ماذا يعني السعي إلى الحق (7)

لقد قدمت مؤخرًا شركة حول جميع أنواع أقوال الثقافة التقليدية عن السلوك الأخلاقي، وقد أكثرت من تقديم شركة حول بعض الأقوال المحددة. والآن، هل لهذا الموضوع والمحتوى أي علاقة بالحق؟ (نعم). هل يعتقد أحد أن هذا الموضوع والمحتوى يبدو غير مرتبط بالحق؟ إذا كان ثمة من يعتقد ذلك، فمستوى قدراته ضعيف حقًا وهو يفتقر حتى إلى القدر الأدنى من التمييز. هل كانت شركتي حول هذا الموضوع سهلة الفهم؟ (نعم). لو لم أكن قد قدمت الشركة وشرّحتُ المسألة بهذه الطريقة، هل كنتُم لتظنوا بالخطأ أن هذه الأقوال عن السلوك الأخلاقي التي يعتبرها الناس إيجابية نسبيًا هي الحق وكنتم لتستمروا في التمسك بها؟ أولًا: أستطيع أن أجزم بأن أكثر الناس ينظرون إلى هذه الأقوال على أنها أشياء إيجابية، وعلى أنها أشياء تتفق مع الإنسانية ويجب الالتزام بها، وعلى أنها تتفق مع الضمير والعقل والمطالب والمفاهيم وغيرها من مثل هذه الأشياء التي تتعلق بالإنسانية. يمكن القول إنه قبل أن أقدم شركة حول هذا الموضوع، كان الجميع تقريبًا ينظرون إلى مختلف هذه الأقوال عن السلوك الأخلاقي على أنها إيجابية وتتفق مع الحق. وبعد سماع شركتي وتشريحي للأمر، هل أنتم الآن قادرون على التمييز بين هذه الأقوال عن السلوك الأخلاقي وبين الحق؟ هل تمتلكون هذا النوع من التمييز؟ سيقول البعض: "أنا غير قادر على التمييز بينهما، لكني على أي حال، أدركت الآن بعد سماع شركة الله أن هناك فرقًا بين هذه الأشياء وبين الحق. لا يمكن أن تحل هذه الأشياء محل الحق، ناهيك عن أن يمكن القول إنها إيجابية أو إنها الحق. سيكون من غير الوارد بالطبع اعتبارها متوافقة مع كلام الله ومطالبه أو مع معايير الحق؛ فلا صلة لها بكلام الله أو مطالب الله أو معايير الحق. بغض النظر عما إذا كان كل ما قيل يتوافق مع ضمير الإنسانية وعقلها، لم أعد أعبد هذه الأشياء في قلبي ولم أعد أعتبرها الحق". وهذا يدل على أن هذه الجوانب من الثقافة التقليدية لم تعد تؤدي دورًا إرشاديًا في قلوب الناس. عندما يسمع الناس هذه الأقوال عن السلوك الأخلاقي، فإنهم – لا شعوريًا – سيميزون بينها وبين الحق وسيعتبرونها في أقصى الأحوال أمرًا يستحسنه الناس في ضمائرهم. على الرغم من ذلك، فهم يعلمون أن هذه الأقوال لا تزال مختلفة عن الحق ولا يمكن إطلاقًا أن تحل محل الحق. حالما يستوعب الناس جوهر هذه الأقوال عن السلوك الأخلاقي، سيتوقفون عن اعتبارها الحق وعن الالتزام بها أو عبادتها أو طلبها على أنها الحق، وهذا هو الأثر الأساسي الذي يتحقق. والآن، ما الآثار الإيجابية لفهم هذا كله في سعي الناس إلى الحق؟ سيكون له تأثير إيجابي بالتأكيد، لكن سيعتمد حجم هذا التأثير على درجة فهمك للحق أو مقدار ما تعرفه من الحق. وبالنظر إلى هذه النقاط، فجلي أنه من الضروري جدًا تشريح هذه الجوانب من الثقافة التقليدية، والتي يتمسك بها الناس وتتوافق مع مفاهيمهم. على أقل تقدير، سيكون تأثير هذا التشريح هو مساعدة الناس على الوصول إلى استيعاب خالص للحق، والحيلولة دون أن تكون جهودهم غير مثمرة أو أن يسيروا في الطريق الخطأ في سعيهم إلى الحق. هذه تأثيرات يمكن تحقيقها.

في المرة الماضية عقدنا الشركة عن أربعة من الأقوال عن السلوك الأخلاقي وشرّحناها، وهي: "لا تحتفظ بالمال الذي تجده"؛ "استمد المتعة من مساعدة الآخرين"؛ "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين"؛ "قابل الشر بالخير". سنواصل اليوم من خلال تقديم شركة حول أقوال أخرى. لقد طرحت الثقافة الصينية التقليدية العديد من الادعاءات الصريحة حول السلوك الأخلاقي؛ وبغض النظر عن الحقبة أو الفترة التاريخية التي طُرحت فيها هذه الادعاءات في الأصل، فقد انتقلت جميعها إلى الوقت الحاضر وترسخت في قلوب الناس. ومع مرور الزمن وظهور أشياء جديدة تدريجيًا، اقترح الإنسان العديد من الادعاءات الجديدة والمختلفة حول السلوك الأخلاقي. هذه الادعاءات هي في الأساس مطالب تُفرض على شخصية الناس الأخلاقية وسلوكهم. هل لديكم جميعًا فهم واضح إلى حد ما للأقوال الأربعة حول السلوك الأخلاقي التي قدمنا حولها شركة في المرة السابقة؟ (نعم). والآن دعونا نكمل بتقديم شركة حول القول التالي: "سدد اللطف بكل امتنان". إنَّ فكرة وجوب تسديد اللطف بكل امتنان هي إحدى المعايير الكلاسيكية في الثقافة التقليدية الصينية للحكم على ما إذا كان سلوك الشخص أخلاقيًا أو غير أخلاقي. عند تقييم ما إذا كانت إنسانية الشخص جيدة أو رديئة ومدى أخلاقية سلوكه، فإن أحد المعايير هو ما إذا كان يرد ما يتلقاه من أشكال المعروف أو المساعدة، أي ما إذا كان شخصًا يسدد اللطف الذي يتلقاه بامتنان أم لا. في إطار الثقافة التقليدية الصينية، وفي إطار الثقافة التقليدية البشرية، يتعامل الناس مع هذا على أنه مقياس مهم للسلوك الأخلاقي. إذا كان ثمة شخص لا يفهم أنه ينبغي للمرء أن يسدد اللطف بكل امتنان، وكان جاحدًا، فهو يُعتبر خاليًا من الضمير وغير جدير بالاختلاط به، ويجب أن يُحتقر ويُزدَرى أو يُرفض من الجميع. ومن الناحية الأخرى، إذا فهم شخص ما أنه ينبغي للمرء أن يسدد اللطف بكل امتنان؛ أي إذا كان ممتنًا وردَّ ما حصل عليه من أشكال المعروف والمساعدة بكل الوسائل المتاحة لديه، فإنه يُعتبر شخصًا يتمتع بالضمير والإنسانية. إذا تلقى شخص ما منافع أو مساعدة من شخص آخر، لكنه لم يردها أو لم يعبِّر إلا عن القليل من الامتنان له بعبارة "أشكرك" البسيطة، فماذا سيكون رأي الشخص الآخر؟ أيمكن أن يتضايق؟ أيمكن أن يفكر: "ذلك الشخص لا يستحق المساعدة، فهو ليس شخصًا جيدًا. إذا كانت تلك هي الطريقة التي يستجيب بها عندما ساعدته كثيرًا، فإنه ليس لديه ضمير أو إنسانية، ولا يستحق الاختلاط به"؟ إذا صادف هذا النوع من الأشخاص مرَّة أخرى، فهل سيستمر في مساعدته؟ إنه لن يرغب في ذلك على الأقل. ألستم أنتم أيضًا، في ظروف مماثلة، ستتساءلون عما إذا كان عليكم حقًا المساعدة أم لا؟ الدرس الذي كنتم ستتعلَّمونه من اختباركم السابق هو: "لا يمكنني مساعدة أي شخص فحسب؛ يجب لهذا الشخص أن يفهم أنه ينبغي أن يسدد اللطف بكل امتنان. إذا كان من النوع الجاحد ولم يسدد لي المساعدة التي قدمتها له، فمن الأفضل ألا أساعده". ألن يكون ذلك أيضًا هو رأيكم في هذا الشأن؟ (بلى). بشكل عام، عندما يساعد الناس الآخرين، ما الذي يفكرون فيه تحديدًا بشأن فعل المساعدة الذي يقومون به؟ هل تكون لديهم توقعات أو مطالب معينة من الشخص الذي يساعدونه؟ هل يقول أي شخص: "أنا أساعدك دون توقع الحصول على تعويض. لا أرغب في الحصول على أي شيء منك. إن مساعدتي لك عندما تواجه صعوبات هي ما يجب أن أفعله فحسب، وهي واجبي. سواء كانت تربطنا صلة ما أو كنت قادرًا على رد الصنيع لي في المستقبل أم لا، فأنا فقط أقوم بواجبي الأساسي بوصفي شخصًا عاديًا ولن أطالب بأي تسديد. لا يهمني ما إذا كنت سترد لي الصنيع أم لا"؟ هل للأشخاص الذين يقولون مثل هذه الأشياء وجود؟ حتى لو كان لمثل هؤلاء الأشخاص وجود، فهم ليسوا سوى افتراءات، ولا يوافقون الحقائق. ثمة الكثير من الشخصيات البطولية المختلقة في الروايات التاريخية الصينية، والأبطال الذين اختلقهم بلد التنين العظيم الأحمر في المجتمع الحديث وهميون بدرجة أكبر. لقد كان هؤلاء الأشخاص موجودين، لكن القصص التي تدور حولهم مختلقة. بالنظر إلى الأمر بناءً على هذه الحقائق، هل اتضح لكم الآن أصل مقولة "سدد اللطف بكل امتنان"، وهذا المعيار للحكم على السلوك الأخلاقي للناس، ومصدره؟ ربما لا يزال هذا الأمر غير واضح تمامًا لبعض الناس؛ ففي هذا الجنس البشري الفاسد، لدى الناس جميعًا مثل أعلى من نوع ما وتوقع معين من المجتمع البشري. ما التوقع الذي لديهم؟ "إذا أعطى الجميع القليل من الحب، فسيصبح العالم مكانًا رائعًا". وإضافة إلى هذا التوقع، يأمل الناس أيضًا في أن يُكافؤواويُعوَّضوا عن قلوبهم المحِبة وعن الثمن الذي يدفعونه. من ناحية ما، يمكن أن يكون هذا التعويض بالمعنى المادي، مثل هدية من المال أو مكافأة مادية. ومن ناحية أخرى، من الممكن أن يكون تعويضًا بالمعنى الروحي؛ أي تحقيق الإشباع الروحي للناس بإعطائهم مكافأة لتعزيز سمعتهم التي تمنحهم لقبًا مثل "العامل المثالي" أو "القدوة الأخلاقية" أو "المثال الأخلاقي". في المجتمع البشري، كل شخص تقريبًا لديه هذا النوع من التوقعات من المجتمع والعالم؛ فجميعهم يأملون أن يكونوا أشخاصًا صالحين، وأن يسيروا على الطريق الصحيح، وأن يمدوا يد العون للمحتاجين، مما يسمح للناس بالحصول على مساعدتهم وأن يستمدوا منهم فوائد معينة. إنهم يأملون أن يتذكر أولئك الذين يتلقون مساعدتهم مَن قدمها لهم، والطرق التي استفادوا بها منها. وبالطبع، يأملون أيضًا أنه سيكون هناك مَن يمد لهم يد المساعدة عندما يكونون هم أنفسهم في حاجة إلى العون. فمن ناحية ما، عندما يحتاج شخص ما إلى المساعدة، فإنه يأمل أن يُظهر بعض الناس له قلوبًا محبة؛ ومن ناحية أخرى، يأمل أنه عندما يواجه أولئك الذين يظهرون قلوبًا محبة أوقاتًا عصيبة، فإنهم أيضًا سيحصلون على المساعدة التي يحتاجون إليها. لدى الناس هذا النوع من التوقع من المجتمع والعالم؛ هدفهم النهائي في واقع الأمر أن تلبث البشرية في مجتمع متآلف ومسالم ومستقر. كيف نشأ هذا التوقع؟ لقد نشأ هذا التوقع والادعاء المرتبط به(أ) بشكل طبيعي لأن الناس لا يشعرون بالأمان والسعادة في هذا النوع من الوسط الاجتماعي. وعلى هذا النحو، بدأ الناس في تقييم السلوك الأخلاقي للفرد ونبل شخصيته بناءً على ما إذا كان قد سدد للآخرين لطفهم أم لا، ونشأت من هذا الوضع مقولة "سدد اللطف بكل امتنان"، وهي معيار لتقييم السلوك الأخلاقي للناس. أليست الكيفية التي أتت بها هذه المقولة إلى الوجود غريبة إلى حد ما؟ (بلى). في العصر الحالي، لا يطلب الإنسان الحق ويقبله، وأصبح نافرًا من الحق. الناس في حالة فوضوية، وعلى الرغم من أنهم يعيشون وسط بعضهم بعضًا، فجميعهم لا يعرفون بوضوح ما المسؤوليات التي يجب أن يقوموا بها، والواجبات التي يجب أن يؤدوها، والمكانة التي يجب أن يتبوأوها ووجهة النظر التي يجب أن يتبنوها عند رؤية الناس والأشياء. إضافة إلى ذلك، فإن الناس لا يعرفون بوضوح المسؤوليات والواجبات التي تقع على عاتقهم تجاه المجتمع وهم غير متأكدين بشأن الموقف أو المنظور الذي يجب عليهم رؤية المجتمع والتعامل معه من خلاله. إنهم يفتقرون إلى تفسير وحكم دقيقين لكل ما يحدث في العالم ولا يستطيعون إيجاد الطريق الصحيح للممارسة ليملي عليهم كيفية التصرف والفعل. في مواجهة عالم مظلم ومخيف على نحو متزايد ومليء بالقتال والقتل الانتقامي والحروب وكل أشكال المعاملة الظالمة، يتوق الناس إلى مجيء المخلص وينتظرونه بلهفة. على الرغم من ذلك، ليس لديهم أي اهتمام بالحق ولا أحد يبحث بنشاط عن الله أو عمله. حتى لو سمعوا بالفعل أقوال الله، فإنهم لا يطلبونها، ناهيك عن أن يقبلوها. يعيش الناس جميعًا في هذه الحالة من العجز ويشعرون جميعًا أن المجتمع غير عادل بشكل لا يصدق، وحتى غير آمن. الجميع ضجرون تمامًا من هذا المجتمع وهذا العالم وممتلئون بالعداوة تجاههما، لكن على الرغم من امتلائهم بالعداوة، لا يزالون يأملون أن يتحسن المجتمع يومًا ما. كيف يبدو المجتمع المحسَّن بالنسبة إليهم؟ إنهم يتصورون مجتمعًا لا وجود فيه للقتال والقتل الانتقامي، حيث يتفاعل الجميع بتآلف، ولا يخضع فيه أحد للقمع والمعاناة أو أغلال الحياة، ويمكن للجميع أن يعيشوا حياة من الاسترخاء غير مقيدة ومريحة وسعيدة، ويتفاعلون بشكل طبيعي مع الآخرين، ويعاملونهم بإنصاف، وبالطبع يعاملهم الآخرون بإنصاف. ذلك لأنه لم يكن هناك إنصاف قط في هذا العالم وبين البشر. لا يوجد أبدًا سوى القتال والقتل الانتقامي، لكن لم يوجد قط تآلف بين الناس. كان هذا هو الحال دائمًا، أيًا كانت الحقبة التاريخية. في ظل هذا السياق المجتمعي الوحشي والظروف، ما من شخص واحد يعرف كيف يعالج هذه المشكلات، أو كيف يعالج ما يحدث بين الناس من قتال وعمليات قتل انتقامية، أو أي من المواقف الظالمة وغير العادلة التي تنشأ في المجتمع. إن حقيقة وجود هذه المشكلات تحديدًا وعدم معرفة الناس بكيفية علاجها، أو بوجهة النظر أو المنظور الذي يجب أن يتبنوه في التعامل مع هذه المشكلات، أو بالوسيلة التي يجب أن يستخدموها لحلها، هي التي تجعلهم يكوِّنون هذا النوع من الرؤية المثالية في أذهانهم. في هذه الرؤية المثالية، يستطيع الناس العيش معًا في انسجام، ويُعامَل الجميع بإنصاف من قبل المجتمع والناس من حولهم. يأمل الجميع أن "احترام الناس للآخرين سيقابل بعشرة أضعاف؛ إذا ساعدتني فسأرد صنيعك؛ وعندما تحتاج إلى المساعدة، سيكون هناك الكثير من الناس في المجتمع الذين يمكنهم مد يد العون والوفاء بمسؤولياتهم الاجتماعية؛ وعندما أحتاج إلى المساعدة، سيأتي من سبق وساعدتهم لمساعدتي. ينبغي أن يكون هذا مجتمعًا يساعد فيه الناس بعضهم بعضًا". يعتقد الناس أنه لا يمكن للإنسان أن يعيش بسعادة وتآلف وفي مجتمع مستقر ومسالم سوى بهذه الطريقة. ويعتقدون أنه لا يمكن القضاء على صراعات الناس ضد بعضهم بعضًا وعلاجها تمامًا سوى بهذه الطريقة. إنهم يعتقدون أنه بمجرد حل هذه المشكلات، سيتحقق ما يحملونه للمجتمع البشري في أعماق قلوبهم من التوقعات والمُثُل.

ثمة أغنية محبوبة في مجتمع غير المؤمنين تسمى "سيكون الغد أفضل". دائمًا ما يأمل الناس أن تتحسن الأمور في المستقبل – ولا عيب في ذلك – لكن في الواقع، هل ستكون الأمور أفضل غدًا فعلًا؟ لا، هذا مستحيل؛ فلا يمكن سوى أن تزداد الأمور سوءًا، لأن الإنسانية تصبح شريرة على نحو متزايد، ويصبح العالم مظلمًا على نحو متزايد. إنَّ عدد الناس الذين يسددون اللطف الذي يتلقونه بكل امتنان لا يتناقص بين البشر فحسب، إنما يزداد أيضًا عدد الجاحدين والذين يعضون اليد التي تطعمهم؛ بل إن هذا هو واقع الحال الآن. أليست هذه حقيقة؟ (بلى). كيف أصبحت الأمور على هذا النحو؟ لماذا لم يكن لمعيار السلوك الأخلاقي "سدد اللطف بكل امتنان"، الذي يروج له دعاة الأخلاق والمربون وعلماء الاجتماع، تأثيرًا مقيِّدًا على الناس؟ (لأن الناس لديهم شخصيات فاسدة). لأن الناس لديهم شخصيات فاسدة. لكن هل يعرف دعاة الأخلاق والمربون وعلماء الاجتماع هؤلاء ذلك؟ (كلا). إنهم لا يعلمون أن السبب الجذري لعمليات القتل الانتقامية والصراعات بين البشر لا يرجع إلى مشكلة في سلوكهم الأخلاقي، بل يرجع إلى شخصياتهم الفاسدة. ليس لدى البشر أي حس بالمعايير التي يجب أن يتصرفوا بحسبها؛ أي إنهم لا يعرفون كيف يتصرفون بشكل صحيح، ولا يعرفون ما هي بالضبط مبادئ التصرف ومساراته. إضافة إلى ذلك، فإنَّ جميع الناس لديهم شخصيات فاسدة وطبائع شيطانية، ويعيشون من أجل الربح، ويضعون مصالحهم الخاصة قبل أي شيء. ونتيجة لذلك، تصبح مشكلة القتل الانتقامي والصراعات بين البشر خطيرة على نحو متزايد. هل يمكن لهؤلاء البشر الفاسدين أن يلتزموا بمعايير السلوك الأخلاقي مثل "سدد اللطف بكل امتنان"؟ بما أن البشر فقدوا حتى أبسط درجات العقل والضمير، فكيف يمكنهم "تسديد اللطف الذي يتلقونه بكل امتنان"؟ دائمًا ما كان الله يرشد الناس، ويهيئ لهم كل ما يحتاجون إليه للبقاء على قيد الحياة، ويمدهم بنور الشمس والهواء والطعام والماء وما إلى ذلك، لكن كم عدد الشاكرين له من بينهم؟ كم من بينهم قادرون على إدراك محبة الله الحقيقية للبشر؟ يوجد كثير من المؤمنين الذين، على الرغم من تمتعهم بالكثير من نعمة الله، يستشيطون غضبًا ويوبخون الله ويتذمرون من ظلم السماء بمجرد ألا يرضي الله رغباتهم مرة أو مرتين. أليس هذا هو حال الناس؟ حتى لو كان هناك أفراد معينون قادرون على تسديد اللطف الذي يتلقونه من بعض الناس بامتنان، فما هي المشكلات التي سيعالجها هذا؟ لا شك أن الذين اقترحوا هذه المقولة عن السلوك الأخلاقي كانت نواياهم حسنة؛ لم يكن دافعهم سوى الأمل في أن يتمكن الناس من علاج عداوتهم، وتجنب النزاع، ومساعدة بعضهم بعضًا، والعيش في تآلف، وأن يكون لهم تأثير تقويمي بعضهم على بعض، وإظهار المودة بعضهم إلى بعض، والتكاتف معًا لمساعدة بعضهم بعضًا في أوقات الحاجة. كم سيكون مجتمعًا رائعًا لو استطاع البشر الدخول في مثل هذه الحالة، ولكن للأسف، لن يكون لمثل هذا المجتمع وجود أبدًا، لأن المجتمع ليس إلا المجموع الكلي لجميع الأفراد الفاسدين داخله. وبسبب فساد الإنسان، يصبح المجتمع أكثر إظلامًا وشرًا بشكل متزايد، ولن يتحقق أبدًا هذا المجتمع المتآلف الذي هو مثل أعلى لدى الإنسان. لماذا لا يمكن أبدًا تحقيق هذا المجتمع المثالي؟ من منظور أساسي ونظري، لا يمكن تحقيق مثل هذا المجتمع بسبب شخصيات الإنسان الفاسدة. في الواقع، لا يمكن للسلوكيات الصالحة اللحظية، وأفعال السلوك الأخلاقي الجيد التي تُعمَل لمرة واحدة، والمظاهر المؤقتة للحب والمساعدة والدعم تجاه الآخرين، وما إلى ذلك، أن تعالج شخصيات الإنسان الفاسدة. والأهم من ذلك، أن هذه الأشياء لا يمكنها بالطبع أن تعالج المسائل المتعلقة بالكيفية التي ينبغي أن يتصرف بها الناس وكيف يجب أن يسلكوا الطريق الصحيح في الحياة. بالنظر إلى أن هذه المشكلات لا يمكن علاجها، فهل سيكون من الممكن لهذا المجتمع أن يحقق حالة التآلف المثالية في نظر الناس، والتي يأملون فيها؟ إنها في الأساس مجرد حلم فارغ، وفرص تحققه بعيدة المنال. يحاول دعاة الأخلاق هؤلاء، من خلال الدعوة إلى الكتب المقدسة الأخلاقية وتثقيف الناس، أن يشجعوا الناس على استخدام السلوك الأخلاقي الحسن لمساعدة الآخرين وممارسة تأثير تقويمي على الآخرين، بهدف التأثير في المجتمع وتحسينه. لكن، هذه الفكرة – هذا التطلع لديهم – هل هي صحيحة أم خاطئة؟ إنها بالتأكيد خاطئة ولا يمكن تحقيقها. لماذا أقول ذلك؟ لأنهم لا يفهمون سوى سلوكيات الناس وأفكارهم ووجهات نظرهم وسلوكهم الأخلاقي، لكنهم لا يمتلكون أدنى درجة من الفهم فيما يتعلق بالقضايا الأعمق مثل جوهر الإنسان، وشخصيات الإنسان الفاسدة، ومصدر فساد الإنسان، وكيفية علاج شخصيات الإنسان الفاسدة. ونتيجة لذلك، فإنهم يقترحون معايير حمقاء للسلوك الأخلاقي مثل "سدد اللطف بكل امتنان". وبعد ذلك يأملون في استخدام هذا النوع من الأقوال – هذا النوع من معايير السلوك الأخلاقي – للتأثير في البشر، والتأثير في جيل بعد جيل، وتحويل المعايير السلوكية للإنسان، وتحويل اتجاه سلوكيات الإنسان وأهدافها، وفي الوقت نفسه تحويل المناخ الاجتماعي تدريجيًّا، وتحويل العلاقات بين الناس والعلاقات بين الحكام والمحكومين. هم يعتقدون أنه فور أن تتحوّل هذه العلاقات، سيتوقف المجتمع عن كونه ظالمًا ومليئًا بالنزاعات والعداوة والقتل، وسيعود ذلك ببعض النفع على عامة الناس الذين سيحصلون على بيئة معيشية اجتماعية منصفة، وسيكونون أكثر رضى في حياتهم إلى حد ما. لكن المستفيد الأكبر لن يكون عامة الناس، بل الحكام والطبقة الحاكمة والأرستقراطيين في كل عصر. إن هؤلاء الذين يُدعون بالشخصيات البارزة والحكماء الذين يروجون للمذاهب الأخلاقية يستخدمون باستمرار هذه المذاهب الأخلاقية التي يراها البشر على أنها نبيلة نسبياً وتتماشى مع الإنسانية ومع حس ضميرهم، لتثقيف الناس والتأثير فيهم، وتغيير وجهات نظرهم الأخلاقية حتى يعيشوا طوعاً في بيئة اجتماعية متحضرة أو ذات معايير أخلاقية معينة. وهذا يفيد الحياة اليومية لعامة الناس من ناحية، لأنه يجعل البيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها أكثر تآلفًا وسلامًا وتحضرًا. ومن ناحية أخرى، فإن هذا أيضًا يخلق للحكام ظروفًا مواتية بدرجة أكبر ليحكموا الناس. تتفق هذه الأقوال التي تنقل معايير السلوك الأخلاقي مع أفكار معظم الناس ومفاهيمهم، كما أنها تتوافق مع رؤى الناس المثالية لمستقبل مجيد. وبطبيعة الحال، فإن هدفهم الرئيسي من الترويج لهذه الأقوال هو خلق ظروف مواتية بدرجة أكبر ليحكم فيها الحكام. في ظل هذه الظروف، لن يسبب عامة الناس المتاعب، وسيعيشون في تآلف وبدون نزاع، وسيكونون جميعًا قادرين على الالتزام طواعية بالمعايير الأخلاقية التي تحكم السلوك الاجتماعي. وبعبارة أوضح، القصد من الترويج لهذه الأقوال هو جعل المحكومين من رعايا الدولة، أي عامة الناس، يتصرفون بطاعة وبشكل سليم تحت قيود المعايير الأخلاقية للمجتمع، وأن يتعلموا الانصياع للقواعد، ويصبحون مواطنين مذعنين. ألن يكون الحكام عندئذٍ مستريحين ومطمئنين نسبيًا؟ إذا لم يكن على الحكّام أن يقلقوا من نهوض الجموع ضدهم واغتصاب سلطتهم، أفلن يؤدي ذلك إلى وجود ما يسمى بمجتمع متآلف؟ ألن يؤدي ذلك إلى تعزيز السلطة السياسية للحكام؟ هذا هو في الأساس أصل هذه الكتب المقدسة الأخلاقية والسياق الذي نشأت فيه. وبعبارةٍ ألطف، لقد صيغت بعض المعايير الأساسية للأخلاق الاجتماعية من أجل تنظيم تصرفات الجموع وسلوكهم الأخلاقي. وهذا يعني أن هذه الأقوال هي من أجل الأفراد، أي إنها تروَّج في الواقع بصورة جوهرية من أجل استقرار المجتمع والبلد، وتمكين الحكام من الحكم لفترة طويلة وإلى الأبد. هذا هو الهدف الحقيقي لقيام مَن يُسمون بدعاة الأخلاق بالترويج للثقافة التقليدية. إن الحكام لا يهتمون في الواقع برفاه الجموع، وحتى عندما يبدو أنهم مهتمون فإنهم لا يفعلون ذلك إلا من أجل الحفاظ على استقرار سلطتهم السياسية. إنهم لا يهتمون إلا بسعادتهم، واستقرار سلطتهم ومكانتهم، وقدرتهم على حكم الجموع إلى الأبد، وإمكانية حكم المزيد من البلدان، بهدف السيطرة على العالم بأسره في نهاية المطاف. هذه هي دوافع الملوك الأبالسة ونواياهم. على سبيل المثال، بعض الناس يقولون: "نحن ننحدر من سلالة طويلة من الفلاحين، الذين طالما كدحوا بوصفهم مزارعين مستأجرين لفترة طويلة لدى ملاك الأراضي ولم يتملكوا قط أي أرض باسمهم. بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، أطاح الحزب الشيوعي بملاك الأراضي والرأسماليين، وأعطانا قطعة أرض خاصة بنا، وتحولنا من فلاحين إلى مالكين. نحن مدينون إلى الحزب الشيوعي بكل شيء، إنهم مخلِّصو الشعب الصيني، ويجب علينا أن نسدد لطفهم بامتنان وألا نكون عديمي التقدير. يريد بعض الناس أن يثوروا ضد الحزب الشيوعي؛ كم هم جاحدون! أليسوا يعضون اليد التي تطعمهم؟ لا ينبغي أن يكون الناس منعدمي الضمير بهذه الدرجة وناسين لجذورهم!" ما تنطوي عليه هذه العبارة هو أنه مهما كان نوع البيئة المعيشية التي تقيم فيها حاليًا، ومهما كان نوع المعاملة التي تعرضت لها، وسواء كانت حقوقك الإنسانية مكفولة أم لا، أو كان حقك في الوجود مهددًا أو نُزِع منك، فيجب أن تتذكر دائمًا أن تسدد اللطف الذي تلقيته بامتنان وألا تنسى جذورك. يجب ألا تتصرف كشخص بغيض وجاحد، ويجب أن تسدد لطفهم باستمرار ودائمًا دون توقع أي مكافأة. ألا يزال مثل هؤلاء الناس يعيشون كالعبيد؟ إنهم يعتقدون أنهم كانوا عبيدًا لملاك الأراضي والرأسماليين، لكن هل كان الرأسماليون وملاك الأراضي يستغلون عامة الناس حقًا؟ هل كان الفلاحون في الواقع أسوأ حالاً في ذلك الوقت مقارنةً بالناس الآن؟ لا، هذه كذبة اختلقها الحزب الشيوعي. الآن تتكشف الحقائق وواقع الوضع شيئًا فشيئًا. إن ادعاءهم بأن الرأسماليين استغلوا عرق الكثير جدًا من عامة الناس وكدحهم، وقصة "الفتاة ذات الشعر الأبيض"، كلها افتراءات وأكاذيب؛ لا شيء منها صحيح. ما الهدف من هذه الافتراءات والأكاذيب؟ جعل الناس يكرهون ملاك الأراضي والرأسماليين ويتغنون على الدوام بفضل الحزب الشيوعي ويخضعون له إلى الأبد. لقد كان الكثير من الناس في الماضي يغنون أغنية "لولا الحزب الشيوعي، لما كانت هناك صين جديدة". كانت هذه الأغنية تُغنى في كل ركن من أركان الصين لعدة عقود، لكن أحدًا الآن لم يعد يغنيها. توجد الكثير جدًا من الأمثلة على افتراءات الحزب الشيوعي وأكاذيبه، وكلها تتعارض مع الحقائق الموضوعية. والآن بعض الناس يكشفون الحقيقة علنًا ليظهروا للجميع واقع الوضع. في المجتمع البشريّ، دائمًا ما كان لمعيار السلوك الأخلاقي "سدد اللطف بكل امتنان" درجة من الفعالية في تقييد سلوكيات الناس – أيًا كان العصر – وفي كونه معيارًا لإنسانية الناس. وبالطبع، فإن الأثر الأهم لهذا القول هو أنه استُخدم لمساعدة الحكام على تعزيز حكمهم للجموع. من ناحية ما، يمكن القول بأن هذه المقولة هي بمثابة وسيلة لتقييد سلوكيات الناس وسلوكهم الأخلاقي، إذ تجعل الناس يفكرون في المشكلات ويرونها في إطار هذا المعيار للسلوك الأخلاقي، ثم يصدرون أحكامهم واختياراتهم بناء على هذا المعيار. إنها لا تحث الناس على الوفاء بجميع المسؤوليات التي يجب عليهم الوفاء بها، تجاه أسرهم وتجاه المجتمع ككل على حد سواء، بل إنها – في انتهاك صارخ لمعايير الإنسانية الطبيعية ورغباتها – تملي على الناس قسراً ما ينبغي التفكير فيه وكيفية التفكير، وما ينبغي فعله وكيفية الفعل. تعمل هذه المقولة بوصفها أسلوبًا غير محسوس من نوع ما وإطارًا غير مرئي لتوجيه الناس وتقييدهم وتكبيلهم وإعلامهم بما يجب عليهم فعله وما لا يجب عليهم فعله. والهدف من هذا هو استخدام هذا النوع من الرأي العام ومعيار الأخلاق الاجتماعية للتأثير في أفكار الناس ووجهات نظرهم وطرق تصرفهم وفعلهم.

إن التصريحات المرتبطة بالسلوك الأخلاقي مثل "سدد اللطف بكل امتنان" لا تخبِر الناس بالضبط عن مسؤولياتهم داخل المجتمع وسط البشر. وبدلًا من ذلك، فإنها وسيلة لإلزام الناس أو إجبارهم على التصرف والتفكير بطريقة معينة بصرف النظر عما إذا كانوا يريدون ذلك أم لا، وبصرف النظر عن الظروف أو السياق، التي يكون فيها هذا المعروف. توجد أمثلة كثيرة من هذا القبيل من الصين القديمة. مثال ذلك، عائلة استقبلت صبيًا متسولًا جائعًا، وأطعمته وألبسته ودرَّبته على فنون الدفاع عن النفس وعلَّمته جميع أنواع المعرفة. انتظرت العائلة حتى كبُرَ ثم بدأت في استخدامه كمصدر للدخل، وإرساله لارتكاب الشر وقتل الناس، وأداء أفعال لم يُرِد أن يفعلها. إذا نظرت إلى قصته في ضوء جميع الامتيازات التي حصل عليها، فإن إنقاذه كان أمرًا جيدًا. ولكن إذا فكرت فيما أُجبرَ على فعله لاحقًا، فهل كان جيدًا أم سيئًا حقًا؟ (كان سيئًا). ولكن في ظل تهيئة الثقافة التقليدية للناس، مثل "سدد اللطف بكل امتنان"، لا يمكن للناس إجراء هذا التمييز. يبدو ظاهريًا أن الصبي لم يكن لديه خيار إلا أن يفعل أمورًا شريرة ويؤذي الناس ويصبح قاتلًا – وهي أشياء لا يرغب معظم الناس في فعلها. ولكن ألم تكن حقيقة أنه فعل هذه الشرور وقتل بأمر من سيِّده نابعة في الأصل من رغبة في مكافأته على معروفه؟ على وجه الخصوص بسبب تكييف الثقافة التقليدية الصينية، مثل "سدد اللطف بكل امتنان"، لا يسع الناس إلا أن يتأثروا بهذه الأفكار وأن تتحكم بهم. كما أن الطريقة التي يتصرفون بها والنيَّات والدوافع وراء أفعالهم بالتأكيد مقيدة بها أيضًا. عندما وُضِعَ الصبي في ذلك الموقف، ماذا كان أول ما فكر به؟ "لقد أنقذتني هذه العائلة وأحسنت معاملتي. لا يمكنني أن أكون ناكرًا للمعروف، ويجب أن أسدد لطفها. أنا مدين لها بحياتي، ولذلك يجب أن أكرسها لها. ينبغي أن أفعل ما تطلبه مني، حتى لو كان ذلك يعني فعل الشر وقتل الناس. لا يمكنني التفكير فيما إذا كان هذا صحيحًا أم خاطئًا، ويجب ببساطة أن أرد معروفها. هل سأظل مستحقًا أن أدعى إنسانًا إذا لم أفعل ذلك؟" ونتيجةً لذلك، كلما أرادته العائلة أن يقتل شخصًا ما أو يفعل شرًا ما، كان يفعل ذلك دون أي تردد أو تحفظات. ألم يكن مبدأ "سدد اللطف بكل امتنان" هو الذي يُملي سلوكه وأفعاله وطاعته العمياء؟ ألم يكن يُنفِّذ ذلك المعيار من معايير السلوك الأخلاقي؟ (بلى). ماذا ترى من هذا المثال؟ هل مقولة "سدد اللطف بكل امتنان" شيء جيد أم لا؟ (إنه ليس كذلك، فهو لا ينطوي على مبدأ). في الواقع، الشخص الذي يرد المعروف لديه مبدأ، وهو "سدد اللطف بكل امتنان". إذا صنع معك شخص ما معروفًا، فيجب أن تصنع معه معروفًا في المقابل. إذا لم تفعل ذلك، فأنت لست إنسانًا ولا يوجد شيء يمكنك قوله إذا أُدنت بسبب ذلك. يقول المثل: "يجب رد فضل تقديم قطرة ماء بينبوع فائض"، ولكن في هذه الحالة، لم يتلق الصبي معروفًا صغيرًا، بل معروفًا أنقذ حياته، مما كان سببًا أدعى لرده بحياة في المقابل. لم يكن يعرف حدود أو مبادئ رد المعروف. كان يعتقد أن حياته قد وُهبت له من تلك العائلة، ولذلك كان عليه تكريسها لها في المقابل، وعمل كل ما تطلبه منه، بما في ذلك القتل أو غيره من أفعال الشر. وهذه الطريقة في رد المعروف ليست لها مبادئ أو حدود. لقد عمل كشريك لفاعلي الشر ودمر نفسه أثناء ذلك. هل كان من حقِّه أن يرد المعروف بهذه الطريقة؟ بالطبع لا. كانت هذه طريقة حمقاء في عمل الأشياء. صحيح أن هذه الأسرة أنقذته وجعلته يواصل الحياة، ولكن لا بد أن يكون هناك مبادئ، وحدود، واعتدال في رد المعروف. لقد أنقذوا حياته، لكن الهدف من حياته ليس فعل الشر. إن معنى الحياة وقيمتها ومهمة الإنسان ليست فعل الشر والقتل، ولا ينبغي أن يعيش الإنسان لمجرد رد المعروف. اعتقد الصبي خطأً أن معنى الحياة وقيمتها هو أن يسدد اللطف الذي تلقاه بامتنان. كان هذا سوء فهم خطير. ألم يكن هذا نتيجة التأثر بمعيار السلوك الأخلاقي: "سدد اللطف بكل امتنان"؟ (بلى). هل ضل بتأثير هذا القول حول رد المعروف، أم اهتدى إلى الطريق الصحيح ومبادئ الممارسة؟ من الواضح تمامًا أنه قد ضلّ؛ هذا واضح وضوح الشمس. لو لم يكن هذا المعيار للسلوك الأخلاقي موجودًا، هل كان الناس ليقدروا على إصدار الأحكام في حالات الصواب والخطأ البسيطة؟ (نعم). كان الصبي سيفكر: "ربما تكون هذه الأسرة قد أنقذتني، ولكن يبدو أنهم لم يفعلوا ذلك إلا من أجل أعمالهم ومستقبلهم. أنا مجرد أداة يمكنهم استخدامها لإيذاء أو قتل أي شخص يعطل مشاريعهم التجارية أو يعرقلها. هذا هو السبب الحقيقي الذي أنقذوني من أجله. لقد انتشلوني من حافة الموت فقط ليجعلوني أفعل الشر وأرتكب جريمة قتل، ألا يرسلونني في طريقي إلى الجحيم؟ ألن يجعلني هذا أعاني أكثر؟ في هذه الحالة، كنت لأصبح أفضل حالًا لو تركوني أموت. إنهم لم ينقذوني حقًا!" لم تنقذ هذه الأسرة الصبي المتسول بدافع عمل الخير والسماح له بالعيش بشكل أفضل، بل فعلوا ذلك فقط للسيطرة عليه وجعله يؤذي الآخرين، ويضرهم، ويقتلهم. هل كانوا فعليًا يفعلون الخير أم الشر؟ من الواضح تمامًا أنهم كانوا يفعلون الشر، وليس الخير؛ لقد أصبح هؤلاء المحسنون أشرارًا. وهل يستحق الأشرار أن يُكافؤوا؟ هل ينبغي أن يكافؤوا ؟ لا ينبغي ذلك. إذن، بمجرد أن تكتشف أنهم أشرار، ماذا ينبغي أن تفعل؟ يجب أن تبتعد عنهم، أن تتجنبهم، وأن تجد طريقة للفرار منهم. هذه هي الحكمة. قد يقول البعض: "هؤلاء الأشرار يسيطرون عليَّ بالفعل، لذلك ليس من السهل الفرار منهم. الهروب مستحيل!" في كثير من الأحيان، هذه هي عواقب تسديد اللطف الذي تلقاه بامتنان. نظرًا لقلة عدد الأخيار وكثرة عدد الأشرار، إذا صادفت شخصًا صالحًا فلا بأس أن تسدد له لطفه، لكن إذا وقعت في يد شخص شرير، فهذا بمثابة الوقوع في يد إبليس، يد الشيطان. سيكيد لك ويتلاعب بك، ولا يمكن أن يأتيك خير من الوقوع في يده. هناك الكثير من الأمثلة على ذلك عبر التاريخ. والآن بعد أن عرفت أن تسديد اللطف الذي تلقاه بامتنان ليس معيارًا مشروعًا لكيفية التصرف والتعامل، كيف يجب أن تتصرف عندما يمن عليك شخص ما بمعروف؟ ما هي وجهات نظركم في هذا الأمر؟ (أيًا كان من يساعدنا، يجب أن نقرر قبول مساعدته أو عدم قبولها بناءً على الموقف. في بعض الحالات، لا بأس من قبول المساعدة، ولكن في حالات أخرى، يجب ألا نقبل مساعدته بلا روية. وإذا قبلنا المساعدة، فلا يزال علينا أن نسلك بحسب المبادئ وأن نضع حدودًا لكيفية رد معروفه، لتجنب التعرض لخداع الأشرار أو استغلالهم لنا). هذه طريقة للتعامل مع الموقف بحسب المبادئ. بالإضافة إلى ذلك، إذا لم تستطع أن ترى الموقف بوضوح أو كنت في طريق مسدود، فعليك أن تصلي لله وتطلب منه أن يفتح لك طريقًا. سيسمح لك هذا بتجنب التجربة والهروب من براثن الشيطان. سيستخدم الله في بعض الأحيان خدمات الشيطان لمساعدة الناس، ولكن يجب أن نحرص على أن نشكر الله في مثل هذه الحالات ولا نرد المعروف إلى الشيطان، فهذه مسألة مبدأ. عندما تأتي التجربة في صورة شخص شرير يسدي لك معروفًا، يجب أن تعرف أولًا بوضوح من يساعدك ويقدم لك العون، وما هو وضعك، وما إذا كانت هناك طرق أخرى يمكنك أن تسلكها. يجب أن تتعامل مع مثل هذه الحالات بطريقة مرنة. إذا أراد الله أن يُخلِّصك، فبصرف النظر عن الشخص الذي يستخدم الله خدماته لتحقيق ذلك، ينبغي عليك أولًا أن تشكر الله وتقبَل الأمر من الله. ينبغي ألا تُوجِّه امتنانك للناس فقط، فضلًا عن تقديم حياتك لشخص ما بامتنان. هذا خطأ فادح. فالشيء الأهم هو أن يكون قلبك ممتنًا لله وأن تقبَل الأمر منه. إذا كان الشخص الذي أسدى إليك معروفًا، أو ساعدك، أو أنقذك شخصًا صالحًا، فعليك أن تردّ له معروفه، ولكن عليك أن تفعل ما تقدر عليه فحسب بحسب إمكانياتك. أما إذا كان الشخص الذي ساعدك سيئ النية ويسعى إلى الكيد لك واستخدامك لتحقيق أهدافه الخاصة، فلا داعي لرد معروفه مهما كان الثمن. باختصار، إن الله يمحص قلب الإنسان، وطالما أنك لا تملك ضميرًا يثقله الذنب ولديك الدوافع الصحيحة، فلا مشكلة. أي، قبل أن تصل إلى فهم الحق، يجب على الأقل أن تكون أفعالك متوافقة مع الضمير والعقل البشري. يجب أن تكون قادرًا على التعامل مع هذا الموقف بشكل معقول حتى لا تندم أبدًا على أفعالك في أي وقت في المستقبل. أنتم جميعًا بالغون وقد مررتم جميعًا بالكثير في بلد التنين العظيم الأحمر؛ ألم تواجهوا الكثير من القمع، أو الاضطهاد، أو الإساءة، أو الإذلال في حياتكم؟ أنتم جميعًا ترون بوضوح كيف أصبحت البشرية فاسدة بعمق، لذا مهما كانت التجربة التي تواجهونها، يجب أن تتعاملوا معها بحكمة وألا تقعوا في مكائد الشيطان الغادرة. مهما كان الموقف الذي قد تواجهونه، يجب أن تطلبوا الحق ولا تتخذوا قراراتكم إلا بعد أن تتوصلوا إلى فهم المبادئ من خلال الصلاة والشركة. كانت الكنيسة تقوم في السنوات القليلة الماضية بعمل التطهير، وقد كُشف العديد من الأشرار، وعديمي الإيمان، وأضداد المسيح، وتم إخراجهم أو طردهم. لم يتوقع معظم الناس أن يحدث هذا أبدًا. بالنظر إلى أنه حتى داخل الكنيسة لا يزال هناك الكثير من المشوشين، والأشرار، وعديمي الإيمان، أفترض أنكم تدركون بوضوح مدى فساد وشر غير المؤمنين؟ لا يمكن للناس أن يروا أي شيء بوضوح بدون الحق والحكمة، وسيُخدعون ويُضللون، ويتلاعب بهم الأشرار والشيطان. وعلى هذا النحو، يصبحون أذنابًا للشيطان. أولئك الذين لا يفهمون الحق ويفتقرون إلى المبادئ لا يفعلون سوى الحماقات.

