كلمات حول طلب الحق وممارسته

اقتباس 15

إذا كان لدى الناس قلب يحب الحق، فسيتحلون بالقوة للسعي إلى الحق، وسيمكنهم الاجتهاد في ممارسة الحق. سيمكنهم هجر ما ينبغي هجره، والتخلي عمَّا يجب التخلي عنه. الأشياء التي تتعلق بشهرتك، ومكاسبك، ومكانتك، هي بالذات أشياء ينبغي التخلي عنها. إذا لم تتخلَّ عنها، فهذا يعني أنك لا تحب الحق وليس لديك القوة للسعي إليه. عندما تحدث لك أشياء، يجب أن تسعى إلى الحق وتمارسه. وإذا كان لديك – في تلك الأوقات التي تحتاج فيها إلى ممارسة الحق – قلب أناني، ولا يمكنك التخلي عن مصلحتك الذاتية، فلن تكون قادرًا على ممارسة الحق. إن لم تسعَ إلى الحق أو تمارسه أبدًا في أي ظرف من الظروف، فأنت لست شخصًا يحب الحق؛ ولن تنال الحق مهما يكن عدد سنوات إيمانك بالله. بعض الناس يسعون دائمًا إلى الشهرة والربح والمصلحة الذاتية، وأَّيما كان العمل الذي ترتبه الكنيسة لهم، فإنهم يفكرون دائمًا بينهم وبين أنفسهم: "هل سيفيدني هذا؟ إذ كان سيفيدني، فسأفعله؛ وإلا فلن أفعله". مثل هذا الشخص لا يمارس الحق، فهل يمكنه أداء واجبه جيدًا؟ لا يمكنه ذلك بكل تأكيد. حتى إذا لم تفعل أي شر، فأنت لا تزال شخصًا لا يمارس الحق. إن كنت لا تسعى إلى الحق، ولا تحب الأشياء الإيجابية، ولا تهتم في كل ما يصيبك إلا بسمعتك ومكانتك ومصلحتك الشخصية وما هو مفيد لك، فأنت شخص لا تدفعه سوى المصلحة الذاتية، كما أنك أناني ومنحط. إن شخصًا كهذا يؤمن بالله لكي يربح شيئًا جيدًا أو مفيدًا له، وليس لينال الحق أو خلاص الله. ومن ثمَّ، فإن هذا النوع من الناس غير مؤمنين. الأشخاص الذين يؤمنون حقًّا بالله هم أولئك الذين يمكنهم السعي إلى الحق وممارسته؛ لأنهم يدركون في قلوبهم أن المسيح هو الحق، وأن عليهم الاستماع إلى كلام الله والإيمان بالله كما يطلب. إن كنت ترغب في ممارسة الحق عندما يحدث لك شيء ما، ولكنك تضع في اعتبارك سمعتك ومكانتك ومظهرك، فسيكون القيام بذلك أمرًا صعبًا. في موقف مثل هذا؛ سيتمكن أولئك الذين يحبون الحق، من خلال الصلاة والسعي والتأمل في أنفسهم والوعي بالذات، من التخلي عمَّا هو في مصلحتهم الذاتية أو ما هو مفيد لهم، وممارسة الحق وطاعة الله. أولئك حقًّا هم مَن يؤمنون بالله ويحبون الحق. وما العاقبة التي تحدث عندما يفكر الناس دائمًا في مصلحتهم الذاتية الخاصة، ويحاولون دائمًا حماية كبريائهم وغرورهم، ويكشفون عن شخصية فاسدة لكنهم لا يطلبون الحق لإصلاحها؟ العاقبة هي أنهم لا يحظون بمدخل إلى الحياة، ويفتقرون إلى الشهادة الاختبارية الحقيقية. وهذا أمر خطير، أليس كذلك؟ إذا لم تمارس الحق أبدًا، وإذا لم تكن لديك أي شهادة اختبارية، فسوف تنكشف وتُستبعَد عندما يحين الأوان. ما فائدة الناس الذين ليست لديهم اختبارات وشهادة في بيت الله؟ إنَّ أداءهم لأي واجب سيكون رديئًا لا محالة، ولن يتمكنوا من فعل أي شيء بشكل صحيح. أليسوا مجرد نفاية؟ إذا كان الناس لا يمارسون الحق أبدًا بعد أعوام من الإيمان بالله، فهم غير مؤمنين وهم أشرار. إذا كنت لا تمارس الحق أبدًا، وإذا كانت آثامك تزداد أكثر من أي وقت مضى، فإن عاقبتك قد تحددت. من الواضح أنَّ جميع آثامك، والطريق الخاطئ الذي تسلكه، ورفضك للتوبة، هذا كله يؤدي إلى الكثير جدًا من الأفعال الشريرة؛ ومن ثمَّ ستكون عاقبتك أنك ستذهب إلى الجحيم؛ سوف تُعاقَب. هل تعتقد أن هذا أمر تافه؟ إذا لم تكن قد عوقِبَـت، فلن يكون لديك أي إدراك لمدى رعب هذا الأمر. وعندما يأتي اليوم الذي تواجه فيه مصيبة بالفعل، وتواجه الموت، سيكون أوان الندم قد فات. إذا كنت لا تقبل الحق في إيمانك بالله، وإذا كنت قد آمنت بالله منذ أعوام دون أن يحدث فيك أي تغيير، فإن العاقبة النهائية هي استبعادك والتخلي عنك. كل شخص لديه تعديات، المهم هو أن تكون قادرًا على السعي إلى الحق من أجل إصلاح تلك التعديات، وهذا سيضمن أن يقل عددها تدريجيًّا. بغض النظر عن الوقت، إذا كشفت على الإطلاق عن شخصيتك الفاسدة، وكنت قادرًا دائمًا على الصلاة إلى الله والاتكال عليه، والسعي إلى الحق لإصلاح شخصيتك الفاسدة وتطهيرها، فلن تكون عندئذ قد عملت الشر. هذه هي الطريقة التي ينبغي للمؤمنين بها معالجة مشكلة الشخصية الفاسدة، وهذه هي طريقة اختبار عمل الله. إذا لم تصلِّ أبدًا إلى الله ولم تسعَ أبدًا إلى الحق عندما تصيبك الأحداث، أو إذا كنت تفهم الحق ولكنك لا تمارسه، فماذا ستكون النتيجة النهائية؟ إنها أمر بديهي. مهما تكن عليه من المكر والمهارة في الحديث والتملق، فهل يمكنك الهروب من تمحيص عين الله؟ وهل يمكنك التهرب من تنظيمات يد الله؟ مستحيل. على الحكماء أن يأتوا أمام الله ويتوبوا، متطلعين إليه، ومتكلين عليه، ومصلحين لشخصياتهم الفاسدة، وممارسين للحق. حينئذٍ ستكون قد تغلبت على الجسد وعلى غوايات الشيطان. عليك المثابرة حتى لو فشلت عدة مرات؛ فعندما تثابر رغم كل الصعاب، سيأتي وقت تنجح فيه، وستربح نعمة الله وعطفه وبركته، وستكون قادرًا على السير في طريق السعي إلى الحق، وأداء واجباتك على أكمل وجه، وإرضاء الله.

عندما تصيبكم الأحداث، كم مرة تختارون ممارسة الحق والحفاظ على عمل الله؟ (ليس كثيرًا؛ ففي معظم الأحيان أختار الحفاظ على صورتي أو مصلحتي الشخصية وأدرك ذلك فيما بعد، لكن ليس من السهل أن أتنكَّرَ لنفسي. إذا كان هناك شخص يشارك معي عن الحق، فهذا يمنحني بعض القوة، ويمكنني عندئذ أن أتنكَّرَ لنفسي إلى حد ما. ولكن عندما لا يكون هناك مَن يشارك معي عن الحق، أُصبح بعيدًا عن الله وأعيش دائمًا في هذه الحالة). التنكُّر للجسد صعب، بل والأصعب منه ممارسة الحق؛ وذلك لأنك تمتلك طبيعة شيطانية تعيقك، وشخصية فاسدة تزعجك، وهذه الأمور لا يمكن إصلاحها دون فهم الحق. ما مقدار الوقت الذي يمكنكم أن تقضوه بهدوء في حضرة الله كل يوم؟ وكم يومًا يمكنكم أن تقضوا دون قراءة كلام الله قبل أن تشعروا بالظمأ الروحي؟ (أشعر بأنني لا أستطيع أن أقضي يومًا واحدًا دون قراءة كلام الله؛ لا بد لي أن أقرأ مقطعًا من كلام الله في الصباح ثم أتأمل فيه، وهذا يجعلني أشعر بأنني أقرب إلى الله. إذا مرَّ يوم واحد أكون فيه منشغلًا بالعمل ولا آكل كلام الله وأشربه ولا أصلي كثيرًا جدًّا، أشعر بأنني بعيد جدًا عن الله). إذا أمكنكم أن تشعروا بأنه لا فائدة لكم في الابتعاد عن الله، فلا يزال لديكم رجاء. إذا كنت مؤمنًا وتريد ربح الحق، فلا يمكنك أن تكون سلبيًا وتنتظر دائمًا أن يقوم شخص ما بالشركة معك عن الحق. عليك أن تتعلم أن تأكل كلام الله وتشربه بنشاط، وأن تصلي إلى الله، وتسعى إلى الحق. إذا انتظرت إلى أن تصبح روحك مظلمة وتعجز عن الشعور بالله قبل أن تأكل كلامه وتشربه وتصلي إليه، فلا يمكنك حينئذ سوى الحفاظ على الوضع الراهن. على الرغم من أنه من الجيد أن تحافظ على "إيمان" صوريّ، فلن يكون هناك نمو في حياتك، وعندما تكون روحك قد أصبحت ظمآنة وفاقدة الحس، وتكون قد أصبحتَ بعيدًا جدًا عن الله، ستكون في خطر. تعرضك لغواية واحدة سيكفي لجعلك تسقط وتقع في أسْر الشيطان بسهولة. إذا لم يكن لديك أي اختبار على الإطلاق، ولا تفهم أي حقائق، ولا تركز على قراءة كلام الله ولا على الاستماع إلى العظات، وتفتقر إلى حياة روحية طبيعية، فسيكون من الصعب أن تنمو قامتك، وسيكون تقدمك بطيئًا للغاية بالطبع. ما أسباب هذا التقدم البطيء؟ ما هي عواقبه؟ يجب أن تكون هذه الأمور واضحةً لك. بغض النظر عن الطريقة التي يكشف بها الله فساد الناس، فعليهم الخضوع لها وقبولها. عليهم أن يتأملوا في أنفسهم ويقارنوا أنفسهم بكلام الله كي يتسنى لهم تحقيق معرفة الذات وفهم الحق تدريجيًّا. هذا أكثر ما يرضي الله، ومن المؤكد أن الروح القدس سيعمل فيهم، وسوف يفهمون بالتأكيد مشيئة الله. عليك أن تحتفظ بكلام الله وبالحق في قلبك في جميع الأوقات حتى تتمكن، عندما تواجه مشكلة في الحياة الواقعية، من ربطها ومقارنتها بكلام الله وبالحق، وعندها سيكون من السهل حل المشكلة. على سبيل المثال، يريد الجميع جسمًا سليمًا خاليًا من المرض؛ وهذا شيء يطمح إليه الجميع، ولكن كيف يجب أن تمارس ذلك في حياتك اليومية؟ أولا وقبل كل شيء، يجب أن يكون لديك روتين منتظم، وألا تتناول الأطعمة غير الصحية أو المُحَرَّمة، وأن تمارس قدرًا مناسبًا من التمارين الرياضية. عندما تجمع بين هذه الأساليب، ويكون كل ما تمارسه متمحورًا حول هدف هو تحقيق الصحة البدنية، سوف ترى النتائج تدريجيًّا، وبعد بضع سنوات، ستصبح أفضل صحة من الآخرين، وستكون قد حققت نتائج جيدة. كيف حققت تلك النتائج؟ لأن أفعالك كانت متوافقة مع أهدافك، وممارستك متوائمة مع نظريتك. الأمر نفسه ينطبق على الإيمان بالله؛ إذا سعيت إلى أن تكون شخصًا يحب الحق ويمارسه، وشخصًا تغيرت شخصيته، فعندما تصيبك الأحداث، عليك ربطها بالأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، وبالحقائق ذات الصلة. أيًّا كانت الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، فما دامت هي ما يطلبه الله من الإنسان، فهي الاتجاه والهدف اللذان يجب السعي إليهما بصفتك مؤمنًا. على سبيل المثال، اتباع طريق الله: اتقاء الله والحيدان عن الشر. حالما يكون لديك هذا الاتجاه وهذا الهدف، يجب أن تكون لديك طريقة لممارسته فورًا بعد ذلك. عندما أقول: "اتّبع طريق الله،" إلام يشير "طريق الله"؟ اتّقاء الله والحيد عن الشر. وما معنى اتّقاء الله والحيد عن الشر؟ عندما تُجري تقييمك لشخص ما مثلًا، فإن هذا يتعلق باتّقاء الله والحيد عن الشر. كيف تُقيِّمه؟ (ينبغي أن نكون صادقين وعادلين ومنصفين، وينبغي ألا يكون كلامنا مبنيًا على المشاعر). عندما تقول ما تعتقده بالضبط وما رأيته بالضبط، تكون صادقًا. فأولًا وقبل كل شيء، ممارسة الصدق تتسق مع اتّباع طريق الله. هذا ما يُعلِّمه الله للناس. هذا هو طريق الله. ما هو طريق الله؟ اتّقاء الله والحيد عن الشر. أليس الصدق جزءًا من اتّقاء الله والحيد عن الشر؟ أليس هو اتّباع طريق الله؟ (بلى). إذا لم تكن صادقًا، فإن ما تراه وما تعتقده ليس هو نفسه ما يخرج من فمك. يسألك شخص ما: "ما رأيك في ذلك الشخص؟ هل يتحمل مسؤولية عمل الكنيسة؟" فتجيب: "إنه جيد جدًا، ويتحمل مسؤولية أكثر مني، ومقدرته أفضل من مقدرتي، وإنسانيته جيدة أيضًا، وهو ناضج ومستقر". ولكن هل هذا هو ما تفكر به في قلبك؟ إن ما تفكر فيه في الواقع هو أنه على الرغم من أن هذا الشخص يتمتع بالمقدرة، فهو غير موثوق به ومخادع إلى حد ما وماكر للغاية. هذا ما تفكر به حقًا في عقلك، لكن عندما يحين وقت الكلام يخطر ببالك: "لا يمكنني قول الحق؛ فينبغي ألا أسيء إلى أي شخص"، ولذلك سرعان ما تقول شيئًا آخر، وتختار كلمات لطيفة لتقولها عنه، ولا شيء مما تقوله هو ما تعتقده حقًا، بل كله أكاذيب ورياء. هل هذا يدل على أنك تتّبع طريق الله؟ لا. لقد سلكت طريق الشيطان، طريق الشياطين. ما هو طريق الله؟ إنه الحق، وهو الأساس الذي ينبغي أن ينبني عليه سلوك الناس، وهو طريق اتّقاء الله والحيد عن الشر. صحيحٌ أنك تتحدث إلى شخص آخر، لكن الله أيضًا يستمع، ويراقب قلبك ويُمحصه. الناس يستمعون إلى ما تقوله، لكن الله يمحص قلبك. هل يمكن للناس تمحيص قلب الإنسان؟ في أفضل الأحوال، يمكن للناس أن يروا أنك لا تقول الحق. يمكنهم رؤية ما هو ظاهر، الله وحده يستطيع أن يرى ما في أعماق قلبك، والله وحده يستطيع أن يرى ما تفكر فيه، وما تخطط له، وما لديك في قلبك من مخططات صغيرة وطرق غادرة، وأفكار مخادعة. عندما يرى الله أنك لا تقول الحق، ما سيكون رأيه فيك وتقييمه عنك؟ أنك في هذا لم تتبع طريق الله لأنك لم تقل الحق. إذا كنت تمارس وفقًا لمتطلبات الله، لكان ينبغي أن تقول الحق: "إنه شخص يتمتع بالمقدرة، ولكنه غير موثوق به". وسواء أكان هذا التقييم دقيقًا أم لا، فقد نبع من القلب وكان صادقًا؛ إنهما وجهة النظر والموقف اللذان كان يجب عليك التعبير عنهما. لكنك لم تفعل ذ؛ لك فهل كنت تتّبع طريق الله؟ (لا). ما جدوى أن تؤكد على أن تتّبع طريق الله وتُرضي الله إذا لم تقل الحق؟ هل سيبالي الله بصراخك؟ هل يبالي الله بالشعارات التي تصرخ بها؟ هل ينظر إلى مدى صراخك أو مدى شدته أو مدى عظمة إرادتك؟ هل ينظر إلى عدد المرات التي تصرخ فيها؟ ليست هذه بالأمور التي ينظر الله إليها. إنما ينظر الله إلى ما إذا كنت تمارس الحق أم لا، وينظر إلى ما تختاره، وإلى كيفية ممارستك الحق عندما تحل بك مشكلات. إذا كان اختيارك هو الحفاظ على العلاقات، والحفاظ على مصلحتك الخاصة وصورتك، وكان يهدف بالجملة إلى الحفاظ على الذات، فسوف يرى الله أن هذه هي وجهة نظرك وموقفك عندما يصيبك حدث ما، وسوف يُجري تقييمًا عنك: سوف يقول إنك لا تتّبع طريقه. تقول إنك تريد اتباع الحق وطريق الله، فلماذا لا تمارسه عندما تصيبك الأحداث؟ قد يكون الكلام الذي تقوله نابعًا من القلب، وربما ينقل إرادتك وأمنياتك، أو ربما أن قلبك قد تأثر، وأنك تهتف بكلمات صادقة بينما تنتحب بمرارة، لكن هل يعني التحدث بصدق أنك تمارس الحق؟ هل يعني ذلك أن لديك شهادة حقيقية؟ ليس بالضرورة. إذا كنت ساعيًا إلى الحق، فسوف تكون قادرًا على ممارسته، وإذا لم تكن محبًا للحق، فسوف تقول فقط أشياء تسُرُّ السامع، وستكون هذه نهاية الأمر. كان الفريسيون هم الأفضل في الوعظ بالتعاليم وإنشاد الشعارات، وكثيرًا ما كانوا يقفون عند نواصي الشوارع ويصرخون قائلين: "يا الله القدير!" أو "الله المعبود!" بالنسبة إلى الآخرين، كانوا يبدون أتقياء بشكل خاص، ولم يفعلوا أي شيء مخالف للناموس، لكن هل مدحهم الله؟ لم يفعل. كيف أدانهم؟ من خلال إعطائهم لقب الفريسيين المنافقين. في الأزمنة السابقة، كان الفريسيون طبقة محترمة في إسرائيل، فلماذا أصبح الاسم الآن لقبًا؟ لأن الفريسيين أصبحوا ممثلين لنوع من الأشخاص، فما هي صفات هذا النوع من الأشخاص؟ إنهم ماهرون في الكذب والتجمُّل والتظاهر؛ ويَدَّعون النبل العظيم، والقداسة، والاستقامة، واللياقة الواضحة، وتبدو الشعارات التي يطلقونها جيدة، لكن يتبين أنهم لا يمارسون الحق على الإطلاق. أي سلوك جيد لديهم؟ يقرؤون الكتاب المقدس ويعظون، ويعلمون الآخرين الالتزام بالناموس والقوانين، وعدم مقاومة الله، وهذا كله سلوك حسن. كل ما يقولونه يبدو جيدًا، ولكن عندما يدير الآخرون ظهورهم، فإنهم يسرقون التقدمات سرًا. قال الرب يسوع إنّهم "ٱلَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ ٱلْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ ٱلْجَمَلَ" (متَّى 23: 24). هذا يعني أنّ كل سلوكهم يبدو جيدًا في الظاهر؛ ينشدون شعارات متفاخرين، ويتكلّمون بنظريات سامية وكلامهم يسر السامعين، لكنّ أفعالهم فوضى عارمةً وتقاوم الله كليًا. سلوكهم ومظاهرهم الخارجية كلها ادعاء واحتيال، لكنهم لا يُكِّنون في قلوبهم أدنى المحبة للحق أو للأشياء الإيجابية. إنهم يبغضون الحق وكل الأشياء الإيجابية وكل ما يأتي من الله. ما الذي يحبّونه؟ هل يحبّون الإنصاف والبرّ؟ (لا). كيف يمكنك أن تعرف أنّهم لا يحبّون هذه الأشياء؟ (نشر الرب يسوع إنجيل ملكوت السماوات، الذي لم يرفضوه فحسب، بل أدانوه أيضًا). هل كان من الممكن معرفة ذلك لو لم يدينوه؟ لا. لقد كشف ظهور الرب يسوع وعمله جميع الفريسيين، ولولا إدانتهم للرب يسوع ومقاومتهم له لما تمكَّن الآخرون من رؤية نفاقهم. لولا ظهور الرب يسوع وعمله، لما ميَّز أحد الفريسيين، ولو اكتفى الناس بالنظر إلى سلوك الفريسيين الخارجي، لجعلهم ذلك يحسدونهم. ألم يكن الفريسيون غير صادقين ومخادعين لأنهم استخدموا السلوك الجيد الزائف لكسب ثقة الناس؟ هل يستطيع مثل هؤلاء المخادعين أن يحبوا الحق؟ إنهم لا يستطيعون ذلك على الإطلاق. ماذا كان الهدف وراء إظهارهم للسلوك الجيد؟ أحد الأهداف أنهم أرادوا تضليل الناس، ومن ناحية أخرى، كانوا يهدفون إلى خداع الناس وكسبهم حتى يقدّروهم ويبجّلونهم. والهدف الأخير هو أنهم أرادوا أن يكافأوا. يا له من غش! هل كانت تلك حيلًا متقنة؟ هل أحب هؤلاء الناس الإنصاف والبِرّ؟ بالتأكيد لم يفعلوا. ما أحبوه هو المكانة والشهرة والربح، وما أرادوه هو المكافأة والتاج. لم يمارسوا الكلمات التي علمها الله للناس قط، ولم يعيشوا أبدًا بحسب وقائع الحق على الإطلاق. لقد كان جُل هدفهم هو التنكر بحسن السلوك، وتضليل الناس وكسبهم بطرقهم المنافقة من أجل صَون مكانتهم وسمعتهم اللتان استخدماهما فيما بعد لربح المال وكسب العيش. أليس ذلك أمرًا جديرًا بالازدراء؟ يمكنك أن ترى من كل سلوكهم هذا أنهم في جوهرهم لم يحبوا الحق لأنهم لم يمارسوه قط. ما الشيء الذي يُظهر أنهم لم يمارسوا الحق؟ أعظم شيء على الإطلاق هو أن الرب يسوع جاء ليقوم بعمل الفداء، وأن كل الكلمات التي قالها الرب يسوع هي الحق ولها سلطان، فكيف كان رد فعل الفريسيين على ذلك؟ صحيحٌ أنهم أقرُّوا بأن كلمات الرب يسوع لها سلطان وقوة، لكنهم لم يكتفوا بعدم قبولها فحسب، بل أدانوها وجدفوا عليها أيضًا. لماذا فعلوا ذلك؟ لأنهم لم يحبوا الحق، وكانوا قد سئموا الحق في قلوبهم وكرهوه. لقد أقروا بأن الرب يسوع كان على حق في كل ما قاله، وبأن لكلماته سلطان وقوة، وبأنه لم يكن مخطئًا بأي شكل من الأشكال، وبأنه لم يكن لهم أي تأثير عليه، لكنهم أرادوا أن يدينوا الرب يسوع فتناقشوا وتآمروا وقالوا: "اصلبوه. إما هو أو نحن"، وهكذا تحدى الفريسيون الرب يسوع. في ذلك الوقت لم يكن هناك أحد يفهم الحق، ولم يتمكن أحد من التعرف على الرب يسوع بصفته الله المتجسد. لكن من وجهة نظر بشرية، عبَّر الرب يسوع عن حقائق كثيرة، وأخرج الشياطين، وشفى المرضى، واجترح العديد من المعجزات، وأطعم الخمسة آلاف شخص بخمسة أرغفة وسمكتين، وعمل أعمالًا صالحة كثيرة، وأنعم على الناس بنعم كثيرة. لا يوجد سوى عدد قليل جدًا من الأشخاص الصالحين والبررة مثله، فلماذا أراد الفريسيون إدانة الرب يسوع؟ ولماذا كانوا مصممين على صلبه؟ إن تفضيل الفريسيين إطلاق سراح مجرم بدلًا من إطلاق سراح الرب يسوع يُظهر مدى الشر والخبث الذي كان عليه فريسيو العالم الديني. لقد كانوا أشرارًا جدًا! كان الفرق بين الملامح الشريرة التي أظهرها الفريسيون وخيرهم الظاهري المصطنع عظيمًا جدًا، لدرجة أن الكثير من الناس لم يتمكنوا من التمييز بين ما هو صحيح وما هو كاذب منها، لكن ظهور الرب يسوع وعمله كشفهم جميعًا. عادةً ما كان الفريسيون يتنكرون بشكل جيد جدًّا، ويبدون من الخارج أتقياء للغاية، لدرجة أنه لم يكن لأحد أن يتخيل أنهم قادرون على مقاومة الرب يسوع واضطهاده بهذه الوحشية. ولو لم تُكشَف الحقائق، لما استطاع أحد أن يدرك الحقيقة. إن تعبير الله المتجسد عن الحق يكشف الكثير عن الإنسان!

السابق: كلمات حول كيفية مقاربة الحق والله

التالي: كلمات حول معرفة عمل الله وشخصيته

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب