة بدرجات متفاوتة، مما يؤدي إلى فهم ومعرفة غير صحيحين للزواج ومتحيزين أيضًا. على سبيل المثال، منذ مائة عام مضت، لم يكن الناس يفهمون ما هو الحب الرومانسي، وكان فهمهم للزواج بسيطًا للغاية، فعندما كان الشخص يبلغ سن الزواج، كانت الخاطبة تتولى تعريفه على شخص من الجنس الآخر ويتولى الآباء والأمهات كل شيء، ثم يعقد الشخص قرانه على أحد أفراد الجنس الآخر، ويدخلان في الزواج، ويعيشان معًا ويقضيان أيامهما معًا. وهكذا كانا يرافقان أحدهما الآخر خلال هذه الحياة، إلى أن يصلا إلى النهاية. كان الزواج بتلك البساطة. لقد كان يتعلق بشخصين: شخصان من عائلتين مختلفتين يعيشان معًا، ويرافق أحدهما الآخر، ويعتني أحدهما بالآخر، ويعيشان العمر معًا. كان الأمر بهذه البساطة. لكن في مرحلة ما، بدأ الناس يذكرون ما يسمونه بالحب الرومانسي، وأضيف الحب الرومانسي إلى محتوى الزواج، وصولًا حتى يومنا هذا. لم يعد مصطلح "الحب الرومانسي" أو معناه وفكرته أمرًا يشعر الناس في أعماق قلوبهم بالحرج منه أو يجدون صعوبة في الحديث عنه، بل إنه موجود بشكل طبيعي جدًا في أفكار الناس، ومن الطبيعي أن يناقشه الناس، لدرجة أنه حتى الأشخاص الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد يناقشون ما يسمونه الحب الرومانسي. لذا فإن هذه الأنواع من الأفكار ووجهات النظر والعبارات تشكل تأثيرًا غير ملموس على الجميع، رجالًا ونساءً، وكبارًا وصغارًا. هذا التأثير هو السبب في أن فهم الجميع للزواج هو فهم متكلف؛ بعبارة أدق، هو فهم متحيز. لقد بدأ الجميع في اللعب بالحب والتلاعب بالعشق. إن ما يسمى بـ "الحب الرومانسي" عند الإنسان ما هو إلا مجرد جمع بين الحب والعشق(أ). ما معنى "الحب"؟ الحب هو نوع من المودة. ماذا يعني "العشق"؟ إنه يعني الشهوة. فالزواج لم يعد مجرد شخصين يمضيان الأيام معًا كشريكين؛ بل أصبح الزواج لعبة للمودة والشهوة. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). لقد أصبح الناس يفهمون الزواج على أنه جمع بين الشهوة والمودة، فهل يمكن أن يكون زواجهم صالحًا؟ إن الرجال والنساء لا يعيشون بصلاح، ولا يتمِّمون مسؤولياتهم جيدًا، ويمضون أيامهم بطريقة لا تتسم بالواقعية، وكثيرًا ما يتحدثون عن الحب والعشق والمودة والشهوة. هل تعتقد أنهم يستطيعون على هذا النحو أن يعيشوا بسلاسة وثبات؟ (لا). أي إنسان يستطيع أن يجتاز هذه الغوايات والإغراءات؟ لا أحد يستطيع أن يجتاز هذه الغوايات والإغراءات. يمتلئ الناس في المجتمع بالشهوة والمودة تجاه بعضهم بعضًا. هذا ما يسمونه بالحب الرومانسي، وهو الطريقة التي يفهم بها الناس المعاصرون الزواج، إنه أعلى تقييم لديهم للزواج، وأعلى الأذواق. لذا، فقد تغير وضع الزواج لدى الناس المعاصرين إلى درجة أنه لا يمكن التعرف عليه، وهو في فوضى رهيبة وفظيعة. لم يعد الزواج ببساطة أنه رجل وامرأة، بل أصبح أنَّ الناس جميعًا، رجالًا ونساءً، يتلاعبون بالمودة والشهوة؛ أصبح رذيلًا تمامًا. تحت إغراء الاتجاهات الشريرة، أو من خلال غرس الأفكار الشريرة، أصبح فهم الناس للزواج ومنظورهم له مشوهًا وغير طبيعي وشريرًا. إضافة إلى ذلك، فإن الأفلام والبرامج التلفزيونية في المجتمع، وكذلك الأعمال الأدبية والفنية، تطرح باستمرار عن الزواج تفسيرات وتعبيرات شريرة للغاية وغير أخلاقية. المخرجون والكتَّاب والممثلون جميعهم يشرحون الزواج باعتباره حالة فظيعة. هذا مليء بالشر والشهوة، مما يؤدي إلى أن تغدو الزيجات السليمة في حالة من الفوضى. لذا، منذ أن ظهر الحب الرومانسي، أصبح الطلاق أكثر شيوعًا في المجتمع البشري، وكذلك العلاقات خارج إطار الزواج، وأصبح المزيد من الأطفال مضطرين لتحمل أذى طلاق الوالدين، أو مضطرين للعيش مع أمهات عازبات أو آباء عازبين، وبالتالي يمضون طفولتهم وشبابهم في ظل أوضاع زواج غير سليمة لآبائهم أو ينشؤون في ظل هذه الأوضاع. والسبب في كل هذه المآسي الزوجية المختلفة، وهذه الزيجات غير السليمة أو المشوهة، هو أن النظرة إلى الزواج التي ينادي بها المجتمع نظرة متحيزة وشريرة وغير أخلاقية، لدرجة أنها تفتقر إلى الأخلاق والآداب. ولأن البشرية لا تملك فهمًا دقيقًا للأمور الإيجابية أو السليمة، فإن الناس سيقبلون عن غير قصد هذه الأفكار ووجهات النظر التي ينادي بها المجتمع، مهما كانت مشوهة. هذه الأشياء مثل طاعون ينتشر في جسدك، ويبلي كل فكرة من أفكارك وكل خاطر من خواطرك، ويبلي الأجزاء الصحيحة من إنسانيتك. وسرعان ما يصبح ضميرك وعقلك الإنسانيين الطبيعيين ضبابيين أو غير واضحين أو ضعيفين؛ ثم تأخذ هذه الأفكار ووجهات النظر التي تأتي من الشيطان، وهي محرَّفة وشريرة وتفتقر إلى الأخلاق والآداب، المكانة العليا والدور المهيمن في أعماق أفكارك وقلبك وفي عالمك العقلي. بعد أن تحتل هذه الأشياء المكانة العليا والدور المهيمن، سرعان ما تصبح نظرتك إلى أمور مثل الزواج ملتوية ومحرَّفة وخالية من الأخلاق والمبادئ، لدرجة أنها تصبح شريرة، لكنك أنت نفسك لا تعرف ذلك، وتعتقد أنه أمر سليم تمامًا: "الجميع يفكر بهذه الطريقة، فلماذا لا أفكر بها؟ كل شخص يعتقد أن هذه الطريقة مناسبة، أليس من المناسب لي أن أفكر بهذه الطريقة أنا أيضًا؟ لذا إذا لم يكن ثمة مَن يخجل من الحديث عن الحب الرومانسي، فأنا أيضًا لا ينبغي لي أن أخجل. في المرة الأولى، كنت خجولًا بعض الشيء، ومحرجًا بعض الشيء، وواجهت صعوبة في فتح فمي. بعد الحديث عن الأمر عدة مرات أخرى كنت بخير. الاستماع أكثر والتحدث عنه أكثر جعلني متأقلِمًا عليه". صحيح أنك تتحدث وتستمع، وأصبحت متأقلِما عليه، لكن الفهم الحقيقي والأصلي للزواج لا يمكن أن يثبت في أعماق أفكارك، لذلك فقدت الضمير والعقل اللذين يجب أن تتحلى بهما كشخص طبيعي. ما سبب فقدانهما؟ سببه أنك قبلت ما يسمى بنظرة "الحب الرومانسي" للزواج. ما يُسمى بنظرة "الحب الرومانسي" للزواج قد ابتلعت الفهم الأصلي والشعور بالمسؤولية التي تتمتع بها إنسانيتك الطبيعية تجاه الزواج. وسرعان ما تبدأ في تطبيق فهمك الشخصي للحب الرومانسي، وتبحث باستمرار عن الأشخاص الذين تجدهم مناسبين لك، الأشخاص الذين يحبونك أو الذين تحبهم، وتسعى وراء الحب الرومانسي بوسائل عادلة أو غير عادلة، وتتحمل الكثير من المشاق وتتصرف بلا خجل إلى حد بذل طاقتك على مدار الحياة من أجل الحب الرومانسي؛ حينئذٍ يكون قد انتهى أمرك. في عملية السعي وراء الحب الرومانسي، لنفترض أن امرأة وجدت شخصًا أعجبت به وفكرت "نحن واقعان في الحب، فلنتزوج". بعد أن تتزوج، تعيش مع هذا الشخص لفترة، ثم تدرك أن لديه بعض العيوب، فتفكر "إنه لا يحبني، وأنا لا أحبه حقًا. لا يناسب أحدنا الآخر، لذا فإن حبنا الرومانسي كان خطأ. حسنًا، سنتطلق". بعد الطلاق، تحمل طفلًا يبلغ من العمر عامين أو ثلاثة أعوام وتستعد للبحث عن شخص آخر، وتفكر: "بما أن زواجي الأخير كان بلا حب، يجب أن أتأكد من أن ينطوي زواجي القادم على حب رومانسي حقيقي. هذه المرة يجب أن أكون متأكدة من ذلك، لذا يجب أن أقضي بعض الوقت في التدقيق". بعد فترة، تصادف شخصًا آخر وتقول: "آه، هذا هو حبيب أحلامي، الشخص الذي تخيلت أنني سأحبه. إنه يحبني وأنا أحبه. هو لا يطيق البعد عني، وأنا لا أطيق البعد عنه؛ نحن مثل مغناطيسين يجذب أحدهما الآخر، نرغب دائمًا في أن نكون معًا. نحن مغرمان، فلنتزوج". وهكذا تتزوج مرة أخرى. وبعد الزواج، تنجب طفلاً آخر، وبعد عامين أو ثلاثة أعوام، تفكر: "هذا الشخص لديه الكثير من العيوب؛ فهو كسول وطماع في الوقت نفسه. إنه يحب التباهي والتفاخر، وكذلك الثرثرة. إنه لا يتمِّم مسؤولياته، ولا يعطي المال الذي يكسبه للأسرة، ويسكر ويقامر طوال اليوم. ليس هذا هو الشخص الذي أريد أن أحبه. ليس هذا هو الشخص الذي أحبه. ليكن الطلاق!" وتُطلِّق مرة أخرى وهي تحمل طفلين. بعد الطلاق، تبدأ في التفكير: ما الحب الرومانسي؟ لا تستطيع أن تحدد. بعض الناس يخفقون في زيجتين أو ثلاث، وماذا يقولون في النهاية؟ "أنا لا أؤمن بالحب الرومانسي، أنا أؤمن بالإنسانية". كما ترى، فهم يتحركون ذهابًا وإيابًا ولا يعرفون ما يجب أن يؤمنوا به. إنهم لا يعرفون ما هو الزواج، ويقبلون أفكارًا ومنظورات مغلوطة، ويستخدمون هذه الأفكار والمنظورات كمعايير لهم. إنهم يطبقون هذه الأفكار ووجهات النظر شخصيًا، وفي الوقت نفسه، يضرون الزواج وأنفسهم أيضًا، كما يضرون الآخرين؛ فهم يضرون الجيل القادم وأنفسهم بدرجات مختلفة، جسديًا وروحيًا. كل هذه الأمور هي جزء من سبب شعور الناس بالألم والعجز تجاه الزواج، وسبب عدم شعورهم بمشاعر جيدة تجاه الزواج. لقد قدمت شركة للتو حول مختلف وجهات نظر الناس للزواج وتعريفاتهم له، وكذلك الوضع الذي يوجد فيه زواج البشر نتيجة لوجهات النظر الخاطئة التي يحملها الناس المعاصرون بشأن الزواج؛ باختصار، هل وضع زواج البشر الحديث جيد أم سيئ؟ (سيئ). ليس له أي آفاق، ولا يبعث على التفاؤل، وهو مقلوب رأسًا على عقب أكثر من أي وقت مضى. من الشرق إلى الغرب، ومن الجنوب إلى الشمال، فإن زواج البشر في حالة فظيعة ومريعة. يشهد الناس من الجيل الحالي – الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن الأربعين أو الخمسين عامًا – على سوء حظ زواج الجيل السابق والجيل اللاحق، وكذلك آراء هذه الأجيال في الزواج، وتجاربهم الزوجية الفاشلة. وبطبيعة الحال، فإن العديد من الأشخاص دون سن الأربعين ضحايا لجميع أنواع الزيجات التعيسة؛ فبعضهم أمهات عازبات، والبعض الآخر آباء عازبون، لكن عدد الآباء العازبين أقل نسبيًا بالطبع. بعض الأشخاص ينشؤون مع أمهم البيولوجية وزوج الأم، والبعض الآخر ينشأ مع الأب البيولوجي وزوجة الأب، والبعض الآخر ينشأ مع أشقاء من أمهات وآباء مختلفين. والبعض الآخر لديهم والدان قد تطلقا وتزوجا مرة أخرى، ولا يريدهم أي من الوالدين، فيصبحون أيتامًا، ثم يكبرون إلى سن الرشد بعد سنوات قليلة من التخبط في المجتمع؛ ثم يصبحون زوج أم أو زوجة أب، أو يصبحون أمًا أو أبًا أعزبين. هذا هو حال الزواج الحديث. أليست إدارة البشر للزواج إلى هذه الدرجة نتيجة إفساد الشيطان لهم؟ (إنها كذلك). إنَّ هذا الشكل الضروري جدًا لبقاء البشرية وتكاثرها قد شوِّه وأُفسِد بشكل كامل. كيف تظنون أن البشرية تعيش؟ إن النظر إلى حياة كل أسرة أمر مزعج، بل هو أمر فظيع للغاية. دعونا لا نتكلم أكثر من هذا؛ فكلما تكلم المرء أكثر زاد انزعاجه، أليس كذلك؟

بما أننا نتحدث عن موضوع الزواج، علينا أن نرى ما هو التعريف والمفهوم الدقيقين والصحيحين للزواج، وبما أننا نتحدث عن التعريف والمفهوم الدقيقين والصحيحين للزواج، فعلينا أن نبحث عن الإجابة في كلام الله، لنعطي للزواج تعريفًا ومفهومًا صحيحين بناءً على كل ما قاله الله وفعله فيما يتعلق بهذا الأمر، لتوضيح الحالة الحقيقية للزواج، وتوضيح القصد الأصلي وراء خلق الزواج ووجوده. إذا أراد المرء أن يرى تعريف الزواج ومفهومه بوضوح، فعليه أن يبدأ أولًا بالنظر إلى أسلاف البشر. ما هو السبب في البدء بالنظر إلى أسلاف البشر؟ لقد تمكنت البشرية من البقاء على قيد الحياة حتى الوقت الحاضر بسبب زواج أسلافهم؛ أي إنَّ السبب الجذري في وجود هذا العدد الكبير من الناس اليوم هو الزواج بين الناس الذين خلقهم الله في البداية. لذا، إذا أراد المرء أن يفهم التعريف والمفهوم الدقيقين للزواج، فيجب أن يبدأ بالنظر إلى زواج أسلاف البشر. متى بدأ الزواج عند أسلاف البشر؟ لقد بدأ مع خلق الله للإنسان. إنه مسجَّل منذ وقت مبكر جدًا في سفر التكوين، لذلك يجب أن نفتح الكتاب المقدس ونرى ما تقوله هذه الفقرات. هل غالبية الناس مهتمون بهذا الموضوع؟ قد يعتقد المتزوجون بالفعل أنه لا يوجد شيء أصلًا للحديث عنه، وأن هذا الموضوع عادي جدًا، لكن الشباب العازبين يهتمون بهذا الموضوع بشكل خاص، لأنهم يعتقدون أن الزواج غامض، وأن هناك أشياء كثيرة لا يعرفونها عنه. لذا دعونا نبدأ الحديث من الجذور. ليقرأ أحدكم سفر التكوين 2: 18. ("وَقَالَ الله يهوه: لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ".) بعد ذلك، سفر التكوين 2: 21-24. ("فَأَوْقَعَ الله يهوه سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلَاعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْمًا. وَبَنَى الله يهوه ٱلضِّلْعَ ٱلَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ ٱمْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. فَقَالَ آدَمُ: "هَذِهِ ٱلْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى ٱمْرَأَةً لِأَنَّهَا مِنِ ٱمْرِءٍ أُخِذَتْ". لِذَلِكَ يَتْرُكُ ٱلرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِٱمْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا".) بعد ذلك، سفر التكوين 3: 16-19. (وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: "تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِٱلْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلَادًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ". وَقَالَ لِآدَمَ: "لِأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ ٱمْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لَا تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ ٱلْأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِٱلتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ ٱلْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لِأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ".) سنتوقف هنا. هناك خمس آيات في الإصحاح الثاني، وأربع آيات في الإصحاح الثالث، أي تسع آيات من النص المقدس في المجموع. تسع آيات في سفر التكوين تصف شيئًا واحدًا، وهو كيف حدث زواج الأب الأول للبشرية. أليس كذلك؟ (هو كذلك). هل تفهمون الآن؟ هل تفهمون المعنى العام بشكل أفضل قليلًا، وهل أنتم قادرون على تذكره؟ ما هو الشيء الرئيسي الذي يجري الحديث عنه هنا؟ (كيف حدث زواج الأب الأول للبشر). إذن كيف حدث ذلك بالفعل؟ (أعده الله). هذا صحيح، هذا هو الوضع الحقيقي للأمور. أعده الله للإنسان. لقد خلق الله آدم، ثم خلق له شريكة، زوجة تساعده وترافقه، لتعيش معه. هذا هو أصل الزواج للأب الأول للبشر، وهو أصل الزواج البشري، أليس كذلك؟ (إنه كذلك). نحن نعرف مصدر الزواج البشري: لقد عيّنه الله. لقد أعد الله شريكة للأب الأول للبشر، والتي يمكن أن يُطلق عليها أيضًا اسم الزوجة، التي كانت تساعده وترافقه في الحياة. هذا هو أصل الزواج البشري ومصدره. إذن، بعد أن نظرنا إلى أصل الزواج البشري ومصدره، كيف ينبغي أن نفهم الزواج بشكل صحيح؟ هل تقولون إن الزواج مقدس؟ (نعم). هل هو مقدس؟ هل له علاقة بالقداسة؟ لا. لا يمكنكم القول إنه مقدس. الزواج مرتب ومعيَّن من قِبَل الله، وله أصل ومصدر في خليقة الله. لقد خلق الله الإنسان الأول الذي كان بحاجة إلى شريكة تساعده وترافقه، وتعيش معه، فخلق الله له شريكة، ومن ثم جاء الزواج البشري إلى الوجود. هذا كل ما في الأمر. الأمر بهذه البساطة. هذا هو الفهم البدائي للزواج الذي يجب أن يكون لديكم. يأتي الزواج من الله؛ فهو من ترتيب الله وتعيينه. على أقل تقدير، يمكنك القول إنه ليس أمرًا سلبيًا، بل هو أمر إيجابي. كما يمكن القول بدقة أيضًا إن الزواج أمر ملائم، وإنه جزء ملائم في مسار الحياة البشرية وضمن مسيرة وجود الناس. إنه ليس بالأمر الشرير، ولا هو أداة أو وسيلة لإفساد البشرية، إنه ملائم وإيجابي، لأنَّ الله هو مَن خلقه وعيَّنه، وهو الذي رتبه بالطبع. ينشأ الزواج البشري من الخلق الذي قام الله به، وهو شيء رتبه الله وعيَّنه هو نفسه، لذلك بالنظر إليه من هذه الزاوية، فإن المنظور الوحيد الذي يجب أن يكون لدى المرء فيما يتعلق بالزواج هو أنه يأتي من الله، وأنه شيء ملائم وإيجابي، وأنه ليس سلبيًا أو شريرًا أو أنانيًا أو مظلمًا. إنه لا يأتي من الإنسان، ولا من الشيطان، وهو بالطبع لم يتطور عضويًا في الطبيعة، بل خلقه الله بيديه، ورتَّبه بنفسه وعيّنه. هذا أمر مؤكد تمامًا. هذا هو التعريف والمفهوم الأكثر أصالة ودقة للزواج.

والآن بعد أن فهمتم المفهوم الدقيق للزواج وتعريفه الذي يجب أن يكون لدى الناس، دعونا نلقي نظرة: ما هو المعنى وراء ترتيب الله وتعيينه للزواج؟ هذا مذكور في آيات الكتاب المقدس التي قرأناها للتو، أي لماذا لدى البشر زواج، وماذا كانت أفكار الله، وماذا كان الوضع والظروف في ذلك الوقت، وفي أي نوع من الظروف أعطى الله هذا الزواج للإنسان. قال الله يهوه الأمر بهذه الطريقة: "لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ". هذه الكلمات تقول أمرين. أولاً: رأى الله أن هذا الإنسان وحيدًا جدًا وهو بمفرده، بلا شريك، بلا أحد يتحدث معه، أو رفيق يشاركه سعادته وأفكاره، رأى أن حياته ستكون جافة ولا طعم لها، وغير مثيرة للاهتمام، فخطر له خاطر: إنسان واحد سيشعر بشيء من الوحدة، لذلك يجب أن أخلق له شريكة. ستكون هذه الشريكة زوجته، التي سترافقه في كل مكان وتساعده في كل شيء؛ ستكون شريكته وزوجته. الغرض من الشريكة هو أن ترافقه في حياته، وأن تمضي قدمًا معه على طريق حياته. سواء لعشر سنوات أو عشرين أو مائة أو مائتين، ستكون هذه الشريكة مَن يقف إلى جانبه، ومَن يرافقه في كل مكان، ومَن سيتحدث معه وتشاركه السعادة والألم وكل عاطفة، وفي الوقت نفسه، ترافقه وتبعده عن أن يكون بمفرده أو الشعور بالوحدة. كانت هذه الخواطر والأفكار التي نشأت في ذهن الله هي ظروف أصل الزواج البشري. في ظل هذه الظروف، فعل الله شيئًا آخر. دعونا ننظر إلى السجل الكتابي: "فَأَوْقَعَ الله يهوه سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلَاعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْمًا. وَبَنَى الله يهوه ٱلضِّلْعَ ٱلَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ ٱمْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ". أخذ الله ضلعًا من الرجل، وأخذ طينًا واستخدم الضلع لخلق إنسان آخر. جاء هذا الشخص من ضلع الرجل، خُلِقَ من ضلعه. إذا تحدثنا بكلام بسيط، فإن هذا الشخص، شريك آدم خُلِقَ من اللحم والعظم المأخوذ من جسده، ألا يمكن القول إنها مثلما هي شريكته فهي أيضًا جزء من جسده؟ (بلى). بتعبير آخر، هي مشتقة منه. بعد أن خُلقت، ماذا أسماها آدم؟ "امرأة". كان آدم رجلًا وكانت هي امرأة؛ من الواضح أنهما كانا شخصين من جنسين مختلفين. خلق الله أولًا شخصًا بخصائص فسيولوجية ذكرية، ثم أخذ ضلعًا من الذكر وخلق شخصًا بخصائص فسيولوجية أنثوية. وعاش هذان الشخصان معًا كشخص واحد، وهو ما يشكل زواجًا، وهكذا نشأ الزواج. إذن، أيًا كان الوالدان اللذان تربى على يديهما شخص ما، في النهاية، يجب أن يتزوج كل منهم ويرتبط بنصفه الآخر بموجب تعيين الله وترتيباته، ويسيرا إلى نهاية الطريق. هذا هو تعيين الله. من جهة، بالنظر إلى الأمر من الناحية الموضوعية، يحتاج الناس إلى شركاء؛ ومن جهة أخرى، بالنظر إلى الأمر من الناحية الذاتية، بما أن الزواج معيَّن من الله، يجب أن يكون الزوج والزوجة كشخص واحد، شخص واحد لا يمكن تقسيمه. هذه حقيقة ذاتية وموضوعية على حد سواء. لذا، على كل شخص أن يترك أسرة مولده، ويتزوج، ويؤسس أسرة مع نصفه الآخر. هذا أمر لا مفر منه. لماذا؟ لأنه أمر معيَّن من الله، وهو شيء رتبه الله منذ نشأة الإنسان. ماذا يقول هذا للناس؟ أيًا كان الشخص الذي تتخيل أنه نصفك الآخر، سواء كان هو الشخص الذي تحتاج إليه وترجوه ذاتيًا أم لا، وبغض النظر عن خلفيته، فإن الشخص الذي ستتزوجه، والذي ستؤسس معه أسرة وتمضي معه هذه الحياة، هو بالتأكيد الشخص الذي عينه الله لك ورتبه لك بالفعل. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). ما السبب في ذلك؟ (تعيين الله). السبب هو تعيين الله. إذا نظرنا إلى الأمر في سياق الحيوات السابقة، أو من منظور الله، فالزوج والزوجة اللذان يدخلان في زواج هما في الواقع واحد، لذلك يرتِّب الله لك أن تتزوج وتقضي حياتك مع الشخص الذي تكون معه واحدًا. بعبارة صريحة، هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور. بغض النظر عمَّا إذا كان الشخص الذي تتزوجه هو حبيب أحلامك، سواء كان هو فارس أحلامك، سواء كان هو الشخص الذي كنت تتوقعه، سواء كنت تحبه أو كان هو يحبك، سواء كنتما متزوجين بشكل طبيعي جدًا بالحظ والصدفة أو في ظروف أخرى، فإن زواجكما معيَّن من الله. أنتما الشريكان اللذان عينهما الله أحدكما للآخر، والشخصان اللذان عيَّن الله أن يرافق أحدهما الآخر، واللذان عيَّن الله أن يقضيا هذه الحياة معًا ويسيرا معًا إلى النهاية وأيديهما متشابكة. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). هل تعتقدون أن هذا الفهم فيه تكلف أو تحريف؟ (لا). ليس فيه تكلف ولا تحريف. يقول بعض الناس: "قد تكون مخطئًا في هذا القول. إذا كانت هذه الزيجات معيَّنة من الله حقًا، فلماذا تنتهي بعض الزيجات بالطلاق"؟ هذا لأن هؤلاء الناس لديهم مشكلات في إنسانيتهم، وهذه مسألة منفصلة. هذا يتعلق بموضوع السعي إلى الحق، الذي سنقدم حوله شركة لاحقًا. أما الآن ونحن نتكلم عن التعريف الدقيق للزواج وفهمه ومفهومه، فالحقيقة أن هذا هو الحال. يقول بعض الناس: "بما إنك تقول إن الزوج والزوجة واحد، أليس الأمر كما يقول غير المؤمنين: "فإن كان مقدرًا فهو مقدر، وإن لم يكن مقدرًا فهو غير مقدر"، وكما يقول الناس من بعض البلدان(ب): "يستغرق الأمر مائة سنة من تنمية الذات ليكسب المرء فرصة مشاركة شخص ما في رحلة في مركب، وألف سنة من تنمية حتى يشارك أحدهم فراش الزوجية"؟" هل تعتقدون أن للزواج، كما نتحدث عنه الآن، علاقة بهذه الأقوال؟ (لا). ليس ثمة علاقة. الزواج لا يظهر في حيز الوجود بأن يُنمَّى، بل هو معيَّن من الله. عندما يعيّن الله لشخصين أن يصبحا زوجًا وزوجة، ويصبح كل منهما شريكًا للآخر، لا يحتاجان إلى أن ينميا نفسيهما. ماذا سينميان؟ النسيج الأخلاقي؟ الإنسانية؟ ليس عليهما أن ينميا نفسيهما. هذا كلام من البوذية، وهي ليست الحق، ولا علاقة لها بالحق. الزواج البشري مرتَّب ومعيَّن من الله. سواء من حيث الشكل أو المعنى، من حيث التعريف أو المفهوم، يجب أن يُفهم الزواج بهذه الطريقة. من خلال الكلمات المسجَّلة في الكتاب المقدس، ومن خلال هذه الشركة، هل لديكم للزواج تعريف ومفهوم دقيقين ومطابقين للحق؟ (نعم). هذا المفهوم، هذا التعريف، ليس محرَّفًا؛ إنه ليس منظورًا يُرى من خلال نظارات ملونة، فضلًا عن أنه لا يُفهم ويُعرَّف بالعاطفة البشرية، بل له أساس؛ فهو يستند إلى كلام الله وأفعاله، ويستند إلى ترتيباته وتعيينه. الآن وقد وصلنا إلى هذه النقطة، هل يدرك الجميع الفهم والتعريف الأساسي للزواج؟ (نعم). الآن بعد أن فهمتموه، لن تعودوا تحملون أي تخيلات غير موضوعية عن الزواج، أو ستقل شكواكم من الزواج، أليس كذلك؟ قد يقول البعض: "الزواج معيّن من الله – لا يوجد شيء للحديث عنه – لكن الزيجات تنهار. ما سبب كل هذا؟" توجد أسباب كثيرة لذلك. إن البشر الفاسدين لديهم شخصيات فاسدة، ولا يستطيعون أن يروا حقيقة جوهر الأمور، ويسعون إلى إرضاء شهواتهم وتفضيلاتهم، إلى درجة الدعوة إلى الشر، لذلك تنهار زيجاتهم. هذا موضوع منفصل لن نقول عنه المزيد.