عندما يواجه بعض الناس صعوبة أو خطرًا ما ويصادف أن يتلقوا مساعدة من شخص شرير تسمح لهم بتخليص أنفسهم من محنتهم، فإنهم يعتقدون أن الشخص الشرير شخص صالح ويكونون على استعداد للقيام بشيء ما من أجله لإظهار امتنانهم له. لكن في مثل هذه الحالات، سيحاول الشخص الشرير توريطهم في أفعاله الشنيعة واستخدامهم للقيام بأعمال سيئة. قد يصبح الأمر خطيرًا إذا كانوا غير قادرين على الرفض. سيشعر بعض هؤلاء الأشخاص بالتضارب في مثل هذه المواقف، لأنهم يعتقدون أنهم إذا لم يساعدوا صديقهم الشرير في القيام ببعض الأعمال السيئة، سيبدو الأمر وكأنهم لا يبادلون هذه الصداقة بالمثل، غير أن فعل شيء خاطئ يخالف ضميرهم وعقلهم. وعلى هذا النحو، فإنهم يقعون في هذه المعضلة، وهذا نتيجة لتأثرهم بفكرة سدد اللطف في الثقافة التقليدية؛ أي أنهم يصبحون مغلولين ومقيدين بهذه الفكرة وتسيطر عليهم. وفي كثير من الأحيان، تحل هذه المقولات من الثقافة التقليدية محل حس ضمير الإنسان وحكمه الطبيعي، ومن الطبيعي أن تؤثر أيضًا على طريقة تفكير الإنسان الطبيعية وسلامة اتخاذ القرارات. إن أفكار الثقافة التقليدية غير صحيحة وتؤثر بشكل مباشر على نظرة الإنسان إلى الأشياء، مما يجعله يتخذ قرارات خاطئة. فمنذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا، تأثر عدد لا يحصى من الناس بهذه الفكرة والنظرة ومعيار السلوك الأخلاقي فيما يتعلق بسدد اللطف. فحتى عندما يكون الشخص الذي يسدي لهم المعروف شخصًا شريرًا أو سيئًا، ويجبرهم على القيام بأعمال شنيعة وأفعال سيئة، فإنهم لا يزالون يخالفون ضمائرهم وعقلهم، ويمتثلون له امتثالًا أعمى من أجل رد المعروف، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة. يمكن القول إن الكثير من الناس، بعد أن يتأثروا بهذا المعيار للسلوك الأخلاقي، ويغلهم ويقيدهم ويلزمهم، يتمسكون تمسكًا أعمى وخاطئًا بهذا الرأي في سدد اللطف، بل ومن المحتمل أن يساعدوا الأشرار ويحرضوهم. والآن بعد أن سمعتم شركتي، أصبح لديكم صورة واضحة عن هذا الموقف، ويمكنكم أن تحددوا أن هذا ولاء أحمق، وأن هذا السلوك يعد بمثابة تصرف دون وضع أي حدود، ورد المعروف بتهور دون أي تمييز، وأنه يفتقر إلى المعنى والقيمة. بسبب خشية الناس من أن يذمهم الرأي العام أو يدينهم الآخرون، فإنهم يكرسون حياتهم على مضض لرد معروف الآخرين، بل ويضحون بحياتهم في سبيل ذلك، وهي طريقة خاطئة وحمقاء في التعامل مع الأمور. بالإضافة إلى أن هذا القول المأخوذ من الثقافة التقليدية قيّد تفكير الناس، فقد ألقى أيضًا عبئًا ثقيلًا وإزعاجًا لا داعي لهما على حياتهم وأثقل كاهل عائلاتهم بمعاناة وأعباء إضافية. لقد دفع الكثير من الناس أثمانًا باهظة من أجل سدد اللطف الذي تلقوه، فهم يرون رد المعروف كمسؤولية اجتماعية أو واجب عليهم، بل قد يقضون حياتهم كلها في رد معروف الآخرين. إنهم يعتقدون أن هذا أمر طبيعي ومبرر تمامًا، وواجب لا يمكن التنصل منه. أليست وجهة النظر هذه وطريقة القيام بالأشياء حمقاء وسخيفة؟ إنها تكشف تمامًا مدى جهل الناس وعدم استنارتهم. على أي حال، قد يكون هذا القول عن السلوك الأخلاقي – سدد اللطف بكل امتنان - متوافقًا مع مفاهيم الناس، لكنه لا يتفق مع مبادئ الحق. إنه لا يتوافق مع كلام الله وهو وجهة نظر وطريقة غير صحيحة للقيام بالأمور.

بالنظر إلى أن سدد اللطف لا علاقة له بالحق ومطالب الله من البشر، وقد كان موضع انتقادنا، فكيف ينظر الله إلى هذا القول بالضبط؟ ما هي أنواع الآراء والتصرفات التي يجب أن تكون لدى الناس العاديين استجابة لهذا القول؟ هل تفهمون هذا الأمر بوضوح؟ إذا أسدى إليك شخص ما سابقًا معروفًا أفادك كثيرًا، أو أسدى إليك جميلًا كبيرًا، فهل يجب عليك رد هذا المعروف؟ كيف يجب أن تتعامل مع هذا النوع من المواقف؟ أليست هذه مسألة تتعلق بآراء الناس؟ إنها مسألة تتعلق بآراء الناس ومسارات ممارستهم. أخبروني عن رأيكم في هذه المسألة؛ إذا أحسن إليكم شخص ما، فهل يجب عليكم أن تردّوا له المعروف؟ ستكون مشكلة إذا كنتم لا تزالون غير قادرين على فهم هذه المسألة. أنتم لم تفهموا في السابق الحق ومارستم سدد اللطف كما لو كان هو الحق. والآن، بعد استماعكم إلى تشريحي ونقدي، رأيتم أين تكمن المشكلة، لكنكم لا تزالون لا تعرفون كيف تمارسون أو تتعاملون مع هذه المشكلة؛ هل لا تزالون لا تفهمون هذه المشكلة؟ قبل أن تستوعب الحق، كنت تعيش بضميرك، ومهما كان من أسدى إليك معروفًا أو ساعدك، حتى لو كانوا أشرارًا أو رجال عصابات، كنت سترد لهم المعروف حتمًا، وستشعر بأنك مضطر إلى أن تتلقى رصاصة بدلًا من أصدقائك، بل وتضع حياتك على المحك من أجلهم. يجب على البشر أن يصبحوا عبيدًا لدى من أحسنوا إليهم ردًا للجميل، بينما يجب على النساء أن يتزوجوهم وينجبن لهم أطفالًا؛ هذه هي الفكرة التي تفرضها الثقافة التقليدية على الناس، وتأمرهم بسداد اللطف الذي تلقوه بامتنان. ونتيجة لذلك، يعتقد الناس أن "الناس الذين يسددون اللطف هم وحدهم الذين لديهم ضمير، وإذا لم يردوا المعروف، فلا بد أنهم يفتقرون إلى الضمير وأنهم غير إنسانيين". هذه الفكرة راسخة في قلوب الناس. أخبرني، هل تعرف الحيوانات رد المعروف؟ (نعم). إذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن حقًا اعتبار البشر متقدمين لمجرد أنهم يعرفون سدد اللطف؟ هل يمكن اعتبار ممارسة الإنسان لسدد اللطف علامة على الإنسانية؟ (كلا). إذن، ما هي النظرة التي يجب أن تكون لدى الناس تجاه هذا الأمر؟ كيف ينبغي فهم هذا النوع من الأمور؟ ما هو النهج الذي يجب أن يتخذه المرء تجاهه بعد فهمه؟ هذه هي الأسئلة التي يجب أن تهدفوا جميعًا إلى الإجابة عنها في هذه اللحظة. أرجو أن تشاركوا آرائكم حول هذه المسألة. (إذا ساعدني شخص ما حقًا في حل قضية أو مشكلة ما، فسأشكره أولاً بحرارة، لكن هذا الموقف لن يقيدني أو يتحكم بي. إذا واجه صعوبات، كنت لأفعل ما بوسعي من أجله في حدود إمكانياتي. كنت سأساعده ما استطعت، ولكنني لن أجبر نفسي على تجاوز إمكانياتي). هذا هو الرأي الصحيح وهذه الطريقة في التصرف مقبولة. هل يرغب أي شخص آخر في مشاركة وجهة نظره حول هذا الأمر؟ (في الماضي، كانت وجهة نظري هي أنه إذا ساعدني شخص ما، فيجب أن أساعده في المقابل عندما يواجه مشكلة. من خلال شركة الله وتشريحه للأراء القائلة: "استمد المتعة من مساعدة الآخرين" و"سدد اللطف بكل امتنان"، أدركت أنه يجب على المرء أن يتبع المبادئ عند مساعدة الآخرين. إذا أحسن شخص ما إليّ أو ساعدني، فإن ضميري يملي عليّ أن أساعده أيضًا، ولكن يجب أن تكون المساعدة التي أقدمها له مبنية على ظروفي وما أقدر على تقديمه. أيضًا، يجب أن أساعده فقط في حل مشكلاته وقضاء ضروريات الحياة، ولا يجب أن أساعده على ارتكاب الشر أو القيام بأعمال سيئة. إذا رأيت أن أخًا أو أختًا يعاني من صعوبات، فسوف أساعده، ليس لأنه ساعدني من قبل، بل لأن هذا واجبي ومسؤوليتي). أي شيء آخر؟ (أتذكر كلام الله الذي قال: "إن أحسن إلينا أحدٌ فيجب أن نراه إحسانًا من الله". هذا يعني أنه عندما يتصرف شخص ما تجاهنا بلطف، يجب أن نقبله باعتباره من الله وأن نكون قادرين على التعامل معه بشكل صحيح. وبهذه الطريقة، يمكننا أن نفهم هذا الرأي حول سدد اللطف بشكل صحيح. أيضًا، يقول الله إنه يجب أن نحب ما يحبه الله ونكره ما يكرهه الله. عندما نساعد الآخرين، يجب أن نميّز ما إذا كان الشخص شخصًا يحبه الله أو يكرهه. هذا هو المبدأ الذي يجب أن نعمل به). هذا يتعلق بالحق؛ إنه مبدأ صحيح وله أساس. دعونا لا نتحدث الآن عن ذلك الذي يتعلق بالحق، بل دعونا نتناول كيف يجب أن يتعامل الناس مع هذا الأمر من منظور الإنسانية. في الواقع، المواقف التي قد تواجهها ليست دائمًا بهذه البساطة؛ إنها لا تحدث دائمًا داخل الكنيسة وبين الإخوة والأخوات. ففي كثير من الأحيان، تحدث خارج نطاق الكنيسة. على سبيل المثال، قد يعاملك قريب، أو صديق، أو أحد معارفك، أو زميلك عديم الإيمان بلطف أو يساعدك. إذا كنت قادرًا على التعامل مع هذه المسألة ومعاملة الشخص الذي ساعدك بالطريقة الصحيحة، بطريقة تتفق مع مبادئ الحق وتبدو مناسبة للآخرين، فسيكون موقفك تجاه هذه المسألة وأفكارك حولها دقيقة نسبيًا. يجب تمييز المفهوم الثقافي التقليدي القائل بـ"سدد اللطف بكل امتنان". الجزء الأهم هو كلمة "اللطف "؛ كيف يجب أن تنظر إلى هذا المعروف؟ ما هو جانب المعروف الذي تشير إليه وطبيعته؟ ما أهمية عبارة "سدد اللطف بكل امتنان"؟ يجب على الناس أن يتوصلوا إلى إجابة عن هذه الأسئلة، وألا يتقيدوا بأي حال من الأحوال بفكرة سدد اللطف؛ هذا أمر ضروري للغاية لأي شخص يسعى إلى الحق. فما الذي يعنيه "المعروف" وفقًا للمفاهيم البشرية؟ بشكل مبسط، المعروف يعني أن يساعدك شخص عندما تواجه متاعب. على سبيل المثال؛ شخص يمنحك طبق أرز عندما تتضور جوعًا، أو زجاجة ماء عندما تشعر بظمأ شديد، أو يساعدك على النهوض إذا سقطت ولم تستطع النهوض. كل هذه أعمال تدل على المعروف. أما أعظم أعمال المعروف فهو أن ينقذك شخص ما عندما تكون في حالة من اليأس الشديد؛ هذا هو المعروف المنقذ للحياة، عند تعرّضك لخطر مميت ويساعدك شخص على النجاة من الموت، فهو بالأساس ينقذ حياتك. هذه بعض التصرفات التي يراها الناس "معروفًا". وهذا النوع من المعروف يفوق بكثير أي خدمة مادية تافهة؛ لأنه معروف عظيم لا يمكن قياسه بالمال أو بالأشياء المادية. ومن يتلقونه يشعرون بنوع من العرفان لا يمكن أن تعبر عنه مجرد كلمات قليلة من الشكر. ومع ذلك، فهل يعد قياس الناس لمعروف على هذا النحو عملًا دقيقًا؟ (كلا). لماذا تقول إنه ليس دقيقًا؟ (لأن هذا القياس قائم على معايير الثقافة التقليدية). هذه إجابة تستند إلى النظرية والتعاليم. وعلى الرغم من أنها قد تبدو صائبة، فإنها لا تصيب جوهر الأمر. إذن، كيف يمكن للمرء أن يوضح ذلك بشكل عملي؟ فكر في الأمر بإمعان. منذ فترة، سمعت عن مقطع فيديو عبر الإنترنت حول رجل سقطت حافظة نقوده منه دون أن يدري. يلتقط كلب صغير حافظة النقود ويلاحق صاحبها، وعندما يراه الرجل، يضربه معتقدًا أنه سرق حافظة نقوده. تصرف سخيف، أليس كذلك؟ أخلاقيات الرجل هنا أدنى من أخلاقيات الكلب! كانت تصرفات الكلب متماشية تمامًا مع المعايير الإنسانية للأخلاق. لو كان شخصًا لصاح: "لقد أسقطتَ حافظة نقودك!" ولكن بما أن الكلب لا يستطيع الكلام، فقد التقط الحافظة بصمت وهرول في إثر الرجل. لذا إن كان بمقدور الكلب أن يأتي ببعض السلوكيات الصالحة التي تحث عليها الثقافة التقليدية، فماذا يخبرنا هذا عن البشر؟ يولد البشر ولديهم ضمائر وعقول؛ لذا فهم أقدر على فعل هذه الأمور. وما دام المرء يمتلك حس الضمير، فيمكنه الوفاء بهذا النوع من المسؤوليات والالتزامات. ليس من الضروري القيام بعمل شاق ولا دفع ثمن، بل القليل من الجهد؛ فهو ببساطة مجرد القيام بشيء مفيد، أيْ شيء ينفع الآخرين. لكن هل ترتقي حقًّا طبيعة هذا العمل لتنطبق عليها صفة "المعروف"؟ وهل يرتقي فعلًا لمستوى عمل الرحمة؟ (كلا). وبما أنه لا يرتقي لهذا المستوى، فهل يحتاج الناس إلى الحديث عن رد المعروف؟ لن يكون هذا ضروريًّا.

