لقد بدأت دينونة العرش العظيم الأبيض
بعد أن وجدت الإيمان، بدأت أتعلم كيفية الصلاة وقراءة الكتاب المقدس، وبذلت قصارى جهدي لاتّباع كلمات الرب في الحياة اليومية. شاهدت لاحقًا الكثير من مقاطع الفيديو عبر الإنترنت عن الدينونة في الأيام الأخيرة. وقد أشارت إلى هذه النبوءة من سفر الرؤيا: "ثُمَّ رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ، وَٱلْجَالِسَ عَلَيْهِ، ٱلَّذِي مِنْ وَجْهِهِ هَرَبَتِ ٱلْأَرْضُ وَٱلسَّمَاءُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمَا مَوْضِعٌ! وَرَأَيْتُ ٱلْأَمْوَاتَ صِغَارًا وَكِبَارًا وَاقِفِينَ أَمَامَ ٱللهِ، وَٱنْفَتَحَتْ أَسْفَارٌ، وَٱنْفَتَحَ سِفْرٌ آخَرُ هُوَ سِفْرُ ٱلْحَيَاةِ، وَدِينَ ٱلْأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي ٱلْأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ" (رؤيا 20: 11-12). في الأيام الأخيرة، يجلس الرب يسوع على العرش العظيم الأبيض لابسًا حلّة بيضاء ويجثو الجميع أمامه. إنه يدين كل شخص بحسب أعماله في الحياة. يهبط الخطاة إلى الجحيم ليعاقَبوا، ويُختطف غير الخطاة إلى الملكوت. ملأت مقاطع الفيديو هذه ذهني بصور عن دينونة الرب. اعتقدت أن دينونته في الأيام الأخيرة ستكون حسب ما ورد في مقاطع الفيديو تلك. عزمت على اتّباع تعاليم الرب بحيث يرحّب بي في الملكوت عندما يعود ليديننا.
عام 2004، عانت إندونيسيا من موجات تسونامي رهيبة نتج عنها مصرع 200،000 شخص. أدركت أن ذلك كان نتيجة غضب الله وأن الله ينذرنا أن يوم الدينونة آتٍ عمّا قريب. خلال كل سنوات إيماني بذلت قصارى جهدي لتطبيق تعاليم الرب، لكنني لم أتمكّن من تطبيق كلماته أو محبة الآخرين كنفسي. ساورني الغضب عندما سمعت حماتي تنتقدني أمام أخت زوجي واستأت منها لذلك. اشتهيت الثروة وتبعت الميول العالمية. يقول الكتاب المقدّس: "فَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لِأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (اللاويين 11: 45). الله قدّوس ولا يستطيع الدنس معاينة وجهه. لكنني كنت أخطئ وأعترف باستمرار، ولم أخلّص نفسي إطلاقًا من الخطيئة. فهل سيدينني الرب العائد ويرسلني إلى الجحيم؟ لذا سألت بعض القساوسة عن كيفيّة حلّ مشكلة الخطيئة. فقالوا: "طالما أننا نصلّي إلى الرب، ونعترف ونتوب، فسيغفر لنا خطايانا". ولكنّ ذلك لم يحلّ مشكلتي، إذ ظللت أخطئ ثم أعترف تمامًا كما في السابق. في كل مرة كنت أخطئ فيها، كنت أشعر بالخوف. سيأتي الرب في الأيام الأخيرة ليديننا الواحد تلو الآخر بحسب أفعالنا. لو استمررت في ارتكاب الخطيئة، فسأُدان أنا أيضًا وأُشجب. فكيف يمكنني إذًا دخول الملكوت؟ شعرت بقلق شديد.
في شهر فبراير 2018، بدأ زوجي المشاركة في اجتماعات دينية عبر الإنترنت. كان يبدو سعيدًا جدًا كل يوم، وأضحى أكثر التزامًا في إيمانه. أثار ذلك فضولي حول ما كانوا يتحدثون عنه في اجتماعاتهم. ذات يوم، قال زوجي: "لقد عاد الرب يسوع بوصفه الله القدير. وهو يقوم بعمل الدينونة". أصابني الذهول. إذا كان الرب يسوع قد عاد، لكان جالسًا على عرش عظيم أبيض في السماء، ليديننا الواحد تلو الآخر. إن هذا المشهد لم يُرَ بعد، فكيف يمكن أن تكون دينونة الأيام الأخيرة قد بدأت بالفعل؟ عندما قلت ذلك لزوجي، ضحك فحسب وقال: "إن عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة ليس كما نتخيّله. لقد أتى الله إلى الأرض في الجسد، وهو يعبّر عن الحق ليديننا". ازدادت شكوكي وتساءلت: كيف يمكن أن يديننا الله من خلال التعبير عن كلمات؟ لم أسمع إطلاقًا أي قسّ أو شيخ يقول أمرًا مماثلًا. ولأن زوجي كان قد قبل لتوّه عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، لم يكن في وسعه أن يفسّره جيّدًا، لذا طلب مني الاجتماع بأشخاص من كنيسة الله القدير. لم أكن أريد ذلك في البداية، لكن عندما فكّرت كم أن زوجي رجل رصين الفكر ومخلص في إيمانه، وأنه آمن أن الرب عاد وأنه يقوم بعمل الدينونة، افترضت أنه لا بد أن يستند ذلك إلى سبب وجيه. ومن أجل معرفة ما إذا كان الرب قد عاد حقًّا أم لا، وافقت على المشاركة في اجتماعاتهم.
وفي أحد الاجتماعات، قدّمت الأخت ليو من كنيسة الله القدير شركة حول سؤالي: "إن دينونة العرش العظيم الأبيض في سفر الرؤيا هي رؤيا شاهدها يوحنا في جزيرة بطمس، وهي تُنبئ بالعمل الذي سيقوم به الله في الأيام الأخيرة. إنها لا تشتمل على وقائع عن عمل الله. لا يمكننا محاولة فهم هذه النبوءة باستخدام مفاهيمنا وتخيّلاتنا. يقول الكتاب المقدّس: "عَالِمِينَ هَذَا أَوَّلًا: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ ٱلْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لِأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ ٱللهِ ٱلْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ" (2 بطرس 1: 20-21). يجب أن نتمتع بقلب يخاف الله فيما يتعلق بالنبوءات. إن النبوءات تأتي من الله وهي غامضة، لذا فالله وحده يمكنه أن يكشف معناها. إن الناس لا يفهمون تلك النبوءات إلا عندما تتحقق. إذا فسرناها بطريقة حرفيّة، سنصبح عرضة لتحديد عمل الله وإغضابه. لقد اتّبع الفرّيسيون المعنى الحرفي للنصوص المقدسة، متخيّلين أن المسيح سيولد في قصر وأنه سيتولّى زمام السلطة. لكن حدث العكس من ذلك تمامًا. ليس فقط أن الرب لم يولد في قصر، بل ولد في مزود كابن نجّار، ولم يتولَّ حقًّا زمام السلطة. لقد تشبّث الفريسيّون بمفاهيمهم بعناد ورفضوا الاعتراف بالرب بوصفه المسيح. كان في وسعهم أن يروا أن كلماته وعمله تتمتع بالسلطان والقوّة وأنها آتية من الله، ومع ذلك قاوموا الله وأدانوه. لقد صلبوا الرب في النهاية. وأغضبوا شخصية الله فلعنهم الله وعاقبهم. يجب أن نتعلم من الفريسيين وألا نحاول فهم النبوءات وتحديد عمل الله بواسطة مفاهيمنا الخاصة".
رأيت أن ما قالته تلك الأخت كان منيرًا جدًا، وأنه يتفق مع الكتاب المقدس. تأتي النبوءات من الله، وأفكار الله أسمى من أفكار الإنسان. كذلك فإن حكمة الله أسمى من حكمة الإنسان. وحده الله يعرف تفاصيل كيفية إتمام النبوءات. كيف يمكن لإنسان أن يسبر أغوار عمل الله؟ أدركت أنني ليس بإمكاني تحديد عمل الله من خلال مفاهيمي الخاصة. لذا سألت الأخت: "أنت تشهدين بأن الله تجسّد وأتى إلى الأرض في الأيام الأخيرة، للتعبير عن الحقّ والقيام بعمل الدينونة. ما الذي يعنيه ذلك؟ وما هو الرابط بين ذلك وبين دينونة العرش العظيم الأبيض في الكتاب المقدس؟".
فقرأت الأخت هذه الآيات من الكتاب المقدس: "ثُمَّ رَأَيْتُ مَلَاكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ ٱلسَّمَاءِ مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ، لِيُبَشِّرَ ٱلسَّاكِنِينَ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ، قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: "خَافُوا ٱللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْدًا، لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ" (رؤيا 14: 6-7). "لِأَنَّ ٱلْآبَ لَا يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ٱلدَّيْنُونَةِ لِلِٱبْنِ" (يوحنا 5: 22). "وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ" (يوحنا 5: 27). "مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلَامِي فَلَهُ مَنْ يَدِينُهُ. اَلْكَلَامُ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ" (يوحنا 12: 48). وكذلك هذه الآية في رسالة بطرس الأولى: "لِأَنَّهُ ٱلْوَقْتُ لِٱبْتِدَاءِ ٱلْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ ٱللهِ" (1 بطرس 4: 17). قدّمت بعدئذ هذه الشركة: "إن هذه الآيات تبيّن "مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ، لِيُبَشِّرَ ٱلسَّاكِنِينَ عَلَى ٱلْأَرْضِ،" "لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ،" وأن "ٱبْتِدَاءِ ٱلْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ ٱللهِ". يمكننا أن نرى أن الله يأتي إلى الأرض في الأيام الأخيرة ليقوم بعمل دينونته. كذلك تقول آية أخرى "بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ٱلدَّيْنُونَةِ لِلِٱبْنِ". إن كلمتي "ابن" و "ابن الإنسان" تشيران إلى شخص ولد من إنسان ويتمتع بطبيعة بشرية عادية. تمامًا كما هو الحال مع الرب يسوع، رغم أنه قد يبدو عاديًا في الظاهر، إلا أنه يتمتع بروح الله وبجوهر إلهي في داخله. لا يمكن لروح الله ولا لجسده الروحي أن يدعيا ابن الإنسان. إن هذه الآيات تثبت أن الله سيتجسّد كابن الإنسان في الأيام الأخيرة للتعبير عن الحق والقيام بعمل الدينونة، وأن هذه الدينونة تبدأ من بيت الله. ذلك يعني أن أولئك الذين يسمعون صوت الله ويأتون أمام عرشه سيُدانون أولًا".
ثم قرأت بعض المقاطع من كلمات الله القدير: "إن الله لا يدين الإنسان واحدًا بواحد، ولا يختبر الإنسان فردًا فردًا؛ لأن القيام بهذا ليس هو عمل الدينونة. أليس فساد البشرية كلّها واحدًا؟ أوليس جوهر الإنسان واحدًا؟ ما يُدان هو جوهر البشرية الفاسد، جوهر الإنسان الذي أفسده الشيطان، وكافة خطايا الإنسان. لا يدين الله زلاّت الإنسان التافهة عديمة الأهمية. إن لعمل الدينونة دلالة تمثيلية، ولا يُنفَّذ على شخص محدد على وجه الخصوص؛ بل إنه عمل تُدان فيه جماعة من الناس لتمثّل دينونة البشرية كلّها. من خلال تنفيذ عمله بنفسه على مجموعة من الناس، يستخدم الله في الجسد عمله لتمثيل عمل البشرية جمعاء، بعدها ينتشر العمل تدريجيًّا. كذلك عمل الدينونة. لا يدين الله نوعًا معينًا من الأشخاص أو جماعة محددة من الناس، بل يدين إثم البشرية كلّها – مقاومة الإنسان لله، على سبيل المثال، أو عدم مخافة الإنسان لله، أو التشويش على عمل الله، وخلافه. ما يُدان هو جوهر البشرية الذي يقاوم الله، وهذا العمل هو عمل الإخضاع في الأيام الأخيرة. إن عمل الله المتجسِّد وكلمته اللذان يشهد عنهما الإنسان هما عمل الدينونة أمام العرش العظيم الأبيض في الأيام الأخيرة، والذي تصوَّره الإنسان أثناء الأزمنة الماضية. العمل الذي يتم حاليًا من الله المتجسِّد هو بالضبط الدينونة أمام العرش العظيم الأبيض" ("الكلمة يظهر في الجسد"). "عمل الإخضاع الحالي هو عمل يهدف إلى توضيح ما ستكون عليه نهاية الإنسان. لماذا أقول إن توبيخ ودينونة اليوم هما دينونة أمام العرش العظيم الأبيض في الأيام الأخيرة؟ ألا ترى ذلك؟ لماذا كان عمل الإخضاع هو المرحلة الأخيرة؟ أليس ذلك خاصة لتوضيح كيفية نهاية كل فئة من فئات البشر؟ أليس ذلك للسماح للجميع في خضم عمل الإخضاع من توبيخ ودينونة لإظهار معدنهم الأصلي، ثم تصنيفهم حسب نوعيتهم بعد ذلك؟ بدلًا من أن نقول إن هذا إخضاع للبشرية، قد يكون من الأفضل أن نقول إن هذا هو توضيح لنهاية كل نوع من أنواع البشر؛ بمعنى أن هذه دينونة لخطاياهم ثم إعلان لفئات البشر المختلفة، وبذلك يتم تحديد ما إذا كانوا أشرارًا أو أبرارًا. بعد عمل الإخضاع تأتي مكافأة الصالحين ومعاقبة الأشرار. منْ أطاعوا بالكامل، أي من تم إخضاعهم بالكامل، سيوضعون في الخطوة التالية من نشر عمل الله في الكون بأكمله؛ أما من لم يتم إخضاعهم فسيوضعون في الظلمة وستحل بهم الكوارث. ومن ثم يُصنَّف البشر حسب النوع، الأشرار مع الأشرار، ولن يروا نور الشمس مجددًا، ويُصَنَّف الأبرار مع الأبرار، وسيتلقون النور ويعيشون إلى الأبد في النور" ("الكلمة يظهر في الجسد"). "قد لا يبالي العديد من الناس بما أقول، لكنني لا أزال أود أن أقول لكل قدّيسٍ مزعومٍ يتّبع يسوع إنكم حين ترون بأعينكم يسوع ينزل من السماء على سحابة بيضاء، وقتها سيكون الظهور العلني لشمس البر. ربما يكون ذلك وقتًا ينطوي على تشويق كبير لك، ولكن يجب أن تعرف أن الوقت الذي تشهد فيه نزول يسوع من السماء هو نفس الوقت الذي ستهبط فيه للجحيم لتنال عقابك. سوف يكون ذلك وقت نهاية خطة تدبير الله، ووقتها سيكافئ الله الصالحين ويعاقب الأشرار. ذلك لأن دينونة الله ستكون قد انتهت قبل أن يرى الإنسان الآيات، حين لا يوجد إلا التعبير عن الحق. أولئك الذين يقبلون الحق ولا يسعَون وراء الآيات، ويكونون بذلك قد تطهروا، سيكونون قد عادوا أمام عرش الله ودخلوا في كنف الخالق. إن الذين يُصِرّون على الإيمان بأن "يسوع الذي لا يأتي على سحابة بيضاء هو مسيح كاذب" هم وحدهم من سيخضعون لعقاب أبدي؛ لأنهم لا يؤمنون إلا بيسوع الذي يُظهر الآيات، ولكنهم لا يعترفون بيسوع الذي يعلن العقاب الشديد، وينادي بالطريق الحق للحياة. ولذلك لا يمكن سوى أن يتعامل معهم يسوع حين يرجع علانيةً على سحابة بيضاء. إنهم موغِلونَ في العِناد، ومُفرِطون في الثقة بأنفسهم وفي الغرور. كيف يمكن لهؤلاء المنحطين أن يكافئهم يسوع؟" ("الكلمة يظهر في الجسد").
بعدئذ قدّمت الأخت شركة، وقالت: "إن الله لا يقوم بعمل دينونته في الأيام الأخيرة على النحو الذي نتخيّله، حيث يجثو الجميع أمامه ويكشف الله عن خطايانا الواحدة تلو الأخرى، ويقرّر بعدئذ ما إذا كنا سنصعد إلى السماء أم نهبط إلى بحيرة النار. لو أدان الله الإنسان بهذه الطريقة، فلن يوجد من يستحق دخول الملكوت. أفسدنا الشيطان بعمق وامتلأنا بالشخصيات الشيطانية، فما إن يكون لدينا إيمان بالرب يصبح بإمكاننا القيام ببعض الأعمال الصالحة، والتصرف بدماثة، ونشر الإنجيل، والعمل بجد في سبيل الرب، لكننا نظل نتمتع بطبيعة خاطئة في داخلنا. نستمر في الوقوع في الخطيئة ثم الاعتراف، ولا يمكننا حفظ تعاليم الرب. عندما لا يفعل الرب ما نريده، نلقي باللائمة عليه. نكذب ونغش في سبيل مصالحنا ومكانتنا الخاصة. عندما تتأثر مصالحنا، نكره الآخرين ونسعى للانتقام منهم... يقول الكتاب المقدّس: "ٱلْقَدَاسَةَ ٱلَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ ٱلرَّبَّ" (عبرانيين 12: 14). هل يمكن لأشخاص خاطئين جدًا مثلنا دخول ملكوت السماوات؟ لو أن الله أداننا وشجبنا بناء على سلوكنا الحالي، ألن يؤدي ذلك إلى معاقبتنا وهلاكنا جميعًا؟. من أجل تخليص الإنسان من الخطيئة بصورة نهائية، تجسّد الله من جديد كابن الإنسان وأتى سرًّا في الأيام الأخيرة. إنه الله القدير، الذي يعبّر عن الحقّ ويعمل ليدين الإنسان ويطهّره. إنها دينونة العرش العظيم الأبيض في سفر الرؤيا. إن الله يقوم بعمل الدينونة من خلال صيرورته جسدًا أولًا وتعبيره عن الحق لتطهير الإنسان وتخليصه وإفراز مجموعة من الغالبين. ثم يُنزل بعدئذ الكوارث العظيمة، ويكافئ الصالحين ويعاقب الطالحين، ويدّمر العصر القديم الشرير. وفي النهاية، يظهر بطريقة علنية لجميع الناس، ليصل عندئذ عمل دينونته إلى خاتمته. لا يتزامن انهمار الكوارث العظيمة مع بداية دينونة العرش العظيم الأبيض، بل مع نهايتها. في ذلك الوقت، فإن جميع أولئك الذين طهرت شخصياتهم الفاسدة دينونةُ كلمات الله خلال عمله السرّي سينجون من الكوارث من خلال حماية الله، وسيقودهم الله إلى ملكوته. أولئك الذي أنكروا الله القدير وأدانوه خلال مرحلة عمله السرّي ستكتسحهم كوارث غير مسبوقة، ليُعاقَبوا وسط العويل وصرير الأسنان".
أشرق قلبي من جرّاء شركتها. لقد تبيّن أن عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة لم يكن كما تخيّلت، أي أن يجلس الله على العرش العظيم الأبيض ليدين الناس الواحد تلو الآخر ويصعدهم بعدئذ إلى السماء أو يُهبطهم إلى الجحيم. إن الله يقوم بعمل دينونته على مراحل. أوّلًا، يعبّر الله عن الحقّ لاستئصال طبيعة الإنسان الآثمة، وتطهيره وتخليصه، ويعطيه الفرصة ليتوب ويتغيّر. ويظهر الله بعدئذ بطريقة علنية ليكافئ الصلاح ويعاقب الشر. إن تلك الصورة التي كانت في ذهني عن العرش العظيم الأبيض ستكون مشهد نهاية عمل دينونة الله. لو أنني انتظرت إلى ذلك الوقت لقبول عمل الله في الأيام الأخيرة، لفات الأوان وكنت سأضيّع فرصتي في الخلاص. أدركت أنني من الأفضل أن أتحقق من عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. لذا سألت الأخت، "كيف يدين الله الناس ويطهّرهم بواسطة كلماته؟"
فقرأت مقطعًا من كلمات الله القدير. "ففي الأيام الأخيرة، سيستخدم المسيح مجموعة من الحقائق المتنوعة لتعليم الإنسان، كاشفًا جوهره ومُمحّصًا كلماته وأعماله. تضم هذه الكلمات حقائق متنوعة، مثل واجب الإنسان، وكيف يجب عليه طاعة الله، وكيف يكون مُخلصًا لله، وكيف يجب أن يحيا بحسب الطبيعة البشرية، وأيضًا حكمة الله وشخصيته، وما إلى ذلك. هذه الكلمات جميعها موجَّهة إلى جوهر الإنسان وشخصيته الفاسدة؛ وبالأخص تلك الكلمات التي تكشف كيفية ازدراء الإنسان لله تعبّر عن كيفية تجسيد الإنسان للشيطان وكونه قوة معادية لله. في قيام الله بعمل الدينونة، لا يكتفي بتوضيح طبيعة الإنسان من خلال بضع كلمات وحسب، إنما يكشفها ويتعامل معها ويهذّبها على المدى البعيد. ولا يمكن الاستعاضة عن طرق الكشف والتعامل والتهذيب هذه بكلمات عادية، بل بالحق الذي لا يمتلكه الإنسان على الإطلاق. تُعد الوسائل من هذا النوع دون سواها دينونة، ومن خلال دينونة مثل هذه وحدها يمكن إخضاع الإنسان واقتناعه اقتناعًا كاملاً بالخضوع لله؛ لا بل ويمكنه اكتساب معرفة حقيقية عن الله. يؤدي عمل الدينونة إلى تعرُّف الإنسان على الوجه الحقيقي لله وعلى حقيقة تمرّده أيضًا. يسمح عمل الدينونة للإنسان باكتساب فهمٍ أعمق لمشيئة الله وهدف عمله والأسرار التي يصعب على الإنسان فهمها. كما يسمح للإنسان بمعرفة وإدراك جوهره الفاسد وجذور فساده، إلى جانب اكتشاف قبحه. هذه هي آثار عمل الدينونة، لأن جوهر هذا العمل هو فعليًا إظهار حق الله وطريقه وحياته لكل المؤمنين به، وهذا هو عمل الدينونة الذي يقوم به الله" ("الكلمة يظهر في الجسد").
أكملت الأخت شركتها قائلة: "عندما يعبّر عن الحق للقيام بعمل دينونة الإنسان وتطهيره، لا يقول الله بضع كلمات أو يكتب بعض المقاطع فحسب. بدلًا من ذلك، يعبّر عن جميع الحقائق التي تطهّر الجنس البشري وتخلّصه. إنه يُظهر حقائق، مثل كيفية إفساد الشيطان للإنسان، وكيفية تخليص الله للإنسان، ومن هم أولئك الذين يباركهم الله، وأولئك الذين يقصيهم، ومن يستطيع أن يخلص ويدخل الملكوت، وهلمّ جرًّا. إنه يكشف ويشرّح تحديدًا طبيعة الإنسان الشيطانية المقاومة لله ويظهر بشكل تام جميع الشخصيات والسموم الشيطانية التي نحملها في داخلنا. يمكننا أن نرى في استعلانات ودينونة كلمات الله الحقّ بشأن فسادنا بواسطة الشيطان. نتوصّل إلى معرفة طبيعتنا الخاطئة والمقاومة لله وأسبابها الجذرية، ونرى كم أن شخصياتنا الشيطانية متأصّلة فينا بعمق، كالتكبر والخداع والشر واحتقار الحق. مثلًا ومع أننا يمكننا أن نضحّي بأنفسنا في سبيل الرب، وأن نتحمل استهزاء غير المؤمنين وافتراءهم، ومع أننا لا ننكر الرب ولا نوقف التبشير بإنجيل الملكوت حتّى وإن دخلنا السجن، عندما تحلّ البليّة وعندما تبدو آفاقنا المستقبلية قاتمة، نتذمّر ونلوم الله، ونتأسف على الجهود التي بذلناها، حتّى أننا قد ننكر الله ونخونه. نرى أن الجهود التي بذلناها كانت تهدف فقط إلى الحصول على نعمة الله وبركاته، ونيل إكليل ومكافأة. إن مثل هذه الجهود غير نقيّة. نحن نبرم الصفقات مع الله ونخدع الرب فحسب. عندها فقط ندرك كم أفسدنا الشيطان، وأننا لا نتّقي الله وأننا من دون ضمير أو عقل. من خلال اختبار دينونة الله وتوبيخه، نبدأ بمعرفة شخصية الله البارّة والمهيبة. نبدأ اتقّاء الله، وكراهية أنفسنا حقًّا، ونصبح على استعداد لإهمال جسدنا وممارسة الحق. تبدأ أوجه فسادنا في التطهّر، ونبدأ الحياة بحسب شبه الإنسان الحقيقي. أولئك الذين أدانتهم كلمات الله على مدى سنوات يعرفون من أعماق قلوبهم أن دينونة الله يمكنها في الواقع أن تطهّر الناس وتغيّرهم، وأنها تمثّل المحبة والخلاص بالنسبة للإنسان".
رأيت من شركتها كم أن عمل دينونة الله عمليّ. إن الله يعبّر عن كلمات في الواقع ليدين ويكشف أوجه فسادنا والأسباب الجذرية لخطايانا، ليبيّن لنا الطريق نحو التغيير، ويطهّرنا ويخلّصنا. عندما كنت أُخطئ في الماضي، كنت أطلب من الرب أن يسامحني فحسب لكن بعدئذ لم يكن يسعني إلا أن أُخطئ من جديد لأنني لم أكن قد قبلت دينونة الله في الأيام الأخيرة. لقد وجدت الآن أخيرًا السبيل للتخلص من الخطيئة والتطهّر.
قرأت بعد ذلك الكثير من كلمات الله القدير بالإضافة إلى شهادات عديدة كتبها الإخوة والأخوات. أصبحت مقتنعة أن كلمات الله القدير هي الحق، وأنها قادرة على أن تطهّر الناس وتغيّرهم. اعترفت بأن الله القدير هو الرب يسوع العائد وقبلت عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. عندما أعود بالتفكير إلى الوراء، أجد أنني كنت أعيش في تخيلاتي، وأنتظر أن يأتي الرب لدينونة العرش العظيم الأبيض. لم أكن أعلم أن الله أتى في الخفاء بالفعل للتعبير عن الحقّ والشروع بعمل الدينونة بدءًا من بيت الله. كدت أفوت خلاص الله في الأيام الأخيرة! أشكر الله على رحمته ولطفه لأنه أتاح لي سماع صوته، لأُرفَع أمام عرشه وأقبل أن أُدان وأتطهّر أمام كرسيّ المسيح. شكرًا لله القدير!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.