السُذَّج ليسوا بالضرورة أمناء

2019 سبتمبر 21

تشينج مينجي – مدينة شيان – إقليم شنشي

أعتبر نفسي شخصية من النوع الاجتماعي والصريح. أتحَّدث مع الناس بطريقة مباشرة جدًا؛ أقول كل ما أريد أن أقوله، لست من النوع المراوغ. أميل في تعاملي مع الناس إلى الصراحة المطلقة. في كثير من الأحيان، أتعرَّض للخداع أو السخرية لأنني أثق بالآخرين بسهولة بالغة. لم أشعر بأنني قد وجدت مكانًا يمكنني أن أدعوه مكاني إلّا بعد أن بدأت أتردد إلى الكنيسة.. فكَّرتُ محدّثةً نفسي: "فيما مضى جعلتني سذاجتي في وضعٍ سيئ، وجعلتني عُرضة لخداع الآخرين؛ ولكن في الكنيسة، يريد الله أشخاصًا أُمناء، أُناسًا كانوا محطّ سخرية المجتمع، لذلك لا داعي للقلق بعد الآن من كوني ساذجة للغاية". شعرتُ بارتياح خاص عندما سمعت أن الله يحب الأمناء والبسطاء، وأن الشخص الأمين وحده هو الذي ينال خلاص الله. وعندما رأيتُ كيف أصبح إخوتي وأخواتي مكتئبين حالما بدأوا في التعرّف على طبيعتهم المخادعة، والتي لم يستطيعوا تغييرها، شعرتُ بارتياح أكثر حتى لأنني لن أضطر إلى المرور بمثل هذا الاكتئاب لأنني أمينة وصريحة. إلا أنني في أحد الأيام، بعد أن تلقّيت إعلانًا من الله، أدركتُ أخيرًا أنني لم أكن شخصية أمينة كما كنت أظن.

وذات يوم سمعت الله يقول في شركته: "الناس الصادقون يملكون الحقّ، ولا يكونون تافهين أو أردياء أو أغبياء أو ساذجين. ... وهكذا، لا تضع هذا التاج على رأسك، معتقدًا أنك صادقٌ لأنك تعاني في المجتمع وتتعرَّض للتمييز وتكون موضع تهديدٍ وغشٍّ عند كلّ من تقابلهم. هذا أمرٌ خاطئ تمامًا. ... أن تكون صادقًا ليس كما يتصوَّر الناس: فالناس ليسوا صادقين لمُجرَّد أنهم صريحون وأمناء. قد يكون بعض الأشخاص صريحين جدًّا في طريقة تحدُّثهم، ولكن صراحتهم لا تعني أنهم بلا خداعٍ. فالخداع هو دوافع الناس وشخصيَّتهم. عندما يحيا الناس في هذا العالم تحت تأثير فساد الشيطان، يستحيل عليهم أن يكونوا أمناء؛ ولا يسعهم إلا أن يصيروا أكثر خداعًا" ("أكثر ممارسة جوهرية يمارسها الشخص الأمين" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). كان كلام الله وصفًا مثاليًا لحالتي. في الواقع، كنت أظن دائمًا أنه لأنني لا أتحدَّث بطريقة ملتوية، ولأنني في كثيرٍ من الأحيان أتعرَّض للغش من قِبل الآخرين، فهذا يعني بطريقة ما أنه لا يوجد جزء مني مخادع أو ماكر. وكنتيجةٍ لذلك، لم أتعامل أبدًا مع كشف الله لخداع الإنسان ومكره على نحو شخصي، بل بالأحرى توَّجت نفسي كمثالٍ للصدق. اعتقدت أن كل الآخرين كانوا مخادعين، وأنني كنتُ مختلفةً بطريقةٍ ما، وأنني وُلِدتُ بهذه الأمانة الفطرية. كان تفكيري ينمّ عن تمرد تجاه لله. وعندئذٍ تذكَّرتُ مقطعًا آخر من كلمات الله: "يعني الصدق أن تهب قلبك لله، وألا تكذب عليه أبدًا في أي شيء، وأن تنفتح عليه في كل شيء، وألَّا تخفي الحق، وألَّا تقوم أبدًا بتصرّفاتٍ تخدع الذين هم أعلى منك وتضلِّل الذين هم أقل منك، وألَّا تقوم أبدًا بتصرّفاتٍ الهدف منها هو التودُّد إلى الله فحسب. باختصار، حتى تكون صادقًا، ابتعد عن النجاسة في أفعالك وأقوالك وعن خداع الله أو الإنسان. ... إذا كَثُرت في كلامك الأعذار والمبررات التي لا قيمة لها، فأنا أقول إنك شخص يكره بشدة ممارسة الحق إذا كانت لديك العديد من الأسرار التي تأبى مشاركتها، وإذا كنت غير مستعد بتاتًا للبوح بأسرارك – أي الصعوبات التي تواجهك – أمام الآخرين حتى تبحث عن طريق النور، فأنا أقول إنك شخصٌ لن ينال الخلاص بسهولة ولن يخرج بسهولة من الظلمة. إذا كان البحث عن طريق الحق يرضيك كثيرًا، فأنت إذًا تسكن دائمًا في النور. إذا كنت سعيدًا جدًا بأن تكون عامل خدمة في بيت الله، وبأن تعمل بجد وضمير في الخفاء، وبأن تعطي دائمًا ولا تأخذ أبدًا، فأنا أقول إنك قديس مُخْلص، لأنك لا تسعى إلى مكافأة وإنك ببساطة إنسان صادق. إذا كنت ترغب في أن تكون نزيهًا، وإذا كنت ترغب في بذْلِ كل ما لديك، وإذا كنت قادرًا على التضحية بحياتك من أجل الله والتمسك بالشهادة، وإذا كنت صادقًا إلى حدٍ لا تعرف عنده إلا إرضاء الله بدون اعتبار لنفسك أو الأخذ لنفسك، فأنا أقول إن هؤلاء الناس هم الذين يتغذّون في النور والذين سيعيشون إلى الأبد في الملكوت" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الإنذارات الثلاثة). جعلتني كلمات الله أُدرِك أن ما يعنيه الله حقًا بالأمانة، هو شخصٌ يعطي قلبه إلى الله من دون التفكير في تَقَدُّمَهُ الشخصيّ أو خططه المستقبليَّة. الأمر ليس بمثابة مزاولة عمل مع الله، ولا يوجد طلب للدفع: يعيش الشخص الأمين ليرضي الله. الشخص الأمين مُخلِصٌ للغاية لله، ولا يحاول قَط أن يخدعه. الأشخاص الأمناء يجتهدون في إتمامهم واجباتهم ولا يحاولون أبدًا التحايل في تعاملهم مع الأمور أو إنجاز الأمور بطريقة روتينية وبدون حماسة. يكشف الأمناء أنفسهم أمام الله في كل الأمور، وهم أيضًا على استعدادٍ لمشاركة أمورهم الخاصة ومشاكلهم الشخصية معإ وأخواتهم. ولا يقدّم الأمناء نسخة مُنقَّحة من الرواية، فهم يُسمّون الأشياء بأسمائها الحقيقيَّة. يتمسَّك الأمناء بالحق ويتَّسمون بالإنسانية. وبالنسبة لي، فإنني لم أكن قد فهمت بعد ما يعنيه أن أكون إنسانة أمينة. في حُكمي الدنيوي على الأمور، كان "الشخص الأمين" بحسب تعريف الله هو ما نشير إليه في العالم العلمانيّ على أنه "شخص ساذج". لم أكن أعرف الكثير عن حقيقة أن "الشخص الأمين" بحسب تعريف الله و"الشخص الأمين" بحسب تعريفي ليس بينهما الكثير من أوجه الشبه. كم كنت جاهلةً، كم كنت خرقاء!

لقد أفسد الشيطان الإنسان لآلاف السنين: نكبر جميعًا في بيئة تتخللها كراهية الشيطان وشره. كلامنا وسلوكنا، والطريقة التي نتصرف فيها في المجتمع، كلها تخضع لمزايدة الشيطان. "فكر قبل أن تتكلم، ومن ثم تكلم بتحفظ"، "اللهم نفسي ونفسي فقط، وإن مت ظمآنًا فلا نزل المطر،""، "اعْرجْ بين الفريقين حتى يرضى عنك الجميع"، هذه العبارات الأكثر شهرة التي أوجدها الشيطان قد غرست نفسها بالفعل في اللاوعي الجماعي للإنسان: إنها جزء لا يتجزأ من حياتنا، حتى وهي تدفعنا نحو الخداع والمكر. وبما أن البشرية كلها مُصابة بالخداع والمكر، ما الذي جعلني أظن أنني مُحصَّنة أو أمينة بالفطرة؟ أتكلم بصراحةٍ وبدون مُراوغة لأنني شخصية صريحة وواضحة. غالبًا ما يخدعني الآخرون لأنني جاهلة وغبية، ولكن هذا لا يعني أنني حقًا إنسانة أمينة. عندما أتأمل فيما مضى، كم مرة استخدمت فيها تزييف الحقائق والأكاذيب للحفاظ على سمعتي ومكانتي؟ كم مرة غرقت في قلقي بشأن تطلّعاتي المستقبلية بدلًا من الإيمان بالله بقلب نقي؟ كنت أخشى أنني إذا ما تخلَّيت عن كل شيء في سبيل الله، سأصبح خالية الوِفاض، ولذلك كنت أرغب دائمًا في الحصول على وعدٍ من الله، أي ضمان بأنني سأدخل يومًا ما إلى ملكوته. وبتلك الطريقة وحدها سأكون قادرةً على السعي إلى الحق بكل قلبي من دون قلق. كم عدد المرّات التي لم أكن فيها مُخلِصةً لله، ثائرةً من أجل الخسائر والمكاسب الصغيرة أثناء إتمام واجباتي؟ وكم عدد المرات التي صنعت فيها القرارات وكسرتها، وتكلمت "بكلمات عالية الصوت ولكنها فارغة" لأتملَّق بها الله؟ وكم عدد المرات التي امتنعت فيها عن كشف نفسي أمام إخوتي وأخواتي، ومشاركة متاعبي الشخصية وأموري الخاصة معهم، خشية أن ينظروا إليّ بازدراءٍ؟ وكم عدد المرات التي لم أقُل فيها إلّا ما ظننت أنه سيعود عليّ بمنفعة شخصية، حيث كنت أتوخى الحذر الشديد وأشك بالآخرين؟ ... عندما تأملت فيما سبق، بدا لي أن أفكاري وكلماتي وأفعالي كانت كلها مليئة بالخيانة والخداع. ونتيجةً لذلك، كان مفهومي عن الإيمان، ومساهماتي، وتعاملاتي مع الآخرين ومع الله، وإتمامي لواجباتي يشوبها جميعًا الخداع. ويمكنك القول بأنني كنت أعيش كل لحظةٍ بحسب جوهر الخداع. لست شخصًا أمينًا على الإطلاق.

أشكرك يا الله على ما وهبتني من استنارةٍ، ولأنك قد أوضحت ليّ أن الأشخاص الأمناء ليسوا هم فقط الذين يتكلمون بصراحةٍ ويتّسمون بالسذاجة، بل هم مَن يقتنون الحق والإنسانية. أشكرك لأنك أوضحت لي كذلك أنني لستُ أمينة بحسب تعريفك، بل إنني إنسانة مُصابة بطبيعة الشيطان الخادعة، ذلك الخداع الذي كشفه الله. إلهي العزيز، من الآن فصاعدًا، سوف أستثمرذاتي كيما أصبح إنسانةً أمينةً. أطلب إليك أن تكشفني وأن تسمح لي بأن يكون لدي إدراك أعمق لطبيعتي الخادعة، حتى أحتقر ذاتي، وأنكر جسدي، وأصبح في وقتٍ قريب إنسانة أمينة، يملك عليها الحق والإنسانية.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

عندما تشتد الرغبة في المكانة

في يوليو 2020، كنتُ أتولَّى عمل السقاية مع الأخ جاو شيجيان والأخت لي موكسين. لقد بَدَآ للتوِّ في التدريب، لذا ساعدتهما على فهم المبادئ...

كلمات الله أيقظتني

بقلم مياو زياو – مدينة جينان – إقليم شاندونج كنت أعتقد دائمًا في الماضي أن الله كان يشير بقوله "إنكم ألعوبة وخائنون تهربون من العرش...

اترك رد