دعونا الآن ننتقل إلى مسألة ما يسمى بمعروف الإنسان. لنأخذ على سبيل المثال حالة شخص طيب ينقذ متسولًا سقط من الجوع في الثلج بالخارج. يأخذ المتسول إلى منزله ويطعمه ويكسوه، ويسمح له بالعيش وسط أسرته والعمل لصالحهم. بغض النظر عما إذا كان المتسول قد تطوع للعمل بمحض إرادته، أو ما إذا كان قد فعل ذلك لرد المعروف، فهل كان بإنقاذه له يسدي له معروفًا؟ (كلا). حتى الحيوانات الصغيرة قادرة على مساعدة وإنقاذ بعضها بعضًا. لا يتطلب الأمر سوى جهد بسيط من الإنسان للقيام بمثل هذه الأعمال، وكل من لديه إنسانية قادر على القيام بمثل هذه الأعمال وأن يهب لعملها. يمكن للمرء أن يقول إن مثل هذه الأعمال هي مسؤولية والتزام مجتمعي يجب على كل من يتمتع بالإنسانية أن يضطلع بهما. أليس في توصيف الإنسان لها على أنها معروف مبالغة؟ هل هو توصيف مناسب؟ على سبيل المثال، في وقت المجاعة التي قد يجوع فيها الكثير من الناس، إذا قام شخص غني بتوزيع أكياس من الأرز على الأسر الفقيرة لمساعدتهم على تجاوز هذه الفترة العصيبة، أليس هذا مثالًا على نوع المساعدة والدعم الأخلاقي الأساسي الذي يجب أن يكون بين الناس؟ لقد أعطاهم القليل من الأرز فحسب؛ ليس الأمر كما لو أنه أعطى كل طعامه للآخرين وجاع هو نفسه. هل يُعتبر هذا معروفًا؟ (كلا). إن المسؤوليات والالتزامات المجتمعية التي يقدر الإنسان على الوفاء بها، وتلك الأعمال التي ينبغي أن يكون الإنسان قادرًا على القيام بها بالفطرة ويجب عليه القيام بها، وأعمال الخدمة البسيطة التي تساعد الآخرين وتفيدهم؛ هذه الأمور لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها معروفًا، لأنها كلها حالات يقدم فيها الإنسان يد العون. إن تقديم المساعدة لشخص ما تصادف أنه بحاجة إليها، في الوقت والمكان المناسبين، هو ظاهرة طبيعية جدًا، كما أنها مسؤولية كل فرد من أفراد الجنس البشري. هذا ببساطة نوع من المسؤولية والالتزام. لقد منح الله الناس هذه الغرائز عندما خلقهم. ما هي الغرائز التي أشير إليها هنا؟ أنا أشير إلى ضمير الإنسان وعقله. عندما ترى شخصًا ما يسقط على الأرض، يكون رد فعلك الغريزي هو: "يجب أن أذهب لمساعدته على النهوض". إذا رأيته يسقط ولكنك تظاهرت بأنك لم تره، ولم تذهب لمساعدته على النهوض، فستشعر في ضميرك بالذنب وستستاء لتصرفك بهذه الطريقة. الشخص الذي يتحلى بالإنسانية حقًا سيفكر على الفور في مساعدة شخص يراه قد سقط على النهوض. لن يهتم بما إذا كان هذا الشخص شاكرًا له أم لا، لأنه يعتقد أن هذا ما يجب أن يفعله، ولا يرى حاجة للتفكير في الأمر أكثر من ذلك. ما السبب؟ هذه هي الغرائز التي وهبها الله للبشر، وأي شخص لديه ضمير وعقل سيفكر في القيام بذلك ويكون قادرًا على التصرف بهذه الطريقة. لقد وهب الله الإنسان ضميرًا وقلبًا بشريًا؛ ونظرًا لأن الإنسان يمتلك قلبًا بشريًا، فهو بالتالي يمتلك أفكارًا بشرية، وكذلك وجهات النظر والمناهج التي يجب أن تكون لديه فيما يتعلق ببعض الأمور، لذلك فهو قادر على القيام بهذه الأمور بشكل طبيعي وسهل. إنه لا يحتاج إلى أي مساعدة أو توجيه أيديولوجي من أي قوى خارجية، ولا يحتاج حتى إلى تعليم أو قيادة إيجابية؛ لا يحتاج إلى أي من ذلك. إنه تمامًا مثلما يبحث الإنسان عن الطعام عندما يكون جائعًا أو يبحث عن الماء عندما يكون عطشانًا – إنها غريزة ولا تحتاج إلى تعليم من الآباء أو المعلمين – إنها تأتي بشكل طبيعي، لأن الإنسان لديه تفكير الإنسانية الطبيعية. وبالطريقة ذاتها، فإن الناس قادرون على أداء واجباتهم ومسؤولياتهم في بيت الله، وهذا ما يجب أن يفعله كل من لديه ضمير وعقل. وهكذا فإن مساعدة الناس وأن تكون رحيمًا معهم أمر يسير بالنسبة إلى البشر، فهو في نطاق غريزة الإنسان وشيء يستطيع الناس تحقيقه تمامًا. لا توجد حاجة لتصنيفه في مرتبة عالية باعتباره معروفًا. غير أن معظم الناس يعادلون مساعدة الآخرين بإسداء المعروف، ودائمًا ما يتحدثون عنه ويردّونه باستمرار، ويعتقدون أنهم إن لم يفعلوا ذلك لن يكون لديهم ضمير. إنهم ينظرون إلى أنفسهم بازدراء ويحتقرونها، بل ويقلقون من توبيخ الرأي العام لهم. هل من الضروري القلق بشأن هذه الأشياء؟ (كلا). يوجد أناس كُثَّر لا يمكنهم إدراك حقيقة ذلك، وهم مقيَّدون باستمرار بهذه المشكلة. هذا ما يعنيه عدم فهم مبادئ الحق. على سبيل المثال، إذا ذهبت مع صديق إلى الصحراء ونفد منه الماء، فإنك بالتأكيد ستعطيه بعضًا من مائك، ولن تتركه يموت من العطش. على الرغم من أنك تعلم أن زجاجة الماء الواحدة التي سيشرب منها شخصان ستكفي لنصف المدة، فإنك تشارك الماء مع صديقك. الآن، لماذا قد تفعل ذلك؟ لأنك لا تستطيع أن تتحمل شرب الماء بينما صديقك بجانبك يعاني من العطش؛ أنت لا تستطيع تحمل هذا المنظر فحسب. ما الذي يجعلك غير قادر على تحمل رؤية صديقك يعاني من العطش؟ إنه حس ضميرك الذي يولّد هذا الشعور. حتى لو لم ترغب في الوفاء بهذا النوع من المسؤولية والالتزام، فإن ضميرك سيجعلك لا تستطيع تحمل فعل غير ذلك، سيجعلك تشعر بالضيق. أليس هذا كله نتيجة الغرائز البشرية؟ أليس هذا كله يقرره ضمير الإنسان وعقله؟ لو قال الصديق: "أنا مدين لك بالفضل لأنك أعطيتني بعضًا من مائك في ذلك الموقف!" ألن يكون من الخطأ أيضًا أن يقول هذا القول؟ هذا لا علاقة له بإسداء المعروف. لو انقلبت الأدوار، وكان ذلك الصديق يتمتع بالإنسانية والضمير والعقل، لكان قد شارك ماءه معك أيضًا. هذه مجرد مسؤولية أو علاقة مجتمعية أساسية بين الناس. تنشأ أبسط العلاقات أو المسؤوليات أو الالتزامات المجتمعية كلها بسبب حس الضمير لدى الإنسان، وإنسانيته والغرائز التي وهبها الله للإنسان وقت خلقه. في الظروف العادية، لا تحتاج هذه الأمور إلى تعليمها من قبل الوالدين أو غرسها من قبل المجتمع، كما أنها بالطبع لا تحتاج إلى نصح متكرر من الآخرين لك بأن تفعلها. لن يكون التعليم ضروريًا إلا لأولئك الذين يفتقرون إلى الضمير والعقل، أو لأولئك الذين يفتقرون إلى القدرات الإدراكية الطبيعية – مثل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة عقلية أو البلهاء – أو أولئك الذين لديهم مستوى قدرات ضعيف، ولديهم جهل وعناد. لا يحتاج أصحاب الإنسانية الطبيعية إلى تعليمهم هذه الأشياء؛ فالأشخاص ذوو الضمير والعقل يمتلكونها جميعًا. لذا، من غير اللائق أن نبالغ في تضخيم بعض السلوكيات أو الأفعال على أنها شكل من أشكال المعروف عندما تكون فطرية ومتوافقة مع الضمير والعقل. لماذا هو غير لائق؟ لأنك عندما ترفع مثل هذه السلوكيات إلى هذا المستوى، فإنك تُحمِّل كل شخص حملاً ثقيلًا وعبئًا ثقيلًا، وبالطبع هذا يثقل على الناس. على سبيل المثال، إذا أعطاك شخص ما في الماضي مالًا، أو ساعدك على اجتياز موقف صعب، أو ساعدك في العثور على عمل، أو أنقذك، ستفكر: "لا يمكنني أن أكون جاحدًا، يجب أن أكون صاحب ضمير وأردّ له المعروف. إذا لم أرد المعروف، هل سأظل إنسانًا؟". في الواقع، بغض النظر عما إذا كنت ستردّ له المعروف أم لا، فستظل إنسانًا وستظل تعيش في إطار الإنسانية الطبيعية؛ لن يغير ردّ المعروف شيئًا. لن تخضع إنسانيتك للتغيير ولن تُقمع شخصيتك الفاسدة لمجرد أنك رددت له المعروف جيدًا. وبالمثل، فإن شخصيتك الفاسدة لن تسوء لمجرد أنك لم تحسن رد المعروف له. حقيقة ما إذا كنت ترد المعروف وتهبه أو غير ذلك لا علاقة لها على الإطلاق بشخصيتك الفاسدة. وبالطبع، بغض النظر عن وجود صلة بينكما من عدمه، بالنسبة إليّ، هذا النوع من "المعروف" غير موجود ببساطة، وآمل أن ينطبق الأمر عليكم كذلك. كيف يجب أن تنظر إليه إذن؟ اعتبره ببساطة التزامًا ومسؤولية وشيئًا يجب أن يفعله من يتمتع بغريزة إنسانية. ينبغي أن تعامله على أنه مسؤوليتك والتزامك كإنسان، وأن تعمله بأفضل ما لديك. هذا كل شيء. قد يقول بعض الناس: "أعلم أن هذه مسؤوليتي ولكنني لا أريد القيام بها". لا بأس بذلك أيضًا. يمكنك أن تختار بنفسك بناءً على وضعك وظروفك. يمكنك أيضًا اتخاذ قرار أكثر مرونة بناءً على حالتك المزاجية في ذلك الوقت. إذا كنت قلقًا من أنه بعد القيام بمسؤوليتك، سيحاول المستفيد باستمرار أن يرد لك، ويسأل عنك، ويشكرك كثيرًا لدرجة أن يصبح الأمر مصدر ضيق وإزعاج، ونتيجة لذلك لا تريد القيام بتلك المسؤولية، فلا بأس بذلك أيضًا؛ الأمر متروك لك. وقد يتساءل البعض: "هل من لا يريدون القيام بهذا النوع من المسؤولية المجتمعية إنسانيتهم ضعيفة؟" هل هذه هي الطريقة الصحيحة للحكم على إنسانية الشخص؟ (لا). لماذا هي غير صحيحة؟ في هذا المجتمع الشرير، يجب على الإنسان أن يكون متزنًا في سلوكه وأن يتحلى باللياقة في كل ما يفعله. وبطبيعة الحال، من الضروري أكثر أن يدرك البيئة والسياق في تلك اللحظة من الزمن. وكما يقول عديمو الإيمان، يجب أن يكون الإنسان في هذا العالم الفوضوي بارعًا، وذكيًا، وحكيمًا في كل ما يفعله؛ لا يجب أن يكون جاهلًا، وبالتأكيد لا يجب أن يقوم بأفعال حمقاء. على سبيل المثال، يقوم الناس في بعض الأماكن العامة في بعض البلدان بإعداد بعض الخدع التي يقومون فيها بافتعال حادث وهمي ليطالبوا بعد ذلك بالتعويضات عن طريق الاحتيال. إذا كنت لا ترى حقيقة خداع هؤلاء الأشخاص الأشرار، وتتصرف وفقًا لضميرك بشكل أعمى، فأنت عرضة لأن تُخدع وبأن توقع نفسك في ورطة. على سبيل المثال، إذا رأيت امرأة مسنة سقطت في الشارع، قد تفكر: "يجب أن أقوم بمسؤولياتي تجاه المجتمع؛ لا أحتاج إلى أن ترد لي المعروف. ولأنني أتحلى بالإنسانية وحس الضمير، يجب أن أمد لها يد العون، لذا سأذهب لمساعدتها على النهوض". لكن عندما تذهب لمساعدتها على النهوض، تبتزك وينتهي بك الأمر إلى نقلها إلى المستشفى، ودفع فواتيرها الطبية، وتعويضات عن الأضرار العاطفية، ونفقات التقاعد. وإذا لم تدفع، ستُستدعى إلى مركز الشرطة. يبدو أنك أوقعت نفسك في ورطة، أليس كذلك؟ كيف حدث هذا الموقف؟ (باتباع حسن النية والافتقار إلى الحكمة). لقد كنت أعمى البصيرة، وتفتقر إلى التمييز، لم تدرك الاتجاهات الحالية، ولم تميز حقيقة الموقف. يجب على المرء في مجتمع شرير كهذا أن يدفع ثمنًا لمجرد مساعدته بشكل عارض لشخص مسن سقط. إذا كانت قد سقطت حقًا واحتاجت إلى مساعدتك، فلا يجب إدانتك على قيامك بمسؤولياتك المجتمعية، بل يجب أن تُمدح، لأن سلوكك كان متوافقًا مع الإنسانية وحس الضمير الإنساني. لكن هذه السيدة المسنة كان لديها دافع خفي؛ لم تكن بحاجة إلى مساعدتك حقًا، بل كانت تخدعك فحسب، وأنت لم تدرك مخططها الماكر. ومن خلال قيامك بمسؤوليتك تجاهها كإنسان، وقعت في حبائل مؤامرتها، والآن لن تتركك، بل ستبتز منك المزيد من المال. يجب أن يكون القيام بالمسؤوليات المجتمعية من أجل مساعدة المحتاجين والوفاء بالمسؤوليات، ولا ينبغي أن يؤدي إلى التعرض للخداع أو الوقوع في فخ. لقد وقع العديد من الناس فريسة لهذه الحيل وأصبحوا يرون بوضوح الآن مدى شرور الناس، ومدى براعتهم في خداع الآخرين. إنهم يخدعون أي شخص، سواء كان غريبًا أو صديقًا وقريبًا. يا لها من حالة فظيعة! من الذي جلب هذا الفساد؟ إنه التنين العظيم الأحمر. لقد أفسد التنين العظيم الأحمر البشرية بعمق وقسوة! سيفعل التنين العظيم الأحمر كافة صور الأمور غير الأخلاقية لتعزيز مصالحه الخاصة، وقد ضل الناس بمثاله السيئ. ونتيجة لذلك، يكثر الآن المحتالون واللصوص. وبناءً على هذه الحقائق، يمكن للمرء أن يرى أن العديد من الناس ليسوا أفضل من الكلاب. ربما لن يرغب البعض في الاستماع إلى هذا النوع من الكلام، وسيشعرون بعدم الارتياح تجاهه ويفكرون: "هل نحن حقًا لسنا أفضل من الكلاب؟ أنت تُظهر لنا عدم الاحترام وتنظر إلينا بازدراء من خلال مقارنتنا دائمًا بالكلاب. أنت لا تحترمنا باعتبارنا بشرًا". أود أن أنظر إليكم باعتباركم بشرًا، ولكن ما هو نوع السلوك الذي أظهره البشر؟ في الواقع، بعض الناس في الحقيقة ليسوا أفضل من الكلاب. هذا كل ما يسعني قوله في هذا الشأن في الوقت الحالي.

لقد قدمت شركة للتو عن أن مساعدة الناس للآخرين لا يمكن اعتبارها معروفًا، بل هي مجرد مسؤولية مجتمعية. بطبيعة الحال، يمكن للناس أن يختاروا المسؤوليات المجتمعية التي يمكنهم الوفاء بها على أفضل وجه ممكن. يمكنهم الوفاء بالمسؤوليات التي تناسبهم وأن يختاروا عدم الوفاء بالمسؤوليات التي يجدونها غير مناسبة. هذه حرية واختيار يمتلكهما الإنسان. يمكنك أن تختار المسؤوليات والالتزامات المجتمعية التي يجب عليك الوفاء بها بناءً على ظروفك وقدراتك، وبالطبع السياق والظروف في تلك اللحظة الزمنية. هذا حقك. في أي سياق جاء هذا الحق؟ العالم ظلامي للغاية، والبشرية شريرة للغاية، والمجتمع يفتقر إلى العدالة. في ظل هذه الظروف، عليك أن تحمي نفسك أولًا، وأن تمتنع عن التصرف بحماقة وجهل، وأن تمارس الحكمة. وبالطبع، لا أقصد بحماية نفسك حماية محفظتك وممتلكاتك من السرقة، بل حماية نفسك من الأذى؛ هذا أمر في غاية الأهمية. يجب عليك أن تفي بمسؤولياتك والتزاماتك بأفضل ما لديك مع ضمان سلامتك الشخصية. لا تلتفت إلى كسب احترام الآخرين، ولا تتأثر أو تتقيد بالرأي العام. كل ما عليك فعله هو الوفاء بمسؤولياتك والتزاماتك. يجب عليك أن تقرر كيفية الوفاء بمسؤولياتك والتزاماتك بناءً على وضعك الخاص؛ لا تتحمّل أكثر مما تستطيع تحمله بالنظر إلى ظروفك وقدراتك. لا يجب أن تحاول إبهار الناس من خلال التظاهر بقدرات لا تمتلكها ولا يجب أن تخشى ازدراء الآخرين أو حكمهم عليك أو إدانتهم لك. من الخطأ أن تفعل أشياء من أجل إرضاء غرورك. فقط قم بالقدر الذي تستطيع القيام به، وتحمّل قدر ما يمليه عليك إحساسك بالمسؤولية، وقم بالوفاء بالالتزامات التي تستطيع الوفاء بها. هذا حقك. لست بحاجة إلى إجبار نفسك على القيام بأشياء لم يطلبها الله منك. لا معنى لاتباع ضميرك للقيام بأشياء لا علاقة لها بالحق. مهما فعلت، فإن الله لن يمتدحك عليها، ولن يدل ذلك على أنك قد أديت شهادة حق، فضلًا عن أن تكون قد زودت نفسك بالأعمال الصالحة. يجب أن يكون لك اختيارك ومبادئك الخاصة بالنسبة إلى الأمور التي لا تتعلق بمطالب الله، ولكن يطالبك الناس بفعلها. لا تتقيد بالناس. يكفي ألا تفعل أي شيء يخالف ضميرك، وعقلك، ويخالف الحق. إذا ساعدتَ شخصًا ما بحل مشكلة وقتية له، فسيعتمد عليك، وسيؤمن بأنه ينبغي عليك ويجب عليك أن تحل مشكلاته، ومن ثم سيصبح معتمدًا عليك بشكل كامل وسينقلب عليك إذا فشلت في حل مشكلاته ولو لمرة واحدة فقط. لقد جلب لك هذا الأمر المتاعب وهذا ليس نوع النتائج التي تريد أن تراها. إذا توقعت هذا النوع من النتائج، يمكنك اختيار عدم مساعدته. وبعبارة أخرى، لن يكون من الخطأ في هذه الحالة الامتناع عن تنفيذ تلك المسؤولية أو الالتزام. هذا هو نوع النظرة والموقف الذين يجب أن يكونا لديك تجاه المجتمع والبشرية، وبشكل أكثر تحديدًا، المجتمع الذي تعيش فيه. يعني هذا أن تقدم لشخص ما ما تستطيع تقديمه من المحبة، وأن تفعل ما تستطيع فعله. لا تخالف قناعاتك في محاولة منك للتباهي، ولا تحاول القيام بأشياء لا تستطيع القيام بها. لا داعي أيضًا لإجبار نفسك على دفع ثمن لا يستطيع الشخص العادي دفعه. باختصار، لا تطلب من نفسك أكثر مما ينبغي. فقط افعل ما أنت قادر على فعله. كيف يبدو هذا المبدأ؟ (يبدو جيدًا). على سبيل المثال، يطلب صديقك استعارة سيارتك فتفكر في الأمر: "لقد أعارني أشياءً في الماضي، لذا من جهة الحق، ينبغي أن أسمح له باستعارة سيارتي. لكنه لا يعتني بالأشياء جيدًا أو يستخدمها باعتدال. قد ينتهي الأمر إلى إتلاف سيارتي. من الأفضل ألا أسمح له باستعارتها". لذا تقرر عدم السماح له باستعارة سيارتك. هل هذا هو التصرف الصحيح؟ إعارة سيارتك أو عدم إعارتها ليست بالأمر المهم؛ فما دام لديك فهم دقيق وثاقب للمسألة، فما عليك إلا أن تتخذ ما تعتقد أنه أنسب مسار يمكنك أن تتخذه، وستكون على صواب. لكن ماذا لو قلت لنفسك: "حسنًا، سأسمح له باستعارتها. لم يسبق له أن رفض طلبي عندما طلبت استعارة أشياء منه من قبل. إنه ليس مقتصدًا أو حريصًا عند استخدام الأشياء، لكن لا بأس بذلك. إذا تعرضت سيارتي للتلف، سأنفق القليل من المال لإصلاحها"، ثم وافقت على إعارته سيارتك ولم ترفض طلبه؛ هل هذا هو التصرف الصحيح؟ لا خطأ في ذلك أيضًا. على سبيل المثال، إذا جاءك شخص سبق أن ساعدك عندما تواجه أسرته بعض الصعوبات، فهل ينبغي لك المساعدة أم لا؟ هذا يعتمد على وضعك، ولن يكون قرارك بالمساعدة من عدمها مسألة مبدأ. كل ما عليك فعله هو أن تتصرف من منطلق الإخلاص، والفطرة، والوفاء بمسؤولياتك على أكمل وجه. ومن خلال القيام بذلك، ستتصرف في نطاق إنسانيتك وحس الضمير لديك. لا يهم إذا ما أتممت هذه المسؤولية بالكامل أو قمت بها على أكمل وجه. يحق لك أن توافق أو ترفض؛ لا يمكن أن يُقال عنك إنك تفتقر إلى الضمير إذا رفضت، ولا يمكن أن يقال عن صديقك إنه قد أسدى إليك معروفًا عندما ساعدك. هذه الأفعال لا ترقى إلى هذا المستوى. هل تفهمون؟ (نعم). لقد كان هذا نقاشًا حول المعروف، أي كيف يجب أن تنظر إلى المعروف، وكيف تتعامل مع مسألة مساعدة الآخرين، وكيف يجب أن تقوم بمسؤولياتك المجتمعية. في هذه الأمور، يجب على الناس أن يطلبوا مبادئ الحق؛ إذ لا يمكنك علاج هذه المشكلات بمجرد الاعتماد على ضميرك وعقلك. يمكن أن تكون بعض الظروف الخاصة معقدة للغاية، وإذا لم تتعامل معها وفقًا لمبادئ الحق، فأنت عرضة لجلب المتاعب والعواقب السلبية. ومن ثم، في هذه الأمور، يجب أن يفهم شعب الله المختار مقاصد الله ويتصرف بإنسانية، وعقل، وحكمة، ومبادئ الحق. سيكون هذا هو النهج الأنسب.

فيما يتعلق بالقول المأثور: "سدد اللطف بكل امتنان"، ثمة موقف آخر قد ينشأ، وهي أن المساعدة التي تتلقاها ليست بالأمر الصغير مثل زجاجة ماء، أو حفنة من الخضروات، أو كيس أرز، بل شكل من أشكال المساعدة التي تؤثر عليك وعلى أسرتك في معيشتكم، ولها آثار على قدرك وآفاقك المستقبلية. على سبيل المثال، قد يعطيك شخص ما بعض الدروس أو مساعدة مالية تمكنك من الالتحاق بجامعة جيدة، أو العثور على وظيفة مرموقة، أو أن تتزوج زيجة جيدة، وأن يتوالى حدوث الأشياء الطيبة في حياتك. هذا ليس مجرد معروف صغير أو مساعدة صغيرة تافهة؛ فالكثير من الناس ينظرون إلى هذا النوع من الأشياء على أنه معروف عظيم. كيف يجب عليكم التعامل مع هذا النوع من المواقف؟ ترتبط مثل هذه الأشكال من المساعدة بالمسؤولية المجتمعية والالتزامات التي يقوم بها الإنسان والتي ناقشناها للتو، ولكن لأن لها آثار على بقاء الإنسان، ومصيره، وآفاقه المستقبلية، فهي أكثر قيمة بكثير من مجرد زجاجة ماء أو كيس أرز؛ إنها ذات تأثير أكبر بكثير على حياة الناس، ومعيشتهم، ووقتهم على هذه الأرض. ومن ثم، فإن قيمتها أكبر بكثير. والآن، هل يجب أن يرقى مستوى هذه الأشكال من المساعدة إلى مستوى المعروف؟ بالمثل، لا أنصح بالنظر إلى هذه الأنواع من المساعدة على أنها معروف. وبما أنه لا ينبغي النظر إلى هذه الأشكال من المساعدة باعتبارها معروفًا، فما الطريقة المناسبة والسليمة للتعامل مع هذا النوع من المواقف؟ أليست هذه مشكلة يواجهها البشر؟ على سبيل المثال، ربما أبعدك شخص ما عن حياة الجريمة، وأعادك إلى السلوك القويم، وحصل لك على وظيفة في مجال عمل مشروع، مما أتاح لك أن تعيش حياة طيبة، وتتزوج وتستقر، وأن تغير مصيرك إلى الأفضل. أو ربما عندما كنت في وضع صعب وتشعر باليأس والإحباط، قدم لك شخص صالح بعض المساعدة والإرشاد، مما أدى إلى تغيير آفاقك المستقبلية بطريقة إيجابية، وسمح لك بالارتقاء فوق البقية وعيش حياة طيبة. كيف يجب أن تتعامل مع مثل هذه المواقف؟ هل يجب أن تتذكر لطفه وترده له؟ هل يجب أن تجد طرقًا لتعويضه ومكافئته؟ في هذه الحالة، يجب أن تسمح للمبادئ بتوجيه قراراتك، أليس كذلك؟ يجب عليك تحديد نوعية الشخص الذي يساعدك. إذا كان شخصًا صالحًا وإيجابيًا، فيمكنك – إضافةً إلى توجيه الشكر له – أن تستمر في التعامل معه بشكل طبيعي، ومصادقته، وبعد ذلك، عندما يحتاج إلى المساعدة، يمكنك الوفاء بمسؤوليتك والتزامك تجاهه بقدر ما تستطيع. ورغم ذلك، لا يجب أن يتخذ هذا الوفاء بالمسؤولية والالتزام شكلًا غير مشروط من أشكال العطاء، بل يجب أن يكون محدودًا بما يمكنك تقديمه في ظل ظروفك. هذه هي الطريقة المناسبة للتعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص في هذه المواقف. لا يوجد فارق في المستوى بينكما؛ فبالرغم من أنه ساعدك وأسدى إليك لطفًا، فلا يمكن تسميته بمخلصك، لأن الله وحده هو القادر على تخليص البشر. كل ما فعله هو أنه تصرف من خلال سيادة الله وترتيباته لتقديم العون لك؛ وهذا بالتأكيد لا يعني أنه أعلى منك مكانة، ولا يعني بالطبع أنه يمتلكك أو يمكنه التلاعب بك والتحكم فيك. لا يحق له أن يتحكم في مصيرك، ولا ينبغي له أن ينتقدك أو يعلق على حياتك؛ فأنتما لا تزالان متساويان. وبما أنكما متساويان، فيمكنكما التفاعل أحدكما مع الآخر كصديقين، وعندما يناسبك، يمكنك مساعدته بأفضل ما لديك من قدرات. لا يزال هذا وفاء بمسؤوليتك المجتمعية والتزامك في نطاق الإنسانية والقيام بما يجب عليك القيام به على أساس الإنسانية وضمن نطاقها؛ فأنت تقوم بمسؤولياتك والتزاماتك بطريقة هادفة. لماذا ينبغي أن تفعل هذا؟ لقد ساعدك في الماضي وأتاح لك جني المنافع وتحقيق مكاسب كبيرة، لذا فإن حس الضمير الذي ينبع من إنسانيتك يملي عليك أنه ينبغي لك أن تعامله كصديق. سيسأل بعض الناس: "هل يمكنني أن أعامله ككاتم أسرار مقرب؟" يعتمد هذا على مدى انسجامكما معًا، وما إذا كانت إنسانيتكما وتفضيلاتكما، وكذلك ما تسعيان إليه ونظرتكما للعالم، متشابهة. الإجابة تعتمد عليك أنت. الآن، في هذا النوع الفريد من العلاقات، هل يجب عليك أن تردّ الجميل لمن أحسن إليك بحياتك؟ بما أنه ساعدك كثيرًا وكان له هذا التأثير الهائل عليك، هل يجب عليك أن ترد له الجميل بحياتك؟ هذا ليس ضروريًا. إنك أنت المالك الأبدي لحياتك؛ لقد أعطاك الله حياتك، وهي ملكك وحدك وليس لأحد غيرك أن يديرها. لا داعي لأن تسمح بلا مبالاة لشخص آخر بإدارة حياتك بسبب هذا السياق وهذا الوضع. تلك طريقة حمقاء للغاية للقيام بالأمور، وهي بالطبع غير عقلانية أيضًا. مهما كان مدى قربكما كصديقين أو مدى قوة العلاقة بينكما، لا يمكنك سوى القيام بمسؤوليتك بصفتك شخصًا، وأن تتفاعل بشكل طبيعي، وأن يساعد أحدكما الآخر في نطاق الإنسانية والعقلانية. هذا المستوى من العلاقة أكثر عقلانية ومساواة. السبب الرئيسي الذي جعلكما صديقين في الأساس هو أن هذا الشخص قد ساعدك ذات مرة، ولذلك شعرت أنه يستحق أن يكون صديقًا لك وأنه يفي بالمعيار الذي تطلبه في أصدقائك. ولهذا السبب وحده كنت على استعداد لأن تصادقه. فكر أيضًا في هذا الموقف: ساعدك شخص ما في الماضي، وأحسن إليك بطرق معينة، وكان له تأثير على حياتك أو على حدث كبير ما، لكن إنسانيته والطريق الذي يسير فيه لا يتماشى مع طريقك وما تطلبه. أنتما لا تتكلمان لغة مشتركة، وهذا الشخص لا يعجبك، وربما على مستوى ما، يمكن القول إن اهتماماتكما وما تسعيان إليه مختلفة تمامًا. مسار كل منكما في الحياة ورؤيته للعالم ونظرته للحياة، مختلف تمامًا عن مسار الآخر ورؤيته ونظرته؛ أنتما شخصان مختلفان تمامًا. كيف ينبغي لك إذن التعامل مع المساعدة التي قدمها لك سابقًا والاستجابة لها؟ هل هذا موقف واقعي قد يحدث؟ (نعم). ماذا يجب أن تفعل إذن؟ هذا أيضًا موقف يسهل التعامل معه. بالنظر إلى أنكما تسيران في طريقين مختلفين، بعد أن تقدم له ما تستطيع تقديمه من تعويضات مادية على حسب إمكانياتك، تجد أن معتقداتكما متباينة للغاية، ولا يمكنكما السير في الطريق نفسه، ولا يمكنكما حتى أن تكونا صديقين، وليس بإمكانكما التفاعل معًا. كيف ينبغي لك المضي قدمًا، بالنظر إلى أنه لم يعد بإمكانكما التفاعل معًا؟ حافظ على مسافة بينك وبينه. ربما أحسن إليك هذا الشخص في الماضي، لكنه يشق طريقه في المجتمع بالاحتيال والغش، ويرتكب جميع أنواع الأفعال الشائنة وأنت لا تحب هذا الشخص، لذلك من المعقول تمامًا أن تبتعد عنه. قد يقول البعض: "أليس التصرف بهذه الطريقة افتقارًا إلى الضمير؟". هذا ليس افتقارًا للضمير؛ إذا واجه هذا الشخص حقًا بعض الصعوبات في حياته، فلا يزال بوسعك مساعدته، لكن لا يمكنك أن تكون مقيدًا به أو أن تسايره في فعل الشر والأفعال التي يأباها الضمير. لا داعي أيضًا لأن تجعل من نفسك عبدًا له لمجرد أنه ساعدك أو قدم لك معروفًا كبيرًا في الماضي؛ فهذا ليس التزامًا عليك وهو لا يستحق هذا النوع من المعاملة. إن لك الحق في أن تختار التعامل مع الأشخاص الذين تحبهم وتنسجم معهم، ولك الحق في قضاء الوقت معهم، وحتى أن تصبح صديقًا لهم؛ الأشخاص المناسبون لك. يمكنك الوفاء بمسؤوليتك والتزامك تجاه هذا الشخص، فهذا حقك. وبالطبع، يمكنك أيضًا أن ترفض مصادقة الأشخاص الذين لا تحبهم وأن ترفض التعامل معهم، ولست بحاجة إلى الوفاء بأي التزام أو مسؤولية تجاههم؛ وهذا أيضًا حقك. وحتى لو قررت أن تنبذ هذا الشخص ورفضت التعامل معه أو الوفاء بأي مسؤولية أو التزام تجاهه، فلن يكون هذا خطأ. يجب عليك أن تضع حدودًا معينة لطريقة تصرفك، وأن تتعامل مع الأشخاص المختلفين بطرق مختلفة. لا ينبغي لك أن تصاحب الأشرار ولا أن تقتدي بهم، فهذا هو الاختيار الحكيم. لا تتأثر بالعوامل المختلفة مثل الامتنان، والمشاعر، والرأي العام؛ هكذا يكون اتخاذ الموقف والتحلي بالمبادئ، وهذا ما يجب عليك فعله. هل يمكنكم قبول هذه الأساليب والادعاءات؟ (نعم). على الرغم من أن الآراء، ومسارات الممارسة، والمبادئ التي ناقشتها تتعرض للنقد في المفاهيم التقليدية والثقافة التقليدية، فإنَّ هذه الآراء والمبادئ ستحمي بقوة حقوق وكرامة كل شخص لديه إنسانية وحس بالضمير؛ فهي ستُمكن الناس من عدم التقيد بمعايير الثقافة التقليدية المزعومة للسلوك الأخلاقي وعدم تكبيلها لهم، والتحرر من خداع وتضليل هذه الأشياء الزائفة والمضللة والخادعة. ستتيح لهم هذه الآراء والمبادئ أيضًا فهم الحق من خلال كلام الله، والعيش وفقًا لكلام الله والحق، وعدم التأثر بهذه الآراء العامة حول الأخلاق، والتحرر من قيود وأغلال ما يسمى بالطرق الدنيوية، حتى يتمكنوا من معاملة الناس وكل الأشياء وفقًا لكلام الله وباستخدام الآراء الصحيحة، ويتخلصوا تمامًا من أغلال الأمور الدنيوية، والتقاليد، والأخلاق الاجتماعية وتضليلها. وهكذا، سيتمكنون من العيش في النور، وعيش الإنسانية الطبيعية، والعيش بكرامة، ونيل استحسان الله.

ما هو نوع التغيير الذي يمكن أن تحدثه في الإنسان أقوال عن الأخلاق الاجتماعية، مثل: "سدد اللطف بكل امتنان"، و"استمدّ المتعة من مساعدة الآخرين"؟ هل يمكنها أن تغير شخصية الإنسان الشيطانية التي تسعى إلى الحصول على المكانة والربح؟ هل يمكنها تحويل طموح الإنسان ورغبته؟ هل يمكنها معالجة الصراعات والقتل بين البشر؟ هل يمكنها أن تسمح للإنسان بوضع قدمه على الطريق الصحيح في الحياة وعيش حياةٍ سعيدة؟ (كلا). إذن ما هو تأثير معايير الأخلاق الاجتماعية هذه حقًّا؟ على أقصى تقدير، هل هي فقط تشجع بعض الأشخاص الصالحين على القيام بالأعمال الصالحة والمساهمة في سلامة المجتمع وأمنه؟ (نعم). هذا كل ما تفعله، وهي لا تحل حتى مشكلة واحدة. وحتى لو استطاع الناس في نهاية المطاف، في ظل تهيئة هذه المعايير المزعومة للسلوك الأخلاقي، أن يلتزموا بها ويعيشوا وفقًا لها، فهذا لا يعني أنهم سيتمكنون من التحرر من شخصياتهم الفاسدة والعيش بمظهر إنساني. على سبيل المثال، هب أن شخصًا ما قد أسدى إليك معروفًا، فتفعل كل ما بوسعك لرد جميله؛ فعندما يعطيك كيسًا من الأرز، ترد له بكيس كبير من الدقيق، وعندما يعطيك خمسة أرطال من لحم الخنزير، ترد له بخمسة أرطال من اللحم البقري. ماذا ستكون نتيجة تسديد كل منكما باستمرار للآخر؟ سيحسب كل منكما على انفراد من حصل على الجزء الأفضل من الصفقة ومن حصل على الجزء الأسوأ، وهذا سيؤدي إلى سوء تفاهم، وشجار، ومكائد بينكما. ماذا أعني بهذا؟ أعني أن شرط السلوك الأخلاقي "سدد اللطف بكل امتنان " لا يقيد طريقة تفكير الناس ويضللها فحسب، بل إنه أيضًا يُثقل حياة الناس بالكثير من المنغصات والأعباء بل وحتى الشقاء والحزن. وإذا حوَّلك هذا الشرط إلى عدو لشخص ما، فإنك ستواجه المزيد من المتاعب والمعاناة التي لا توصف! إن الانخراط في هذه العلاقات المبنية على الأخذ والعطاء ليس هو الطريق الذي ينبغي أن يسلكه الناس. يعيش الناس دائمًا بمثل هذه المشاعر والطرق الدنيوية التي لن تجلب في النهاية سوى الكثير من المتاعب التي لا داعي لها. هذا مجرد تعذيب للذات وعذاب لا طائل من وراءه. هكذا تزرع الثقافة التقليدية والادعاءات حول السلوك الأخلاقي نفسها في أذهان الناس وتضللهم. وبسبب افتقار الناس التام إلى حسن التمييز، يعتقدون مخطئين أن هذه الجوانب من الثقافة التقليدية صحيحة، ويتخذونها معيارًا وبوصلة لهم، ويلتزمون بصرامة بهذه المقولات ويعيشون تحت إشراف الرأي العام. وبالتدريج ومن دون قصد، تهيئهم هذه الأشياء، وتؤثر فيهم، وتتحكم بهم، ويشعرون بالعجز والكرب، ومع ذلك فإنهم عاجزون عن التحرر منها. وينزعج كثيرون عندما يتكلم الله لفضح هذه الجوانب من الثقافة التقليدية الموجودة داخل الناس ويحكم عليها. وعندما تتطهر أذهان الناس وأفكارهم ومفاهيمهم كليًا من هذه الأشياء، يشعرون فجأة بالفراغ التام كما لو لم يكن لديهم ما يتمسكون به، وسيتساءلون: "ماذا يجب أن أفعل في المستقبل؟ كيف يجب أن أعيش؟ بدون هذه الأشياء، ليس لدي أي مسار أو وجهة في حياتي. لماذا أشعر الآن بأنني فارغ وبلا هدف بعد أن تطهر ذهني من هذه الأشياء؟ إذا لم يعش الناس وفقًا لهذه الأقوال، فهل لا يزال يمكن اعتبارهم بشرًا؟ هل ستظل لديهم إنسانية؟" هذه طريقة تفكير خاطئة. في الواقع، بمجرد أن تتطهر من هذه الجوانب من الثقافة التقليدية، يتطهر قلبك، ولا تعد هذه الأشياء تقيدك وتغلك، وتكتسب الحرية والتحرر ولا تعود تعاني من هذه المضايقات؛ فكيف لا تريد أن تتطهر منها؟ على أقل تقدير، عندما تنبذ هذه الجوانب من الثقافة التقليدية التي لا تنتمي إلى الحق، ستخضع لمعاناة وكرب أقل، ويمكنك التخلص من العديد من القيود والهموم التي لا معنى لها. وإذا استطعت أن تقبل الحق وأن تعيش بحسب كلام الله، فستضع قدمك على الطريق الصحيح في الحياة، وتتمكن من العيش في النور. قد يبدو مبررًا تمامًا أن تتمسك بمعايير الثقافة التقليدية للسلوك الأخلاقي، ولكن هل أنت تعيش كشبه إنسان؟ هل وضعت قدمك على الطريق الصحيح في الحياة؟ لا يمكن لهذه الجوانب من الثقافة التقليدية تغيير أي شيء، فهي لن تستطيع تغيير تفكير الناس الفاسد، ولا شخصياتهم الفاسدة، وبالطبع لا يمكنها تغيير جوهر الناس الفاسد. ليس لها أي آثار إيجابية، وهي تتسبب عوضًا عن ذلك في أن تصبح إنسانية الإنسان ملتوية ومنحرفة من خلال تعاليمها، وتهيئتها، وتأثيرها. يدرك الناس بوضوح أن الشخص الذي أسدى إليهم معروفًا ليس شخصًا صالحًا، لكنهم مع ذلك يخالفون قناعاتهم ويردّون له المعروف، لمجرد أنه أسدى لهم معروفًا في الماضي. ما الذي يجعل الناس يردون للآخرين المعروف رغم قناعاتهم الخاصة؟ إنهم يفعلون ذلك لأن فكرة سدد اللطف الذي تلقاه بامتنان المستمدة من الثقافة التقليدية قد ترسخت في قلوبهم. إنهم يخشون أن يوصمهم الرأي العام بالعار إذا لم يخالفوا قناعاتهم ويردوا الجميل لمن ساعدهم، وسيُنظر إليهم على أنهم ناكرون للجميل لم يسددوا اللطف الذي تلقوه، وعلى أنهم أشخاص لئيمون ودنيئون، وعلى أنهم أشخاص بلا ضمير أو إنسانية. ولأنهم يخشون من كل هذا ويقلقون من ألا يساعدهم أحد في المستقبل، فليس أمامهم خيار سوى العيش تحت تهيئة وأغلال هذه الفكرة في الثقافة التقليدية المتمثلة في سدد اللطف الذي تلقاه بامتنان. ونتيجة لذلك، يعيش الناس جميعًا حياة منحرفة ومعذبة يتصرفون فيها ضد قناعاتهم ولا يستطيعون التحدث عن معاناتهم. هل يستحق الأمر كل هذا العناء؟ ألم تتسبب فكرة سدد اللطف بكل امتنان في معاناة الناس؟

