لا يمكن للمرء أن ينطلق في المسار الصحيح للإيمان بالله إلا من خلال معالجة مفاهيمه (3)

اليوم نواصل عقد الشركة حول مسألة المفاهيم. لقد عقدنا الشركة عن هذه المسألة مرتين من قبل، واليوم سنعقد الشركة عنها مرة أخرى لنختتمها. فيما يتعلق بما عقدنا الشركة عنه مسبقًا، يجب أن تتواصلوا فيما بينكم بعد ذلك، ثم تتأملوا وتختبروا هذه الأشياء شيئًا فشيئًا. لا يمكن استيعاب هذه المواضيع كليًا في يوم أو يومين فقط؛ لا يمكن للمرء أن يفهمها إلا بالتدريج من خلال اختبارها والشعور بها في الحياة. ما يمكنكم استرجاعه الآن بناءً على الذاكرة وحدها هو مجرد حفظ عن ظهر قلب. إنَّ أكل وشرب كلام الله يتطلب خبرة؛ ولا يمكن للمرء أن يكون لديه فهم وتقدير حقيقيان إلا بعد أن يخوض اختبارًا حياتيًا حقيقيًا لبعض الوقت. تتكون مفاهيم الناس بشكل أساسي من مفاهيمهم عن الله وعمل الله. هذان النوعان من المفاهيم يؤثران بشكل كبير على سعي الناس، ورؤيتهم للأمور، وفهمهم لله وموقفهم تجاه الله، وتؤثر بدرجة أكبر حتى من ذلك على الطريق الذي يسلكونه في إيمانهم بالله، وعلى الاتجاه والأهداف التي يختارونها لحياتهم. من شركتينا السابقتين، هل يمكنكم الآن تحديد المقصود بالمفاهيم بالضبط؟ التصورات حول الإيمان بالله نوع من المفاهيم. تتجلى هذه التصورات في المقام الأول في بعض السلوكيات السطحية في كلام الناس وسلوكهم، وكذلك تفاصيل حياتهم اليومية، مثل الأكل والملبس والمسكن والتنقل. هذا هو المستوى الابتدائي للغاية. وبالانتقال خطوة إلى الأمام، توجد بعض التصورات تتعلق بسعي الشخص في الإيمان بالله والطريق الذي يسلكه للقيام ذلك، وكذلك بعض مطالب الناس وتصوراتهم وسوء فهمهم فيما يتعلق بعمل الله. ما الذي تتضمنه هذه الأشكال من سوء الفهم؟ ولماذا تُسمى سوء فهم؟ عندما نقول سوء فهم، فهذا يعني بالتأكيد أنه ليس فكرة صحيحة. إنما هو شيء لا يتوافق مع الحقائق، ويتعارض مع الحق، ويتنافى مع عمل الله وشخصية الله ويتعارض معهما؛ أو شيء من إرادة البشر نشأ من مفاهيم الناس وتصوراتهم ومعارفهم، ولا علاقة له على الإطلاق بالله نفسه أو بعمل الله. عندما تنشأ هذه الأنواع من المفاهيم والتصورات وسوء الفهم، والمطالب، فهذا يعني أن مفاهيم الناس عن الله وعمل الله قد بلغت ذروتها. ماذا يحدث للعلاقة بين الناس والله في هذه المرحلة؟ (يتشكل حاجز بينهما). يوجد حاجز بين الناس والله؛ فهل هذه مشكلة خطيرة؟ (أجل). عندما يتشكل مثل هذا الحاجز، فهذا يعني أن مفاهيم الناس وتصوراتهم مستفحلة. عندما يتشكل حاجز بين الناس والله، فهذا يعني أنهم غير راضين عن بعض الأشياء التي فعلها الله، ولم يعودوا يريدون أن يأتمنوا الله على أسرارهم، أو أن يعاملوا الله على أنه الله، أو أن يخضعوا لله. يبدأون في التشكيك في برّ الله وشخصيته. ما المظاهر التي تتبع ذلك مباشرةً؟ (المقاومة). إذا لم يطلب الناس الحق، فإن سوء الفهم هذا لا يخلق حاجزًا في قلوبهم فحسب، بل يؤدي فوراً إلى المقاومة؛ مقاومة الحق وكلام الله وسيادة الله. يصبحون غير راضين عما فعله الله، قائلين، "ما تفعله غير مناسب؛ لا أستحسنه ولا أوافق عليه!". والرسالة الضمنية هي: "لا أستطيع الخضوع؛ هذا هو اختياري. أريد أن أعبّر عن رأي معارض، أريد أن أعبر عن رأي مختلف عن كلام الله، وعن الحق، وعن مطالب الله." ما نوع هذا السلوك؟ (إنهم يلغطون). بعد المقاومة، ينشأ اللغط والمعارضة؛ وهذا تصعيد. عندما تهيمن على المرء شخصيته الفاسدة، يمكن لمفهوم واحد أن يخلق حاجزًا وسوء فهم بينه وبين الله. إذا لم يُعالج هذا الأمر على الفور من خلال طلب الحق، فإن الحاجز يكبر ويصبح جدارًا سميكًا. لا تعود ترى الله أو وجوده الحقيقي، ناهيك عن أن ترى جوهره الإلهي. وتبدأ في الشك فيما إذا كان الله المتجسّد هو الله حقًا، وتفقد اهتمامك في أن تأكل وتشرب كلمة الله، ولا تعود ترغب في الصلاة لله. وبهذه الطريقة، تتباعد علاقتك مع الله على نحو متزايد. لماذا يمكن أن يظهر الناس مثل هذه السلوكيات؟ لأنهم يشعرون أن ما فعله الله قد جرح قلوبهم، وأضر بكرامتهم، وأهان كونهم أشخاصًا. هل هذا هو الحال حقًا؟ (كلا). ما الذي يحدث في الواقع إذن؟ (يشعرون بهذا لأن رغباتهم لم تُشبع، والموقف الذي واجهوه قد مسّ مصالحهم الخاصة). ذلك لأن الناس لديهم شخصيات فاسدة؛ فعندما لا تُلبى رغباتهم المفرطة على الفور، يصبحون مقاومين لله وغير راضين للغاية لأنه عمل بطريقة لا تتماشى مع المفاهيم البشرية. هم لا يعترفون ولا يقبلون أن ما يفعله الله هو الحق، وهو محبة الله، وأنه يهدف إلى تخليص الناس. إنهم يشكّلون مفاهيم وسوء فهم لما فعله الله، مما يعني أن شخصيتهم الفاسدة هي المسيطرة. بعد نشأة هذه الحواجز، ما مظاهر جميع أنواع الشخصيات الفاسدة التي يكشف عنها الناس عندما يعيشون بناءً على المفاهيم؟ هم لا يطلبون، ولا ينتظرون، ولا يخضعون، فضلًا عن أنهم لا يتقون الله ولا يتوبون. هم يمحِّصون ويصدرون الأحكام أولًا، ثم يدينون، وأخيرًا تأتي المقاومة. أليست هذه السلوكيات هي النقيض التام للمظاهر الإيجابية مثل الطلب والانتظار والخضوع والقبول والتوبة؟ (نعم). جميع هذه السلوكيات إذًا هي الوجه الآخر. إنّها الكشف عن شخصية فاسدة؛ إنها شخصيتهم الفاسدة هي التي تتحكم في أفعالهم وأفكارهم، وكذلك مواقفهم ومقاصدهم وآرائهم تجاه إصدار الأحكام بشأن الناس والأحداث والأشياء. عندما ينخرط الناس في التمحيص والتحليل وإصدار الأحكام والإدانة، ويصبحون مقاومين، ما هي الخطوة التالية التي يتخذونها؟ (المعارضة). بعد ذلك تأتي المعارضة. ما بعض مظاهر المعارضة؟ (السلبية، وتخلي المرء عن واجباته). السلبية أحد المظاهر؛ إذ يتهاونون في العمل بسلبية ويتخلون عن واجباتهم. ماذا أيضًا؟ (نشر المفاهيم). (إصدار الأحكام). إن إصدار الأحكام ونشر المفاهيم من مظاهر اللغط ضد الله ومعارضته. ماذا أيضًا؟ (قد يخونون الله ويخونون الطريق الحق). هذا هو الأمر الأخطر على الإطلاق؛ عندما يصل المرء إلى هذه النقطة، تظهر طبيعته الشيطانية بالكامل، وينكر الله تمامًا ويخونه، ويمكن أن يبتعد عن الله في أي لحظة.

والآن، ما مختلف مظاهر السلوكيات التي تشكل لغطًا ضد الله وتعارضه؟ (التواني في العمل بطريقة سلبية، والتخلي عن الواجبات). (إصدار أحكام بشأن الله). إصدار أحكام بشأن الله وعمله. (بعد ذلك يأتي نشر المفاهيم، وأخيرًا خيانة الله). دعونا نخوض في مزيد من التفاصيل. هل ينطوي نشر المفاهيم على أي قدر من التذمر؟ (أجل). أحيانًا يكون نشر المفاهيم ممزوجًا بالتذمر، وذلك في أشياء على غرار: "ما يفعله الله ليس بارًا"، و"أنا أومن بالله، وليس بالناس"، و"أعتقد أن الله بار." هذه الكلمات تحمل في طياتها نبرة شكوى. إنّ التواني بطريقة سلبية، ونشر المفاهيم، وإصدار أحكام بشأن الله كلها سلوكيات خطيرة إلى حد ما، لكن أخطرها الخيانة. هذه السلوكيات الأربعة واضحة جدًا وخطيرة جدًا، وهي من الطبيعة التي تقاوم الله بشكل مباشر. ماذا في داخل هذه السلوكيات من مظاهر محددة يمكنكم التفكير بها، أو رأيتموها، أو حتى فعلتموها بأنفسكم؟ (هناك التحريض أيضًا؛ للتعبير عن عدم الرضا عن الله، يحرض البعض المزيد من الناس على معارضته). هذا مظهر من مظاهر نشر المفاهيم. هل هناك من يبدون ظاهريًا خاضعين ولكن أثناء الصلاة يقولون: "ليكشف الله الأمر، ما أفعله هو الصواب، وسيظهر كل شيء في الوقت المناسب، أنا أعلم أن الله بار"؟ قد تبدو هذه الكلمات صحيحة، بل ومُبررة بثقة، لكنها تخفي العصيان وعدم رضا تجاه الله. هذه معارضة عقلية، إنها التواني السلبي والمعارضة السلبية. هل ثمة جوانب أخرى؟ (في حالة التواني السلبي، يوجد أيضًا استسلام المرء لليأس والإحباط، معتقدًا أن هذا هو حاله فحسب، وأن هذه هي طبيعته؛ هو يعتقد ألا أحد يستطيع تخليصه، فإذا أراد الله أن يهلكه، فليكن). هذا شكل من أشكال المعارضة الصامتة؛ حالته الفعلية سلبية، إذ يعتقد أن أفعال الله غير مفهومة وأن الناس لا يمكنهم استيعابها حقًا، لذا فليفعل الله ما يشاء. ظاهريًا، يبدو أنهم خضعوا لتنظيمات الله وترتيباته، لكن الواقع أنهم في أعماق قلوبهم، يقاومون ترتيبات الله بشدة، وهم غير راضين للغاية وعاصون. لقد اعترفوا بالفعل بأن هذا من فعل الله ولم يطالبوا بمزيد من المطالب، فلماذا إذن نقول إن هذه عاطفة معارضة؟ لماذا نصفها بهذه الطريقة؟ في الواقع، فإنهم في وعيهم لا يريدون أن يدينوا هذا الأمر أيضًا، ولا يريدون أن يقرروا أن يقولوا، "ما فعله الله خطأ؛ أنا لا أقبله. يمكنني الخضوع لأشياء أخرى فعلها الله، لكن ليس هذا. على أي حال، سأتوانى في عملي بطريقة سلبية بسبب هذا." في لا وعيهم، حالتهم ليست هكذا، فليس لديهم هذا الإدراك، فهم في أعماق قلوبهم يتسمون بالتحدي إلى حد ما أو غير راضين أو ساخطين. بعض الناس قد يدينون حتى أفعال الله على أنها خاطئة، لكن من أعماق قلوبهم، من حيث رغباتهم الذاتية، لا يريدون في الواقع إدانة الله في وعيهم، لأن ما يؤمنون به في النهاية هو الله. فلماذا القول إن هذا السلوك هو سلوك معارضة، وأنه توانٍ سلبي، وأنه يحمل عناصر السلبية؟ السلبية نفسها هي شكل من أشكال المقاومة والمعارضة، ولها عدة مظاهر. أولاً، عندما ينشأ لدى الناس حالات مثل الاستسلام لليأس والتواني بطريقة سلبية، هل يمكن أن يكونوا مدركين في قلوبهم أن هذه الحالات خاطئة؟ (نعم). يمكن للجميع أن يدركوا ذلك، باستثناء أولئك الذين آمنوا لمدة عامين أو ثلاثة أعوام فقط ونادرًا ما يسمعون العظات؛ فهم لا يفهمون هذه الأمور. ولكن ما دام المرء قد آمن بالله لمدة ثلاث سنوات على الأقل، ويسمع العظات بشكل متكرر، ويفهم الحق، فيمكن أن يكون لديه هذا الوعي. عندما يدرك الناس أن مثل هذه الحالات خاطئة، ماذا يجب عليهم أن يفعلوا لتجنب المعارضة؟ أولاً، يجب عليهم أن يطلبوا. يطلبون ماذا؟ يطلبون السبب في تنظيم الله للأمور على هذا النحو، والسبب في أنَّ مثل هذه الحالات قد أصابتهم، وما مقاصد الله، وما ينبغي عليهم فعله. هذه أمور إيجابية، هذه هي المظاهر التي يجب أن يتحلى بها الناس. ماذا أيضًا؟ (القبول والخضوع وتخلي المرء عن أفكاره الخاصة). هل من السهل التخلي عن أفكارك الخاصة؟ (كلا). إذا كنت تعتقد أنك على صواب، فلن تتمكن من التخلي عنها. للوصول إلى مرحلة التخلي، فإنَّ ذلك ينطوي على خطوات. فما الممارسات الأكثر ملاءمة ومناسبة لذلك؟ (الصلاة). إذا كانت صلاتك تتكوّن من بضع جمل جوفاء فقط، وكنت تفعلها بشكل سطحي، فلن تُحل المشكلة. إنك تصلي، "يا الله إنّي أرغب في الخضوع؛ أرجوك أن ترتّب ظروفي وتنظّمها بحيث يمكنني الخضوع. وإذا لم أستطع أن أخضع، فأنِّبني." هل قول بضع جمل فارغة كهذه يغيّر من حالتك الخاطئة؟ لن يغيّرها على الإطلاق. إنك بحاجة إلى طريقة للممارسة لتحدث تحوّلًا؛ فكيف يمكنك الممارسة لتغيير الأمور؟ (يجب على المرء أن يطلب مقاصد الله بنشاط، وأن يعترف داخليًا بأن الله على حق وهو على خطأ، وأن يكون قادرًا على إنكار نفسه). هاتان طريقتان للممارسة: البحث بنشاط عن مقاصد الله، والاعتراف داخليًا بأن الله على حق وأن الشخص مخطئ. كلتا الطريقتين جيدتان تمامًا، وكلتاهما تقول الأشياء الصائبة، لكن إحداهما هي الأكثر عملية. أيهما عملي؟ وأيهما كلام فارغ؟ (طلب مقاصد الله بنشاط هو أمر عملي). في كثير من الأحيان، لن يخبرك الله مباشرةً بمقاصده. علاوة على ذلك، لن يضيء نور الفهم فجأة عليك، ولن يقودك إلى أن تأكل وتشرب كلمات الله ذات الصلة التي يجب أن تفهمها على وجه التحديد. هذه الطرق كلها غير واقعية للغاية بالنسبة للناس. إذًا، هل يمكن أن يكون هذا الأسلوب المتمثل في طلب مقاصد الله بنشاط فعّالًا بالنسبة لكم؟ الطريقة الفعّالة هي الطريقة الأفضل؛ إنها الطريقة الأكثر واقعية وعملية. أما الطريقة غير الفعّالة، مهما بدت جيدة، فهي نظرية وتبقى فقط على مستوى الكلمات ولا تعطي نتائج. إذًا، أي من هاتين الطريقتين عملية؟ (الثانية؛ اعتراف المرء أن الله هو الحق وأنَّ هو المخطئ). هذا صحيح، الاعتراف بأخطائك؛ هذا هو امتلاك العقل. بعض الناس يقولون إنهم لا يدركون أنهم مخطئون. في هذه الحالة، يجب عليك أن تكون عاقلًا وقادرًا على التخلي عن أفكارك وإنكار ذاتك. يقول بعض الناس: "كنت أعتقد أنني على حق، وما أزال أعتقد ذلك الآن. علاوة على ذلك، الكثير من الناس يستحسنوني ويتفقون معي، ولا أشعر بأي لوم في قلبي؛ ثم إنَّ مقصدي صائب، فكيف يمكن أن أكون مخطئًا؟". ثمة العديد من الأسباب التي تمنعك من التخلي عن ذاتك وإنكارها. ماذا يجب أن تفعل في هذه الحالة؟ بغض النظر عن الأسباب التي تجعلك تعتقد أنك على صواب، إذا كان هذا "الصواب" يتعارض مع الله ويتنافى مع الحق، فإنك ببساطة مخطئ. مهما كان سلوكك خاضعًا، ومهما كنت تصلّي لله في قلبك، أو حتى إن اعترفت شفهيًا بأنك مخطئ لكنك في أعماقك تقاوم الله وتعيش في حالة من السلبية، فلا يزال جوهر هذا هو معارضة الله. هذا يثبت أنك لم تدرك بعد أنك مخطئ، ولا تقبل حقيقة أنك مخطئ. عندما ينشأ لدى الناس سوء فهم ومفاهيم خاطئة عن الله، يجب عليهم أولًا أن يعترفوا بأن الله هو الحق وأن الناس ليس لديهم الحق، وهم بالتأكيد المخطئون. هل هذا نوع من الشكليات؟ (كلا). إذا كنت تتبنى هذه الممارسة كنوع من الشكليات، بشكل سطحي فقط، فهل يمكنك أن تتعرف على أخطائك؟ أبداً. إنَّ الوصول إلى معرفة نفسك يستلزم عدة خطوات. أولاً، يجب عليك أن تحدد ما إذا كانت أفعالك تتماشى مع الحق ومع المبادئ. لا تنظر إلى مقاصدك في البداية؛ ثمة أوقات تكون فيها مقاصدك حسنة ولكن المبادئ التي تمارسها خاطئة. هل يحدث هذا النوع من المواقف في كثير من الأحيان؟ (أجل). لماذا أقول إنَّ مبادئ ممارستكم خاطئة؟ ربما تكون قد طلبت، لكن ربما ليس لديك أي فهم على الإطلاق لماهية المبادئ؛ ربما لم تطلب على الإطلاق، ولم تعتمد في أفعالك سوى على مقاصدك الحسنة وحماسك، وعلى تصوراتك واختبارك، ونتيجة لذلك، ارتكبت خطأ. هل يمكنك تصوّر ذلك؟ لا يمكنك أن تتوقعه، وقد أخطأت. ألم يُكشف عنك حينئذٍ؟ إذا ظللت تجادل الله بعد أن كُشف عنك، فأين يكمن الخطأ في هذا؟ (يكمن في عدم الاعتراف بأن الله محق، والإصرار على أنني محق). هكذا أخطأت. لم يكن خطأك الأكبر أنك أخطأت وخالفت المبادئ، مما تسبب في خسارة أو عواقب أخرى، وإنما أنك قد ارتكبت خطأ، لكنك ما تزال مصرًا على تفكيرك الخاص، وغير قادر على الاعتراف بخطئك؛ وما تزال تعارض الله بناءً على مفاهيمك وتصوراتك، وتنكر عمله والحقائق التي عبَّر عنها؛ كان هذا هو خطأك الأكبر والأخطر. لماذا يُقال إن مثل هذه الحالة في المرء هي حالة معارضة لله؟ (لأنه لا يعترف بأن ما يفعله خطأ). سواء أدرك الناس أن كل ما يفعله الله وسيادته هو الصواب، وما دلالة هذا، إذا لم يدركوا أولًا أنهم هم أنفسهم مخطئون، فإن حالتهم هي حالة معارضة لله. ما الذي يجب فعله لتصحيح هذه الحالة؟ أولاً، يجب على المرء أن ينكر ذاته. ما قلناه للتو عن أن ضرورة طلب مقاصد الله أولًا ليس أمرًا عمليًا جدًا بالنسبة للناس. يقول البعض، "إذا لم يكن عمليًا جدًا، فهل يعني هذا أن الطلب ليس ضروريًا؟ بعض الأشياء التي يمكن طلبها وفهمها لا يتعين طلبها، يمكنني ببساطة تخطي هذه الخطوة." هل سيفي هذا بالغرض؟ (كلا). أليس من يتصرف بهذه الطريقة بعيدًا عن أن يُخلَّص؟ مثل هؤلاء الناس لديهم انحرافات في استيعابهم. إن طلب مقاصد الله بعيد بعض الشيء ولا يمكن تحقيقه في الحال، ومن أجل اختصار الطريق، فإنه من الأكثر واقعية أن يتخلى المرء عن ذاته أولاً، مع العلم أن أفعاله خاطئة وغير متوافقة مع الحق، ثم يطلب مبادئ الحق. هذه هي الخطوات. قد تبدو بسيطة، لكن تطبيقها يطرح العديد من الصعوبات، لأن البشر لديهم شخصيات فاسدة إضافةً إلى كل أنواع التصورات، وكل أنواع المطالب، ولديهم رغبات أيضًا، وكلها تتداخل مع إنكار الناس لذواتهم وتخليهم عن أفكاره. وليس من السهل تحقيق هذين الأمرين. لن نتعمّق أكثر في هذا الموضوع؛ دعونا نواصل مناقشة مسألة المفاهيم التي تطرقنا إليها في آخر شركتين.

قبل قليل فحسب، كان التركيز الرئيسي لشركتنا هو كيف أنه يمكن للمفاهيم أن تؤدي إلى سوء فهم عن الله، مما يؤدي إلى تشكيل حاجز بين الناس والله، وهذا الحاجز يؤدي بهم إلى تشكيل مقاومة لله. ما طبيعة هذه المقاومة؟ (المعارضة). إنها معارضة، وتمرد. لذا عندما ينشأ لدى الناس معارضة لله ويحتجون عليه، فهذا ليس شيئًا يحدث بين عشية وضحاها؛ بل له جذور. الأمر يشبه عندما يكتشف شخص فجأةً أنه أصبح مريضًا، وأن المرض خطير جدًا؛ فيتساءل كيف تطورت الحالة بهذه السرعة. في الواقع، كان الجسم مُصابًا بالمرض منذ وقت طويل وكان له جذور في الجسم؛ لم تكن الإصابة بالمرض في اليوم الذي أصبح فيه واضحًا؛ إنما كان ذلك هو اليوم الذي اكتُشِف فيه فحسب. ماذا أعني بقولي هذا؟ هل القدرة على التمرد ضد الله، ومعارضته، والاحتجاج عليه هو شيء يمكن للجميع توقعه في بداية إيمانهم بالله؟ بالتأكيد لا. هل هذه هي النية الأولية في الإيمان بالله لدى كل شخص ينتهي به المطاف إلى الاحتجاج عليه ومعارضته؟ هل قال أحد من قبل، "لا أومن بالله من أجل البركات؛ أنا فقط أريد أن أحتج على الله وأكون معارضًا له بعد رؤيته، حتى أصبح مشهورًا وأصنع اسمًا كبيرًا لنفسي، وستكون حياتي قد أصبحت ذات قيمة"؟ هل كان لدى أي شخص مثل هذه الخطط؟ (كلا). ما من أحد قد خطط بهذه الطريقة قبل، ولا حتى أكثر الناس حماقةً أو غباءً أو شرًا. جميع الناس يرغبون في الإيمان بالله بصدق، وأن يكونوا صالحين، وأن يستمعوا إلى كلام الله، وأن يفعلوا كل ما يطلبه الله منهم. على الرغم من أنهم لا يمكنهم تحقيق الخضوع التام لله، فإنه يمكنهم على الأقل تلبية الحد الأدنى من متطلبات الله وإرضائه بقدر استطاعتهم. يا لها من أمنية طيبة! كيف انتهى بهم الأمر إلى الاحتجاج على الله ومعارضته؟ يشعر الناس أنفسهم بعدم الرغبة في فعل هذا ولا يعرفون كيف حدث. فيما يتعلق بالاحتجاج على الله ومعارضته، فإنهم يشعرون بالاستياء والانزعاج في داخلهم، ويفكرون: "كيف يمكن للناس أن يفعلوا هذا؟ حتى لو تصرَّف الآخرون بهذه الطريقة، فلا ينبغي لي أن أتصرَّف بهذه الطريقة"! كما قال بطرس، "وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لَا أَشُكُّ أَبَدًا" (متى 26: 33). كانت الكلمات التي نطق بها بطرس نابعة من قلبه، لكن سلوكه لم يكن في مستوى رغباته وتطلعاته. الضعف البشري هو شيء لا يستطيع الناس أنفسهم توقعه. عندما ينزل بهم موقف ما بالفعل، يُكشف فسادهم. يمكن لجوهر طبيعة المرء وشخصيته الفاسدة أن يتحكما في أفكاره وسلوكه ويمليا عليه أفكاره وسلوكه. وفي وجود شخصية فاسدة، يمكن أن تنشأ مفاهيم مختلفة وكذلك رغبات ومطالب المختلفة، مما يؤدي إلى جميع أنواع السلوك المتمرد. ويؤثر هذا في علاقة المرء مع الله تأثيرًا مباشرًا ويؤثر مباشرةً أيضًا في دخوله في الحياة وتحوّل شخصيته. ليست هذه هي مقاصد الناس عندما شرعوا في الإيمان بالله، ولا هي ما يرغب الناس فيه الناس ويرجونه في قلوبهم. إنَّ مثل هذه النتائج تُعزى إلى مفاهيم الناس عن الله. وإذا لم تُعالج هذه المفاهيم، فقد تصبح آفاق المرء ومصيره وغايته كلها إشكالية.

لعلاج ما لدى المرء من سوء فهم عن الله، يجب عليه أن يعالج مفاهيمه عن الله، وعن عمل الله، وعن جوهر الله، وعن شخصية الله. لعلاج هذه المفاهيم، يجب على المرء أولًا أن يفهمها ويعرفها ويدركها. فما هي هذه المفاهيم بالضبط؟ هذا يعيدنا إلى الموضوع الرئيسي. يجب علينا أن نبدأ ببعض الأمثلة العملية لتناول مفاهيم الناس هذه ومظاهرهم، موِّضحين مقاصد الله من خلال هذه الأمثلة، مما يسمح للناس أن يروا، في أعماق قلب الله، ما هي شخصيته وجوهره وكيف يعامل الناس، وكذلك كيفية تصور الناس للطريقة التي ينبغي أن يعاملهم الله بها، مما يتيح لهم التمييز بين هذين المنظورين الأخيرين وتوضيحهما والمقارنة بينهما، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى فهم طريقة معاملة الله للناس وسيادته عليهم وقبولها، وفهم جوهر الله وشخصيته وقبولهما. حالما يكون لدى الناس فهم واضح عن الطريقة التي يحكم الله بها الناس وعن عمله، لن يعودوا يبتكرون مفاهيم عن الله. وسيختفي أيضًا الحاجز بين الله وبينهم، ولن تعود تنشأ في قلوبهم حالات معارضة أو احتجاج موجهة ضد الله. إنَّ مشاكل التمرد والمقاومة ضد الله هذه يمكن علاجها مباشرةً من خلال قراءة كلام الله وعقد الشركة عن الحق. بغض النظر عن أي جانب من المفاهيم يُناقش، يجب أن يُبتدَأ بقراءة كلام الله وعقد شركة عن الحق. يجب أن يكون كل شيء مرتبطًا بالحق، وكل شيء ينطوي على الحق. فما هي هذه المفاهيم التي لدى الناس؟ لنبدأ بمناقشة عمل الله، مستخدمين أمثلة محددة لتوضيح المبادئ الكامنة وراء عمل الله، والمبادئ والأساليب التي يعامل الله بها الناس ويحكمهم. قد يتطرق المثال إلى طريقة عمل الله؛ وقد يتطرق أيضًا إلى الطريقة التي يصنّف الله بها الفرد ويحدد عاقبته؛ أو قد يتطرق إلى شخصية الله وجوهره. لتوضيح هذه النقاط، إذا تحدثنا بطريقة مجردة عن ماهية الله، وعما فعله الله وكيف عامل الناس على مدى ستة آلاف سنة من عمله، فهل تعتقدون أن ذلك سيكون مناسبًا؟ هل يمكنكم استيعاب ذلك بسهولة؟ أو إذا تحدّثنا مثلًا عن كيفية عمل الله لمدة ستة آلاف عام، وعن كيف أنه في المرحلة الثانية من عمله، كان يعمل في يهودا؛ وناقشنا كيف عامل الله الشعب اليهودي آنذاك، وكيف يمكننا أن نلاحظ شخصية الله من ذلك؛ فهل سيكون من السهل فهم ذلك؟ (كلا). على سبيل المثال، إذا تحدثنا عن كيفية حكم الله لهذا العالم: كيف يتعامل مع الناس من مختلف الأعراق، وما الذي يفكر فيه الله، وكيف يرسم حدود أراضيهم، ولماذا يقسّمهم في أماكن مختلفة؛ وعلى وجه الخصوص، لماذا يوجد بعض الناس الطيبين في أماكن دون المستوى، بينما يوجد بعض الأشرار في أماكن أفضل بكثير، وما المبادئ التي يستخدمها الله في توزيع الأشياء بهذه الطريقة، ورأينا طرق الله في حكم البشرية من خلال هذا الموضوع؛ فهل هذا سيجعل الفهم سهلًا؟ (كلا). أليست هذه المواضيع بعيدة كل البعد عن التحوّلات الشخصية للإنسان ودخولهم الحياة في الحياة اليومية؟ أليست مُجرّدة إلى حد كبير؟ (بلى). لماذا نقول إنها بعيدة ومُجرّدة؟ لأنه، في الحياة الواقعية، فإنَّ فهم الحقائق المتعلقة بالرؤى فحسب، مثل تفاصيل كيفية حكم الله وتوجيهه للبشرية، يبدو شديد البعد عن المشاكل التي نواجهها في حياتنا اليومية، وغير وثيق الصلة بها. لتناول مشاكل العالم الواقعي، يجب أن نبدأ من الأمثلة التي يمكنكم سماعها ورؤيتها والشعور بها في حياتكم، ثم نوسّع بصيرتكم انطلاقًا من هذا. وبغض النظر عن القصص التي أرويها، أو الأشخاص والأحداث التي تتضمنها هذه القصص، حتى لو كانت تتعلق بأشياء فعلتها في الماضي؛ فإن التأثير النهائي لهذه القصص هو مساعدتك على فهم الحقائق المتعلقة بالموضوع الذي تتم مناقشته اليوم. كل قصة تُروى تخدم غرضًا ما، وترتبط بالقيمة التي تهدف إلى نقلها والحقيقة التي تعبّر عنها.

لنبدأ قصتنا. هذه هي الحالة الأولى. منذ زمن بعيد، أرسلت كنيسة زجاجة من شراب السعال، موضحةً، "دائمًا ما يتحدث الله إلينا ويعظنا، وأحيانًا يسعل عندما يتحدث كثيرًا. لجعل وعظ الله أكثر سلاسة ولتقليل السعال، نرسل بعضًا من شراب السعال." عندما وصلت الزجاجة، رآها رجل وقال، "يُقال إن هذا شراب للسعال، ولكن من يعلم ماذا يعالج حقًا؟ لا يمكننا أن نعطيه إلى الله ليشربه؛ فقد يكون ضارًا. هذا دواء؛ وكل دواء يحتوي على بعض السموم. قد تكون ثمة آثار جانبية من شربه!". أولئك الذين سمعوه فكروا، "هو يبدو مراعيًا للغاية. حسنًا، لا يمكننا إعطائه إلى الله إذًا." في ذلك الوقت، لم أكن بحاجة إليه، ففكرت في الاحتفاظ به لوقت لاحق، وانتهى الأمر عند هذا الحد. لكن هل تنتهي القصة هنا؟ لا، قصة هذا الدواء بدأت في ذلك اليوم. في يوم من الأيام، اكتشف أحدهم أن هذا الرجل نفسه كان يشرب شراب السعال، وبحلول الوقت الذي اُكتشف فيه الأمر، لم يكن قد تبقى منه سوى نصفه فقط. ما حدث بعد ذلك يمكن تخمينه بسهولة؛ فقد أنهى كل الكمية. هذه هي القصة نفسها. تأمل في علاقة هذا بالمفاهيم التي نناقشها اليوم. بادئ ذي بدء، أخبروني: هل صدمتكم القصة وأثارت عندكم انفعالات؟ (أجل). ما هي أفكاركم بعد سماعها؟ ما الانفعالات التي أثارتها فيكم؟ بشكل عام، أولئك الذين أثارت فيهم انفعالات سيفكرون، "يا إلهي، لقد كان هذا شيئًا قُدِّم إلى الله؛ كيف أمكن لأحد أن يشربه؟". هذه هي أول فكرة تثير انفعالهم. أما الفكرة الثانية فهي، "لقد استمر في شربه. لا أستطيع أن أصدق أنه شرب كل الكمية!". إضافةً إلى إثارة انفعالات لديكم، فيمَ يمكنكم أن تفكروا أيضًا؟ فيما يتعلق بما فعله هذا الشخص، كل هذه التصرفات التي فعلها؛ أي كل حدث في هذه القصة بأكملها، هل تفكرون فيما قد يكون رد فعل الله؟ ماذا سيفعل الله؟ ماذا ينبغي أن يفعل الله؟ كيف ينبغي أن يعامل الله مثل هذا الشخص؟ أليست هذه هي النقطة التي تبدأ عندها المفاهيم البشرية في الظهور؟ لننحي جانبًا محتوى ما أثار انفعالكم، ونتحدث عما إذا كان من الممكن أن تكون لتجربة الاستثارة نفسها أي فائدة. في حالة الاستثارة، لا يشعر الناس سوى بانزعاج ما في ضمائرهم، لكنهم لا يستطيعون التحدث عنه بوضوح. بعد ذلك، قد تظهر إدانة ولوم موجهان إلى هذا الفرد الذي تذكره القصة، ويكونان متجذران في الأخلاق، أو الآداب، أو النظريات اللاهوتية، أو الكلمات والتعاليم، لكن هذه الأشياء ليست هي الحق. إذا أردنا الوصول إلى الحق، فهو المفاهيم البشرية التي تشكلت فيما يتعلق بالحدث نفسه، أو المطالب المتعلقة بما يجب أن يفعله الله؛ هذه هي القضايا التي تحتاج إلى معالجة. في هذه القصة، فإن المفاهيم والأفكار التي يحملها الناس حول ما يجب أن يفعله الله في مثل هذه الحالة أمر بالغ الأهمية. لا تركز على ردة فعلك العاطفية فحسب؛ فإثارة شيء ما لانفعالك لا يمكن أن يعالج تمردك. إذا وجدت يومًا ما شيئًا في تقدمات الله يعجبك بشكل خاص أو تحتاج إليه بشدة، وكان يغريك جدًا، فأنت أيضًا قد تأخذه لنفسك؛ وفي تلك الحالة، لن تشعر بالاستثارة على الإطلاق. إن استثارتك الآن نتيجة للضمير فحسب، وهي نتيجة للمعايير الأخلاقية للإنسانية؛ إنها ليست نتيجة للحق. عندما تتمكن من علاج المفاهيم التي تنشأ من هذا الموقف، ستفهم الحق في هذا الموقف. ستكون قد عالجت أي مفاهيم أو سوء فهم لديك تجاه الله في مثل هذه الأمور، وفي هذه الأنواع من المواقف، وستفهم الحق وتكتسب شيئًا. لذا، فكّر الآن في أنواع المفاهيم التي قد تتكوّن لدى الناس في هذا الموقف. أي من هذه المفاهيم قد يقودك إلى سوء فهم الله، أو تشكيل حاجز بينك وبينه، أو حتى معارضته؟ هذا هو ما يجب أن نعقد شركة عنه. أخبروني، عندما وقع هذا الحدث، هل شعر هذا الرجل بأي تأنيب في ضميره؟ (كلا). كيف يمكنكم تحديد أنه لم يشعر بأي تأنيب؟ (لقد شرب شراب السعال كله). هذا سهل تحليله، أليس كذلك؟ من الرشفة الأولى وحتى الأخيرة، لم يُظهر أي ضبط للنفس ولم يتوقف. لو أنه تذوّق قليلًا ثم توقف، لاعتُبِر ذلك لومًا للذات، لأنه كان سيكون قد توقف وضبط نفسه ولم يكمل. لكن هذا الرجل لم يفعل ذلك؛ لقد شرب الزجاجة كلها من البداية إلى النهاية. ولو كان هناك المزيد، لكان قد استمر في الشرب. وهذا يدل على أنه لم يشعر بأي تأنيب على الإطلاق في ضميره؛ هذا هو النظر إلى الأمر من منظور إنساني. والآن، كيف يرى الله هذا الأمر؟ هذا ما يجب أن تفهموه. من خلال كيفية تعامل الله مع هذا الموقف، وكيفية تقييمه وتعريفه، يمكنكم أن تروا شخصية الله، وجوهر الله، وأيضًا تمييز المبادئ والأساليب التي يعمل بها الله. في الوقت نفسه، قد يكشف ذلك عن بعض المفاهيم البشرية التي تجعل الناس يقولون، "هذا هو موقف الله تجاه الناس إذًا؛ هكذا يتعامل الله مع الناس. لم أكن أفكر بهذه الطريقة من قبل." حقيقة أنك لم تفكر بهذه الطريقة تكشف عن الحاجز بينك وبين الله، وعن أنه من الممكن أن ينشأ لديك سوء فهم عن الله، وعن أن لديك مفاهيم بشأن طريقة عمل الله وتصرّفه في هذا الصدد. إذًا، كيف تعامل الله مع هذا الموقف عندما واجهه؟ قال الرجل، "هذا دواء؛ وكل دواء يحتوي على قدر من السُمّية. لا يمكننا أن ندع الله يشربه؛ فقد تكون له آثار جانبية." ماذا كان مقصده وغرضه من وراء كلامه؟ هل كانت هذه الكلمات صادقة أم كاذبة؟ لم تكن صادقة، بل كانت خادعة وكاذبة ومراوغة. إنَّ أفعاله اللاحقة وما كشف عنه قد أوضحت ما كان يدور في قلبه. هل فعل الله شيئًا تجاه كلماته وأفعاله الكاذبة؟ (كلا). كيف نعرف أن الله لم يفعل شيئًا؟ عندما قال تلك الكلمات، لم يكن صادقًا، بل كان كاذبًا. كان الله يراقب من الهامش فحسب، دون أن يؤدي العمل الإيجابي المتمثل في الإرشاد أو العمل السلبي المتمثل في التوبيخ. في بعض الأحيان، يشعر الناس بتأنيب الضمير، هذا هو عمل الله. هل شعر هذا الرجل بالتأنيب في ذلك الوقت؟ (كلا). ليس الأمر أنه لم يشعر بالتأنيب فحسب، بل إنه تحدث أيضًا بطريقة رنانة. لم يؤنّبه الله، بل كان ببساطةٍ يراقب. لماذا كان الله يراقب؟ هل كان يراقب ليرى كيف ستتجلَّى الحقائق؟ (كلا). ليس بالضرورة. عندما يواجه المرء موقفًا ما، وقبل أن يتخذ قرارًا بشأن ما يجب أن يفعله أو يكوّن أي حقائق، هل يفهم الله هذا الشخص؟ (أجل). لا يفهم الله ظاهره فحسب، بل يفهم باطن قلبه؛ سواء كان قلبه صالحًا أو شريرًا، صادقًا أو كاذبًا، وما هو موقفه الحقيقي تجاه الله، وما إذا كان الله في قلبه، وما إذا كان لديه إيمان حقيقي. لقد عرف الله هذه الأشياء بالفعل؛ لديه دليل قاطع، وهو يراقب دائمًا. ماذا فعل الله بعد أن قال هذا الرجل ذلك؟ أولاً، لم يؤنّبه الله؛ ثانيًا، لم ينِره الله أو يجعله يدرك أن هذه كانت تقدمةً، وأن البشر لا ينبغي أن يلمسوها بلا اكتراث. هل يحتاج الله إلى أن يخبر الناس بشكل صريح أن يكون لديهم هذا الوعي؟ (كلا). هذا الوعي يجب أن يكون موجودًا في الإنسانية الطبيعية. قد يقول البعض، "بعض الناس لا يعرفون. ألا تخبرهم؟ ألن يعرفوا إذا أخبرتهم فحسب؟ إن عدم المعرفة يعفي المرء من الخطيئة؛ الآن هم لا يعرفون؛ لو كانوا يعلمون لما ارتكبوا هذا الخطأ، أليس كذلك؟ ألن يكون هذا حماية لهم؟". هل تصرّف الله بهذه الطريقة؟ (كلا). لماذا لم يتصرّف الله بهذه الطريقة؟ من جهة، كان ينبغي على ذلك الرجل أن يعرف مفهوم: "هذه تقدمة لله، لا يمكن للبشر أن يلمسوها." ومن جهة أخرى، إذا كان لا يعلم، فلماذا لم يخبره الله؟ لماذا لم يجعله الله يدرك ذلك لمنعه من فعل مثل هذا الشيء ومواجهة مثل هذه العواقب؟ أما كان إخباره ليصبح أفضل لإظهار صدق الله في تخليص الناس؟ أما كان ليُظهر محبة الله بشكل أفضل؟ فلماذا لم يفعل الله ذلك؟ (أراد الله أن يكشفه). نعم، أراد الله أن يكشفه. عندما تواجه مواقف، فإنه لا يكون من قبيل المصادفة أنك تواجهها. قد يعني موقف معين خلاصك أو قد يعني هلاكك. خلال هذه الأوقات، يراقب الله، ويظل صامتًا، ولا يرتّب أي ظروف ليحثّك، وهو لا ينيرك بكلمات مثل، "يجب ألا تفعل هذا؛ فالعواقب ستكون لا يمكن تصورها"، أو "فعل هذا الأمر بهذه الطريقة يفتقر إلى العقل والإنسانية." ليس لدى الناس مثل هذا الوعي. يرجع غياب مثل هذا الوعي، من ناحية، إلى أن الله لم يحثهم على الإطلاق في تلك اللحظة؛ الله لم يتصرف. ومن ناحية أخرى، إذا كان لدى الشخص ضمير وكان يمتلك قدرًا من الإنسانية، فهل سيتصرف الله على هذا الأساس إذًا؟ (أجل). هذا صحيح. كان الله ليمنحهم مثل هذه النعمة. ولكن لماذا تجاهل الله هذا الموقف بالذات؟ أحد الأسباب هو أن هذا الرجل كان يفتقر إلى الضمير والعقل، ولم يكن لديه كرامة ولا نزاهة ولا إنسانية طبيعية. لم يكن يسعى إلى هذه الأشياء؛ لم يكن الله في قلبه ولم يكن مؤمنًا حقيقيًا بالله. لذا، أراد الله أن يكشفه من خلال هذا الموقف. أحيانًا يكون كشف الله لشخص ما شكلًا من أشكال الخلاص، وأحيانًا لا يكون كذلك؛ يتصرف الله بهذه الطريقة عن قصد. إذا كنت شخصًا ذا ضمير وعقل، فإن كشف الله لك هو بمثابة تجربة وشكل من أشكال الخلاص. لكن إذا كنت تفتقر إلى الضمير والعقل، فإن كشف الله لك يعني استبعادك وهلاكك. لذا، بالنظر إلى الأمر الآن، ماذا كان يعني أن يكشف الله هذا الرجل؟ كان يعني استبعاده؛ لم تكن بركة بل لعنة. يقول بعض الناس، "لقد ارتكب خطأ كبيرًا، وهو أمر مخزٍ للغاية. لكن منذ أن بدأ يشرب شراب السعال سرًا، ألم يكن بإمكان الله أن يرتب بعض الظروف لجعله يتوقف حتى لا يرتكب هذا الخطأ، وبالتالي لا تكون ثمة حاجة لاستبعاده؟". هل هذا ما فعله الله؟ (كلا). كيف تصرف الله؟ (ترك الموقف يأخذ مجراه الخاص). يترك الله الأمور تأخذ مجراها الخاص؛ هذا أحد مبادئه. بمجرد أن فتح زجاجة شراب السعال، هل كان هناك أي فرق في الطبيعة بين الرشفة الأولى التي أخذها والرشفة الأخيرة؟ (كلا). لماذا لم يكن ثمة فرق؟ (لأنه في جوهره ينتمي إلى هذا النوع من الأشخاص). هذا الموقف كشف تمامًا إنسانيته وسعيه وإيمانه.

في عصر العهد القديم، قايض عيسو حقه في البكورية بوعاء من الحساء الأحمر. لم يكن مدركًا لما هو مهم وثمين، "ما أهمية حق البكورية؟ إذا قايضتها فلن يشكِّل ذلك فرقًا؛ سأظل على قيد الحياة، أليس كذلك؟". هذا ما كان يعتقده في قلبه. قد يبدو أن نهجه في التعامل مع المشكلة كان واقعيًا إلى حد ما، لكن ما فقده هو بركة الله، وعواقب ذلك لا يمكن تصورها. ثمة الكثير من الناس في الكنيسة الآن لا يسعون إلى الحق. إنهم لا يأخذون وعود الله وبركات الله على محمل الجد. ألا يماثل هذا في طبيعته تفريط المرء في حقه في البكورية؟ أليس هذا أخطر حتى من ذاك؟ لأن خلاص الله للناس هو فرصة لمرة واحدة؛ إذا أضاع المرء هذه الفرصة، فسينتهي كل شيء. ثمة شخص قد استُبعِد في النهاية بسبب محض زجاجة من شراب السعال، وهو شيء قد قايض به عاقبة هلاكه؛ هذا ببساطة شيء لا يمكن فهمه! على الرغم من ذلك، لا يوجد أي شيء في الواقع لا يمكن فهمه بشأن هذا. لماذا أقول ذلك؟ قد يبدو هذا الحدث شيئًا بسيطًا. إذا وقع مثل هذا الحدث بين الناس، فلن يُعتبر شيئًا كبيرًا. مثل ارتكاب جريمة، أو مثل السرقة أو التسبب في أذى للآخرين؛ فعلى أقصى تقدير، ستُعاقبون بعد الموت ثم ستُولدون من جديد كبشر عبر عدة دورات من إعادة التجسد. لن يكون الأمر بالغ الأهمية. ولكن هل الموقف الذي أتحدث عنه الآن بهذه البساطة؟ (كلا). لماذا نقول إنه ليس بسيطًا؟ لماذا يستحق هذا الموقف المناقشة؟ لنبدأ بزجاجة شراب السعال هذه. في الواقع، لم تكن زجاجة شراب السعال هذه ذات قيمة كبيرة، ولكن بمجرد تقديمها إلى الله، تغير جوهرها؛ أصبحت تقدمةً. يقول بعض الناس، "التقدمات مكرَّسة؛ التقدمات ليست ملكًا للناس، لا ينبغي للناس أن يلمسوا التقدمات." هذا القول صحيح أيضًا. ما هي التقدمة؟ التقدمة هي الشيء الذي يخصّصه الإنسان لله؛ بغض النظر عن ماهيتها، فهذه الأشياء كلها تسمى تقدمات. بما أنها ملك لله، فهي لا تعود ملكًا للإنسان. كل ما يُخصَّص لله – سواء كان مالًا أو أشياء ماديَّة، ومهما كانت قيمته – يخصّ الله بالكامل وليس تحت تصرُّف الإنسان أو لاستخدامه. كيف يمكن تصوُّر تقدمات الله؟ إنّها تخص الله، وهو وحده مَن يمكنه التصرُّف فيها، وقبل الحصول على موافقته، لا يجوز لأحدٍ أن يلمس تلك الأشياء أو أن يخطط للحصول عليها. يوجد أولئك من يقولون: "إذا كان الله لا يستخدم شيئًا ما، فلماذا ليس من المسموح لنا استخدامه؟ إذا فسد بعد فترةٍ، أفلن يكون ذلك مخجلًا؟". لا، لن يكون كذلك حتى حينذاك؛ فهذا مبدأ. التقدمات أشياء تخصّ الله لا الإنسان. سواء كانت كبيرة أم صغيرة، وسواء كانت ذات قيمةٍ أم لا، يتغيَّر جوهرها بمُجرَّد أن يُخصِّصها الإنسان لله بصرف النظر عمَّا إذا كان الله يريدها أم لا. بمُجرَّد أن يصبح الشيء تقدمةً، فإنه يكون ضمن ممتلكات الخالق وتحت تصرُّفه. ما الذي تنطوي عليه طريقة تعامل المرء مع التقدمات؟ إنها تنطوي على موقف المرء تجاه الله. إذا كان موقف الشخص تجاه الله هو موقف السفاهة والازدراء واللامبالاة، فسيكون موقف ذلك الشخص تجاه جميع الأشياء التي يملكها الله هو نفسه بالتأكيد. يوجد من يقولون: "بعض التقدمات لا يستفسر عنها أحد. ألا يعني ذلك أنها تخصّ أيًا من يضع يده عليها؟ سواء كان أيّ شخصٍ يعرف ذلك أم لا، فالأمر أن "من يجد شيئًا يحتفظ به"؛ ومن يضع يديه على تلك الأشياء يكون صاحبها". ما رأيك في تلك الرؤية؟ من الواضح أنها غير صحيحةٍ. ما موقف الله من التقدمات؟ بصرف النظر عمَّا يُقدَّم إلى الله، وما إذا كان يقبله أم لا، بمُجرَّد تخصيص شيءٍ ما على أنه تقدمةٌ، قد ينتهي الأمر بأيّ شخصٍ يطمع فيها "بالمخاطرة الشديدة". ماذا يعني هذا؟ (يعني الإساءة إلى شخصيَّة الله). هذا صحيح. وأنتم جميعًا تعرفون هذا المفهوم، ولكن لماذا لا تدركون جوهر هذا الأمر؟ إذًا، ما الذي يخبره هذا الأمر للناس؟ يخبرهم بأن شخصيَّة الله لا تحتمل إساءات البشر، وبأنه لا يجوز لهم العبث بأشيائه. مثال ذلك، إذا أخذ شخصٌ ما تقدمات الله على أنها ملكٌ له أو أهدرها وبدَّدها، فسيكون عرضةً للإساءة إلى شخصيَّة الله وسوف يُعاقَب. إن غضب الله له مبادئه. فليس الأمر كما يتصوَّره الناس من جهة أن الله يهاجم كلّ من يخطئ. إنما يُستثار غضب الله عندما يسيء أحد إلى الله في الأمور الجوهرية والمهمة. خاصةً عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع تجسد الله وتقدمات الله، يجب على الناس أن يتحلوا بالحذر وأن يكون لديهم قلب يتقي الله؛ وبهذه الطريقة فقط يمكنهم التأكد من عدم الإساءة إلى شخصية الله.

لدى بعض الناس يقين بإيمانهم بالله وهم قادرون على بذل أنفسهم ودفع الثمن، ويؤدون أداءً جيدًا في جميع الجوانب باستثناء جانب واحد. عندما يرى الواحد منهم الموارد الوفيرة في بيت الله، وإذ يعلم أن شعب الله المختار لا يقدّمون المال فحسب، بل يقدّمون أيضًا الطعام والملابس والأدوية المختلفة من بين أشياء أخرى، يفكّر مثل هذا الشخص، "يقدّم شعب الله المختار أشياء كثيرة جدًا لله، ولا يمكن لله وحده أن يستخدم كل هذا. على الرغم من أن بعضها ضروري لنشر الإنجيل، فلن تُستخدَم كلها. كيف يجب التعامل مع هذه المواد؟ ربما ينبغي على القادة والعاملين أن يتقاسموا بعضها؟". ويصبح قلقًا ومضطربًا بشأن هذه المسألة، ويشعر بــ "عبء" في داخله، ويبدأ في التفكير، "الآن وقد صرت مسؤولًا عن هذه المواد، فيجب أن أستخدم بعضها. وإلا ألن تذهب كل هذه التقدمات هباءً عندما يُمحى العالم؟ إن توزيعها على القادة والعاملين أمر عادل. الجميع في بيت الله متساوون؛ بما أننا كرَّسنا أنفسنا لله، فأشياء الله هي أيضًا لنا، وأشياؤنا هي لله. إذا استمتعت ببعض تقدمات الله فليس ذلك بالأمر الجلل؛ إنها جزء من بركة الله على أي حال. حريٌ بي أن أمضي قدمًا وأستخدم بعضها." بمثل هذه الأفكار، يتعرض للغواية. تتضخم رغباته شيئًا فشيئًا، ويبدأ في الطمع بالتقدمات، ويبدأ في أخذ الموارد دون أن يشعر بأي تأنيب في قلبه. يظن أن أحدًا لن يعرف، ويطمئن نفسه بالقول، "لقد بذلت نفسي من أجل الله، وليس الاستمتاع ببعض التقدمات بالأمر الجلل. حتى لو علم الله، فسوف يغفر لي. سأستمتع ببعضها الآن." ونتيجة لذلك، يبدأ في سرقة التقدمات، مسيئًا إلى شخصية الله. في الظاهر، يجد لنفسه أعذارًا كثيرة، مثل، "ستفسد هذه الأشياء بعد فترة إن لم تُستهلك! لا يمكن لله وحده أن يستخدمها كلها، ولو وُزِّعت بالتساوي، فسوف تُقسّم على الكثير من الناس ولن يكون هناك ما يكفيهم. لماذا لا أديرها؟ علاوةً على ذلك، ماذا إذا كان لا يمكن إنفاق كل هذه الأموال بحلول نهاية العالم. يجب أن يأخذ كل منا نصيبه، وهذا أيضًا يعكس محبة الله ونعمته! رغم أن الله لم يذكر هذا، ولا يوجد مثل هذا المبدأ، فلماذا لا نكون استباقيين؟ هذا تصرف وفقًا للمبادئ!". يختلق العديد من الأسباب الفخمة، ثم يبدأ في التصرّف. ولكن بمجرد أن يبدأ، تخرج الأمور عن السيطرة، ويقل التأنيب في قلبه شيئًا فشيئًا. قد يشعر حتى أن ما يفعله مُبرّر، ويفكر، "إذا لم يكن الله بحاجة إليها، فيجب أن أستخدمها أنا. هذه ليست مشكلة حقيقية." هنا تسوء الأمور. ما رأيكم؟ هل هذا أمر جلل أم لا؟ هل هو خطير؟ (أجل). لماذا نقول إنه خطير؟ هل هذه المسألة تستحق عقد شركة عنها؟ (أجل). ما الذي يجعلها تستحق عقد شركة عنها؟ (إنها تتعلق بشخصية الله وتخصّ أيضًا عاقبة الإنسان وغايته). القضية مهمة، وطبيعتها خطيرة. الآن، ما الذي يجب أن أحذّركم منه؟ لا تفكروا أبدًا في أخذ التقدمات. يقول بعض الناس، "هذا ليس صحيحًا؛ فالتقدمات التي يقدّمها الإخوة والأخوات مخصصة لبيت الله، وللكنيسة. وهذا يجعلها ملكية عامة للجميع." هل هذه العبارة صحيحة؟ ما مصدر مثل هذه العبارة؟ من جشع الإنسان تُختلق نظرية مثل هذه. ما الذي تتضمنه هذه المسألة أيضًا؟ ثمة شيء لم نتطرق إليه بعد، ما هو؟ يعتقد البعض أن "بيت الله عائلة كبيرة. ولكي يمثل أسرة صالحة، يجب أن تكون هناك محبة وتسامح؛ يجب أن يتشارك الجميع في الطعام والشراب والموارد، ويجب توزيع كل هذه الأشياء بالتساوي. على سبيل المثال، يجب أن يكون لدى الجميع ملابس، ويجب توزيعها والاستمتاع بها بالتساوي. لا يبدي الله محاباةً؛ إذا كان شخص ما لا يستطيع حتى شراء الجوارب ولدى الله بعض الأزواج الإضافية، فينبغي أن يقدّم له العون. علاوة على ذلك، فإن تقدمات الله هذه تأتي من الإخوة والأخوات؛ فالله لديه الكثير بالفعل، ألا ينبغي توزيع بعضها على الفقراء؟ ألن يعكس هذا محبة الله؟". هل يفكر الناس هكذا؟ أليست هذه مفاهيم بشرية؟ يطالب الناس قسرًا بممتلكات الله بينما يسمّونها تلطيفًا بنعمة الله وبركات الله ومحبة الله العظيمة. يريدون دائمًا تقسيم الأشياء بالتساوي مع الله، ويريدون تقسيم كل شيء بالتساوي، ويدعون دائمًا إلى المساواة. هم يعتقدون أن هذا رمز للوحدة العالمية والانسجام البشري والوجود المُرضي، ويعتبرون أنَّ هذه حالة يجب أن تتجلى. أليست هذه مفاهيم بشرية؟ يعتقدون ألا ينبغي أن يجوع أحد في بيت الله على وجه الخصوص. إذا كان ثمة شخص جائع، فيجب على الله أن يستخدم تقدماته لإعانته؛ لا ينبغي أن يتجاهل الله الأمر. أليس مصطلح "يجب" الذي يؤمن به الناس نوعًا من المفاهيم؟ أليس مطلبًا بشريًا من الله؟ يقول بعض الناس بعد الإيمان بالله، "لقد آمنت بالله لسنوات عديدة ولم أربح شيئًا؛ عائلتي لا تزال تعيش في فقر. لا ينبغي أن يحدث هذا؛ يجب أن يكون الله لطيفًا معي، ويجب أن يباركني حتى أتمكن من تمجيد الله بشكل أفضل." لأن عائلتك فقيرة، أنت لا تسعى إلى الحق، بل تأمل أن تغير ظروفك المعدمة من خلال الإيمان بالله، وتتخذ من تمجيد الله ذريعة للمساومة معه. هذه مفاهيم وتصورات بشرية؛ إنها رغبات الإنسان المفرطة. أليس الإيمان بالله بهذه الدوافع شكلًا من أشكال المساومة مع الله؟ هل أولئك الذين يساومون الله لديهم ضمير وعقل؟ هل هم أناس يخضعون لله؟ قطعًا لا. هؤلاء الناس يفتقرون إلى الضمير والعقل، ولا يقبلون الحق، والله يزدريهم، وهم أناس غير عقلانيين ولا يمكنهم بلوغ خلاص الله.

يعتقد بعض الناس أنه "عندما يكون لدى البشر بعض الأفكار أو الأفعال غير اللائقة التي تنتهك المراسيم الإدارية لله وتسيء إلى شخصية الله، فيجب على الله أن يتدخل لإيقافهم. هذا هو خلاص الله، وهذه هي محبة الله." أليست هذه مفاهيم الناس وتصوراتهم؟ هل هذه هي الطريقة التي يعمل بها الله لتخليص الناس؟ الله يخلص الناس من خلال التعبير عن الحق. وما إن كان ممكنًا أن يُخلَّص المرء أم لا يعتمد على ما إذا كان يستطيع قبول الحق. بخلاف هذا، ثمة شيء واحد يعتبره الله حتى أكثر أهمية، وهو ضمير الناس وإنسانيتهم. إذا لم يكن ثمة ضمير في إنسانيتك، ولا نزاهة، ولا عقل – أي إنه عندما يصيبك شيء ما، لا يمكن لضميرك وعقلانيتك أن يعملا بشكل طبيعي، ولا يمكنهما كبح جماح أفعالك وتنظيمها، ولا يمكنهما تصحيح مقاصدك وآرائك – فإن الله لن يفعل شيئًا بالتأكيد. لكي يغيرك الله، فإنه يسمح أولًا لضميرك وعقلانيتك بالعمل. عندما يشعر ضميرك بالتأنيب، ستتأمل، "ما أفعله خطأ، فكيف سأبدو في نظر الله؟". وهذا سيقودك إلى مزيد من الطلب وإلى دخول إيجابي استباقي. على الرغم من ذلك، إذا كان المرء يفتقر حتى إلى هذه الخطوة الأولية، ولا يمتلك ضميرًا، ولا يوجد تأنيب في قلبه من الأساس، فماذا سيفعل الله عندما يواجه هذا الشخص شيئًا ما؟ لن يفعل الله شيئًا. إذًا، ما هو الأساس الذي تستند إليه كل هذه الكلمات التي يقولها الله، وكل المطالب والحقائق التي يعلمها الله للناس؟ إنها مبنية على فرضية أن الناس لديهم ضمير وعقلانية. وأما بالنسبة للرجل المذكور آنفًا، لو كان لديه ضمير ويمتلك مستوىً معينًا من العقلانية، فما هي التصرفات التي كان سيتخذها بعد رؤية زجاجة شراب السعال تلك؟ ما السلوكيات التي كان سيظهرها؟ عندما خطرت له هذه الفكرة: "لقد قُدّمت هذه الزجاجة لله، لذا لا بد من أنها ذات جودة عالية؛ فلماذا لا أشربها أنا بدلًا من أن أدع الله يشربها؟". ماذا كان سيفعل حينها لو كان لديه ضمير؟ هل كان سيفتح الزجاجة ويأخذ الرشفة الأولى؟ (لا). كيف كانت هذه الـ "لا" ستظهر؟ (من امتلاكه لحس بالضمير). بتقييد من ضميره، كان ضميره سيتدخل، وما كانت لتوجد خطوة تالية لهذه المسألة؛ وما كان ليرتشف تلك الرشفة الأولى. كانت نتيجة الأمر ستصبح معكوسة تمامًا، وكانت العاقبة ستختلف كليًا. ولكن على العكس من ذلك، لم يكن لديه ضمير أو عقلانية – كان يفتقر إليهما تمامًا – فماذا حدث نتيجة لذلك؟ بعد أن راودته مثل هذه الأفكار وبدون أي تقييد من ضميره، فتح الزجاجة دون أي وازع وأخذ الرشفة الأولى. ولم يقتصر الأمر على أنه لم يشعر بأي تأنيب أو اتهام للذات بعد ذلك، بل استمتع بها بالفعل. ظن أنه قد أفلت بفعلته: "انظروا كم أنا ذكي، وأغتنم الفرصة. أنتم جميعًا حمقى، أنتم لا تفهمون هذه الأشياء. الخبرة تتفوق دائمًا على الشباب! لم تخطر هذه الفكرة ببال أحدكم، لم يكن لدى أي منكم الجرأة لفعل ذلك، لكنني فعلت. ما أسوأ ما يمكن أن يحدث؟ لقد أخذت الرشفة الأولى بالفعل؛ من سيعلم بالأمر؟". شعر أنه قد خرج فائزًا، وشعر بالرضا في داخله؛ وظنَّ حتى أنَّ له حظوة، وأن هذه نعمة من الله. وفور ارتكابه لهذا الخطأ، فقد ظل يكرره، وخرج الأمر عن السيطرة، إذ استمر حتى أنهى الزجاجة بأكملها. طوال هذا الوقت، لم يشعر ضميره بأي اتهام للذات أو تأنيب. إنَّ ضميره وعقلانيته لم يقولا له قط: "هذا ليس ملكًا لك؛ حتى لو لم يشربه الله، حتى لو طرحه الله بعيدًا، أو أعطاه لكلب أو قطة، ما دام الله لم يقل إنه لك، فيجب عليك ألا تستخدمه، فهو ليس ملكًا لك لتستمتع به." لم يخبره ضميره بذلك لأن لم يكن لديه ضمير. ما الشخص الذي ليس لديه ضمير؟ إنه يُعرَّف بأنه من الوحوش. الناس عديمو الضمير يتصرفون على هذا النحو؛ فهم يتصوَّرون مثل هذه الأفكار في البداية، ويستمرون على هذا النحو حتى النهاية، دون أن يشعروا بذرة من تأنيب من ضميرهم. ربما يكون هذا الشخص قد نسي الواقعة منذ زمن طويل، أو إذا كانت ذاكرته قوية فربما لا يزال يتذكرها ويظن أنه فعل الشيء الصحيح في ذلك الوقت. هو لا يعتقد أبدًا أن ما فعله كان فعلًا خاطئًا، ولا يدرك خطورة وطبيعة ما فعله. لا يمكنه إدراك ذلك. هل تصنيف الله لهؤلاء الناس دقيق؟ (نعم). عندما يصنِّف الله هؤلاء الناس ويكشفهم ويستبعدهم ويحكم عليهم بهذا النوع من العاقبة، فعلى أي مبادئ وعلى أي أساس يصنفهم الله؟ (على أساس جوهر طبيعتهم). هل يمتلك الأشخاص الذين يفتقرون إلى حس الضمير والعقلانية الشروط اللازمة لقبول الحق وممارسته؟ هل لديهم مثل هذا الجوهر؟ ( كلا). لماذا نقول إنهم لا يملكون ذلك؟ عندما يشرعون في التعبير عن آرائهم في هذا الأمر، في أعماق قلوبهم، أين هو إلههم؟ من هو الإله الذي في قلوبهم؟ ما وضعه؟ هل يحملون الله في قلوبهم؟ يمكننا القول يقينًا أن مثل هؤلاء الأشخاص لا يحملون الله في قلوبهم. ما دلالة عدم وجود الله في قلوبهم؟ (إنهم عديمو الإيمان). هذا صحيح. هم ليسوا مؤمنين بالله إيمانًا حقيقيًا؛ هم ليسوا إخوة أو أخوات؛ إنهم ببساطة عديمو الإيمان. ما هي سلوكياتهم التي تدل على أنهم عديمو الإيمان؟ من دون أن يكون الله في قلوبهم، فهم يتصرفون ويتكلمون كليًا وفقًا لأهوائهم الخاصة، بناءً على مفاهيمهم وتصوراتهم وتفضيلاتهم الخاصة، دون تأثير الضمير. عندما لا يفهمون الحق، لا تتحرك ضمائرهم؛ فهم يتصرفون بناءً على تفضيلاتهم الخاصة لا غير، من أجل مصلحتهم ومنفعتهم الشخصية فحسب. هل يوجد أي مكان لله في قلوبهم؟ لا يوجد على الإطلاق. لماذا أقول ذلك؟ لأن الدافع ورا أفعالهم وأقوالهم، وأصولها واتجاهاتها وحتى مظاهرها، كلها تهدف إلى خدمة مصالحهم الخاصة؛ إنهم يتصرفون ويتحدثون بناءً على ما يعتقدون أنه سيكون نافعًا لهم. كل ما يفكرون فيه موجه نحو مصالحهم وأهدافهم الخاصة، وهم ينفِّذون من دون الشعور بأي تأنيب ومن دون ممارسة أي ضبط للنفس. بناءً على هذا السلوك، مثل أي شيء يعاملون الله؟ (مثل الهواء). بالضبط، هذا صحيح تمامًا. لو كانوا يشعرون بحضور الله، وبأن الله يمحِّص قلب الإنسان، وأن الله بجانب الناس، ويمحِّصهم باستمرار، هل كانت أفعالهم لتفتقر إلى أي ضبط للنفس؟ هل كانوا ليظهروا مثل هذه الجراءة الرعناء؟ قطعًا لا. وهنا يبرز سؤال، هل الإله الذي يؤمنون به موجود بالفعل؟ (كلا). هذا هو جوهر المسألة. الإله الذي يؤمنون به غير موجود؛ إن إلههم مجرد هواء. لذا، مهما يدَّعون شفهيًا بشأن الماهية التي يكون عليها الله، ومهما يصلون لله، وبغض النظر عن عدد سنوات إيمانهم أو ما فعلوه أو مقدار ما ضحوا به، فإن طبيعتهم مكشوفة تمامًا بناءً على كلامهم، وسلوكهم، وموقفهم تجاه الله، وموقفهم تجاه كل الأمور المتعلقة بالله. هم يعاملون الله كالهواء، أليس هذا تجديفًا على الله؟ (بلى). لماذا يُعتبر هذا تجديفًا؟ إنهم يفكرون: "هم يقولون إن الله يمحص قلب الإنسان، لكن أين الله؟ لماذا لم أشعر بهذا؟ يقولون أيضًا إن سرقة التقدمات سيعاقب عليها الله، ولكنني لم أرَ أحدًا يعاني من عقاب سرقة التقدمات." إنهم ينكرون وجود الله، وهذا تجديف على الله. يقولون: "الله غير موجود أصلًا، فكيف يمكن أن يقوم بأي عمل؟ كيف يمكن أن يخلِّص الناس؟ وكيف أنَّبهم؟ ومن سبق لله أن عاقبه؟ لم أرَ ذلك يحدث قط، لذا يمكن استخدام أي شيء يُقدَم لله بمطلق الحرية. إذا وجدته اليوم مصادفةً، فهو لي؛ سأعتبره طريقة الله في محاباتي. أي شخص يراه أو يجده مصادفةً، فهو له؛ هو مَن قد أظهر الله له المحاباة." أي منطق هذا؟ هذا منطق الشيطان، منطق اللصوص؛ هذه طبيعة المرء الإبليسية تظهر. هل لدى مثل هذا الشخص إيمان حقيقي؟ (كلا). إنه – بعد الاستماع إلى العديد من العظات – يتفوهون بمثل هذا السيل من الكلمات الشيطانية؛ هل لديهم أي أساس في الحق على الإطلاق؟ ( كلا). ماذا استفادوا إذًا من الاستماع إلى كل هذه العظات؟ هم لم يقبلوا كلام الله، ولا يرون كلام الله باعتباره الحق، ولا يعاملون الله كإله. هذا كل ما في الأمر.

بعض الناس يؤمنون في قلوبهم بالفعل بوجود الله وليس لديهم أدنى شك بشأن تجسد الله. لكن على الرغم من أنهم اتبعوه لعدة سنوات، وعانوا بعض المشاق، ودفعوا بعض الثمن، فإنهم لا يملكون أدنى فهم لله في أعماق قلوبهم. الواقع أنَّ ما يؤمنون به لا يزال إلهًا مبهمًا، إلهًا مُتخيّلًا؛ فتعريفهم لله هو محض هواء. كيف يعامل الله هؤلاء الناس؟ هو ببساطة يتجاهلهم. يسأل بعض الناس: "إذا كان الله يتجاهلهم، فلماذا يبقون في بيت الله؟". إنهم يعملون. كيف ينبغي تصور مفهوم العمل؟ إن الذين يعملون ليس لديهم أي اهتمام بالحق، أو بالأحرى مستوى قدراتهم ضعيف بحيث لا يستطيعون الوصول إلى الحق. هم يتعاملون مع الله والحق كشيء فارغ ومُبهم، لكن من أجل الحصول على البركات، لا يسعهم سوى الاعتماد على بذل بعض الجهد في المقابل. وعلى الرغم من أنهم ظاهريًا لا يقاومون الله مباشرةً، أو يلعنونه، أو يعارضونه، فإنَّ جوهرهم لا يزال جوهر مَن هم من شاكلة الشيطان؛ جوهر ينكر الله ويقاومه. كل من لا يحب الحق ليس صالحًا، وقد قرر الله في قلبه ألا يخلِّص مثل هؤلاء الناس. بالنسبة لأولئك الذين لا ينوي الله تخليصهم، هل سيظل يأخذهم الله على محمل الجد؟ هل سيقول الله للواحد منهم: "أنت لا تفهم هذا الجانب من الحق، ويجب أن تستمع بعناية؛ أنت لا تفهم ذلك الجانب من الحق، ويجب أن تبذل المزيد من الجهد وتتأمل فيه؟". علاوةً على ذلك، يعلم الله أن هؤلاء الناس لا يفهمون الحق ولا يعاملون الله بوصفه إلهًا. هل يجب على الله أن يُريهم بعض المعجزات والعجائب ليجعلهم يدركون وجوده، أو ينيرهم ويضيئهم أكثر ليعرفوا أنه يوجد إله؟ هل سيتصرف الله بهذه الطريقة؟ (كلا). لدى الله مبادئ للقيام بهذه الأشياء؛ فهو لا يتصرف بهذه الطريقة تجاه أي شخص فحسب. بالنسبة لأولئك الذين يمكنهم قبول الحق، فإن الله يعمل دائمًا. فما هو موقف الله تجاه أولئك الذين لا يستطيعون قبول الحق أو لا يستطيعون الوصول إليه؟ (هو يتجاهلهم). وفقًا لمفاهيم الناس، إذا تجاهل الله شخصًا ما، فإن هذا الشخص يهيم على وجهه كالمتسول. لا يمكن للمرء أن يراهم يسعون إلى الحق، ولا يمكنه رؤية أي من تصرفات الله عليهم؛ هم يعملون فحسب، ولا يفهمون الحق. هل هذا كل ما في الأمر؟ في الواقع، يمكن لهؤلاء الناس أيضًا أن يتمتعوا ببعض من نعمة الله وبركاته. عندما يجدون أنفسهم في مواقف خطرة، سيحفظهم الله أيضًا. وعندما يمرضون مرضًا خطيرًا، سيشفيهم الله أيضًا. قد يمنحهم حتى بعض المواهب الخاصة، أو قد يقوم الله ببعض الأعمال المعجزية عليهم في بعض الظروف الخاصة، أو يفعل بعض الأشياء الخاصة. بعبارة أخرى، إذا كان هؤلاء الناس يستطيعون حقًا أن يبذلوا أنفسهم من أجل الله، وأن يعملوا جيدًا من دون إحداث اضطرابات، فإن الله لا يميز ضدهم. ما هي مفاهيم الناس عن هذا الأمر؟ "لن يخلِّص الله هؤلاء الناس، لذا سيستخدمهم الله كما يشاء ويتخلص منهم بعد ذلك." هل سيتصرف الله بهذه الطريقة؟ لن يكون الأمر كذلك. لا تنسوا من هو الله؛ إنه الخالق. بين جميع البشر، سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين، من أي طائفة أو عرق، فهم جميعًا في نظر الله كائناته المخلوقة. لهذا قال الرب يسوع، "فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى ٱلْأَشْرَارِ وَٱلصَّالِحِينَ." هذه العبارة هي مبدأ لكيفية تصرف الله الخالق. بغض النظر عن العاقبة التي يمنحها الله للمرء في النهاية بناءً على جوهره، أو ما إذا كان الله سيخلصه أو لا يخلصه قبل أن يمنحه تلك العاقبة، فمهما يكن جوهره، ما دام يستطيع تنفيذ بعض المهام وأداء بعض الأعمال في بيت الله ومن أجل عمل الله، فإن نعمة الله تبقى ثابتة، وسيظل يعامله وفقًا لمبادئه، دون أي تحيز. هذه هي محبة الله ومبدأ تصرفاته وشخصيته. رغم ذلك، وفقًا لجوهر هؤلاء الناس، فإن آرائهم ومواقفهم تجاه الله دائمًا ما تكون أنهم يعتبرونه مبهمًا وغامضًا، كأنه موجود وغير موجود في الوقت نفسه. لا يمكنهم إدراك وجود الله الحقيقي، ولا يمكنهم اختباره، وفي النهاية يظلون غير متأكدين من وجود الله الحقيقي. لذا، عندما يتعلق الأمر بهم، لا يسع الله سوى أن يفعل ما يجب عليه فعله، إذ يزوِّدهم ببعض النعمة، ويعطيهم بعض البركات والحماية في هذه الحياة، ويسمح لهم بالشعور بدفء بيت الله، والتمتع بنعمة الله وعطفه المحب. وهذا كل شيء؛ هذا كل ما سيحصلون عليه من بركات في هذه الحياة. يقول بعض الناس: "بما أن الله متسامح إلى هذا الحد، وهم أيضًا يتمتعون بنعمة الله وبركاته، ألن يكون من الأفضل أخذ خطوة إضافية والسماح لهم بنيل خلاص الله أيضًا؟". هذا مفهوم بشري، لا يتصرف الله على هذا النحو. لماذا لا يفعل ذلك؟ هل يمكنك أن تضع الله في قلب شخص ليس ثمة مكان لله في قلبه؟ لا يمكنك ذلك. مهما يكن مقدار الحق الذي تعقد معه شركة عنه أو مهما يكن عدد الكلمات التي تقولها، فلن يكون لذلك أهمية؛ لن يغيِّر ذلك من مفاهيمه وتصوراته عن الله. لذا، كل ما يمكن أن يفعله الله لهذا النوع من الأشخاص هو أن يمدهم ببعض من النعمة، والبركات، والرعاية، والحماية. يوجد البعض ممَن يقولون: "بما أن بإمكانهم التمتع بنعمة الله، فإذا أنارهم الله أيضًا وأضاءهم، ألن يدركوا عندئذٍ وجود الله الحقيقي؟". هل يمكن لمثل هؤلاء الناس أن يفهموا الحق؟ هل يمكنهم ممارسة الحق؟ (كلا). إن كانوا لا يستطيعون ممارسة الحق، فهذا يثبت أنهم ممن لا يمكن تخليصهم. لذا، لن ينخرط الله في عمل لا جدوى منه أو عديم الفائدة. يقول بعض الناس، "هذا ليس صحيحًا. في بعض الأحيان يلاقون أيضًا تأديبًا أو يحصلون على بعض الاستنارة من الله ويكتسبون بعض الحق منه." هذا أيضًا يتعلق بعمل الله. ما الذي يجب أن يمتلكه أولئك الذين يريد الله أن يخلِّصهم لكي ينالوا الخلاص من الله، ولكي يكونوا هدفًا لنيل خلاصه؟ يجب أن يفهم الناس هذا. والله أيضًا يعرف هذا؛ فهو لا يخلص أي شخص عشوائيًا. حتى إذا أظهر الله بعض المعجزات والعجائب والقدرة ليجعل الناس يقرِّون بوجوده، فهل يمكن أن يُخلَّص هؤلاء الناس هكذا؟ ليس هكذا تسير الأمور. لدى الله معايير لتخليص الناس؛ يجب أن يمتلك المرء إيمانًا حقيقيًا وأن يحب الحق أيضًا. لذا، فإن العمل الذي يقوم به الله على الناس، والذي يتضمن الدينونة، والتوبيخ، والتجارب، والتنقية، له معاييره أيضًا. يقول بعض الناس، "كثيرًا ما نواجه الدينونة والتوبيخ. هل مواجهة الدينونة والتوبيخ والتجارب والتنقية علامة على أن الله سيخلِّصنا؟". هل الأمر كذلك؟ (كلا). كيف يمكنك التأكد من أن الأمر ليس كذلك؟ بما أن بعض الناس لا يستوفون شروط خلاص الله، فهل سيظل الله يفرض عليهم دينونة وتوبيخًا وتجارب وتنقية؟ هذا يثير تساؤلًا حول من الذين يفرض الله عليهم دينونته وتوبيخه وتجربته وتنقيته؛ وهو يشمل أيضًا حالات سوء الفهم لدى الناس. أخبروني، هل يمكن لشخص لا يعرف حتى من هو الله، أو أين هو الله، أو ما إذا كان الله موجودًا أصلاً، أن ينال دينونة الله وتوبيخه؟ هل يمكن لشخص يعتبر الله مجرد هواء أن يتلقى دينونة الله وتوبيخه؟ هل يمكن لشخص يخلو قلبه تمامًا من الله أن يتلقى تجارب الله وتنقيته؟ بالتأكيد لا. إذًا، ما الذي قد يتلقاه مثل هؤلاء الأشخاص في بعض الأحيان؟ (التأديب). هذا صحيح، التأديب. إن أولئك الذين يعتبرون الله مجرد هواء، والذين لا يعترفون بوجود الله أو لا يؤمنون به من الأساس، لن يتلقوا بالتأكيد دينونة الله وتوبيخه، أو تجاربه وتنقيته. يمكن القول إن الأشخاص الذين لديهم مثل هذا الجوهر ومثل هذه السلوكيات ليسوا هم المستهدفين بنيل خلاص الله. لا يمكن أن ينالوا خلاص الله، لكن ليس الأمر أن الله لا يخلصهم، بل اُتّخذ القرار من جانب جوهر طبيعتهم الذي ينفر من الحق ويكره الحق. إنهم يفتقرون إلى الموقف الصحيح المتمثل في محبة الحق وقبوله، وبالتالي لا يستوفون شروط أن يُخلَّصوا. كيف يعاملهم الله إذًا عندما ينسلون إلى بيت الله طمعًا في البركات؟ بخلاف تقديم بعض البركات والنعمة وتوفير الرعاية والحماية، ما هي الأساليب التي يستخدمها الله لتتميم دوره كخالق؟ يصدر الله تذكيرات وتحذيرات ومواعظ عبر كلامه. وعقب ذلك، يقوم بتهذيبهم وتوبيخهم وتأديبهم؛ وينتهي عمل الله عليهم عند هذا الحد، وكله يقع ضمن هذا النطاق. ما هو تأثير أعمال الله هذه على الناس؟ إنها تسمح لهم بالالتزام بالقيود بطاعة، وأن يتصرفوا بلياقة في أثناء العمل في بيت الله، دون التسبب في اضطرابات أو فعل الشر. هل يمكن لما يفعله الله أن يجعل مثل هؤلاء الناس يتممون واجبهم بإخلاص؟ (كلا). لمَ لا؟ هل يمكن للنعمة والبركات والرعاية والحماية التي يتلقونها – إلى جانب التذكير بكلام الله والتهذيب والتوبيخ والتأديب وما إلى ذلك – أن تحدث تغييرًا في شخصيتهم؟ (كلا). لا يمكنها إحداث تغيير في شخصيتهم، فما هو التأثير الذي يحققه عمل الله عليهم؟ إنه يجعلهم منضبطين إلى حد ما في سلوكهم، ويساعدهم على اتباع القواعد، ويجعلهم ظاهريًا يتمتعون ببعض من شبه الإنسان. علاوةً على ذلك، فإنه يجعلهم مطيعين نسبيًا؛ فيقبلون على مضض أن يُهذَّبوا من أجل نيل نعمة الله وبركاته، وسيكونون قادرين على فعل الأشياء حسب اللوائح والمراسيم الإدارية لبيت الله، وهذا كل ما في الأمر. هل تحقيق كل هذا يعني أنهم يمارسون الحق؟ إنهم لا يزالون بعيدين عن ذلك، لأن ما يفعلونه هو في الأساس مجرد مبادئ في المراسيم الإدارية لبيت الله، إضافة إلى بعض الإرشادات الصارمة. إنه مجرد تغيير في السلوك لا أكثر. فهل يمكن للمرء أن يقول إنه بما أن هؤلاء الناس قد غيروا سلوكهم، فسيكون من الأفضل أن يُسمح لهم بتغيير شخصيتهم أيضًا؟ (هم غير قادرين على فعل ذلك). هم غير قادرين على فعل ذلك، ولا يستطيعون تحقيقه؛ هذا أحد الأسباب. وما هو السبب الرئيسي؟ لأنهم لا يحملون الله في قلوبهم من الأساس؛ فهم لا يؤمنون بوجود الله. إذًا، بالنسبة لمثل هؤلاء الناس، هل يمكنهم فهم كلام الله؟ بعضهم قادرون على ذلك ويقولون: "كلام الله جيد، لكني لا أستطيع تطبيقه مع الأسف. إن ممارسته تبدو أكثر إيلامًا من الخضوع لعملية قلب مفتوح." عندما تتعرض مصالحهم الخاصة للخطر، أو عندما يضطرون إلى التصرف ضد إرادتهم، فإنهم يشعرون بالارتباك التام ولا يستطيعون الاستمرار. حتى لو أرهقوا أنفسهم تمامًا، فإنهم لا يستطيعون تطبيق كلام الله فحسب. إضافة إلى ذلك، لا يعترفون أبدًا بحقيقة أن كلام الله هو الحق أو هم لا يقبلون هذه الحقيقة. لا يمكنهم استيعاب ذلك؛ فهم لا يفهمون لماذا كلام الله هو الحق. على سبيل المثال، عندما يطلب الله من الناس أن يكونوا صادقين، يقولون: "حسنًا، سأكون صادقًا إذا كان هذا طلبك، ولكن لماذا يُعتبر كون الشخص صادقًا هو الحق؟". هم لا يعرفون ولا يمكنهم قبول ذلك. عندما يقول الله إن الناس يجب أن يخضعوا له، يتساءلون: "هل يمكن جني المال من الخضوع لله؟ هل يمنح الله بركات للخضوع له؟ هل يمكن أن يغير غاية المرء؟". هم لا يعتقدون أن أي شيء يقوله الله أو يفعله هو الحق. ليس لديهم أي فكرة عن دلالة كلام الله ومتطلباته من الإنسان، ولا يستطيعون تمييز ما الأفعال الصحيحة التي تتوافق مع مبادئ الحق. كل ما يأتي من الله – هوية الله، وجوهر الله، وكلام الله، ومطالب الله – كل هذه الأشياء، في نظرهم، لا يمكن تحديدها على أنها صفات الله وكيانه. هم لا يعرفون أن الله هو الخالق، ولا يفهمون ماهية الخالق، أو ماهية الله. ألا يمثل هذا مشكلة؟ لكن هذا هو بالضبط سلوك بعض الناس. ويقول آخرون، "لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا. إذا كانت لديهم هذه الأفكار والآراء، فكيف يمكن أن يظلوا يؤدون واجباتهم في بيت الله طواعيةً؟ يجب وضع كلمة "طواعية" بين علامتي تنصيص هنا. كيف يجب تفسير ذلك؟ من ناحية، هم يؤدون واجباتهم لأنَّ الظروف ترغمهم أو بسبب حاجتهم إلى البركات؛ ومن ناحية أخرى، يشعرون بأن ليس لديهم خيار آخر سوى أن يسايروا الأمر على مضض في الوقت الحاضر، ويؤدون بعض الواجبات ويبذلون القليل من الجهد. هم يعتقدون في قلوبهم أن هذا هو ما يجب أن يفعلوه، ولكن نظرًا لعدم اهتمامهم بالحق، فإنهم لا يستطيعون بذل الجهد وأداء الواجبات سوى مقابل بركات الله. بهذه العقلية، هل يمكنهم قبول الحق؟ (كلا). هم حتى لا يفهمون ماهية الحق، فكيف يمكنهم قبوله؟

إن عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة هو إنهاء هذا العصر. إنَّ خلاص المرء من عدمه يعتمد بشكل حاسم على ما إذا كان بإمكانه قبول دينونة الله وتوبيخه، وما إذا كان بإمكانه قبول الحق. يقرُّ بعض الناس بأن كلام الله هو الحق، لكنهم لا يقبلون الحق. إن قبول الحق بالنسبة إليهم يشبه الخضوع لعملية زرع قلب، هذا هو مقدار ما سيجدون الأمر مؤلمًا. بالنظر إلى الطريقة التي يتعامل بها هذا النوع من الأشخاص مع الحق، رافضين قبوله مهما كانت الظروف، فليس الله هو المُلام على عدم تخليصهم؛ بل هم وحدهم مَن يُلامون على عدم قبولهم للحق؛ فهم لا يملكون هذه البركة. إن خلاص الله للناس من تأثير الشيطان ليس بالبساطة التي يتصورها الناس. فمن ناحية، يجب على أولئك الذين يؤمنون بالله أن يقبلوا توبيخ الله وتهذيبه من خلال كلام الله؛ هذه مرحلة. ومن ناحية أخرى، يجب عليهم أيضًا أن يقبلوا دينونة الله وتوبيخه وتجربته وتنقيته. إن الدينونة والتوبيخ مرحلة، والتجارب والتنقية مرحلة أخرى. يمكن لبعض الناس أن يقبلوا تهذيبهم على مضض، معتقدين أنهم قد حققوا الخضوع، ثم لا يحرزون أي تقدم آخر ولا يعودون يسعون نحو الحق. وثمة آخرون يحبون الحق بشكل خاص ويمكنهم تحمل أي ألم للحصول على الحق. هم ليسوا قادرين فحسب على تحمل توبيخ كلام الله، بل يمكنهم أيضًا الدخول في مرحلة قبول دينونة الله وتوبيخه. هم يشعرون أن قبول دينونة الله وتوبيخه هو تشريف من الله ومحبة منه وأمر مجيد؛ هم لا يخشون المعاناة. يمكن لهؤلاء الأشخاص، بعد اختبار الدينونة والتوبيخ، أن يقبلوا أيضًا التجارب والتنقية، ويظلون يسعون إلى الحق. بغض النظر عن مدى عِظَم التجارب والتنقية، لا يزال بإمكانهم رؤية محبة الله، ويمكنهم بذل أنفسهم لإرضاء الله. وبغض النظر عن حجم ما يتعرضون له من تهذيب، فإنهم لا يعتبرونه مشقة، بل يشعرون أن هذه محبة أعظم من الله. بعد اختبار المزيد من التجارب والتنقية، يحققون في النهاية التطهير التام والتكميل. هذا هو اختبار عمل الله إلى أعلى مرحلة. والآن أخبروني، هل ثمة فرق بين أولئك الذين يؤمنون بالله ويختبرون مرحلة واحدة فقط من توبيخ الله من خلال كلامه، وبين أولئك الذين يختبرون مرحلتين: دينونة الله وتوبيخه، وكذلك التجارب والتنقية؟ ثمة فرق بالتأكيد. بالنسبة لبعض الناس، يتوقف الله بعد توبيخهم فحسب، تاركًا الباقي لاختيارهم ووعيهم. إذا كانوا لا يقبلون الحق ولا يختارون الطريق الصحيح، فما الذي يشير إليه هذا؟ يمكن القول إنه ما من سبيل أمام الله لتخليص مثل هؤلاء الناس. غالبًا ما يتحدث بعض الناس عن المعاناة من العمل، والمعاناة من التطلعات، والمعاناة من المنزل، والمعاناة من الشريك، والمعاناة من العواطف، كل شيء بالنسبة لهم هو مسألة معاناة، وما النتيجة النهائية؟ (لا علاقة لهذا بالحق). هذا صحيح، لا علاقة لهذا بالحق ولا علاقة لهذا بعمل الله. ما تفعله في هذه الحالة هو مجرد معاناة بلا هدف؛ أنت تكافح فحسب وتترك الوقت يمضي، دون أي عملية صلاة لله أو طلب للحق. ليس هذا هو نوع "المعاناة" الذي تنطوي عليه التنقية، لأنه ليس عمل الله ولا علاقة له به. إنك تعاني بنفسك فحسب، ولا تخوض تنقية الله. ورغم ذلك ما تزال تعتقد أن الله ينقيك؛ أنت مفرط في التفاؤل. هذا مجرد تفكير قائم على التمني! أنت لست حتى مؤهلًا لأن ينقيك الله. لم تجتز حتى مرحلة التوبيخ والدينونة، وتتوقع أن يضعك الله في التجارب والتنقية؟ هل هذا ممكن أصلًا؟ أليس هذا حلم بعيد المنال؟ هل يمكن للأشخاص العاديين أن يتحملوا التجارب والتنقية؟ هل هو شيء يمكن أن يقبله الشخص العادي؟ هل هو شيء يمنحه الله لشخص عادي؟ بالتأكيد لا. بعد أن يؤنِّب الله شخصًا، إذا كان هذا الشخص، بسبب شخصيته المتغطرسة أو عناده أو خداعه أو خبثه أو أي شخصية أخرى، يُدان أو يؤدَّب أو يؤنّبه الله صراحةً في أمر أو عدة أمور، مما يجعله يدرك سبب تأديب الله له، ومن ثمَّ يتشكل لديه فهم حقيقي لله ولنفسه، وتمر شخصيته بتغيير حقيقي، ومن ثم يكتسب تدريجيًا خضوعًا حقيقيًا للحق؛ فهذه العملية وحدها هي التي يدين الله بها الناس ويوبّخهم. على أي أساس يؤدي الله هذا العمل؟ ثمة شرط واحد: يجب أن يكون المرء الذي يتلقى مثل هذا العمل قادرًا على أداء واجبه في بيت الله على نحو مناسب بما يكفي. هذه الكفاية تتطلب أمرين فقط: الخضوع والإخلاص. أولاً، يحتاج الفرد إلى أن يكون لديه ضمير وعقل؛ وحدهم الأشخاص الذين لديهم ضمير وعقل تتوفر فيهم شروط قبول الحق. عندما يتلقى هؤلاء الأشخاص ذوو الضمير والعقل تأنيب الله، يكونون قادرين على طلب الحق والخضوع. عندئذٍ فقط يشرع الله في عمل الدينونة والتوبيخ. هذا هو تسلسل عمل الله. أما إذا لم يستطع المرء أن يؤدي واجبه في بيت الله بإخلاص، وكان لا يُظهر أدنى خضوع لسيادة الله، ويعجز عن أداء واجباته على نحو مناسب بما يكفي، فعندما يواجه الشدائد، أو يُكشف أو يُهذَّب، فإن أقصى ما يختبره هو تأنيب الله وتأديبه. إنه لا يخضع لدينونة الله وتوبيخه، ناهيك عن التجارب والتنقية. بعبارة أخرى، هو في الأساس ليس مُضمنًّا في عمل الله لتكميل الناس.

يتعلق المحتوى الذي عقدنا شركة حوله للتو بعمل الله في تخليص الناس وتكميلهم، وطرق عمل الله وأهدافه، وكذلك الأشخاص الذين يؤدي الله عليهم عمله في الدينونة والتوبيخ والتجارب والتنقيات. كما تطرق أيضًا إلى درجة دخول الناس في الحياة عندما يتعرضون لعمل الله هذا، ونوع الجوهر والشروط التي يجب أن يتحلى بها الناس على الأقل لقبول دينونة الله وتوبيخه. إذًا، ما مفاهيم الناس هنا؟ يظن الناس، "ما دام المرء يتبع الله، وما دام أنه قد قبل هذه الخطوة من عمل الله، فلا بد أنه سيتعرَّض لدينونة الله وتوبيخه. وبعد ذلك، سرعان ما ستأتي التجارب والتنقيات من الله أيضًا. لذا، غالبًا ما نواجه التجارب والتنقيات والتهذيبات، ونُحرَم من العائلة والعواطف والمكانة والتطلعات. ومن ثمَّ، فإننا نعاني باستمرار من حيث العواطف والمكانة والتطلعات." هل هذه العبارات دقيقة؟ (كلا). يمكن للناس أن يحوِّلوا كلمة واحدة من كلام الله وعمله إلى ما يعتقدون أنه مصطلح روحي؛ لمَ يفعلون هذا؟ في الواقع، إن الطريقة التي يعانون بها ليست سوى صراع، إنها مجرد تمضية للوقت، وليس لها أي دلالة على الإطلاق. لكنهم يعتبرونها تجارب وتنقيات، قائلين إنها تنقية الله. هذا خطأ جسيم؛ هذا شيء يفرضه الناس على الله قسرًا، ولا يمثِّل مقاصد الله على الإطلاق. أليس هذا سوء فهم لله؟ إنه بالفعل سوء فهم. وكيف ينشأ سوء فهم كهذا؟ لأن الناس لا يفهمون الحق، فإنهم يكوِّنون سوء الفهم هذا بناءً على تصوراتهم الخاصة. وبعد ذلك، يروِّجون لها بوقاحة وينشرونها في كل مكان، مما يؤدي في النهاية إلى ظهور مختلف العبارات بشأن "المعاناة". لذا، غالبًا ما أسمع بعض الناس يقولون، "استُبدل شخص ما ثم أصبح سلبيًا؛ هو (يعاني من المكانة)! إن المعاناة من المكانة ليست اختبارًا للتجارب والتنقية، بل هي مجرد فقدان شخص ما للمكانة ومعاناته من الإحباط العاطفي ومصارعته مع ألم داخلي في أثناء الفشل. بما أنَّ ما يسميه الناس "معاناة" وما يسميه الله "تنقية" مختلفان، فما الذي تشير إليه التنقية الحقيقية في الواقع؟ أولًا وقبل كل شيء، افهموا أن الله يؤدي الكثير من العمل التحضيري قبل تعريض الناس للتجارب والتنقيات. أولًا، يختار الله الأشخاص؛ يختار الأفراد المناسبين. تحدثنا سابقًا عن نوع الشخص الذي يُعتبر مناسبًا في نظر الله وما الشروط التي لا بد أن يلبيها: أولًا، يجب على الأقل أن يمتلك ضميرًا وعقلًا في إنسانيته. ثانيًا، يجب أن يكون قادرًا على أداء واجباته على نحوٍ كافٍ، ويؤديها بولاء وخضوع. بعد ذلك، يجب أن يمر بسنوات من التهذيب والتأديب والتأنيب. قد لا تكونون على دراية تامة بما يعنيه التأديب والتأنيب، فربما لا يكون المفهومان قويين جدًا بالنسبة لكم. قد يبدوان للناس غير ملموسين نسبيًا وتجريديين. لكن فيما يتعلق بالتهذيب، فذلك شيء يمكن للناس أن يسمعوه ويشعروا به؛ ثمة لغة معينة ينطوي عليها ونبرة محددة، فيدرك الناس ما يحدث. إذا فعل شخص ما فعلًا خاطئًا، أو خالف المبادئ، أو تصرَّف بتهوُّر، أو اتّخذ قرارات أحادية الجانب تضر بمصالح بيت الله أو عمل الكنيسة، وجرى تهذيبه، فهذا هو معنى التهذيب. ماذا عن التأنيب والتأديب إذًا؟ على سبيل المثال، إذا كان شخص ما لا يصلح أن يكون قائدًا لمجموعة ويفتقر إلى الولاء، ويفعل أشياء تخالف مبادئ الحق أو لوائح الكنيسة، وهو يُستبدل نتيجةً لذلك، فهل هذا تأنيب؟ إنه بالفعل شكل من أشكال التأنيب. وبغض النظر عما إذا كان يبدو ظاهريًا أن الكنيسة تتعامل معه أو أنَّ قائدًا ما قد حل محله، فإن هذا في نظر الله هو فعل الله وجزء من عمله؛ إنه شكل من أشكال التأنيب. أيضًا، عندما يكون الناس في حالة جيدة، فإنهم عادةً ما يكونون ممتلئين بالنور ويمكن أن تكون لديهم رؤى جديدة؛ لكن عندما ينهار عملهم بسبب بعض الحالات أو لسبب معين ويُكشفون، أليس هذا شكل من أشكال التأنيب؟ هذا أيضًا شكل من أشكال التأنيب. هل يُعتبر هذا نوعًا من الدينونة والتوبيخ؟ في هذه المرحلة، لا يُحسب هذا بعد دينونة وتوبيخًا، لذا لا يمكن بالتأكيد أن يُعَد تنقيات وتجارب. إنها مجرد تأنيبات يتلقاها المرء في أثناء أداء واجباته. تشمل مظاهر التأنيب أحيانًا الإصابة بالمرض أو تكرار الإخفاق في المهام، أو فقدان القدرة على التعامل مع الأمور التي كانوا يجيدونها سابقًا وعدم معرفة ما يجب القيام به. هذا كله تأنيب. بالطبع، يأتي التأنيب أحيانًا من خلال إشارات من أشخاص قريبين أو من خلال ما يكشف عنه حدث معين يجعل المرء مُحرجًا، مما يجعله ينزوي إلى فحص الذات والتأمل العميقين. هذا أيضًا تأنيب. هل تلقي تأنيب الله أمر حسن أم سيء؟ (إنه أمر حسن). من الناحية النظرية، هذا أمر حسن. بصرف النظر عما إذا كان الناس يستطيعون قبوله أم لا، فهو أمر حسن، لأنه يثبت على الأقل أن الله يتولى مسؤوليتك، وأن الله لم يتركك، وأن الله يعمل عليك، ويعطيك الحث والإرشاد. إنَّ حقيقة أن الله يعمل عليك تؤكد أن الله لا ينوي التخلي عنك بعد. أحد الآثار المترتبة على هذا أن الله قد يستمر في تأنيبك وتأديبك، أو إذا كان أداؤك جيدًا وكنت على الطريق الصحيح، فسوف يعرِّضك للدينونة والتوبيخ. لكن دعونا لا نستبق الأحداث، ففي الوقت الحالي، سيؤنبك الله ويؤدبك عدة مرات. بعد ذلك، ولأنك تسعى إلى الحق، ولأنَّ لديك خضوعًا، ولأنك الشخص المناسب، فإن الله سيعرِّضك للدينونة والتوبيخ؛ هذه هي الخطوة الأولى. اختبر معظم الناس بالفعل أن يُهذبوا فحسب؛ فوحدهم القادمون الجدد لم يختبروا هذا بعد. يتصرف الناس في معظم الأحيان بناءً على مشاعر ضميرهم، ويشعرون باللوم الداخلي، ويستشعرون كلام الله يحثهم في آذانهم أو قلوبهم، "يجب ألا أفعل هذا، هذا تمرد؛" هذا هو كلام الله يحثهم ويعظهم ويحذرهم. ثمة أشكال مختلفة من التهذيب يختبرها الناس: يمكن أن يأتي التهذيب من القادة والعاملين، ومن الإخوة والأخوات، ومن الأعلى، وحتى من الله مباشرةً. لقد اختبر الكثير من الناس هذه الأشكال، لكن عددًا أقل هم مَن اختبروا تأنيب الله وتأديبه. ما الذي يشير إليه "عدد أقل"؟ إنه يشير إلى أنه يوجد من الناس عدد أكبر كثيرًا بعيدون عن تلقي دينونة الله وتوبيخه؛ فماذا عن تجارب الله وتنقياته؟ هم أكثر بُعدًا عنها؛ فالفجوة أكبر، والمسافة أبعد. فيما مضى، كان الناس يفكرون: "لقد أدانني الله وأنبَّني، إذ أصابني بتقرح في فمي"، و"لقد أدانني الله وأنبني؛ لقد أخطأت، وقلت شيئًا خاطئًا، وأُصبت بصداع لأيام؛ والآن أفهم ماهية دينونة الله وتوبيخه" – أليست هذه أوجه من سوء الفهم؟ هذا النوع من سوء فهم الله هو الأكثر شيوعًا؛ فمعظم الناس يسيئون فهم الله بهذه الطريقة. ينتج عن سوء الفهم هذا أيضًا بعض الآثار السلبية، إذ يجعل الناس يشعرون أن قول كلمة واحدة خاطئة ستؤدي إلى تأديب الله. هذا سوء فهم محض لله ويتعارض تمامًا مع ما يفعله الله. في ظل مثل هذه الأوجه من سوء الفهم لله، هل يمكن للمرء في النهاية أن يلبي متطلبات الله؟ سوف يعجز عن ذلك بالتأكيد.

الآن، معظم الناس قد اختبروا تأنيب الله وتأديبه، واختبروا تعرضهم للتهذيب، وتلقوا الحث والعظة من كلام الله، لكن هذا هو كل شيء. وهنا يظهر سؤال، لماذا لم يختبر الناس دينونة الله وتوبيخه حتى بعد اختبارهم وصولاً إلى هذه الخطوة؟ لماذا لا يُعتبر التهذيب، أو حث كلام الله، أو التأديب والتأنيب دينونةً وتوبيخًا؟ من منظور حث كلام الله والتهذيب والتأنيب والتأديب الذي اختبره الناس، ما النتيجة التي تحققت؟ (لقد اكتسبوا قيودًا على سلوكهم الخارجي). حدثت بعض التغييرات في سلوكهم، لكن هل يشير هذا إلى تغيير في الشخصية؟ (كلا). لا يمثِّل هذا تغييرًا في الشخصية. يقول بعض الناس، "لقد آمنّا بالله لسنواتٍ عديدة واستمعنا إلى العديد من العظات، لكن شخصياتنا لم تتغير بعد. ألم نُظلَم؟ لم يحدث لنا سوى تغيير طفيف في سلوكنا؛ أليس هذا مثيرًا للشفقة؟ متى سيبدأ الله في تخليصنا؟ متى سنتلقى الخلاص؟". دعونا نناقش إذًا ما هي المكاسب والتغييرات التي حققها أولئك الذين اختبروا هذه الجوانب المختلفة من عمل الله. ذكر أحدهم للتو تغييرات سلوكية؛ هذا تعبير عام. لنكون أكثر تحديدًا، عند مجيء الناس إلى الكنيسة في البداية وتوليهم واجباتهم، لا يكونون قد هُذِّبوا، وهم شائكون مثل الصبار، ويريدون أن يكون لهم القول الفصل في الأمور. يفكِّرون بينهم وبين أنفسهم، "بما أنني الآن أومن بالله، فلدي حقوق وحرية في الكنيسة، لذا سأتصرَّف وفقًا لما أراه مناسبًا." في نهاية المطاف، حالما يكونون قد مروا بجولة من التهذيب والتأديب، وحالما يكونون قد قرأوا كلام الله واستمعوا إلى العظات وسمعوا الشركة عن الحق، لا يعودون يجرؤون على التصرف بهذه الطريقة. في الواقع، لم يصبحوا ممتثلين تمامًا؛ بل اكتسبوا قدرًا ضئيلًا من الإدراك فحسب وأصبحوا يفهمون بعض التعاليم. عندما يقول الآخرون أشياء تتفق مع الحق، يمكنهم الإقرار بصحتها، وعلى الرغم من أنهم قد لا يفهمون تلك الأشياء جيدًا، فإنهم يستطيعون قبولها. أليسوا عندئذٍ أكثر امتثالاً مما كانوا عليه؟ كونهم قادرين على قبول هذه الأشياء يدل على أن سلوكهم مرَّ ببعض التغييرات. كيف حدثت هذه التغييرات؟ لقد نشأت هذه التغييرات بسبب العظة من كلام الله وحثِّه، إضافة إلى تعزيته. في بعض الأحيان، يحتاج مثل هؤلاء الأشخاص إلى بعض التأديب، وبعض التهذيب، إضافة إلى بعض الشركة عن المبادئ، وإخبارهم أن شيئًا ما يجب أن يتم بطريقة معينة ولا يمكن القيام به بطريقة أخرى. يفكرون، "يجب أن أقبل هذا. الحق واضح؛ من يجرؤ على الاعتراض عليه؟". في بيت الله، الله عظيم، والحق عظيم، والحق يسود؛ وبهذا الأساس النظري استفاق بعض الناس واكتسبوا فهمًا لما يعنيه الإيمان بالله. لنأخذ مثالًا شخصًا كان في الأصل همجيًا، وفاسقًا، وغير منضبط تمامًا، وجاهلًا بالقواعد، وبالإيمان بالله، وببيت الله، وبالكنيسة، وبمبادئ أداء المرء لواجبه؛ عندما يأتي مثل هذا الشخص – الذي لا يعرف شيئًا – إلى بيت الله بلطف وحماس، ومُفعمًا بتطلعات وآمال "عظيمة"، وهناك يُحثُّ بكلام الله ويوعَظ به، ويُسقى ويُطعَم ويُهذَّب به، ويؤنَّب ويؤدَّب مرارًا وتكرارًا، ستحدث بعض التغييرات في إنسانية هذا الشخص تدريجيًا. ما تلك التغييرات؟ يبدأ في فهم بعض مبادئ السلوك البشري، ويدرك أنَّه – في الماضي – كان يفتقر إلى شبه الإنسان؛ فقد كان همجيًا ومتكبرًا ومتحديًا وساخطًا؛ كان يتكلم بخلاف ما يتكلم به الإنسان الحقيقي ويتصرف بلا قواعد، ولم يعرف كيفية طلب الحق؛ كانوا يظن أن الإيمان بالله أمر بسيط يقتصر على فعل كل ما يطلبه الله والذهاب حيثما يقول؛ أي إنه كان يحمل معهم حيوية همجية، معتقِّدًا طيلة الوقت أن هذا هو الولاء لله ومحبته. الآن، هذا الشخص ينكر كل تلك الأمور ويعلم أنها كانت نتاج تصور بشري ومجرد سلوك حسن، بل إن بعضها كان مصدره الشيطان. يجب على المؤمنين بالله أن ينتبهوا إلى كلامه ويضعوا الحق فوق كل شيء آخر، وأن يسمحوا للحق بأن يسود في كل الأمور. باختصار، فإنَّ جميع الناس قد فهموا نظريًا أنَّ هذا الكلام الذي تحدث به الله صحيح وأقروا بذلك وقبلوه في أعماق قلوبهم – أنَّه الحق وواقع الأشياء الإيجابية – بغض النظر عن مدى تجذر هذا الكلام في قلوبهم وبغض النظر عن مدى عِظَم الدور الذي لعبته هذه الكلمات. بعد ذلك، وبعد المرور بقدر من التأنيب والتأديب غير الملموسين، ينشأ في وعيهم قدر من الإيمان الحقيقي. من تصوراتهم الأولية المُبهمة عن الله إلى الشعور الذي لديهم الآن – أنه ثمة إله، وأنه عملي تمامًا – حالما تكون لدى الناس هذه المشاعر في إيمانهم بالله، ستبدأ أفكارهم ووجهات نظرهم وطرق نظرهم إلى الأشياء ومعاييرهم الأخلاقية وطرق تفكيرهم في التغير تدريجيًا. على سبيل المثال، يطلب الله من الناس أن يكونوا صادقين. على الرغم من أنه لا يزال بإمكانك أن تكذب وتكون مخادعًا، فإنك تعلم في قرارة نفسك أن الخداع خطأ، وأن الكذب على الله وخداعه خطيئة وشخصية خبيثة، لكن لا يسعك سوى ذلك. على سبيل المثال، لنفترض أنك لا تزال لديك حاليًا شخصية متغطرسة. في بعض الأحيان لا يمكنك كبح جماح نفسك، وغالبًا ما تكشف عن هذه الشخصية، وغالبًا ما تتمرد على الله، وتريد دائمًا أن تكون مهيمنًا وأن تتصرف بشكل أحادي الجانب، وأن يكون لك القول الفصل. لكنك تعرف أيضًا أن هذه شخصية فاسدة، ويمكنك أن تصلي إلى الله بشأنها. على الرغم من عدم وجود تحول ملحوظ، فإن سلوكك قد بدأ يتغير تدريجيًا. حتى من دون المرور بالدينونة والتوبيخ، وعلى الرغم من أن شخصيتك لم تتغير، فإن الحق وكلام الله يضيئان أعماق قلبك تدريجيًا، بينما يرشدانك ويغيِّران سلوكك ويجعلانك تعيش كإنسان بدرجة متزايدة، ويوقظان ضميرك تدريجيًا. إذا فعلت شيئًا يخون ضميرك، فستشعر بعدم الارتياح في قلبك. إن استحضار هذا الأمر يجعلك تشعر بشيء ما؛ فأنت لست خدرًا كما كنت من قبل، وأنت تشعر بالندم، وراغب في تصحيح نفسك. حتى لو لم تتمكن من تغيير شخصيتك على الفور في هذا الصدد، إذا كان الأمر يمس حالتك، فيمكنك أن تكون واعيًا بأن لديك هذه الحالة؛ لديك وعي في داخلك، وهذا الوعي يغير من سلوكك. هذا التغيير هو محض تغيير في السلوك. على الرغم من أنه يحدث ويستمر في الحدوث، فإنه لا يمثل تغييرًا في الشخصية؛ إنه ليس تغييرًا في الشخصية على الإطلاق. قد يشعر بعض الناس بعدم الارتياح بعد سماع هذا، قائلين، "مثل هذا التغيير الكبير وما يزال ليس تغييرًا في الشخصية؟ إذًا، ما هو التغيير في الشخصية؟ ما التغييرات التي تنتمي إلى التغيير في الشخصية؟". دعونا نترك هذا جانبًا حاليًا، ودعونا نواصل مناقشة التغييرات التي حققها الناس بالفعل، والتي هي آثار ونتائج كلام الله وكل ما فعله في الناس. يعمل الناس بجد لتغيير أفكارهم ووجهات نظرهم التي لا تتماشى مع الحق. عندما يواجهون أمورًا، سيكون لديهم وعي، وسيقارنون الأمر بالحق، قائلين، "هذا الأمر لا يتماشى مع الحق، لكنني لا أستطيع بعد التخلِّي عن وجهة نظري؛ فهي لا تزال موجودةً." كل ما أصبحت تعيه وتعلمه هو أنَّ وجهة نظرك لا تتماشى مع كلام الله، فهل يمكن أن يثبت هذا أن وجهة نظرك قد تغيَّرت بالفعل أو أنك تخليت عنها؟ لا يمكن أن يثبت ذلك. لم تتغير وجهة نظرك ولم تتخل عنها، مما يثبت أن شخصيتك الفاسدة لا تزال على حالها ولم تبدأ في أن تتغير، كل ما في الأمر أن وعيك وقلبك الداخلي قد قبلا بالفعل كلام الله واعتبراه الحق. لكن هذا مجرد أمر نظري ورغبة ذاتية؛ فكلام الله لم يصبح بعد حياتك ولم يصبح واقعك بعد. عندما يصبح كلام الله واقعك، ستتخلى عن وجهات نظرك، وستتعامل مع جميع الناس والأحداث والأشياء، وكذلك كل ما يحدث حولك، باستخدام وجهات نظر كلام الله.

في أي مرحلة من مراحل الدخول في الحياة أنتم الآن؟ لقد أدركت بالفعل أن وجهات نظرك خاطئة، لكنك ما تزال تعتمد على وجهات نظرك في حياتك، وتستخدمها لتقييم عمل الله. إنك تستخدم أفكارك ووجهات نظرك لتصدر حكمًا على الظروف التي يضعها الله لك، وتتعامل مع سيادة الله من خلال أفكارك ووجهات نظرك. هل هذا يتماشى مع مبادئ الحق؟ أليس هذا سخيفًا؟ لا يفهم الناس إلا قدرًا ضئيلًا من التعاليم ومع ذلك يرغبون في تقييم أفعال الله. أليست هذه غطرسة شديدة؟ أنت الآن تُقِر فحسب بأن كلام الله صالح وصحيح، وبالنظر إلى سلوك الخارجي، فإنك لا تفعل الأشياء التي تتعارض بوضوح مع الحق، ولا تفعل أشياء تحكم بها على عمل الله. أنت قادر أيضًا على الخضوع لترتيبات عمل بيت الله. هذا هو الانتقال من كونك غير مؤمن إلى تابع لله لديه وَرَع القديسين. أنت تنتقل من شخص، يعيش بلا تردد حسب فلسفات الشيطان ومفاهيم الشيطان وقوانينه ومعارفه، إلى شخص، بعد أن سمع كلام الله، صار يشعر بأن كلام الله هو الحق، وهو يقبله ويسعى إلى الحق، ويصبح شخصًا يستطيع أن يعتنق كلام الله كحياة له. إنه ذلك النوع من العمليات؛ ولا شيء أكثر من ذلك. خلال هذه الفترة، سيخضع سلوكك وطرقك في فعل الأشياء لبعض التغييرات بالتأكيد. ومهما بلغ مقدار تغيرك، فإنَّ ما يظهر فيك – بالنسبة إلى الله – ليس أكثر من تغييرات في سلوكك وأساليبك، وتغييرات في رغباتكم وتطلعاتكم الداخلية. ليس الأمر أكثر من تغييرات في أفكارك ووجهات نظرك. قد تكون قادرًا الآن على تقديم حياتك لله عندما تستجمع قواك ويكون لديك الدافع، لكنك لا تستطيع أن تحقق الخضوع التام لله في أمر تجده مكروهًا للغاية. هذا هو الفرق بين تغيير في السلوك وتغيير في الشخصية. ربما يمكِّنك قلبك الطيب من التضحية بحياتك وكل شيء من أجل الله، قائلاً، "أنا مستعد وراغب في بذل دم حياتي من أجل الله. في هذه الحياة، لا أشعر بأي ندم ولا شكوى! لقد تخليت عن الزواج، وعن التطلعات الدنيوية، وعن كل المجد والثروات، وأنا أقبل هذه الظروف التي وضعها الله. أستطيع أن أتحمل كل استهزاء العالم وقدحه." لكن في اللحظة التي يطرح فيها الله ظرفًا لا يتناسب مع مفاهيمك، يمكنك أن تقف وتحتج عليه وتقاومه. هذا هو الفرق بين تغيير في السلوك وتغيير في الشخصية. من الممكن أيضًا أن تستطيع بذل حياتك من أجل الله وتتخلى عن أكثر مَن تحبهم من الناس أو أكثر ما تحبه من الأشياء، والتي لا يحتمل قلبك فراقها؛ لكن عندما تُدعى إلى التحدث إلى الله من القلب وأن تكون شخصًا صادقًا، تجد الأمر صعبًا جدًا ولا تستطيع فعل ذلك. هذا هو الفرق بين تغيير في السلوك وتغيير في الشخصية. من ناحية أخرى، ربما لا تشتهي الراحة الجسدية في هذه الحياة، فلا تأكل طعامًا فاخرًا ولا تلبس ثيابًا فاخرة، وتعمل كل يوم حتى الإرهاق والإنهاك في أداء واجبك. يمكنك أن تتحمل كل أنواع الآلام التي يجلبها لك الجسد، لكن إذا كانت ترتيبات الله لا تتوافق مع مفاهيمك، فلا يمكنك أن تفهم، وتبدأ الشكاوى وسوء الفهم تجاه الله في الظهور داخلك. تصبح علاقتك مع الله غير طبيعية بشكل متزايد. تكون مقاومًا ومتمرِّدًا على الدوام، وغير قادر على الخضوع لله كليًا. هذا هو الفرق بين تغيير في السلوك وتغيير في الشخصية. أنت على استعداد للتخلي عن حياتك من أجل الله، فلماذا لا تستطيع أن تقول له كلمة صادقة؟ أنت على استعداد لأن تستغنى عن كل شيء خارج نفسك، فلماذا لا يمكنك أن تكون مخلصًا بشكل ملحوظ للإرسالية التي كلَّفك الله بها؟ أنت على استعداد للتخلي عن حياتك من أجل الله، فلماذا لا يمكنك أن تتأمل في نفسك عندما تعتمد على مشاعرك في فعل الأشياء ودعم علاقاتك مع الآخرين؟ لماذا لا تستطيع أن تتخذ موقفًا لدعم عمل الكنيسة ومصالح بيت الله؟ هل هذا شخص يعيش أمام الله؟ لقد نذرت بالفعل أمام الله أن تبذل نفسك من أجله طوال حياتك، وأن تقبل كل معاناة تأتي في طريقك، فلماذا حالة واحدة من الإعفاء من واجبك تجعلك تغرق في السلبية لدرجة أنك لا تستطيع الزحف إلى الخارج لأيام عديدة؟ لماذا يمتلئ قلبك بالمقاومة والشكوى وسوء الفهم والسلبية؟ ما الذي يحدث؟ هذا يدل على أن قلبك يحب المكانة أكثر من أي شيء، وهذا مرتبط بنقطة ضعفك الأساسية. لذا، عندما تُعفى، تسقط ولا تستطيع النهوض. هذا كافٍ لإثبات أنه على الرغم من تغيُّر سلوكك، فإنَّ شخصيتك الحياتية لم تتغير. هذا هو الفرق بين تغيير في السلوك وتغيير في الشخصية.

يُظهر معظم الناس الآن بعض السلوكيات الحسنة، لكن قلة قليلة هم مَن يطلبون الحق أو يقبلونه، ولا أحد منهم تقريبًا لديه خضوع حقيقي. من هذا المنظور، فإن الكثير من الناس يختبرون تغييرات في السلوك فحسب وتحولات في أفكارهم ووجهات نظرهم؛ لديهم الاستعداد والطموح لقبول سيادة الله والخضوع لها، ولا يضمرون أي استياء في قلوبهم. أخبرني، هل اختبر هؤلاء الناس دينونة الله وتوبيخه؟ (كلا). للأسف، الشهادات الاختبارية التي شاركتموها سابقًا لا تتضمن دينونة الله وتوبيخه، فكلها لا تفي بمتطلبات الله. ما دمت لم تختبر بعد دينونة الله وتوبيخه، فإن شخصيتك لم تبدأ في التغيُّر. إذا لم تبدأ شخصيتك في التغيُّر، فإن التغييرات التي تراها هي محض تغييرات سلوكية. تُعزى مثل هذه التغييرات السلوكية إلى تعاونك، وهي ناجمة جزئيًا عن إنسانيتك الصالحة، وهي آثار عمل الله. هل تعتقد حقًا أن الله سيكتفي بهذا القدر في خلاص الناس؟ (كلا). إذًا ماذا سيفعل الله بعد ذلك؟ ما هو العمل الرئيسي الذي ينخرط فيه الله عند خلاص الناس؟ (الدينونة والتوبيخ). الطريقة الأساسية التي يستخدمها الله لخلاص الناس هي الدينونة والتوبيخ. لكن للأسف، لم يتمكن أحد تقريبًا حتى الآن من قبول دينونة الله وتوبيخه. لذا، فإن عمل الله في خلاص الناس وتكميلهم وتغيير شخصياتهم لم يبدأ رسميًا بعد. لماذا لم يبدأ رسميًا؟ لأن عمل الله هذا لا يمكن تنفيذه على الناس بعد. لماذا لا يمكن تنفيذه؟ لأن بالنظر إلى حالة الناس الحالية وقامتهم وما هم قادرون عليه حاليًا، فإنهم لا يزالون بعيدين عن المعايير التي يطلبها الله، لذلك لا يمكن لله أن يمضي قدمًا في عمله. هل هذا يعني أن الله سيوقف عمله؟ لا، الله ينتظر. ماذا يفعل أيضًا في أثناء الانتظار؟ إنه ينقِّي الكنيسة، ويطهِّرها من المعطِّلين والمربكين وأضداد المسيح والأرواح الشريرة والأشرار وعديمي الإيمان وأولئك الذين لا يؤمنون بالله حقًا، وأولئك الذين لا يستطيعون العمل حتى. هذا يُسمى تطهير الحقل؛ ويُسمى أيضًا التذرية. هل تطهير الحقل هو عمل الله الرئيس خلال هذه الفترة؟ كلا، سيستمر الله في العمل عليكم خلال هذه الفترة من خلال وسائل حثكم بالكلام وسقايتكم وتغذيتكم وتهذيبكم وتأنيبكم وتأديبكم. إلى أي مدى؟ لن يبدأ الله عمل الدينونة والتوبيخ إلا عندما يمتلك الناس الشروط الأساسية لقبول الدينونة والتوبيخ. أخبروني الآن، استنادًا إلى تخميناتكم وأحكامكم، ما الشروط التي يجب أن يلبيها الناس قبل أن يبدأ الله عمل الدينونة والتوبيخ؟ يمكنك أن ترى الله يفعل كل شيء في أوانه. إنه لا يعمل عشوائيًا. فعمل تدبيره يتبع الخطة التي وضعها، وهو يفعل كل شيء بطريقة تدريجية وليس عشوائيًا. وماذا عن تلك الخطوات؟ يجب أن تكون كل خطوة من العمل الذي يُجريه الله في الناس نافذة المفعول، وعندما يرى أنها نَفَذَت فإنه يُجري الخطوة التالية من العمل. يعرف الله كيف يمكن أن يكون عمله نافذ المفعول، وما يجب أن يقوله ويفعله. إنه يُجري عمله وفقًا لما يحتاجه الناس، وليس عشوائيًا. يُجري الله العمل الذي سيكون فعّالًا للناس مهما كان، ولا يُجري بالتأكيد كل ما هو غير جوهري من حيث الفعالية. مثال على ذلك، عندما توجد حاجة إلى دروس موضوعية سلبية يمكن لشعب الله المختار من خلالها توسيع قدرته على التمييز، سوف يظهر في الكنيسة مسحاء كذبة وأضداد المسيح وأرواح شريرة وأشرار ومزعجون ومعطلون، ومن الممكن أن تتسع قدرة الآخرين على تمييز أمثال هؤلاء. إذا كان شعب الله المختار يفهم الحق ويمكنه تمييز أمثال هؤلاء الناس، فإن أولئك الناس يكونون قد أدّوا خدمتهم ولم تعد توجد قيمة في وجودهم. سوف ينهض شعب الله المختار في ذلك الوقت لكشفهم والإبلاغ عنهم، وسوف تطهّرهم الكنيسة فورًا. فعمل الله كله له خطواته، وجميع تلك الخطوات مُرتَّبة من الله على أساس ما يحتاج إليه الإنسان في حياته وعلى أساس قامته. ما الذي يحتاج إليه الناس حقًا، ولماذا يظهر أضداد المسيح والأشرار في الكنيسة؟ الناس مرتبكون بشكل عام بشأن هذه الأمور ولا يفهمون ما الذي يحدث فيها. بعض الناس، غير فاهمين لعمل الله، يضمرون مفاهيم، وهم حتى يتذمرون قائلين، "كيف يمكن أن يظهر أضداد المسيح في كنيسة الله؟ لماذا لا يهتم الله بهذا؟". فقط عندما يقرأون كلام الله الذي ينص على أن هذه الأحداث مقصود بها أن يتعلم الناس دروسًا وينمُّوا التمييز لديهم، يحصلون على لحظة استنارة ويفهمون مقاصد الله. في البداية، يفتقر الناس إلى التمييز تجاه الأشرار. عندما تطرد الكنيسة مثل هؤلاء الأفراد، تتولد لدى الناس مفاهيم؛ يعتقد الناس أن أولئك الذين طُردوا قدَّموا العديد من التقدمات وكانوا قادرين على تحمُّل المشقة، ويعتقدون أنه ما كان ينبغي طردهم. حينئذٍ يصبحون مقاومين لما فعله الله. لكن بعد فترة من الاختبار، يكتسب الناس فهمًا للحق ويكتسبون القدرة على تمييز الأشرار. والآن، عندما يُطرد شخص شرير، لا تعود تتولد لديهم مفاهيم أو يقاومون. عندما يرون شخصًا شريرًا يرتكب أفعالًا شريرة مرة أخرى، يمكنهم تحديده، ويتعاون الجميع للإبلاغ عن هذا الشخص وطرده قبل أن يحدث أي ضرر كبير. عندئذٍ لا يعود لهؤلاء الأشرار موطئ قدم في بيت الله. كيف يتحقق هذا؟ كيف ينشأ هذا التمييز في الناس؟ إنه من فعل الله. من دون عمل الله، ما كان للناس أن يفهموا هذه الأشياء. إن عمل الله يتبع تسلسلًا، وخطوات هذا التسلسل يحددها ما تتطلبه حياة الإنسان. لكن الناس أنفسهم لا يعرفون بوضوح ما يحتاجون إليه بالفعل، فهم مشوشو الذهن. لذا، لا يسع الله سوى أن يواصل عمله، مرتِّبًا دروسًا عديدة ليتعلم منها الناس، مما يمكِّنهم من الدخول إلى واقع الحق وتحقيق النتائج التي يطلبها. سواء فهم الناس أم لم يفهموا، يواصل الله عمله بلا كلل؛ هذه هي محبة الله. الأمر يشبه تهذيب الله لشخص ما؛ إذا أخطأ المرء، فإنَّ الله يهذبه؛ وإذا أخطأ مرة أخرى، فإن الله يهذبه مرة أخرى. إذا كُشِفَ عنه مرة أخرى، فإنَّ الله يهذبه مرة أخرى. إن الله يعمل بصبر إلى أن يكتسب المرء فهمًا حقيقيًا، ولا يعود خدرًا، ويصبح حساسًا كما لو أنه يلمس سلكًا كهربائيًا عندما يواجه مواقف مماثلة مرة أخرى، ولا يعود يرتكب أخطاء. عندئذ يكون ذلك كافيًا، وسيوقف الله عمله. عندما تتمكن من التعامل مع هذه الأمور بنفسك وفقًا للمبادئ في المرة التالية التي تواجهها فيها، لن يعود على الله أن يقلق. هذا يثبت أنك قد فهمت كلام الله وحق الله، واعتنقتهما في قلبك، وأصبحا حياتك. في تلك المرحلة، يوقف الله عمله. هذه هي خطوات عمل الله، وبعد أن تختبرها، سترى جوهر الله وحكمته، وهذا أمر لا يمكن إنكاره ومؤكد بنسبة مائة بالمائة.

ذُكر للتو أنَّ خطوات عمل الله مرتبطة بتغيير شخصية الناس. لا يتعلق عمل الله بجعل الناس يمرون بقليل من التغيير السلوكي، وفهم بعض القواعد، وأن يكون لديهم قدر من شبه الإنسان، ثم إعلان ذلك على أنه نجاح عظيم. لو كان الأمر كذلك، لكان العمل قد انتهى بالفعل في عصر النعمة. ماذا يريد الله؟ (تغيير شخصية الناس). هذا صحيح، تغيير الشخصية هو ما يجب أن يتحلى به الناس الذين ينالون الخلاص حقًا. ليس ما يريده الله محض تغيير في سلوك الناس، بل تغيير في شخصيتهم، وهو أمر أهم؛ هذا هو معيار الخلاص. ذُكرت للتو أيضًا بعض التغييرات السلوكية، مثل القدرة على التخلي عن الأشياء وتقديم المرء حياته من أجل الله؛ هذه تغييرات سلوكية واضحة. لكن إن لم يكن لدى المرء إخلاص لإرساليات الله، وهو لا يزال قادرًا على التصرف بلا مبالاة، ولا يزال ثمة خداع، فهذا يعني أنه لم يحدث تغيير في الشخصية بعد. الناس الآن جديرون بالثناء على سلوكهم فحسب؛ فهم يبدون أقرب إلى هيئة القديسين، ويتصرفون بمزيد من الإنسانية، ولديهم بعض الكرامة والنزاهة. لكن مهما بلغ مقدار ما يظهره شخص ما من سلوك حسن، فإذا لم يكن مرتبطًا بممارسة الحق، ولم يكن مُعاشًا من ضميره وعقله وإنسانيته الطبيعية، فلا علاقة له بتغيير في الشخصية وهو ليس ما يريده الله. بالنظر إلى الأمر على هذا النحو، فيما يتعلق بسلوككم الحالي، مهما يكن مقدار التزامكم بالقواعد، ومهما يكن مدى امتثالكم، ومهما تقدمون حياتكم، أو مهما تكن عظمة تطلعاتكم، فهل تمكنتم من إرضاء الله؟ هل لبَّيتم متطلبات الله؟ (كلا). هل متطلبات الله مرتفعة جدًا؟ بعض الناس يفكرون: "الناس الآن ممتثلون جدًا، فكيف لم يلبُّوا متطلبات الله بعد؟" هل هذا الامتثال – في رأيكم – خضوع؟ (كلا). هذا صحيح. هذا الامتثال الآن هو تحلٍ بقليل من العقلانية فحسب، وكله نتيجة تأديب الله. إنه بالكامل التأثير الذي حققه تأديب الله؛ فقط بعد أن تحدث الله على نحو مضنٍ بكلمات كثيرة جدًا، استيقظ ضمير الناس، وتحرَّك حسُّهم بالضمير، وبدأوا يعيشون قدرًا من شبه الإنسانية، وتكون لديهم بعض القواعد في القيام بالأمور، ويعرفون أن يستفسروا في كل ما يفعلونه، ويشعرون بشيء من التأنيب عند التصرف ضد المبادئ. باختصار، التغييرات في السلوك لا تلبي شروط تلقي دينونة الله وتوبيخه؛ فالله لا يريد تغيير سلوك الناس. فماذا يريد الله؟ يريد تغيير شخصياتهم. وما مظاهر تغيير الشخصية؟ إلى أي مدى يجب أن يتغيروا في مختلف الجوانب ليكونوا مؤهلين لدينونة الله وتوبيخه؟ يجب أن يتغيروا إلى الحد الذي يمكن فيه أن يرى الله أداء هذا الشخص في جميع الجوانب؛ فهم على وجه الخصوص يستطيعون أداء واجباتهم على النحو الكافي، ويمكنهم قبول أن يُهذَّبوا، ويمكنهم طلب الحق في كل شيء، ويمكنهم اتباع الله عندما يواجهون المحن والتجارب، ويمكنهم في الأساس قبول كل ما يقوله الله والخضوع له؛ حتى عندما لا يشرف عليه آخرون، وعندما يواجه الغوايات، يمكنهم الامتناع عن فعل الأشياء السيئة، وعدم ارتكاب أدنى قدر من الشر. في نظر الله، مثل هؤلاء الناس يرقون إلى المعيار؛ فهم مؤهلون رسميًا لتلقي دينونته وتوبيخه، وهي الخطوة التالية من عمل الله لتخليصهم وتكميلهم. ما نوع الإشارة الموجودة هنا وما هو المعيار – هل تعرفون؟ (ما فكرت فيه هو أنَّه من خلال تأنيب الله وتأديبه، يمكن للشخص أن يستعيد ضميره وعقله تدريجيًا، واقترانًا مع بعض التغييرات في سلوكه، يمكن في النهاية أن يكون قادرًا على أداء واجباته بإخلاص. قد يبدأ الله عندئذٍ عمل الدينونة والتوبيخ على ذلك الشخص). هل توافقون جميعًا على هذه العبارة؟ (أجل). هذا جيد، لكن هذا شرط واحد فقط. قبل أن ينفِّذ الله عمل الدينونة والتوبيخ على شخص ما، سيقيِّم الله هذا الشخص. كيف يقيِّمه؟ لدى الله عدة معايير. أولًا، يراقب موقف الشخص تجاه إرسالياته؛ أي ما موقفه تجاه الواجبات التي يجب أن يؤديها، وما إذا كان بإمكانه أداء واجباته بإخلاص، وبأقصى ما يستطيع، وبوفاء. باختصار، هو يراقب ما إذا كان الناس قادرين على تلبية معيار أداء الواجبات بالقدر الكافي – هذا هو الجانب الأول. يتعلق هذا مباشرةً بحياة الإيمان بالله والعمل اليومي الذي ينخرط فيه الناس. لماذا يضع الله هذا الجانب شرطًا ومعيارًا للتقييم؟ ما السبب وراء ذلك؛ هل تعرفون؟ عندما يأتمن الله شخصًا ما على مهمة، فإن موقف هذا الشخص أمر بالغ الأهمية؛ هذه هي الطريقة التي يقيِّم الله الشخص بها. لقد ائتمنه الله على هذه المهمة؛ كيف سيتعامل معها شخص ذو الضمير في مقابل شخص لا ضمير لديه؟ كيف سيتعامل معها شخص عقلاني في مقابل شخص غير عقلاني؟ ثمة فرق بين هذا وذاك. الضمير والعقلانية هما سمتان يجب أن تتحلى بهما إنسانية المرء. وبخلاف هذا، فإنَّ امتلاك القليل من الحس بالضمير أو القليل من العقلانية، لا يكفي. إذا استعاد الناس ضميرهم وعقلانيتهم، فهل هم عندئذٍ يشبهون بالبشر؟ هل نالوا بذلك واقع الحق؟ كلا، لا يزال هذا غير كافٍ؛ فالله يراقب أيضًا الطريق الذي يسير فيه الناس خلال فترة أداء واجبهم. ما نوع الطريق الذي يسير فيه الناس ويمكن أن يلبي المعيار الذي يتطلبه الله؟ أولًا، عدم ارتكاب الشر والخضوع أثناء أداء الواجب هو المعيار الأدنى. إذا كان المرء قادرًا على ارتكاب الشر، فهذا الشخص قد انتهى أمره تمامًا؛ فهو ليس من النوع الذي يريد الله أن يُخلِّصه. وعلاوةً على ذلك، في التعامل مع إرساليات الله، بخلاف التعامل معها بضمير وعقلانية، ثمة حاجة أكبر إلى طلب الحق وفهم مقاصد الله. أيًا تكن الظروف، وبغض النظر عما إذا كان الأمر الذي يواجهك يتوافق مع مفاهيمك وتصوراتك، فيجب أن تحافظ على موقف الخضوع. ما يريده الله في هذه المرحلة هو موقفك الخاضع. إذا كنت فقط تقرُّ بأن كلام الله كله هو الحق وأنه صواب، فهل هذا موقف خضوع؟ بالتأكيد لا. ما الجانب العملي من موقف الخضوع؟ هو هذا: يجب أن تحمل نفسك على قبول كلام الله. ورغم أن دخولك في الحياة سطحي، وقامتك غير كافية، ولم تزل معرفتك بالجانب العملي للحق غير عميقة بما فيه الكفاية، فأنت لا تزال قادرًا على اتباع الله والخضوع له؛ هذا هو موقف الخضوع. قبل أن تتمكن من تحقيق الخضوع الكامل، يجب عليك أولًا أن تتبنى موقف الخضوع، أي يجب أن تقبل كلام الله، وتؤمن بأنه صواب، وتتخذ كلام الله بوصفه الحق وبوصفه مبادئ الممارسة، وتكون قادرًا على التمسك به كلوائح حتى عندما لا يكون لديك فهم جيد للمبادئ. هذا نوع من موقف الخضوع. لأن شخصيتك الآن لم تتغير بعد، إذا كنت تريد أن تحقق الخضوع الحقيقي لله، فيجب أولًا أن تكون لديك عقلية الخضوع وظان تطمح إلى الخضوع قائلًا: "سأخضع مهما يفعل الله. أنا لا أفهم الكثير من الحق، لكنني أعلم أنه عندما يأمرني الله بما يجب أن أفعله، فسوف أفعله". يرى الله هذا موقف خضوع. بعض الناس يقولون: "ماذا لو كنت مخطئًا في الخضوع لله؟" هل يمكن أن يكون الله على خطأ؟ الله هو الحق والبر. الله لا يخطئ؛ لكن توجد أشياء كثيرة يفعلها الله لا تتوافق مع مفاهيم الناس. يجب أن تقول: "بغض النظر عما إذا كان ما يفعله الله يتوافق مع مفاهيمي الخاصة، فسأركز فحسب على الاستماع والخضوع والقبول واتباع الله. هذا ما يجب أن أفعله بوصفي كائنًا مخلوقًا". حتى لو كان ثمة أناس يحكمون عليك بأنك تخضع خضوعًا أعمى، فيجب ألا تهتم. قلبك متأكد من أن الله هو الحق، وأنك يجب أن تخضع. هذا هو الصواب، وهذا هو نوع العقلية التي يجب أن يخضع بها المرء. الأشخاص الذين يمتلكون مثل هذه العقلية هم وحدهم الذين يستطيعون ربح الحق. إذا لم تكن لديك عقلية كهذه، لكن تقول: "أنا لا أعاني من إزعاج الآخرين لي. لن يخدعني أحد. أنا فطِن جدًا ولا يمكن إجباري على الخضوع لأي شيء! أيًا يكن ما يأتي في طريقي، فيجب أن أدرسه وأحلله. لن أخضع له إلا عندما يتوافق مع آرائي، وأستطيع قبوله"؛ هل هذا موقف خضوع؟ ليس هذا موقف خضوع؛ هذا افتقار إلى عقلية خاضعة، مع عدم وجود نية في قلب المرء للخضوع. إذا قلت: "حتى لو كان الله، فلا يزال عليَّ أن أدرس الأمر. حتى الملوك والملكات يتلقون المعاملة نفسها مني. ما تقوله لي لا فائدة منه. صحيح أنني كائن مخلوق، لكنني لست غبيًا، لذا لا تعاملني على أنني كذلك"، فقد انتهى الأمر بالنسبة لك؛ أنت تفتقر إلى شروط قبول الحق. مثل هؤلاء الناس يفتقرون إلى أي عقلانية. إنهم لا يمتلكون الإنسانية الطبيعية؛ أليسوا وحوشًا إذًا؟ من دون عقلانية، كيف يمكن للشخص أن يحقق الخضوع؟ لتحقيق الخضوع، لا بد للمرء أولًا أن يتمتع بعقلية خاضعة. لا يمكن للشخص أن يمتلك أي عقلانية تُذكَر إلا بعقلية الخضوع. إذا لم تكن لديه عقلية خضوع، فليس لديه أي عقلانية. الناس كائنات مخلوقة، فكيف يمكنهم رؤية الخالق بوضوح؟ إنَّ البشرية كلها لم تتمكن على مدار ستة آلاف سنة من فك شفرة فكرة واحدة من أفكار الله، فكيف يمكن للناس أن يفهموا على الفور ما يفعله الله؟ لا يمكنك أن تفهم. ثمة أشياء كثيرة كان الله يفعلها منذ آلاف السنين، وقد كشف عنها للبشرية بالفعل، لكنه إن لم يوضحها للناس، فإنهم سيظلون لا يفهمونها. ربما تفهم كلماته بالمعنى الحرفي الآن، لكنك لن تفهم بحقٍّ سوى القليل وبعد عشرين عامًا. هذا هو مدى ضخامة الفجوة الموجودة بين الناس وما يطلبه الله. في ضوء ذلك، يجب أن يتحلى الناس بالعقلانية وبعقلية الخضوع. الناس مجرد نمل وديدان، ورغم ذلك يرغبون في رؤية الخالق بوضوح. هذا أمر غير معقول على الإطلاق. يشكو بعض الناس دائمًا من أن الله لا يخبرهم بأسراره، ولا يشرح لهم الحق مباشرةً، وهو ما يجعل الناس يطلبون على الدوام. لكن قول هذه الأشياء ليس صوابًا، وهو غير معقول. كم تفهم من بين كل هذه الكلمات التي أخبرك بها الله؟ كم من كلام الله يمكنك أن تطبِّقه؟ يحدث عمل الله دائمًا على خطوات. لو كان الله قد أخبر الناس قبل ألفي عام عن عمله في الأيام الأخيرة، هل كانوا سيفهمون؟ في عصر النعمة، صار الرب يسوع شبه الجسد الخاطئ، وكان ذبيحة خطيئة عن البشرية جمعاء. لو أنه أخبر الناس في ذلك الوقت، فمن كان سيفهم؟ والآن، يفهم ناس أمثالكم بعض النظريات المفاهيمية، لكن فيما يتعلق بحقائق مثل شخصية الله الحقيقية، ومقصد الله في محبة البشرية، وأصل الأشياء التي فعلها الله في ذلك الوقت وخطته وراءها، فلن يستطيع الناس أبدًا فهمها. هذا هو سر الحق؛ هذا هو جوهر الله. كيف يمكن للناس رؤيته بوضوح؟ من غير المعقول تمامًا أن ترغب في رؤية الخالق بوضوح. أنت متغطرس للغاية وتبالغ في تقدير قدراتك. لا ينبغي للناس أن يرغبوا في رؤية الله بوضوح. إنه أمر جيد بالفعل إذا كان يمكنهم فهم بعض الحق. بالنسبة لك، فإن فهم القليل من الحق هو بالفعل إنجاز كافٍ. لذا، أهو أمر عقلاني أن يكون لديك عقلية خضوع؟ هذا أمر عقلاني بالتأكيد. إن عقلية الخضوع وموقف الخضوع هو الحد الأدنى مما يجب أن يمتلكه كل كائن مخلوق.

تحقيق المرء لأداء كافٍ ومخلص للواجب، وامتلاك عقلية الخضوع – كم يستغرق هذا من الوقت؟ هل يتطلب عددًا محددًا من السنوات؟ لا يوجد إطار زمني محدد، وهو يعتمد على سعي المرء إلى الحق وتطلعه إليه إضافةً إلى مدى توقه. يعتمد أيضًا على ضميره الفطري وعقله ومستوى قدراته وبصيرته. وعند اكتساب موقف الخضوع، ستحدث بعد ذلك مباشرةً تغييرات أخرى في كلام المرء وأفعاله وسلوكه. ما هذه التغييرات؟ أنت الآن في عينيِّ الله شخص صادق في الأساس. ماذا يعني أن تكون شخصًا صادقًا في الأساس؟ يعني أنَّ عنصر الكذب المتعمد في حديثك وسلوكك قد تضاءل؛ ثمانون بالمائة مما تقوله صادق. في بعض الأحيان، تكذب عن غير قصد نتيجة لخِسَّة أو ظروف أو لسبب آخر، وهذا يُشعِرك بعدم الارتياح كما لو كنت قد ابتلعت ذبابة ميتة؛ تشعر بعدم الارتياح لعدة أيام. تقِرُّ بخطئك وتتوب أمام الله، وبعد ذلك توجد تغييرات؛ تقل أكاذيبك تدريجيًا، وتتحسن حالتك. في عينيِّ الله، أنت في الأساس شخص صادق. يقول بعض الناس: "إذا كان المرء صادقًا في الأساس، أليست شخصيته قد تغيرت؟" هل الأمر كذلك؟ كلا، هذا مجرد تغيير في السلوك. في عينيِّ الله، أن يقدر المرء على أن يكون شخصًا صادقًا يتطلب أكثر من مجرد تغيير في السلوك والتصرفات؛ فهو يشمل أيضًا تغييرات جوهرية في عقلية المرء وآرائه بشأن الأمور. لا تعود لديه نية للكذب أو الخداع، وتخلو أقواله وأفعاله تمامًا من الزور والخداع. تصبح أقواله وأعماله أكثر صدقًا على نحو متزايد، وتكون لديه المزيد من الكلمات الصادقة. على سبيل المثال، عندما تُسأل عما إذا كنت قد فعلت شيئًا ما، حتى لو كان الاعتراف به سيؤدي إلى تعرضك للصفع أو العقاب، فإنك تظل قادرًا على قول الحق. حتى وإن كان الاعتراف به ينطوي على تحمل مسؤولية كبيرة، أو مواجهة الموت أو الهلاك، فأنت قادر على قول الحق ومستعد لممارسة الحق لإرضاء الله. هذا يدل على أن موقفك تجاه كلام الله قد أصبح راسخًا إلى حد كبير. مهما يكن الوقت، فلم يعد اختيار أي معيار من معايير الممارسة التي يطلبها الله يمثل مشكلة بالنسبة لك؛ يمكنك تحقيقه وتطبيقه بشكل طبيعي دون قيود الظروف الخارجية، أو إرشاد القادة والعاملين، أو الشعور بتمحيص الله بجانبك. يمكنك فعل هذه الأشياء بمفردك دون عناء إلى حد كبير. من دون قيود الظروف الخارجية، وليس خوفًا من تأديب الله، ولا خوفًا من تأنيب ضميرك، وليس خوفًا بالطبع من سخرية الآخرين أو رقابتهم – ليس بسبب أيٍ من هذا – يمكنك أن تفحص سلوكك بشكل استباقي وتقيس مدى صحته وتقيِّم ما إذا كان يتوافق مع الحق ويرضي الله. عند تلك المرحلة، تكون قد استوفيت بشكل أساسي معيار أن تكون شخصًا صادقًا في عينيِّ الله. كونك شخصًا صادقًا في الأساس هو الشرط الأساسي الثالث لقبول دينونة الله وتوبيخه.

عقدنا الشركة للتو عن الشروط الثلاثة لقبول دينونة الله وتوبيخه: الأول هو أن يؤدي المرء واجبه بالقدر الكافي، والثاني هو أن يكون لديه موقف خضوع، والثالث هو أن يكون شخصًا صادقًا في الأساس. كيف يُقيَّم هذا الشرط الثالث؟ ما المعايير؟ (أن يكون المرء أقل تعمدًا للكذب، وأكثر قولًا للصدق). يعني أن يكون قادرًا على قول الصدق في معظم الأوقات، يجب أن يكون بوسعكم جميعًا تقييم هذا، أليس كذلك؟ إنَّ كون الشخص صادقًا هو الشرط الثالث لقبول دينونة الله وتوبيخه. والشرط الثاني هو التحلي بموقف الخضوع، وهو ما يتضمن بعض التفاصيل أساسها عدم تمحيص عمل الله أو تحليله، بل التحلي بعقلية خاضعة فحسب. علاوةً على ذلك، فإنه يستلزم أيضًا السعي إلى أن تكون شخصًا صادقًا، وصولًا إلى المرحلة التي تقل فيها أكاذيبك وتتمكن في معظم الأحيان من التحدث بصدق، معبِّرًا عن مشاعرك الحقيقية. الجانب الأكثر أهمية هنا هو تعاون الناس بصورة ذاتية، أي إحراز التقدم بنشاط، والسعي الحثيث للوصول إلى الحق. إنَّ التحلي بعقلية خاضعة هو نتيجة تتحقق على الصعيد الذاتي، والقدرة على أن يصبح المرء صادقًا – أي أن يكون صادقًا في الأساس – هو أيضًا مسألة ذاتية، وهو نتيجة السعي الدؤوب للمرء. لقبول دينونة الله وتوبيخه شرط أساسي آخر. سأقدِّم لكم تلميحًا أولًا، وإذا فكرتم على منوال ما أقوله، فستتمكنون من فهمه. منذ بداية الإيمان بالله وحتى النهاية، هل ارتكب الناس العديد من الأخطاء في هذه الحياة؟ هل كان ثمة الكثير من أعمال التمرد ضد الله؟ (كان ثمة الكثير منها.) لذا، ماذا يجب أن يفعل الشخص عندما يرتكب خطأً أو عندما يكون متمردًا؟ (يجب أن يكون لديه قلب تائب). إن امتلاك قلب تائب هو علامة على شخص لديه ضمير وعقل. امتلاك الضمير والعقل هما الحد الأدنى من الصفات التي يجب أن يتحلى بها متلقي خلاص الله؛ أولئك الذين يفتقر إلى الضمير والعقل لا يمكنهم نيل خلاص الله. إذا كان المرء لا يعرف التوبة أبدًا بعد ارتكاب الأخطاء، فماذا يكون؟ هل يمكن لشخص لا يعرف التوبة أبدًا أن يتَّبع الله حتى النهاية؟ هل يمكن أن يحدث له تغيير حقيقي؟ (كلا). ولمَ لا؟ (لأنه ليس لديه قلب تائب). بالضبط، وهذا يقودنا إلى الشرط الأخير: يجب أن يكون لدى المرء قلب تائب. في أثناء اتباع الله، غالبًا ما يكشف الناس عن أنفسهم على أنهم متمردون وأحيانًا يسيئون فهمه أو يتذمرون منه، وذلك بسبب حماقتهم وجهلهم ومختلف شخصيَّاتهم الفاسدة. إنهم يضلون، بل إن البعض يكوِّنون مفاهيم عن الله، ويصبحون سلبيين ومتراخين في عملهم لفترة من الوقت، ويفقدون إيمانهم. تظهر التصرفات المتمردة في كل مرحلة من مراحل حياة الناس. لديهم الله في قلوبهم ويعرفون أنه يعمل عندما يحدث أمر ما، لكنهم أحيانًا لا يستطيعون استيعاب تلك الحقيقة. على الرغم من أنهم قادرون على الخضوع سطحيًا، فإنهم ببساطةٍ لا يستطيعون قبول ذلك في أعماقهم. ما الذي يجعل من الجلي أنهم لا يستطيعون قبول ذلك في أعماقهم؟ من بين الطرق التي يظهر بها ذلك أنه على الرغم من أنهم يعرفون كل شيءٍ، فإنهم ببساطةٍ غير قادرين على تنحية ما فعلوه جانبًا والمجيء أمام الله للاعتراف بأخطائهم قائلين: "يا الله، لقد كنت مخطئًا. لن أعود أتصرَّف على هذا النحو. سوف أطلب مقاصدك وأفعل مثلما تريد مني أن أفعل. لم أعتد على الانتباه إليك؛ كانت قامتي قصيرة، وكنت أحمق، وجاهلًا، وكثيرًا ما كنت متمردًا. أعرف ذلك الآن". ما الموقف الذي يتحلى به الناس إذا كانوا يستطيعون الاعتراف بأخطائهم؟ (إنهم يريدون إحداث تغييرٍ). إذا كان لدى الناس ضمير وعقل وكانوا يتوقون إلى الحق، لكنهم لا يعرفون أبدًا كيفيَّة التأمل في الذات وإحداث تغييرٍ بعد ارتكاب الأخطاء معتقدين بدلًا من ذلك أن الماضي قد مضى ومُتأكِّدين من أنهم ليسوا على خطأ، فما نوع الشخصيَّة الذي يُظهِره هذا؟ ما نوع السلوك؟ ما جوهر مثل هذا السلوك؟ (تصلُّب الرأي). مثل هؤلاء الناس متصلِّبو الرأي، ومهما يحدث، فذلك هو الطريق الذي سوف يتِّبعونه. لا يحب الله مثل هؤلاء الناس. ماذا قال يونان عندما عبَّر عن كلام الله لأهل نينوى؟ ("بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تَنْقَلِبُ نِينَوَى" (يونان 3: 4)). ماذا كان ردُّ فعل أهل نينوى على هذه الكلمات؟ عندما رأوا أن الله سوف يُهلِكهم، سارعوا إلى لبس المسوح والجلوس على الرماد والاعتراف إلى الله بخطاياهم، وترك طريق الشر. هذا هو معنى التوبة. إذا كان الإنسان قادرًا على التوبة، فهذا يقدِّم للإنسان فرصةً عظيمة. ما تلك الفرصة؟ إنها فرصة الاستمرار في العيش. من دون توبة حقيقية، سيكون من الصعب المُضيّ قُدُمًا سواء في أداء واجبك أو في سعيك إلى الخلاص. في كلّ مرحلةٍ – سواء عندما يُؤدِّبك الله أو يؤنّبك، أو عندما يُذكِّرك وينصحك – ما دام قد حدث صراعٌ بينك وبين الله، ومع ذلك لا تتغير وتبقى مُتمسِّكًا بأفكارك وبوجهات نظرك وبمواقفك، على الرغم من أن خطواتك تمضي قُدُمًا، فإنَّ الصراع بينك وبين الله لا يُصحَّح، ولا حالات سوء فهمك له وشكاواك منه وتمرُّدك ضده، ولا يحدث تغيير في قلبك. عندئذ، فإنَّ الله من جانبه، سوف يستبعدك. على الرغم من أنك لم تتخلَّ عن واجبك الحاليّ ولا تزال تواظب على واجبك ولديك قليل من الإخلاص لِما كلفك الله به، ويرى الناس أن هذا مقبول، فإن الخلاف بينك وبين الله قد مثّل عقدة دائمة. أنت لم تستخدم الحق لعلاجها وكسب فهم حقيقي لمقاصد الله، ونتيجة لذلك، فإن سوء فهمك لله يتعمَّق، أنت وتعتقد دومًا أن الله على خطأ وأنك تُعامَل معاملة غير عادلة؛ هذا يعني أنك لم تُحدث تغييرًا. لم يزل تمردك مستمرًا وكذلك مفاهيمك وسوء فهمك لله، وهذا يفضي بك إلى أن تكون لديك عقلية عدم الخضوع، وإلى أن تكون دائمًا متمردًا على الله وتعارضه. أليس هذا النوع من الأشخاص ممن يتمرد على الله ويقاوم الله ويرفض التوبة بعناد؟ لماذا يولي الله مثل هذه الأهميَّة لقيام الناس بالتغيير؟ بأيّ موقفٍ يجب على الكائن المخلوق مراعاة الخالق؟ بموقفٍ يعترف بأن الخالق على حقٍّ بصرف النظر عمَّا يفعله. إذا كنت لا تعترف بهذا، فلن يكون القول إن الخالق هو الحقّ والطريق والحياة سوى مُجرَّد كلامٍ أجوف في نظرك. إن كانت تلك هي الحال، فهل يمكنك مع ذلك نيل الخلاص؟ لا يمكنك. سوف تكون غير مُؤهَّلٍ؛ والله لا يُخلِّص أناسًا مثلك. يقول البعض: "الله يطلب من الناس أن تكون لديهم قلوب تائبة، وأن يعلموا كيفيَّة إحداث تغييرٍ. لكن ثمة أشياء كثيرة لم أحدِّث فيها تغييرًا. هل ما يزال لديَّ الوقت لذلك؟" نعم، لم يزل ثمة وقت. إضافةً إلى ذلك، يقول البعض: "ما الأشياء التي ينبغي أن أُحدِث فيها تغييرًا؟ ولَّت أمور الماضي ونُسيَت". ما دامت شخصيَّتك لا تتغير، ما دمت لا تتوصل إلى معرفة ما لا يوافق من أفعالك مع الحق وما لا يمكن أن يتوافق مع الله، فإن تلك العقدة الموجودة بينك وبين الله لم تُفَك بعد؛ والمسألة لم تُعالَج. هذه الشخصيَّة موجودة في داخلك؛ الفكرة التي تتمرد ضد الله، ووجهة النظر والموقف، في داخلك. بمُجرَّد ظهور الظروف المناسبة، سوف تظهر وجهة نظرك مرَّةً أخرى، وسوف يشتعل صراعك مع الله مجددًا. ومن ثمَّ، على الرغم من أنك قد لا تُصحِّح الماضي، ينبغي عليك تصحيح الأشياء التي سوف تحدث في المستقبل. كيف تُصحَّح؟ ينبغي عليك إحداث تغييرٍ وتنحية أفكارك ومقاصدك جانبًا. بمُجرَّد أن يكون لديك هذا المقصد، سوف يكون موقفك أيضًا موقف خضوعٍ بطبيعة الحال. ومع ذلك، للتحدُّث بشكلٍ أدقّ، يشير هذا إلى الناس الذين يُحدِثون تغييرًا في موقفهم تجاه الله، الخالق؛ إنه إقرارٌ وتأكيدٌ بحقيقة أن الخالق هو الحقّ والطريق والحياة. إذا كان بإمكانك إحداث تغييرٍ، فهذا يدلّ على أنه يمكنك أن تضع جانبًا تلك الأشياء التي تعتقد أنها صحيحةٌ، أو تلك الأشياء التي تعتقد البشريَّة الفاسدة بالإجماع أنها صحيحةٌ؛ وبدلًا من ذلك، تقرّ بأن كلام الله هو الحقّ والأشياء الإيجابيَّة. إذا كان بإمكانك أن يكون لديك هذا الموقف، فهذا يثبت اعترافك بهويَّة الخالق وبجوهره. هذه هي الطريقة التي ينظر بها الله إلى المسألة، ولذلك فإنه يعتبر إحداث تغيير في المرء ذا أهميَّةٍ خاصَّة.

يقول البعض: "إذا لم يفعل الشخص أي خطأ، فلماذا يحتاج إلى أن يتغير؟" حتى لو لم تفعل أي خطأ في الوقت الحالي، يجب عليك أولًا أن تفهم حقيقة التوبة. هذا أمر يجب أن تتحلى به. حالما تفهم الحق، ستكتشف أن بعض الأشياء التي فعلتها كانت غير لائقة، وستكتشف المشاكل التي تتعلق بمقاصدك وعقليتك، أي المشاكل المتعلقة بشخصيتك. سوف تطفو هذه الأشياء على السطح دون أن تدركها، وستجعلك ترى أن علاقتك بالله ليست في الواقع علاقة بسيطة بين البشر والله. الله يظل هو الله، لكنك كائن مخلوق لا يلبي المعيار. في تلك الأمور التي قد فشل فيها الناس في البقاء في أماكنهم المناسبة، وفشلوا في إنجاز ما يجب عليهم إنجازه – أي عندما يفشلون في واجبهم – فإنها ستصبح عقدة بداخلهم. هذه مشكلة عملية للغاية، ولا بد من حلها. فكيف تُحَل؟ ما نوع الموقف الذي يجب أن يكون لدى الناس؟ قبل كل شيء، يجب أن يكون لديهم رغبة في تغيير أنفسهم. وكيف يجب أن تُطبَّق هذه الرغبة في التغيير؟ على سبيل المثال، يكون شخص ما قائدًا لبضع سنوات، لكن لأنه ذو مستوى قدرات متدنٍ، لا يؤدي عمله جيدًا، ولا يستطيع رؤية أي موقف بوضوح، ولا يعرف كيف يستخدم الحق لحل المشاكل، ولا يستطيع القيام بأي عمل حقيقي؛ لذلك يُعفى. إذا كان بعد إعفائه قادرًا على الخضوع والاستمرار في أداء الواجب، ويرغب في التغيير، فماذا يجب أن يفعل؟ أولًا، يجب أن يفهم هذا: "كان الله محقًا فيما فعله، إن مستوى قدراتي ضعيف جدًا، وأنا لم أقُم بأي عمل حقيقي على مدار فترة طويلة جدًا، بل إنني عطَّلت عمل الكنيسة فحسب ودخول الإخوة والأخوات إلى الحياة. أنا محظوظ لأن بيت الله لم يطردني على الفور. لقد كنتُ حقًا وقحًا جدًا، إذ تمسَّكت بمنصبي طوال هذا الوقت، بل إنني اعتقدت أنني قمت بعمل عظيم. كم كان ذلك غير معقول مني!" القدرة على الشعور بكراهية الذات وبحسٍ من الندم: هل هو تعبير عن الرغبة في التغيير أم لا؟ إذا كان الشخص قادرًا على قول ذلك، فهذا يعني أن لديه الرغبة. إذا قال في قلبه "على مدار فترة طويلة جدًا، دائمًا ما كنت أسعى في منصبي كقائد إلى نيل مزايا المكانة؛ كنت دائمًا ما أعظ بالتعاليم وأسلِّح نفسي بها؛ لم أسع إلى دخول الحياة. الآن فقط بعد أن استُبدلت أرى مدى تقصيري ونقصي. لقد فعل الله الصواب، ولا بد أن أخضع. في الماضي، كانت لي مكانة، وكان الإخوة والأخوات يعاملونني جيدًا؛ كانوا يحيطون بي أينما ذهبت. الآن لا أحد يكترث لأمري، وأنا منبوذ، هذا هو ما أستحقه؛ إنه الجزاء الذي أستحقه. علاوةً على ذلك، كيف يمكن لكائن مخلوق أن تكون له أي مكانة أمام الله؟ مهما علت مكانة المرء، فهي ليست بالعاقبة ولا بالغاية؛ الله لا يكلفني بإرسالية حتى أستغل سلطتي وأستمتع بمكانتي، بل لكي أتمكن من أداء واجبي، ويجب أن أبذل كل ما بوسعي. يجب أن يكون لدي موقف خضوع تجاه سيادة الله وترتيبات بيت الله. رغم أنَّ الخضوع قد يكون صعبًا، يجب أن أخضع؛ فالله محق في كل ما يفعله، وحتى لو افترضنا أن لدي آلاف الأعذار، بل عشرات الآلاف، فلن يكون أي منها هو الحق. الخضوع لله هو الحق!" هذه تعبيرات دقيقة عن الرغبة في التغيير. وإذا امتلك الشخص كل هذه الصفات، فكيف سيقيِّم الله مثل هذا الشخص؟ سيقول الله إن هذا شخص ذو ضمير وعقل. هل هذا التقييم مرتفع؟ إنه ليس مرتفعًا جدًا؛ فامتلاك الضمير والعقل وحده لا يرقى إلى معايير التكميل من قِبل الله، لكن بالنسبة لهذا النوع من الأشخاص، فهو بالفعل ليس إنجازًا صغيرًا. القدرة على الخضوع أمر ثمين. بعد ذلك، فإنَّ كيفية سعي الشخص إلى تغيير وجهة نظر الله عنه تعتمد على الطريق الذي يختاره. إن لم يكن قد تاب حقًا، وهو غير مخلص في واجبه ولا مبالٍ دائمًا لأنه لا يملك أي مكانة، فقد انتهى أمره تمامًا؛ سوف يُستبعد. إذا كان لا يزال يضمر المظالم، ويتذمر: "خلال فترة قيادتي عانيت كثيرًا، وحتى لو لم تكن توجد مزايا، فقد بذلت جهدًا شاقًا. يقولون إنني لم أقم بعمل حقيقي، لكنني فعلت الكثير. بغض النظر عما إذا حققت أي نتائج أم لا، فعلى الأقل لم أكن عاطلًا. لمجرد أنني لم أكن عاطلًا، لا ينبغي أن يستبعدني الله بهذه السهولة". حتى من دون مكانة، لم أزل أُجبَر على فعل هذا وذاك؛ أليس هذا تلاعبًا بي؟"؛ إذا لم يبقَ لديه أي حماس لأداء أي واجب بعد استبداله، فهل يوجد أي ولاء أو خضوع هنا؟ لا يوجد لديه ولاء، ولا خضوع، ولا رغبة في التغيير؛ ليس لديه أيًا من هذه الصفات. أليس هذا مؤسفًا؟ إنّه مؤسف للغاية؛ لقد آمن هذه السنوات كلها سُدى. لقد استمع إلى العظات لسنوات عديدة، لكنه لم يمارس أي حق، وظل يحاضر الآخرين دائمًا بالكلمات والمفاهيم، دون أن يكون هو نفسه قادرًا على فعل أي شيء – هكذا كان إيمانه بالله؛ وعظ الآخرين بالكثير من التعاليم، لكنه في النهاية لا يستطيع حتى علاج مشاكله الخاصة. إنه أمر مثير للشفقة! وما يزال يتمنى أن ينال دينونة الله وتوبيخه؟ بعد استبداله، لا يزال يصارع الله ويعاني من العذاب، دون إظهار أي خضوع على الإطلاق. أليست هذه محض معاناة عمياء؟ معاناتك لا قيمة لها! إذا وضعنا جانبًا كل شيء آخر، ونظرنا فحسب إلى حقيقة أنك أصبحت غاضبًا وعدوانيًا عندما عزلتك الكنيسة من منصبك، فبناءً على هذا وحده أنت لا تستحق أن تكون إنسانًا، ولا تستحق أن تكون كائنًا مخلوقًا لله. فما الذي تجادل من أجله إذن؟ مهما تكن الحجج التي لديك فهي بلا فائدة. لقد آمنت لسنوات عديدة، ورغم ذلك تفتقر حتى إلى هذا القدر الضئيل من الخضوع؛ أين ثمار إيمانك على مر السنين؟ إنه لأمر مؤسف وبغيض ومثير للاشمئزاز! لقد أُعطيت مكانة وتعاملت معها على أنها منصب رسمي؛ هل حصولك على المكانة يعني أن شخصيتك قد تغيرت؟ أليس هذا نعمة الله فحسب؟ لقد أنعم الله عليك بهذه الإرسالية، لكنك تعاملت معها على أنها منصب رسمي؛ أليس هذا مثيرًا للاشمئزاز؟ هل يوجد ذوو مناصب في بيت الله؟ مِن بين القديسين على مر العصور، لم يكن هناك أي واحد ذي منصب. لقد عبد الناس بولس على مدار ألفي عام، لكن لم يقل أحد قط أن بولس له أي منصب. لذا، فإن مصطلح "ذا منصب" لا ينطبق؛ فهو ليس مكافأة ولا إرسالية من الله، وعليك أن تتخلى عنه. إذا كنت تسعى باستمرار لأن تكون ذا منصب، فهل سيستحسن الله هذا؟ هل هذا سيتيح لك تحقيق الخلاص؟ بالتأكيد لا. لقد ذكرنا للتو أنَّ المرء لا بد أن تكون لديه رغبة في التغيير لكي يقبل دينونة الله وتوبيخه. هل هذا مهم؟ (نعم). من المهم للغاية أن يكون لديك مثل هذا الموقف! إذا أردت أن تقيم علاقة المخلِّص والمخلَّص بينك وبين الخالق، وأردت أن يخلِّصك الله، فعليك أن تصحِّح مقامك، وأن تتيقن من موقع الله ومكانته في قلبك. ما مقامك إذًا؟ (كائن مخلوق). من هو الكائن المخلوق؟ هو الإنسان وليس الحيوان. في جميع الأوقات، يجب أن تتذكر أنك كائن مخلوق؛ إنسان عادي، ويجب ألا تنسى مكانك الصحيح. عندما يمنحك الله بعض النعمة وبعض البركة، فإنك تغفل عن ماهيتك. عندما يشاركك الله، بتواضعه وخفائه، ببعض الكلمات من القلب ليعزيك، فهو يرفعك، لكنك تريد أن تقف على قدم المساواة مع الله، وترفع نفسك؛ أي شيء قد يفعل هذا؟ أيفعله إنسان؟ (كلا). الله لا يعترف بكائن مخلوق مثلك؛ يمكنك أن تتنحى جانبًا! إذا كان الله لا يعترف بك، فهل سيكمِّلك؟ أنت لا تلبي شروط أن يكمِّلك الله. ألم يُعبَّر عن جوهر المناقشة بوضوح بوصولنا إلى هذه المرحلة؟ وهكذا، فإن امتلاك الرغبة في عكس المسار أمر مهم للغاية؛ إنه حالة ذهنية، وفي الوقت نفسه موقف. هذا الموقف مبدأ مهم من مبادئ الممارسة التي يجب أن يتحلى بها المرء ليتلقى خلاص الله وتكميله. لا تظن نفسك عظيمًا ونبيلًا جدًا، ولا تفترض أنك على صواب تام ومعصوم. أنت لستَ عظيمًا أو مجيدًا أو صائبًا، بل أنت ضئيل وحقير وكائن مخلوق من بشرية أفسدها الشيطان. عليك أن تقبل خلاص الخالق. أنت لم تُخلَّص بالفعل، أنت لست كاملًا؛ لا بد أن يكون لديك هذا العقل.

توجد أربعة شروط لقبول توبيخ الله ودينونته: أداء الواجب على نحو مناسب بما يكفي، والتحلي بعقلية الخضوع، وأن يكون المرء صادقًا في الأساس، وامتلاك قلب تائب. تذكروا هذه الشروط الأربعة وقارنوا أنفسكم بها عندما تواجهون مواقف. إذا كان الموقف ينطوي على الخضوع، فمارسوا الخضوع. تتطلب كلمة الله من الناس أن يكون لديهم موقف خاضع؛ إذا قارنت نفسك بكلام الله ووجدت تفاوتًا كبيرًا، فماذا يجب أن تفعل؟ افعل كما يقول الله؛ اتبع كلام الله دون تحليل أو جدال. إذا حاولت أن تجادل، فسيشمئز الله منك. ماذا ستفعل إذا كان الله مشمئزًا منك؟ يوجد إجراء علاجي وحيد، وهو أن تغير مساركم فورًا. لا تجرح قلب الله بسبب مسألة تافهة ثم تستمر في جرح قلب الله وتتجاهله. البشر نكِرة؛ إذا تجاهلت الله، فلن يعود يريدك. ماذا تفعل إذا تجاهلك الله ولم يعد يريدك؟ تقول: "سأعكس مساري. لا تنبذني يا الله، لا أستطيع فعل ذلك من دونك". لكن مجرد قول هذا لا فائدة منه. لا يحتاج الله إلى كلامك المعسول؛ سينظر إلى موقفك وممارستك والطريق الذي ستسلكه بعد ذلك وإلى أدائك. لا تظن أن الله شخص عادي يمكنك أن تؤثر فيه ببضع كلمات معسولة؛ الله ليس كذلك، فهو ينظر إلى موقفك. حالما تعكس مسارك، يرى الله أنك انتقلت من كونك عنيدًا إلى خاضع، ويمكنك قبول الحق، ولم تعد تخاصم الله. لقد طرأ تغيير على عنادك، وأنت تعرف من تكون، وتعرف إلهك؛ بعد ذلك مباشرة، سيبدأ الله في تنفيذ بعض العمل عليك. يقول بعض الناس: "لم أشعر أن الله ينوي فعل أي شيء". لا تعتمد على مشاعرك. هل مشاعرك دقيقة؟ لقد قام الله بالكثير من العمل عليك، هل شعرت بأي شيء منه؟ هل شعرتَ بشيء عندما كان الله منكسر القلب؟ لم تكن تعرف أي شيء؛ ربما حتى كنت تشعر بالسعادة في مكان آخر. لذا، لا تفسر مشاعر الله بناءً على مشاعرك الخاصة، ولا تقس مشاعر الله بمشاعرك الخاصة؛ فهذا عديم الفائدة. إذا تجاهلك الله، ولم تشعر بشيء، ولم تتلق استنارة أو اعترافًا، فماذا يجب أن تفعل؟ تذكَّر شيئًا واحدًا: لا بد أن تستمر في تتميم المسؤوليات والواجبات التي يجب أن يتممها الكائن المخلوق، ولا بد أن تظل تتحدث بصدق كما ينبغي عليك. لا تعُد إلى أكاذيبك السابقة لمجرد أن الله يتجاهلك أو لم يعد يريدك، وتتحدث الآن كما كنت تتحدث في الماضي؛ إذا فعلت هذا، فقد انتهى أمرك تمامًا. هذه مخاصمة لله ومعارضة له. يجب أن تتمسك بواجبك، وتخضع مثلما يجب عليك. ما الفائدة في هذا؟ عندما يرى الله أنك عكست مسارك، سيلين قلبه، ويتراجع سخطه وغضبه عليك تدريجيًا. أليس تراجع سخط الله علامة جيدة بالنسبة إليك؟ إنه يعني أن نقطة تحوُّلك قد حانت. عندما تكف عن العيش استنادًا إلى المشاعر، وتكف عن محاولة مراقبة تعابير الله، وتتوقف عن تقديم مطالب مبالغ فيها من الله لتعرف مقامه، بل تعيش وفقًا للكلام الذي قاله الله، والواجبات ومبادئ الممارسة التي ائتمنك الله عليها، ووفقًا للطريق الذي أمرك الله بممارسته والسير فيه؛ إذا كنت تعيش وفقًا لكل هذا، وبغض النظر عن كيفية معاملة الله لك أو ما إذا كان يلتفت إليك، فإنك تستمر في فعل ما يجب عليك فعله؛ فحينئذٍ سيستحسنك الله. لماذا سوف يستحسنك الله؟ لأنه مهما يفعل الله بك، سواء كان الله يلتفت إليك أم لا، وسواء منحك النعمة أو البركات أو الإضاءة أو الاستنارة أو الرعاية أو الحماية أم لا، ومهما يكن مقدار ما تشعر به من هذا، فلا يزال بإمكانك أن تتبعه حتى النهاية. لقد تمسَّكت بالمقام الذي يجب أن يتخذه الكائن المخلوق دون أي تغيير؛ اتخذت كلام الله هدفًا لحياتك واتجاهًا لها، واتخذت كلام الله على أنَّه الحق وأعلى كلمات الحكمة في حياتك. ما جوهر مثل هذا السلوك؟ إنه إدراكك في قلبك أن الخالق هو حياتك، وأنه هو إلهك. بهذه الطريقة، يطمئن الله وتصبح شخصًا طبيعيًا يعيش في حضرة الله، شخصًا مثل هذا يمتلك الشروط الأساسية للتغيير في الشخصية. على هذا الأساس، هل يمكن اعتبار الفهم والتغييرات التي حققها الناس تغييرًا في الشخصية؟ إنها لا تزال دون المستوى المطلوب. لذا، يجب أن يكون لديك اعتراف بهوية الخالق، وأن يكون لديك أيضًا موقف مسؤول تجاه واجبك الخاص. إضافةً إلى ذلك، يجب أن يكون لديك موقف قادر على قبول الحق والخضوع له. بعد امتلاك هذه الصفات، سيبدأ الله حينذاك عمل الدينونة والتوبيخ عليك. يبدأ خلاصك من هذه النقطة. يقول بعض الناس: "إذا كنا نمتلك هذه الصفات، فهل هذا يعني أن شخصيتنا قد تغيرت بالفعل؟ بعد أن تغيرنا إلى هذا الحد، فماذا يوجد بعد لكي يدينه الله ويوبخه" ما الذي يدينه الله ويوبخه؟ إنه جوهر طبيعة الناس، أي شخصيتهم الفاسدة. إذا كان المرء يمتلك هذه الشروط الأربعة وكان قادرًا على استيفائها، فأي جانب من جوانب شخصيته الفاسدة قد تغير تمامًا؟ ولا جانب منها. لم يحدث سوى تغيير طفيف في السلوك، لكنه ليس كافيًا. لم يحدث تغيير جوهري. هذا يعني أنه قبل أن يبدأ الله عمل دينونته وتوبيخه عليك، ستكون معرفتك الذاتية سطحية وظاهرية دائمًا. لن تتطابق مع جوهرك الفاسد؛ فهي بعيدة كل البعد عنه، والفجوة كبيرة جدًا. لذا، قبل أن يبدأ الله عمله في الدينونة والتوبيخ، بغض النظر عن المدى الذي تعتقد أنك عليه من صلاح وبراءة والتزام بالقواعد، أو مدى خضوع موقفك، يجب أن تعرف شيئًا واحدًا: شخصيتك لم تبدأ في التغيير رسميًا بعد. طرقك في الممارسة وأساليبك تلك تشير إلى تغيير سلوكي فحسب، وتشكِّل الإنسانية الأساسية التي يجب أن يتحلى بها الشخص الذي سيخلِّصه الله. الصدق، والخضوع، والقدرة على عكس المسار، والإخلاص؛ هذه هي الأشياء التي يجب أن تكون موجودة في إنسانية المرء. وبالطبع يشمل هذا أيضًا الضمير والعقل؛ يجب أن يمتلك المرء هذه الصفات قبل أن ينفذ الله عمله في الدينونة والتوبيخ. حالما يمتلك شخص ما هذه الشروط الأربعة: أداء الواجب على نحو مناسب بما يكفي، وعقلية خاضعة، وكونه صادقًا في الأساس، وقلب تائب، سيبدأ الله عمله في الدينونة والتوبيخ على ذلك الشخص.

يجب أن يكون لديكم الآن مفهوم معين في ذهنكم عن كيفية تنفيذ الله تحديدًا لعمل الدينونة والتوبيخ على الناس. فيما يتعلق بالشر على سبيل المثال، غالبًا ما يمتحن الناس الله ويريدون – على نحو لا يمكن تعليله – أن يمحِّصوه، ويضمرون شكوكًا وريبة وتساؤلات حول كلام الله. إنهم يتكهنون بشأن حقيقة موقف الله تجاه الناس، ويريدون دائمًا معرفة ذلك. أليس هذا شريرًا؟ هل يعرف الناس حاليًا أيًا من حالاتهم أو سلوكياتهم تُظهر هذا النوع من الشخصية؟ الناس لا يعرفون ذلك بوضوح. خلال فترة دينونتك وتوبيخك، سيجعلك الله تنفتح وتكشف عن نفسك وحالاتك المختلفة حتى تكتسب وضوحًا بشأنها في قلبك. بالطبع، عندما تكشف عن نفسك، قد لا تشعر بالخجل الشديد؛ على أقل تقدير، سيجعلك هذا تعرف السبب في أنَّ الله يدينك ويوبخك. سترى أن كلام الله عن الدينونة واقعي وكذلك هو كشفه، وسيقنعانك تمامًا ويجعلانك ترى أنهما دقيقان بلا استثناء. بعد ذلك، سيصبح واضحًا لك أن كل هذه الأشياء موجودة في نفسك؛ فهي ليست محض سلوكيات أو كشوفات لحظية، بل هي شخصيتك ذاتها. بعد ذلك، خلال الفترة التي ينفذ فيها الله عمله في الدينونة والتوبيخ، سوف يُكشَف عنك باستمرار وتُهذَّب بسبب شخصيتك الفاسدة، مما يجعلك تعاني وتتحمل التنقية. على سبيل المثال، الارتياب في الله تعبير عن الشر. غالبًا ما يرتاب الناس في الله لكنهم لا يدركون أبدًا أن هذا أمر شرير؛ هذه المسألة لا بد من علاجها. عندما يدينك الله ويوبخك، إذا كنت ترتاب في الله، فسوف يجعلك تدرك أن هذا أمر شرير. أنت تعيش في شخصية شريرة، وتستخدم هذه الشخصية الشريرة في معاملة الله الذي تؤمن به، وفي منافسة إلهك، وفي إلقاء الريبة على إلهك؛ وسيشعر قلبك بالوجع. أنت لا تريد أن تفعل هذا، لكنك لا تستطيع منع نفسك. بما أن لديك هذه الشخصية الفاسدة، فسوف يرتِّب الله الظروف لتنقيتك، جاعلًا إياك تنبذ مفاهيمك وتصوراتك وتفكيرك المنطقي وخواطرك وأفكارك دون أن تدري. ستعاني في تلك المرحلة؛ هذه تنقية حقيقية، وإنما تُنقَّى بسبب هذه الشخصية الفاسدة. كيف تحدث التنقية؟ إذا كنت تعتقد أنها ليست شخصية فاسدة، وتعتقد أن ليس لديك مثل هذه المظاهر أو الحالات، وأنك لست من ذلك النوع من الأشخاص، وإذا كنت تشعر أن هذا الجانب من الشخصية الفاسدة لا يوجد بداخلك، فهل ستُنقَّى عندما يدينك الله؟ (كلا). عندما تعترف بأنك قد كشفت عن شخصية فاسدة، وتعرف أن الله قد أدانك، ويمكنك أن تطابق شخصيتك الفاسدة مع دينونته، لكنك لا تزال تبرر تلك الشخصية الفاسدة وتعيش فيها، غير قادر على التحرر – هكذا تحدث التنقية. أنت تعرف أن الله يكره شخصيتك الفاسدة ويبغضها، وأنت بعيد كل البعد عن تلبية متطلبات الله؛ أنت تعرف بوضوح أنك مخطئ وأن الله على حق، لكنك لا تستطيع أن تطبِّق الحق، ولا تستطيع أن تتبع طريق الله – ألمك ينشأ في تلك اللحظة. هل تشعرون الآن بمثل هذا الألم؟ (كلا). إذًا، أنتم على الأقل، لم تتحملوا تنقية فيما يتلق بشخصيتكم الفاسدة؛ إذ لا تختبرون إلا بعض الألم من تأنيبكم وتأديبكم عندما ترتكبون أخطاء أو ذنوب، لكن هذه ليست تنقية على الإطلاق. لنفترض أنكم تستطيعون الدخول في مثل هذه الحياة، وأن تنطلقوا في مثل هذا الطريق، ويقول الواحد منكم: "أنا لم أعد أعاني من العواطف أو المكانة، بل أتحمل تنقية حقًا. لقد أدركت أنني غير متوافق مع الله حقًا، وأن شخصيتي الفاسدة متأصلة بعمق، ولا يمكنني التخلص منها. فلينقِّني الله ويكشفني". عندما تعيش في مثل هذه الحالة، فأنت على طريق الخلاص. بقولي هذا الآن، قد تتوقون جميعًا إلى ذلك اليوم وتتطلعون إلى قدومه، لكنني لا أعرف كم منكم يمكن أن يكون مباركًا بما يكفي ليتمتع بمثل هذه المعاملة. هذا شيء جيد للغاية وبركة هائلة. ليس الخلاص بالأمر السهل. إذا كان الخالق يقدِّرك حقًا ويختارك ويجعلك تابعًا له، فليس ذلك إلا الخطوة الأولى للخلاص. إذا كان الخالق يقدِّرك ويقول إنك مؤهل لتلقي دينونته وتوبيخه، فليست هذه سوى الخطوة الثانية. إذا استطعت الخروج من دينونة الله وتوبيخه، والوصول إلى حالة تتغير فيها شخصيتك، وأن تصبح متوافقًا مع الخالق، متخِذًا طريق اتقاء الله والحيد عن الشر، فتلك هي العاقبة النهائية. والآن، مَن منكم سيكون مباركًا بما يكفي للوصول إلى ذلك اليوم، مَن سيكون مباركًا لتلقي مثل هذا الخلاص؟ هل يمكن تمييز هذا من مظهر المرء؟ من مستوى قدرات المرء؟ من مستوى تعليم المرء؟ (لا يمكن). هل يمكن تحديد ذلك من خلال الواجبات التي يؤديها المرء الآن؟ أو العائلة التي وُلد فيها المرء؟ لا شيء من هذه العوامل يمكن أن يكشف ذلك. يقول بعض الناس: "لقد آمنت عائلتي بالرب على مدار ثلاثة أجيال؛ لقد آمنت بينما لا أزال في رحم أمي، لذا فسوف أُخلَّص بالتأكيد". هذا كلام أحمق وجاهل للغاية؛ فالله لا ينظر إلى مثل هذه الأشياء. لقد آمن الفريسيون بالله لأجيال، فماذا قد حلَّ بهم الآن؟ إن الله لا يريدهم حتى أتباعًا له؛ لقد استُبعِدوا تمامًا؛ فلا صلة لهم بعمل الله للخلاص وليس لهم أي دور فيه.

إنَّ قبول المرء لدينونة الله وتوبيخه من عدمه يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالقضية الرئيسية المتمثلة في تغيير الشخصية. رغم ذلك، عادةً ما تكون لدى الناس العديد من المفاهيم بشأن دينونة الله وتوبيخه. من الضروري عقد الشركة عن الحق مرارًا وتكرارًا وفقًا لكلام الله لعلاج هذه القضايا. هذا أمر في غاية الأهمية. لماذا يدين الله الناس ويوبخهم؟ إلى أي مدى أصبحت البشرية فاسدة؟ ما القضايا التي تهدف الدينونة والتوبيخ إلى علاجها؟ وما العواقب التي تحققها؟ ما المعايير التي يطلبها الله من الناس؟ إذا لم تُفهم هذه الحقائق، فليس من السهل على المرء أن يقبل الدينونة والتوبيخ؛ سيكون من السهل أن تتولد لديه مفاهيم عن الله، إضافة إلى التمرد والمقاومة، وقد يصل به الأمر إلى التجديف على الله والعداء تجاهه. كيف يخلِّص الله الناس؟ مَن يستطيع أن يقبل دينونة الله وتوبيخه؟ من يستطيع أن يسلك طريق السعي إلى الحق والتكميل؟ مَن الذي سيستبعده عمل الله في الأيام الأخيرة؟ إذا عُقدت شركة واضحة عن هذه الحقائق، ألن تُعالج مفاهيم الناس عن الدينونة والتوبيخ؟ على أقل تقدير، ستُعالج بشكل أساسي، وأي قضايا متبقية لا يمكن علاجها إلا من خلال اختبار المرء نفسه؛ إذ ستُحل طبيعيًا عندما يُفهم الحق. يقول بعض الناس: "لقد غُفرت خطايانا، فلماذا ما نزال بحاجة إلى اختبار الدينونة والتوبيخ؟" إن مغفرة الخطايا نعمة من الله؛ فهي تؤهل الناس لأن يأتوا أمام الله. رغم ذلك، تهدف الدينونة والتوبيخ إلى خلاص الناس تمامًا من الخطية ومن تأثير الشيطان؛ فالاثنان لا يتعارضان. في عصر النعمة، يفدي الله الناس ويغفر خطاياهم؛ وفي عصر الملكوت، يدين الله الناس ويطهِّر شخصيتهم الفاسدة. هاتان مرحلتان من عمل الله. دائمًا ما يكون لدى العديد من الأفراد السخفاء في الدين مفاهيم عن الدينونة والتوبيخ؛ فهم يتمسكون بشدة بعبارة "التبرير بالإيمان بمجرد غفران الخطايا"، ويرفضون تمامًا قبول دينونة الله وتوبيخه. هل يجب على المرء أن يجادل مثل هؤلاء الناس؟ إذا صادفتم مثل هؤلاء الناس، وإذا كان بإمكانهم قبول كلام الله والحق، فيمكنك أن تعقد معهم شركة عن الحق وتقرأ لهم كلام الله. إذا كانوا يرفضون تمامًا قبول الحق، فلا داعي لأن تتعب نفسك معهم؛ فهم ليسوا المُستهدفين مطلقًا بخلاص الله. لا يخلص الله إلا أولئك الذين يستطيعون قبول كلامه والحق؛ أما أولئك الذين لا يستطيعون مطلقًا قبول كلام الله والحق فلن يخلصهم الله إطلاقًا. أولئك الذين يستطيعون قبول الحق يمكنهم أن يعالجوا مفاهيمهم بسهولة مهما قد يبلغ عددها؛ كل ما يحتاجون إليه هو قراءة المزيد من كلام الله وطلب الحق أكثر. الناس الذين يمكنهم قبول الحق هم ذوو الإنسانية وذوو الضمير والعقل. قبل أن يقبل الناس دينونة الله وتوبيخه، ستنشأ لديهم العديد من المفاهيم والعديد من الأفكار الخاطئة، إضافةً إلى بعض الحالات السلبية. الحالة السلبية الأكثر شيوعًا هي: "لقد بذلت نفسي لله وأديت واجباتي؛ ينبغي أن يحميني الله ويباركني في كل شيء. لماذا حلَّت بي المصائب؟" هذه هي الحالة الأكثر شيوعًا. يوجد نوع آخر من الحالات أيضًا: عندما يرى المرء آخرين يعيشون في ظروف طيبة ويستمتعون بحياتهم، بينما يجد نفسه يعيش في ضيق وفقر، فإنه يشكو من أن الله غير بار؛ بل يمكن حتى أن يرى آخرين يحققون نتائج أفضل في أداء واجبهم فيصبح حاسدًا وسلبيًا. يكون سلبيًا أيضًا إذا كانت عائلات الآخرين متآلفة ومتحدة، أو إذا كان الآخرون لديهم مستوى قدرات أعلى مما لديه، أو إذا كان أداء واجبه متعبًا، أو إذا لم يسر شيء ما كما يتمنى. باختصار، يصبح سلبيًا تحت أي ظروف لا تتماشى مع مفاهيمه وتصوراته. إذا كان هذا الشخص لديه شيء من مستوى القدرات ويمكنه قبول الحق، فيجب مساعدته. ما دام يفهم الحق، فيمكن علاج مشكلة سلبيته بسهولة. أما إذا لم يطلب الحق وظل سلبيًا، ويضمر دائمًا تصورات عن الله، فإن الله سينحِّيه جانبًا ولن يعيره اهتمامًا، لأن الروح القدس لا يعمل عملًا لا طائل منه. فمثل هؤلاء الناس عنيدون للغاية، ولا يقبلون الحق، ولديهم دائمًا تصورات عن الله، ولديهم دائمًا مطالبهم الخاصة؛ هذا افتقار شديد إلى الإدراك وهو يجعلهم لا يتأثرون بالعقل إلى حد ما. هم يستطيعون فهم الحق لكنهم لا يقبلونه. أليس هذا مثل ارتكاب الإساءات عمدًا؟ لذلك لا يعبأ الله بهم. بعض الناس يقولون: "أنا غالبًا ما أكون سلبيًا، والله يتجاهلني. هذا يعني أن الله لا يحبني!" مثل هذا القول سخيف. هل تعرف مَن الذي يحبه الله؟ هل تعرف كيف تظهر محبة الله؟ هل تعرف مَن لا يحبه الله ومَن يؤدبه الله؟ محبة الله لها مبادئ؛ فهي ليست كما يتخيلها البشر: تحمُّل الناس باستمرار وإظهار الرحمة والنعمة لهم، وتخليص الجميع صرف النظر عمَّن يكونون، والغفران للجميع بصرف النظر عن الخطايا التي يرتكبونها، وفي نهاية المطاف إدخال الجميع دون استثناء إلى ملكوت الله. أليست هذه مفاهيم الناس وتصوراتهم فحسب؟ لو كان الأمر كذلك، لما كانت ثمة حاجة لأن يؤدي الله عمل الدينونة. توجد مبادئ لكيفية تصرف الله تجاه الناس الذين غالبًا ما يكونون سلبيين. عندما يكون الناس سلبيين باستمرار، تكمن مشكلة. لقد قال الله الكثير، وعبَّر عن الكثير جدًا من الحقائق، وإذا كان الشخص يؤمن حقًا بالله، فسوف تقل لديه الأشياء السلبية بعد قراءة كلام الله وفهم الحق. إذا كان الناس سلبيين دائمًا، فمن المؤكد أنهم لا يقبلون الحق على الإطلاق، وبالتالي، بمجرد أن يواجهوا شيئًا يتعارض مع مفاهيمهم الخاصة سيصبحون سلبيين. لماذا لا يطلبون الحق في كلام الله؟ لماذا لا يقبلون الحق؟ بالتأكيد لأن لديهم مفاهيم وحالات سوء فهم عن الله، بالإضافة إلى أنهم لا يطلبون الحق أبدًا. فهل سيعيرهم الله مع ذلك أي اهتمام عندما يتعاملون مع الحق بهذه الطريقة؟ أليس أمثال هؤلاء الناس منغلقين على المنطق؟ ما موقف الله تجاه أولئك المنغلقين على المنطق؟ ينبذهم ويتجاهلهم. آمن كيفما شئت؛ فالأمر متروك لك بخصوص ما إذا كنت تؤمن أم لا؛ إذا كنت تؤمن بالحق وتطلبه بالفعل، فسوف تربح الحق، وإذا كنت لا تطلب الحق، فلن تناله. يعامل الله كل شخص بالعدل. إذا لم يكن لديك موقف قبول الحق، ولم يكن لديك موقف الخضوع، وكنت لا تسعى جاهدًا لتلبية متطلبات الله، فآمن كيفما شئت؛ وأيضًا، إذا كنت تفضل المغادرة، فيمكنك ذلك فورًا. إذا كنت لا ترغب في أداء واجبك، فإن بيت الله لن يجبرك على ذلك؛ يمكنك الذهاب أينما شئت؛ فالله لا يحث أمثال هؤلاء الناس على البقاء. هذا هو موقف الله. من الواضح أنك كائن مخلوق، لكنك لا تريد أبدًا أن تكون كائنًا مخلوقًا. أنت تريد دائمًا أن تكون رئيس الملائكة، غير راغب في الخضوع لله، وترغب دائمًا في أن تكون على قدم المساواة مع الله. إنك بهذا تقاوم لله بوقاحة، وهذا شيء يسيء إلى شخصية الله. من الواضح أنك مجرد شخص عادي، ورغم ذلك تتمنى دائمًا أن تحظى بمعاملة خاصة، وأن تكون لك مكانة وأن تكون ذا شأن، وتريد أن تكون أفضل من الآخرين في كل شيء، وأن تنال بركات عظيمة، وأن تتفوق على الجميع. هذا يدل على افتقار إلى العقل. كيف يرى الله الذين يفتقرون إلى العقل؟ كيف يقيِّمهم الله؟ مثل هؤلاء الناس لا يتأثرون بالعقل. يقول البعض: "إذا كنت تقول إنني لا أتأثر بالعقل، فلن أعمل بعد الآن!" مَن طلب منك أن تعمل؟ إن لم تكن راغبًا في العمل، فلن يجبرك الله؛ فأسرع وارحل؛ بيت الله لن يُبقيك. حتى لو كنت راغبًا في العمل، فإن بيت الله له متطلبات. إذا كان عملك دون المستوى المطلوب وأداؤك للواجب يجلب الكثير من المتاعب لبيت الله، ويضر أكثر مما ينفع، فإن بيت الله سيستبعدك بالتأكيد؛ حتى لو كنت راغبًا في العمل، فإن بيت الله لن يرغب فيك. إذا كان الناس راغبين في العمل، ويمكنهم قبول الحق وقبول التهذيب، فهم مؤهلون للبقاء في بيت الله. إذا كان بإمكانهم السعي إلى الحق، وقبول دينونة الله وتوبيخه، وكانوا قادرين على أن يُخلَّصوا ويُكمَّلوا، فهذه بركة عظيمة. لا تظن أن الله يتوسَّل إليك وأنه يحتاج إلى أن يدينك ويوبِّخك؛ فالله لن يتوسَّل إليك. الله يخلِّص الناس ويكمِّلهم بشكل انتقائي، في ظل وجود هدف محدد في ذهنه، وباستخدام مبادئ، فما كل مَن يؤمن بالله يستطيع أن ينال خلاصه؛ كثيرون مدعوون، لكن قلة هم المختارون. يجب أن تلبي العديد من معايير الله – أن تؤدي واجبك على نحو مناسب بالقدر الكافي، وأن تكون لديك عقلية خاضعة، وأن تكون صادقًا في الأساس، وأن تمتلك قلبًا تائبًا – وعندها فقط سيبدأ الله رسميًا في دينونتك وتوبيخك وتطهيرك وتكميلك. يقول البعض: "اختبار الدينونة والتوبيخ يعني المعاناة!" رغم أنه صحيح أنك ستعاني، فإنه يجب أن تكون مؤهلاً لذلك. إذا لم تكن مؤهلاً، فلست حتى ملائمًا للمعاناة! هل تظن أن عمل الله وتكميله للناس بتلك البساطة؟ أولئك الذين يرفضون قبول الدينونة والتوبيخ، أو الذين يهربون من الدينونة والتوبيخ، سيُحاسبون في النهاية على أفعالهم. بغض النظر عمَّن يكون الشخص أو عما يكون موقفه تجاه الله، إذا كان هذا الموقف لا يتوافق مع ما يطلبه الله، فإن الله لن يتدخل وسيتركه يمضي في طريقه الخاص. إنَّ كلام الله موجود؛ إذا كنت تستطيع أن تفعل ما يقوله، فافعله. إذا كنت راغبًا في فعله، فافعله. إذا كنت غير راغب في فعله أو لا تستطيع فعله، فلن يجبرك الله على ذلك. هل تظن أن الله سيتوسل إليك؟ هل تظن أن الله سيؤدبك؟ اطمئن؛ لن يفعل الله ذلك بالتأكيد. سيقول الله: "إذا كنت لا تحب قبول الحق، وإذا كنت تنفر من دينونة الله وتوبيخه، فلا بأس. لقد تمتعت بالفعل ببعض النعمة، فأسرع بالعودة إلى العالَم، أسرع بالرحيل؛ لن تكون مجبرًا. أنت لست مؤهلاً للتمتع ببركات ملكوت السموات، ولا يمكنك الحصول عليها حتى لو رغبت في ذلك". ماذا يعني أن الله لا يجبر الناس على قبول دينونته وتوبيخه؟ هذا يعني أنه إذا لم يقبل الناس دينونة الله وتوبيخه، فإن الله لن يؤدِّبهم ولن يؤنِّبهم ولن يذكِّرهم ولن يعظهم، ولن تكون ثمة استنارة أو إضاءة من الروح القدس. يبدو ظاهريًا أن هؤلاء الناس يعيشون في راحة كبيرة. إنهم لا يُؤدَّبون على أداء واجبهم بلا مبالاة، ولا على تراخيهم السلبي في العمل، ولا على إدانتهم الله من حين لآخر. حتى فيما يتعلق بسوء فهمهم لله، وشكواهم من الله، ومقاومتهم لله، فإنهم لا يشعرون بشيء في قلوبهم إلى أن يرتكبوا شرًا عظيمًا مثل سرقة التقدمات أو إساءة استخدامها؛ ورغم ذلك يظلون غير واعين. إن الأشخاص الذين يرتكبون مثل هذه الشرور العظيمة يمضون سنوات دون أن يتأملوا في ذواتهم، ودون أدنى قدر من التوبة، ودون أي توجس بالعقاب أو العاقبة التي ستواجههم. يجب أن يكون لدى الشخص الطبيعي نوع من التوجس، لكنهم لا يمتلكونه لأن الله لا يعمل عليهم على الإطلاق. إن عدم عمل الله هو نوع من المواقف. ما الذي يمثِّله؟ هل يمكنك أن تتخيل ما الذي يفكر فيه الله في قلبه؟ لقد تخلى تمامًا عن مثل هؤلاء الناس. لماذا يتخلى الله عن مثل هؤلاء الناس؟ هو يزدري مثل هؤلاء الناس؛ هم أقل أهمية من ريشة أو من نملة، ولا يستحقون الذكر، وهكذا حُسمت عاقبتهم. في يوم من الأيام، عندما يقول مثل هذا الشخص: "أريد أن أكون كائنًا مخلوقًا لله، أقبل بك ربًا يا الله"، هل سيريد الله هذا الشخص؟ لن يريده الله. يقول البعض: "أنا نادم، أنا أتراجع الآن". هل فات الأوان بالنسبة إليهم؟ لقد فات الأوان. لأن طبيعتهم هي طبيعة شيطان ولن تتغير أبدًا، لا يخلِّص الله مثل هؤلاء الناس. مهما يبلغ مدى ندمهم، ومهما يبكون على نحو مثير للشفقة، فهل يمكنهم أن يتغيروا؟ هل يمكنهم أن يتوبوا حقًا؟ قطعًا لا. لذا، سواء سعيت إلى الحق أم لا، ما دمت تؤمن بالله بصدق، فيجب أن تفهم المراسيم الإدارية لبيت الله. لا يمكنك على الإطلاق أن تخطط للحصول على تقدمات الله؛ حتى التفكير في سرقتها أو استخدامها أمر غير مقبول. بمجرد أن تُقدم على مثل هذه الأفعال، سوف تتسبب في مصيبة كبيرة، وهو ما يؤثر في عاقبتك. حالما تتحدد عاقبتك، فإنَّ استحضار ما قاله الله أو ما هي متطلبات الله، والشعور بالندم لن يكون مجديًا؛ سيكون قد فات الأوان. في الوقت الحالي، لم ينتهِ عمل الله بعد، لكن عواقب بعض الناس قد تحددت بالفعل. لم يعلن الله هذا الأمر، ولم يخبر به أحدًا. لا يزال هؤلاء الناس يظنون أنهم يبلون بلاءً حسنًا، ولا يزالون يضيعون وقتهم. حتى مع قرع الموت على بابهم، فهم غير مدركين تمامًا؛ إنهم مجموعة من الأشخاص المشوَّشين وعديمي الجدوى.

سأستأنف بحالتين أخريين. تناولت الحالة السابقة رجلًا، في حين أنَّ الشخصيتين الرئيسيتين في هاتين الحالتين هما امرأتان قائدتان. عند سماع هذا اللقب، يمكن للمرء أن يفهم على الفور أن مكانتيهما ليستا متدنيتين؛ ورغم ذلك، يمكن لذوي مثل هذه المكانة أن يرتكبوا شرورًا كبيرة. كانت إحداهما لديها تعاملات مع أخرى غير مؤمنة كانت أعمالها على وشك الانهيار بسبب عدم كفاية رأس المال. وبما أن المرأة الأولى كانت تعمل قائدةً في الكنيسة ولديها تحكم في الموارد المالية، طلبت غير المؤمنة أن تقترض منها المال. ومن دون أن تطلب الإرشاد من الأعلى، وافقت من جانبها على إقراضها مئات الآلاف من اليوانات. المال الذي يملكه الناس يمكن إقراضه، لكن مال الله تقدمة، وأي شخص يلمس تقدمة الله لا بد أن يواجه العقاب. لقد اختلست التقدمات سراً، ولم يكن المبلغ ضئيلاً. اتخذت الكنيسة إجراءً ضدها بعد اختلاسها، وألزمتها بالعمل لردِّ المال. هذه هي الطريقة التي تعاملت بها الكنيسة مع الأمر؛ كانت طريقة إنسانية. كانت قادرة على تسديد المال وبدا ظاهريًا أن موقفها لائق. هل هذا يدل على أنها غيَّرت من نفسها؟ (كلا). كانت تصرفاتها متهورة جدًا، كشخص أبله طائش، مما يدل على شخصيتها وموقفها تجاه الله. هل يمكن لشخص كهذا أن يستوعب الحق استيعابًا خالصًا؟ هل يمكن أن تكون قادرة على التصرف بعقل؟ لقد تجرأت على العبث بتقدمات الله، وتعاملت معها على أنها أموالها الخاصة. من دون تعليمات من الله حول كيفية توزيع الأموال، أو النص على أنه يجب عدم المساس بها، لم يكن لديها في قلبها مبادئ ولا حدود. اعتقدت أنها – بوصفها قائدة – لها الحق في التحكم في هذه الأموال، وتجرأت على اختلاسها. كيف تعامل الله معها بعد الاختلاس؟ لم يكن على الله حتى أن يحرك ساكنًا؛ لقد عاقبتها الكنيسة. هذه مئات الآلاف من اليوانات هي فقط التي حددت عاقبتها: لقد أقصاها الله ونبذها إلى الأبد. لمَ يفعل الله هذا؟ هذا يمثِّل سخط الله، وهو بالطبع جانب من شخصية الله أيضًا. لا يتسامح الله مع أي إساءة؛ إذا أسأت إلى شخصية الله، فقد تجاوزت الحد. هل هذا منصوص عليه في المراسيم الإدارية؟ (نعم). شعب الله المختار يعرف هذا بوضوح: اختلاس التقدمات إساءة إلى شخصية الله. عندما اختلست هذه المرأة التقدمة، هل تدخَّل الله؟ لم يتدخل الله ولم يوقفها ولم يقل لها شيئًا؛ وهو لم يمنعها عندما كانت تقوم بالفعل أو يؤنبها أو يحذرها، بل أُقرض المال بكل بساطة. كانت تشعر بالرضا التام عن نفسها قبل أن يُكشف الأمر وتتعامل الكنيسة. بدأت في البكاء والنحيب، ثم بدأت على الفور في العمل على رد المال. في الواقع، هل كان المال هو ما اهتم به الله؟ كلا؛ لم يكن ما اهتم به هو المال، بل الموقف الذي كشفته المرأة له في هذه المسألة. هذا هو ما اهتم به الله. الإساءة إلى شخصية الله بسبب المال تحديدًا – ألا يستحق هذا الموت؟ هذا يُدعى الحصول على ما تستحقه! إذا كنت سلبيًا أو ضعيفًا بعض الشيء، أو تغش أحيانًا بينما تؤدي واجبك، أو تنوب في منصب مكانة معينة وتنغمس في منافعها، فإن الله يرى ذلك كشفًا عن شخصية فاسدة. ولكن عندما يعبث المرء بتقدمات الله دون استشارته، أو يسيء استخدامها دون الحصول على إذنه، فما نوع هذه المشكلة؟ هذه سرقة للتقدمات. وما نوع الشخصية التي يشير إليها هذا؟ إنها شخصية رئيس الملائكة، شخصية الشيطان. أليست سرقة تقدمات الله خيانة؟ (إنها كذلك). ماذا فعل الشيطان فاعتبره الله خيانة؟ (طلب أن يصير إلهًا.) وبالنسبة إلى المرأة التي نتحدث عنها، فقد أرادت أن تتحكم في تقدمات الله. مَن كانت تظن نفسها؟ (ظنت أنها الله). بالضبط، رأت نفسها على أنها الله، وهذا هو ما أخطأت فيه. لهذا السبب نقول إنها أساءت إلى شخصية الله. هل طبيعة هذا الأمر خطير؟ (نعم). هل توصيفنا دقيق؟ (إنه دقيق). لم يعد لديها عاقبة. ليس لديها عاقبة، هكذا يبدو الأمر الآن. من حيث تعريف الله، ومن حيث العقوبات التي ستختبرها بعد ذلك، فهذه أمور مستقبلية. هذه هي قصة المرأة الأولى. لقد كانت متهورة حقًا، وقادرة على خداع مَن هم فوقها ومَن هم دونها، وتتصرف بتهور دون النظر إلى العواقب، حمقاء ووقحة في آن واحد. هل كان لديها أي قدر من الخضوع أو الرغبة في الطلب؟ (كلا). لقد أرادت أن تتحكم في تقدمات الله، وممتلكات الله، دون موافقة أحد ودون مناقشة الأمر أو عقد الشركة عنه مع أي شخص آخر. لقد أخذت على عاتقها التعامل مع هذا الأمر من جانب واحد، وكانت هذه هي العواقب. قد يقول البعض: "هل مجرد لمس تقدمات الله يعني أن المرء يسيء إلى شخصيته؟" هل هذا صحيح؟ كلا، فالكنيسة لديها مبادئ لتوزيع تقدمات الله، وإذا تصرفتَ وفقًا لهذه المبادئ، فلن يتدخل الله. إذا كانت لديك المبادئ بالفعل ولم تتبعها، بل أصررت على التصرف بتهور والقيام بالأمور بأسلوبك الخاص، وتولي هذه الأمور بنفسك سراً، فأنت تسيء إلى شخصية الله. هذه هي قصة المرأة الأولى.

قصة القائدة الثانية تتعلق هي أيضًا بالتقدمات. وإليكم ما حدث فيها: اشترت الكنيسة منزلًا ليكون مكانًا للعبادة، وكان يتطلب بعض التجديدات. يتضمن التجديد، التصميم وشراء المواد، وهو ما يكلف مالًا. بما أن هذا عمل بيت الله، ويتضمن تدبير الله، فالمال المُنفق بطبيعة الحال من بيت الله، وهو تقدمة الله. يُستخدم هذا المال على نحو معقول ومشروع وصحيح وفقًا لمبادئ بيت الله. في هذا الوقت، كانت هذه المرأة قائدة، وكانت مسؤولة عن هذا المشروع. اختارت رجلًا حديث العهد بالإيمان، وغير مألوف لأحد، ليأتي ويشرف على المشروع. كان هذا الرجل أشبه بغير المؤمن. ولاحقًا، تواطأت مع غير المؤمن هذا، واشترت العديد من الأغراض الثمينة وأهدرت الكثير من المال. أليس هذا اختلاسًا للمال من بيت الله؟ هذا احتيال وتبديد لتقدمات الله! لقد جنى غير المؤمن هذا مالًا كثيرًا من وراء ذلك. هل كان لهذا علاقة بالمرأة؟ (نعم). لقد سهَّلت هذا، وسمحت لغير المؤمن أن يفعل مثل هذه الأشياء. وعندما اكتشف أحدهم الأمر وأراد الإبلاغ عنه، أعاقته بشدة وهددته. لقد خانت مصالح بيت الله، وأضرت بهذه المصالح، وتسببت في خسارة كبيرة في التقدمات أيضًا. خلال هذه الفترة، هل وبَّخها الله؟ (كلا). كانت غافلة. كيف يمكن أن نعرف أنها كانت غافلة؟ توجد بعض الحقائق التي تثبت هذا؛ كان باستطاعتها أن ترى بوضوح ما كان يخطط له غير المؤمن منذ البداية، لكنها لم توقفه، بل تساهلت معه ووافقت ضمنيًا عليه، وأغدقت الأموال باستمرار. ونتيجة لذلك، تضخمت التكاليف، وكان العمل النهائي دون المستوى المطلوب. كانت ترى ذلك بوضوح لكنها استمرت في إنفاق المزيد من الأموال. هل تصرّف الله في هذه الفترة؟ لم يتصرّف الله. ما مفاهيم الناس وتصوراتهم حول هذا الأمر؟ يعتقد الناس أن الله يجب أن يكون مسؤولًا عن أمواله وكان يجب أن يوقفها. هذا مفهوم بشري، لكن الله لم يتصرف بهذه الطريقة. بعد الانتهاء من التجديد، وعند التحقيق، اكتشف بيت الله أن الكثير من التقدمات قد أُهدرت. ما الذي يجب فعله مع هذه المرأة؟ لم يفعل الله شيئًا، بل تعاملت الكنيسة معها، وبدأت امرأة أخرى بردّ المال. ماذا كانت طبيعة تصرفاتها؟ بصفتها قائدة، لم يقتصر الأمر على أنها كانت غير مسؤولة وفشلت في التحقق من نفقات التقدمات، بل تواطأت أيضًا مع شخص غريب لخداع بيت الله واختلاس تقدمات الله. هذه الحالة أشدُّ حتى من سابقتها. ما عاقبة مثل هذا الشخص في نظر الله؟ الدمار؛ سواء أكانت ستُعاقَب أم لا فهذا أمر يتعلق بالمستقبل. مثل هذه الإنسانة قد يضعها الله ذات يوم في مسكن للأرواح الشريرة والأبالسة النجسة، ويُدمَّر جسدها في هذه الحياة، وتدنِّس الأبالسة النجسة والأرواح الشريرة نفسها وتنجّسها؛ أما في الحياة الآخرة، فذلك أمر أبعد كثيرًا من أن نتحدث عنه. هذه هي العاقبة. لماذا يتعامل الله مع مثل هذه الإنسانة بهذه الطريقة؟ لأنها أساءت إلى شخصية الله. بعد أن أساءت إلى شخصية الله، هل يمكن أن يظل الله يحبها؟ لا تبقى محبة، ولا رحمة، ولا عطف محِّب، بل غضب فحسب. عندما تُذكر أفعالها، يكرهها الله ويبغضها. لماذا يبغضها إلى هذا الحد؟ لأنها ارتكبت الخطايا عن عمد رغم معرفتها بالطريق الحق. ليس الأمر فحسب أنه لم تعد لها ذبيحة خطيئة، بل يجب عليها أيضًا أن تواجه عقوبة غضب الله. لا عاقبة أو غاية أو فرصة للخلاص – ليس لديها أيًا من هذا. هذا هو معنى الإساءة إلى شخصية الله؛ هذا ما يحدث عندما يسيء المرء إلى شخصية الله.

أخبروني، هل من السهل الإساءة إلى شخصية الله؟ في الواقع، لا توجد فرص كثيرة ولا أوضاع كثيرة يمكن أن يحدث فيها ذلك. الفرص قليلة، والاحتمالات ضئيلة؛ لكن لماذا لا يزال الناس قادرين على الإساءة إلى شخصية الله رغم ندرة الفرص وقلة الاحتمالات؟ لقد آمنت كلّ من هاتين المرأتين بالله لأكثر من عشرين عامًا، واستمعتا إلى عظات لسنوات عديدة، وخدمتا طويلًا كقائدتين وعاملتين. لماذا ارتكبتا مثل هذه الأخطاء الجسيمة؟ من منظور الإنسانية، كانتا تفتقران إلى الإنسانية، والضمير، والعقلانية؛ ومن منظور إيمانهما بالله، لم يكن لديهما إيمان حقيقي، ولم يكن الله في قلبيهما. كيف ظهر غياب الله من قلبيهما؟ لم يكن لديهما إحساس بالخوف في أفعالهما، ولم يكن لديهما أساس؛ لم تفكِّرا: "ماذا سيحدث لي بعد أن أفعل هذا؟ هل ستوجد تداعيات؟ قد لا يعلم الناس بذلك، ولكن ماذا سيحدث إذا علم الله؟ يجب أن أتحمل مسؤولية هذا الأمر، لأنه يتعلق بعاقبتي". لم يفكرا في هذه الأمور؛ أليس ذلك مسبِّبًا للمتاعب؟ إذا كانا لم يفكرا في هذه الأشياء، فهل كان لديهما ضمير أو عقل؟ (كلا). وهكذا، كانتا قادرتين على الإساءة إلى شخصية الله، وقادرتين على ارتكاب مثل هذه الأخطاء الكبيرة. إذا كان المرء يمتلك تفكيرًا إنسانيًا طبيعيًا، فسيكون لديه هذه العقلية؛ عندما يطلب أحدهم اقتراض المال، سيفكر: "اقتراض المال؟ هذا مال الله. إذا أقرضت مال الله لمجرد أن أفوز بلحظة من التقدير، فماذا لو لم يتمكن المقترِض من سداده؟ كيف سأعوّض هذا المال؟ حتى لو كان بإمكاني ذلك، فأي نوع السلوك هو إقراض هذا المال؟ هل يمكن المساس بمال الله عرضًا على هذا النحو؟ لا يمكن المساس به عرضًا؛ إذا لمسته، فماذا ستكون طبيعة هذا التصرف؟". سيفكر المرء في هذه الأشياء، ولن يقرض المال بناءً على دافع مفاجئ لمجرد أن شخصًا ما طلب ذلك. إن لم يفكر المرء في هذا، أو حتى إذا فكَّر فيه لكنه لم يفكر في العواقب، فبمَ يخبرنا ذلك عن نظرته إلى الله؟ كيف يؤمن؟ إنه في الأساس لا يعترف بوجود الله، وهذا أمر مفزع! وبما أنه لا يعترف بوجود الله، فهو لا يعترف بأن الله سيحدد عاقبته، ولا يعترف بأن الله سيعاقبه، فهو لا يخاف من ذلك، ولا يؤمن بالعقاب. بشكل عام، إذا كان لدى شخص ما إيمان بنسبة خمسين إلى ستين في المائة، فإنه يتصرف بحذر ويظهر ضبط النفس. وإذا كان لديه إيمان بنسبة ثلاثين في المائة، فقد يكون منضبطًا إلى حد ما، لكن حالما تسنح الفرصة سيمضي في تنفيذها، أو إذا كانت الفرص قليلة أو غير مكتملة، فسيكون قادرًا على كبح جماح نفسه ووضع حد لنفسه بعض الشيء. لكن أولئك الذين يفتقرون إلى أي عنصر من عناصر الإيمان سوف يتجرأون على فعل كل أنواع الأشياء السيئة، ويتصرفون بتهور دون التفكير في التبعات؛ هذا يشبه تصرف الوحوش. في الظاهر، يبدو أنهم من البشر، لكن ما يفعلونه ليس ما يجب أن يفعله البشر؛ على أقل تقدير، يمكن القول إنهم وحوش، والأخطر من ذلك أنهم قد يكونون أبالسة نجسة وأرواحًا شريرة تأتي لتعرقل عمل الله وتزعجه، وهم متخصصون في تخريب عمل الله. هل تصنيف الله لمثل هؤلاء الناس دقيق؟ (أجل). إنّه دقيق تمامًا؛ لا يوجد خطأ فيما يفعله الله، كل ما يفعله الله دقيق. علاوة على ذلك، فإن أفعال الله، وتحديد الله لعواقب الناس لا يستندان إلى أداء لحظة واحدة. لقد آمنت هاتان المرأتان بالله لمدة عشرين عامًا، ومع ذلك انتهى بهما الأمر بطريقة ما إلى هذه النقطة، منهيتين عاقبتيهما بهذه الطريقة. كيف حدث هذا؟ إنه ليس شيئًا حدث بين عشية وضحاها. من منظور سعيهما في الإيمان والطريق الذي اختارتاه، لم تكونا من الأشخاص الذين يسعون إلى الحق؛ هذا جانب. الجانب الآخر هو أنهما لم تكونا مهتمين بالحق على الإطلاق. لو كان لديهما ولو قدر ضئيل من الاهتمام، لتغيرت إنسانيتهما. وماذا كان سيجلب لهما هذا التغيير في إنسانيتهما؟ كان سيعني أنهما كانتا ستتصرفان بضبط للنفس ومراعاة للحدود، وستمتلكان معيار للتقييم، وستقيسان الأمور بعقل الإنسان الطبيعي وطريقة تفكيره. إذا رأتا أن فعل شيء ما غير لائق، كانتا ستمتنعان عن فعله. لكن هاتان المرأتان لم تتبعا الحق قط؛ فقد افتقرتا حتى إلى هذا الحد وطريقة التفكير الأساسيين. لقد تجرأتا على فعل أي شيء، وكانت هذه الطبيعة بالذات هي التي قادتهما إلى هلاكهما، وحتى إلى موتهما. هذا هو السبب في أن رحلة إيمانهما بالله انتهت بمثل هذه الطريقة.

بعد سماع هاتين الحالتين، ما الخواطر التي تراودكم؟ يقول بعض الناس: "لقد اكتسبت الكثير اليوم. لقد حصلت على الحقيقة الأسمى، وهي، لا تلمسوا أشياء الله؛ لا تفكروا حتى في هذه الفكرة، لا تمسوها. إذا مسستموها، فلن يأتي من هذا أي خير". هل هذا هو الحال حقًا؟ هل هذا هو الحق؟ (كلا). ليس المهم هو ما إذا كنت تمس أشياء الله، بل ما هو موقفك تجاه الله في قلبك. إذا كنت تتقي الله وتشعر بالرهبة تجاهه، وتؤمن بوجوده حقًا، وتفكر بصدق في عاقبتك، فثمة أشياء لن تفعلها، بل إنك لن تفكر فيها حتى. لذلك لن تتعرض لهذا النوع من الغواية؛ لن يأتيك أبدًا. هل الفزع مفيد؟ الفزع عديم الفائدة. ماذا فعل الله بينما كانت هاتان المرأتان تفعلان هذه الأشياء؟ ترك الله الأمور تأخذ مجراها، واضعًا هاتين الشيطانتين – هاتين اللابشريتين اللتين لم تخافا من الله على الإطلاق – في غواية الشيطان، حتى يتسنى كشفهما وتدميرهما تمامًا. أليس هذا هو موقف الله؟ هذه هي شخصية الله البارّة، ولا ينبغي الاستخفاف بها! يستخدم الناس الوسائل البشرية في التعامل مع الآخرين وإيقاع العقوبة بهم، ويقابلون الشر بالشر. لكن الله لا يفعل ذلك؛ فلله أساسه الخاص ومبادئه وطرقه الخاصة. عندما يوقع الله العقاب على شخص ما، فإنه يفعل ذلك على نحو لا يشعر فيه الشخص بأي شيء؛ هو غير واعٍ تمامًا، لكن في نظر الله، فإن المشكلة قد حُلّت بالفعل. بعد سنوات، ستظهر المعاناة اللاحقة شيئًا فشيئًا. بعد أن جرّد الله هذا الإنسان من نعمته وبركاته واستنارته وإضاءته وكل المعاملة التي يمنحها الله للإنسان العادي، فإنه يكون مجرَّد تمامًا من إنسانيته؛ فهو في نظر الله لم يعد كائنًا مخلوقًا بل وحشًا، أصبح شيئًا آخر تمامًا. يقول الله، "فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى ٱلْأَشْرَارِ وَٱلصَّالِحِينَ". هل هؤلاء الناس صالحين أم أشرار؟ لا هذا ولا ذاك. في نظر الله، وفي سجلاته، هذا النوع من الناس قد أٌُزيل؛ لقد اختفى، هم غير بشريين. ما هو تعريف غير البشر؟ (بهائم، وحوش في ثياب بشر). ربما حتى يحسدهم البعض قائلين: "هم يعملون ويكسبون المال في الخارج، ويعيشون مع غير المؤمنين؛ فحياتهم أكثر راحة من المعاناة في الكنيسة، حيث أداء الواجب من الفجر إلى الغروب". أقول لك، إن أيام معاناتهم لم تأتِ بعد. إن كنت تحسدهم، فيمكنك أن تقتدي بهم بكل ترحاب؛ بيت الله لا يفرض قيودًا. لا تقتصر المعاناة على الآلام الجسدية من المرض؛ إذا بلغت المعاناة الداخلية للمرء حدًا معينًا، فهي لا توصف، مثل الضربات التي تصيب النفس، خاصةً عندما يتعرض المرء لعقوبة الله – هي أسوأ من الموت، وأكثر إيلامًا؛ إنها نوع من الألم النفسي الشديد. لقد انتهى الأمر بهاتين المرأتين إلى مثل هذا الموقف لأنهما أساءتا إلى شخصية الله من خلال تصرفاتهما المتهورة. في مفاهيم الناس، يبدو أنه بغض النظر عن الأخطاء التي يرتكبها الناس أو ما يفعلونه، ما داموا يستطيعون العودة أمام الله للاعتراف والتوبة، فإن الله يمكن أن يغفر لهم؛ وهذا من شأنه أن يثبت أن محبة الله واسعة، وأنه يحب البشر حقًا. هذا مفهوم بشري، وهذا يدل على أن فهم الناس لله مليء بالكثير من التصورات والكثير من الإرادة البشرية. لو كان الله محدودًا بالمفاهيم البشرية، لكانت أفعال الله بلا مبادئ، ولكان الله بلا أي شخصية؛ مثل هذا الإله غير موجود. إنه – على وجه التحديد – لأنَّ الله موجود حقًا، وحي ونابض بالحياة، وحقيقي بصورة واضحة لا يمكن إنكارها، فإن له مظاهر مختلفة. وتتجلى هذه المظاهر في مختلف أعماله ومواقفه تجاه الناس، وهي تعد دليلًا على وجوده الحقيقي. يقول البعض: " هؤلاء الناس أنفسهم لا يكونون واعين عندما يجري التعامل معهم، فكيف يمكننا أن نرى وجود الله؟". إن الحالات التي ذكرتها للتو، وحدها، تتيح للناس رؤية موقف الله وشخصيته، وتتيح للناس أيضًا رؤية مبادئ الله في فعل الأشياء والتعامل مع الناس. أليس هذا دليلًا على وجود الله الحقيقي؟ (بلى). لو لم يكن هذا الإله موجودًا، ولو كان الله محض هواء، لكان كل ما يفعله بلا مبادئ أو حدود، ولكان من غير الممكن الكشف عنه، ولكان غير محسوس وأجوف وغير مُطبَّق في حياة الناس، ولا صلة له بحياة الناس، وأفعالهم، وأي من مظاهرهم. كان سيصبح نظرية فحسب، وحجة، وكلام فارغ. إنه – على وجه التحديد – لأن هذا الإله موجود، فإن الأشياء الكثيرة التي يفعلها تتيح للناس رؤية موقفه.

الجزء الرئيس من مختلف المفاهيم والتصورات الموجودة التي لدى الناس عن عمل الله، قد نوقِش بشكل أساسي في شركتنا. ما الذي يركز عليه الجزء الرئيسي؟ إنه يتعلق بالمفاهيم والتصورات والأفكار المختلفة الموجودة لدى الناس بخصوص دينونة الله وتوبيخه، إضافةً إلى مفاهيمهم وتصوراتهم المختلفة حول ما يشكّل التغيير في الشخصية. إضافةً إلى ذلك، لدى الناس أيضًا العديد من التصورات حول المبادئ الكامنة وراء عمل دينونة الله وتوبيخه والمعايير التي يطلبها الله من الناس. بالنسبة للناس، هذه المفاهيم مشوَّشة وغير واضحة بشكل عام. إلامَ يرمز هذا الافتقار إلى الوضوح؟ إنه يعني أن الناس ما زالوا لا يفهمون الحق، ولا يفهمون الحقائق التي ينطوي عليها العمل الذي يقوم الله به عليهم. من خلال الشركة اليوم، هل لديكم الآن بشكل أساسي إطار لتعريف للدينونة والتوبيخ، وكذلك المعايير التي يطلبها الله من الناس؟ (نعم). بهذا الفهم، ماذا يجب أن تفعلوا بعد ذلك؟ أولًا، يجب أن تقِرُّوا بأن الله لديه مثل هذه المعايير. هل هذه المعايير مرنة؟ هل يمكن أن تكون أعلى مما هي عليه في واقع الأمر أو أقل؟ (كلا). لم لا؟ منذ عصر النعمة وحتى الآن، يمكننا أن نرى من أولئك الذين كمَّلهم الله أن هذه المعايير صارمة ومحددة جيدًا؛ لن يغيّرها الله أبدًا. لم يغيّرها منذ ألفي عام، ولم يغيّرها حتى الآن. كل ما في الأمر أنه سيوجد الآن عدد أكبر من الناس الذين سيُكمَّلون لأن الله قد تحدّث كثيرًا. في ذلك الوقت، كان يعمل على نطاق أصغر ولم يخبر الناس بالمزيد من الحقائق على نحو صريح. أما الآن، فقد أخبر الناس بالمزيد من الحقائق وجعلهم على دراية بالمزيد من مقاصده، وقد عبَّر الله عن كل المعايير التي يطلبها والحقائق، لكي يعرفها الناس. وفي الوقت نفسه، فإنَّ روح الله أيضًا يعمل بتناغم بين الناس بهذه الطريقة. هذان الجانبان معًا يثبتان أنَّ الله، خلال هذه الفترة، ينوي تكميل المزيد من الناس؛ مجموعة من الناس، وليس واحدًا أو اثنين فحسب. وفقًا لهذه المعلومات، هل معظمكم لديه أمل في أن يكمَّل؟ يقول البعض إنهم غير متأكدين، لكن حتى لو كنا غير متأكدين، فلنحاول؛ فالفشل أفضل من استجداء الرحمة الآن. أي نوع من السلوك هو استجداء الرحمة في هذه اللحظة؟ إنه سلوك جبان، وعديم الجدوى، وعاجز، وحقير، إنه يشين الله. يجب ألا تكونوا جبناء! لقد أُبلِغت شروط التكميل ومعاييره إلى الناس بوضوح وصراحة؛ ما يتبقى هو كيفية الممارسة وكيفية التعاون مع عمل الله. مهما يكن عدد المرات التي تفشل فيها خلال هذه الفترة، ما دمت لا تسيء إلى شخصية الله، فيجب ألا تثبط عزيمتك أو تستسلم؛ استمر في السعي إلى الأمام. يقول البعض إنهم ذوي مستوى قدرات ضعيف. ألا يعلم الله أن مستوى قدراتهم ضعيف؟ إن اعترافهم بضعف مستوى قدراتهم هو بالفعل أمر حسن في نظر الله لأن البشرية الفاسدة متغطرسة وبارّة في عينيِّ ذاتها، وقليلون جدًا هم الذين يعترفون بأن مستوى قدراتهم ضعيف. الاعتراف بهذا أمر حسن، وتعبير حسن. يتحدث البعض عن اختباراتهم، ويدركون أن إنسانيتهم ضعيفة وسيئة. لماذا لا يكون لدى الآخرين هذا الإدراك؟ إن اعترافك بضعف إنسانيتك وسوئها يدل على أنك فهمت كلام الله وربطته بنفسك؛ يثبت أن لديك إيمانًا بعمل خلاص الله، وأن لديك العزم والاستعداد لإرضاء الله؛ على أقل تقدير، كنت قادرًا على الاعتراف بهذا التصريح الصادق. مَن بين غير المؤمنين يقول الآن إنّه سيء؟ حتى عندما يكونون سيئين يزعمون أنهم صالحون، ويزعمون أن أعمالهم الشريرة هي أعمال صالحة كبرى وسلوكيات فاضلة، مشوِّهين الصواب والخطأ بصورة فجّة. لذا، مهما كانت الانتكاسات التي تصادفك، ومهما كانت الإخفاقات والعثرات، يجب أن تكون قادراً على أن ترى أنه ثمة أمل في الأمام. مَن في الأمام؟ إنّه الله! بكلام الله الذي يرشد ويقود، يمكن للناس أن يشرعوا على الطريق الصحيح.

اليوم، قُدِمَت شركة حول ثلاثة من دراسات الحالة، موضِّحةً مفاهيم الناس وتصوراتهم المختلفة عن عمل الله. هل فهمتم جميعًا ما نُقِل؟ (نعم). إن قدرتكم على الفهم تدل على أنكم تمتلكون مستوى القدرات والملكات لقبول الحق؛ ثمة أمل في أن تفهموا الحق وتحصلوا عليه. لماذا لا يمكن شرح هذه الحقائق بوضوح في ساعة أو ساعتين، أو في ساعتين أو ثلاث ساعات فقط؟ ذلك لأنه يجب تقديم الكثير من المحتوى التمهيدي من أجل الحديث عن التفاصيل التالية. من دون وضع بعض الأسس مسبقًا، لن تكونوا قادرين على مواكبة المحتوى اللاحق. لو تحدَّثت بإيجاز من دون أي محتوى تمهيدي، فسيكون من الصعب عليكم المتابعة. لذا أتحدث عن بعض الأمثلة، ثم أناقشها من المنظورين الإيجابي والسلبي كليهما لأساعدكم على الفهم والتمييز، ومعرفة ما يجري بالضبط في هذه الأمور، وكيف ينبغي للمرء أن يستوعبها استيعابًا خالصًا. إذا استطعتم تحقيق ذلك، فإن حديثي لم يذهب هباءً. من اللحظة التي تبدأ فيها في تكوين فكرة ما عن هذه الحقائق عند سماعها، إلى النقطة التي يكون لديك فيها فهم شامل، حيث تدرك من أعماق قلبك سبب قول الله هذه الأشياء، وأي جزء من شخصيتك الفاسدة تتضمنه هذه الحقائق التي يتحدث بها الله، والسبب في أنَّ الله يريد أن يخبرك بهذه الأشياء، تلزم مرحلة معينة للوصول إلى هذا المستوى من الفهم. أنت بحاجة إلى ربط هذه الحقائق بشخصيتك الفاسدة وكلامك وسلوكك وخواطرك – أي تطبيقها على وضعك الفعلي – وستفهم هذه الحقائق وتستوعبها تدريجيًا بصورة لا واعية. إن لم تقارنها بحالتك الخاصة، لكنك تدوّنها اليوم، وتراجعها وتحفظها غدًا، ثم تعلنها لمَن لم يسمعها من قبل، فقد تظن أنك حصلت عليها، لكنك في الواقع لم تحصل عليها. منذ اليوم الذي تكون فيه قادرًا على التفوه بالتعاليم، فإنَّ هذه الحقائق لا تعود حقائق بالنسبة إليك، ويصبح من الصعب عليك أن تفهم الحق، وكأن الحق قد اختفى تمامًا. حالما يتحول الحق إلى مجرد تعاليم بالنسبة إليك، يصبح من الصعب عليه أن يُحدث تأثيرات فيك. يجب أن تحوّل الحق إلى واقعك الخاص، وأن تطبق الجانب العملي من كل حق على نفسك بالتدريج عن طريق الطلب والشركة، وأخيرًا أن تفهم أي الحالات يتضمنها هذا الحق، وما يشمله من معانٍ؛ لتفهم المعاني الكامنة وراء قول الله هذا الكلام. هذه هي بداية فهم الحق. ما الذي تفهمونه الآن؟ (تعاليم). عندما يقابل الناس الحقّ لأول مرة، فإن ما يفهمونه هو نوع من التعاليم. ومع ذلك، فهم التعاليم ليس بالأمر اليسير، فهو أيضًا يتطلب مستوى معينًا من القدرات والقدرة على الاستيعاب. كما يتطلب منك أيضًا أن يكون لديك قلب هادئ ولديه تركيز، حتى تتمكن من الاستماع إلى العظات بانتباه كامل. لقد وجدتُ أن بعض الناس عندما يستمعون إلى العظات يقولون: "ما تتحدث عنه لا قيمة له، أنا لا أرغب في الاستماع. أريد أن أستمع إلى عظات، لا أن أسمع عن أحداث". إنهم يظنون أن ما أتحدث عنه هو الصواب والخطأ. ولأنهم يحملون وجهة النظر هذه، فإنهم لا يستطيعون استيعاب ما يسمعونه؛ فيصابون بالنعاس، ولا يستطيعون الفهم، ولا يستطيعون المواكبة. مثل هؤلاء الناس لا يملكون القدرة على استيعاب الحق؛ مستوى قدراتهم ناقص. بعض ممن يسمّون أنفسهم روحانيين، عندما يسمعونني أروي لهم قصصًا، لا يرغبون في الاستماع. يشربون الماء أو يتثاءبون، ويتململون دائمًا. هم يفكرون: "القصص التي ترويها تتعلق بأمور خارجية؛ إنها سطحية جدًا، لا يمكنني استيعابها. يجب أن تتحدث أكثر عن العالم الروحي؛ فهذا سيناسب ذوقي". هذا هو بالضبط موقف بعض الناس. عندما يكونون قد عملوا قادةً لسنوات عديدة، يحبون التحدث عن العظات السامية والنظريات الكبرى وكلام السماء الثالثة؛ وكلّما تحدثوا أكثر، زاد حماسهم. ولكن إذا تحدثنا عن أمور في الكنيسة، أو عن خبرات عملية، أو بالأخص عن تشريح ديناميكيات النفس البشرية، فإنهم دائمًا ما يجدون ذلك سطحيًا ومملًا. ما نوع هذه الشخصية؟ هل يملك هؤلاء الناس واقع الحق؟ هل يستطيع هؤلاء الأشخاص حل المشاكل الحقيقية في عملهم؟ هل تحبون مثل هؤلاء الأشخاص؟ تقديم الشركة عن الحق لا يمكن أن ينفصل عن الواقع. هل يمكن للأشخاص الذين لا يهتمون بالواقع أن يحبوا الحق؟ لا أعتقد ذلك، فمثل هؤلاء الناس ينفرون من الحق، وهذا أمر خطير جدًا.

8 نوفمبر2018

السابق: لا يمكن للمرء أن ينطلق في المسار الصحيح للإيمان بالله إلا من خلال معالجة مفاهيمه (2)

التالي: التبشير بالإنجيل هو الواجب الذي يلتزم جميع المؤمنين بتتميمه

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب