مع أن الشيطان يُظهر الإنسانية والعدل والفضيلة، فإن جوهر الشيطان قاس وشرير
الشيطان يكتسب شهرته من خلال تضليل الناس، وغالبًا ما يقيم نفسه كطليعة ونموذج يحتذى به للعدل. وهو – تحت المظاهر الكاذبة للحفاظ على العدل –...
نرحّب بكل الساعين المشتاقين إلى ظهور الله!
أولًا، دعونا نلقي نظرة على عدة فقرات من الكتاب المقدس والتي تصف تدمير الله لسدوم.
(التكوين 19: 1-11) "فَجَاءَ ٱلْمَلَاكَانِ إِلَى سَدُومَ مَسَاءً، وَكَانَ لُوطٌ جَالِسًا فِي بَابِ سَدُومَ. فَلَمَّا رَآهُمَا لُوطٌ قَامَ لِٱسْتِقْبَالِهِمَا، وَسَجَدَ بِوَجْهِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ. وَقَالَ: "يَا سَيِّدَيَّ، مِيلَا إِلَى بَيْتِ عَبْدِكُمَا وَبِيتَا وَٱغْسِلَا أَرْجُلَكُمَا، ثُمَّ تُبَكِّرَانِ وَتَذْهَبَانِ فِي طَرِيقِكُمَا". فَقَالَا: "لَا، بَلْ فِي ٱلسَّاحَةِ نَبِيتُ". فَأَلَحَّ عَلَيْهِمَا جِدًّا، فَمَالَا إِلَيْهِ وَدَخَلَا بَيْتَهُ، فَصَنَعَ لَهُمَا ضِيَافَةً وَخَبَزَ فَطِيرًا فَأَكَلَا. وَقَبْلَمَا ٱضْطَجَعَا أَحَاطَ بِٱلْبَيْتِ رِجَالُ ٱلْمَدِينَةِ، رِجَالُ سَدُومَ، مِنَ ٱلْحَدَثِ إِلَى ٱلشَّيْخِ، كُلُّ ٱلشَّعْبِ مِنْ أَقْصَاهَا. فَنَادَوْا لُوطًا وَقَالُوا لَهُ: "أَيْنَ ٱلرَّجُلَانِ ٱللَّذَانِ دَخَلَا إِلَيْكَ ٱللَّيْلَةَ؟ أَخْرِجْهُمَا إِلَيْنَا لِنَعْرِفَهُمَا". فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ لُوطٌ إِلَى ٱلْبَابِ وَأَغْلَقَ ٱلْبَابَ وَرَاءَهُ وَقَالَ: "لَا تَفْعَلُوا شَرًّا يَا إِخْوَتِي. هُوَذَا لِي ٱبْنَتَانِ لَمْ تَعْرِفَا رَجُلًا. أُخْرِجُهُمَا إِلَيْكُمْ فَٱفْعَلُوا بِهِمَا كَمَا يَحْسُنُ فِي عُيُونِكُمْ. وَأَمَّا هَذَانِ ٱلرَّجُلَانِ فَلَا تَفْعَلُوا بِهِمَا شَيْئًا، لِأَنَّهُمَا قَدْ دَخَلَا تَحْتَ ظِلِّ سَقْفِي". فَقَالُوا: "ٱبْعُدْ إِلَى هُنَاكَ". ثُمَّ قَالُوا: "جَاءَ هَذَا ٱلْإِنْسَانُ لِيَتَغَرَّبَ، وَهُوَ يَحْكُمُ حُكْمًا. ٱلْآنَ نَفْعَلُ بِكَ شَرًّا أَكْثَرَ مِنْهُمَا". فَأَلَحُّوا عَلَى ٱلْرَّجُلِ لُوطٍ جِدًّا وَتَقَدَّمُوا لِيُكَسِّرُوا ٱلْبَابَ، فَمَدَّ ٱلرَّجُلَانِ أَيْدِيَهُمَا وَأَدْخَلَا لُوطًا إِلَيْهِمَا إِلَى ٱلْبَيْتِ وَأَغْلَقَا ٱلْبَابَ. وَأَمَّا ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ عَلَى بَابِ ٱلْبَيْتِ فَضَرَبَاهُمْ بِٱلْعَمَى، مِنَ ٱلصَّغِيرِ إِلَى ٱلْكَبِيرِ، فَعَجِزُوا عَنْ أَنْ يَجِدُوا ٱلْبَابَ".
(التكوين 19: 24-25) "فَأَمْطَرَ يَهْوَه عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ يَهْوَه مِنَ ٱلسَّمَاءِ. وَقَلَبَ تِلْكَ ٱلْمُدُنَ، وَكُلَّ ٱلدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ ٱلْمُدُنِ، وَنَبَاتِ ٱلْأَرْضِ".
من هذه النصوص السابقة، ليس من الصعب أن نرى أن شر سدوم وفسادها قد بلغا بالفعل درجة بغيضة لكل من الإنسان والله، وأن المدينة في نظر الله تستحق أن تُدمر، ولكن ما الذي كان يحدث في المدينة قبل تدميرها؟ ما الإلهام الذي يمكن أن يستمدّه الناس من هذه الأحداث؟ ما الذي يظهر للناس من موقف الله تجاه هذه الأحداث من حيث شخصيته؟ من أجل فهم القصة كاملة، دعونا نستعرض بعناية ما سجله الكتاب المقدس...

في تلك الليلة، استقبل لوط رسولين من الله وأعد لهما وليمة، وبعد أن تناولا الطعام، وقبل أن يناما، حاصر الناس من جميع أرجاء المدينة بيت لوط ودعوه إلى الخروج. يسجلهم الكتاب المقدس بقولهم: "أَيْنَ ٱلرَّجُلَانِ ٱللَّذَانِ دَخَلَا إِلَيْكَ ٱللَّيْلَةَ؟ أَخْرِجْهُمَا إِلَيْنَا لِنَعْرِفَهُمَا". من قال هذه الكلمات؟ لمن وجهوا حديثهم؟ كانت هذه كلمات أهل سدوم، صاحوا خارج بيت لوط، وكانوا يقصدون أن يسمعهم لوط. كيف يبدو الأمر عند سماع هذه الكلمات؟ هل أنت غاضب؟ هل هذه الكلمات تُشعرك بالغثيان؟ هل تشعر بالغيظ؟ ألا تفوح من هذه الكلمات رائحة الشيطان؟ هل يمكنك الإحساس – من خلالها – بالشر والظلام في هذه المدينة؟ هل تستطيع الشعور بوحشية سلوك هؤلاء الناس وهمجيته من خلال كلماتهم؟ هل تستطيع الشعور بعمق فسادهم من خلال سلوكهم؟ ليس صعبًا، من خلال محتوى حديثهم، أن ندرك أن طبيعتهم الشريرة وتصرفهم الوحشي قد بلغا مستوى يتجاوز نطاق سيطرتهم؛ حيث إنه باستثناء لوط، لم يكن يختلف أي شخص آخر في هذه المدينة عن الشيطان؛ فبمجرد رؤية شخص آخر جعل هؤلاء الناس يريدون أن يلحقوا به الأذى ويلتهموه...هذه الأشياء لا تعطي المرء فحسب إحساسًا بالطبيعة المروعة والمرعبة للمدينة، فضلًا عن هالة الموت المحيطة بها؛ بل تعطي المرء أيضًا إحساسًا بشرها ودمويتها.
وجد لوط نفسه وجهًا لوجه مع عصابة من السفاحين الوحشيين، تضمّ أشخاصًا مملوئين رغبات همجية لالتهام النفوس البشرية، كيف تعامل لوط مع الموقف؟ وفقًا للكتاب المقدس: "لَا تَفْعَلُوا شَرًّا يَا إِخْوَتِي. هُوَذَا لِي ٱبْنَتَانِ لَمْ تَعْرِفَا رَجُلًا. أُخْرِجُهُمَا إِلَيْكُمْ فَٱفْعَلُوا بِهِمَا كَمَا يَحْسُنُ فِي عُيُونِكُمْ. وَأَمَّا هَذَانِ ٱلرَّجُلَانِ فَلَا تَفْعَلُوا بِهِمَا شَيْئًا، لِأَنَّهُمَا قَدْ دَخَلَا تَحْتَ ظِلِّ سَقْفِي". لقد كان المعنى الذي أراده لوط بهذه الكلمات هو: كان عليه استعداد للتخلي عن ابنتيه من أجل حماية الرسولين. وبكل الحسابات المنطقية، كان يجب أن يوافق هؤلاء الناس على شروط لوط، وأن يتركوا الرسولين وشأنهما؛ فقد كان الرسولان على أي حال غريبين تمامًا بالنسبة إليهم، شخصين لم يكن لهم علاقة بهما على الإطلاق، ولم يضرّا قط بمصالحهم. ومع ذلك، بدافع من طبيعتهم الشريرة، لم يتركوا الأمر عند هذا الحد؛ بل قاموا بالأحرى بتكثيف جهودهم. يمكن هنا لواحدة أخرى من محاوراتهم أن تعطي الناس بلا شك نظرة إضافية على الطبيعة الفاسدة لهؤلاء الناس، بينما تمكِّن الناس أيضًا في الوقت نفسه من معرفة وفهم سبب رغبة الله في تدمير هذه المدينة.
إذن ماذا قالوا بعد ذلك؟ كما يقول الكتاب المقدس: "ٱبْعُدْ إِلَى هُنَاكَ. ثُمَّ قَالُوا: جَاءَ هَذَا ٱلْإِنْسَانُ لِيَتَغَرَّبَ، وَهُوَ يَحْكُمُ حُكْمًا. ٱلْآنَ نَفْعَلُ بِكَ شَرًّا أَكْثَرَ مِنْهُمَا. فَأَلَحُّوا عَلَى ٱلْرَّجُلِ لُوطٍ جِدًّا وَتَقَدَّمُوا لِيُكَسِّرُوا ٱلْبَابَ". لماذا كانوا يريدون تحطيم باب منزل لوط؟ السبب هو أنهم كانوا في تَوْقٍ لإيذاء هذين الرسولين. ماذا الذي أتى بهذين الرسولين إلى سدوم؟ كان هدفهما من المجيء إلى هناك هو إنقاذ لوط وأهل بيته، ولكن أهل المدينة ظنوا خطأً أنهما أتيا لتولي المناصب الرسمية. لقد بنى رجال المدينة رغبتهم في إلحاق الأذى بهذين الرسولين على مجرد الحدس، دون أن يسألوا عن الغرض من مجيئهما. كانوا يرغبون في إيذاء شخصين لم يكن لهما أي علاقة بهم. من الواضح أن سكان هذه المدينة قد فقدوا إنسانيتهم وعقولهم؛ ولم تكن درجة جنونهم ووحشيتهم مختلفة عن طبيعة الشيطان الشريرة التي بها يضر البشر ويلتهمهم.
عندما طلبوا من لوط أن يسلمهم هذين الرسولين، ماذا فعل لوط؟ نعرف من النص أن لوطاً لم يقم بتسليمهما. هل كان يعرف لوط أنّ هذين الرسولين من الله؟ بالطبع لم يعرف! ولكن لماذا كان قادرًا على إنقاذ هذين الشخصين؟ هل كان يعرف ما الذي أتَيا ليفعلاه؟ على الرغم من أنه كان غير مدرك لسبب قدومهما، فقد كان يعلم أنهما كانا عبدين لله، ولذلك أخذهما إلى داخل بيته. إن قدرته على أن يطلق على هذين العبدين لله لقب "سيد" يبين أن لوطًا كان من أتباع الله الثابتين، على عكس الآخرين في سدوم. لذلك، عندما جاءه رسولان من الله، خاطر بحياته لإدخالهما إلى بيته، وإضافة إلى ذلك، عرض ابنتيه كبديل من أجل حماية هذين الرسولين. هذا هو عمل لوط البار؛ لقد كان تعبيرًا ملموسًا عن جوهر طبيعة لوط، وهو أيضًا السبب الذي جعل الله يرسل عبديه لإنقاذ لوط؛ فعندما واجه لوط الخطر، قام بحماية هذين الرجلين دون النظر إلى أي شيء آخر، حتى إنه حاول مبادلة ابنتيه مقابل سلامة الرجلين. وباستثناء لوط، هل كان هناك أي شخص آخر داخل المدينة بإمكانه فعل شيء كهذا؟ كما تثبت الحقائق: لا، لم يكن هناك أحد! لذلك، من نافلة القول إن كل شخص داخل سدوم، باستثناء لوط، كان هدفًا للتدمير، وبحق كان يستحق ذلك المصير.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.
الشيطان يكتسب شهرته من خلال تضليل الناس، وغالبًا ما يقيم نفسه كطليعة ونموذج يحتذى به للعدل. وهو – تحت المظاهر الكاذبة للحفاظ على العدل –...
عندما رأى أهل سدوم هذين الرسولين، لم يسألوا عن سبب مجيئهما، ولم يسأل أحد ما إذا كانا قد أتيا لنشر مشيئة الله. على العكس من ذلك، شكلوا...
من خلال فهم هذه الأمثلة من حديث الله وأفكاره وأفعاله، هل تستطيع أن تفهم شخصية الله البارّة، شخصية لن تقبل أن تُهان من الإنسان؟ باختصار،...
والآن إذ لدينا فهمٌ عامٌّ لشخصية الله البارة، ربما نعيد اهتمامنا إلى مدينة سدوم، المكان الذي اعتبره الله مدينة الخطايا. من خلال فهم حقيقة...