دعونا نتحدث عن مساعدة أحدنا الآخر ومرافقة أحدنا الآخر في الزواج. قَالَ الله: "لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ". يعلم المتزوجون أن الزواج يجلب للأسرة ولحياة الإنسان فوائد كثيرة لم يكونوا يتخيلونها؛ إذ يكون الناس في البداية وحيدين جدًا ومنزوين عندما يعيشون بمفردهم، دون مَن يُسِرُّون إليه، ولا من يتحدثون إليه، ولا من يؤنس وحدتهم، فتكون الحياة جافة للغاية وتتسم بقلة الحيلة. وبمجرد أن يتزوجوا، لا يعود يتعين عليهم أن يعانوا من هذه الوحدة والعزلة، فلديهم من يسِرُّون إليه. أحيانًا يبوح الواحد منهم إلى شريكه بمآسيه، وأحيانًا يتشاركان عواطفهما وأفراحهما، أو حتى ينفِّسان عن غضبهما. في بعض الأحيان، يسكبان ما في قلبيهما أحدهما للآخر، وتبدو الحياة مبهجة وسعيدة. إن الواحد منهما كاتم أسرار الآخر، وكل منهما يؤمن بالآخر، لذا، فإضافةً إلى أنهما لم يعودا وحيدين، يختبران الكثير من المباهج ويستمتعان بسعادة وجود شريك. وبخلاف مختلف الحالات المزاجية والمشاعر والأحاسيس والأفكار التي يحتاج الناس إلى التعبير عنها، فإنه يتعين عليهم أن يواجهوا العديد من المشكلات العملية في حياتهم اليومية، في عملية المعيشة، مشكلات مثل الضروريات اليومية والملبس والمأكل والمسكن. على سبيل المثال، هب أنَّ شخصين يريدان العيش معًا، ويحتاجان إلى بناء مخزن صغير. على الرجل أن يكون بنَّاءً، يضع الطوب لبناء الجدار، ويمكن للمرأة أن تساعده في ذلك، فتناوله الطوب وتخلط الملاط، أو تمسح عرقه وتعطيه الماء. يتحدثان ويضحكان معًا، ويكون لديه مساعد، وهو أمر جيد. وينتهي العمل قبل حتى أن يحل الظلام. الأمر مثل ما تصفه الأوبرا الصينية القديمة "الزوجان الجنيان": "أنا أسحب الماء وأنت تروي الحديقة". ماذا أيضًا؟ ("أنت تحرث الحقول وأنا أنسج القماش"). هذا صحيح. أحدهما ينسج القماش بينما الآخر يحرث الحقل؛ أحدهما سيدة في الداخل، والآخر سيد في الخارج. العيش بهذه الطريقة جيد جدًا. يمكن للمرء أن يطلق عليه التكامل المتناغم، أو التعايش في وئام. وبهذه الطريقة، في الحياة، تظهر مهارات الذكر، والمجالات التي لديه نقص فيها أو التي لا يتقنها، تعوضها الأنثى؛ وحيثما تكون الأنثى ضعيفة، يسامحها الذكر ويساعدها ويعينها، وتظهر نقاط قوتها أيضًا، مما يفيد الذكر في الأسرة. يقوم كل من الزوج والزوجة بواجبه، ويتعلم كل منهما من نقاط قوة الآخر لتعويض نقاط ضعفه، ويعملان معًا للحفاظ على انسجام الأسرة وحياة الأسرة كلها وبقائها. وبالطبع، الأهم من الرفقة أنَّ كلًا منهما يدعم الآخر ويساعده في الحياة، ويمضيان الأيام بشكل جيد، سواء في الفقر أو الغنى. باختصار، كما قال الله، ليس جيدًا أن يكون الإنسان وحده، لذلك رتب الله الزواج نيابةً عن الإنسان؛ أن يقطع الرجل الحطب ويعتني بالفناء، وأن تطهو المرأة وتنظف وترتق وتخدم الأسرة كلها. يقوم كل منهما بعمله بشكل جيد، ويقوم كل منهما بما يتعين عليه القيام به في الحياة، وتمر أيامهما بسعادة. لقد تطورت حياة البشر تدريجيًا نحو الخارج بشكل عام من هذه النقطة المفردة، وانتشر البشر وتكاثروا حتى يومنا هذا. لذا فالزواج أمر لا غنى عنه للبشرية ككل؛ لا غنى عنه لتطورهم، ولا غنى عنه لهم كأفراد. ليس المعنى الحقيقي للزواج هو أنه لتكاثر الجنس البشري فحسب، لكن الأهم من ذلك هو أنَّ الله يرتب لكل رجل وامرأة شريكًا يرافقهم في كل أوقات حياتهم، سواء كانت صعبة ومؤلمة، أو سهلة ومفرحة وسعيدة؛ في أثناء ذلك كله يكون لهم من يُسِرُّون إليه، ويتوحد معهم قلبًا وعقلًا، ويشاركهم في أحزانهم وآلامهم وسعادتهم وفرحهم. هذا هو المعنى الكامن وراء ترتيب الله الزواج للناس، وهو الحاجة الذاتية لكل شخص على حدة. عندما خلق الله البشر لم يشأ أن يكونوا وحيدين، لذلك رتَّب لهم الزواج. يضطلع كل من الرجل والمرأة في الزواج بأدوار مختلفة، وأهم شيء هو أن يرافق كل منهما الآخر ويدعمه، وأن يعيشا كل يوم بشكل جيد، ويسيران بشكل جيد في طريق الحياة. فمن ناحية، يمكنهما أن يرافق كل منهما الآخر، ومن ناحية أخرى، يمكنهما أن يدعم كل منهما الآخر؛ هذا هو معنى الزواج والضرورة من وجوده. وبالطبع، هذا هو أيضًا الفهم والموقف الذي يجب أن يكون لدى الناس تجاه الزواج، وهذه هي المسؤولية والالتزام اللذين يجب أن يقوما بهما تجاه الزواج.

دعونا نعود وننظر إلى تكوين 3: 16. قال الله للمرأة "تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِٱلْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلَادًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ". هذا هو التكليف الذي أعطاه الله للإناث، وهو بالطبع أمر أيضًا، حيث يعيِّن فيه الله الدور الذي ستلعبه المرأة في الزواج والمسؤوليات التي ستتحملها. على المرأة أن تلد، وكان ذلك من ناحية عقابًا لها على إثمها السابق، ومن ناحية أخرى كان ذلك هو المسؤولية والالتزام الذي كان من المفترض أن تقبله في الزواج بوصفها امرأة. فهي ستحمل وتلد، وعلاوةً على ذلك، ستلد أطفالًا وهي في حزن. وبالتالي، لا ينبغي للمرأة بعد الزواج أن ترفض الإنجاب خوفًا من المعاناة. هذا خطأ. إن إنجاب الأطفال مسؤولية عليكِ تحملها. لذا، إذا أردتِ أن يكون لكِ من يرافقك، ويعينك في الحياة، فعليكِ أن تأخذي بعين الاعتبار أول مسؤولية والتزام تتحملينهما عند الزواج. إذا كانت هناك امرأة تقول: "أنا لا أريد أن أنجب أطفالًا"، فسيقول الرجل: "أنتِ لا تريدين الإنجاب، إذن أنا لا أريدك". إذا كنتِ لا تريدين المعاناة من ألم الولادة، فلا ينبغي لك أن تتزوجي. لا ينبغي لك الدخول في الزواج، فأنت لست أهلًا له. عندما تتزوجين، أول شيء يجب أن تفعليه كامرأة هو أن تنجبي أطفالًا، وعلاوة على ذلك، أن تعاني. إذا كنت لا تستطيعين القيام بذلك، فلا ينبغي لكِ الدخول في الزواج. على الرغم من أنه لا يمكن القول بأنك لا تستحقين أن تكوني امرأة، فعلى أقل تقدير، قد فشلتِ في تتميم مسؤوليتك بوصفك امرأة. إن أول مطلب من المرأة هو الحمل والإنجاب. والمطلب الثاني هو "إِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ". كونك النصف الآخر للرجل، بصفتك امرأة، يثبت الزواج من رجل أنك نصفه الآخر، وبالتالي، بالحديث بشكل عقائدي إلى حد ما، أنت جزء منه، لذا يجب أن يكون اشتياق قلبك إليه، أي يجب أن يكون في قلبك. فقط عندما يكون في قلبك يمكنك أن تهتمي به وترافقيه بسرور. عندئذ فقط، حتى عندما يكون زوجك مريضًا، أو عندما يواجه صعوبات ونكسات أو عندما يواجه فشلًا أو تعثرًا أو ضيقًا سواء بين الآخرين أو في حياته، يمكنك أن تقومي بمسؤولياتك والتزاماتك كامرأة، فتعتني به وتعتزين به وتتولين رعايته وتساعديه على التفكير بعقلانية وتواسيه وتنصحيه وتشجعيه بطريقة أنثوية. هذه هي الرفقة الحقيقية، الرفقة الأفضل. وبهذه الطريقة وحدها سيكون زواجك سعيدًا، وعندها فقط ستتمكنين من تتميم مسؤوليتك بوصفك امرأة. بالطبع، لم يأتمنك والداك على هذه المسؤولية، بل الله قد ائتمنك عليها. هذه هي المسؤولية وهذا هو الالتزام اللذان يجب أن تتمهما المرأة. هكذا يجب أن تكوني بوصفك امرأة. هكذا يجب أن تعاملي زوجك وتعتني به؛ هذه مسؤوليتك والتزامك. إذا لم تستطع امرأة ما القيام بذلك، فهي ليست امرأة صالحة، وبالطبع ليست امرأة مقبولة، لأنها – على أقل تقدير – فشلت في القيام بمطلب الله من المرأة: "إِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ". هل تفهمين؟ (نعم). بصفتك النصف الآخر للرجل، فأنتِ قادرة على عشق زوجك ورعايته عندما تسير الأمور بسلاسة وعندما يكون لديه المال والسلطة، وعندما يكون مطيعًا ويعتني بكِ جيدًا، وعندما يجعلك سعيدة وراضية في كل شيء. ولكن عندما يواجه صعوبات أو مرضًا أو إحباطات أو فشلًا أو تثبيطًا أو خيبات أمل، عندما لا تسير الأمور كما يريد لها، عندها تكونين غير قادرة على تتميم المسؤوليات والالتزامات الواجبة على المرأة، غير قادرة على مواساته قلبًا لقلب، أو مساعدته على التفكير بعقلانية، أو تشجيعه أو دعمه. في هذه الحالة، لستِ امرأة صالحة، لأنكِ لم تتممي مسؤولية المرأة، ولستِ شريكة جيدة للرجل. فهل يمكن للمرء أن يقول إن مثل هذه المرأة امرأة سيئة؟ إن كلمة "سيئة" غير مطروحة، ولكن على أقل تقدير، أنتِ لا تملكين الضمير والعقل اللذين يتطلبهما الله، واللذين يجب أن يتحلى بهما شخص يتمتع بإنسانية طبيعية؛ أنتِ امرأة بلا إنسانية. أليس كذلك؟ (هو كذلك). لقد انتهينا من الحديث عن المتطلبات المفروضة على المرأة. لقد ذكر الله مسؤولية المرأة تجاه زوجها وهي: "إِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ. كلمة "الاشتياق" هذه لا تعني الحب أو المودة؛ بل تعني أنه يجب أن يكون في قلبك. يجب أن يكون عزيزًا عليك؛ يجب أن تعامليه على أنه حبيبك، نصفك الآخر. إنه الشخص الذي يجب أن تعتزي به وترافقيه وتعتني به، الشخص الذي يجب أن تعتني به ويعتني بك حتى نهاية حياتكما. يجب أن تعتني به وتقدريه من كل قلبك. هذه هي مسؤوليتك؛ هذا ما يُشار إليه بـ "الاشتياق". بالطبع، عندما يقول الله هنا "إِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ"، فإن عبارة "يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ" هذه هي تعليم مُعطى للناس. بصفتك امرأة ذات إنسانية، وامرأة مقبولة، يجب أن يكون اشتياقك إلى رجلك. وعلاوة على ذلك، لم يقل الله لكِ أن يكون اشتياقك إلى زوجك وإلى رجال آخرين. لم يقل الله هذا، أليس كذلك؟ (بلى، لم يقل هذا). يطلب الله من المرأة أن تكون مخلصة لزوجها، وأن يكون الشخص الوحيد في قلبها، والشخص الوحيد الذي يكون له اشتياقها هو زوجها. إنه لا يريدها أن تكون قابلة للتغيُّر فيمن تتوجه نحوه بمودتها، أو أن تكون فاسقة، أو غير مخلصة لزوجها، أو أن يكون اشتياقها لشخص آخر غير زوجها، بل يريدها أن يكون اشتياقها للشخص الذي تزوجته وتقضي معه بقية حياتها. هذا الرجل هو الشخص الذي يجب أن يتوجه إليه اشتياقك الحقيقي، وهو الشخص الذي يجب أن تقضي العمر كله في بذل جهد مضنٍ في العناية به والاعتزاز به ورعايته ومرافقته ومساعدته ودعمه. هل تفهمين؟ (نعم). أليس هذا شيء جيد؟ (إنه كذلك). هذا النوع من الأشياء الجميلة موجود بين الطيور والدواجن، وبين بقية المملكة الحيوانية، لكنه يكاد يكون معدومًا بين البشر؛ يمكنك أن ترى مدى عمق إفساد الشيطان للبشرية! لقد قدمنا شركة واضحة حول الالتزامات الأساسية للغاية التي يجب على المرأة أن تتممها في الزواج، وكذلك المبادئ التي يجب أن تعامل زوجها وفقًا لها. إضافةً إلى ذلك، ثمة شيء آخر هنا، وهو أن الزواج كما عيَّنه الله ورتبه هو زواج من زوجة واحدة. أين نجد أساسًا لذلك في الكتاب المقدس؟ انتزع الله ضلعًا واحدًا من جسد الرجل ليخلق امرأة؛ لم ينتزع ضلعين أو أكثر من الرجل، ليخلق عدة نساء، بل خلق امرأة واحدة فقط. أي إن الله خلق المرأة الوحيدة للرجل الوحيد الذي خلقه. هذا يعني أنه لم يكن هناك سوى شريكة واحدة للرجل. لم يكن للرجل إلا نصفه الآخر، ولم يكن للمرأة إلا نصفها الآخر، علاوةً على ذلك، في الوقت نفسه حذر الله المرأة قائلاً: "إِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ". من هو رجلك؟ إنه الشخص الذي تدخلين في الزواج معه، وليس أي شخص آخر. ليس هو حبيبك السري، ولا هو الشخص المشهور الذي تعشقينه، ولا هو أمير أحلامك. إنه زوجك، وليس لديك سوى زوج واحد. هذا هو الزواج الذي عيّنه الله: الزواج من شخص واحد. هل هو مجسّد في كلام الله؟ (نعم). قَالَ الله: "لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ". لم يقل الله إنه جعل له القليل أو الكثير من المعين النظير، فهذا لم يكن ضروريًا. كانت تكفي واحدة. لم يقل الله أيضًا أن تتزوج المرأة عدة أزواج، أو أن يتخذ الرجل عدة زوجات. إن الله لم يجعل للرجل عدة زوجات، ولم يأخذ ضلعًا من عدة رجال ليجعل منه عدة نساء، فزوجة الرجل لا تكون إلا المرأة التي خُلقت من ضلعه. أليست هذه حقيقة؟ (هي كذلك). إذن في التطور المتأخر للبشرية نشأ تعدد الزوجات، وكذلك تعدد الأزواج. مثل هذه الزيجات غير طبيعية، وليست زواجًا على الإطلاق. هذا كله زنا. لا يُستثنى من ذلك سوى بعض الظروف الفريدة، مثل أن يموت الرجل فتتزوج امرأته من جديد. وهذا أمرٌ عيّنه الله ورتَّبه، وهو مباحٌ. باختصار، لطالما حافظ الزواج على أحادية الشريك. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). انظروا إلى العالم الطبيعي. الإوز البري أحادي الشريك. إذا قتل الإنسان إحدى الإوزات، فإن الإوزة الأخرى لن "تتزوج مرة أخرى"؛ ستصبح إوزة وحيدة. يُقال إنه عندما تطير أسراب الإوز، فإن الإوزة التي في المقدمة عادة ما تكون إوزة وحيدة. الأمور صعبة على الإوزة الوحيدة، فعليها أن تقوم بالأشياء التي لا تريد إوزات سربها الأخرى أن تقوم بها. فعندما تأكل الإوزات الأخرى أو تستريح، عليها أن تكون مسؤولة عن الحفاظ على سلامة بقية السرب. لا يمكنها أن تنام ولا أن تأكل؛ عليها أن تنتبه إلى سلامة محيطها لحماية السرب. هناك أشياء كثيرة لا يمكنها القيام بها. لا يمكنها إلا أن تكون وحيدة، ولا يمكنها أن تتخذ حبيبًا آخر. لا يمكنها اتخاذ رفيق آخر ما دامت حية. تحافظ الإوزات البرية دائمًا على القواعد التي عينها لها الله، ولا تتغير أبدًا، حتى في الوقت الحاضر، لكن البشر انقلب حالهم. لماذا انقلب حال البشر؟ لأن البشر هم الذين أفسدهم الشيطان، ولأنهم يعيشون في الشر والانحلال، لا يستطيعون البقاء في علاقة زوجية أحادية، ولا يستطيعون الحفاظ على أدوارهم الزوجية أو القيام بالمسؤوليات والالتزامات التي يجب عليهم القيام بها. أليس هذا صحيحًا؟ (إنه كذلك).

دعونا نواصل القراءة. قال الله: "إِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ". ماذا تعني كلمة "يسود"؟ أن يحكم بعصا، وأن يجعل المرأة عبدة، هل هذا هو المعنى؟ (لا). ما هو المعنى إذن؟ (أن يرعاها ويكون مسؤولًا عنها). فكرة "المسؤولية" هذه أقرب قليلًا. هذه السيادة مرتبطة بمسألة تحريض المرأة للرجل على الخطيئة. لأن المرأة خالفت كلام الله أولاً وأغوتها الحية، ثم قادت الرجل لأن تغريه الحية كما أغرتها، ليخون الله، كان الله غاضبًا منها قليلًا، ولذلك تطلب منها أن تمتنع عن أخذ زمام المبادرة، وأن تستشير الرجل في كل ما تفعله، وسيكون الأفضل لها أن تترك الرجل يكون هو السيد. وَهَلْ تُعْطَى الْمَرْأَةُ الفرصة لأَنْ تَكُونَ لها السيادةَ؟ يمكن أن تُعطى لها الفرصة. يمكن للمرأة أن تستشير رجلها، ويمكن أن تكون لها السيادة، ولكن الأفضل لها ألا تتخذ القرارات بمفردها؛ عليها أن تستشير زوجها، رجلها. من الأفضل لها أن تستشير رجلها في الأمور الكبيرة. بصفتك امرأة، ليس عليك أن ترافقي زوجك فحسب، بل عليك أيضًا أن تساعدي زوجك في التعامل مع الواجبات المنزلية. والأهم من ذلك هو أن الدور الذي يجب أن يقوم به زوجك في الأسرة وفي زواجك هو دور السيد، لذا يجب أن تستشيري زوجك في كل ما تفعلينه. بسبب الاختلافات بين الجنسين ليس للمرأة أفضلية على الرجل في أفكارها أو في صبرها أو في وجهات نظرها أو في أي نوع من الأمور الخارجية، بل على العكس من ذلك، للرجل الأفضلية على المرأة. لذا، وبناءً على هذا الاختلاف بين الجنسين، فقد أعطى الله للرجل سلطة فريدة، فالرجل في الأسرة هو السيد، والمرأة مساعدة. المرأة تحتاج إلى مساعدة زوجها، أو مرافقة زوجها في إدارة الأمور الكبيرة والصغيرة. لكن عندما قال الله "هُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ"، لم يكن يقصد أن الذكور أعلى منزلة من الإناث، أو أن الذكور يجب أن يسيطروا على المجتمع بأكمله. ليس الأمر كذلك. عندما قال الله هذا، كان يتحدث فقط فيما يتعلق بالزواج؛ كان يتحدث فقط عن الأسر والأمور المنزلية التافهة التي يتولاها الرجال والنساء. عندما يتعلق الأمر بالأمور المنزلية التافهة، فإن الله لا يطلب من الرجل أن يتحكم في المرأة أو يقهرها في كل شيء، بل على الرجل أن ينهض بأعباء ومسؤوليات أسرته بنشاط، وفي الوقت نفسه عليه أن يهتم بالمرأة الضعيفة نسبيًا، وعليه أن يقدم الإرشاد الصحيح. وكما يمكن للمرء أن يرى من هذه النقطة، فقد كُلِّف الرجل ببعض المسؤوليات الفريدة. فعلى سبيل المثال، يجب على الرجل أن يأخذ زمام المبادرة في تحمل مسؤولية الأمور الكبرى المتعلقة بالصواب والخطأ، فلا ينبغي له أن يدفع بالمرأة في حفرة نار، ولا أن يسمح لها بأن تعاني من الإهانة الاجتماعية والاستقواء عليها وقهرها. على الرجل أن يأخذ زمام المبادرة في تحمل هذه المسؤولية. وليس معنى قول الله "يسود عليك" أنه يستطيع أن يسوق المرأة بالعصا، أو أن يتحكم بها، أو أن يجعلها عبدة يعاملها كما يشاء. بموجب شروط الزواج وإطاره، الذكر والأنثى متساويان أمام الله؛ كل ما في الأمر أن الرجل هو الزوج، وقد أعطاه الله هذا الحق والمسؤولية. هذه مجرد نوع من المسؤولية، لا سلطة فريدة، وهو ليس سببًا لمعاملة المرأة كشيء آخر غير إنسان. كلاكما متساويان. فالذكر والأنثى كلاهما خلقهما الله، كل ما في الأمر أن هناك مطلبًا فريدًا للذكر، وهو أنه من ناحية يجب أن يتحمل أعباء الأسرة ومسؤولياتها، ومن ناحية أخرى عندما تظهر الأمور الكبيرة، يجب على الرجل أن يتقدم بجرأة ويتحمل المسؤوليات والالتزامات التي يجب أن يتحملها في دوره كذكر – في دوره كزوج – لحماية المرأة، وأن يعمل جاهدًا لمنع امرأته من القيام بأشياء لا يتعين على المرأة القيام بها، أو بتعبير بسيط، أن يحميها من مواجهة الصعوبات، وأن يمنعها من المعاناة التي لا يجب أن تعاني منها المرأة. فعلى سبيل المثال، من أجل الارتقاء بمنصبهم، ومن أجل أن يعيشوا حياة رغيدة ويصبحوا أغنياء، ومن أجل الشهرة والربح والمكانة، ولكي يجعلوا الآخرين ينظرون إليهم نظرة تقدير واحترام، يهب بعض الرجال زوجاتهم لرؤسائهم كمحظيات أو عشيقات، فيدفعون بزوجاتهم للبغاء. وبعد أن يبيعوا زوجاتهم، وعندما تتحقق أهدافهم، يتوقفون عن تقدير زوجاتهم، ولا يعودوا يريدونهن. أي نوع من الرجال هذا؟ أليس لمثل هؤلاء الرجال وجود؟ (لهم وجود). أليس هذا الرجل إبليسي؟ (إنه كذلك). إن الهدف من التسيد على المرأة هو أن تتمم بمسؤولياتك وتحميها. هذا لأنّه من منظور النوع الفسيولوجي، للذكور ميزة على النساء في مختلف الأفكار ووجهات النظر والمستويات والبصيرة التي يمتلكونها تجاه الأشياء، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها. إذن، بما أن الله قد أعطى المرأة للرجل بقوله: "يسود عليك"، فالمسؤولية التي يجب أن يتممها الرجل هي أن يتحمل أعباء الأسرة، أو عندما تحدث أمور خطيرة، أن يحمي امرأته ويعتز بها ويتعاطف معها ويتفهمها؛ ألا يدفعها إلى الغواية، بل يتحمل المسؤوليات التي يجب أن يتحملها الزوج والرجل. وبهذه الطريقة، في الأسرة وفي إطار الزواج، ستتمم المسؤوليات والالتزامات التي يجب عليك أن تتممها، وستجعل امرأتك تشعر بأنك تستحق أن تؤتمن عليها، وأنك الشخص الذي ستقضي حياتها معه، وأنك جدير بالثقة، وأنك شخص يُعتمد عليه. عندما تعتمد امرأتك عليك، عندما تحتاج إليك – أنت زوجها – في اتخاذ قرار للتعامل مع بعض الأمور الخطيرة، لا يجب أن تكون نائمًا، أو سكران، أو تقامر، أو تتجول في الشوارع. هذا كله غير مقبول؛ هذا جبن. أنت لست رجلًا صالحًا؛ فأنت لم تتمم ما عليك من مسؤوليات. إذا كنت أنت كرجل تحتاج دائمًا إلى أن تتقدم امرأتك في كل أمر من الأمور الكبرى، وإذا كنت تدفعها – وهي التي لها دور أكثر حساسية من دور الرجل – باتجاه حفرة النار، وتدفعها إلى حيث الريح الشديدة والأمواج العاتية، وتدفعها إلى دوامة من الأمور المعقدة المتنوعة، فهذا ليس ما يجب لرجل صالح أن يفعله، وليست هذه هي الطريقة التي يجب أن يتصرف بها الزوج الصالح. لا تقتصر مسؤوليتك على أن تجعل امرأتك ترغب فيك، وترافقك وتساعدك على أن تحيا حياة جيدة؛ فليس هذا كل ما في الأمر، بل عليك أنت أيضاً مسؤولية يجب أن تتحملها. لقد تمَّمت مسؤولياتها تجاهك، فهل تمَّمت مسؤولياتك تجاهها؟ لا يكفي أن تقدم لها طعامًا طيبًا وملابس تدفئها لترتديها وأن تريح قلبها، بل الأهم من ذلك أنه – في مختلف الأمور الكبيرة والخلافات بشأن الصواب والخطأ – يجب أن تكون قادرًا على أن تساعدها بشكل دقيق وصحيح ومناسب على التعامل مع كل شيء وأن تبعد عنها الهموم، وأن تمكنها من تلقي منافع حقيقية منك، وأن تتأكد من أنك تتمم المسؤوليات التي يتعين عليك تتميمها كزوج. هذا هو مصدر سعادة المرأة في الزواج. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). مهما يكن كلامك معسولًا، أو مدى جاذبيتك بالنسبة لها، أو مقدار مرافقتك لها، إذا لم تستطع امرأتك أن تعتمد عليك أو تثق بك في الأمور الكبيرة، وإذا لم تتحمل المسؤوليات التي يجب عليك تحملها، وتسمح عوضًا عن ذلك للمرأة الرقيقة أن تتقدم وتتحمل الذل أو تتحمل أي ألم، فإن مثل هذه المرأة لن تتمكن من الشعور بالسعادة أو الفرح، ولن ترى فيك أي أمل. لذا فإن أي امرأة تزوجت مثل هذا الرجل ستشعر بأنها غير محظوظة في زواجها، وأن أيامها وحياتها المستقبلية بلا أمل وبلا نور، لأنها تزوجت رجلًا غير موثوق به، رجلاً لا يتمم مسؤولياته، جبانًا ولا يصلح لشيء، ورعديد؛ لن تشعر بالسعادة. لذا، على الرجال أن يضطلعوا بمسؤولياتهم. من ناحية، هذا مطلب من الإنسانية، ومن ناحية أخرى – وهو الأهم – عليهم أن يتقبلوا هذا من الله. هذه هي المسؤولية وهذا هو الالتزام اللذان أعطاهما الله لكل رجل في الزواج. لذا، أقول للمرأة: إذا كنتِ تريدين الزواج والعثور على نصفك الآخر، فعلى أقل تقدير، يجب أن تنظري أولًا إلى ما إذا كان هذا الرجل يُعتمد عليه أم لا. شكله وطوله وشهادته وما إذا كان ثريًا وما إذا كان يجني الكثير من المال – هذه كلها أشياء ثانوية. المهم هو معرفة ما إذا كان هذا الشخص يتمتع بالإنسانية وحس بالمسؤولية أم لا، وما إذا كان يتحمل المسؤولية بجدارة أم لا، وما إذا كان سيقع عندما تعتمدين عليه أم سيستطيع أن يرفعك، وما إذا كان يُعتمَد عليه أم لا. بعبارات دقيقة، هل يستطيع أن يتمم مسؤوليات الزوج كما قال الله أم لا، وما إذا كان هذا هو ذلك النوع من الأشخاص أم لا، وبغض النظر عن مسألة اتباعه لطريق الله، فعلى أقل تقدير، يجب أن يكون في نظر الله شخصًا يتمتع بإنسانية. عندما يعيش شخصان معًا، لا يهم ما إذا كانا غنيين أو فقيرين، أو ما هي جودة حياتهما، أو ما هو موجود في بيتهما، أو ما إذا كانا متوافقين في الطباع أم لا؛ على أقل تقدير، يجب على الرجل الذي تتزوجينه أن يتمم التزاماته ومسؤولياته تجاهك، وأن يكون لديه شعور بالمسؤولية نحوك، وأن تكوني في قلبه. سواء كان مغرمًا بكِ أو محبًا لكِ، على أقل تقدير، يجب أن تكوني في قلبه، ليتمم المسؤوليات والالتزامات التي يجب عليه تتميمها في إطار الزواج. عندها ستكون حياتك بهيجة، وأيامك سعيدة، ولن يكون طريقك في المستقبل ضبابيًا. إذا كان الرجل الذي تتزوجه المرأة لا يُعتمد عليه دائمًا، ويهرب ويختبئ لحظة حدوث أي شيء، ويتفاخر ويتباهى عندما لا تكون ثمة مشكلة، وكأنه يتمتع بمهارة كبيرة وبرجولة وفحولة، لكنه يتحول إلى شخص رخو عندما يحدث أي شيء، فهل تعتقد أن هذه المرأة ستنزعج؟ (نعم). هل ستكون سعيدة؟ (لا). المرأة اللائقة الصالحة ستفكر: "أنا دائمًا أعتني به وأعتز به، أنا على استعداد لمعاناة أي شيء، وأن أتمم مسؤولياتي كزوجة، لكنني لا أستطيع أن أرى مستقبلًا مع هذا الرجل". أليس مثل هذا الزواج مؤلمًا؟ أليس هذا الألم الذي تشعر به المرأة يتعلق بالرجل، نصفها الآخر؟ (بلى). هل هذه مسؤولية الرجل؟ (نعم). على الرجل أن يتأمل في نفسه. لا يمكنه أن يشتكي دائمًا من أن المرأة متصيدة وأنها تحب الإلحاح والجدال بشأن الأمور التافهة. يجب على كلا الطرفين أن يتأملا على نحو متبادل فيما إذا كانا يتممان التزاماتهما ومسؤولياتهما أم لا، وما إذا كانا يتممانها وفقًا لكلام الله بعد سماعه. وإذا كانا لا يتممانها، فعليهما أن يعدلا من مسارهما سريعًا ويصححا نفسيهما بسرعة ويتداركا الموقف، فالوقت لم يفت بعد. هل هذه طريقة جيدة للسلوك؟ (نعم).

لنتابع القراءة الآن. هذا أمر آخر من الله لآدم، أول أسلاف البشر. قال الله: "لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ ٱمْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لَا تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ ٱلْأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِٱلتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ ٱلْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لِأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ" (تكوين 3: 17-19). هذه الفقرة هي بصفة أساسية أمر الله للرجال. وبغض النظر عن الظروف، بما أن الله قد أعطى أمرًا للرجال، فإن أمره هو الالتزامات والمهام التي يجب عليهم تتميمها في إطار الزواج وفي الأسرة. يطلب الله من الرجال الحفاظ على معيشة الأسرة بعد الزواج، أي إنَّ عليهم العمل بجد طوال حياتهم للحفاظ على معيشتهم، لذا يجب عليهم أن يكدحوا؛ وباستخدام اللغة الحديثة، عليهم أن يحصلوا على وظيفة ويعملوا لكسب المال، أو عليهم أن يزرعوا الحبوب في الأرض ويحصدوها للحفاظ على معيشة الأسرة. يحتاج الرجال إلى الكدح والعمل لإعالة الأسرة بأكملها، للحفاظ على معيشتها. هذا هو أمر الله للأزواج، للرجال؛ هذه مسؤوليتهم. لذا في إطار الزواج، لا يمكن للرجال أن يؤكدوا: "آه، صحتي سيئة!" أو "من الصعب العثور على عمل في مجتمع اليوم، أنا في غاية الإجهاد!" "لقد دللني والداي في أثناء نشأتي، لا يمكنني القيام بأي عمل!" إذا كنت لا تستطيع القيام بأي عمل على الإطلاق، فلماذا تزوجت؟ إذا كنت لا تستطيع إعالة أسرة، وليس لديك القدرة على العمل لتحمل على عاتقك معيشة أسرة كاملة، فلماذا تزوجت؟ هذا قول غير مسؤول. فمن ناحية، يطلب الله من الرجال أن يعملوا بجد، ومن ناحية أخرى، يطلب منهم أن يكدحوا من أجل الحصول على الطعام من الأرض. بالطبع، هو لا يصر هذه الأيام على أن تحصلوا على الطعام من الأرض، لكن العمل ضرورة. لهذا السبب فإن بنية الرجل سميكة وقوية جدًا، بينما بنية المرأة ضعيفة نسبيًا؛ فهما مختلفان. لقد خلق الله للرجل والمرأة بنيتين جسديتين مختلفتين. فالرجل بطبيعته يجب أن يكدح ويعمل للحفاظ على معيشة أسرته، لإعالة الأسرة؛ هذا هو دوره، فهو قوام الأسرة الرئيسي. أما المرأة فلا يأمرها الله بذلك. فهل يمكن للمرأة أن تحصد من حيث لم تزرع، وتنتظر أن تأكل الوجبات الجاهزة دون أن تفعل شيئًا؟ هذا أيضًا غير صحيح. على الرغم من أن الله لم يأمر المرأة بأن تدعم معيشة الأسرة، لا يمكنها أن تظل بلا أي عمل فحسب. لا تظنوا أنه بما أن الله لم يأمر المرأة بالعمل أنه يمكنها أن تتنحى جانبًا في هذا الأمر. ليس هذا هو الحال. يجب على المرأة أيضًا أن تتمم مسؤولياتها؛ يجب أن تساعد زوجها في الحفاظ على معيشة الأسرة. لا تحتاج المرأة إلى أن تكون شريكة فحسب، بل عليها في الوقت نفسه أن تساعد زوجها في تتميم مسؤولياته ومهمته في الأسرة. لا يمكنها أن تقف جانبًا متفرجة وساخرة من زوجها، ولا يمكنها أن تنتظر الطعام الجاهز. يجب أن يكون كلاهما في انسجام. وبهذه الطريقة، ستُتمَّم الالتزامات والمسؤوليات التي يجب على الرجال والنساء تتميمها، وستُتمم جيدًا.

دعونا نواصل القراءة. قال الله: "وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ ٱلْحَقْل". كما ترى، بالإضافة إلى الكدح والتعب الذي أعطاه الله للرجال، هناك أعباء إضافية أيضًا؛ لا يكفي أنك تكدح، بل الحقول أيضًا تنبت أعشابًا ضارة يجب أن تقتلعها. هذا يعني أنه إذا كنت مزارعًا، فلديك عمل إضافي للقيام به بخلاف الزراعة. يجب عليك أيضًا اقتلاع الأعشاب الضارة، ولا يمكنك الجلوس متكاسلًا؛ بل يجب أن تعمل بكد وتعب للحفاظ على مصدر رزق أسرتك، تمامًا كما قال الله: "بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا". ماذا تعني هذه العبارة؟ تعني أن ثمة حملًا إضافيًا أُعطي للرجال فوق كدحهم. إلى متى؟ "حَتَّى تَعُودَ إِلَى ٱلْأَرْضِ". إلى أن تلفظ أنفاسك الأخيرة، عندما تنتهي من رحلة الحياة؛ عندئذٍ لن تكون بحاجة إلى التصرف بهذه الطريقة، وستكون قد أتممت مسؤولياتك. هذه هي التعليمات التي أعطاها الله للرجال، وهي وصية الله لهم، وهي أيضًا مسؤولية وعبء ألقاهما على عاتقهم. وسواء رضيت أم لم ترض، فهذا قد قدَّره الله، ولا يمكنك الهروب منه. إذن، في كل المجتمع أو البشرية جمعاء، سواء نظر المرء إلى الأمر من وجهة نظر ذاتية أو موضوعية، فإن الرجال يعانون من ضغوط أكبر في بقائهم على الأرض مقارنةً بالنساء، وهو أمر لا مفر من القول بأنه نتيجة لما قدره الله ورتبه. وفي هذا الصدد، ينبغي على الرجال أن يتقبلوا الأمر من الله ويتحملوا ما يجب عليهم من مسؤوليات والتزامات؛ وعلى وجه الخصوص، لا ينبغي لأولئك الذين هم في إطار الزواج ممن لديهم أسر وزوجات أن يحاولوا الهروب أو رفض تحمل مسؤولياتهم بدعوى أن الحياة أصعب أو أمر أو أقسى مما يحتمل. إذا قلت: "لا أريد الاضطلاع بهذه المسؤولية، ولا أريد أن أكد وأتعب"، فيمكنك أن تختار الخروج من الزواج أو رفض الزواج. لذا، قبل أن تتزوج يجب عليك أولًا أن تفكر في الأمر مليًا، أن تفكر وتفهم بوضوح المسؤوليات التي يطلب الله من الرجل المتزوج أن يحملها على عاتقه، وما إذا كنت تستطيع القيام بها أم لا، وما إذا كنت تستطيع القيام بها على نحو جيد أم لا، وما إذا كنت تستطيع القيام بدورك بشكل سليم، وتنفيذ وصايا الله لك، وما إذا كنت تستطيع تحمل أعباء الأسرة التي سيمنحك الله إياها أم لا. إذا كنت تشعر بأنك تفتقر إلى الإيمان للقيام بكل هذا بشكل جيد، أو إذا كنت تفتقر إلى الاستعداد للقيام بذلك – إذا كنت لا ترغب في القيام بذلك – إذا كنت ترفض هذه المسؤولية وهذا الالتزام، وترفض تحمل العبء داخل الأسرة وفي إطار الزواج، فينبغي ألا تتزوج. بالنسبة إلى الذكور والإناث على حد سواء، ينطوي الزواج على مسؤوليات وأعباء؛ إنه ليس أمرًا تافهًا. وعلى الرغم من أن الزواج ليس مقدسًا، حسب فهمي، فإنه أمر جليل على أقل تقدير، وعلى الناس أن يصححوا مواقفهم تجاهه. إن الزواج ليس للعب بالشهوات الجسدية، ولا هو لإشباع الحاجات العاطفية اللحظية للمرء، ولا هو لإشباع فضول المرء. إنه مسؤولية والتزام؛ وبالطبع، هو بشكل أكبر تأكيد وتحقق مما إذا كان الرجل أو المرأة لديهما القدرة والإيمان على تحمل مسؤوليات الزواج أم لا. فإذا كنت لا تعرف ما إذا كنت تملك القدرة على تحمل مسؤوليات والتزامات الزواج أم لا، أو إذا كانت هذه الأعباء غير معروفة لك بتاتًا، أو إذا كنت لا تريد الزواج – أو حتى إذا كانت فكرة الزواج ذاتها تصيبك بالسقم – إذا كنت لا ترغب في تحمل مسؤوليات والتزامات الحياة الأسرية، سواء الأمور التافهة أو الكبيرة، وتريد أن تكون أعزب – "قال الله إنه ليس من الجيد أن تكون وحيدًا، ولكني أعتقد أن الوحدة لطيفة للغاية" – فيمكنك إذن رفض الزواج، أو حتى الخروج من زواجك إذا كنت متزوجًا بالفعل. يختلف هذا من فرد لآخر، ولكل شخص حرية الاختيار. لكن، أيًا كان ما تقول، إذا نظرت إلى ما هو مدون في الكتاب المقدس عن أقوال الله وترتيباته فيما يتعلق بأول زواج بين البشر، سترى أن الزواج ليس لعبة، ولا أمرًا تافهًا، وهو بالطبع ليس قبرًا مثلما يصفه الناس. الزواج مرتب ومُقدر من الله، فقد رتبه الله وقدره منذ بداية خلق الإنسان. لذا هل تلك الأقوال الدنيوية – "الزواج قبر"، "الزواج مدينة تحت الحصار"، "الزواج مأساة"، "الزواج كارثة"، وما إلى ذلك – صائبة؟ (كلا). ليست كذلك. ليس هذا سوى فهم البشرية الفاسدة للزواج بعد تشويهه، وإفساده، ووصمه بالعار. وبعد تشويه الزواج السليم، وإفساده، ووصمه بالعار، ينتقدونه أيضًا، ويتفوهون ببعض المغالطات غير اللائقة، مطلقين بعض الكلمات الشيطانية، ونتيجة لذلك يُضلل أيضًا أولئك الذين يؤمنون بالله، فتكون لديهم أيضًا آراء غير صحيحة وشاذة عن الزواج. هل ضُللتم وأُفسدتم أنتم أيضًا؟ (نعم). إذن من خلال شركتنا، بعد أن أصبح لديكم فهم دقيق وصحيح للزواج، عندما يسألكم أحدهم بعد ذلك: "هل تعرف ما هو الزواج؟" هل ستظل تقول: "الزواج قبر"؟ (كلا). هل هذا القول صحيح؟ (كلا). هل ينبغي أن تقول ذلك؟ (كلا). ولم لا؟ بما أن الزواج مُرتَّبٌ ومُقدر من الله، ينبغي على البشر أن يتعاملوا مع الزواج بشكل صحيح. إذا تصرف الناس بفظاظة وانغمسوا في شهواتهم، وعبثوا بمجون وجلبوا عواقب وخيمة، قائلين إن الزواج قبر، فلا يسعني إلا أن أقول إنهم يحفرون قبورهم بأنفسهم ويخلقون المشكلات لأنفسهم، ولا يمكنهم أن يشتكوا. الله لا علاقة له بهذا. أليس هذا هو الحال؟ إن القول بأن الزواج قبر هو تحريف الشيطان وإدانته للزواج ولأمر إيجابي. كلما زادت إيجابية أمر ما، زاد تشويه الشيطان والبشرية الفاسدة له وتحويله إلى شيء شرير. أليس هذا شرًا؟ إذا كان الإنسان يعيش في الخطية، وينخرط في العلاقات الماجنة ومثلثات الحب، لماذا لا يقول الناس ذلك؟ إذا كان الشخص يزني، لماذا لا يقول الناس ذلك؟ الزواج السليم ليس زنا ولا مجونًا، وليس إشباعًا للشهوات الجسدية ولا هو أمر تافه؛ وهو بالتأكيد ليس قبرًا. إنه شيء إيجابي. لقد قدَّر الله الزواج البشري ورتّبه، وائتمن إرساليات وأعطى أوامر بشأنه، وأكثر من ذلك أنه أعطى مسؤوليات والتزامات لكلا الطرفين في الزواج عن طريق الوصايا، وكذلك أقواله حول ماهية الزواج. لا يمكن أن يتكون الزواج إلا من رجل واحد وامرأة واحدة. في الكتاب المقدس، هل خلق الله رجلًا ثم خلق رجلًا آخر ثم زوّجهما؟ كلا، لا يوجد زواج مثليّ بين رجلين أو بين امرأتين. لا يوجد سوى زواج رجل واحد وامرأة واحدة. إن الزواج يتألف من رجل وامرأة، وهما ليسا شريكين فحسب، بل هما أيضًا مساعدان يرافقان أحدهما الآخر، ويعتني أحدهما بالآخر، ويضطلعان بمسؤولياتهما معًا، ويعيشان معًا حياة طيبة ويصاحب كل منهما الآخر بشكل لائق في دروب حياتهما، ويرافق كل منهما الآخر في كل فترة صعبة من فترات الحياة، وفي كل فترة مختلفة وفريدة من نوعها، وبالطبع، يتخطيان أيضًا الأوقات العادية. هذه هي المسؤولية التي يجب أن يأخذها طرفا الزواج على عاتقهما، وهي أيضًا ما يأتمنهما الله عليه. ما هي أمانة الله؟ إنها المبادئ التي يجب على الناس أن يحافظوا عليها ويمارسوها. لذا فإن الزواج شيء ذو مغزى لكلّ المتزوجين، إذ أن له تأثير تكميليّ على خبرتك الشخصية ومعرفتك، وكذلك نمو ونضج واكتمال إنسانيتك. وعلى العكس من ذلك، إذا لم تكن متزوجًا وكنت تعيش مع والديك فحسب، أو تعيش وحيدًا طوال حياتك، أو إذا كان زواجك غير طبيعي؛ زواج غير أخلاقي وغير مُقدر من الله، فإن ما ستختبره لن يكون هو خبرة الحياة، والمعرفة، واللقاءات، ولا النمو، والنضج، والكمال الإنساني، وهي الأشياء التي كنت ستفوز بها من زواج سليم. في الزواج، بالإضافة إلى أن الشخصين يختبران الصحبة والدعم المتبادل، فإنهما بالطبع يختبران أيضًا الخلافات، والنزاعات، والتناقضات التي تطرأ في الحياة. وفي الوقت نفسه، يختبران معًا آلام الإنجاب، ويختبران تعليم الأطفال وتربيتهم، وإعالة كبار السن، ومشاهدة الجيل التالي يكبر، ومشاهدة الجيل التالي يتزوج وينجب أطفالًا مثلهم، ويكرر المسار نفسه. بهذه الطريقة، تكون خبرة الناس أو معارفهم أو مواجهاتهم في حياتهم غنية ومتنوعة للغاية، أليس كذلك؟ (هو كذلك). لو كانت لديك مثل هذه الخبرة الحياتية قبل أن تؤمن بالله، وقبل أن تقبل عمل الله، وكلامه، ودينونته، وتوبيخه، وبالإضافة إلى ذلك، لو كان بإمكانك عبادة الله واتباع الله بعد أن آمنت به، لكانت حياتك أكثر وفرة من معظم الناس؛ ولكانت خبرتك وفهمك الشخصي أكبر قليلًا. بالطبع، كل هذا الذي أتحدث عنه يستند إلى فرضية أنه في إطار الزواج الذي قدَّره الله، يجب عليك القيام بمسؤولياتك والتزاماتك بجدية، مسؤوليات والتزامات الرجال والنساء، ومسؤوليات والتزامات الأزواج والزوجات. هذه أمور ينبغي القيام بها. وإذا لم تقم بمسؤولياتك والتزاماتك، سيكون زواجك فوضويًا وسيفشل، وفي النهاية سينهار زواجك. ستختبر زواجًا فاشلًا محطمًا، بالإضافة إلى المتاعب، والتعقيدات، والآلام، والاضطرابات التي سيجلبها الزواج لك. إذا لم يتمكن الطرفان اللذان يدخلان في الزواج معًا من أخذ زمام المبادرة والقيام بمسؤولياتهما والتزاماتهما شخصيًا، فسوف يتجادلان ويعارض أحدهما الآخر. ومع مرور الوقت، سيزداد جدالهما أكثر فأكثر، وستزداد معارضاتهما عمقًا، وستبدأ الشروخ في الظهور في زواجهما؛ وكلما طال أمد وجود الشروخ، لن يتمكنا من إصلاح المرآة المكسورة لزواجهما، وسيتجه هذا الزواج بالتأكيد نحو الانهيار، نحو الدمار؛ فمثل هذا الزواج فاشل بالتأكيد. من وجهة نظرك إذن، الزواج الذي قدَّره الله لا يتفق مع رغباتك، وتعتقد أنه غير مناسب. لماذا تفكر بهذه الطريقة؟ لأنك لا تفعل في إطار الزواج أي شيء وفقًا لمتطلبات الله ووصاياه؛ بل تسعى بأنانية إلى إرضاء متطلباتك الخاصة، وإرضاء رغباتك وتفضيلاتك، وإرضاء خيالك. أنت لا تكبح جماح نفسك ولا تتغير بالنيابة عن شريكك، ولا تتحمل أي ألم؛ وإنما تركز فقط على أعذارك الخاصة، ومكسبك، وتفضيلاتك، ولا تفكر أبدًا في شريك حياتك. ماذا سيحدث في النهاية؟ سينهار زواجك. مصدر هذا الانهيار هو شخصيات الناس الفاسدة. الناس أنانيون للغاية، لذا فحتى الزوج والزوجة، اللذان يجب أن يكونا واحدًا، لا يستطيعان العيش معًا في وئام، ولا يستطيعان التعاطف والتفاهم مع أحدهما الآخر، ومواساة وقبول أحدهما الآخر، أو التغير والتخلي عن الأشياء من أجل أحدهما الآخر. يمكنك أن ترى إلى أي مدى صارت البشرية فاسدة. لا يمكن للزواج أن يكبح جماح سلوك الناس، ولا يمكنه أن يجعل الناس يتخلوا عن رغباتهم الأنانية، لذا لا توجد مبادئ أخلاقية أو ممارسات صالحة تأتي من المجتمع يمكنها أن تجعل الناس أفضل، أو أن تحافظ على ضميرهم وعقلهم. لذلك، عندما يتعلق الأمر بالزواج، يجب على الناس أن يتعرفوا عليه من الطريقة التي قدَّر الله بها الزواج للإنسان للمرة الأولى. بالطبع، يجب عليهم أيضًا أن يفهموا هذا الأمر من الله. إن فهم كل هذا من الله هو أمر نقي، وعندما يكون الناس قادرين على فهم كل هذا، ستكون الزاوية ووجهة النظر التي يرون منها الزواج صحيحة. والسبب في حاجتهم إلى أن تكون زاويتهم ووجهة نظرهم في الزواج صحيحة ليس فقط ليعرفوا مفهوم الزواج وتعريفه الصحيحين، بل لكي يكون للناس طريقة ممارسة سليمة، وصحيحة، ودقيقة، ومناسبة، ومعقولة عندما يواجهون الزواج، فلا يضللهم الشيطان أو الأفكار المختلفة للاتجاهات الشريرة في العالم في طريقة تعاملهم مع الزواج. عندما تختارون الزواج على أساس كلام الله، فعلى النساء منكم أن يرين بوضوح ما إذا كان أزواجهن من النوع القادر على الوفاء بمسؤوليات الرجل والتزاماته حسبما قال الله، وما إذا كان يستحق أن تعهدي إليه بحياتك كلها أم لا. وعلى الرجال منكم أن يروا بوضوح ما إذا كانت المرأة من النوع القادر على أن تنحي مكسبها الخاص جانبًا من أجل الحياة الأسرية وزوجها أم لا، وأن تغيّر من عيوبها ونقائصها أم لا. يجب أن تفكروا في كل هذه الأمور وأكثر. لا تعتمد على خيالك أو على اهتماماتك أو هواياتك الوقتية الزائلة، وبالتأكيد لا تعتمد على أفكار الحب والرومانسية الخاطئة التي يغرسها الشيطان فيك لتختار الزواج اختيارًا أعمى. من خلال هذه الشركة، هل فهم الجميع بوضوح الأفكار ووجهات النظر والزوايا والمواقف التي يجب أن تكون لدى الناس تجاه الزواج، وكذلك الممارسة التي يجب أن يختاروها والمبادئ التي يجب أن يتمسكوا بها فيما يتعلق بالزواج؟ (نعم).

لم نتكلم اليوم بعد عن التخلي عن المساعي، والتطلعات، والرغبات في الزواج، بل أوضحنا فقط تعريف الزواج ومفهومه. ألم أتحدث بوضوح في هذا الموضوع؟ (بلى). لقد تحدثت بوضوح. هل لا يزال لديكم أي شكوى بشأن الزواج؟ (كلا). والشخص الذي كنت متزوجًا منه ذات وقت، الذي تركته، هل لديك أي عداوة له؟ (كلا). هل لا تزال أفهامكم وآراؤكم الشاذة والمتحيزة عن الزواج، أو حتى تخيلاتكم الطفولية التي لا تتماشى مع الحقائق، موجودة؟ (لا). يجب أن تكونوا أكثر واقعية الآن. لكن الزواج ليس مسألة بسيطة تتعلق بالضروريات اليومية. إنه يمسّ حياة الناس ذوي الإنسانية الطبيعية، ويمسّ مسؤوليات الناس والتزاماتهم، وعلاوة على ذلك هناك المعايير والمبادئ الأكثر عملية التي حذّر الله الناس منها، وطلبها منهم، وأعطاهم التعليمات باتباعها. هذه هي المسؤوليات والالتزامات التي يجب أن يتمها الناس، وهي المسؤوليات والالتزامات التي يجب أن يأخذوها على عاتقهم. هذا هو التعريف الواقعي الملموس للزواج وأهمية الوجود الملموس للزواج، الذي يجب أن يمتلكهما الأشخاص ذوو الإنسانية الطبيعية. حسنًا، إلى هنا ننتهي لهذا اليوم. إلى اللقاء!

7 يناير 2023

الحواشي:

(أ) لا يشتمل النص الأصلي على عبارة "إن ما يسمى بـ "الحب الرومانسي" عند الإنسان ما هو إلا مجرد جمع بين الحب والعشق".

(ب) لا يشتمل النص الأصلي على عبارة "كما يقول الناس من بعض البلدان".

السابق: كيفية السعي إلى الحق (8)

التالي: كيفية السعي إلى الحق (10)

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب