السعي للحق غيّرني
في 2018، غادرت المنزل للانضمام إلى السلك العسكري. في الجيش، عندما كان أحد القادة يأمر، كان المجنّدون في المراتب الدنيا ينفّذون بطاعة. عند الإشراف على عملنا، كان القادة يأمروننا بشكل حازم. كنت معجبة بهم حقًّا. كانت قائدة المجندات الأعلى رتبة تتمتع بالمال والسلطة. عندما كانت تحضر ابنتها إلى جيشنا، كان الجميع يحيّونها بابتسامة. كانت القيادة العليا تردّد على مسامعنا أنه إذا أردنا أن نصبح مثلها، ينبغي علينا أن نكون مطيعين. وعليه أقسمت لنفسي أنني سأجتهد لأصبح قائدة. كنت أعتقد أن التمتع بالمكانة والإعجاب هو أمر مرموق جدًّا. بعدها بذلت ما في وسعي لأبدو بحال جيدة، واتّبعت أقوال القادة بحذافيرها. تصرّفت بشكل ممتاز أمام القادة الذين أُعجبوا بي حقًّا. بعد فترة وجيزة، قاموا بترقيتي لأصبح رئيسة وحدة. كنت مبتهجة. أصبحت أكثر طاعة تجاه القادة بعد ترقيتي. تولّيت زمام القيادة في عملنا اليومي ولم أكن أجرؤ على التراخي. عندما كنت أرى الجنود الأدنى مرتبة يتراخون، كنت أقطّب وجهي وأهددهم بالعواقب. لم يُعجب ذلك بعضهم، فقالوا أشياء قذرة عني من وراء ظهري. فكرت أنه ينبغي عليّ مواصلة العمل بجدّ للحصول على منصب أعلى بحيث يضطر الجنود الأدنى رتبة إلى الاستماع لي. بفضلي عملي الدؤول، حصلت على ترقية جديدة لأصبح قائدة فريق. شعرت أنني بتّ محترمة بالفعل. كذلك بدأ المجنّدون يسمعون لي بعد أن أصبحت قائدة فرقة. ولكن ينبغي أيضًا على قادة الفرق أن يقوموا بأعمال شاقة، وذلك متعب، لذا فكرت أنه ينبغي عليّ مواصلة السعي إلى الترقي عبر الرتب. فمن خلال رتبة أعلى، سأتمتع بالمزيد من القوة ولن أضطر إلى القيام بأي عمل. سيكون ذلك رائعًا! للوصول إلى رتبة أعلى، حزمت أمري وعملت بجد كل يوم، وحثثت المجنّدين على أن يحذوا حذوي. لكنا دائمًا ننجز المهام الموكلة إلينا من القادة قبل الموعد المحدد. كان القادة راضين جدًّا عن عملي، وبعد فترة وجيزة، ترقّيت إلى منصب قائدة فصيلة.
وجدت طرقًا لجعل المجنّدين يستمعون إلي في سبيل حماية موقعي كقائدة فصيلة، ولضمان أن فصيلتنا لا تتخلف عن ركب الفصائل الأخرى. حين كان المجنّدون يحجمون عن الاستماع إليّ، كنت أجعلهم يقفون أو يقومون بتمارين ضغط الأذرع كعقاب. بعدها، باتوا يستمعون إلي أكثر، ولم يعودوا يجرؤون على التراخي أمامي، وأصبحوا يتصرفون باحترام. سُعدت حقًّا بذلك. لكنني ظللت أرزح تحت ضغوط كثيرة، وكنت عرضة لتلقي توبيخ القائد الأعلى رتبة إذا لم أقم بعمل جيد. من أجل عدم التعرض للانتقاد وكسب شيء من الثناء، كنت أوبخ الجنود دائمًا بنبرة صارمة عندما كنا نتولى المهام. بعد فترة وجيزة، لم يعجبهم مزاجي واشمأزّوا مني. كانوا يُسمعونني عبارات لطيفة، لكن يقولون من وراء ظهري أشياء سيئة عني. شعرت باستياء كبير عندما اكتشفت ذلك. وعندما كنا نعجز عن استكمال مهامنا، كنت أواجه انتقادات من القادة. عندئذ فكرت أنني لو كنت في مرتبة أعلى من ذلك، لربما لم أكن لأتعرض للتوبيخ مجددًا، أو لمواجهة ذلك القدر من الضغوط. وكنت سأكسب أيضًا المزيد من احترام الآخرين. وعليه، بدأت العمل بهدوء لتحقيق ذلك الهدف.
وأخيرًا، قالت لي النقيبة بفرح ذات يوم أنني، من بين جميع قادة الفصائل، الشخص الذي نال أكبر قدر من ثقتها، وأنني سأحل مكانها إذا حدث أنها توقفت عن العمل كنقيبة. عند سماع ذلك، شعرت بالإثارة. لم أكن أعرف أبدًا أنها تثق بي إلى ذلك الحد. بعد فترة وجيزة، توليت منصب نقيبة. بتّ موضع تبجيل عدد أكبر من المجندين وأصبحت محترمة أينما ذهبت. لم أعد أؤدي مهامًّا شاقة، وأصبح لديّ المزيد من أوقات الفراغ. كنت أستمتع حقًّا بالشعور الفوقي الذي يوفّره لي منصب النقيبة. ولكن بعد فترة وجيزة، شعر بالغيرة بعض أولئك الذين ترقّوا في موازاتي إلى منصب قائد فصيلة ورفضوا اتّباع أوامري. غضبت كثيرًا وشعرت أنني فقدت هيبتي، لذا فكرت في جميع أنواع الوسائل لجعلهم يستمعون إلي. ومع ذلك، ظلوا يرفضون. شعرت أنني عاجزة عن إبقائهم تحت السيطرة، ولكن من أجل مكانتي، كان عليّ أن اضْطَرّ نفسي إلى الصمود. فكّرت آنئذ أن الحصول على منصب أعلى ذات صلاحيات كثيرة ليس جذّابًا كما كنت أعتقد. لطالما كنت أؤدب مرؤوسيّ عندما كانوا يحجمون عن العمل بموجب أقوالي، وكنت أصبح أكثر انفعالًا. كذلك قلقت من أن القادة الأعلى رتبة قد يقولون إنني لا أستطيع التعامل مع المجنّدين وقد يعتقدون أنني كنت غير كفؤة. حتى أنني قد أفقد منصبي كنقيبة. كان ذلك مرهقًا ومتعبًا للغاية. كنت أرغب حقًّا في المغادرة، ولكنني فكرت في عدد الأشخاص الذين يتوقون إلى أن يصبحوا نقباء وفي الصعوبات التي واجهتها للوصول إلى هذا المنصب، وبالتالي ألن يكون من العار الاستقالة؟ شعرت بالعجز، ولذا تحمّلت الإجهاد وناضلت على أساس يومي.
في أغسطس 2020، كنت محظوظة بقبول عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. بدأت في قراءة كلمات الله يوميًّا، وحضرت الاجتماعات مع الإخوة والأخوات. شعرت بالفرح حقًّا واستمتعت بذلك كثيرًا. ذات يوم، قرأت مقطعًا من كلمات الله. "يستخدم الشيطان نوعًا دقيقًا جدًّا من الطرق، وهي طريقةٌ تتوافق إلى حد كبير مع مفاهيم الناس؛ وهي ليست متطرفة على الإطلاق، ومن خلالها يجعلُ الناس يقبلون – دون وعي منهم – طريقة عيش الشيطان وقواعده للعيش ويُحدِّدون أهداف الحياة ووجهتهم في الحياة، وعند قيامهم بذلك تصبح لديهم أيضًا طموحات في الحياة دون دراية منهم. بغضّ النظر عن مدى سموّ هذه الطموحات الحياتية، فهي ترتبط ارتباطًا وثيقًا "بالشهرة" و"الربح". كل شيء يتبعه أيّ شخصٍ عظيم أو مشهور، أو جميع الناس في الحياة يتعلَّق بكلمتين فقط: "الشهرة" و"الربح". يعتقد الناس أنه بمُجرَّد حصولهم على الشهرة والربح يمكنهم حينها الاستفادة منهما للتمتع بالمكانة العالية والثروة الكبيرة والاستمتاع بالحياة، ويعتقدون أن الشهرة والربح هما نوع من رأس المال الذي يمكنهم الاستفادة منه للحصول على حياة قائمة على البحث عن اللذة والمتعة الجسدية المفرطة. يسلِّم الناس عن طيب خاطرٍ، وإن كان دون درايةٍ، أجسادهم وعقولهم وكلّ ما لديهم ومستقبلهم ومصائرهم إلى الشيطان لتحقيق الشهرة والربح اللذين يرغبون فيهما. يفعل الناس هذا فعلًا دون تردُّدٍ للحظةٍ واحدة ويجهلون دائمًا الحاجة إلى استعادة كلّ شيءٍ سلَّموه. هل يمكن للناس أن يتحكَّموا بأنفسهم بمُجرَّد أن يلجأوا إلى الشيطان بهذه الطريقة ويصبحوا مخلصين له بهذه الطريقة؟ لا بالتأكيد. فالشيطان يتحكَّم بهم تمامًا وبمعنى الكلمة. كما أنهم قد غرقوا تمامًا وبمعنى الكلمة في مستنقعٍ، وهم عاجزون عن تحرير أنفسهم" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (6)). أظهرت لي كلمات الله أن حياة الناس مؤلمة ومرهقة جدًّا بسبب طرق عيشهم والسبل الخاطئة التي يقررون سلوكها. بعد أن يُفسدهم الشيطان، يقرّر الجميع التميّز عن الآخرين والوصول إلى السلطة. إنهم يعتقدون أنهم سيكسبون الاحترام والإعجاب من خلال المكانة والسلطة، وأن الآخرين سيستمعون إليهم، وأنهم سيعيشون في مجد. لذا يحب الناس جميعًا الاسم والمكاسب، ويعشقون المكانة، ويسعون إليها. كنت كذلك تمامًا. بعد انضمامي إلى الجيش، أردت أن أصبح الأولى بين المجندات لأكسب إعجاب الآخرين. ولتحقيق هذا الهدف، تسلقت سلّم الرتب درجة درجة، وترقّيت إلى منصب قائد فصيلة، ثم نقيبة. ومع تقدّم رتبتي واضطلاعي بالإشراف على المزيد من الناس، كنت أتحدث وأتصرف بتطفّل، وأحببت السيطرة على الآخرين، وتوبيخهم. سواء كنت على صواب أم على خطأ، كان على المجنّدين العاديين أن يستمعوا. ولترسيخ موقفي، عندما كان قادة الفصائل هؤلاء يرفضون الاستماع إليّ، كنت أستخدم قوّتي لخنقهم، وأعاقب المجنّدين بمختلف أنواع الطرق. كنت دائمًا مستبدة ولم يكن لدي أي تعاطف مع الآخرين. بشكل تدريجي، أصبح المجنّدون أكثر بعدًا عني ولم يعودوا يرغبون في التفاعل معي. رأيت أنه بعد أن اكتسبت بعض المكانة، أصبحت شخصًا مخيفًا. كنت أرغب أحيانًا في إجراء حوار حميم مع أحدهم، لكنني لم أكن أعرف مع من. ولكي لا أتعرض لمضايقة القادة، كنت أتزلف إليهم لهم حقًّا وأتحمل أي إذلال. كان كل يوم من حياتي مرهقًا ومؤلمًا، وأردت حقًّا أن أستقيل، ولكن ما إن كنت أفكر في كيفية إفادتي من مكانتي، كنت أحجم عن الاستسلام. كنت عالقة في مستنقع الاسم والمكاسب، ما كان يسبب الإرهاق والبؤس. لذا أدركت أن تلك هي إحدى الطرق التي يفسد الشيطان الناس ويؤذيهم من خلالها. إن السعي إلى المكانة يعظّم رغبات الناس الجامحة بشكل متزايد، ويجعلهم متكبرين وغير مبالين بالآخرين، بحيث لا يستطيعون إقامة علاقات طبيعية. قبل أن أكسب إيماني، كنت أشعر دائمًا أن السعي إلى المكانة وطلب التميزعن الآخرين كان مرادفًا للطموح والعمل الواعد. بتّ الآن أفهم أن السعي إلى الاسم والمكانة لا يمثّل الطريق الصحيح. عندما أدركت كل ذلك، صلّيت سائلة الله أن يرشدني للتحرر من قيود الاسم والمكانة.
بعدها زرت ذات يوم موقع كنيسة الله القدير لتحميل ترانيم ورأيت واحدة جديدة اسمها "أنا مجرد كائن مخلوق صغير جدًا".
1 يا الله! سواء أكانت لي مكانة أم لا، أنا الآن أفهم نفسي. إذا كانت مكانتي رفيعة فهذا بسبب تزكيتك، وإذا كانت وضيعة فهذا بسبب ترتيبك. فالكلّ في يديك. لا أملك خياراتٍ وليست لدي شكاوى. أنت أمرت بأن أُولدَ في هذا البلد وبين هؤلاء الناس، وكل ما عليَّ فعله هو أن أكون فقط مطيعةً تحت سلطانك بالتمام لأنْ لا شيء يخرج عن أمرك.
2 لا أهتمّ بالمكانة، فأنا لست سوى مخلوق. إذا ما طرحتني في الهاوية السحيقة وبحيرة النار والكبريت، فأنا لست سوى مخلوق. أنا مخلوقٌ إذا ما استخدمتني، ومخلوقٌ إذا ما كمّلتني. وإذا لم تكمّلني سأبقى أحبك لأني لست إلا مخلوقًا.
3 لست إلا مخلوقًا صغيرًا، أحد البشر المخلوقين الذين خلقهم رب الخليقة. أنت من خلقتني، وقد وضعتني مرّة أخرى في يديك لأكون تحت رحمتك. أنا مستعدةٌ أن أكون لك أداتك وشخصية الضد لك، فكل شيء محكومٌ بأمرك ولا أحد يستطيع تغييرَهُ. كل الأشياء والأحداث هي في يديك.
– اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة
عند الاستماع إلى هذه الترنيمة، شعرت أن كلماتها كانت جديدة بالفعل. أدركت أن التمتع بالمكانة أو عدمه أمرٌ يحدده الله بالكامل، وأنّ يديه تتحكمان بذلك تمامًا، وأنه لا ينبغي عليّ أن أتقصى ذلك. كنت نقيبة، ولكن أمام الله كنت مجرد كائن مخلوق تافه لا يتمتع بأي مكانة. لم يكن يجدر بي التحكّم بالآخرين. عند التفكير في كيفية سعيي إلى التضييق على المجنّدين، شعرت بالذنب والانزعاج الشديد. أردت أن أتخلى عن مكانتي وأن أتصالح معهم. صليت إلى الله وطلبت منه أن يساعدني. بشكل تدريجيّ، أصبحت قادرة على إهمال نفسي ومحاولة التواصل معهم، والتوقف عن توبيخهم بشكل متسلّط. عندما طبقت كلام الله على حياتي الواقعية بهذه الطريقة، اكتسبت شعورًا حقيقيًّا بالسلام.
بعدها عقدنا اجتماعًا ذات صباح. لم تر إحدى قائدات الفصائل تحت إمرتي ما إذا كان جميع أفراد فصيلتها حاضرين ولم تحصِ العدد. كان أعضاء وحدتنا على وشك أن يتأخروا، وكانوا الأكثر بطءًا من بين جميع الوحدات. كنت قلقة من أن يظنّ القائد الأعلى أنّ مهاراتي الإدارية كانت غير كافية، ومما قد يظنّه المجنّدون. بعد الاجتماع، سألتها بغضب بالغ، "أين كنت منذ قليل؟ لِم لم تطلبي وقتًا مستقطعًا؟ لا أحد كان يحصي عدد الحاضرين في فصيلتك. أنت تعيقين وحدتنا بأكملها". لكنها لم تتفهم، وقاطعتني فورًا. بدأنا نتجادل. بعدها جاءت المدربة العسكرية لتسألنا عن سبب الجدال. شرح كل منا وجهة نظره، فقالت المدربة إنها لا تعرف ما ينبغي فعله أو من سبّب الخصام. استشطت غضبًا لسماع ذلك وفكرت أنها لم تستمع إلي فحسب، بل قاطعتني، وبالتالي ألا يعني ذلك أنها كانت على خطأ؟ كنت أيضًا رئيستها، ولذا كان ينبغي عليها أن تستمع إلي. ألم يكن من السخف أن المدربة لم تكن تعلم من كان على صواب ومن كان على خطأ؟ كنت مجنونة لدرجة أنني اندفعت بشدة وصفقت الباب. عدت إلى الثكنة وأنا أشعر بالظلم الشديد، ولم يكن في وسعي أن أحبس دموعي. وعندما علمت القائدة بجدالنا، قالت لقائدة الفصيلة: "إنها نقيبتك، وبالتالي إن كل ما تقوله صحيح وينبغي عليك أن تستمعي إليها". وعندما واصلت قائدة الفصيلة الدفاع عن حجتها، وبختها القائدة بغضب، "في وحدتنا، يحق للنقيبة أن تخبرك بما ينبغي عليك القيام به، وأنت تعدّين مخطئة إذا لم تستمعي". عندما سمعت القائدة تقول لها ذلك، شعرت أنني استطعت التنفيس عن مشاعري. سُعدت حقًّا وشعرت أنني اكتسبت بعض الهيبة.
ذات يوم خلال العبادات اليومية، قرأت بعضًا من كلمات الله التي ساعدتني على رؤية ذلك. تقول كلمات الله، "بمجرد أن يتمتع الإنسان بمكانة ما، فإنه سيجد أن من الصعوبة بمكان السيطرة على مزاجه، ومن ثمَّ سوف يستمتع باستغلال الفرص للتعبير عن عدم رضاه وتنفيس عواطفه، وغالبًا ما يستشيط غضبًا من دون سبب واضح، ليكشف عن قدرته ويدع الآخرين يعرفون أن مكانته وهويته تختلفان عن الأشخاص العاديين. وبطبيعة الحال، فإن الأشخاص الفاسدين دون أي مكانة كثيرًا ما يفقدون السيطرة، وغالبًا ما يحدث غضبهم بسبب الضرر الذي يصيب مصالحهم الشخصية. ولكي يحموا مكانتهم وكرامتهم، ينفّسون في كثير من الأحيان عن عواطفهم ويكشفون عن طبيعتهم المتعجرفة. يستشيط الإنسان غضبًا وينفس عن مشاعره للدفاع عن وجود الخطيئة وحفظ وجودها، وهذه الأعمال هي الطرق التي يعبر بها الإنسان عن عدم رضاه. وهي تمتلئ بالشوائب، والمكائد والدسائس، وفساد البشر وشرهم؛ وأكثر من أي شيء آخر، تعجّ بطموحات الإنسان ورغباته الجامحة. ... فإن تنفيس الإنسان هو هروب لقوى الشر، وتعبير عن السلوك الشرير المتفشي والجامح للإنسان الشهواني" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)). "تُوجد أنواع كثيرة من الشخصيات الفاسدة مشمولة في شخصية الشيطان، غير أن الشخصية الأكثر وضوحًا والأبرز هي شخصية متعجرفة. التعجرف أساس شخصية الإنسان الفاسدة. وكلّما زاد تعجرف الناس، كانوا أقل عقلانيةً، وكلّما كانوا أقل عقلانيةً، صاروا أكثر قابليةً لمقاومة الله. كم مدى جدّية هذه المشكلة؟ لا ينظر أصحاب الشخصيات المتعجرفة إلى كل الآخرين بفوقية فحسب، بل أسوأ ما في الأمر هو أنّهم يتعالون حتّى على الله، ولا توجد خشية لله في قلوبهم. حتى على الرغم من أن الناس قد يظهر أنّهم يؤمنون بالله ويتبعونه، فإنهم لا يعاملونه على أنه الله على الإطلاق. يشعرون أنّهم يملكون الحق، ويظنون أنفسهم رائعين. هذا جوهر الشخصية المتعجرفة وأساسها، وهي نابعة من الشيطان. بالتالي، يجب حل مشكلة التعجرف. شعور المرء بأنّه أفضل من الآخرين هو مسألة تافهة. المسألة الحاسمة هي أنّ شخصية المرء المتعجرفة تمنعه من الخضوع لله ولحُكمه وترتيباته؛ إذ يشعر شخص كهذا دائمًا بالميل إلى منافسة الله لامتلاك سلطة على الآخرين. هذا النوع من الأشخاص لا يتّقي الله بتاتًا، ناهيك عن محبته لله أو خضوعه له. إن الأشخاص المُتكبِّرين والمغرورين، وخصوصًا أولئك المُتكبِّرين لدرجة أنهم فقدوا إحساسهم، لا يمكنهم الخضوع لله في إيمانهم به، حتَّى إنهم يُمجِّدون أنفسهم ويشهدون لها. ومثل هؤلاء الناس يقاومون الله أكثر من غيرهم ولا يشعرون بخوف من الله مطلقًا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). إن كلمات الله واضحة جدًّا. يصبح الناس خارج نطاق السيطرة ومتكبرين بسبب المكانة. ينفعلون غالبًا ويوبّخون الآخرين لحماية هيبتهم ومكانتهم، وإبراز سلطتهم. هذه هي السيطرة على الشخصية المتكبرة. عندما التحقت بالجيش، كنت أسعى إلى أن أكون ضابطة لأكسب احترام الآخرين. بعد كسب الرتبة والسلطة، شعرت أن كلماتي ذات سلطة وأنني تبوّأت الأولوية. كنت النقيبة، ولذا كنت أتمتع بالقدرة على السيطرة على قادة الفصائل والمجنّدين. كان يتعيّن عليهم أن يستمعوا إلي، وإن لم يفعلوا، كنت أوبخهم بشدة وأعرّفهم قدر أنفسهم. كنت متكبّرة جدًّا. عندما كانت قائدة الفصيلة تحجم عن إحصاء عدد الحضور في الوقت المناسب، ما أعاق تقدم عمل وحدتنا، وبّختها، ولكنها لم تكتفِ بعدم الاستماع إليّ، بل قاطعتني. شعرت أنها لا تبالي بي، وأنها تنظر إليّ بازدراء وأنها تجعلني أفقد ماء وجهي أمام الجميع. لقد استخدمت ذلك كذريعة للاستشاطة غضبًا عليها والتنفيس عن عدم رضاي. كنت أهدف أيضًا إلى تحذير المجنّدين من أنه ينبغي عليهم أن يكونوا مطيعين. من وجهة نظري، كنت نقيبة وكانت هي قائدة فصيلة، وبالتالي ينبغي عليها أن تستمع إلي. وإن لم تفعل ذلك، بل تجرّأت على مخالفتي، كان يجدر بي أن أوبّخها وأن أظهر لها ما ينبغي القيام به. كنت متكبرة جدًّا وخارج نطاق السيطرة. بمجرد أن حصلت على المكانة، بمجرد أن يحجم أحدهم عن الاستماع إليّ، كنت أغضب في وجهه، مستخدمة منصبي لقمعه وإجباره على فعل ما أريد. وفي النتيجة، لم يعد أحد يرغب في التعامل معي. كنت مؤمنة، ولكنني لم أتغير. كنت متكبرة بشكل غير عقلاني وبدون أي شبه للإنسان الحقيقي، لذلك احتقرني الناس وتجنبوني، وكان الله يشمئز من ذلك ويكرهه.
تحدثت مع أخت عن تجاربي، فأرسلت لي مقطعًا من كلام الله، الذي أعطاني طريقًا للممارسة. "يتعيّن على الإنسان بصفته أحد عناصر المخلوقات أن يحتفظ بمركزه وأن يتصرّف بضميرٍ حيّ. احرس بإخلاصٍ ما عهده الخالق إليك. ولا تتصرّف ضد القواعد أو تفعل أشياء خارج نطاق قدرتك أو تفعل أشياءَ يبغضها الله. لا تحاول أن تكون عظيمًا أو استثنائيًّا أو فوق الآخرين، ولا تسعَ لأن تصبح الله. هذا ما يجب على الناس ألّا يتمنوا أن يكونوا عليه؛ فسعي المرء لأن يصبح عظيمًا أو استثنائيًّا أمرٌ سخيف، وسعي المرء ليصبح الله أشد خزيًا؛ إنه لأمرٌ شائن ومهين. أمّا الجدير بالثناء وما يجب أن تتمسّك به المخلوقات أكثر من أيّ شيءٍ آخر فهو أن تصبح مخلوقًا حقيقيًّا؛ فهذا هو الهدف الوحيد الذي يجب على جميع الناس السعي نحوه" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (1)). بعد قراءة كلام الله، فهمت أن سعي المرء إلى التشامخ، وكسب إعجاب الناس وتقديرهم هو أمرٌ مخجل. ينبغي أن نعرف قدر أنفسنا وأن نكون يقظي الضمير. هذا ما يطلبه الله منا. كنت أحاول التقدّم لأصبح مسؤولة ذات سلطة، وأسيطر على الآخرين، وأحظى بإعجابهم، وأجعلهم يستمعون إلي. هذا أمر يحتقره الله. لو لم أتب، بل واصلت طلب الاسم والمكانة، لكنت سأعدّ تمامًا كغير المؤمنة. إن غير المؤمنين ينشدون المال والسمعة والمكانة. إنهم يتقاتلون ويتحاربون في سبيل هذه الأمور. كمؤمنة، لا ينبغي عليّ أن أظل سائرة على درب غير المؤمنة. ينبغي أن أطلب الحق وأن ألزم حدّي ككائن مخلوق. عند إدراك ذلك، قررت أنني كنت مستعدة لطلب الحق والعمل حسب كلام الله في حياتي اليومية. ينبغي أن أعدّ نفسي مساوية للآخرين واأتوقف عن إصدار الأوامر لهم من موقع النقيبة. صلّيت إلى الله: "يا الله، أريد أن أتوقف عن تقصّي الاسم والمكانة، وعن العيش حسب شخصيتي المتكبّرة. أرجو أن ترشدني إلى ممارسة الحقّ".
بعدها بدأت في تفقّد أحوالهم كل يوم وإظهار الاهتمام لهم. عندما كانوا يرتكبون خطأ ما، ويريدني القائد أن أؤدبهم، لم أعد أتصرف كما في السابق، مُوبّخًة إياهم وملوّحًة بسلطتي للحفاظ على مكانتي، بل أصبحت قادرة على التواصل معهم، لإخبارهم أين كان خطأهم ومنحهم فرصة للقيام بعمل أفضل في المرة القادمة. بعد فترة وجيزة من التصرف بهذه الطريقة، أصبحت على علاقة جيدة مع قادة الفرق وقادة الفصائل والمجندين. أخبرني بعض المجنّدين أنني اعتدت أن أتصرف بمزاجية، وأنهم كانوا خائفين مني، وقلقين دائمًا من أنني قد أوبخهم على خطأ. ولكن الآن أصبحت أفضل، وبدأت أهتم بهم. شعروا بأنهم يتفاعلون معي بطريقة فضلى. عند سماع ذلك، قدمت الشكر لله وقلت لهم: "هل تعرفون لماذا أجريت هذا التغيير؟ لأنني قبلت عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. لقد غيرتني كلمات الله القدير، وهذا هو السبب الوحيد الذي يجعلني أجري هذا التغيير. قبل التوجّه إلى الله، سعيت إلى الحصول على المكانة وإعجاب الآخرين. لطالما كنت أوبخكم أيها الرفاق للحفاظ على منصبي. بعد ربح إيماني، ومن خلال قراءة كلام الله القدير، تعلّمت أنه ليس من الصواب توبيخ الآخرين بغطرسة، وأن ذلك من مظاهر الشخصية الفاسدة، وأنه لا ينبغي عليّ أن أقوم بذلك. لم أكن لأجري بمفردي هذا التغيير الذي اختبرته. حدث ذلك بسبب إيماني بالله القدير – لقد غيرتني كلماته". بالكاد استطاعوا أن يصدقوا ذلك. واصلت التشارك في الإنجيل معهم، وبدأت الابتسامات في الظهور على وجوه بعض المجندين. أصبحوا مهتمين في استكشاف عمل الله في الأيام الأخيرة. بعد ذلك، قبل بعض قادة الفصائل والفرق والمجنّدين عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. اجتمعنا سويّة، وأكلنا وشربنا كلام الله، وتآلفنا، وتشاركنا الإنجيل وقدمنا الشهادة. شكرًا لله القدير!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.