توبيخ الآخرين باستعلاء كشف عن قبحي
خلال العام المنصرم، كنت أشرف على عمل الإنجيل في الكنيسة. كان هناك بعض الأعضاء الجدد من الذين بدأوا لتوّهم القيام بواجباتهم، وبالتالي كنت أدخل غالبًا في شركة معهم حول المبادئ المتعلقة بمشاركة الإنجيل، وأصطحبهم لمشاركته. بعد فترة وجيزة، حققوا جميعًا بعض التقدم وشعرت بالبهجة. ولجعلهم يعملون بشكل مستقل في أسرع وقت ممكن، درّبتهم على كيفية مشاركة الإنجيل بمفردهم. في البداية، عندما كانوا يواجهون مشاكل، كنت أساعدهم بمحبة، ولكن بعد فترة، بدأت أضيق ذرعًا. شعرت بالازدراء تجاههم: "كنت أستوعب الأمور من أول مرة يعلمني فيها أحدهم إياها. أمضيت فترة كافية في تعليمكم أيها الرفاق، فلِم لا تزال لديكم الكثير من الأسئلة؟ ألم تكونوا منتبهين عندما علمتكم؟ إذا كنتم لا تستطيعون العمل بشكل مستقل رغم مرور فترة طويلة كهذه، لا بدّ أن تظنّ القيادة العليا أنني غير مؤهل للقيام بهذا العمل، وأنه لا يمكنني تدريب الآخرين بشكل جيّد. لن يجدي ذلك نفعًا. عليّ أن أتحدث معكم أيها الرفاق وأن أعلّمكم درسًا". بعد إدراكي لذلك، وبّختهم بغضب. ذات مرة، تلقيت مكالمة من الأخت آي التي قالت: "يا أخ، أردت أن أسألك، حول أي جانب من كلام الله سندخل في شركة أثناء اجتماع الليلة؟" فكّرت: "لقد أخبرتك بذلك فعلًا في السابق، فكيف ما زلت لا تعرفين؟ ألم تكوني مستمعة إلي؟" وبالتالي، قلت لها بنبرة مرتفعة وعدوانية: "هل قرأت آخر ملف أرسلته لك أم لا؟ لِم ينبغي عليك أن تسأليني في كل مرة؟" لم تُجِب الأخت، فأقفلت الخط بغضب. لاحقًا، أدركت ما فعلته وراودني شعور بالذنب. ولكن بعدئذ فكرت: "قلت ذلك من أجل مصلحتها فحسب. وإلا، أيّ تقدم ستحقق إذا استمرت في الاتكال عليّ؟ قد يكون ذلك مفيدًا لها بالفعل". بعد أن حدث ذلك، أحجمت عن القلق.
وفي اليوم التالي، قال لي الأخ الذي كان شريكًا لي: "أخبرتني الأخت آي أنك غضبت عندما طرحت عليك سؤالًا بالأمس. وقالت أيضًا إنها شعرت بضيق بالغ وبالخوف منك". عندما سمعت ذلك، لم أستطع تقبله، وبدأت أختلق الذرائع في رأسي: "ربما بدوت قاسيًا بعض الشيء، لكن ذلك كان لحثها على العمل بشكل مستقل. وإلا كانت ستستمر في إزعاجي كلما كان لديها سؤال. فكيف ستصبح مستقلة عندها؟" ولكن بعدئذ فكرت: "ربما أخطأت في كلامي. في النهاية، لقد بدأت الأخت آي تتدرب لتوّها. وبالتالي، ينبغي أن أساعدها بمحبّة لا أن أستشيط غضبًا وأوبّخها". لذا وجهت إليها اعتذارًا: "البارحة تصرفت بطريقة خاطئة. لم يكن ينبغي أن أغضب عليك بهذه الطريقة. آمل أن تفهمي، كما أرجو ألا تأخذي ذلك على محمل شخصي. لقد فقدت السيطرة على أعصابي في تلك اللحظة وجعلتك تغضبين". قالت الأخت آي أنها تتفهم ذلك. بعدها، لم أتفكر في نفسي ولم أسع إلى معرفتها أكثر.
بعد فترة وجيزة، انتُخبت كمبشّر وتولّيت المزيد من المسؤوليات. كان بعض القادة والعمال قد بدأوا تدريبهم للتوّ، وكانوا غير ملمّين بعمل الكنيسة، لذا كنت أتشارك معهم غالبًا بشأن مبادئ العمل، كما كنت أتفقد عملهم وأقدّم لهم إرشادات مفصلة. في البداية، عندما كانت تراودهم أسئلة، كنت أدخل معهم بصبر في شركة. ولكن عندما كانوا يطرحون الكثير من الأسئلة، كنت أفقد صبري. كنت أوبخهم قائلًا: "لِم لا تستطيعون فهم ذلك بأنفسكم؟ عندما بدأت العمل في الكنيسة، كنت أتذكر جيّدًا مختلف المهام التي يكلفني بها قائدي، وأتممها بسرعة وكفاءة. لقد أخبرتكم كل شيء وأعطيتكم تعليمات مفصلة، فلِم تعجزون عن الفهم؟" لم يتفوّهوا بكلمة ردًّا على ذلك.
في اليوم التالي، أرسلت لي إحدى القائدات رسالة تقول فيها: "أنا مغفّلة بحيث لا أصلح لهذا العمل. من فضلك، جِدْ شخصًا آخر للعمل مكاني". صُدمت بشدة. كانت واحدة من أفضل المتدربين الجدد. لماذا يجدر بها أن تفكر هكذا؟ بعدها أرسلت لي قائدة أخرى رسالة مفادها: "يقول بعض الأشخاص إنك جعلتهم يشعرون بضيق بالغ". عندها فحسب بدأت أتفكر في نفسي. أدركت أنني لم أكن أجيد التعامل مع مثالب الآخرين. استمررت في الاستشاطة غضبًا عليهم وتوبيخهم بدلًا من توجيههم ومساعدتهم بصبر. وفي النتيجة، شعروا بالضيق. لاحقًا، سمعت أن أختًا أصبحت سلبية جدًا بسبب الضيق الذي تتعرض له بحيث لم تقم بواجبها لأكثر من عشرة أيام. عندما سمعت ذلك، شعرت بالسوء. لم أستطع أن أصدق أنني أذيتهم بهذا الشكل. شعرت بالأسى وتساءلت عن سبب استمراري في الغضب والتأثير سلبًا على الجميع. لذا توجهت إلى الله في الصلاة: "يا الله، لا أريد أن ينتابني الغضب على الإخوة والأخوات، ولكن عند ظهور مشكلة ما، أعجز عن السيطرة على مشاعري. كيف ينبغي علي حل هذه المشكلة؟ أرجو أن تقودني وترشدني".
بعدئذ، صادفت مقطعًا من كلمات الله. يقول الله، "بمجرد أن يتمتع الإنسان بمكانة ما، فإنه سيجد أن من الصعوبة بمكان السيطرة على مزاجه، ومن ثمَّ سوف يستمتع باستغلال الفرص للتعبير عن عدم رضاه وتنفيس عواطفه، وغالبًا ما يستشيط غضبًا من دون سبب واضح، ليكشف عن قدرته ويدع الآخرين يعرفون أن مكانته وهويته تختلفان عن الأشخاص العاديين. وبطبيعة الحال، فإن الأشخاص الفاسدين دون أي مكانة كثيرًا ما يفقدون السيطرة، وغالبًا ما يحدث غضبهم بسبب الضرر الذي يصيب مصالحهم الشخصية. ولكي يحموا مكانتهم وكرامتهم، ينفّسون في كثير من الأحيان عن عواطفهم ويكشفون عن طبيعتهم المتعجرفة. يستشيط الإنسان غضبًا وينفس عن مشاعره للدفاع عن وجود الخطيئة وحفظ وجودها، وهذه الأعمال هي الطرق التي يعبر بها الإنسان عن عدم رضاه. وهي تمتلئ بالشوائب، والمكائد والدسائس، وفساد البشر وشرهم؛ وأكثر من أي شيء آخر، تعجّ بطموحات الإنسان ورغباته الجامحة" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)). كشف كلام الله عن حالتي الراهنة. تأمّلت في كيفية استشاطتي غضبًا للحفاظ على منصبي. في العادة، كنت دائمًا أحقق نتائج في عملي، وكان الناس يعتقدون أنني قائد كفوء. ولكن عند تكليفي بتدريب هؤلاء الإخوة والأخوات، إن لم أتمكن من جعلهم يعملون بشكل مستقل بعد مرور فترة زمنية طويلة، ستقول القيادة العليا حتمًا إنني غير كفؤ. لذلك عندما ظلّ الإخوة والأخوات غير قادرين على الفهم رغم تعليمي إياهم عدة مرات، أصبحت مقاومًا جدًّا وفاقد الصبر. وعندما كانوا يتوجّهون إلي بالأسئلة، كنت أغتنم الفرصة لتوبيخهم وانتقادهم كي أنفّس عن غضبي. حتى أنني قارنتهم مع نفسي وكنت مترعًا بالشكوى والازدراء تجاههم. وفي النتيجة، شعروا جميعًا بالضيق، حتى أنهم أصبحوا سلبيين لدرجة أنهم فقدوا الرغبة في القيام بواجبهم. وعندما كان الآخرون يشيرون إلى مشكلتي، لم أكن أطلب الحق لحلها. ورغم أنني اعتذرت للأخت آي، كان الغرض الضمني والصريح من كلماتي هو أن أحافظ على مكانتي وصورتي، وأن أظهر للأخت آي أن تلك كانت مجرّد حالة نادرة أصاب فيها بالغضب، وأن أجعلها تعتقد أنني كنت عقلانيًّا جدًّا من خلال الاعتذار المخادع الذي قدمته. فكرت في كلام الله الذي يقول: "من الواضح أن بعض الناس لديهم شخصيات رديئة، ويتحدثون دائمًا عن أنفسهم على أنهم يعانون من حالات مزاجية سيئة. أليس هذا مجرد نوع من التبرير؟ فالشخصية الرديئة تعني بالضبط: الشخصية الرديئة. وعندما يكون شخص ما قد فعل شيئًا غير معقول أو يضر بالجميع، فإن المشكلة تكمن في شخصيته وإنسانيته، لكنه يقول دائمًا إنه فقد السيطرة على أعصابه مؤقتًا أو شعر بشيء من الغضب؛ إنه لا يفهم المشكلة في جوهرها أبدًا. فهل هذا حقًا هو فحصُ نفسه وكشفُها؟" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. حول التعاون المتناغم). كنت كذلك تمامًا. عند تفكيري من جديد في اعتذاري، بدا منمّقًا جدًّا، لكنني لم أكن قد فهمت الجوهر الحقيقي للمشكلة، بل حاولت أن أدافع عن نفسي. كنت مرائيًا جدًّا! عند إدراكي لذلك، شعرت بالذنب. لطالما كنت أحدّث الإخوة والأخوات عن أهمية معاملة الناس بمحبة وصبر، لكن تلك كانت مجرد شعارات لا تتوافق مع سلوكي الفعلي.
بعدها، هدّأت روعي وتفكّرت في نفسي: "لِمَ عندما لا تسير الأمور وفق ما أريد، أفقد أعصابي وأخون شخصيتي الفاسدة؟ ولم لا يمكنني التعاون مع الإخوة والأخوات؟" بعدها، صادفت مقطعًا من كلمات الله. يقول الله القدير، "التعجرف أساس شخصية الإنسان الفاسدة. وكلّما زاد تعجرف الناس، كانوا أقل عقلانيةً، وكلّما كانوا أقل عقلانيةً، صاروا أكثر قابليةً لمقاومة الله. كم مدى جدّية هذه المشكلة؟ لا ينظر أصحاب الشخصيات المتعجرفة إلى كل الآخرين بفوقية فحسب، بل أسوأ ما في الأمر هو أنّهم يتعالون حتّى على الله، ولا توجد خشية لله في قلوبهم. حتى على الرغم من أن الناس قد يظهر أنّهم يؤمنون بالله ويتبعونه، فإنهم لا يعاملونه على أنه الله على الإطلاق. يشعرون أنّهم يملكون الحق، ويظنون أنفسهم رائعين. هذا جوهر الشخصية المتعجرفة وأساسها، وهي نابعة من الشيطان. بالتالي، يجب حل مشكلة التعجرف. شعور المرء بأنّه أفضل من الآخرين هو مسألة تافهة. المسألة الحاسمة هي أنّ شخصية المرء المتعجرفة تمنعه من الخضوع لله ولحُكمه وترتيباته؛ إذ يشعر شخص كهذا دائمًا بالميل إلى منافسة الله لامتلاك سلطة على الآخرين. هذا النوع من الأشخاص لا يتّقي الله بتاتًا، ناهيك عن محبته لله أو خضوعه له. إن الأشخاص المُتكبِّرين والمغرورين، وخصوصًا أولئك المُتكبِّرين لدرجة أنهم فقدوا إحساسهم، لا يمكنهم الخضوع لله في إيمانهم به، حتَّى إنهم يُمجِّدون أنفسهم ويشهدون لها. ومثل هؤلاء الناس يقاومون الله أكثر من غيرهم ولا يشعرون بخوف من الله مطلقًا. فإذا كان الناس يرغبون في معرفة كيفيَّة اتّقاء الله، فينبغي عليهم أوَّلًا حلّ مشكلة شخصيَّاتهم المُتكبِّرة. وكلَّما حللت شخصيَّتك المُتكبِّرة تمامًا، ازداد اتّقاؤك لله، وعندئذٍ فقط يمكنك أن تخضع له، وتظفر بالحق، وتعرف الله. إن الذين يربحون الحق هم وحدهم بشر بالفعل" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). كشف الله كيف أن جذر شخصية الناس الفاسدة يكمن في التكبّر. كلما كان المرء أكثر تكبّرًا، كبُر احتمال مقاومته لله. أدركت أن ذلك ينطبق عليّ تمامًا. لم أكن أعطي الآخرين حق قدرهم، إذ كنت أعتقد أنهم جميعًا أقل شأنًا مني. لطالما آمنت أنني أتمتع بمقدرة جيدة، وأنني كنت موهوبًا في عملي وأفضل من أي شخص آخر فحسب. كذلك كنت دائمًا أقيس مثالب الآخرين من خلال مقارنتها بمواطن القوة لديّ. كان في وسعي إتقان مهمة ما بعد تعلمها لمرة واحدة، لكنهم لم يتعلموا بعد رغم مرور فترة طويلة كتلك. كنت أنفجر غضبًا في وجوههم، وأنتقدهم وأوبخهم، دون إيلائهم أدنى قدر من الاحترام. لم أكن أعترف بمواطن قوتهم ومزاياهم، كما كنت أحجم عن تقديم أي دعم لهم. عندما كان الإخوة والأخوات يواجهون مشاكل، لم أكن أتفكر فيما إذا كنت قد دخلت في شركة معهم حول كلمة الله لحل مشاكلهم، أو إذا كنت مقصّرًا بشكل أو بآخر. بدلًا من ذلك، كنت أعتقد أنهم لم يستمعوا بانتباه فحسب وأستشيط غضبًا في وجوههم وأتعامل معهم بلا تمييز. كنت متكبّرًا بطريقة غير عقلانية! كانت كنيستنا توسّع نطاق عمل إنجيل الله، لكنني كنت أستمر في الغضب على الآخرين، وتوبيخهم والتضييق عليهم. ما يجعل الآخرين يخافون مني، ويضعون حدودًا لأنفسهم، حتى أنهم يصبحون سلبيين لدرجة فقدان أي رغبة في القيام بواجباتهم. ألم أكن أعطل عمل الإنجيل وأعيقه؟ عند التفكّر في كل ذلك، شعرت بالعار. لم أكن أقدم أيّ شيء مفيد لدخول الآخرين في الحياة. بدلًا من ذلك، ألحقت الأذى بهم وعطلت عمل الكنيسة. كنت أعيش حسب شخصيتي المتكبّرة، وكنت لأفعل الشر وأقاوم الله في أي وقت. عند التفكير في كل ما قمت به، احتقرت نفسي حقًّا. شعرت أنني أستحق أن أصفع نفسي على وجهي عدة مرات. صليت بصمت إلى الله في قلبي: "عزيزي الله، لقد تعاملت بشكل أعمى مع الناس بسبب شخصيتي المتكبرة، ما أدى إلى إلحاق الأذى بهم وتعطيل عمل الكنيسة. عزيزي الله، أنا مستعد للتوبة وإجراء التغييرات. أصلّي لكي ترشدني وتساعدني على حل شخصيتي المتكبّرة".
بعدها سمعت ذات يوم ترنيمة من كلمات الله: "عِش بحسب كلام الله لتغيّر شخصيتك". "يجب عليك أولًا أن تجتاز جميع العثرات داخل نفسك بالاعتماد على الله. ضع حدًا لشخصيتك الفاسدة وكن قادرًا حقًا على الفهم الحقيقي لحالك ومعرفة كيف يجب عليك أن تتصرف. استمر في الشركة حول أي شيء لا تفهمه. من غير المقبول ألا يعرف الشخص نفسه. عالج مرضك أولًا، وبتناول كلام الله والارتواء منه أكثر، وإعمال الفكر فيه، عش حياتك وقم بأفعالك اعتمادًا على كلامه؛ وسواء كنت في البيت أو في مكان آخر، عليك أن تدعَ الله يدبر القوة في داخلك. انبذ الجسد والبداهة الطبيعية. دع كلام الله دومًا يسود في داخلك. لا داعي للقلق من أن حياتك لا تتغير؛ فمع مرور الوقت ستشعر أن شخصيتك قد تغيرت تغيرًا كبيرًا" (اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة). كانت ترنيمة كلام الله هذه ملهمة جدًا بالنسبة لي. من خلال كلام الله، وجدت طريقًا للممارسة. ومهما كان الموقف الذي أواجهه، كان يتعيّن عليّ أوّلًا طلب مقاصد الله، والبحث عن الحق، وحل مشاكلي، والتوصل إلى فهم شخصيتي المتكبرة من خلال كلام الله، والتركيز على إهمال نفسي في الحياة اليومية، وممارسة الحق. عندها ستتغير شخصيتي المتكبرة بصورة تدريجية. بسبب شخصيتي المتكبرة، وبّخت الناس وضيّقت عليهم، واعتقدت دائمًا بأنني متفوق عليهم، ما أظهر أنني لم أكن أفهم نفسي حقًّا. في الحقيقة، لم يكن لديّ ما يستحق التباهي. صحيح أنني كنت قادرًا على التعلم بسرعة في واجباتي، وأتمتع ببعض النّعم، لكن الله هو من أعطاني نعمي ومقدرتي، ولم يكن لديّ أي شيء مميز على المستوى الشخصيّ. ينبغي عليّ تقديم الشكر لله. لكل امرئ مقدرة وقدرات متباينة عن سواه. كان لجميع الإخوة والأخوات نقاط قوتهم. كانت الأخت آي جيدة في التفاعل مع الآخرين، وتتمتع بالمحبّة والصبر. ولم يكن لديّ أيّ من تلك السمات. عند إدراك ذلك، شعرت بالعار. بتّ مستعدًّا لممارسة كلام الله. عندما كنت أواجه مشاكل، صرت أهمل نفسي بوعي وأمارس الحقّ.
أذكر ذات مرة، أنني سألت أختًا كنت أتشارك معها عن مدى التقدم الذي تحققه في أحد المشاريع، فقالت: "لم أبدأ العمل فيه بعد. عندما كنا نناقش أفكارنا حول المشروع، كنت أشعر بوضوح تام، ولكن عندما بدأت العمل عليه بالفعل، أصبحت غير واثقة من كيفية المضيّ قدمًا". عندما سمعت ذلك، شعرت من جديد بالغيظ في داخلي. فكرت: "لِم ذلك صعب جدًّا بالنسبة إليك؟ عندما كنا نناقش هذا المشروع، وصفتُ كل شيء بوضوح تام. كيف أمكنك أن تنسي؟ ألم تكوني مركّزة في العمل؟ أعتقد أنه ينبغي علي إجراء محادثة جادّة معك". وعندما كنت على وشك الاستشاطة غضبًا في وجهها، تذكرت كلمات الله: "إذا كان بإمكان الناس إرضاء الله بوعي، وممارسة الحق، وإهمال أنفسهم، والتخلي عن أفكارهم الخاصة، وبإمكانهم أن يكونوا مطيعين ويراعوا مشيئة الله – إذا كانوا قادرين على القيام بكل هذه الأشياء بوعي – فهذا ما تعنيه ممارسة الحق بشكل دقيق" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك). أتت كلمات الله في الوقت المناسب لتذكرني بأنه كان ينبغي علي إهمال نفسي والممارسة وفقًا لكلام الله. لم يكن في وسعي الاستمرار في التصرف حسب شخصيتي المتكبرة. ربما لم تبدأ الأخت العمل على المشروع لأنها واجهت بعض المشاكل، أو لأن الخطوات اللاحقة لم تكن واضحة بالنسبة لها. ينبغي علي أن أتعامل مع ظروفها الواقعية وأعالج نقائصها بشكل صحيح. لذا استعرضت بهدوء كيف ينبغي عليها المضيّ قدمًا في ضوء ظروفها الواقعية. وعندما فرغت من كلامي، أجابت بفرح: "إذًا هكذا ينبغي عليّ أن أفعله! أصبح لديّ أخيرًا طريقًا للتقدم إلى الأمام". عندما قالت الأخت ذلك، شعرت بالعار. كنت دائمًا أردد بصوت عال شعارات في عملنا، لكنني لم أكرّس الوقت اللازم لفهم مشاكل الآخرين وقضاياهم، وبالأحرى لم أعلمهم كل على حدة. لو كنت أكثر صبرًا وتركيزًا على التفاصيل في عملي، لتمكّن الإخوة والأخوات من العمل بشكل مستقل منذ فترة طويلة.
بعدها، صادفت مقطعًا آخر من كلمات الله. يقول الله القدير، "هل يمكنك جعل الناس يفهمون الحق ويدخلون إلى واقعه إن كنت لا تفعل سوى ترديد كلمات التعاليم، وتحاضر الناس، وتتعامل معهم؟ إذا لم تكن الشركة عن الحق حقيقية، وإذا لم تكن سوى تعاليم مجردة، فمهما كان مقدار تعاملك معهم وإلقاء المحاضرات عليهم، لن يكون ذلك مجديًا. هل تعتقد أن خوف الناس منك، وعملهم ما تخبرهم به، وعدم جرأتهم على الاعتراض، يتساوى مع فهمهم للحق وطاعتهم؟ هذا خطأ فادح. الدخول إلى الحياة ليس بهذه البساطة. بعض القادة يشبهون المدير الجديد الذي يحاول ترك انطباعًا قويًا، فهم يحاولون فرض سلطتهم الجديدة على مختاري الله حتى يخضع الجميع لهم، معتقدين أن هذا سيجعل عملهم أسهل. إذا كنت تفتقر إلى واقع الحق، فسرعان ما ستنكشف قامتك الحقيقية، و سيُكشف وجهك الحقيقي، وقد يتم استبعادك. في بعض الأعمال الإدارية، القليل من التعامل والتهذيب والتأديب أمر مقبول. لكن إذا كنت غير قادر على القيام بالشركة عن الحق، فإنك في نهاية المطاف ستظل غير قادر على حل المشكلة، وستؤثر على نتائج العمل، ومهما ظهرت من مشكلات في الكنيسة، إن استمررت في إلقاء المحاضرات على الناس، وإلقاء اللوم – إن كان كل ما تفعله هو أن تفقد صوابك – فهذه هي شخصيتك الفاسدة التي تكشف نفسها، وقد أظهرت الوجه القبيح لفسادك. إن كنت تقف دومًا على منضدة وتلقي محاضرات على الناس على هذا النحو، فإن الناس لن يتمكنوا من تلقي قوت الحياة منك، ولن يربحوا أي شيء حقيقي، ومن ثمَّ سترفضهم وتشمئز منهم" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). من خلال كلام الله، أدركت أن مفتاح العمل مع الإخوة والأخوات في الكنيسة يكمن في إجراء شركة واضحة عن الحق بحيث يتمتع الجميع بفهم جيد للمبادئ. عندها فقط يمكننا أداء واجباتنا بشكل جيد. لو استمررت في الاستشاطة غضبًا على الآخرين وتوبيخهم، لن أفشل في حل المشاكل فحسب، بل سأتسبب في إغاظة الآخرين وتنفيرهم. لاحقًا، عندما كنت أعمل مع الآخرين أو أراجع عملهم، كنت أسعى أولًا إلى فهم مشاكلهم الفعلية. فإذا تبيّن أنهم لم يفهموا بعض الأمور أو لم يتعلموها بعد، كنت أدخل بصبر في شركة معهم حول المبادئ والحق وأساعدهم على حل مشاكلهم. وبهذه الطريقة، يمكن للإخوة والأخوات بعد فترة وجيزة، إتمام بعض الأعمال بشكل مستقل، ويمكننا العمل معًا بانسجام. من خلال قراءة كلام الله، اكتسبت بعض الفهم لشخصيتي المتكبرة، وتعلمت كيفية التعامل مع شوائب الآخرين بشكل صحيح، وتمكنت من العمل بانسجام مع الآخرين. شكرًا لله القدير!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.