37. كلام الله هز روحي وأيقظها

يقول الله القدير، "في مرحلة عمل الله الحالية في هذه الأيام، الأيَّام الأخيرة، لم يعد يُنعم على الإنسان بالنعمة والبركات مثلما كان يفعل من قبل ولا يُقنِع الإنسان بالتقدُّم إلى الأمام. خلال هذه المرحلة من العمل، ما الذي رآه الإنسان من جميع جوانب عمل الله التي قد اختبرها؟ لقد رأى الإنسان مَحبَّة الله ودينونة الله وتوبيخه. في هذا الوقت، يرعى الله الإنسان ويدعمه ويزوده بالاستنارة ويرشده، بحيث يتعرَّف تدريجيًّا على مقاصد الله ويعرف الكلام الذي يتكلَّمه والحقّ الذي يمنحه للإنسان. ... أمَّا دينونة الله وتوبيخه فيسمحان للناس بالتعرُّف تدريجيًّا على فساد البشر وجوهرهم الشيطانيّ. جميع ما يُوفِّره الله للإنسان وتزويده له بالاستنارة وإرشاده له يسمح للبشر بأن يعرفوا أكثر فأكثر جوهر الحقّ، وبأن يعرفوا على نحوٍ متزايد ما يحتاج إليه الناس، والطريق الذي يجب أن يسلكوه، وما يعيشون من أجله، وقيمة حياتهم ومعناها، وكيفيّة السير في الطريق إلى الأمام. ... عند إحياء قلب الإنسان، لا يعود يرغب في أن يعيش بشخصيّةٍ مُنحطّة وفاسدة، بل يرغب بدلًا من ذلك في السعي إلى الحقّ كي يرضي الله. عندما يكون قلب الإنسان قد أوقظ، يكون عندئذٍ قادرًا على نزع نفسه انتزاعًا تامًّا من الشيطان، ولا يعود يتضرَّر من الشيطان، ولا يعود الشيطان يسيطر عليه أو يخدعه. بدلًا من ذلك، يستطيع الإنسان أن يتعاون في عمل الله وفي كلامه بطريقةٍ إيجابيّة لإرضاء قلب الله، وبالتالي يخاف الله ويحيد عن الشرّ. هذا هو الهدف الأصليّ لعمل الله" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (6)].. يمكنني حقًا أن التماهي مع هذا المقطع.

في يونيو 2016، كُلفت بأداء واجبي في فريق قراءة اللغة الإنجليزية، وكنت أشعر بالسعادة حقًا، لأنني كنت سأقوم أخيرًا بتطبيق مهاراتي في اللغة الإنجليزية. وستُعرض مهاراتي على الملأ! لم أستطع الانتظار لأخبر إخوتي وأخواتي في الوطن، وأدعهم يعرفون الأخبار السارة. حتى أنني تخيلت نظرة الحسد على وجوههم عندما يعلمون بالأمر.

بعد أن بدأت العمل، لاحظت أن الإخوة والأخوات الآخرين يقرؤون اللغة الإنجليزية بطلاقة حقًا ولديهم نطق رائع. غالبًا ما يتحدثون مع بعضهم بعضًا باللغة الإنجليزية، وحتى أثناء الاجتماعات وأثناء أداء الواجبات، يتواصلون جميعًا باللغة الإنجليزية. لم تكن لغتي الإنجليزية جيدة مثل لغتهم. شعرت بالحسد والقلق، لكني قلت لنفسي: طالما أنكِ تدرسين بجد، فستكونين في يوم من الأيام أفضل منهم! لذلك بدأت الاستيقاظ مبكرًا والبقاء لوقت متأخر جدًا، لدراسة اللغة الإنجليزية وحفظ المفردات. كنت أفكر باستمرار في كيفية تحسين أداء عملي. كلما سمعت أي شخص يشارك خبرته العملية، كنت أخرج قلمي وأبدأ في تدوين الملاحظات. ولكن في وقت قصير مرَّت عدة أشهر، وكنت لا أزال أتقدم بشكل أبطأ وأسوأ أداء كل فرد في الفريق. مع العلم أنني لم أكن أؤدي واجباتي، وكثيرًا ما كنت أضطر إلى الحصول على نصائح ومساعدة من الإخوة والأخوات الأصغر، بالإضافة إلى حقيقة أن قائد الفريق كثيرًا ما كلفني بعمل روتيني وضيعٍ خلال تلك الفترة، ما تركني أشعر وكأن الفريق يمكنه الاستغناء عني تمامًا. لقد أصبت بالاكتئاب والانزعاج حقًا. في وقت لاحق، جاءت أخت جديدة للعمل في فريقنا. لم تكن على دراية بواجبات فريقنا، لذلك طُلب مني مساعدتها. ابتهجت سرًا لأنني لم أعد الأقل مهارة في فريقنا. لكن لدهشتي كانت هذه الأخت موهوبة وسريعة التعلُّم، لذا تحسَّنت لغتها الإنجليزية بسرعة. في غضون شهرين أو ثلاثة، كانت بالفعل تتفوق عليَّ. أشعرني هذا بالذعر. بهذا المعدل، سأكون قريبًا أسوأ عضوة في فريقنا مجددًا. كان من المفهوم أنني لم أكن أؤدي أداءً جيدًا مثل الأعضاء الآخرين الذين عملوا لفترة أطول. الآن جاءت هذه المبتدئة وطُلب مني مساعدتها، لكنها صارت بالفعل أفضل مني في وقت قصير. كان الأمر مهينًا! كنت أعيش يوميًا في التنافس على المكانة والهيبة، ودائمًا ما شعرت بعدم الارتياح. لقد قضيت أيامي في بؤس مطلق. بدأت أفتقد الأيام الخوالي لأداء الواجبات في مسقط رأسي. اعتدت أن أكون الشخص الذي يقود المناقشات والتخطيط. وافق إخوتي وأخواتي جميعًا على آرائي وكان قادة الكنيسة يؤيدونني كثيرًا. اعتدت أن أكون شخصًا مهمًا، لكنني انحدرت الآن كثيرًا. كلما فكرت في الأمر، شعرت بالحزن والظلم. ذات مرة، انتهى بي الأمر بالاختباء في الحمام والبكاء. في تلك الليلة، ظللت أتقلَّب في سريري ولم أستطع النوم. لم أستطع التوقف عن التفكير: "لقد كنت أسوأ عضو في فريقي منذ اليوم الأول. ماذا يجب أن يظن بي الأخوة والأخوات الآخرون؟ لا أريد البقاء هنا". ولكن بعد ذلك فكرت في كيف أديَّت القَسَم الرسمي لله، أن أبذل نفسي من أجله لرد محبته ما دمت حيَّة. إذا تخلَّيت حقًا عن واجباتي، ألن أحنث بوعدي؟ ألن أغش الله وأخونه؟ شعرت بالضيق الشديد، ولذلك صليت إلى الله، قلت: "إلهي الحبيب، لست متأكدة من كيفية تجاوز هذا الموقف أو ما الذي أتعلمه منه. أرجو أن ترشدني وتنيرني".

بعد ذلك، توجهت إلى هاتفي وقرأت هذا المقطع من كلمات الله: "لديكم في سعيكم الكثير من المفاهيم الفردية والآمال والخطط المستقبلية. أما العمل الحالي فهو من أجل التعامل مع رغبتكم في المكانة المرموقة وكذلك رغباتكم الجامحة. كلُّ المفاهيم والآمال والرغبة في المكانة الرفيعة هي صورٌ معروفة لشخصية الشيطان. وسببُ وجود هذه الأشياء في قلوب الناس هو تمامًا لأن سم الشيطان ينخر أفكارهم دائمًا وهم دائمًا عاجزون عن التخلص من إغراءاته. يعيش الناس وسط الخطية ولا يعتقدون أنها كذلك، ولا يزالون يعتقدون قائلين: "إننا نؤمن بالله، فعليه أن يغدق علينا البركات وأن يرتّب أمورنا بما يليق. نحن نؤمن بالله، ولذلك يجب أن نكون أسمى مقامًا من الآخرين، ويجب أن يكون لنا منصب ومستقبل أفضل من أي شخص آخر. ولأننا نؤمن بالله عليه أن يهبنا بركات غير محدودة، وإلا فلا يمكننا أن ندعو هذا الأمر إيمانًا بالله". لسنوات عديدة، كانت أفكار الناس التي اعتمدوا عليها لبقائهم على قيد الحياة تتلف قلوبهم لدرجة أنهم أصبحوا خونة وجبناء ووضعاء. لا يفتقرون لقوة الإرادة والعزم فحسب، إنما أصبحوا أيضًا جشعين ومتغطرسين وعنيدين. هم يفتقرون تمامًا لأي عزمٍ يتجاوز الذات، بل وليست لديهم أيَّ شجاعة للتخلّص من قيود هذه التأثيرات المظلمة. أفكار الناس وحياتهم فاسدة، ووجهات نظرهم فيما يخصّ الإيمان بالله لا تزال قبيحة بقدر لا يطاق، وحتى عندما يتحدثون عن وجهات نظرهم فيما يخص الإيمان بالله لا يمكن بكل بساطة احتمال الاستماع إليها . الناس جميعًا جبناء وغير أكْفَاء ووضعاء وكذلك ضعفاء. لا يشعرون بالاشمئزاز من قوى الظلام، ولا يشعرون بالحب للنور والحق؛ إنما بدلاً من ذلك يبذلون قصارى جهدهم للابتعاد عنهما" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. لماذا لا تريد أن تكون شخصية الضد؟). لقد أوضحت كلمات االله موقفي تمامًا! ألم أكن أشعر بألم شديد، بل وأقاوم أداء واجبي وأريد التخلي عن واجباتي وخيانة الله، لأن رغبتي في المكانة لم تُشبع؟ منذ أن انضممت إلى الفريق، كان السبب في أنني كنت أدرس اللغة الإنجليزية بجدٍ لتحسين أداء عملي، هو أنني أردت فقط إثبات نفسي والتميز في الفريق. عندما رأيت الأخت الجديدة تتحسَّن بسرعة، خشيت أنها ستتفوق عليّ، وأنني سأكون مرة أخرى الأسوأ في الفريق. قضيت طوال اليوم متوترة بسبب المكانة، وعشت في بؤس مطلق. بالنظر إلى كلمات الله: "لسنوات عديدة، كانت أفكار الناس التي اعتمدوا عليها لبقائهم على قيد الحياة تتلف قلوبهم لدرجة أنهم أصبحوا خونة وجبناء ووضعاء" سألت نفسي: "لماذا أسعى لأنال مكانة؟ ما الأفكار التي تسبِّب لي كل هذا البؤس؟" فقط بعد التأمل في كلمات الله أدركت أنني كنت أحيا بحسب أقوال شيطانية مثل: "يميِّز المرء نفسه ويجلب الشرف لأجداده" الإنسان يُكافح للصعود؛ والماء يتدفَّق للنزول" و "أنا الأفضل في الكون كله". علَّمنا معلمونا منذ الصغر أن نتفوق، لنكون الأفضل على الإطلاق. كنت دائمًا ما أتطلع إلى الأشخاص المرموقين والمشاهير وأحسدهم، وأردت أن أكون مثلهم تمامًا. أينما كنت، كنت أرغب دائمًا في أن يقدرني الناس كثيرًا، وإذا أعجبوا جميعًا بي ودعموني ومدحوني، فسيكون ذلك أفضل. اعتقدت أن هذا هو السبيل لعيش حياة ممتعة وجديرة بالاهتمام. عندما لم أفز بإعجاب ومديح الآخرين كانت الحياة بائسة، وكنت أشعر بالإحباط. بعد أن بدأت في أداء واجباتي في بيت الله، ظللت أسعى لهذه الأمور. ولكن عندما لم ألحظ تحسنًا كبيرًا حتى بعد بذل قصارى جهدي، ولم أفز بثناء الآخرين وإعجابهم، أصبحت متشائمة وقانطة ومُحبَطة. حتى إنني فكرت في التخلي عن واجباتي وخيانة الله. لقد أصبحت مستهلَكة تمامًا بسبب هوسي بالهيبة. كنت لأعاني أي مشقة وأقاتل في أي معركة لتحقيقها، لدرجة أن عالمي كله كان يدور حول هذا الشيء الواحد. عندها أدركت أنني كنت أسعى وراء الشيء الخطأ. لم أكن أتمم واجباتي في السعي وراء الحق وردّ محبة الله، لم أكن أفعل ذلك إلا لإشباع رغبتي في الحصول على الهيبة والمكانة.