فيما يتعلق بالقول المأثور: "سدد اللطف بكل امتنان"، فقد عقدت شركة للتو عن ماهية "المعروف" بالضبط، وكيف ينظر الله إلى تعريف الإنسان للمعروف، وكيف ينبغي أن يتعامل الإنسان مع هذا المعروف، وكيف تُعامل من أسدى لك معروفًا أو أنقذ حياتك، وما هما المنظور والطريق الصحيحان حقًا، وكيف ينبغي أن يكون موضعهما في حياتك، وكيف ينبغي أن يؤدي الناس التزاماتهم، وكيف ينبغي أن يتعامل الإنسان مع بعض الظروف الخاصة، ومن أي منظور ينبغي أن ينظر إليها. هذه أمور معقدة نسبيًا ولا يمكن إيضاحها ببعض الملاحظات المختصرة فحسب، ولكنني عقدت شركة معكم حول المسائل الأساسية، وجوهر المشكلات المتعلقة بهذا الموضوع، وما إلى ذلك. إذا واجهتم هذا النوع من المشكلات مرة أخرى، ألا تشعرون الآن أنكم بصورة أو بأخرى تفهمون بشكل أوضح وجهة النظر التي يجب أن تتبنوها ومسار الممارسة الذي يجب أن تسلكوه؟ يقول البعض: "من الناحية النظرية، أفهم بوضوح، لكن الناس من لحم ودم. عندما نعيش في هذا العالم، لا بد أن نتأثر بهذه المعايير الأخلاقية ونتأثر بالرأي العام. كثير من الناس يعيشون بهذه الطريقة، يقدرون أعمال المعروف ويسددون أي لطف يتلقونه بامتنان. إذا لم أعش بهذه الطريقة، فإنني حتمًا سأتعرض للذم والازدراء من الآخرين. أخشى أن ينعتني الناس بأنني أفتقر إلى الإنسانية، وأعيش منبوذًا، ولا يمكنني احتمال ذلك". ما المشكلة هنا؟ لماذا يتقيد الناس بهذا الأمر؟ هل هذه مشكلة يسهل حلها؟ إنها كذلك، وسأخبرك كيف. إذا كنت تشعر أنك ستعيش منبوذًا اجتماعيًا عندما لا تعيش وفقًا لوجهة نظر الثقافة التقليدية التي تقول سدد اللطف بكل امتنان؛ إذا كنت تشعر أنك لم تعد تشبه الشخص الصيني التقليدي، وأنك بابتعادك عن الثقافة التقليدية لا تعيش بوصفك إنسانًا وتفتقر إلى السمات التي تجعلك بشرًا؛ إذا خشيت ألا تندمج في المجتمع الصيني، وأن يحتقرك بنو وطنك الصينيون وينظرون إليك باعتبارك تفاحة فاسدة؛ فاختر اتباع الاتجاهات المجتمعية؛ لا أحد يجبرك ولن يدينك أحد. ولكن إذا كنت تشعر أن العيش وفقًا لما تمليه الثقافة التقليدية وتقدير أعمال المعروف دائمًا لم يجلب لك الكثير من الفائدة على مر السنين، وكان أسلوبًا متعبًا للعيش، وإذا كنت عازمًا على التخلي عن أسلوب الحياة هذا ومحاولة النظر إلى الناس والأشياء والتصرف والتعامل وفقًا لكلامي، فسيكون ذلك أفضل بالطبع. على الرغم من أنكم تفهمون الآن هذه الأمور من حيث المبدأ ولديكم فهم جيد للموقف، فإن نظرتكم إلى الناس والأشياء وكيفية عيشكم وتصرفكم في المستقبل هي شؤونكم الخاصة. يرجع إليك تقرير إلى أي مدى تتقبل ما قلته، وإلى أي مدى يمكنك تطبيقه على أرض الواقع، وإلى أي مدى ستأخذ به، وهو اختيارك. أنا لا أجبرك. أنا أرشدك إلى الطريق فحسب. ومع ذلك، ثمة شيء واحد مؤكد: إنني أقول لك الحقيقة عندما أقول إنك إذا عشت وفقًا للثقافة التقليدية، ستعيش حياة غير إنسانية ومهينة بشكل متزايد، وستجد أن حس ضميرك سيصبح متبلدًا أكثر فأكثر. وبالتدريج، ستعيش حياة بائسة لن تكون فيها بشرًا ولا شبحًا. ولكن، إذا مارست وفقًا لكلامي والمبادئ التي تحدثت عنها، فأنا أضمن لك أن تعيش شبه الإنسان، والضمير، والعقل، والكرامة أكثر كثيرًا؛ هذا أمر مؤكد. عندما تواجه لاحقًا مثل هذه المواقف، ستتمكن من العيش حرًا وطليقًا وستشعر بالسلام والبهجة. ستتضاءل الظلال والأعباء في قلبك، وستشعر بالثقة وتكون قادرًا على الوقوف بشموخ. لن تُبتلى بعد الآن، أو تُضلل، أو تتأثر بأساليب العالم الدنيوي، وستعيش بكرامة. ستشعر كل يوم أنك واقف بثبات، وستتعامل مع كل المسائل وتعالجها بأدق الطرق، متجنبًا الكثير من المنعطفات وقدرًا هائلًا من المعاناة التي لا ينبغي أن تكون مضطرًا لخوضها. لن تفعل أي شيء لا يجب أن تفعله، ولن تدفع أي ثمن لا يجب أن تدفعه، ولن تعيش بعد الآن من أجل الآخرين، كما لن تتأثر بعد الآن بوجهات نظر الناس وآرائهم، ولن تتقيد بعد الآن بآراء المجتمع وإداناته. أليست هذه حياة الكرامة؟ أليست هذه حياة حرة وطليقة؟ في هذا الوقت، ستشعر أن العيش وفقًا لكلام الله هو الطريق الصحيح الوحيد في الحياة، ومن خلال العيش بهذه الطريقة وحدها، يملك المرء شبه الإنسان ويحظى بالسعادة. عندما تعيش في ضباب الثقافة التقليدية، لا يمكنك أن ترى الطريق بوضوح، وتعتقد مخطئًا أنك في طريقك إلى مدينة فاضلة مثالية تقع في عالم الإنسان. لكن في نهاية المطاف، ينتهي بك الأمر إلى الضلال، ويسخر منك الشيطان ويعذبك. واليوم، بعد أن سمعت صوت الله، واكتشفت الحق، ورأيت النور يأتي إلى عالم الإنسان، فقد بددت الضباب ورأيت بوضوح الطريق والاتجاه الذي يجب أن تسلكه حياتك. إنك تتقدم إلى الأمام بسرعة وتعود أمام الله. أليست هذه نعمة الله وبركته؟ وإذن، هل بددتم هذا الضباب الآن ورأيتم السماء الصافية في الأعلى؟ ربما تكونون قد رأيتم بالفعل بصيصًا من الضوء وتتحركون نحو النور، وهذه أعظم بركة. إذا استطعتم سماع صوت الله، وقبول الحق وفهمه، وتبديد الضباب، والتخلي عن كل هذه الأشياء الخاطئة في الثقافة التقليدية، وإزالة كل العقبات، يمكنكم أن تضعوا أقدامكم على طريق الخلاص. هذا كل ما لديّ لأشاركه فيما يتعلق بمقولة السلوك الأخلاقي: "سدد اللطف بكل امتنان". من الآن فصاعدًا، يمكنكم أن تعقدوا المزيد من الشركة معًا حول هذه الكلمات، وستتوصلوا إلى فهم كامل. لا يمكن للمرء أن يحصل على مدخل فوري لهذه الأمور بعد اجتماع واحد فقط لعقد شركة. وعلى الرغم من أنني أنهيت الآن شركتي حول هذه المقولة المتعلقة بالسلوك الأخلاقي، وأنتم تفهمونها من حيث النظرية والمبدأ، فإن التخلص من هذه المفاهيم التقليدية القديمة ليس بالأمر السهل في الحياة الواقعية. قد تظلون متمسكين بهذه الأفكار القديمة وتناضلون معها لبعض الوقت. على أقل تقدير، سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تتمكنوا من نبذ هذه الجوانب من الثقافة التقليدية تمامًا والقبول الكامل لحق كلام الله. يجب أن تختبروا الحياة الواقعية وتعيشوها وتجدوا الثبات فيها تدريجيًا، وعند مواجهة المجتمع والبشر. من خلال هذه الاختبارات، ستعرفون تدريجيًا كلام الله وستفهمون الحق. وعندما تفعلون ذلك، ستبدؤون في الاستفادة واستخلاص المزايا وجني المكافآت، وستصحح وجهات نظركم وأفكاركم الخاطئة عن جميع أنواع الناس، والأحداث، والأشياء. هذه هي عملية السعي إلى الحق وطريقه.

سأتناول بعد ذلك مقولة "ضحِّ بمصالحك من أجل الآخرين". تشير هذه المقولة إلى فضيلة في الثقافة التقليدية الصينية ينظر الناس إليها على أنها فضيلة نبيلة وعظيمة. بطبيعة الحال، هذه الآراء مبالغ فيها وغير واقعية بعض الشيء، ولكن بغض النظر عن ذلك، فهي معترف بها في العموم باعتبارها فضيلة. عندما يسمع أي شخص عن هذه الفضيلة، يستحضر في ذهنه مشاهد معينة مثل: وضع الناس للطعام في أطباق بعضهم بعضًا عند تناول الطعام معًا وترك أفضل الطعام للآخرين؛ وسماح الناس للآخرين بالتقدم عليهم عند الوقوف في صف في متجر البقالة؛ وسماح الناس للآخرين بشراء التذاكر أولًا في محطة القطار أو المطار؛ وتنازل الناس للآخرين عند المشي أو القيادة وتركهم يتقدمون أولًا...هذه كلها أمثلة "جميلة" على "الكل للواحد، والواحد للكل". يُظهر كل مشهد من هذه المشاهد مدى الدفء والانسجام والسعادة والسلام في المجتمع والعالم. إن مستوى السعادة مرتفع للغاية لدرجة تفوق الخيال. وإذا سأل المرءُ أحدهم: "لماذا أنت سعيد إلى هذا الحد؟"، فإنه يجيب: "تدعو الثقافة التقليدية الصينية إلى التضحية بمصالحك الخاصة من أجل الآخرين. نحن جميعًا نمارس هذه الفكرة، وليس من الصعب علينا على الإطلاق أن نفعل ذلك. نحن نشعر بأننا مباركون للغاية". هل خطرت مثل هذه المشاهد في أذهانكم؟ (نعم). أين يمكن رؤية هذه المشاهد؟ يمكن رؤيتها في لوحات مهرجان الربيع التي كانت تُعلّق على الجدران خلال السنة الصينية الجديدة قبل تسعينيات القرن الماضي. يمكن العثور عليها في أذهان الناس وحتى فيما يسمى بالسراب، أو القلاع في السماء. باختصار، هذه المشاهد لا وجود لها في الحياة الواقعية. "ضحِّ بمصالحك من أجل الآخرين" هو بالطبع مطلب من مطالب دعاة الأخلاق فيما يتعلق بالمعايير الأخلاقية. إنها مقولة تتعلق بالسلوك الأخلاقي للإنسان، وهي تطلب من الناس أن يؤثروا الآخرين على أنفسهم قبل التصرف. يجب أن يفكروا أولًا في مصالح الآخرين وليس مصالحهم الخاصة. يجب أن يفكروا في الآخرين ويتعلموا أن يضحوا بأنفسهم، أي يجب أن يتخلوا عن مصالحهم، ومطالبهم، ورغباتهم، وطموحاتهم، بل وأن يذهبوا إلى حد التخلي عن كل ما يخصهم ويفكروا في الآخرين أولًا. بغض النظر عما إذا كان هذا المطلب قابلًا لأن يحققه الإنسان أم لا، يجب أن نسأل أولًا: أي نوع من الناس هم الذين يطرحون هذا الرأي؟ هل يفهمون معنى الإنسانية؟ هل يفهمون الفطرة والجوهر الإنساني لهذا المخلوق الذي يُدعى الإنسان؟ إنهم لا يملكون أدنى فهم. لا بد أن من طرحوا هذه المقولة هم أناس في غاية الحماقة ليضعوا هذا المطلب غير الواقعي القائل بالتضحية بمصلحة المرء من أجل الآخرين على عاتق أمثال هذا الإنسان، وهو مخلوق أناني لا يملك أفكارًا وإرادة حرة فحسب، بل هو أيضًا مليء بالأطماع والرغبات. وبغض النظر عما إذا كان الناس قادرين على تحقيق هذا المطلب أم لا، بالنظر إلى جوهر الناس وغرائزهم كمخلوقات، فإن دعاة الأخلاق الذين روجوا لهذا المطلب كانوا حقًا يفتقرون إلى الإنسانية. لماذا أقول إنهم كانوا يفتقرون إلى الإنسانية؟ على سبيل المثال، عندما يجوع شخص ما، سيشعر غريزيًا بجوعه ولن يفكر فيما إذا كان شخص آخر جائعًا أم لا. سيقول: "أنا جائع، أريد أن آكل شيئًا ما". إنه يفكر أولًا في "أنا". هذا أمر عادي، وطبيعي، وملائم. لن يخالف واحد يشعر هو نفسه بالجوع مشاعره الحقيقية ويسأل: "ماذا تريد أن تأكل؟". هل من الطبيعي أن يسأل شخص ما شخصًا آخر عما يريد أن يأكله عندما يكون هو نفسه جائعًا؟ (كلا). في الليل، عندما يكون الشخص متعبًا ومرهقًا، سيقول: "أنا متعب. أريد أن أنام". لن يقول أحد: "أنا متعب، فهل يمكنك الذهاب إلى الفراش والنوم من أجلي؟ عندما تنام أنت، أشعر بتعب أقل". ألن يكون من الغريب أن يعبّر عن نفسه بهذه الطريقة؟ (بلى). كل ما يستطيع الناس التفكير فيه والقيام به غريزيًا هو من أجل مصلحتهم الخاصة. إنهم بالفعل على ما يرام إذا كانوا قادرين على الاعتناء بأنفسهم؛ هذه هي الغريزة البشرية. إذا كنت قادرًا على العيش باستقلالية، بعد أن وصلت إلى مرحلة تستطيع فيها أن تعيش وتتدبر أمورك بنفسك، وتستطيع أن تعتني بنفسك، وتعرف كيف تذهب إلى الطبيب عندما تمرض، وتفهم كيف تتعافى من المرض، وتعرف كيف تحل كل المشكلات والصعوبات التي تظهر في الحياة، فأنت بالفعل على خير ما يرام. لكن أن تضحي بمصالحك الخاصة من أجل الآخرين، فهذا يتطلب منك أن تتخلى عن هذه الضروريات التي لديك لحساب مصالح الآخرين؛ وألا تفعل شيئًا لنفسك، وبدلًا من ذلك، مطلوب منك أن تفكر أولًا في مصالح الآخرين وتفعل كل شيء من أجل الآخرين، أليس هذا غير إنساني؟ أرى أن هذا يحرم الناس بوضوح تام من حقهم في الحياة. إن ضروريات الحياة الأساسية هي أمور يجب أن تتولاها أنت بنفسك، فلماذا يضحي الآخرون بمصالحهم الخاصة للقيام بهذه الأمور والاضطلاع بها من أجلك؟ أي نوع من الأشخاص سيجعلك هذا؟ هل أنت معاق ذهنيًا، أو جسديًا، أو أنت حيوان أليف؟ هذه كلها أشياء يجب أن يقوم بها الناس بالفطرة؛ لماذا يجب أن يتخلى الآخرون عن الأشياء التي يجب أن يقوموا بها ويضحوا بطاقتهم للقيام بهذه الأشياء من أجلك؟ هل هذا ملائم؟ أليس هذا المطلب الخاص بالتضحية بمصلحة الإنسان من أجل الآخرين مجرد شعار أجوف؟ (بلى). كيف يبدو هذا الكلام، ومن أين يأتي؟ أليس ناتجًا عن افتقار دعاة الأخلاق المزعومين هؤلاء إلى أدنى فهم لغرائز الإنسان، واحتياجاته، وجوهره، وحرصهم على التباهي بتفوقهم الأخلاقي؟ (بلى). أليس هذا غير إنساني؟ (بلى). إذا ضحى كل شخص بمصالحه الخاصة من أجل الآخرين، فكيف سيتولى شؤونه الخاصة؟ هل ترى حقًا أن الجميع معاقون وغير قادرين على إدارة شؤون حياتهم الخاصة، كما لو كانوا حمقى، أو معاقين ذهنيًا، أو بلهاء؟ إذا كنت لا ترى ذلك، فلماذا يجب عليك التضحية بمصالحك الخاصة من أجل الآخرين، وتطالب الآخرين بالتخلي عن مصالحهم الخاصة من أجلك؟ حتى بعض المعاقين لا يريدون من الآخرين أن يمدوا لهم يد المساعدة، بل يريدون أن يكسبوا رزقهم بأنفسهم ويديروا حياتهم بأنفسهم؛ إنهم لا يحتاجون إلى أن يدفع الآخرون ثمنًا إضافيًا من أجلهم أو أن يقدموا لهم أي مساعدة إضافية. إنهم يريدون من الآخرين أن يعاملوهم بشكل لائق؛ إنها وسيلة لهم للحفاظ على كرامتهم. ما يحتاجون إليه من الآخرين هو الاحترام، وليس العطف والشفقة. وينطبق هذا أكثر على أولئك الذين يستطيعون الاعتناء بأنفسهم، أليس كذلك؟ وبالتالي، فإن مطلب التضحية بمصالحك الخاصة من أجل الآخرين لا يستقيم في نظري، فهو يخالف فطرة الإنسان وحس ضميره، وهو على أقل تقدير غير إنساني. حتى لو كان الهدف هو الحفاظ على الأعراف الاجتماعية، والنظام العام، والعلاقات الشخصية الطبيعية، فلا داعي لأن نطالب بهذه الطريقة غير المعقولة وغير الإنسانية أن يخالف كل شخص إرادته ويعيش من أجل الآخرين. ألن يكون الأمر غريبًا وغير طبيعي إذا عاش الناس من أجل الآخرين وليس من أجل أنفسهم؟

في أي ظروف ينطبق مطلب التضحية بالمصالح الخاصة من أجل الآخرين؟ أحد هذه الظروف هو عندما يتصرف الآباء والأمهات لصالح أبنائهم. من المرجح أن يحدث ذلك لفترة محدودة فحسب. قبل أن يصبح الأطفال بالغين، يجب على الوالدين بذل قصارى جهدهم لرعايتهم، ومن أجل تربية أطفالهم حتى الرشد وضمان أن يعيشوا حياة صحية، وسعيدة، ومفرحة، يضحي الآباء بشبابهم، ويبذلون طاقاتهم، ويضعون ملذات الجسد جانبًا، بل ويضحون بمهنهم وهواياتهم. إنهم يفعلون كل هذا من أجل أطفالهم. هذه مسؤولية. لماذا يجب على الآباء الوفاء بهذه المسؤولية؟ لأن على كل أب وأم التزام بتربية أبنائهم. إنها مسؤوليتهم التي لا يمكنهم التنصل منها. ولكن ليس على الناس هذا الالتزام تجاه المجتمع والبشرية. إذا اعتنيتَ بنفسك، ولم تتسبب في مشكلات، ولم تتسبب في مشكلات للآخرين، فأنت بخير حال بالفعل. ثمة ظرف آخر يكون فيه الأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية غير قادرين على الاعتناء بأنفسهم ويحتاجون إلى والديهم، وإخوتهم، وحتى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لإعانتهم في حياتهم ومساعدتهم على البقاء على قيد الحياة. ثمة ظرف خاص آخر، وهو عندما يتعرض الناس أو المناطق لكارثة طبيعية، ولا يمكنهم البقاء على قيد الحياة دون إغاثة طارئة. هذه حالة يحتاجون فيها إلى مساعدة الآخرين لهم. هل هناك ظروف أخرى غير هذه الظروف، يجب فيها على الناس التضحية بمصالحهم الخاصة من أجل مساعدة الآخرين؟ ربما لا. في الحياة الواقعية، يتسم المجتمع بتنافسية شرسة، وإذا لم يبذل المرء كل طاقته الذهنية في القيام بعمله بشكل جيد، فمن الصعب أن يعيش وأن ينجو. إن البشر غير قادرين على التضحية بمصالحهم الخاصة من أجل الآخرين؛ إنه لأمر جيد بالفعل أن يضمنوا بقاءهم وألا يتعدوا على مصالح الآخرين. في الواقع، الوجه الحقيقي للبشرية ينعكس بشكل أكثر دقة من خلال الصراعات وعمليات القتل الانتقامية التي ينخرطون فيها وسط السياق الاجتماعي وظروف الحياة الواقعية. في الأحداث الرياضية، ترى أنه عندما يبذل الرياضيون كل ما في وسعهم لإظهار قدراتهم والخروج منتصرين في نهاية المطاف، لن يقول أي منهم: "لا أريد لقب البطل. أعتقد أنه ينبغي أن تأخذه أنت". لن يفعل أحد ذلك أبدًا. إن غريزة الناس هي التنافس على أن يكونوا في المركز الأول، والأفضل، والأعلى. في الواقع، الناس ببساطة غير قادرين على التضحية بمصالحهم الخاصة من أجل الآخرين، فليس في فطرة الإنسان أن يكون لديه هذه الحاجة أو الإرادة للتضحية بمصالحه من أجل الآخرين. فبالنظر إلى جوهر الإنسان وطبيعته، فإنه لا يستطيع ولن يتصرف إلا من أجل نفسه. إذا تصرف الإنسان من أجل مصالحه الذاتية، وكان بذلك قادرًا على اتخاذ الطريق الصحيح، فهذا أمر جيد، ويمكن اعتبار هذا الشخص كائنًا مخلوقًا صالحًا بين البشر. في أثناء عملك من أجل مصلحتك الذاتية، إذا كنت قادرًا على اتخاذ الطريق الصحيح، والسعي إلى الحق والأشياء الإيجابية، والتأثير الإيجابي في الناس من حولك، فأنت بالفعل على خير ما يرام. إن الترويج لفكرة التضحية بمصالح الفرد الخاصة من أجل الآخرين والمناداة بها ليس أكثر من شعارات جوفاء. إنها لا تتماشى مع احتياجات الإنسان، فضلًا عن الحالة الراهنة للبشرية. وعلى الرغم من حقيقة أن شرط التضحية بمصالح الفرد من أجل الآخرين لا يتماشى مع الواقع وغير إنساني، فإنه لا يزال يحظى بمكانة معينة في أعماق قلوب الناس، ولا تزال أفكارهم تتأثر به وتتقيد به بدرجات متفاوتة. عندما يتصرف الناس من أجل أنفسهم فقط، ولا يتصرفون من أجل الآخرين، ولا يساعدون الآخرين، أو لا يفكرون في الآخرين، أو لا يظهرون مراعاة لهم، فإنهم غالبًا ما يشعرون بالإدانة في قلوبهم. إنهم يشعرون بضغط غير مرئي، وأحيانًا يشعرون بعيون الآخرين الناقدة التي تحدق بهم. تنشأ كل هذه المشاعر بسبب تأثير الأيديولوجية الأخلاقية التقليدية المتجذرة في أعماق قلوبهم. هل تأثرتم أنتم أيضًا بدرجات متفاوتة بالثقافة التقليدية التي تفرض عليكم التضحية بمصالحكم الخاصة من أجل الآخرين؟ (نعم). لا يزال الكثير من الناس يوافقون على المتطلبات التي تفرضها الثقافة التقليدية، وإذا كان الشخص قادرًا على الالتزام بهذه المتطلبات، فإن الناس سيحسنون الظن به ولن يوبخه أحد أو يعارضه، مهما كان عدد هذه المتطلبات التي يفي بها. لو أن شخصًا رأى شخصًا آخر يسقط في الشارع ولم يذهب لمساعدته على النهوض، فإن الجميع لن يرضوا عن هذا الشخص، وسيقولون إن هذا الشخص يفتقر بشدة إلى الإنسانية. هذا يدل على أن المعايير التي تتطلبها الثقافة التقليدية التي تنطبق على الناس تحتل مكانة معينة في قلوبهم. لذا، إذا قيس المرء بناءً على هذه الأشياء من الثقافة التقليدية، فهل هذا أمر صحيح؟ أولئك الذين لا يفهمون الحق لن يتمكنوا أبدًا من فهم هذه المسألة بشكل كامل. يمكن القول إن الثقافة التقليدية كانت جزءًا من حياة الإنسان منذ آلاف السنين، ولكن ما هو التأثير الذي حققته بالفعل؟ هل غيرت النظرة الروحية للبشرية؟ هل جلبت الحضارة والتقدم للمجتمع؟ هل حلت مشكلات السلامة العامة في المجتمع؟ هل نجحت في تثقيف البشرية؟ لم تحل أيًا من هذه الأمور، فالثقافة التقليدية لم تكن فعالة على الإطلاق، لذا يمكننا القول بيقين إن معاييرها المطلوبة التي تُطبق على الإنسان لا يمكن اعتبارها معايير؛ إنها مجرد قيود يراد بها تقييد أيادي الناس وأرجلهم، وتكبيل أفكارهم، وتنظيم سلوكهم. إنها تجعل الإنسان أينما ذهب يكون حسن السلوك، ومتبعًا للقواعد، ويتحلى بمظاهر الإنسانية، ويحترم الكبير ويهتم بالصغير، ويعرف كيف يحترم الأقدمية. إنها تجعل الشخص لا يزعج الآخرين بمظهر السذاجة وعدم التهذيب. على أقصى تقدير، كل ما تفعله هذه المعايير هو جعل الناس يظهرون بمظهر أكثر أناقة وتهذيبًا؛ وفي الواقع، لا علاقة لهذا الأمر بجوهر الناس ولا يفيد إلا في كسب استحسان الآخرين اللحظي وإرضاء غرور المرء. أنت تشعر بسعادة غامرة عندما يخبرك الناس كم أنت شخص صالح لأنك تقوم ببعض المهام من أجلهم. عندما تُظهِر قدرتك على الاهتمام بالصغار وكبار السن من خلال التخلي عن مقعدك لهم في الحافلة، ويقول الآخرون كم أنت شاب طيب، وأنك مستقبل الأمة، تشعر بالسعادة أيضًا. أنت تسعد أيضًا عندما تقف في صف لشراء التذاكر وتسمح لشخص خلفك بشراء تذكرته أولًا، فيمتدحك الآخرون على اهتمامك بالآخرين. بعد اتباعك بعض القواعد وإظهار بعض السلوكيات الصالحة، تشعر أنك صاحب شخصية نبيلة. إذا كنت تعتقد أنك في منزلة أعلى من الآخرين بعد القيام ببعض الأعمال الصالحة لمرة واحدة؛ أليس هذا من الحماقة؟ يمكن لهذه الحماقة أن تجعلك تفقد طريقك وعقلك. وليس من المجدي أن تنفق الكثير من الوقت في عقد شركة عن هذا القول المتعلق بالسلوك الأخلاقي حول التضحية بمصالحك الخاصة من أجل الآخرين. إن المشكلات المرتبطة به سهلة التمييز إلى حد ما، لأنها تحرّف إنسانية الناس، وشخصيتهم، وكرامتهم إلى حد كبير وتشوهها. إنها تجعلهم يصبحون أقل إخلاصًا، وأقل عملية، وراضين عن أنفسهم، وأقل قدرة على معرفة كيف يجب أن يعيشوا، وكيف يميزون الناس، والأحداث، والأشياء في الحياة الواقعية، وكيف يتعاملون مع المشكلات المختلفة التي تحل بهم في الحياة الواقعية. لا يقدر الناس سوى على تقديم بعض المساعدة ومواساة الآخرين في همومهم ومشكلاتهم، لكنهم يفقدون بوصلة الطريق الذي يجب أن يسلكوه في الحياة، ويتلاعب بهم الشيطان ويصبحون موضع سخريته؛ أليست هذه علامة على المهانة؟ على أي حال، إن هذا المعيار الأخلاقي المزعوم المتمثل في التضحية بمصالح الفرد الخاصة من أجل الآخرين هو قول غير صادق ومنحرف. وبالطبع، في هذا الصدد، فإن الله لا يطلب من الناس سوى أن يفوا بالالتزامات، والمسؤوليات، والواجبات التي كُلِّفوا بها، وألا يتسببوا في أذى أو ضرر أو إضرار بالناس، وأن يتصرفوا بطريقة يمكن للآخرين أن يكسبوا ويستفيدوا منها؛ هذا أمر جيد بما فيه الكفاية. لا يطلب الله من الناس أن يتحملوا أي مسؤوليات أو التزامات إضافية. إذا كنت تستطيع الوفاء بجميع أعمالك، وواجباتك، والتزاماتك، ومسؤولياتك، فأنت بالفعل تقوم بعمل جيد، أليس هذا بسيطًا؟ (بلى). يمكن تحقيق ذلك بسهولة. وبما أن الأمر بسيط للغاية ويفهمه الجميع، فلا داعي لعقد شركة حول هذا الموضوع بمزيد من التفصيل.

بعد ذلك، سأناقش العبارة المتعلقة بالسلوك الأخلاقي، "يجب أن تكون المرأة فاضلة وطيبة ولطيفة وأخلاقية". إن الفارق بين هذه العبارة والمعايير الأخرى المطلوبة للسلوك الأخلاقي هو أن هذا المعيار موجه تحديدًا إلى المرأة. "يجب أن تكون المرأة فاضلة وطيبة ولطيفة وأخلاقية" هو مطلب غير إنساني وغير عملي من المرأة يقترحه من يسمون أنفسهم دعاة الأخلاق. لماذا أقول ذلك؟ يطالب هذا المعيار بأن تكون جميع النساء، سواء كنّ بنات أو زوجات، فاضلات، وطيبات، ولطيفات، وأخلاقيات. لكي تُعتبر المرأة صالحة ومحترمة، يجب أن تمارس هذا النوع من السلوك الأخلاقي وتتحلى بهذه الشخصية الأخلاقية. ما يعنيه هذا بالنسبة إلى الرجال هو أن المرأة يجب أن تكون فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية، بينما لا يحتاج الرجال إلى ذلك؛ فالرجال لا يحتاجون إلى أن يكونوا فاضلين، أو لطفاء، وبالأحرى لا يحتاجون إلى أن يكونوا رقيقين أو ذوي أخلاق حميدة. ماذا يجب على الرجال أن يفعلوا؟ فإذا أخفقت زوجاتهم في أن يكن فاضلات، وطيبات، ولطيفات، وأخلاقيات، فبإمكانهم تطليقهن أو نبذهن. وإذا لم يستطع الرجل أن يتحمل أن ينبذ زوجته، فماذا عليه أن يفعل؟ عليه أن يحولها إلى امرأة فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية، هذه مسؤوليته والتزامه. مسؤولية الرجل المجتمعية هي الإشراف الصارم على المرأة، وتوجيهها، ومراقبتها. يجب عليه أن يجسد دوره بشكل كامل باعتباره الأكثر تفوقًا، وعليه أن يقمع النساء الفاضلات، والطيبات، واللطيفات، والأخلاقيات، وأن يكون بمثابة السيد ورب البيت، وأن يحرص على أن تقوم المرأة بما يجب عليها وأن تؤدي التزاماتها المستحقة. وعلى النقيض من ذلك، لا يحتاج الرجال إلى ممارسة هذا النوع من السلوك الأخلاقي، فهم استثناء من هذه القاعدة. وبالنظر إلى أن الرجال استثناء من هذه القاعدة، فإن هذا الادعاء الخاص بالسلوك الأخلاقي هو مجرد معيار يمكن للرجل أن يحكم من خلاله على المرأة. بمعنى أنه عندما يريد الرجل الزواج من امرأة ذات سلوك أخلاقي حسن، كيف يحكم على المرأة؟ يمكنه فحسب أن يحدد ما إذا كانت المرأة فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية. فإذا كانت فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية، فيمكنه أن يتزوجها؛ وإذا لم تكن كذلك، فلا ينبغي له أن يتزوجها. إذا تزوج مثل هذه المرأة، فإن الآخرين سينظرون إليها بازدراء، بل سيقولون إنها ليست صالحة. إذن، ما هي المتطلبات المحددة التي يقول دعاة الأخلاق إن المرأة يجب أن تتوافر فيها حتى تُعتبر فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية؟ هل لهذه الصفات معاني محددة؟ هناك قدر كبير من المعاني وراء كل صفة من الصفات الأربع "فاضلة"، و"طيبة"، و"لطيفة"، و"أخلاقية"، وليس من السهل على أي شخص أن يتحلى بأي من هذه الصفات. لا يمكن لأي رجل أو مثقف أن يرتقي إلى مستوى هذه الصفات، ومع ذلك يطالبون النساء العاديات أن يفعلن ذلك؛ وهذا أمر مجحف للغاية في حق النساء. إذن، ما هي السلوكيات الأساسية والأشكال المحددة للسلوك الأخلاقي التي يجب أن تتحلى بها المرأة لكي تُعتبر فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية؟ أولًا، يجب على المرأة ألا تطأ قدميها خارج الغرف الداخلية لمسكنها أبدًا، ويجب عليها أن تربط قدميها عند طول أربع بوصات تقريبًا، وهو أقل من طول كف طفل صغير. وهذا يقيّد المرأة ويضمن عدم خروجها حيثما شاءت. فقبل الزواج، لا يُسمح للمرأة بالخروج من الحجرات الداخلية لمسكنها، وعليها أن تلزم مخدعها المنعزل، ولا يجوز لها أن تظهر وجهها في الأماكن العامة. فإذا استطاعت المرأة أن تلتزم بهذه القواعد، فإنها تتمتع بالصفات الأخلاقية للمرأة غير المتزوجة الفاضلة، والطيبة، واللطيفة، والأخلاقية. وبعد الزواج، يجب على المرأة أن تُظهر الطاعة البنوية لوالدي زوجها، وأن تعامل أقارب زوجها الآخرين بلطف. ومهما كانت معاملة أهل زوجها لها أو إساءة أهل زوجها لها، يجب عليها أن تتحمل المشقة والانتقادات، مثلها مثل الحصان المخلص. لا يجب عليها فقط أن تخدم جميع أفراد الأسرة، صغارًا وكبارًا، بل يجب عليها أيضًا أن تنجب أطفالًا لمواصلة سلالة الأجداد، وكل ذلك دون أدنى تذمر. ومهما تعرضت للضرب أو عانت من الظلم على يد والدي الزوج، ومهما كانت درجة تعبها ومهما كان عليها أن تعمل بكد، لا يمكنها أبدًا أن تشتكي لزوجها من أي شيء من هذا. ومهما كانت درجة التنمر التي تتعرض لها من قبل والدي زوجها، لا يمكنها أن تُخبر أحدًا من خارج العائلة وتنشر أي نميمة عن عائلتها. ولا يمكنها التحدث علنًا مهما ظُلمت، ويجب أن تتقبل الإهانات والإذلال في صمت. وبالإضافة إلى أنه يجب عليها أن تتحمل المشقة والنقد، يجب عليها أيضًا أن تتعلم الخضوع للظلم بخنوع، وأن تكتم سخطها، وتتحمل الإهانة وعبء المسؤولية؛ عليها أن تتعلم فنون التحمل والصبر. ومهما كانت ما تحتويه الوجبة من طعام فاخر، يجب عليها أولًا أن تسمح لأفراد الأسرة الآخرين بتناوله، ولإظهار طاعتها البنوية يجب أن تسمح أولًا لوالدي زوجها بتناول الطعام، ثم لزوجها وأولادها. وبعد أن يأكل الجميع وينتهي كل الطعام الفاخر، يُترك لها أن تملأ معدتها بما فاض من بقايا الطعام. وبالإضافة إلى المتطلبات التي ناقشتها للتو، يُتوقع من المرأة في العصر الحديث أيضًا أن "تتألق في التجمعات الاجتماعية وكذلك في المطبخ". عندما سمعت هذه العبارة، تساءلت، ماذا يفعل كل الرجال إذا كان من المتوقع أن تتألق المرأة في التجمعات الاجتماعية وكذلك في المطبخ؟ يجب على المرأة أن تطبخ لجميع أفراد الأسرة، وأن تقوم بالأعمال المنزلية ورعاية الأطفال في المنزل، وأن تخرج إلى الحقول وتقوم بالأعمال الشاقة؛ عليها أن تتميز في المنزل وخارجه، وذلك بإنجاز كل هذه الأعمال. وعلى النقيض من ذلك، على الرجال أن يذهبوا إلى العمل فقط، ثم يعودون إلى المنزل ويضيعون وقتهم في الاستمتاع ولا يقومون بأي أعمال منزلية. وإذا أغضبهم شيء ما في العمل، فإنهم يفرغون غضبهم على زوجاتهم وأطفالهم؛ هل هذا عدل؟ ماذا لاحظتم من هذه الأمور التي ناقشتها؟ لا أحد يضع أي مطالب على السلوك الأخلاقي للرجل، ومع ذلك يُتوقع من المرأة أن تتألق في التجمعات الاجتماعية وكذلك في المطبخ، بالإضافة إلى الحفاظ على شخصية فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية. كم عدد النساء القادرات على الوفاء بمثل هذه المتطلبات؟ أليس من الظلم فرض مثل هذه المتطلبات على النساء؟ وإذا ارتكبت المرأة أدنى خطأ، فإنها تتعرض للضرب والإهانة، وقد ينبذها زوجها. على النساء أن يتحملن كل هذا فحسب، وإذا لم يستطعن حقًا تحمل كل هذا، فليس أمامهن سوى اختيار الانتحار. أليس من الظلم أن نطالب النساء على وجه التحديد بمثل هذه المطالب اللا إنسانية في حين أنهن أضعف جسديًا وأقل قوة وقدرة جسدية من الرجال؟ من بين النساء هنا اليوم، ألا تجدن أنه من المبالغ فيه أن يطلب الناس منكن مثل هذه المطالب في الحياة الواقعية؟ هل من المفترض حقًا أن يتحكم الرجال في النساء؟ هل من المفترض أن يكونوا أسيادًا لهن ويدفعوهن إلى تحمل المشقة؟ بالنظر إلى هذا الوضع المنحرف، ألا يمكننا أن نستنتج أن مقولة "يجب أن تكون المرأة فاضلة وطيبة ولطيفة وأخلاقية" تتسبب فعليًا في إحداث شرخ في المجتمع؟ أليس من الواضح أنها ترفع من مكانة الرجل في المجتمع، بينما تقلل عمدًا من مكانة المرأة؟ إن هذا الشرط يجعل الرجل والمرأة يعتقدان اعتقادًا راسخًا بأن مكانة المرأة الاجتماعية وقيمتها في المجتمع أقل من مكانة الرجل، وليست مساوية له. ولذلك، يجب أن تكون المرأة فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية، وأن تعاني من سوء المعاملة، وأن تتعرض للتمييز، والإذلال، والحرمان من الحقوق الإنسانية في المجتمع. وعلى النقيض من ذلك، من المسلّم به أن الرجل يجب أن يكون رب الأسرة، ومن المنطقي أن يطلب أن تكون المرأة فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية. ألا يتسبب هذا عن قصد في إحداث صراع داخل المجتمع؟ ألا يتسبب عن قصد في إحداث انشقاقات داخل المجتمع؟ ألن تثور بعض النساء بعد أن عانين من سوء المعاملة على مدى فترة طويلة من الزمن؟ (بلى). أينما يقع الظلم، ستكون هناك ثورة. هل هذا القول عن السلوك الأخلاقي عادل ومنصف للمرأة؟ على أقل تقدير، إنه ليس منصفًا وعادلًا للمرأة، فهو على الأقل يعطي تصريحًا للرجال بالتصرف بوقاحة أكبر، ويعمّق الانقسامات في المجتمع، ويزيد من مكانة الرجل في المجتمع ويقلل من مكانة المرأة، وفي الوقت نفسه يحرم المرأة أكثر من حقها في الوجود، ويزيد من تفاقم عدم المساواة بين مكانة الرجل والمرأة في المجتمع. يمكنني أن ألخص الدور الذي تلعبه المرأة في المنزل وفي المجتمع بشكل عام، وكذلك نوع السلوك الأخلاقي الذي تظهره، في كلمتين فحسب: كيس الملاكمة. إن القول المتعلق بالسلوك الأخلاقي بأن "المرأة يجب أن تكون فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية" يطالب المرأة باحترام كبار العائلة، ومحبة ورعاية صغار أفراد العائلة، وأن تحترم زوجها بشدة، وأن تخدمه خدمة كاملة. يجب عليها أن تتولى جميع شؤون الأسرة داخل المنزل وخارجه، ومهما تحملت من مشاق، لا يمكنها أبدًا الشكوى؛ أليس هذا حرمانًا للمرأة من حقوقها؟ (بلى). هذا حرمان للمرأة من حريتها، وحقها في حرية التعبير، وحقها في الحياة. هل من الإنسانية أن تُحرم المرأة من جميع حقوقها وبرغم ذلك تطالبها بالقيام بمسؤولياتها؟ هذا بمثابة سحق للمرأة وإلقاء الويلات عليها!

من الواضح تمامًا أن دعاة الأخلاق الذين فرضوا هذا الشرط على النساء، وألقوا عليهن بالويلات في هذه العملية، كانوا رجالًا وليس نساءً. لم تكن النساء ليخترن أن يدسن على بنات جنسهن، لذلك كان ذلك بالتأكيد من عمل الرجال. كانوا يخشون أنه إذا أصبحت المرأة قادرة أكثر مما ينبغي، وربحت الكثير من السلطة، وتمتعت بالكثير من الحرية، ستصبح مساوية للرجل ما لم توضع تحت إشراف ورقابة صارمين. وكانت المرأة القادرة ستكتسب بالتدريج مكانة أعلى من الرجل، وتكف عن القيام بواجباتها في المنزل، وهذا – حسب اعتقادهم – سيؤثر على الانسجام الأسري. وإذا افتقرت الأسر الفردية إلى الانسجام، فإن المجتمع ككل سيصبح غير منسجم، وكان هذا الأمر مقلقًا لحكام البلاد. كما ترون، أيًا كان ما نناقشه، يبدو أن الحديث يعود دائمًا إلى الطبقة الحاكمة. إنهم يضمرون نوايا شريرة ويرغبون في التعامل مع النساء واتخاذ إجراءات ضدهن؛ وهذا أمر غير إنساني. إنهم يطلبون من المرأة، سواء في المنزل أو في المجتمع ككل، أن تكون مطيعة تمامًا، وأن تخضع للقهر بخنوع، وأن تتواضع وتذل نفسها، وأن تتقبل كل الإهانات، وأن تكون مثقفة وعقلانية ووديعة ومراعية للغير، وأن تتحمل كل المشاق والانتقادات، وهكذا. من الواضح أنهم يتوقعون أن تكون النساء مثل كيس الملاكمة وممسحة الأرجل فحسب، فلو فعلن كل هذا، فهل سيظللن بشرًا؟ إذا كن قادرات حقًا على الالتزام بكل هذه المطالب، فلن يكن بشرًا، بل سيكن كالأصنام التي يعبدها غير المؤمنين، التي لا تأكل ولا تشرب، ومنقطعات عن الاهتمامات المادية الدنيوية، ولا يغضبن أبدًا، ولا شخصية لديهن. أو قد يكن مثل الدمى أو الآلات التي لا تفكر أو تتفاعل بشكل مستقل. أي شخص حقيقي سيكون له آراء ووجهات نظر في أقوال العالم الخارجي وقيوده؛ لا يمكن أن يخضع بخنوع لكل القهر، وهذا هو سبب ظهور حركات حقوق المرأة في العصر الحديث. لقد ارتقت مكانة المرأة في المجتمع تدريجيًا في المائة سنة الماضية أو نحو ذلك، وتحررت أخيرًا من الأغلال التي كانت تقيدها في السابق. كم عدد السنوات التي خضعت فيها المرأة لهذه العبودية؟ في شرق آسيا، تم إخضاعهن لآلاف السنين على الأقل. كانت هذه العبودية قاسية ووحشية بشكل لا يصدق، إذ كانت أقدامهن مقيدة لدرجة أنهن لم يكن يستطعن حتى المشي ولم يدافع أحد عن هؤلاء النساء ضد الظلم. لقد سمعت أنه في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وضعت بعض الدول والمناطق الغربية أيضًا بعض القيود على حرية المرأة. كيف كانوا يقيدون النساء في تلك الأيام؟ لقد جعلوهن يرتدين تنانير مطوقة مثبتة على خصورهن بمشابك معدنية ومثبتة بحلقات معدنية ثقيلة متدلية، وهذا ما جعل خروج النساء من المنزل أو المشي غير مريح على الإطلاق وقلل من قدرتهن على الحركة بشكل كبير. لذلك وجدت النساء صعوبة بالغة في المشي لمسافات أطول أو مغادرة منازلهن. ماذا فعلت النساء في هذه الظروف الصعبة؟ كل ما كان بإمكانهن فعله هو الإذعان في صمت والبقاء في المنزل، ولم يكن بإمكانهن المشي لمسافات أطول. كان الخروج للتجول، ورؤية المعالم، وتوسيع آفاقهن، أو زيارة الأصدقاء أمرًا غير وارد. كان هذا هو الأسلوب المتبع في المجتمع الغربي لتقييد المرأة، إذ لم يكن يرغب في خروج المرأة من المنزل ومخالطة من تريد. في تلك الأيام، كان بإمكان الرجال ركوب عرباتهم التي تجرها الخيول أينما أرادوا دون أي قيود، بينما خضعت النساء لجميع أنواع القيود عند الخروج من المنزل. في العصر الحديث، أصبحت القيود المفروضة على النساء الآن أقل كثيرًا: فقد تم حظر تقييد القدمين وأصبحت المرأة في الشرق حرة في اختيار من تريد أن تكون على علاقة معه. لقد تحررت المرأة نسبيًا الآن وبدأت تخرج تدريجيًا من ظلال العبودية. ومع خروجهن من هذه الظلال، دخلن إلى المجتمع وبدأن في تحمل نصيبهن العادل من المسؤولية شيئًا فشيئًا. لقد حققت المرأة مكانة عالية نسبيًا في المجتمع، وأصبحت تتمتع بحقوق وامتيازات أكثر من ذي قبل، وبدأت النساء تُنتخب تدريجيًا في بعض البلدان كرئيسة للوزراء أو رئيسة جمهورية. هل هو أمر جيد أم سيئ للبشرية أن ترتفع مكانة المرأة تدريجيًا؟ على أقل تقدير، أتاح هذا الارتفاع في المكانة للمرأة قدرًا من الحرية والانطلاق، وهذا بالتأكيد أمر جيد للمرأة. هل من المفيد للمجتمع أن تتحرر المرأة وأن يكون لها الحق في التعبير عن نفسها؟ في الواقع، إنه مفيد؛ فالمرأة قادرة على القيام بأشياء كثيرة لا يجيدها الرجل أو لا يريد القيام بها. تتفوق النساء في العديد من مجالات العمل. في هذه الأيام، لا تستطيع المرأة قيادة السيارات فحسب، بل يمكنها أيضًا قيادة الطائرات، كما أن بعض النساء يعملن أيضًا كمسؤولات أو رئيسات على رأس الدول، وهن يؤدين وظائفهن بكفاءة الرجال؛ وهذا يعكس بوضوح أن المرأة مساوية للرجل. والآن يتم تعزيز وحماية الحقوق التي يجب أن تتمتع بها المرأة بشكل كامل، وهي ظاهرة طبيعية. وبالطبع، من الملائم أن تتمتع المرأة بحقوقها، ولكن فقط أصبح هذا الوضع الآن، بعد أن ظل مشوهًا لآلاف السنين، هو القاعدة مرة أخرى، وتحققت المساواة بين الرجل والمرأة بشكل أساسي. إذا نظرنا إلى الأمر من منظور الحياة الواقعية، نجد أن المرأة يزداد حضورها تدريجيًا في جميع الطبقات الاجتماعية وفي جميع الصناعات. بماذا يخبرنا هذا؟ إنه يخبرنا أن النساء من جميع أنواع التخصصات المختلفة يضعن مواهبهن تدريجيًا في مكانها ويضفن قيمة للبشرية والمجتمع. أيًا كانت الطريقة التي ينظر بها المرء إلى هذا الوضع، فمن المؤكد أنه مفيد للبشرية. لو لم تُستعد حقوق المرأة ومكانتها في المجتمع، فما هو نوع العمل الذي كانت ستقوم به؟ كانت لتصبح في المنزل للعناية بزوجها وتربية أطفالها، والاهتمام بشؤون المنزل، وممارسة سلوكياتهن الفاضلة، والطيبة، واللطيفة، والأخلاقية؛ ولما تمكنت من الوفاء بمسؤولياتها المجتمعية على الإطلاق. والآن بعد تعزيز حقوق النساء وحمايتها، أصبح بإمكانهن المساهمة في المجتمع بشكل طبيعي، واستفادت البشرية من القيمة والمساهمات التي قدمتها المرأة للمجتمع. تؤكد هذه الحقيقة تمامًا أن الرجال والنساء متساوون، وأنه لا ينبغي للرجل أن يقلل من شأن المرأة أو يسيء معاملتها، وأنه ينبغي زيادة مكانة المرأة الاجتماعية، وهذا كله يدل على أن المجتمع يتحسن. لقد أصبح للبشرية الآن فهم أكثر تبصرًا وصحة وتنظيمًا للجنسين، ونتيجة لذلك، بدأت النساء في الظهور في الوظائف التي كان الناس يعتقدون أنهن غير قادرات على القيام بها. ولا يقتصر الأمر على توظيف النساء العاملات الآن في المؤسسات الخاصة فحسب، بل أصبح من الشائع أن تشغل النساء مناصب في أقسام البحث العلمي، كما أن نسبة النساء اللاتي يشغلن مناصب قيادية وطنية في ازدياد. لقد سمعنا جميعًا أيضًا عن كاتبات، ومغنيات، ورائدات أعمال، وعالمات، كما أن العديد من النساء أصبحن بطلات واحتللن المراكز الأولى في الأحداث الرياضية، بل إن هناك بطلات في أوقات الحروب، وكل ذلك يثبت أن المرأة قادرة مثلها مثل نظرائها من الرجال. تتزايد نسبة النساء العاملات في كل صناعة وهذا أمر طبيعي نسبيًا، كما يقل التحيز ضد المرأة في جميع الحرف والمهن في المجتمع المعاصر، وأصبح المجتمع أكثر عدالة وأصبحت هناك مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة. لم تعد المرأة مقيدة ومحكومة بعبارات ومعايير للسلوك الأخلاقي مثل "يجب أن تكون المرأة فاضلة وطيبة ولطيفة وأخلاقية" أو "يجب أن تنحصر المرأة في مخدعها المنعزل". لقد أصبحت حقوق المرأة الآن محمية أكثر نسبيًا، مما يعكس حقًا المناخ الاجتماعي للمساواة بين الجنسين.

يبدو أننا لا نرى سوى مطالبة الرجال للنساء بأن يكنّ فاضلات، وطيبات، ولطيفات، وأخلاقيات، ولكننا لا نرى النساء أبدًا يطالبن الرجال بالمثل. هذه طريقة غير عادلة على الإطلاق في معاملة النساء، بل إنها أنانية، وحقيرة، ووقحة إلى حد ما. يمكن القول أيضًا إن معاملة المرأة بهذه الطريقة غير قانونية ومسيئة. في المجتمع المعاصر، وضعت العديد من الدول قوانين تحظر إساءة معاملة النساء والأطفال. في واقع الأمر، ليس لدى الله أي شيء محدد يقوله فيما يتعلق عن جنس البشر، لأن كلًا من الرجل والمرأة هما من خلق الله وامتداد لله. وباستخدام العبارة التي يقولها البشر: "راحة اليد وظهرها كلاهما من اللحم"؛ ليس لدى الله تحيز خاص تجاه الرجال أو النساء، ولا يفرض مطالب مميزة على هذا الجنس أو ذاك، فكلاهما سواء. لذلك، يستخدم الله المعايير القليلة نفسها للحكم عليك بغض النظر عما إذا كنت ذكرًا أو أنثى، إذ أن الله سينظر إلى نوع جوهر إنسانيتك، والطريق الذي تسلكه، وموقفك تجاه الحق، وما إذا كنت تحب الحق، وما إذا كان لديك قلب يتقي الله، وما إذا كنت تستطيع الخضوع له. عندما يختار الله شخصًا ما ويرعاه للقيام بواجب معين أو القيام بمسؤولية معينة، لا ينظر الله إلى ما إذا كان رجلًا أو امرأة. إن الله يرقي الناس ويستخدمهم، بغض النظر عما إذا كانوا ذكورًا أو إناثًا، من خلال النظر إلى ما إذا كان لديهم ضمير وعقل، وما إذا كانوا يتمتعون بمستوى قدرات مقبول، وما إذا كانوا يقبلون الحق والطريق الذي يسيرون فيه. بالطبع، عند تخليص الله للبشر وتكميلهم، لا يتوقف للنظر في جنسهم. إذا كنتِ امرأة، فإن الله لا ينظر ما إذا كنت فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية، أو ما إذا كنتِ حسنة السلوك، ولا يقيّم الرجال بناءً على رجولتهم وذكورتهم، فهذه ليست المعايير التي يقيّم الله الرجال والنساء بحسبها. ومع ذلك، يوجد دائمًا بين صفوف البشر الفاسدين أولئك الذين يميزون ضد المرأة، ويضعون بعض المطالب غير الأخلاقية وغير الإنسانية على المرأة لحرمانها من حقوقها، ومن مكانتها الاجتماعية الصحيحة، ومن القيمة التي يجب أن تكون لها في المجتمع، ويسعون إلى الحد من التطور الإيجابي للمرأة ووجودها داخل المجتمع وتقييده، وتشويه نفسيتها، وهذا يؤدي بالمرأة إلى أن تعيش حياتها كلها في حالة من الاكتئاب والكرب، ولا خيار أمامها سوى تحمل نمط حياة مهين في هذه البيئات الاجتماعية والأخلاقية المنحرفة وغير الصحية. والسبب الوحيد لحدوث ذلك هو أن المجتمع والعالم بأسره يسيطر عليه الشيطان، وكل أنواع الأبالسة تضلل البشرية وتفسدها بلا هوادة. ونتيجةً لذلك، يفشل الناس في رؤية النور الحقيقي، ولا يطلبون الله، ويعيشون عوضًا عن ذلك عن غير قصد أو عن غير علم تحت خداع الشيطان وتلاعبه، غير قادرين على تخليص أنفسهم. طريقهم الوحيد للخروج هو أن يطلبوا كلام الله، وظهوره، وعمله، من أجل تحقيق فهم الحق وامتلاك القدرة على رؤية مختلف المغالطات، والبدع، والكلمات الشيطانية، والادعاءات المنافية للعقل التي تنبع جميعها من الشيطان والبشرية الشريرة وتمييزها. عندها فقط سيكونون قادرين على التحرر من هذه القيود، والضغوط، والتأثيرات. وفقط من خلال النظر إلى الناس والأشياء والتصرف والتعامل وفقًا لكلام الله والحق، يستطيع المرء أن يعيش بمظهر إنساني، ويعيش بكرامة، ويعيش في النور، ويقوم بما يجب عليه القيام به، ويؤدي الالتزامات التي يجب عليه الوفاء بها، وبالطبع يساهم بقيمة نفسه، ويكمل رسالته في الحياة بقيادة الله ويسترشد بالأفكار والآراء الصحيحة؛ أليس من المفيد جدًا أن يعيش المرء بهذه الطريقة؟ (بلى، إنه كذلك). عندما تتأملون كيف استخدم الشيطان عبارة "يجب أن تكون المرأة فاضلة وطيبة ولطيفة وأخلاقية" لفرض مطالب على النساء، وتقييدهن، والتحكم بهن، بل واستعبادهن لآلاف السنين، ما نوع المشاعر التي تنتابكم؟ عندما تسمعن جميعكنّ أيتها النساء عبارة "يجب أن تكون المرأة فاضلة وطيبة ولطيفة وأخلاقية"، هل تشعرن على الفور بالمعارضة وتقلن: "لا تذكروا هذا! ليس له علاقة بي. على الرغم من أنني امرأة، فإن كلام الله يقول إن هذه العبارة لا علاقة لها بالمرأة"؟ سيقول بعض الرجال: "إذا لم يكن لها علاقة بكِ، فإلى من تُوجَّه هذه العبارة؟ ألست امرأة؟" وستجيبين أنتِ: "أنا امرأة، هذه هي الحقيقة، لكن هذه الكلمات لا تأتي من الله، فهي ليست الحق. هذه الكلمات تأتي من الشيطان ومن البشر، إنها تدوس المرأة وتحرمها من حقها في الحياة. هذه الكلمات غير إنسانية وظالمة للمرأة. سوف أقاومها!" ليس ضروريًا في الواقع أن تقاوميها. كل ما عليكِ فعله هو أن تتعاملي مع هذا النوع من العبارات بشكل صحيح، وأن ترفضيها ولا تتأثري بها وتتقيدي بها. إذا قال لكِ أحدهم في المستقبل: "أنتِ لا تبدين كامرأة، وتتحدثين بخشونة كالرجال. من عساه يرغب في الزواج منك؟" فكيف يجب أن يكون ردك؟ يمكنك أن تقولي: "إذا لم يتزوجني أحد، فليكن. هل تقصد حقًا أن تقول إن الطريقة الوحيدة للعيش بكرامة هي الزواج؟ هل تقصد القول بأن المرأة الفاضلة، والطيبة، واللطيفة، والأخلاقية، والمحبوبة من الجميع هي وحدها المرأة الحقيقية؟ لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا؛ لا ينبغي أن تكون كلمات الفاضلة، والطيبة، واللطيفة، والأخلاقية هي التي تُعرَّف بها المرأة حقًا. لا ينبغي تعريف المرأة من خلال جنسها، ولا ينبغي الحكم على إنسانيتها بناءً على ما إذا كانت فاضلة، وطيبة، ولطيفة، وأخلاقية، بل ينبغي الحكم عليها باستخدام المعايير التي يقيّم الله بها إنسانية الإنسان. هذه هي الطريقة العادلة والموضوعية لتقييمها". هل لديك الآن فهم أساسي لهذه المقولة: "يجب أن تكون المرأة فاضلة، ولطيفة، ورقيقة، وذات أخلاق حميدة"؟ من المفترض أن تكون شركتي قد أوضحت الآن الحقائق ذات الصلة بهذه المقولة ووجهات النظر الصحيحة التي يجب أن يتعامل بها الناس معها.

ثمة قول آخر مفاده: "عندما يشرب المرء ماء البئر، يجب ألا ينسى أبدًا من حفره". لا أريد عقد شركة عن هذا القول. لماذا لا أريد عقد شركة عن هذا القول؟ هذا القول يشبه في طبيعته عبارة "ضحِّ بمصالحك الخاصة من أجل الآخرين"، وثمة شيء من الانحراف في هذا القول أيضًا. كم سيكون الأمر غير مريح إذا كان على المرء أن يحيي ذكرى من حفر البئر في كل مرة يذهب فيها لأخذ الماء منه؟ بعض الآبار مزينة بأشرطة حمراء وتعويذات؛ ألن يكون الأمر غريبًا بعض الشيء إذا أحرق الناس أيضًا البخور وقدموا قرابين من الفاكهة هناك؟ مقارنةً بعبارة "عندما يشرب المرء ماء البئر، يجب ألا ينسى أبدًا من حفره"، أفضل كثيرًا مقولة "الأجيال القادمة تنعم بظلال الأشجار التي زرعتها الأجيال السابقة"، لأن هذه المقولة تعكس واقعًا يمكن للناس أن يختبروه شخصيًا ويعيشوه بالفعل. تستغرق الشجرة المزروعة من عشر سنوات إلى عشرين سنة حتى تنمو إلى الحجم الذي يمكّنها من توفير الظل، لذلك لن يتمكن الشخص الذي زرع الشجرة من الاستظلال بها لفترة طويلة، ولن تستفيد منها إلا الأجيال اللاحقة طوال حياتهم كلها. هذا هو الترتيب الطبيعي للأشياء. على النقيض من ذلك، هناك شيء مثير للأعصاب بعض الشيء في إحياء ذكرى من حفر البئر في كل مرة يشرب المرء الماء منه. ألن يبدو الأمر جنونيًا بعض الشيء إذا كان على كل شخص أن يحيي ذكرى من حفر البئر ويتذكره في كل مرة يأتي فيها لأخذ الماء؟ إذا كان هناك جفاف في تلك السنة واحتاج العديد من الناس إلى أخذ الماء من تلك البئر، ألن يمنع ذلك الناس من الحصول على الماء وطهي الطعام، إذا كان على الجميع الوقوف هناك وتذكر من حفر البئر قبل سحبهم الماء؟ هل سيكون هذا ضروريًا حقًا؟ سيؤدي ذلك إلى تعطيل الجميع. هل تقيم روح من حفر البئر عند البئر؟ هل يمكنه أن يسمع ذكرهم له؟ لا يمكن تأكيد أي من ذلك. لذا فإن هذه العبارة "عندما يشرب المرء ماء البئر، يجب ألا ينسى أبدًا من حفره" هي عبارة سخيفة ولا معنى لها على الإطلاق. لقد اقترحت الثقافة التقليدية الصينية العديد من هذه الأقوال فيما يتعلق بالسلوك الأخلاقي، ومعظمها سخيف، وهذه المقولة بالذات أكثر سخافة من معظمها. من الذي حفر البئر؟ لمن حفرها ولماذا؟ هل حفر البئر حقًا من أجل جميع الناس والأجيال اللاحقة؟ ليس بالضرورة. لقد فعل ذلك فقط من أجل نفسه وللسماح لعائلته بالوصول إلى مياه الشرب؛ لم يكن هناك أي تفكير في الأجيال اللاحقة. أليس هذا إذن تضليلًا وخداعًا للناس أن نجعل جميع الأجيال اللاحقة تحيي ذكرى من حفر البئر وتشكره، ونجعلهم يعتقدون أنه حفره من أجل جميع الناس؟ ومن ثم، فإن الشخص الذي اقترح هذه المقولة كان فقط يفرض أفكاره ووجهات نظره على الآخرين ويجبرهم على قبول أفكاره. وهذا أمر غير أخلاقي وسيجعل المزيد من الناس يشعرون بالاشمئزاز، والنفور، والمقت تجاه مثل هذه المقولة. إن أولئك الذين يروجون لهذا النوع من الأقوال لديهم بعض العاهات الفكرية التي تجعل من المحتم عليهم أن يقولوا ويفعلوا بعض الأشياء السخيفة. ما هي الآثار التي تتركها الأفكار والآراء المأخوذة من الثقافة التقليدية، مثل مقولات "عندما يشرب المرء ماء البئر، يجب ألا ينسى أبدًا من حفره" و"يجب رد فضل تقديم قطرة ماء بينبوع فائض"، على الناس؟ ما الذي يستفيده المتعلمون وذوو المعرفة القليلة من هذه الأقوال في الثقافة التقليدية؟ هل أصبحوا بالفعل أناسًا صالحين؟ هل عاشوا بمظهر الإنسان؟ قطعًا لا. إن خبراء الأخلاق هؤلاء الذين يعبدون الثقافة التقليدية يجلسون على قمم عالية في جبل الأخلاق، ويطالبون الناس بمطالب أخلاقية لا تتفق ولو قليلًا مع الحالة الحقيقية لحياتهم، وهذا أمر غير أخلاقي وغير إنساني لكل من يعيش على هذه الأرض. يمكن لوجهات النظر الأخلاقية المستمدة من الثقافة التقليدية التي يروجون لها أن تحول شخصًا يتمتع بعقلانية طبيعية إلى حد ما إلى شخص ذي حس عقلاني غير طبيعي، قادر على قول أشياء قد يجدها الآخرون غير قابلة للتفكير فيها واستيعابها. إن إنسانية هؤلاء الأشخاص مشوهة وعقولهم منحرفة. لا عجب إذن أن يعمد الكثير من الصينيين في المناسبات الرياضية، والأماكن العامة، وفي الترتيبات الرسمية إلى قول أشياءً غريبة بعض الشيء، ويعاني الناس لسبر أغوارها. كل ما يقولونه هو كلام نظري فارغ وسخيف ولا يحتوي على أدنى قدر من الكلام الصادق أو العملي. هذا هو الدليل الأصيل، وهو نتيجة إفساد الشيطان للبشرية، ونتيجة لتربية الشعب الصيني على الثقافة التقليدية لآلاف السنين. كل هذا حوَّل الناس الذين عاشوا بصدق وأصالة إلى أناس يتعاملون بالباطل، ويبرعون في التنكر والتخفي لخداع الآخرين، أناس يظهرون بشكل لا يصدق بمظهر المثقفين والقادرين على إبداء آراء نظرية بليغة، لكنهم في الواقع لديهم عقليات مشوهة وغير قادرين على التحدث بعقلانية أو التفاعل والتواصل مع الناس؛ إنهم في الأساس من هذا النوع. بالمعنى الدقيق للكلمة، هؤلاء الناس شبه مصابين بمرض عقلي. إذا كنتم لا تستطيعون قبول هذه الكلمات، فأنا أشجعكم على اختبارها. بهذا نختتم شركة اليوم.

2 أبريل 2022

الحواشي:

(أ) يرد في النص الأصلي: "هذا الادعاء".

السابق: ماذا يعني السعي إلى الحق (6)

التالي: ماذا يعني السعي إلى الحق (8)

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب