لا تُفوَت الفرصة لمعرفة سيادة الخالق

2019 أكتوبر 15

المنعطفات الستة المذكورة أعلاه مراحل حاسمة وضعها الخالق لابدّ لكل شخصٍ طبيعي أن يمرّ بها في حياته. من منظور الإنسان، كل واحدٍ من هذه المنعطفات حقيقيّ؛ ولا أحد منها يمكن الالتفاف عليه، وكلها تحمل علاقة بتقدير الخالق وسيادته. ولذلك فإن كل منعطفٍ من هذه المنعطفات مرحلةٌ مهمّة للإنسان، وأنتم الآن جميعًا تواجهون السؤال الجدّيّ وهو كيف تمرّون بكل منها بنجاح.

لا تُفوَت الفرصة لمعرفة سيادة الخالق

إن العقود الزمنية العدة التي تتكون منها حياة الإنسان ليست طويلة ولا قصيرة. تمرّ السنوات التي تربو على العشرين بين الميلاد وبلوغ سن الرشد في غمضة عينٍ، وعلى الرغم من أن الشخص في هذه المرحلة من الحياة يعتبر ناضجًا، فإن الناس في هذه الفئة العمريّة لا يكادون يعرفون شيئًا عن الحياة البشريّة ومصير الإنسان. وحينما يكتسب الناس المزيد من الخبرة فإنهم ينتقلون بالتدريج إلى منتصف العمر. يكتسب الناس في الثلاثينات والأربعينات من عمرهم خبرةً بسيطة في الحياة والمصير، لكن أفكارهم حول هذه الأشياء لا تزال مبهمة للغاية. ولا يبدأ بعض الناس في فهم الجنس البشريّ والكون اللذين خلقهما الله وفهم الحياة البشريّة ومصير الإنسان حتّى سنّ الأربعين. بعض الناس، على الرغم من أنهم كانوا أتباعًا لله منذ زمانٍ طويل وهم الآن في منتصف العمر، ما زالوا لا يمكنهم امتلاك معرفة دقيقة وتعريف لسيادة الله، ناهيك عن الخضوع الحقيقيّ. بعض الناس لا يهتمّون بأيّ شيءٍ سوى السعي للحصول على البركات، وعلى الرغم من أنهم عاشوا لسنواتٍ عديدة، فإنهم لا يعرفون أو يفهمون بأقلّ مقدارٍ حقيقة سيادة الخالق على مصير الإنسان، كما لم يتخذوا حتى أصغر خطوة في الدرس العملي للخضوع لتنظيمات الله وترتيباته. مثل هؤلاء الناس حمقى تمامًا، ويعيشون حياتهم عبثًا.

في حال تقسيم فترات حياة الإنسان وفقًا لدرجة خبرة الناس في الحياة ومعرفتهم بمصير الإنسان، فيمكن تقسيمها تقريبًا إلى ثلاث مراحل. المرحلة الأولى مرحلة الشباب، وهي السنوات بين الميلاد ومنتصف العمر، أو من الميلاد حتّى سنّ الثلاثين. المرحلة الثانية هي مرحلة النضج، من منتصف العمر إلى الشيخوخة، أو من الثلاثين حتّى الستين. والمرحلة الثالثة هي فترة نضج المرء، التي تستمر من بدء الشيخوخة، ابتداء من الستين حتّى يرحل المرء عن العالم. وهذا يعني أنه من الميلاد إلى منتصف العمر تقتصر معرفة معظم الناس بالمصير والحياة على ترديد أفكار الآخرين، ولا يكون لها تقريبًا أيّ جوهرٍ حقيقيّ أو عمليّ. خلال هذه الفترة تكون نظرة المرء للحياة وطريقة تفاعله مع الآخرين سطحيّة تمامًا وساذجة. هذه هي فترة نشء المرء. فقط بعد أن يكون المرء قد تذوّق جميع أفراح الحياة وأحزانها، وقتها يكتسب المرء فهمًا حقيقيًا لمصيره، ودون وعيٍ منه، يتوصل بالتدريج، في صميم قلبه، إلى إدراك عدم إمكانيّة إلغاء المصير، ويُدرِك ببطءٍ أن سيادة الخالق على مصير الإنسان موجودةٌ حقًّا. هذه هي فترة نضج المرء؛ حيث يدخل المرء فترة نضجه. وعندما يتوقّف المرء عن الصراع ضد القدر، وعندما لا يعود راغبًا في الانجرار إلى الصراع، وبدلًا من ذلك يعرف نصيبه في الحياة، ويخضع لإرادة السماء، ويُلخّص إنجازاته وأخطاءه في الحياة، وينتظر دينونة الخالق على حياته. بالنظر إلى التجارب والمكتسبات المختلفة التي يحصل عليها الناس خلال هذه الفترات الثلاث، فإن فرصة المرء في التعرّف إلى سيادة الخالق في ظلّ الظروف العاديّة ليست كبيرة. إذا كان المرء يعيش ليصير في الستين تكون أمامه ثلاثون سنة فقط أو نحو ذلك حتّى يعرف سيادة الله؛ وإذا أراد المرء فترةً أطول، فذلك ممكنٌ فقط إذا استمرت حياة المرء مدة طويلة بما فيه الكفاية، إن استطاع أن يعيش قرنًا من الزمان. ولذلك أقول، وفقًا للقوانين الطبيعيّة للوجود الإنسانيّ، على الرغم من أنها عمليةٌ طويلة جدًّا، من الفترة التي يقابل فيها المرء للمرة الأولى موضوع معرفة سيادة الخالق إلى الوقت الذي يكون فيه قادرًا على إدراك حقيقة تلك السيادة، ومن ذلك الحين حتّى النقطة التي فيها يمكنه الخضوع لها، إذا عدّ المرء السنوات بالفعل، لا توجد أكثر من ثلاثين أو أربعين سنةً يمكن للمرء فيها الحصول على هذه المكافآت. كثيرًا ما تراود الناس رغباتهم وطموحاتهم للحصول على البركات؛ بحيث لا يستطيعون تمييز أين يكمن جوهر الحياة البشريّة، ولا يُدرِكون أهميّة معرفة سيادة الخالق. هؤلاء الناس لا يقدّرون هذه الفرصة الثمينة للدخول في عالم البشر واختبار الحياة البشريّة وسيادة الخالق، ولا يُدرِكون مدى نفاسة تلقّي الكائن المخلوق الإرشاد الشخصيّ من الخالق. ولذلك أقول إن أولئك الناس الذين يريدون أن ينتهي عمل الله بسرعةٍ ويرغبون في أن يُرتّب الله نهاية الإنسان في أقرب وقتٍ ممكن لعلهم يرون على الفور شخصه الحقيقيّ وينالون بركته بأسرع ما يمكن، هم مذنبون بأسوأ أنواع العصيان، وحمقى إلى أبعد الحدود. وفي هذه الأثناء فإن الحكماء من الناس، الذين يتمتعون بأقصى درجات الفطنة الذهنية هم أولئك الذين يرغبون، خلال وقتهم المحدود، في فهم هذه الفرصة الفريدة للتعرّف إلى سيادة الخالق. تعرض هاتان الرغبتان المختلفتان منظورين ومسعيين مختلفين إلى حدٍّ كبير: من يسعون إلى البركات أنانيون وحقيرون، ولا يُبدون أي اعتبارٍ لإرادة الله ولا يسعون أبدًا لمعرفة سيادة الله ولا يرغبون أبدًا في الخضوع لها، وببساطةٍ يريدون العيش كما يرغبون. إنهم كائناتٌ منحطّة، وهذه الفئة من الناس هي التي ستُدمَّر. أمّا أولئك الذين يسعون لمعرفة الله فهم قادرون على تنحية رغباتهم جانبًا وعلى استعدادٍ للخضوع لسيادة الله وترتيبه، ويحاولون أن يكونوا نوعية الناس الخاضعين لسلطان الله والذين يرضون مشيئة الله. هؤلاء الناس يعيشون في النور وفي ظلّ بركات الله، وسوف يكونون بالتأكيد موضع ثناء الله. بغضّ النظر عن ذلك، فإن الخيار البشريّ لا جدوى منه، وليس للبشر أيّ رأيٍ في المدة التي سوف يستغرقها عمل الله. من الأفضل للناس أن يُخضعوا أنفسهم لترتيب الله وأن يخضعوا لسيادته. إذا لم تُخضع نفسك لترتيبه، فماذا يمكن أن تفعل؟ هل سيعاني الله أيّ خسارةٍ نتيجةً لذلك؟ إذا لم تُخضع نفسك لترتيبه، بل حاولت عوضًا عن ذلك تولّي المسؤوليّة، فأنت تتّخذ خيارًا أحمق وفي نهاية الأمر ستكون الوحيد الذي يعاني الخسارة. إذا تعاون الناس مع الله في أقرب وقتٍ ممكن وأسرعوا لقبول تنظيماته وعرفوا سلطانه وفهموا كل ما عمله لهم، عندها فقط سوف يكون لهم رجاءٌ. وبهذه الطريقة وحدها سيجنبون أنفسهم أن يعيشوا حياتهم دون جدوى، وسوف ينالون الخلاص.

– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

المنعطف الثالث: الاستقلال

بعد أن يمرّ الشخص بمرحلتيّ الطفولة والمراهقة ويصل تدريجيًّا إلى مرحلة النضج لا محالةٍ، فإن الخطوة التالية له هي أن يُودّع شبابه تمامًا،...

المنعطف الخامس: النسل

يبدأ المرء بعد الزواج في تربية الجيل التالي. لا خيار للمرء في عدد أطفاله أو جنسهم؛ فهذا أيضًا يُحدّده مصير الشخص الذي سبق الخالق فعيّنه....