44. دروس مستفادة من الشراكة

لقد كنت أقوم واجبي المتمثل في تسجيل الترانيم في الكنيسة، وكانت جودة الترانيم المسجلة جيدة جدًّا، وكان الإخوة والأخوات يثنون عمومًا على عملي. وسرعان ما مرت أكثر من عشر سنوات، ولاحظتُ أن العديد من الترانيم التي كانوا يستمعون إليها كانت من تسجيلي، مما جعلني أشعر بالفخر. لاحقًا، رتّبت الكنيسة للأخ لي مينغ أن يعمل معي. كان مهتمًا جدًّا بتسجيل الترانيم وكان على دراية ببعض المهارات. في البداية، كنت متحمسًا للعمل مع لي مينغ، وكنا على وفاق. حاولت تعليمه فنيَّات التسجيل التي اكتسبتها. بعد أن تعلَّم لي مينغ بعض فنيَّات التسجيل الجديدة، اقترح أن استخدام هذه الأساليب الجديدة سيؤدي إلى نتائج أفضل، واتفق معه قادة الكنيسة أيضًا على تجربتها. فكرتُ: "لقد كنت أقوم بواجب التسجيل هذا لسنوات عديدة وأمتلك قدرًا من الفهم للفنيَّات التي تتحدث عنها. أنا نفسي وجدت الفنيَّات الجديدة صعبة إلى حد بعيد، وأنت لم تأت إلى هنا إلا من بضعة أيام وتريد تطبيق فنيات جديدة في التسجيل؟ ألستَ تتصرف بعجرفة مفرطة؟ علاوةً على ذلك، هذه الفنيات الجديدة معقدة وليست مما يمكن إتقانه بسرعة. أظن أنك تهدر وقتك فحسب". لم آخذ هذا الأمر على محمل الجد. بعد أن تخبَّط لي مينغ في استخدام الأساليب الجديدة لعدة أيام، لم تكن التسجيلات الأولية ذات جودة عالية، وشعر الإخوة والأخوات أيضًا بأن النتائج لم تكن مُرضية. حينها رأيت أن هذه الفنيات الجديدة ليست فعالة وواصلتُ استخدام الأساليب السابقة في التسجيل.

ولكن ما فاجأني أنه بعد مرور بعض الوقت، تحسّنت كثيرًا جودة الترانيم التي سجّلها لي مينغ باستخدام الفنيات الجديدة. شكّل هذا في داخلي شعورًا بأن ثمة خطر، وقلتُ لنفسي: "أساليب تسجيل لي مينغ لها مزاياها. ومع ذلك ستكون صعبة إلى حد ما في البداية، إلا أنها تعطي نتائج أفضل عند تسجيل الترانيم، ومعظم الإخوة والأخوات يوافقون عليها. إضافةً إلى ذلك، فإن مهارات لي مينغ في هذا المجال تتحسن بسرعة. إذا استمر في التدرُّب لبعض الوقت وأتقن هذه الفنيات، ألن يبدأ الجميع في تقديره والتركيز عليه؟ حينها لن يعود لي مكانة في أذهان الناس، ولن أعود قادرًا على إثبات وجودي! علاوةً على ذلك، ألن يقول الإخوة والأخوات إنني كنت أسجّل الترانيم بنفس الطريقة القديمة طوال هذه السنوات دون إحراز أي تقدم، بينما جاء لي مينغ منذ أقل من شهرين وقدم ابتكارات أدت إلى نتائج أفضل مما قدمته أنا؟ سيظنون أن لي مينغ أكفأ مني! وسينظرون إليَّ نظرة احتقار دون شك؟ ماذا سيحل بسمعتي حينها؟ لقد كنت أقوم بواجب التسجيل هذا لسنوات عديدة؛ ولا يمكنني أن أدع لي مينغ يتفوق عليَّ بهذه السرعة. لا يمكنني أن أقبل هذا. مهما يحدث، لا يمكنني أن أدعه يتفوق عليَّ". لأتجنب أن يتفوق عليَّ لي مينغ، شرعتُ في الاستيقاظ مبكرًا والسهر لوقت متأخر لدراسة الفنيات السابقة. عندما تحسنت التسجيلات واكتسبت قبول معظم الإخوة والأخوات، شعرت براحة أكبر، وقلتُ لنفسي: "لقد برهنتُ هذه المرة للإخوة والأخوات أنني لا أزال أفضل منك؛ أنت ليس جيدًا بما يكفي، لذا فلتستسلم فحسب". لكن لاحقًا، لاحظت أن لي مينغ كان لا يزال يدرس الفنيات الجديدة، وهو ما أصابني بالتوتر نوعًا ما. كنت أخشى أنه إن نجح، فسيحل محلي، ففكرتُ: "آمل ألا تحرز تقدمًا؛ إذ من الأفضل أن تفشل أبحاثك! بهذه الطريقة، سأتمكن من الحفاظ على مكاني، ولن ينظر إليّ أحد بازدراء". كنتُ دائمًا قلقًا من أن يحلّ لي مينغ مكاني، فبدأتُ أُكوِِّن في داخلي مشاعر نفور منه وتحامل عليه، وأصبحتُ أنظر إليه بشكل سلبي بدرجة متزايدة، وصار موقفي تجاهه أكثر جفاءً. أحيانًا، عندما كنتُ أرى لي مينغ يتحدث بحماس وفرح عن فنياته الجديدة، كان ذلك يجعلني أقول لنفسي بغضب: "ها هو يتصدر المشهد مرة أخرى!" لاحقًا، عندما رأيتُ أن لي مينغ يحتاج إلى مساعدة في بحثه حول الفنيات الجديدة، لم أرغب في التدخل، بل كنتُ أتمنى بشدة أن يفشل. أحيانًا، كنتُ أشعر بوخز ضمير، وأفكر: "إنني لا أتعاون معه على الإطلاق؛ ألستُ بهذا أشاهد شخصًا يكافح دون أن أمد له يد العون؟" لكن سرعان ما كانت شخصيتي الفاسدة تقمع ما تبقى من ضميري. في النهاية، ولكي أجعل لي مينغ يتخلى عن بحثه في الفنيات الجديدة، بدأتُ أختلق الأعذار، واتعمد أن أقول أشياء مثل: "عمل تسجيل الترانيم أصبح ملحًا الآن، وبحثك في الفنيات الجديدة يستهلك وقتًا طويلًا أكثر من اللازم. ربما ينبغي أن تتوقف". ومع ذلك، لم يتأثر بكلامي، واستمر في بحثه الدقيق.

ذات يوم، كشف لي مينغ عن شخصية متعجرفةً، وأصر على رأيه، فهُذِّبَ. شعرتُ بسعادة خفية، وقلت لنفسي: "أرأيت؟ هذا ما يحدث عندما تتفاخر! لم يمض على وجودك هنا سوى بضعة أيام، ولمجرد أن لديك معرفة قليلة، تظن أنك تستطيع أن تأتي وتُحدِث ضجةً، وتُظهِر مدى براعتك. الآن ستهدأ بعد أن هُذِّبتَ!" خلال تلك الفترة، أخذ شعوري بالنفور من لي مينغ يتزايد. وعندما كنا نعمل معًا على أداء واجباتنا، كنا نادرًا ما نتبادل الحديث، وإن تحدثنا، كان ذلك بداعي الضرورة فحسب. كان هناك تباعد عاطفي كبير بيننا. أدركتُ أنني عالق في شباك طلب الصيت والمكانة، لكنني لم أستطع التخلي عن ذلك. كان الاضطراب العاطفي الذي اختبرته في ذلك الوقت لا يوصف؛ كنت أشعر كل يوم بالإرهاق، وروحي كانت غير مستقرة، وكنت منهكًا بشكل خاص. بسبب افتقارنا إلى التعاون المتناغم، كان تأثير الترانيم التي سجلناها ضعيفًا، مما أثر أيضًا على تقدم عملنا. سببت لي مواجهة هذه النتائج ضيقًا كبيرًا، لكنني شعرتُ بأني عالق، ولم أكن أعرف كيف أغير الوضع. خلال تلك الفترة، كانت كلمات الله كثيرًا ما يتردد صداها في ذهني: "إذا كنت لا تعاني في الحياة من أجل الحق ولا تسعى إلى كسبه، فهل يمكن أنك تتمنى الشعور بالندم ساعة موتك؟ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تؤمن بالله؟ ... ماذا يمكنك كسبه من خلال العيش لجسدك والكدِّ من أجل الربح والشهرة؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. يجب عليك كمؤمنٍ بالله أن تعيش من أجل الحق). كنتُ أتأمل مرارًا في كلمات الله، وأفكر: "حقًا، لماذا آمنتُ بالله لسنوات عديدة؟ هل هو مجرد التنافس مع أخي من أجل الصيت والمكسب؟ ما الذي يمكنني أن أربحه في النهاية من الإيمان بالله بهذه الطريقة؟ خلال هذه الفترة، كنت أتنافس مع أخي على الصيت والكسب، وغرقت في الظلمة وفقدت عمل الروح القدس، مما أدى بي إلى الألم والعذاب. هذا هو بغض الله وكراهيته لي. ما الفائدة من القيام بواجبي بهذه الطريقة؟" صليت إلى الله، قائلًا: "يا إلهي، لقد عشت في سعي وراء الصيت والكسب، وكان ذلك في غاية الإيلام. أرجوك أن تقودني لأخرج من هذه الحالة، لكي أتمكن من العمل بانسجام مع أخي، بقلب وفكر واحد، لنتمِّم واجباتنا بشكل جيد".

لاحقًا، صادفت فقرة من كلمات الله: "لقد نهضتم جميعًا إلى ذروة الحشود؛ وصعدتم لتكونوا أسلاف الجماهير. أنتم متعسفون بصورة مفرطة؛ إذْ تندفعون مسعورين بين جميع الديدان وتبحثون عن مكان راحة، وتحاولون التهام الديدان الأصغر منكم. أنتم خبثاء وأشرار في قلوبكم بصورة تتجاوز حتى الأشباح التي غرقت في قاع البحر. أنتم تسكنون في قاع الروث، وتزعجون الديدان من القمة إلى القاع حتى تفقد السلام وتتعارك معًا لبرهة ثم تهدأ. أنتم لا تعرفون مكانكم، ومع ذلك لا تزالون تحاربون بعضكم بعضًا في الروث. ما الذي يمكنكم أن تربحوه من هذا الصراع؟ إن كانت لديكم فعلًا قلوب تتقيني، فكيف يصارع بعضكم بعضًا من وراء ظهري؟ لا يهم مدى علو مكانتك، ألا تزال دودة ضئيلة نكرة في الروث؟ هل يمكن أن تنمو لك أجنحة وتصير حمامة في السماء؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. حين تعود الأوراق المتساقطة إلى جذورها، ستندم على كل الشر الذي صنعته). بعد قراءتي لكلمات الله، اكتسبت بعض البصيرة في نفسي. كنت أعتقد سابقًا أنني كنت قد قمت بواجب تسجيل الترانيم لسنوات عديدة، حتى صرت أمتلك موهبة خاصة وأصبحت متفردًا عن غيري. كنت أُعلي من شأن نفسي، معتقدًا أن مهاراتي وقدراتي المحدودة تستحق إعجاب الآخرين، وكنت دائمًا أُقدّر نفسي وأضعها في مكانة عالية. وعندما بدأ لي مينغ في العمل معي، في البداية لم أكن أقدّره كثيرًا. لكن عندما أحرز تقدمًا في الفنيات الجديدة ونال استحسان الإخوة والأخوات، بدأتُ أقلق من أنه قد يتفوق عليّ في المستقبل. لكي أحافظ على مكانتي في أذهان الإخوة والأخوات، بدأت أنظر إلى لي مينغ على أنه منافس لي وتنافست معه في الخفاء. وعلى الرغم من معرفتي بأن إمكانية تحسين فنيات التسجيل القديمة التي كنت أستخدمها كانت محدودة، لم أكن على استعداد لأن أحرر نفسي واتعلم الفنيات الجديدة. لاحقًا، عندما رأيت أن لي مينغ كان يزداد براعةً في استخدام الفنيات الجديدة، وأن بعض الإخوة والأخوات وافقوا أيضًا على استخدامها، شعرتُ بالتهديد من أنني قد أُستبدل وبدأت أنظر إليه نظرةً سلبيةً من كل النواحي، وكنتُ أتمنى بشدة أن يفشل في بحثه. وعندما هُذِّبَ، سرَّني ذلك، وتلذذت بمصيبته. وأيضًا، متى ما واجه صعوبات، لم أكن أمد له يد العون، وحتى أنني حاولت كبت إيجابيته تجاه بحثه من خلال إبداء تعليقات ساخرة، آملًا أن يتخلى عنه، حتى أحافظ على موقعي. كنتُ منشغلًا بالتنافس على الشهرة والمكتسبات، كل ما كان يشغلني هو الحفاظ على مكانتي وألا أُستبدل. لكن في الحقيقة، مهما يمتلك الشخص من مواهب خاصة، أو مهما عظمت قدرته، فهو في نظر الله مجرد كائن مخلوق صغير، ولا يملك ما يدعوه للفخر أو التكبر. ومع ذلك، فقد أصبحتُ مغرورًا ببعض المهارات البسيطة التي أمتلكها، وظننتُ أنني مختلف عن الآخرين، وكنت دائمًا ما أطلب مكانة في قلوب الناس لأتمتع بإعجابهم. كم كنتُ متغطرسًا وغير مُتعقِّل!

لاحقًا، قرأت فقرة أخرى من كلمات الله: "يا لقساوة الجنس البشري! جنس متواطئ ومخادع، ومتصادم بعضه مع بعض، جنس زاحف نحو السُلطة والثروة والتناحر – فمتى ينتهي هذا في يوم من الأيام؟ لقد نطق الله بمئات الآلاف من الكلمات، لكن أحدًا لم يعد إلى رشده. إنهم يتصرفون من أجل عائلاتهم وأبنائهم وبناتهم ووظائفهم وطموحاتهم ومكانتهم وإرضاءً لغرورهم وجمعًا للأموال ومن أجل الثياب والطعام والجسد. لكن هل يوجد أحد تكون أعماله حقًّا من أجل الله؟ حتى أولئك الذين يعملون من أجل الله، هناك عدد قليل من بينهم مَنْ يعرفون الله؛ فكم من الناس مَنْ لا يعملون من أجل مصالحهم الشخصية؟ وكم من الناس لا يظلمون الناس ولا يميِّزون بينهم، من أجل حماية مركزهم؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ينبغي أن يُعاقَب الشرير). اخترقت كلمات الله قلبي كسيفٍ حاد. في كلمات دينونته وتوبيخه، رأيت كيف أنني، من أجل حماية مكانتي، قد أهملتُ مصالح الكنيسة، وقمعت لي مينغ وأقصيته، وشاركت في مكائد ومنافسة على الصيت والكسب، بدون أن يكون لله مكان في قلبي. عندما تأملت في الوقت الذي وصل فيه لي مينغ للتو، كنت لا أزال قادرًا على مساعدته بمحبة والتوافق معه بانسجام. لكن بعد ذلك، عندما رأيتُه يعمل على فنيات التسجيل الجديدة، خشيت من أن يتفوق عليّ، وأن أفقد المكانة التي كنت قد اكتسبتها في قلوب الإخوة والأخوات على مر السنين. جعلني هذا أحقد عليه وأقصيه، وأتمنى بشدة أن يفشل في بحثه. كنتُ أيضًا أتجنّب الحديث معه، بل وأحاول بكل الطرق أن أعرقله، وأن أثبِّط حماسه. لقد كانت طبيعتي حقودة بحق! إنَّ تسجيل الترانيم يبني حياة الإخوة والأخوات إلى حدٍّ كبير. وهو مهم في نشر الإنجيل وتقديم الشهادة لله. كانت فنيات التسجيل القديمة التي كنت أستخدمها قد أصبحت بالية، وقد يؤدي استخدام الفنيات الجديدة نتائج أفضل في تسجيل الترانيم، ما يعود بالنفع على عمل الإنجيل. وبما أنني لم أكن قد وجدت حلًا أفضل، فقد كان ينبغي أن أتعاون بانسجام مع لي مينغ في البحث في الفنيات الجديدة، بقلب وفكر واحد. لكنني لم أراعِ مصالح بيت الله، بل وقوَّضتُ هذا العمل الجوهري لكي أحمي سمعتي ومكانتي. وهذا أظهر أنني لم أكن أملك ذرة من الإنسانية، ولا ذرة من الضمير أو العقل؛ لقد كنتُ أنانيًا إلى أبعد الحدود! من خلال التنافس المستمر، والتدابير الماكرة التي استخدمتها ضد لي مينغ، تسببتُ في اضطراب لعمل تسجيل الترانيم، بعدما أعماني سعيي وراء الشهرة والكسب والمكانة، وأقدمتُ على أشياء قاومت لله. لقد حوّلتُ مكان القيام بواجبي إلى ساحة معركة، وحوّلت الواجب نفسه إلى أداة لتأمين مكانتي ومعاشي. كان هذا محل كراهية وبغض من الله! فكرتُ في بولس، الذي كان هو الآخر يتنافس على الشهرة والمكسب. فعندما ائتمن الله بطرس على مسؤولية رعاية الكنائس، وكان الإخوة والأخوات يحترمون بطرس ويدعمونه بشدة، شعر بولس بالغيرة، فقام عمدًا بالاستهانة ببطرس والشهادة لنفسه، واكتسب بولس عبادة الناس وإعجابهم، إذ حقق رغبته في الشهرة والمكانة، لكنه سلك طريقًا خطأً، وقاد الناس إلى نفسه، واستبعده الله في النهاية وعاقبه. إن منظوري في السعي والطريق الذي كنتُ أسلكه كانا نفس منظور وطريق بولس، وإذا استمررت على هذا النحو دون توبة، فسأواجه أنا أيضًا العقاب نفسه! إن ظللت متشبثًا بشدة بالسمعة والمكانة، فسيكون ذلك تصرفًا أحمقًا ويُرثى له تمامًا!

لاحقًا، قرأت المزيد من كلمات الله: "منذ بداية عمل الله في الكون كله، سبق وعيّن منذ الأزل العديد من الناس لخدمته، بما في ذلك أناسًا من كل مناحي الحياة، وتَمثل هدفه في تحقيق مشيئته وإتمام عمله على الأرض بسلاسة، وهذا هو غرض الله من اختيار الناس لخدمته، وعلى كل مَنْ يخدم الله أن يدرك مشيئته. يسهم عمله هذا في جعل حكمة الله وقدرته الكلية، ومبادئ عمله على الأرض، أكثر وضوحًا للناس" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. يجب تطهير الخدمة الدينية). من خلال كلمات الله، فهمت أن الله يختار أناسًا من مختلف الطبقات لنشر عمل إنجيله، وأن المواهب والقدرات التي يملكها الإنسان هي من الله. فالله هو من يُعين الناس لأداء واجبات معينة، ويمنحهم المواهب الموافقة، حتى يتمكنوا من استخدام تخصصاتهم بفعالية في القيام بواجباتهم، ما يعود بالنفع على عمل بيت الله. كان لي مينغ يتمتع بموهبة في البحث عن فنيات جديدة، بينما كنت أمتلك بعض الخبرة الفنية. كان من سيادة الله وترتيبه أن نتمكن من القيام بواجباتنا معًا، وقد أرادنا أن يُكمِّل أحدنا الآخر في نقاط القوة والضعف، وأن نتعاون بانسجام لنُتمم أواجباتنا بشكل جيد. كان هذا مقصد الله. وبعد أن أدركتُ ذلك، لم أعد أرغب في العيش في شخصيتي الفاسدة. ومع تحسن مهارات لي مينغ، لاحظت أن نتائج استخدام تقنيات التسجيل الجديدة كانت تتحسن بشكل متزايد، واعترفتُ بأن انتهاج هذه الأساليب الجديدة أكثر نفعًا لعمل بيت الله. وأصبحتُ مستعدًا أن أنحي كبريائي جانبًا وأتعلّم من لي مينغ. لكنني أيضًا فكرت: "لقد كنتُ أقوم بهذا الواجب لسنوات، والإخوة والأخوات يقدِّرونني كثيرًا. لكن لي مينغ، الذي وصل حديثًا، أحرز نجاحات في التقنية. وإذا تواضعتُ الآن وتعلّمتُ منه، فماذا سيكون ظن الإخوة والأخوات بي؟ سيكون الأمر محرجًا جدًا!" هذا التفكير جعلني أشعر بتوتر شديد، ووجدت صعوبة في التخلي عن كبريائي، وأدركتُ أنني كنتُ متعلّقًا بمكانتي بشدة. عندما تأملت في مجيء المسيح إلى الأرض بتواضع وخفاء، ولم يرفع من شأن نفسه بسبب مكانته، ولم يتفاخر قط، أدركت أن ما لديَّ من مهارة وإنجازات محدودة قد جعلني شديد الافتخار بنفسي، وأطلب إعجاب الآخرين، لم تكن لديّ أي معرفة بنفسي، وكنتُ متعجرفًا للغاية. إن المهارات والمواهب التي أمتلكها هي عطايا من الله، ولا يوجد ما يدعوني إلى الافتخار بها. وإذا لم أكن مستعدًا لأن أتواضع وأتعلّم من أخي، فلن أحقق أي تقدم فني أيضًا. لذا، صليتُ إلى الله: "يا الله، إنني على استعداد لأن أنحي كبريائي ومكانتي جانبًا لأتعلم من لي مينغ. رجاءً امنحني القوة لأكون منفتحًا وأتعاون بانسجام مع أخي".

وفي أحد الأيام، كنا أنا ولي مينغ وحدنا في استوديو التسجيل، وبادرت إلى مشاركة حالتي معه بصراحة. وتحدثتُ عن كيف كنتُ أتنافس معه من أجل الصيت والكسب. كما شارك لي مينغ حالته هو الآخر معي. وبعد أن تحدثنا، اختفى الحاجز الذي كان في قلبي، وشعرتُ بارتياح أكبر بكثير، كما لو أن جدارًا كان يفصل بيننا قد انهار. وقرأتُ أيضًا فقرتين من كلمات الله، وقد منحاني إرشادًا عمليًا حول كيفية التعاون بانسجام في القيام بواجباتنا في المستقبل. يقول الله القدير: "سواء كنت أخًا أو أختًا أصغر سنًا أو أكبر، فأنت تعرف الوظيفة التي يجب أن تؤديها. أولئك الذين هم في سن الشباب ليسوا متغطرسين، وأولئك الأكبر سنًا ليسوا سلبيين ولا يتراجعون. وعلاوة على ذلك، هم قادرون على استخدام نقاط القوة لدى البعض الآخر للتعويض عن نقاط ضعفهم، وقادرون على خدمة بعضهم بعضًا دون أي تحيز، وبالتالي يتم بناء جسر الصداقة بين الإخوة والأخوات الأصغر والأكبر سنًا. وبفضل محبة الله، فأنتم قادرون على فهم بعضكم بعضًا بشكل أفضل؛ فلا يحتقر الإخوة والأخوات الأصغر سنًا الإخوة والأخوات الأكبر سنًا، ولا يشعر الإخوة والأخوات الأكبر سنًا بالبر الذاتي. أليست هذه شراكة متناغمة؟ إذا كانت لديكم جميعًا عزيمة كهذه، فإن إرادة الله ستتحقق بالتأكيد في جيلكم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عن أداء كل شخص لوظيفته). "لا بُدَّ لكم من تحقيق تعاون متناغم من أجل عمل الله، ومن أجل مصلحة الكنيسة، وحتى تحفزوا إخوتكم وأخواتكم من الآن فصاعدًا. يجب أن يتعاون كل منكم مع الآخر، حيث يعدِّل كل منكم الآخر وتصلوا إلى نتيجة عمل أفضل، وذلك للاهتمام بإرادة الله. هذا هو معنى التعاون الحقيقي، ووحدهم أولئك الذين يشاركون فيه سيحصلون على دخول حقيقي" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اخدموا كما خدم بنو إسرائيل). مقصد الله هو ألا يتكل من هم أكبر سنًا على برّهم الذاتي أو يتمسّكوا بأمور بالية، وألا يتعجرف من هم أصغر سنًا. بل ينبغي أن يعملوا معًا بانسجام ليتمِّموا واجباتهم بشكل جيد. فعلى الرغم من أنني كنتُ أقوم بهذا الواجب منذ فترة طويلة، لم أكن قد أُحرزت تقدمًا يُذكر في تكنولوجيا التسجيل. أما لي مينغ، فكان مهتمًا بالبحث في التكنولوجيا الجديدة، وكان قد حقق بالفعل بعض الإنجازات. وكان يمتلك مهارات تنقصني، لذا، فإن تعاوني معه قد يُعوض نقائصي ويعود بالنفع على واجباتنا. يجب أن أتواضع وأتعلّم منه الفنيات الجديدة، ونعمل معًا لنتمِّم واجباتنا بشكل جيد. بعد ذلك، بدأتُ أتعلم وأبحث في التكنولوجيا الجديدة مع لي مينغ. وبفضل إرشاد الله، صار تفكيرنا أوضح في أثناء دراستنا للمهارات، وتمكّنا بسرعة من حل بعض المشكلات التي كانت صعبة في السابق.

خلال فترة الاختبار هذه، شعرت بعمق أن العيش من أجل الشهرة والمكانة كان شديد الإيلام، إذ كان ذلك يقودني إلى ظلمة قلبي ومعاناة لا توصف، بلا أي مخرج. رأيتُ مدى عمق إفساد الشيطان لي، برغبة قوية في المكانة، وكنت متعجرفًا للغاية. وفي الوقت ذاته، اختبرت أيضًا أن شخصية الله بارة وقدوسة ولا يمكن الإساءة إليها، كما قال الله: "أظهر للملكوت المقدس، وأحجب نفسي عن أرض الدنس" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل التاسع والعشرون). عندما كنت أعيش في الشخصية الفاسدة التي تسعى وراء الشهرة والمكسب، أبغضني الله وحجب نفسه عني، وكنتُ أعيش في ظلمة، وأنا أتألم بشدة في نفسي. ولكن، عندما قبلتُ دينونة كلمات الله وتوبيخها، وأصبحتُ مستعدًا لأن أنحي تكبري ومكانتي جانبًا لأتعاون مع لي مينغ، رأيتُ عمل الروح القدس وإرشاده. فكلمات الله منحتني الانعتاق والحرية. وشعرتُ من أعماق قلبي بمدى روعة ممارسة الحق والعيش بحسب كلمات الله!

السابق: 40. اختبار الإعفاء

التالي: 49. نوع مختلف من البركة

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

39. رحبت بعودة الرب

بقلم تشوانيانغ – الولايات المتحدةتركني شتاء 2010 في الولايات المتحدة أشعر بالبرد الشديد. كان الأسوأ من برودة الرياح والثلوج القارسة، أن...

12. كشف لغز الثالوث

بقلم جينغمو– ماليزيالقد كنت محظوظة في عام 1997 لقبولي إنجيل الرب يسوع، وعندما تعمدت، صلى القس وعمّدني باسم الثالوث – الآب والابن والروح...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب