التعذيب الوحشيّ عزّز إيماني
في ربيع عام 2009، نفذ الحزب الشيوعي الصيني حملة اعتقالات واسعة النطاق استهدفت أعضاء كنيسة الله القدير. ألقيَّ القبض على قادة الكنائس في جميع أنحاء البلاد وألقوا في السجن واحدًا تلو الآخر. في حوالي التاسعة مساءً في الرابع من أبريل، كنت غادرت للتو أنا وأخت كنت أتعاون معها في أداء واجباتنا منزل الاستضافة وسرنا إلى الطريق، عندما قفز فجأة ثلاثة رجال يرتدون ملابس مدنية وراءنا، وجرّونا بقوة من ذراعينا وهم يصرخون: "هيا! أنتما ستأتيان معنا!" قبل أن أن نتمكن حتى من الرد، ألقونا في الجزء الخلفي من سيارة سيدان سوداء كانت متوقفة على جانب الطريق. كان الأمر كما هو الحال في الأفلام عندما يأتي رجال العصابات ويختطفون شخصًا ما في وضح النهار، إلا أنه كان يحدث الآن لنا في الحياة الواقعية، وكان الأمر مُرعبًا للغاية. كنت ممتلئة تمامًا بالرعب وكان كل ما يمكنني فعله هو دعوة الله في صمت مرارًا وتكرارًا: "إلهي الحبيب! أنقذني! يا الله، أرجوك أنقذني... " قبل أن أستعيد رباطة جأشي، دخلت سيارة السيدان إلى الفناء الرئيسي لمكتب الأمن العام المحلي. عندها فقط أدركت أننا وقعنا في أيدي الشرطة. بعد فترة وجيزة، تم إحضار الأخت من منزل الاستضافة الخاص بنا. نقلوا ثلاثتنا إلى مكتب في الطابق الثاني وصادرت ضابطة حقائبنا، دون أي تفسير، وجعلتنا نقف في مواجهة الحائط، ثم أجبرتنا على خلع ملابسنا بالكامل وفتَّشت أجسادنا، واستولت قسرًا، في هذه العملية، على بعض المواد المتعلقة بعملنا في الكنيسة، وإيصالات لأموال الكنيسة التي كنا نحتفظ بها، وهواتفنا المحمولة، وأكثر من خمسة آلاف يوان صيني نقدًا، وبطاقة مصرفية وساعة، بين متعلقات شخصية أخرى كنا نرتديها أو في حقائبنا. وبينما كان كل هذا يحدث، استمر سبعة أو ثمانية من ضباط الشرطة في الدخول والخروج من الغرفة، وحتى انفجر اثنان من الضباط الذين كانوا يراقبوننا في الضحك وأشارا إليَّ قائلين: "هذه شخصية مهمة في الكنيسة، يبدو أننا حصلنا لأنفسنا على هدية كبيرة اليوم". بعد فترة وجيزة، كبَّل أربعة من ضباط الشرطة– في ثياب مدنية– يديَّ بالأصفاد، وغطوا عينيَّ بعصابة، ورافقوني إلى فرع لمكتب الأمن العام بعيدًا خارج المدينة.
عندما دخلت غرفة الاستجواب ورأيت تلك النافذة المرتفعة ذات السياج الحديدي، وكرسي التعذيب المروّع ذا المظهر المُقبِض، تبادرت إلى ذهني القصص البشعة للإخوة والأخوات الذين تعرضوا للتعذيب في الماضي. بالتفكير في التعذيب المجهول الذي سيُخضعني له ضباط الشرطة الأشرار بعد ذلك، شعرت بالخوف الشديد وبدأت يداي ترتعشان قسرًا. في هذا الموقف اليائس، فكرت في كلمات الله: "إنك ما زلتَ تحمل في قلبك خوفًا، أوليس قلبك بذلك ما زال مملوءًا بأفكار من الشيطان؟ ... ما هو الغالب؟ يجب أن يتحلى جنود المسيح الصالحون بالشجاعة، وأن يعتمدوا عليَّ حتى يكونوا أقوياء روحيًا. لا بد أن يجاهدوا حتى يصبحوا محاربين ويقاتلوا الشيطان حتى الموت" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الثاني عشر). هدّأت استنارة كلمات الله تدريجيًا قلبي المذعور، وسمحت لي بأن أدرك أن خوفي كان مصدره الشيطان. قلت لنفسي: "الشيطان يريد أن يعذّب جسدي حتى أذعن لطغيانه. لا يمكنني الوقوع في مكيدته المتآمرة. في جميع الأوقات، سيكون الله دائمًا نصيري القوي وداعمي الأبدي. هذه معركة روحية، ومن الحتمي أن أشهد لله. ينبغي أن أقف إلى جانب الله ولا يمكنني أن أستسلم للشيطان". بعد أن أدركتُ ذلك، صليّت إلى الله بهدوء: "يا الله القدير! إنها نواياك الطيبة أن أقع في أيدي رجال الشرطة الأشرار اليوم. ومع ذلك، فإن قامتي صغيرة جدًا، وأنا مذعورة وخائفة. أصلّي لك لتمنحني الإيمان والشجاعة، حتى أتمكّن من التحرر من قيود تأثير الشيطان، ولا أخضع له، وأَثبت في شهادتي بحزم من أجلك!". بعد الانتهاء من صلاتي، كان قلبي ممتلئًا بالشجاعة، ولم أشعر بخوف شديد من رجال الشرطة ذوي المظهر الشرير والخبيث.
عندها فقط، دفعني ضابطان إلى كرسي التعذيب وكبّلا يديَّ وقدميَّ. وأشار أحد الضباط– وهو طويل القامة وقاسي المظهر وضخم البنية– إلى بعض الكلمات على الحائط التي تقول "التنفيذ المتمدن للقانون" ثم ضرب المائدة بعنفٍ وصرخ: "هل تعرفين أين أنتِ؟ مكتب الأمن العام هو فرع الحكومة الصينية المتخصص في العنف! إن لم تأتِ نظيفة، فستنالين ما هو قادم إليك! تحدّثي! ما اسمك؟ كم عمرك؟ من أين أنتِ؟ ما هو مركزك في الكنيسة؟". امتلأت بالغضب عند رؤية سلوكه العدواني. قلت لنفسي: "إنهم يزعمون دائمًا أنهم "شرطة الشعب" وأن هدفهم هو "استئصال الأشرار والسماح للملتزمين بالقانون بالعيش في سلام"، لكنهم في الحقيقة مجرد مجموعة من البلطجية وقُطَّاع الطرق والقَتَلة المأجورين. إنهم شياطين يشنون اعتداءً يستهدف العدالة ومعاقبة المواطنين الصالحين والمستقيمين! يغض رجال الشرطة هؤلاء أبصارهم عن أولئك الذين ينتهكون القانون ويرتكبون الجرائم، ويسمحون لهم بالحياة خارج طائلة القانون. ومع ذلك، على الرغم من حقيقة أن كل ما نفعله هو الإيمان بالله، وقراءة كلمة الله، والسير في السبيل الصحيح في الحياة، فقد أصبحنا الهدف الرئيسي لهذه الحزمة من عنف المتوحشين. إن حكومة الحزب الشيوعي الصيني حقًا هي المضاد الشرير للعدالة". على الرغم من أنني كنت أكره رجال الشرطة الأشرار من كل قلبي، فقد علمت أن قامتي كانت صغيرة جدًا، ولن أتمكن من تحمُّل عقابهم القاسي وتعذيبهم، لذلك دعوت الله مرارًا وتكرارًا، أتوسل إليه أن يمنحني القوة. في تلك اللحظة بالذات، أنارتني كلمات الله: "الإيمان أشبه بجسرٍ خشبيّ مُشيَّد من جذع واحد، بحيث يجد الذين يتشبّثون بالحياة في وضاعةٍ صعوبةً في عبوره، أمّا أولئك المستعدون لبذل أنفسهم فيمكنهم المرور عليه واثقي الخطى من دون قلقٍ" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس). ساعدتني تعزية وتشجيع كلام الله على أن أتشدد، وقلت لنفسي: "ينبغي اليوم أن أكون على استعداد للمخاطرة بكل شيء. إذا ساءت الأمور للأسوأ ومُتُّ فليكن ذلك. إذا اعتقدت هذه المجموعة من الشياطين أنهم سيعرفون معلومات عن أموال الكنيسة أو عملها أو قادتنا مني، فيمكنهم التفكير مجددًا!". فيما بعد، بغض النظر عن كيفية استجوابي أو محاولة ابتزاز المعلومات مني، لم أقل كلمة واحدة.
ولأنني كنت أرفض الحديث، استشاط الضباط الآخر غضبًا، وبعد أن ضرب بيده على الطاولة، انقضَّ عليّ، وركل كرسي التعذيب الذي كنت أجلس عليه، ثم دفع رأسي وهو يصرخ: "أخبرينا بما تعرفينه!" لا تظنّي أننا لا نعرف أي شيء. إن لم نكن نعرف أي شيء، فكيف تعتقدين أننا تمكنا من القبض على ثلاثة منكم بشكل حاسم؟". وصرخ ضابط الشرطة طويل القامة ذاك: "لا تختبري صبري! إذا لم نمنحك قليلًا من مذاق الألم، فستعتقدين أننا نُصدر تهديدات فارغة فحسب. قفي!"، وبمجرد أن تحدّث جرّني من كرسي التعذيب إلى أسفل نافذة كانت مرتفعة للغاية على الحائط وبها سياج حديدي. استخدموا زوجًا من الأصفاد المسننة لكل يد، بحيث يغلق طرف واحد حول يديّ والآخر يُعلّق بالسياج الحديدي، فعُلقت من يديّ بالنافذة ولم أستطع لمس الأرض سوى بمقدمة قدمي. شغّل أحدهم مُكيّف الهواء لتقليل درجة الحرارة في الغرفة، ثم ضربني بشراسة على رأسي بكتاب ملفوف. عندما رأى أنني بقيت صامتة صاح في نوبة من الغضب: "هل ستتحدثين أم لا؟ إن لم تتحدثي فسنجعلك تجربين الأرجوحة"! وعندما قال ذلك، استخدم حزام تغليف عسكري طويل لربط ساقيَّ، ثم ربط الحزام بكرسي التعذيب، ثم سحبا كرسي التعذيب بعيدًا عن الحائط حتى أُعلَّق في الهواء. عندما تحرّك جسدي إلى الأمام، انزلقت الأصفاد إلى قاعدة معصميَّ، وغرزت الأسنان المعدنية داخل الأصفاد في ظهر يديَّ. كنت أشعر بألم مبرّح، ولكنني ضغطت بشدة على شفتي لأمنع نفسي من الصراخ؛ لأنني لا أريد السماح لأفراد الشرطة الأشرار بالضحك على حسابي. قال أحدهم بابتسامة شريرة: "يبدو أن الأمر ليس مؤلمًا! دعيني أحركه قليلًا من أجلك" وبقوله ذلك، رفع ساقه ووقف بقوة على باطن ساقيّ ثم هز جسمي من جانب إلى آخر. جعل هذا الأصفاد تضيق بشكل أكثر إحكامًا حول معصميَّ وظهر يديَّ، وأخيرًا كان مؤلمًا لدرجة أنه لم يسعني إلا الصراخ بألم، الأمر الذي أدخلهما في نوبة ضحك. عندها فقط توقف عن الضغط على ساقيَّ، وتركني معلّقة في الهواء. بعد حوالي عشرين دقيقة، ثم ركل فجأة كرسي التعذيب تجاهي، مُصدرًا صوت صرير رهيب، وصرخت حينما سقط جسدي إلى وضعه، معلّقة من الجدار بينما تلامس مقدمة قدميّ الأرض. في الوقت نفسه، انزلقت الأصفاد مرة أخرى على معصمي. مع التخفيف المفاجئ لضغط الأصفاد على يديَّ، سرعان ما انتشر الدم من يدي واندفع مرة أخرى إلى ذراعي، مما تسبب في ألم يمزقني من الداخل بسبب ضغط الدم العائد. قهقهتهما ضحكًا على مرأى معاناتي، ثم شرعا في استجوابي، سائلَين: "كم عدد الناس في كنيستك؟ أين تحتفظون بالمال؟" بصرف النظر عن كيفية استجوابي، رفضت التحدث حتى أصبحوا غاضبين لدرجة أنهم بدأوا يقذفونني بالسبُاب: "اللعنة! أنت صعبة المراس! سنرى إلى أي مدى ستصمدين!". وبقولهم ذلك سحبوا مرة أخرى كرسي التعذيب بعيدًا عن الحائط، وعلّقوني مجددًا في الهواء. هذه المرة، أحكمت الأصفاد إغلاقها على الجروح المفتوحة بالفعل على ظهر يديَّ، وتورمت يداي سريعًا واحتقنت فيها الدماء، وشعرت كما لو كانت على وشك الانفجار. كان الألم أكثر حدة من المرة الأولى. لقد رسما للضابط الآخر صورًا حية عن "مآثر ماضيهما المجيد" في تعذيب السجناء ومعاقبتهم. استمر هذا الأمر لمدة خمس عشرة دقيقة قبل أن يركلا أخيرًا الكرسي مرة أخرى معيدين إياه إلى الجدار، واستأنفت وضعي السابق معلقًة من النافذة مع ملامسة مقدمة قدميّ فحسب للأرض. في هذه الأثناء، اجتاحتني آلام تمزق القلب مرة أخرى. في ذلك الوقت بالضبط، دخل ضابط قصير وبدين وسأل: "هل تحدَّثت حتى الآن؟" أجاب الضابطان قائلًين: "إنها تشبه ليو هولان حقًا!". سار هذا الشرطي السمين والشرير نحوي وصفعني على وجهي وقال بصوت شرس يشبه فحيح الثعبان: "دعينا نرى كم أنتِ قوية! دعني أرخي يديك". نظرت للأسفل إلى يدي اليسرى ورأيت أنها تورمت بشدة وتحولت إلى اللون الأسود المائل للأرجواني. عندها فقط، جذب أصابع يدي اليسرى وبدأ في هزها للأمام والخلف وفركها وقرصها حتى ذهب الخَدَر وعاد الألم من جديد. ثم عدّل الأصفاد بحيث تكون في وضعها الأكثر إحكامًا، وأشار إلى الضابطين الآخرين ليجراني إلى الهواء مرة أخرى. كنت معلّقة في الهواء مجددًا، وتُركت في هذا الوضع لعشرين دقيقة قبل إنزالي. ظلوا يسحبونني في الهواء ثم يتركونني مرارًا وتكرارًا، حيث عذبوني إلى الدرجة التي تمنيت فيها الموت هربًا من الألم. في كل مرة كانت الأصفاد فيها تنزلق صعودًا وهبوطًا في يدي كان الأمر أكثر إيلامًا من الوقت السابق. في النهاية، جرحت الأصفاد المُسننة معصمي بعمق واخترقت الجلد على ظهر يديَّ، مما تسبب في نزيف غزير. كانت الدورة الدموية في يديّ قد توقفت تمامًا فتورمتا مثل البالونات. كان رأسي يخفق بشدة من قلة الأكسجين، وشعرت كما لو أنه على وشك الانفجار. اعتقدت حقًا أنني سأموت.
في اللحظة التي فكرّت فيها أنني لا أستطيع تحمُّل المزيد، ورد مقطعٌ من كلمات الله إلى ذهني: "في الطريق إلى أورشليم، شعر يسوع بألم شديد، كما لو أن سكينًا قد غُرست في قلبه، ومع ذلك لم تكن لديه أدنى نية للرجوع عن كلمته؛ فقد وُجدت دائمًا قوة قوية تدفعه إلى الأمام إلى حيث سيُصلَب" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيف تخدم في انسجام مع إرادة الله). لقد منحتني كلمات الله زيادة مفاجئة في القوة وفكرت في الكيفية التي عانى بها الرب يسوع على الصليب: لقد تعرض للجَلد والسخرية والإهانة من الجنود الرومان وتعرّض للضرب حتى أثخنته الدماء. ومع ذلك، ظل يُجبر على حَمل ذلك الصليب الثقيل، ذاك نفسه الذي سمرّوه عليه في النهاية حيًا، حتى أريقت كل قطرة دم في جسده. يا له من تعذيبٍ قاسٍ! يا لها من معاناة لا يمكن تصورها! ومع ذلك تحمَّل الرب يسوع كل شيء في صمت. على الرغم من أن الألم كان هائلًا بالتأكيد بشكل لا يوصف، فإن الرب يسوع وضع نفسه طواعية بين يدي الشيطان لفداء البشرية جمعاء. فكرت في نفسي: "لقد تجسد الله مؤخرًا للمرة الثانية وجاء إلى دولة الصين المُلحدة. هنا واجه مخاطر أكثر خطورة بكثير مما واجهه في عصر النعمة. منذ أن ظهر الله القدير وبدأ في أداء عمله، استخدمت حكومة الحزب الشيوعي الصيني كل الوسائل الممكنة للافتراء والتجديف وملاحقة يسوع بجنون والقبض عليه، آملة عبثًا أن تهدم عمل الله. إن المعاناة التي مرّ بها الله في تجسُّديه تتجاوز ما يمكن أن يتخيله أي شخص ناهيك عن أن يتحمله. بالنظر إلى أن الله قد تحمَّل الكثير من المعاناة من أجلنا، ينبغي أن أتمتع بمزيد من الضمير الحيّ، ولا بد لي من إرضاء الله وجلب الراحة له، حتى لو كان ذلك يعني موتي". في تلك اللحظة، أومضت في ذهني مشقّات جميع القديسين والأنبياء عبر العصور: دانيال في جُب الأسود، وبطرس وهو معلق على الصليب منكّس الرأس، وقطع رأس يعقوب... وبدون أيّ استثناء، تمسّك هؤلاء القديسون والأنبياء بشهادة مدوّية لله وهم على حافة الموت، وأدركت أنه يجب عليّ أن أهدف إلى محاكاة إيمانهم وتفانيهم وخضوعهم لله. وهكذا، صلّيت بهدوء لله: "إلهي الحبيب! أنت بريء من الخطيّة ولكنك صُلبت من أجل خلاصنا، ثمّ تجسدّتَ في الصين لأداء عملك، مُخاطرًا بحياتك. محبتك عظيمة لدرجة أنني لم أستطع ردّها بمثلها أبدًا. إنه لشرف عظيم لي أن أعاني إلى جواركَ اليوم، وأنا على استعداد لأن أتمسك بشهادتي لإراحة قلبك. حتى لو أخذ الشيطان حياتي مني، فلن أنطق أبدًا بكلمة شكوى واحدة!". ومع تركيز ذهني على محبة الله، بدا أن الألم في جسدي يتضاءل بشكل ملحوظ. في النصف الأخير من تلك الليلة، واصل رجال الشرطة الأشرار تعذيبي في نوبات. لم يفكّوا ساقيّ إلا في حوالي التاسعة من صباح اليوم التالي، حيث فكّوا أخيرًا ساقيَّ وتركوني معلقة من النافذة. كان كلا ذراعيَّ مخدرًا تمامًا وبلا شعور، وكان جسدي كله متورمًا. في ذلك الوقت، أُحضرت الأخت التي كنت أؤدي واجبات معها إلى غرفة الاستجواب المجاورة. فجأة، دخل ثمانية أو تسعة ضباط إلى غرفة الاستجواب الخاصة بي، ودخل ضابط شرطة بدين وقصير في غضب، وسأل رجال الشرطة الأشرار الذين كانوا يتعاملون معي: "هل تحدثَتْ بعد؟" فردّوا: "ليس بعد". بمجرد أن سمع ردّهم هرع إليَّ، وضربني على وجهي مرتين، وصرخ في وجهي بتذمُّر، "أنتِ لا تزالين غير متعاونة! نحن نعرف اسمك، ونعلم أنكِ قائدة مهمة في الكنيسة. لا تؤخذي بالانطباع الخاطئ بأننا لا نعرف شيئًا! أين وضعتِ المال!". عندما رأى أنني ظللت صامتة، هددني قائلًا:" إذا لم تعترفي، فسيكون الأمر أسوأ بالنسبة إليكِ عندما نكتشف بأنفسنا. نظرًا لمركزك داخل الكنيسة، سيتم الحكم عليك بالسجن لمدة 20 عامًا!". في وقت لاحق، أمسكوا بطاقتي المصرفية وطلبوا الاسم على البطاقة ورقم التعريف الشخصي. فكرتُ في نفسي: "دعيهم يرون، من يهتم. لم تحوّل عائلتي الكثير من الأموال إلى هذا الحساب على أي حال. ربما إذا رأوا، فلن يستمروا في مضايقتي بشأن أموال الكنيسة". وبعد أن قررت، أخبرتهم بالاسم والرقم السري.
في وقت لاحق، طلبت الذهاب إلى دورة المياه، وعندها فقط سمحوا لي أخيرًا. في تلك المرحلة، كنت قد فقدت السيطرة الكاملة على استخدام ساقيَّ، لذا حملوني إلى دورة المياه ووقفوا للحراسة في الخارج. لكنني كنت قد فقدت الإحساس بالكامل في يديَّ بالفعل، ولعل الأوامر لم تصلهما من دماغي؛ لذا وقفت هناك فقط مستندة إلى الحائط، غير قادرة تمامًا على خلع سروالي. عندما لم أخرج بعد فترة من الوقت، ركل أحد رجال الشرطة الباب وصاح في وجهي بابتسامة شهوانية: "أنتِ لم تنتهي بعد؟" بعد أن رأى أنني لا أستطيع تحريك يديَّ، سار تجاهي وفكَّ لي سروالي ثم أعاد ضبط سروالي عندما انتهيت. اجتمع مجموعة من الضباط خارج دورة المياه، مُلقين جميع أنواع التعليقات الوضيعة والمهينة لي بلغتهم القذرة. طغى عليَّ فجأة ظُلم هؤلاء البلطجية والشياطين وإذلالهم لشابة بريئة في العشرينات مثلي، وبدأت في البكاء. وورد إلى ذهني أيضًا أنه إذا كانت يدي مشلولة حقًا وكنت غير قادرة على الاعتناء بنفسي في المستقبل، فسيكون من الأفضل أن أموت. لو كان بإمكاني المشي بشكل صحيح في تلك اللحظة، لكنت قد قفزت من المبنى وأنهيت حياتي هناك. بينما كنت في أضعف حالاتي وردت في ذهني ترنيمة من ترانيم الكنيسة عنوانها: "أتمنى أن أرى يوم مجد الله" "سأقدِّم محبتي وإخلاصي لله، وأُتمِّم واجبي لتمجيد الله. أنا عازم على الصمود في الشهادة لله، ولا أستسلم أبدًا للشيطان. أوه، قد ينكسر رأسي ويسيل الدم مني، ولا يفقد شعب الله حماسته. نصائح الله تستهدف القلب، وأنا عازم على إذلال إبليس الشيطان. الألم والمصاعب قد سبق وعيَّنها الله، وسأتحمَّل الإهانة لأكون أمينًا له. لن أكون سببًا في بكاء الله أو قلقه مرة أخرى" (من "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). ثبتتني هذه الترنيمة في الإيمان وتقوّت روحي، وفكرت في نفسي قائلة: "لا يمكن خداعي بحيَل الشيطان ولا ينبغي أن أنهي حياتي بسبب شيء كهذا. إنهم يهينونني ويهزأون بي حتى أفعل شيئًا يؤذي الله ويخونه. إن مُتّ، فسأكون قد وقعت مباشرة ضحية مكيدتهم. لا يمكنني السماح لمؤامرة الشيطان بالنجاح. حتى لو أصبحت كسيحة حقًا، فما دام داخلي نَفَسٌ، يجب أن أستمر في الحياة لأشهد لله".
عندما عدت إلى غرفة الاستجواب، انهرت على الأرض بسبب الإجهاد. أحاط بي العديد من رجال الشرطة وصاحوا في وجهي، وأمروني بالنهوض. اقترب مني ذلك الضابط القصير البدين وضربني على وجهي، وركلني ركلة شريرة واتهمني باختلاق الأمر. في تلك اللحظة، بدأ جسدي يرتعش، وأصبت بضيق التنفس وبدأت في اللهاث. بدأت ساقي اليسرى والجانب الأيسر من صدري بالتشنج والتقلص بعضهما تجاه البعض الآخر. كان جسمي كله باردًا ومتيبسًا، وبغض النظر عن كيف سحبني ضابطان ورفعاني، لم يتمكنا من جعلي أنتصب. في ذهني، كنت أعرف أن الله كان يستخدم هذا الألم والمِحنة ليفتح طريقًا أمامي، وإلا فإنهم كانوا سيستمرون في تعذيبي بقسوة. لم يتوقف ضباط الشرطة الأشرار هؤلاء في النهاية عن ضربي إلا عندما رأوا الحالة الخطرة التي كنت فيها. ثم قيّدوني في كرسي التعذيب وذهبوا إلى الغرفة المجاورة لتعذيب أختي في الكنيسة، تاركين وراءهم ضابطين لمراقبتي. عندما سمعت أختي تبكي مرارًا وتكرارًا بصرخات مروّعة، أردت بشدة أن أنقض على هؤلاء الشياطين وأن أقاتلهم حتى الموت، ولكن كما كان الحال، فقد تكوّمت منهارة ومُجهدة كليًا، لذلك كل ما أمكنني فعله هو أن أصلّي إلى الله وأطلب منه أن يمنح أختي القوة ويحميها، حتى تتمكن من الثبات في الشهادة. في الوقت نفسه، لعنت بشدّة ذلك الحزب الشرير والخبيث الذي أغرق شعبه في أعماق المعاناة، وطلبت من الله أن يعاقب هؤلاء الوحوش الظاهرين في هيئة بشر. بعد ذلك، عندما رأوا أنني أنهار ويبدو عليَّ كما لو كنت ألفظ أنفاسي الأخيرة، أرسلوني أخيرًا إلى المستشفى، لأنهم لم يريدوا أن يتحمَّلوا مسؤولية شخص يموت في ورديتهم. بعد وصولي إلى المستشفى، بدأت ساقاي وصدري في التشنج والتقلص إحداهما تجاه الأخرى مجددًا، واحتاج الأمر عدة أشخاص لوضع جسدي في وضع مستقيم. تورَّمت كلتا يديّ مثل البالونات وغطتهما دماء متخثرة. كانت كلتا يديَّ منتفخة بالقيح، ولم يتمكنوا من الحقن بالوريد؛ لأنه بمجرد إدخال الإبرة، كان الدم يتدفق خارجًا من الوريد، مخضبًا الأنسجة المحيطة، وينزف من موقع الحقن. عندما رأى الطبيب ما كان يحدث، قال: "يجب أن نخلع هذه الأصفاد!" كما أوصى الشرطة بإرسالي إلى مستشفى البلدية لإجراء المزيد من الفحوصات؛ لأنه كان قلقًا من إصابتي بحالة قلبية. لم يرغب رجال الشرطة الأشرار في فعل أي شيء لمساعدتي، لكن بعد ذلك لم يكبلوا يديّ ثانية. في اليوم التالي، كتب الضابط الذي كان يستجوبني بيانًا مملوءًا بالتجديف والافتراء على الله ليُستخدم كإقرار شفهي مني، وطالبني بالتوقيع عليه. عندما رفضت التوقيع على البيان، استشاط غضبًا، وأمسك بيدي وأجبرني على وضع بصمتي على البيان.
قبيل مساء 9 أبريل، اصطحبني مدير القطاع واثنان من ضباط الشرطة الذكور إلى المُعتقل. عندما رأى طبيب المُعتقل جسدي كله متورمًا، وأنني لم أكن أستطيع المشي، ولم يكن لدي أي إحساس في ذراعيّ حيث بدتا وكأنهما مُعلّقتان بخيط، رفض دخولي، خشية أنني قد أموت هناك. بعد ذلك، تفاوض مدير القطاع مع مأمور المُعتقل لمدة ساعة تقريبًا ووعد بأنه إذا حدث لي أي شيء، فلن يتحمل المُعتقل المسؤولية، وعندها فقط وافق المأمور أخيرًا على أخذي إلى الحجز.
بعد مرور أكثر من عشرة أيام، نُقل أكثر من عشرة من رجال الشرطة الأشرار من مراكز شرطة أخرى، وتمركزوا مؤقتًا في المُعتقل لاستجوابي في نوبات طوال النهار والليل. توجد قيود محددة على مقدار الوقت الذي يمكن فيه استجواب السجين، لكن الشرطة قالت إن هذه كانت قضية كبيرة ومهمة، ذات طبيعة خطيرة للغاية، لذا فإنهم لم يكونوا ليتركوني وشأني. ولأنهم خشوا من أنهم إن استجوبوني لفترة طويلة للغاية، فقد أتعرض لوضع صحي طارئ نظرًا لحالتي الهشة، وأنهم سيختتمون استجوابهم في حوالي الواحدة صباحًا ويعيدونني إلى زنزانتي في السجن، ويستدعونني عند الفجر. كانوا يستجوبونني لمدة 18 ساعة في اليوم، لثلاثة أيام على التوالي. ومع ذلك، بصرف النظر عن كيفية استجوابهم، لم أقل كلمة واحدة. عندما رأوا أن أساليبهم الصعبة لم تنجح، تحولوا إلى أساليب ناعمة. بدأوا في إبداء قلقهم من إصاباتي وبأنهم يشترون لي الأدوية ويضعون المراهم على جروحي. في مواجهة هذا العرض المفاجئ من "اللطف"، تخليت عن حذري وفكرت: "إذا أخبرتهم شيئًا غير مهم عن الكنيسة، فمن المحتمل أن يكون الأمر على ما يرام...". على الفور، وردت كلمات الله إلى ذهني: "لا تفسدوا الأمر، ولكن تقربوا لي أكثر عندما يصيبكم أمر، وكونوا أكثر حذرًا وحرصًا في كل الأمور لتفادي إفساد توبيخي والوقوع في مكائد الشيطان الماكرة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الخامس والتسعون). أدركت فجأة أنني سقطت في مؤامرة الشيطان الماكرة. ألم يكن هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين كانوا يعذبونني منذ بضعة أيام؟ يمكنهم أن يغيروا سلوكهم، لكن طبيعتهم الشريرة كانت غير قابلة للتغيير؛ فالشيطان يظل شيطانًا. لقد أيقظتني كلمات الله إلى حقيقة أنهم كانوا مجرد ذئاب في ثياب حملان، وأنهم كانوا يحملون دائمًا دوافع خفية. بالمضي قدمًا، بغض النظر عن مدى إغوائي أو تعذيبي، فلن أقول كلمة أخرى. بعد فترة وجيزة، كشف الله عن طباعهم الحقيقية. استجوبني بشراسة ضابط يُدعى النقيب "وو": "أنتِ قائدة في الكنيسة، ومع ذلك لا تعرفين أين يوجد المال؟ إذا لم تخبرينا، فلدينا طرق لمعرفة ذلك!" انفجر ضابط شرطة عجوز ونحيف في عاصفة من السباب والصراخ: "اللعنة، ها أنتِ تتمادين لأننا تهاونَّا معكِ! إذا لم تتحدثي، فسنرسلك ونُعلقك مجددًا. سنرى ما إذا كنتِ لا تزالين ترغبين في أن تكوني مثل ليو هولان وتحجبي المعلومات عنا إذن! لديَّ الكثير من الطرق للتعامل معك!" كلما أمعن في الحديث بهذه الطريقة، ازددت تصميمًا على التزام الصمت. أخيرًا استشاط غيظًا وسار نحوي ودفعني قائلًا: "بهذا النوع من السلوك، ستكون عشرين عامًا مجرد عقوبة مُخفّفة!" وبهذا، خرج من الغرفة محبَطًا. بعد ذلك، استجوبني ضابط من إدارة الأمن العام بالمقاطعة المسؤول عن شؤون الأمن القومي. تفوَّه بالعديد من العبارات التي تهاجم الله وتقاومه، وتفاخر باستمرار بشأن مدى خبرته ودرايته؛ مما أدى بالضباط الآخرين إلى الثناء عليه. بملاحظة سماجته ورضائه عن نفسه، وسماع كل أحاديثه المحرّفة للحقيقة، وأكاذيبه المبنية على الشائعات، والتهم الزائفة، شعرت بالكراهية والاشمئزاز على حد سواء من هذا الضابط. لم أستطع حتى تحمُّل النظر إليه، ولذا فقد حدّقت مباشرة إلى الجدار الذي أمامي ودحضت كل حججه في رأسي. استمرت خُطبته اللاذعة طوال الصباح وعندما انتهى منها سألني ما الذي فكرت به. قلت بفارغ الصبر: "أنا غير متعلمة؛ وبالتالي فليس لدي أدنى فكرة عمَّا كنت تثرثر". قال غاضبًا للمحققين الآخرين: "ليس هناك أمل فيها. أظن أنها قد امتلأت من الله، لقد انتهى أمرها"! وبقوله هذا، خرج مكتئبًا.
عندما جرّني رجال الشرطة الأشرار إلى زنزانتي في المعتقل، ورأيت أن الأخت وانغ موجودة في الزنزانة نفسها، بعث مرأى هذه الأخت الحبيبة الدفء في قلبي. كنت أعلم أن هذا كان ترتيبًا وتنظيمًا من الله، وأن محبة الله كانت في انتظاري، وكنت أعرف أن الله قد فعل هذا لأنني كنت في ذلك الوقت مشلولة عمليًا؛ كانت ذراعاي ويداي متورمتين بشدة ومنتفختين بالقيح. لم يكن لدي أي إحساس في أصابعي، التي كانت سميكة مثل النقانق، والتي يصعب لمسها، وكان بإمكاني بالكاد تحريك ساقيّ، وكان جسدي كله ضعيفًا ومدمَرًا بالألم. خلال ذلك الوقت، كانت أختي تعتني بي كل يوم؛ إذْ كانت تنظف أسناني من أجلي وتغسل وجهي وتحممني وتمشط شعري وتطعمني... بعد شهر واحد، تم إطلاق سراح أختي، وأُبلغت بأنني اعتقلتُ رسميًا. بعد إطلاق سراح أختي، بالتفكير في كيف كنت لا أزال غير قادرة على الاعتناء بنفسي، وليس لدي أي فكرة عن المدة التي قد أقضيها محتجَزة، شعرت بالعجز والكآبة بشكل لا يصدق. لم يكن بوسعي سوى أن أدعو الله: "يا إلهي، أشعر كأنني مشلولة. كيف من المفترض أن أستمر هكذا؟ أتوسل إليك لحماية قلبي، حتى أتمكن من التغلب على هذه الحال". بينما كنت في قمة حزني وأشعر بالضياع التام، فكرت في كلمات الله: "هل فكرتم أن الله سيضعكم يومًا ما في مكان غير مألوف؟ هل يمكنكم تخيُّل يوم حين أنتزع فيه كل شيء منكم، ماذا سيحدث لكم؟ هل ستكون طاقتكم في ذلك اليوم كما هي الآن؟ هل سيعود إيمانكم ليظهر؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عليكم فهم العمل، لا تتبعوا وأنتم مشوشون). كانت كلمات الله مثل منارة ساطعة تنير قلبي وتسمح لي بفهم مشيئته. قلت لنفسي: "البيئة التي أواجهها الآن هي البيئة التي لديَّ أقل دراية بها. يريدني الله أن أختبر عمله في هذا النوع من البيئات لتكميل إيماني. رغم أن أختي قد تركتني، فإن الله قطعًا لم يتركني! بالعودة بتفكيري إلى المسار الذي سلكته، فقد أرشدني الله في كل خطوة على الطريق! إذا اتكلت على الله فلا توجد صعوبة لا يمكن التغلب عليها. رأيت أن إيماني كان ضعيفًا جدًا، لذلك صليّتُ إلى الله: "إلهي الحبيب، إنني على استعداد لأن أضع نفسي بالكامل في يديك وأن أخضع لتنظيماتك. مهما كانت المواقف التي قد أواجهها في المستقبل، سأخضع لك ولن أتذمر بعد الآن". بعد أن ختمت صلاتي، شعرت بهدوء وسَكينة. بعد ظهر اليوم التالي، أحضر ضابط السجن نزيلة جديدة. عندما رأت موقفي، بدأت تعتني بي حتى دون أن أطلب. في هذا، رأيت عجائبية الله ووفاءه. فالله لم يتخل عني؛ كل الأشياء في السماء وعلى الأرض هي في يَدَيِ الله، بما في ذلك أفكار الإنسان. لولا تنظيمات الله وترتيباته، لِمَ يا تُرى كانت هذه المرأة – التي لم أقابلها أبدًا من قبل – لطيفة جدًا معي؟ بعد ذلك، شهدت حتى المزيد من محبة الله. عندما تم إطلاق سراح تلك المرأة من المُعتقل، أقام الله امرأة تلو الأخرى ممن لم أقابلهنّ أبدًا لرعايتي، وسلّمن رعايتي بعضهنّ لبعض كما لو كن يمررن عصا سباق تتابع! كان هناك حتى بعض النزيلات حوّلن الأموال إلى حسابي بعد إطلاق سراحهن. خلال هذا الوقت، على الرغم من أن جسدي عانى إلى حد ما، فقد تمكنت من اختبار صدق محبة الله للإنسان مباشرة. مهما كان نوع الموقف الذي يُلقَى فيه الإنسان، فإن الله لا يتخلى عنه أبدًا، ولكنه يقوم بدور العون الدائم. وما دام الإنسان لا يفقد إيمانه بالله، فسيتمكّن بالتأكيد من معاينة أعمال الله.
لقد احتُجزت لمدة عام وثلاثة أشهر ثم اتهمتني حكومة الحزب الشيوعي الصيني "بالعمل من خلال منظمة محظورة لعرقلة إنفاذ القانون" وحُكم عليَّ بالسجن لثلاث سنوات وستة أشهر. بعد إدانتي، نُقلت إلى سجن النساء في المقاطعة لقضاء عقوبتي. في السجن، تعرضنا للمزيد من المعاملة اللاإنسانية. اضطررنا إلى العمل اليدوي كل يوم، ومتطلبات عبء العمل اليومي لدينا كانت تتجاوز بكثير ما يمكن لأي شخص إكماله بشكل معقول. إذا لم نتمكن من إنهاء عملنا، فنخضع للعقاب البدني. وكانت جميع الأموال المكتسبة من خلال عملنا تذهب عمليًّا إلى جيوب حُراس السجن. كنا نحصل على بضعة يوانات فقط كل شهر مقابل ما يفترض أنه بدل معيشة. كان الخط الرسمي الذي استخدمه السجن هو إعادة تأهيل النزيلات من خلال العمل، لكن في الواقع، كنا فقط آلاتهم لكسب المال، وخادماتهم غير مدفوعات الأجر. في الظاهر، كانت قواعد السجن الخاصة بتخفيف عقوبة السجناء تبدو إنسانية للغاية؛ فمن خلال استيفاء شروط معينة، يمكن أن تؤهل السجينات لإجراء تخفيض مناسب في مدة عقوبتهم. أمّا في الحقيقة، فقد كانت هذه مجرد واجهة وكانت فقط من أجل المظهر. في الواقع، لم يكن نظامهم الإنساني المزعوم أكثر من كلمات فارغة على الورق: كانت الأوامر التي يصدرها الحراس شخصيًا هي القوانين الحقيقية الوحيدة للمكان. كان السجن يراقب بصرامة الأرقام الإجمالية السنوية لخفض العقوبة، لضمان ما يكفي من القدرة "العمالية"، ولضمان عدم انخفاض دخل حراس السجن. كانت "قائمة تخفيف العقوبة" تقنية يستخدمها السجن لزيادة إنتاجية العمل. من بين عدة مئات من السجناء في السجن، هناك عشرة فقط أو نحو ذلك يمكنهن الحصول على " تخفيف العقوبة" وبالتالي يعمل السجناء بلا كلل، وينخرط بعضهم في المؤامرات ضد البعض الآخر لكسب ذلك، غير أن معظم النزيلات اللاتي يحصلن على تخفيف العقوبة، هن أولئك اللاتي لهن صلات بالشرطة، ولم يكن عليهن القيام بأعمال يدوية في المقام الأول. لم يكن للسجينات خيار سوى الاحتفاظ باستيائهن من هذا الأمر لأنفسهن. انتحر بعضهن احتجاجًا، لكن بعد وقوع الحادث، كان السجن يختلق قصصًا بشكل عشوائي لاسترضاء عائلات الضحايا، وبالتالي فإن وفاتهن كانت بلا جدوى. في السجن، لم يعاملنا الحراس أبدًا كبشر؛ فإذا أردنا التحدث معهم، فكنا نضطر إلى جلوس القرفصاء على الأرض والنظر للأعلى إليهم، وإذا كان أي شيء لا يروق لهم، فإنهم يوبخوننا ويهينوننا ببذاءات كريهة. عندما انتهت أخيرًا السنوات الثلاث ونصف السنة التي هي مدة عقوبتي وعدت إلى المنزل أخيرًا، لم تستطع أسرتي إخفاء الحسرة التي شعرت بها عندما رأتني أبدو مثل هيكل عظمي بشري، واهنة ومنهكة جدًا لدرجة أنه بالكاد يمكن التعرف عليَّ، وذرفنا الكثير من الدموع. ومع ذلك، فقد كانت قلوبنا مليئة بالامتنان لله. شكرنا الله على أنني ما زلت على قيد الحياة، ولحمايتي حتى تمكنت من الخروج من هذا الجحيم على الأرض سليمة.
فقط بعد أن عدت إلى المنزل، علمت أنه أثناء احتجازي، جاءت الشرطة الشريرة مرتين وفتشت المنزل ونهبته بوحشية. كان والداي، اللذان يؤمنان بالله، قد هربا من منزلهما وقضيا ما يقرب من عامين في الهرب لتجنب أن تقبض الحكومة عليهما. وعندما عادا أخيرًا إلى المنزل، كانت الحشائش في الفناء قد ارتفعت إلى مستوى المنزل نفسه، وانهارت أجزاء من السطح، وكان المكان كله في فوضى مروعة. كانت الشرطة قد توغلت في أنحاء قريتنا ناشرة الأكاذيب عنا: قالوا إنني نصبت على أموال شخص بلغت ما بين مليون ومائة مليون يوان صيني وأن والديَّ نصبا على شخص ما بعدة مئات من آلاف اليوانات لإرسال أخي الصغير إلى الكلية. هذه العصابة من الشياطين كانت زمرة من الكذابين المحترفين المؤهلين، وهم الأفضل في اللعبة! في الواقع، لأن والديَّ قد هربا من المنزل، كان على أخي الصغير استخدام أموال المنح والقروض لدفع مصروفات دراسته وإتمام دراسته الجامعية. والأكثر من ذلك، أنه عندما ذهب بعيدًا عن المنزل للعمل، كان عليه أولًا أن يدّخر لنفقات السفر، جزءًا صغيرًا في كل مرة، عن طريق بيع محاصيل الحبوب التي زرعتها عائلتنا وقطف التوت البرّي لبيعه. ومع ذلك، تصرّف هؤلاء الشياطين بشكل غير منطقي، حيث وصموا عائلتي بجرائم زائفة، وما زالت الشائعات تنتشر حتى يومنا هذا. وحتى الآن، ما زالت قريتي تزدريني بسبب سمعتي كمجرمة سياسية مدانة وفنانة في الاحتيال. أنا أكره حقًا عصابة شياطين الحزب الشيوعي الصيني!
بالتفكير في السنوات التي قضيتها في اتباع الله، كنت قد قبلت فقط كلام الله الذي يكشف الطبيعة الشيطانية وجوهر حكومة الحزب الشيوعي الصيني على المستوى النظري، لكنني لم أفهمها حقًا. لأنني تشبعتُ منذ صغري بمبادئ التربية الوطنية، التي كيَّفتني وخدعتني بشكل منهجي للتفكير بطريقة معينة، حتى أنني اعتقدت أن كلام الله كان مبالغة، ولم أستطع حَمل نفسي على التخلي عن قدوتي في بلادنا، معتقدة أن الحزب الشيوعي كان دائمًا على حق، وأن الجيش يحمي وطننا، وأن الشرطة عاقبت واستأصلت العناصر الشريرة من المجتمع، وحافظت على مصالح الشعب. فقط من خلال تجربة الاضطهاد على أيدي هؤلاء الشياطين، تمكنت من رؤية الوجه الحقيقي لحكومة الحزب الشيوعي الصيني؛ إنه خادع ومنافق للغاية وقد خدع شعب الصين والعالم بأسره بأكاذيبه لسنوات. يدعي مرارًا وتكرارًا أنه يساند حرية المعتقد والحقوق الديمقراطية القانونية، لكنه في الواقع يضطهد المعتقد الديني بشكل تعسفي. كل ما يتمسك به حقًا هو طغيانه وسيطرتها القسرية واستبداده. على الرغم من أن جسدي قد أصيب بجروح بالغة أثناء الاضطهاد القاسي من الحزب الشيوعي الصيني، وكنت أتألم وضعيفة، فإن كلمات الله كانت تنيرني باستمرار ومنحتني الإيمان والقوة، حتى تمكنت من رؤية مخططات الشيطان والشهادة لله. في الوقت نفسه، كان لديَّ إحساس عميق بمحبة الله ولطفه، وتقوَّى إيماني باتباع الله. وكما تقول كلمة الله القدير: "هذا هو الوقت المناسب: قد جمع الإنسان كلّ قواه منذ زمن بعيد، وكرّس كل جهوده ودفع الثمن كله من أجل هذا، ليمزّق وجه هذا الشيطان القبيح، ويسمح للناس الذين أصابهم العمى، والذين تحملوا جميعَ أنواع الآلام والمشقات، للنهوض من آلامهم وإدارة ظهورهم لهذا الشيطان القديم الشرير" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (8)]. لقد عدت الآن إلى الكنيسة وأؤدي واجبي عن طريق الوعظ بالإنجيل. الشكر لله!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.