أظهرت لي الإعلانات في كلمات الله كيف كان سعيي مضَللًا. لاحقًا، قرأت هذا المقطع من كلمات الله: "من جهةٍ، كل واحد منكم يؤدي واجبه، بغض النظر عن مدى فهمك العميق للحق، إذا كنت ترغب في الدخول في واقع الحق، فإن أبسط طريقة للممارسة هي التفكير في مصالح بيت الله في كل ما تفعله، والتخلِّي عن رغباتك الأنانية، ونيتك الفردية، ودوافعك، وهيبتك ومكانتك. ضع مصالح بيت الله أولاً – هذا هو أقل ما يجب أن تفعله. ... بالإضافة إلى هذا، إن كنت تستطيع الاضطلاع بمسؤولياتك، وتأدية التزاماتك وواجباتك، ووضع رغباتك الأنانية جانبًا، ووضع نواياك وحوافزك جانبًا، ومراعاة إرادة الله، وإعطاء الأولوية لمصالح الله وبيته، فبعد اختبار هذا لفترةٍ من الوقت، ستشعر بأنّ هذه طريقة عيش جيدة: هذا عيش ببساطة وأمانة، من دون أن تكون شخصًا وضيعًا أو عديم الفائدة، فتعيش بإنصاف وشرف بدل أن تكون متعصبًا أو سافلًا؛ ستشعر بأنّ الإنسان ينبغي أن يعيش ويتصرّف هكذا. تدريجيًا، ستتضاءل الرغبة داخل قلبك في تعظيم مصالحك" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). بعد قراءة كلمات الله، أدركت أن إعجاب الآخرين ليس مهمًا. وأن الخضوع لسيادة الله وخططه، والتمسك بعمل بيت الله، وممارسة الحق وإتمام واجبات الفرد، هذا هو الشيء المهم حقًا، وهذا هو كيفية العيش بصراحة وصدق. بعد أن فهمت مشيئة الله، شعرت بإحساس كبير بالعتق. كنت ما زلت أسوأ عضو في فريقنا، لكنني لم أشعر بالسوء حيال ذلك فيما بعد. وعندما أضر شيء ما بهيبتي ومكانتي، لم أكن ضعيفة كما كنت. كنت أصلي إلى الله بوعي وأترك دوافعي الخاطئة، وتمكنت من الاستقرار وأداء واجباتي. لكن سم الشيطان كان قد ترسخ داخلي وأصبح طبيعتي. مجرد الفهم لم يكن كافيًا لاستئصاله. ما زلت بحاجة إلى اختبار المزيد من الدينونة والتنقية لأتطهَّر وأتغيَّر.

كلف قائد الفريق الأختين ليو وتشانغ بالإشراف على عملنا، لأن كلتاهما تمتعت بمهارات مهنية قوية. كنت حسودة وغيورة. بدا الأمر وكأنه علامة هيبة لتدريب الإخوة والأخوات الآخرين. لماذا لا أكون مثلهما؟ كل ما أمكنني فعله هو العمل التقليدي الذي لا يتطلب أي مهارة. في وقت لاحق، رُشحت للقيام بواجب السقاية في الفريق، لمساعدة الآخرين على معالجة صعوباتهم. لكنني لم أكن متحمسة على الإطلاق بشأن هذا الاحتمال، بل إنني احتقرت هذا الواجب. بدا لي أن وحدهم الأشخاص الذين ليس لديهم مهارات حقيقية يُكلَّفون بهذا الواجب. إذا كان أداء فريقنا جيدًا، سيقول الجميع إن كل شيء كان بسبب هاتين الأختين. من سيلاحظني في أي وقت وأنا أعمل خلف الكواليس، وأشارك عن الحق لمعالجة المشكلات؟ لأنني كنت أمتلك العقلية الخاطئة ولم أستطع الحصول على عمل الروح القدس، لم أستطع الشعور بالحافز للوفاء بواجباتي وكنت أفكر أحيانًا في نفسي: "لماذا لا ترتقي مقدرتي إلى مستوى أي شخص آخر؟ ما الذي أجيده؟ متى يمكنني استعراض مهاراتي بشكل كامل؟" تدريجيًا، بدأت أشعر بمزيد من المقاومة والانزعاج. بعد فترة وجيزة، كلما طلبت مني الأخت تشانغ إغلاق باب أو فتح نافذة بينما أمر، كنت أشعر بالغضب. فكرت: "منذ متى وأنت مؤمنة؟ أنت أفضل قليلًا في المهارات، هذا كل شيء. هل يؤهلك هذا لتوجيهي؟" في النهاية، كنت أتجاهل الأخت تشانغ عندما تتحدث معي. أحيانًا عندما تسألني سؤالًا، كنت أتظاهر بأنني لم أسمعها. وإذا رددت، لم أكن أقول ذلك بشكل جيد. عندما رأيت أنها كانت تشعر بالقيود نتيجة لذلك، شعرت بالسوء، ولكن عندما تعلق الأمر بمسائل المكانة والهيبة، ظللت أترك مشاعري تتغلب عليَّ.

ذات صباح رأيت الأخت ليو والأخت تشانغ في مهمة عمل. لقد بدتا حقًا أنيقتين وعصريتين في ملابسهما، أصبحت مستاءة وغيورة منهما. قلت لنفسي: "أنتما تنالان كل المجد، بينما تُركتُ أنا للكد، بلا شُكر هنا وراء الكواليس. لن يعرف أحد أبدًا كم أعمل بجد...". عندما عادت الأختان تلك الليلة، هرع الجميع في فريقنا للترحيب بهما، والبعض حتى جهزوا العشاء لهما. في البداية، أردت أيضًا أن أحييهما وأسألهما كيف سارت الأمور في عملهما، لكن عندما رأيت كيف كان رد فعل الجميع تجاههما، شعرت بالغيرة مرة أخرى، وفكرت: "هاتان الاثنان تنالان المجد كله مجددًا، وأنا الآن أبدو عديمة القيمة أكثر". عند هذه الفكرة استدرت وعدت إلى غرفتي مباشرة. لم أستطع أن أهدئ نفسي، ولذا صليت إلى الله. قلت: "إلهي الحبيب، هوسي بالمكانة أطل برأسه القبيح مرة أخرى. أريد أن أتخلى عن رغبتي في الهيبة والمكانة لكنني لا أستطيع ذلك. أرجو أن تريني كيف أحرِّر نفسي من رباطات السمعة والمكانة".

في اليوم التالي رأت إحدى الأخوات أنني في حالة سيئة وقرأت لي المقطع التالي: "حالما تتعلّق هذه الموهبة بالمنصب أو الصيت أو السمعة، تقفز قلوب الجميع تلهفًا، ويريد كلّ منكم دائمًا أن يبرز ويشتهر ويتلقّى التقدير. لا أحد مستعد للإذعان، بل يتمنّون دائمًا المزاحمة – مع أنّ المزاحمة محرجة وغير مسموح بها في بيت الله. لكن من دون مزاحمة، ما زلتَ غير راضٍ. عندما ترى شخصًا يَبرُز، تشعر بالغيرة والكراهية وبأنّ ما حصل غير عادل. "لماذا لا أستطيع أن أَبرز؟ لماذا هذا الشخص دائمًا هو من يبرز ولا يحين دوري أنا أبدًا؟" ثم تشعر ببعض الامتعاض. تحاول كبته، لكنّك تعجز، فتصلّي لله وتشعر بتحسن لبعض الوقت، لكنك حالما تصادف هذا النوع من المواقف بعد ذلك من جديد، تعجز عن التغلب عليها. ألا يكشف هذا عن قامة غير ناضجة؟ أليس سقوط شخص في حالات كهذه فخًا؟ هذه هي قيود طبيعة الشيطان الفاسدة التي تأسر البشر" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). أظهرت لي كلمات الله أنني لم أغيِّر حقًا ما سعيت إليه. ما زلت أسعى إلى السمعة والمكانة والتفوق على الآخرين. ولسيطرة هذه الأمور عليَّ، كنت أرغب دائمًا في التميز والبروز، والقيام بواجبات مهمة، أو تلك التي تتطلب مهارة. اعتقدت أن هذا هو السبيل الوحيد لأنال احترام الآخرين وتقديرهم، ويقبلني الله ويباركني في النهاية. كنت أرفض أي وظيفة أعتقد أنها غير مهمة، بل وأنظر إلى واجباتي في السقاية بازدراء. عندما رأيت تكليف الأختين بمهام مُهمة بينما لم أكلَّف إلا بمهام تافهة لن يتم ملاحظتها أبدًا، شعرت بالغيرة والاستياء، بل تذمرت، ولُمت الله على عدم إعطائي مقدرة أو مهارات أفضل. كم كنت غير معقولة! لم أبذل الكثير من الجهد في واجبي، لأن رغبتي في نيل المكانة لم تكن مشبَعة، بل كنت أنفعل على أخواتي أو أسيئ معاملتهن للتنفيس عن استيائي. كان هذا بلا شك مقيِّدًا ومُضرًا لأخواتي. كلما فكرت في هذا أكثر، شعرت بالذنب. وأدركت كم كنت أنانية وأفتقر إلى الإنسانية.

فيما بعد، وصلت إلى هذا المقطع من كلمات الله: "أوَّلًا، يريد الناس دائمًا أن يكون لهم صيتُ أو أن يكونوا مشهورين. ويرغبون في اكتساب شهرةٍ ومكانةٍ كبيرتين وفي تكريم أسلافهم. هل هذه أشياء إيجابيَّة؟ إنها لا تتماشى على الإطلاق مع الأشياء الإيجابيَّة؛ وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تتعارض مع قانون سيادة الله على مصير البشريَّة. لماذا أقول ذلك؟ أيّ نوعٍ من الأشخاص يريده الله؟ هل يريد شخصًا عظيمًا أو مشهورًا أو نبيلًا أو مُؤثِّرًا؟ (لا). أيّ نوعٍ من الأشخاص يريده الله إذًا؟ إنه يريد شخصًا قدماه راسختان على الأرض يسعى أن يكون مخلوقًا لائقًا عند الله ويمكنه أن يفي بواجب المخلوق وأن يحافظ على مكانة الإنسان" (من "لا يمكن حلّ مشكلة الشخصيَّة الفاسدة سوى بطلب الحقّ والاتّكال على الله" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). بالتفكير في كلام الله، أدركت أن الله لا يريد النبلاء أو المواهب الفذة، لكن أناسًا عاديين يمكنهم أداء واجباتهم كمخلوقات لله. الله لا يطلب مني مقدرة كبيرة أو مهارات مهنية من الدرجة الأولى، إنه لا يطلب إلا أن أبقى في، مكاني وأبذل قصارى جهدي لأداء واجباتي. وكان هذا شيئًا يمكنني فعله. يعطي الله كل إنسان مقدرة مختلفة ومواهب مختلفة. طالما أننا نبذل قصارى جهدنا، نساعد بعضنا بعضًا ونعمل معًا، ونقوم بواجباتنا ونُرضي الله.

قرأت أيضًا كلمات الله هذه: "إنني لا أحدد مصير كل شخص على أساس العمر والأقدمية وحجم المعاناة وأقل من ذلك مدى استدرارهم للشفقة، وإنما وفقًا لما إذا كانوا يملكون الحق. لا يوجد خيار آخر غير هذا. يجب عليكم أن تدركوا أن كل أولئك الذين لا يتبعون مشيئة الله سيُعاقَبون، وهذه حقيقة ثابتة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أَعْدِدْ ما يكفي من الأعمال الصالحة من أجل غايتك). الله اله بار. من يثني الله عليه، وما هي النهاية والعاقبة التي يضعها لكل شخص، لا يتوقف على ما إذا كان لديه مكانة أو شهرة، أو عدد الأشخاص الذين يدعمونه ويقبلونه، أو ما يجب عليهم الاعتماد عليه. بدلًا من ذلك، يعتمد الأمر كله على ما إذا كان يمارس الحق، ويخضع لله، ويؤدي واجباته كمخلوق لله. مثلًا، رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيون. كان لهم مكانة ونفوذ، وكثير من الناس يبجلونهم ويتبعونهم، ولكن عندما جاء الرب يسوع ليقوم بعمله، لم يطلبوا الحق أو يقبلوا عمل الله على الإطلاق. حتى إنهم أدانوا الرب يسوع وقاوموه بشدة لحماية مكانتهم ودخلهم، في النهاية صلبوه على الصليب وعانوا لعنات الله وعقوبته. فكرت أيضًا في نوح، لقد استمع إلى الله وخضع له، وباع كل ممتلكاته من أجل بناء الفلك. في ذلك الوقت، اعتقد الجميع أنه مجنون، ولكن لأنه استمع إلى الله وأطاعه، نال ثناء الله ونجا من الطوفان. ثم كانت هناك الأرملة الفقيرة في الكتاب المقدس. ربما لم ينل الفلسان اللذان قدمتهما إعجاب ي شخص آخر، لكن الله أثنى عليها، لأنها أعطت كل ما لديها لله. بالتفكير في هذه القصص، رأيت أن الله بار حقًا. الله يقدر صدق الناس. فقط من خلال الاستماع إلى كلمة الله، والخضوع لله، وممارسة كلام الله، والوفاء بواجب المرء كخليقة الله، يمكن للمرء أن يعيش حياة ذات مغزى. إن الجهاد في أن يمدحنا الآخرون لن يقودنا إلا إلى فعل الشر ومقاومة الله، وأن ننال عقوبته. أدركت أن الله لم يرتب لي القيام بواجبي في تلك البيئة لأنه أراد أن أتألم أو أُذل، لكن لأنه كان لديه خطة لي. لقد كنت مهووسة جدًا بالمكانة، لذلك كان عليَّ أن أكشَف وأتنقى لأعرف نفسي حقًا، وللتخلص من قيود الهيبة والمكانة والعيش حياة حرَّة غير مقيَّدة أمام الله، كانت هذه أفضل طريقة ليغيرني بها الله وينقيني، كانت محبة الله وخلاصه. بعد ذلك، لم أعد أرغب في العيش من أجل الهيبة والمكانة، مهما كان الواجب الذي كُلفت به متواضعًا في نظر الآخرين، كنت على استعداد للخضوع والعمل مع إخوتي وأخواتي لأداء واجباتنا.

في وقت لاحق، احتاج فريقي إلى بعض الأشخاص للخروج من أجل شؤون الكنيسة. عندما سمعت عن ذلك، عادت الرغبة مرة أخرى في داخلي. ظننت أنني ربما سأنال فرصة أخيرًا لأظهِر نفسي. بينما كان إخوتي وأخواتي يقررون من سيذهب، ظللت آمل أن اُختار، ولكن في النهاية تقرر إرسال الأخت ليو والأخت تشانغ. شعرت بخيبة أمل بعض الشيء. بدا لي أنني لن أحظى بلحظتي تحت الضوء. أدركت أنني كنت أتنافس مرة أخرى من أجل الشهرة، ولذا صليت إلى الله لأترك دوافعي الخاطئة. فكرت كيف لم أكن أركز طوال هذا الوقت على عملي، لكنني أهدرت كل هذا الوقت الثمين والطاقة في الصراع على المكانة، ولم أقم بالحد الأدنى من واجباتي. قاتلت من أجل المكانة كل يوم، وكان شعورًا فظيعًا حقًا. شعرت كما لو أن الشيطان خدعني. يمكن للمكانة والهيبة أن تُلحق الضرر بالناس حقًا. في الواقع، يتمتع جميع الإخوة والأخوات في فريقنا بمهارات وكفاءات مختلفة. رتَّب الله لنا العمل معًا، لأنه أراد أن يستخدم كل منا مهاراتنا وأن نتعلم منها ونكمل بعضنا بعضًا، ونعمل معًا بشكل جيد للوفاء بواجباتنا. لقد قرر الله عياري ومكانتي منذ زمن بعيد. ما الدور الذي ألعبه في الفريق والوظيفة التي أخدمها كان الله قد حددهما أيضًا. لذا، يجب أن أكون سعيدة حيثما أكون، وأبذل قصارى جهدي لأداء واجبي، وأن أكون إنسانة عاقلة، قادرة على الخضوع لله. بعد أن أدركت ذلك، شعرت براحة أكبر. كلما خرجت الأختان لأداء واجبهما، كنت أصلي من أجلهما فحسب، وأبذل قصارى جهدي لإكمال كل الأعمال الروتينية، حتى تتمكَّن الأخوات الأخريات من التركيز على أداء واجباتهن. كما حثثت إخوتي وأخواتي على حضور عباداتهم الروحية، حتى يجدوا أيضًا وقتًا لدخول الحياة فوق العمل. عندما بدأت في القيام بالأشياء بانتباه، شعرت بمزيد من الهدوء والسلام. شعرت أنني أصبحت أقرب إلى الله وأن علاقاتي مع إخوتي وأخواتي أصبحت طبيعية أيضًا. لم أعد أولي أهمية كبيرة للهيبة والمكانة وأصبحت أكثر انفتاحًا. كان قلبي زاخرًا بالامتنان لله على هذا التحول الصغير. كانت دينونة كلام الله وتوبيخه هما اللذان أيقظا قلبي، وأظهرا لي الفراغ والمعاناة في طلب المكانة، وساعداني على فهم أن، فقط من خلال الإيمان بالله، وطلب الحق، والوفاء بواجب المخلوق يمكننا أن نعيش حياة ذات مغزى!

السابق: 36. تحرَّرتُ من الشهرة والثروة

التالي: 38. التحرّر من المكانة

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

61. لقد كشف الحق الطريق لي

يقول الله القدير، "خدمة الله ليست بالمهمة اليسيرة. إن أولئك الذين لا تزال شخصيتهم الفاسدة كما هي دون تغيير لا يمكنهم أن يخدموا الله أبدًا....

4. محاكمة نسل مؤاب

يقول الله القدير، "الهدف من كل العمل الذي يتم في الوقت الحاضر هو أن يصير الإنسان نقيًّا ويتغير؛ من خلال الدينونة والتوبيخ بالكلمة، وأيضًا...

55. التحرر من قيود العبودية

يقول الله القدير، "الآن حان الوقت الذي أضع فيه نهاية كل شخص، وليس نهاية المرحلة التي بدأت فيها عمل الإنسان. أنا أكتب في سجلي، واحدًا تلو...

36. تحرَّرتُ من الشهرة والثروة

قبل أن أصبح مؤمنة، كنت دائمًا أسعى للحصول على الاسم والمكانة، وكنت أشعر بالغيرة والغضب متى تفوّق عليّ أحد، ولم أملك سوى أن أنافسهم وأقارن...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب