تحرَّرتُ من الشهرة والثروة
قبل أن أصبح مؤمنة، كنت دائمًا أسعى للحصول على الاسم والمكانة، وكنت أشعر بالغيرة والغضب متى تفوّق عليّ أحد، ولم أملك سوى أن أنافسهم وأقارن نفسي بهم. شعرت أن العيش بهذه الطريقة كان مؤلمًا ومرهقًا، لكنني فكرت أيضًا، ألم تكن الشهرة والثروة ما يفترض بنا أن نسعى إليه في الحياة؟ ثم قبلت عمل الله في الأيام الأخيرة، وباختبار دينونة كلمات الله وتوبيخها، تمكنت أخيرًا من الهروب من قيود الشهرة والثروة، والعيش قليلاً على شبه الإنسان.
تقول كلمات الله، "يستخدم الشيطان إذًا الشهرة والربح للتحكُّم بأفكار الإنسان حتى يصبح كلّ ما يُفكِّر فيه هما الشهرة والربح. إنهم يناضلون من أجل الشهرة والربح، ويعانون من مشقّاتٍ في سبيل الشهرة والربح، ويتحمَّلون الإذلال من أجل الشهرة والربح، ويُضحّون بكلّ ما لديهم من أجل الشهرة والربح، وسوف يتّخذون أيّ حُكمٍ أو قرارٍ من أجل الشهرة والربح. وبهذه الطريقة، يربط الشيطان الناس بأغلالٍ غير مرئيّةٍ، ولا يملكون القوّة ولا الشجاعة للتخلُّص منها. ولذلك، من دون معرفة، يحمل الناس هذه الأغلال ويمشون بخطى متثاقلة باستمرارٍ بصعوبةٍ كبيرة. من أجل هذه الشهرة وهذا الربح، يحيد البشر عن الله ويخونونه ويصبحون أشرارًا أكثر فأكثر. ولذلك، يتحطَّم بهذه الطريقة جيلٌ تلو الآخر في الشهرة والربح اللذين للشيطان" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (6)].
انتُخبت كقائدة للكنيسة قبل عام. وعرفت أن هذا التكليف هو لطف ورفعة من الله. فقررت في هدوء أن أسعى إلى الحقيقة بجد وأؤدي واجبي على أكمل وجه. بعد ذلك انشغلت بعمل الكنيسة، وحين صادفت المشاكل، اتكلت على الله وتطلعت إليه. وناقشتها مع زملائي كذلك، وسعيت إلى الحقيقة لحلّها. وبعد فترة، بدأ كل جانب من جوانب عمل الكنيسة يحرز تقدُّمًا، فشكرتُ الله من قلبي على إرشاده لي. وبعيد ذلك أجري انتخاب لقائد آخر للكنيسة، فوجئت باختيار الأخت شيا التي أدت واجبًا معي قبل سنوات. كانت الأخت شيا قائدة أحدث عهدًا مني وكانت تجربتها الحياتية سطحية بعض الشيء. حين عملنا معًا في السابق، اضطررت إلى مساعدتها في حل بعض الصعوبات والمشاكل التي واجهتها. شعرت أنني في هذه المرحلة الجديدة من العمل معًا، حتمًا سأكون أكثر قدرة منها.
ذات مرة، عقب عودتي إلى المنزل، وجدتُ رسالة تركتها لي الأخت شيا، تقول فيها أن قائد مجموعة في كنيسة شنغشي لم يتمكن من أداء عمل عملي، فلزم استبداله، وأن هناك بعض المسائل العملية الأخرى التي تحتاج إلى حلٍ فوري. فأرادت مني الذهاب إلى هناك للمساعدة. حين فكّرت مليًا في الأمر، شعرت بأنها تعتقد حقًا أنني أفوقها مقدرة، وبما أنها تقدّرني إلى هذا الحد، كان علي القيام بعمل جيد وعدم إحراج نفسي! كلما فكرت في ذلك، زاد شعوري بالفرح. حين وصلت إلى الاجتماع، اكتشفت أن الأخت شيا تفهم العمل بالتفصيل، وأن شركتها حول الحقيقة كانت منظمة وعملية. فوجئتُ بمدى التقدم الذي أحرزَته خلال السنوات القليلة الماضية. كنت أظنني أكثر براعة منها وأنني سأضطر إلى إرشادها كثيرًا في العمل، ولكن يبدو أنها لم تكن تقل عني كفاءةً! شعرت بالسخط حقًا وبدا لي أنها ستتولى زمام الأمور، فشعرت بالحاجة إلى إظهار قدراتي لكل إخوتنا وأخواتنا! لم أجرؤ على التقاعس حتى في أدنى الأمور ولكنني رحت أفكر باجتهاد في طرق تجعل شركتي أفضل منها. ونتيجة لذلك، خرجت شركتي رتيبةً للغاية حتى أني أنا نفسي لم أستمتع بها. شعرت بأنني فقدت هيبتي فأصبت بالإحباط الشديد.
ومنذ ذلك الحين لم أستطع التوقف عن منافسة الأخت شيا. ذات مرة في أحد الاجتماعات، حين علِمَت بأحوال الإخوة والأخوات، وجدت كلام الله المناسب ثم ربطت بينه وبين تجربتها الفعلية في الشركة، فرأيت الجميع يهزون رؤوسهم إيجابًا أثناء إصغائهم إليها. وكان البعض يدوّنون ملاحظات، فيما قال آخرون "من الآن فصاعدًا لدينا مسار نسلكه". شعرت بمزيج من الإعجاب والحسد إزاء ذلك، فيم فكرت؟ "عليّ الآن أن أسارع إلى تقديم شركة. مهما حصل، لن أسمح بأن أبدو وكأنني أقل مستوى منها". ولكن كلما زاد تفكيري في ذلك، عجزت عن التفكير في أمور تستحق الشركة. صرتُ أصدر أحكامًا مسبقة ضد الأخت شيا ورحت أفكر: "هل أنت محتاجة إلى كل هذه الشركة؟ سبق أن قلتِ كل ما يجب أن تقوليه. أنا جالسة هنا من دون نفع – زينة لا أكثر. هذا لا يجوز. علي تقديم شركة لأسترد بعض من كبريائي." وسرعان ما توقفت لارتشاف بعض الماء، نقلت كرسيّ إلى الصف الأمامي وبدأت بالمشاركة. أردت أن أشارك أشياء جيدة، ولكنني عجزت عن إصابة الوتر الصحيح. كانت مشاركتي مجرد خليط مشوش. حين رأيت الإخوة والأخوات ينظرون إليّ باستغراب، أدركت أنني خرجت تمامًا عن الموضوع. شعرت بحرج شديد وددت لو أحفر جحرًا وأختبئ فيه. لقد جعلت من نفسي أضحوكة. جل ما أردته هو أن أبدو بصورة إيجابية ولكنني في النهاية بدوت سخيفةً. وضعت نفسي تحت الأنظار فرآني الجميع أفشل. بدأت في قرارة نفسي ألوم الله على تنويره لأختي من دوني، وقلقت من نظرة الإخوة والأخوات الآخرين لي بعد ذلك اليوم. كلما أمعنت في التفكير في ذلك، زاد استيائي. أردت أن أهرب من هذا الوضع ولم أعد أريد العمل معها. أذكر ذات مرة في أحد الاجتماعات، حين عانت بعض الأخوات من حالة سيئة ولم يشعرن بتحسن بعد شركة الأخت شيا. لم أحجم عن الدعم في الشركة وحسب بل أنني فكرت أيضًأ في "أن الجميع سيرى الآن أنها عاجزة عن حل المشاكل، وسيكفون عن الإعجاب بها والاستخفاف بي". خلال تلك الفترة، كنت أحاول باستمرار التنافس مع الأخت شيا، وراحت حالتي النفسية تغرق في الظلمة. انعدم لديَّ أي نور حين كنت أشارك حول كلام الله خلال الاجتماعات، وحين رأيت الإخوة والأخوات يواجهون الصعاب أو المشاكل، لم أعرف كيف أحلّها. كنت أغفو باكرًا جدًا كل ليلة، وكنت أجبر نفسي على القيام بواجبي. راح عنائي ينمو باستمرار. لم يكن بوسعي سوى الصلاة لله والطلب منه أن ينقذني.
ذات يوم، قرأتُ هذا المقطع من كلام الله في تعبدي: "حالما تتعلّق هذه الموهبة بالمنصب أو الصيت أو السمعة، تقفز قلوب الجميع تلهفًا، ويريد كلّ منكم دائمًا أن يبرز ويشتهر ويتلقّى التقدير. لا أحد مستعد للإذعان، بل يتمنّون دائمًا المزاحمة – مع أنّ المزاحمة محرجة وغير مسموح بها في بيت الله. لكن من دون مزاحمة، ما زلتَ غير راضٍ. عندما ترى شخصًا يَبرُز، تشعر بالغيرة والكراهية وبأنّ ما حصل غير عادل. "لماذا لا أستطيع أن أَبرز؟ لماذا هذا الشخص دائمًا هو من يبرز ولا يحين دوري أنا أبدًا؟" ثم تشعر ببعض الامتعاض. تحاول كبته، لكنّك تعجز، فتصلّي لله وتشعر بتحسن لبعض الوقت، لكنك حالما تصادف هذا النوع من المواقف بعد ذلك من جديد، تعجز عن التغلب عليها. ألا يكشف هذا عن قامة غير ناضجة؟ أليس سقوط شخص في حالات كهذه فخًا؟ هذه هي قيود طبيعة الشيطان الفاسدة التي تأسر البشر" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). كشف كلام الله حالتي على حقيقتها وأصابني في صميم قلبي. فكرت في سبب عيشي بهذه الطريقة الصعبة والمتعبة. وكان السبب هو أن رغبتي في الشهرة والمنزلة كانت شديدة وأن شخصيتي كانت متغطرسة جدًا. رحت أفكر في بدايات عملي في هذا الواجب. حين حققت بعض النجاح في عملي فأعجب بي إخوتي وأخواتي، زهوت بنفسي جدًا واعتبرت نفسي موهوبة. حين عملت مع الأخت شيا ورأيتها تتفوق علي، أصبحت غيورة وبغيضة وكنت في منافسة دائمة معها. حين لم أتمكن من التفوق عليها أصبحت سلبيةً واشتكيت، حتى أني رحت أعبّر عن مشاعري أثناء أداء واجبي. وحين رأيت أنها لم تنجح في معالجة أمور الأخوات، لم أمتنع وحسب عن المساعدة في الشركة، بل أيضًا لم أحرك ساكنًا وفرحت بفشلها. كنت عازمة على رؤيتها محرجة. كيف يكون ذلك أداءً لواجبي؟ كقائدة للكنيسة، لم يكن سلوكي مسؤولاً بالمرة. ولم أبال بعمل الكنيسة على الإطلاق أو بحل مشاكل الإخوة والأخوات. كنت أفكر فقط في كيفية التفوق عليها. كنت أنانية ووضيعة وماكرة جدًا. الشهرة والمنزلة أفسدتا عقلي. كنت مستعدة لرؤية الإخوة والأخوات عاجزين عن حل مشاكلهم ورؤية عمل الكنيسة مقوضًا، طالما أنا قادرة على حماية سمعتي ومنزلتي. ألم أكن بهذه الطريقة أعض اليد التي تطعمني؟ لم أكن مستحقة لذلك الواجب الهام. كان تصرفًا مقيتًا يكرهه الله للغاية! أمام هذه الفكرة، بادرت فورًا إلى المثول أمام الله للصلاة والتوبة، طالبة منه أن يرشدني لأتخلص من قيود الشهرة والمنزلة.
فقرأت لاحقًا هذه الفقرة من كلام الله: "لا تفعل دائمًا أشياءَ لمصلحتك ولا تُفكِّر دائمًا في مصالحك ولا تنظر في وضعك أو مكانتك أو سُمعتك. لا تُولِ أيَّ اعتبارٍ لمصالح الناس. ينبغي أن تراعي أوَّلًا مصالح بيت الله وتجعله في رأس أولوياتك؛ ويجب أن تراعي مشيئة الله وتبدأ بالتأمل فيما إذا كنت تفتقر إلى النقاء في أداء واجبك أم لا، وما إذا بذلت ما في وسعك لتكون مخلصًا ولتتم أداء مسؤولياتك، وبذلت أقصى ما لديك، وما إذا اهتممت بإخلاص أم لا بواجبك وبعمل بيت الله. أنت بحاجة لأن تفكر بهذه الأمور. فكر بهذه الأشياء مرارًا وستجد أن من السهل أداء واجبك بإتقان" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). قراءة كلام الله هذا قد نورت قلبي فورًا ومن ثم أدركت الطريق. إن أردت التحرر من قيود الشهرة والمنزلة فعلى قلبي أن يستقيم أولاً. كان علي التركيز على تكليف الله، ومراعاة مشيئته، والتفكير في كيفية أداء واجبي على ما يرام. إذا ملأت قلبي أمور أكثر إيجابية، فسيعود من الأسهل التخلي عن أمور سلبية كالاسم والمنزلة والغرور والهيبة. أدركت أن تقدير الآخرين لي لا يعني أن الله يؤيدني، كما أن ازدراء الناس لي لا يعني أن الله لن يخلصني. المهم هو موقفي تجاه الله وما إذ كنت قادرة على ممارسة الحق وأداء واجبي على أكمل وجه. شكرت الله على تنويره الذي أرجعني عن مساعيّ الخاطئة. لم أعد أريد منافسة الأخت شيا، بل أردت فقط أداء واجبي ككائن كمخلوق بما يرضي الله. منذ ذلك الحين، رحت أصلي بوعي لله منكبةً بكامل قواي على عملي، وفي اجتماعات الكنيسة، أصغيت إلى شركة الإخوة والأخوات بانتباه. وحين كنت أكتشف بعض المشاكل كنت أفكر فيها بجدية، ثم أجد كلام الله ذي الصلة بها فأدمجه بتجاربي لأجل الشركة. وأيضًا تعلمت من نقاط القوة لدى الأخت شيا لتعويض نقاط ضعفي. جعلتني الممارسة بهذه الطريقة أشعر بارتياح أكبر وتحسنت حالتي كثيرًا شعرت بامتنان كبير لله من أعماق قلبي. إلا أن الرغبة في تحقيق الشهرة والمنزلة كانت متأصلة للغاية في نفسي وهكذا حين وجدت نفسي في وضع مؤات، عاودت تلك الطبيعة الشيطانية ظهورها.
أذكر ذات مرة حين ذهبت لحل بعض المشاكل في إحدى المجموعات، بينما كنت أهمّ بالخروج، قالت الأخت شيا إن مشاكل تلك المجموعة على جانب من التعقيد، وإنها تودّ مرافقتي. حين سمعتها تقول ذلك، انهار شعوري بالفرح. فكرت في نفسي: "إذًا أنت الوحيدة القادرة على إصلاح الأمور؟ أعليك دائمًا إظهار مهاراتك؟ ماذا تعنين بقولك هذا الكلام أمام رئيستنا؟ ألا تتعمدين إظهاري بمظهر الفاشلة؟" كنت مستاءة جدًا في تلك اللحظة. في النهاية، ذهبت لوحدي ولكنني لم أستطع تخطي شعوري بالاستياء. طوال الطريق، رحت أتذمر بشأن الأخت شيا فضللت عن مكان الاجتماع واضطررت إلى العودة أدراجي. شعرت بالإحباط الشديد. فكرت في نفسي: "هل أنا حقًا عديمة النفع لهذه الدرجة؟ لا أستطيع حتى العثور على مكان اجتماع. ما سيكون رأي رئيستنا بي؟ لقد أحرجت نفسي بالفعل هذه المرة!" حين عدت ورأيت الأخوات الأخريات لم أرغب في التحدث إليهن.
في اليوم التالي، توجهت والأخت شيا إلى الكنيسة كلا على حدة لتنفيذ بعض المهام، ومرة أخرى، كنت رهينة الاضطراب النفسي. رحت أفكر "لا أبالي بقدراتك، فلنر من منا أفضل من الأخرى!" وصلت إلى الكنيسة بكامل نشاطي وباشرت فورًا تنفيذ المهام، مؤديةً المشاركة وتفويض المهام في آن واحد. وفكرت "هذه المرة بذلت جهدًا جهيدًا في العمل. مؤكد أن ذلك سيأتي ثماره وسأتقدم على الأخت شيا". وفي أحد الاجتماعات بين الزملاء لاحقًا، اكتشفت أني كنتُ الأقل إنجازًا لواجباتي. لم أتصور يومًا أن ذلك قد يحدث. فقدت كل رجاء في تلك اللحظة وشعرت بأنني مهما بذلت من جهد لن أتمكن أبدًا من التفوق على الأخت شيا. خلال تلك الفترة، حين كنت أرى رئيستنا تعامل الأخت شيا برفق كلما عادت في ساعة متأخرة، شعرت بأنني مهملة. كنت حقًا أشعر بالغيرة منها. حين رأيتها أفضل مني في كل شيء وأن رئيستنا تكن لها الكثير من التقدير، شعرت بأنني لن أعرف النجاح بعد اليوم. ظننت أن تولي قيادة مجموعة أفضل من قيادة الكنيسة. فعلى الأقل سيعجب بي الإخوة والأخوات وسيدعمونني. شعرت أنه من الأفضل أن أكون سمكة كبيرة في بركة صغيرة من أن أكون سمكة صغيرة في بركة كبيرة. وظلت تظلماتي تنسكب مني بلا توقف. كنت رافضة حقًا لوجودي في تلك البيئة ورحت أتوق إلى مغادرتها في أقرب فرصة ممكنة. راحت حالتي تتدهور أكثر فأكثر. كنت أغار من الأخت شيا وكنت ممتعضة منها، وشعرت بأنني لا أستطيع التميّز بسببها. وفكرت أيضًا: "ربما إذا ارتكبَت خطأ في مهمتها وتم نقلها إلى موقع آخر، فسيكون ذلك رائعًا".
بينما كنتُ أعيش باستمرار هذا النضال لأجل سمعتي ومصالحي الشخصية، دون مراجعة نفسي على الإطلاق ما لبث تأديب الله أن حلّ علي. فذات مرة، رتبتُ لعقد اجتماع مع بعض القادة الآخرين. بالإضافة إلى أن أحدًا منهم لم يحضر، انفجر إطار سيارتي في طريق العودة. وسرعان ما أصبت بألم رهيب في ظهري. توجعت وتورمت وكان الألم لا يطاق. بلغ بي حدًا عجزت فيه حتى عن أداء واجبي. وعندها فكرت في كلام الله: "ما هو مطلوب منكم اليوم – حتى تعملوا معًا في انسجام – يشبه الخدمة التي طلبها يهوه من بني إسرائيل: وإلا، توقفوا عن الخدمة فحسب" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اخدموا كما خدم بنو إسرائيل). أخافني ذلك. هل أراد الله حرماني من فرصة أداء واجبي؟ فقرأت لاحقًا فقرة أخرى من كلام الله: "فكلّما أمعنتَ في الكفاح، سيحيط بك المزيد من الظلام، وستشعر بالمزيد من الغيرة والكراهية، وستزداد رغبتك في كسب الأشياء. كلّما زادت رغبتك في كسب الأشياء، قلّت قدرتك على كسبها، وحينما تكسب أشياء أقلّ، ستزداد كراهيتك، وحين تزداد كراهيتك، ستصبح داكنًا أكثر من داخلك، وكلّما أصبحت داكنًا أكثر من داخلك، ستؤدّي واجبك بشكل أكثر رداءة، وكلّما أدّيت واجبك بشكل أشد رداءة، قلّت فائدتك. هذه حلقة مفرغة مترابطة. إذا كان لا يمكنك تأدية واجبك جيدًا، سيتمّ استبعادك تدريجيًا" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). كلام الله الصارم جعلني في خوف وارتعاد. شعرت بشخصية الله البارة التي لا تتحمل أي إثم. وخصوصًا حين قرأت هذا الجزء من كلام الله: "إذا كان لا يمكنك تأدية واجبك جيدًا، سيتمّ استبعادك تدريجيًا"، شعرت حقًا بأنني في خطر داهم. وبعيد ذلك سمعت الأخت شيا تقول: "إن عمل الكنيسة يتدهور بقوة ومن كل النواحي..." كانت قلقة جدًا حتى إنها اجهشت بالبكاء. ثم تذكرت رئيستنا وهي تحلل أسباب فشلنا في العمل معًا بنجاح، قائلة إن ذلك يعكّر عمل بيت الله ويخربه. لم أجرؤ على مواصلة التفكير في ذلك، ولكنني سارعت إلى المثول أمام الله بالصلاة والسعي. كنت على أتم المعرفة بأن السعي إلى الشهرة والمكانة والغيرة من الآخرين أمور لا تتماشى مع مشيئة الله، إذًا، لماذا لم أمنع نفسي من السعي إلى تلك الأمور الشريرة؟
قرأت لاحقًا فقرة أخرى من كلام الله. "يستخدم الشيطان إذًا الشهرة والربح للتحكُّم بأفكار الإنسان حتى يصبح كلّ ما يُفكِّر فيه هما الشهرة والربح. إنهم يناضلون من أجل الشهرة والربح، ويعانون من مشقّاتٍ في سبيل الشهرة والربح، ويتحمَّلون الإذلال من أجل الشهرة والربح، ويُضحّون بكلّ ما لديهم من أجل الشهرة والربح، وسوف يتّخذون أيّ حُكمٍ أو قرارٍ من أجل الشهرة والربح. وبهذه الطريقة، يربط الشيطان الناس بأغلالٍ غير مرئيّةٍ، ولا يملكون القوّة ولا الشجاعة للتخلُّص منها. ولذلك، من دون معرفة، يحمل الناس هذه الأغلال ويمشون بخطى متثاقلة باستمرارٍ بصعوبةٍ كبيرة. من أجل هذه الشهرة وهذا الربح، يحيد البشر عن الله ويخونونه ويصبحون أشرارًا أكثر فأكثر. ولذلك، يتحطَّم بهذه الطريقة جيلٌ تلو الآخر في الشهرة والربح اللذين للشيطان. بالنظر الآن إلى أعمال الشيطان، أليست دوافعه الشرّيرة مقيتة؟ ربّما ما زال لا يمكنكم اليوم أن تروا بوضوحٍ دوافع الشيطان الشرّيرة؛ لأنكم تعتقدون أنه لا توجد حياةٌ دون الشهرة والربح. تعتقدون أنه إذا ترك الناس الشهرة والربح وراءهم فلن يكونوا قادرين فيما بعد على رؤية الطريق أمامهم ولن يعودوا قادرين على رؤية أهدافهم ويصبح مستقبلهم مُظلِمًا وقاتمًا ومعتمًا" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (6)]. تمكنت من إيجاد السبب الجذري للمشكلة في استعلان كلام الله. لم أستطع قط منع نفسي من السعي إلى السمعة والمكانة لأنني تلقيت تعليمي في المدرسة وتأثرت بالمجتمع منذ صغري. زرعت الفلسفات الشيطانية والمغالطات في أعماق قلبي، مثل "اللهم نفسي، وليبحث كل مرء عن مصلحته فقط،" "يميِّز المرء نفسه ويجلب الشرف لأجداده،" "لا يمكن أن يكون هناك سوى رجل حاكم واحد،" "الإنسان يُكافح للصعود؛ والماء يتدفَّق للنزول"، و"يخلّف المرء ورائه تراثًا، كما تخلِّف الأوزة صدى صراخها". اعتبرت تلك الأقوال مبادئ أحيا بها واتخذتُها أهدافًا حياتية أتبعها سواء أكنت في المجتمع أم داخل بيت الله كنت أسعى إلى نيل تقدير الآخرين. أردت أن أكون في الطليعة ومحط الأنظار في أي مجموعة وجدتُ، وأن يدور الجميع في فلكي. شعرت أنها الطريقة الوحيدة لإعطاء معنى للحياة. لم تكن قدراتي الفكرية عظيمة يومًا، كما لم أكن بارعة بشكل خاص في أي شيء، ولكنني لم أتحمل فكرة أن أكون أدنى مرتبة من سواي. حين كان يتفوق عليّ أحدهم، كنت أستاء جدًا، ولم أستطع منع نفسي من مزاحمتهم ومنافستهم. كنت أحاول التفكير في أي طريقة للتقدم عليهم. وإن عجزت عن ذلك، كنت أصاب بالغيرة وأكنّ لهم الكره وألوم الجميع ما عدا نفسي كانت طريقة مريعة للعيش. وفي النهاية أدركت أن السعي إلى الشهرة والمنزلة ليس الطريق الصحيح مطلقًا، وكلما أمعنت في فعل ذلك، ازدادت نفسي غرورًا وعقلي ضيقًا. أمسيت أكثر أنانية ورحت أنفث السموم بطبيعتي من دون أي شبه بالبشر. ثم نظرت إلى الأخت شيا: كانت تؤدي واجبها بضمير وبجدية وقد احتوت شركتها على نور ضمني. كانت أيضًا قادرة على حل المصاعب العملية للإخوة والأخوات. عاد ذلك بالنفع على الآخرين وعلى عمل الكنيسة. كان أمرًا رائعًا ويرضي الله. أما أنا من ناحية أخرى فتصرفت بخسة وبغيرة، معتقدة دائمًا أنها كانت تسرق مني الأضواء، ولذا استعديتُها. تمنيت بتوق أن تسيء تنفيذ واجبها وأن يتم استبدالها. أدركتُ كم كنت حقودة في قرارة نفسي! يرجو الله أن يرى مزيدًا من الناس يسعون إلى الحقيقة ويراعون مشيئته ويتمكنون من أداء واجبهم لإرضائه ولكن في سعيي إلى صون سمعتي ومركزي، لم أتحمل الإخوة والأخوات الذين قاموا بذلك. غرت منهم ولم أتحملهم. أليس هذا التصرف معاديًا لله ومناقضًا له؟ ألم يعكّر ذلك صفو عمل بيت الله؟ بم أختلف عن إبليس الشيطان إذًا؟ وهناك أيضًا جميع المسؤولين في الحزب الشيوعي الذين يشكلون زمرًا ويضطلعون بالصراعات الدنيئة على السمعة والمنصب، ولا يردعهم شيء عن قتل من يعارضهم، فيقضون على أعدائهم ويقمعون الشعب. الشرور التي ارتكبوها لا تعد ولا تحصى، وكذلك الناس الذين قتلوهم! وفي النهاية يتسببون بالخراب لأنفسهم، وحين يموتون يذهبون إلى الجحيم ويعاقبون. لماذا إذًا ينتهي بهم الأمر هكذا؟ أليس لأنهم يضعون السمعة والمنصب فوق كل شيء؟ ثم حين تأملت في تصرفاتي وعلى الرغم من أنها ليست سيئة بقدرهم، كانت تشبهها في الجوهر. كنت أعيش بحسب الفلسفات والقوانين الشيطانية، والشخصية التي كشفتُ عنها كانت متغطرسة ومغرورة وأنانية وكريهة وماكرة وشريرة. ما حييته كان شيطانيًا بدون أي شبه إنساني كيف لله ألا يجد ذلك مثيرًا للاشمئزاز وكريهًا؟ إن تأديبي بهذه الطريقة كان تجليًا لشخصية الله البارة عليْ بل كان ذلك بمثابة خلاصه لي. إذ أدركت كل هذا، مثلت سريعًا أمام الله مصلية. قلت "يا الله، لم أسع إلى الحق. كنت أسعى فقط إلى الشهرة والمنزلة. لقد تلاعب بي الشيطان وأفسدني ولم أعد أشعر بأنني من البشر على الإطلاق. حين فقدت سمعتي ومنزلتي لم أعد راغبة في أداء واجبي وكنت على وشك خيانتك. يا الله، أريد أن أتوب أليك. أنا مستعدة للسعي إلى الحقيقة والتعاون مع أختي، وأن أكون ثابتة في أداء واجبي لكي أرضيك".
بعد ذلك، كاشفت الأخت شيا مكاشفةً كاملة. حلّلت أساليبي في اللهاث وراء الاسم المكسب ومحاولة التنافس معها. وسألتها أيضًا أن تعتني بي وأن تساعدني. وبعد ذلك تمكّنّا من التعاون في تنفيذ واجبنا بسلاسة أكبر. ومع ذلك، أحيانًا لا تزال تعتريني الرغبة في تحقيق الشهرة والمكاسب، فأرى سريعًا أن ذلك تعبير عن شخصيتي الشيطانية، وأفكر في طبيعة الاستمرار في هذا السبيل وتبعاته وعندها أهرع للصلاة إلى الله وأجمع أفكاري بانتباه. أذهب وأصغي إلى شراكة أختي بكل جدية واتعلم من مواطن قوتها. وحين أرى أنها غفلت عن شيء ما في شركتها، أهب فورًا لمساعدتها. خلال تلك الأوقات، أفكر في كيفية شرح الحقيقة بوضوح لجعل الجميع يستفيدون منها. يشعر الجميع أن ذلك النوع من الاجتماعات ينوّرهم حقًا. وأنا أكتسب أشياء جديدة منها أيضًا. أشعر بالحرية والراحة في قلبي. تمامًا ككلام الله القائل: "إن كنت تستطيع الاضطلاع بمسؤولياتك، وتأدية التزاماتك وواجباتك، ووضع رغباتك الأنانية جانبًا، ووضع نواياك وحوافزك جانبًا، ومراعاة إرادة الله، وإعطاء الأولوية لمصالح الله وبيته، فبعد اختبار هذا لفترةٍ من الوقت، ستشعر بأنّ هذه طريقة عيش جيدة: هذا عيش ببساطة وأمانة، من دون أن تكون شخصًا وضيعًا أو عديم الفائدة، فتعيش بإنصاف وشرف بدل أن تكون متعصبًا أو سافلًا؛ ستشعر بأنّ الإنسان ينبغي أن يعيش ويتصرّف هكذا. تدريجيًا، ستتضاءل الرغبة داخل قلبك في تعظيم مصالحك. ... وتشعر بأن هناك معنى وتغذية في العيش على هذا النحو. ستستقر روحك وتشعر بالسلام والرضا. ستصبح هذه حالتك، نتيجة لتخليك عن دوافعك ومصالحك ورغباتك الأنانية. عندئذ ستستحقها" (من "هَبْ قلبك الصادق لله ليمكنك كسب الحق" في "تسجيلات لأحاديث المسيح").
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.