لن أُحِدَّ الله بعد اليوم

2023 يونيو 10

لقد مارستُ الإيمان بالرب يسوع أنا وأمي منذ الصِّغر واستمتعتُ بنعمته الوفيرة. وهذا منحني إحساسًا عميقًا برحمة الرب يسوع ومحبّته للإنسانية. كنتُ معتادة على التواصل لألتمس منه النعمة. كلما لاقيتُ مشكلات، صليّت إلى الرب وحينما أخطأت، مَثُلتُ أمامه للاعتراف. ولأن الرب رحيم ومُحبّ، فهو دومًا يغفر خطاياي.

في أحد أيام شهر مايو 2019، قابلتُ ديانا وڤانيسا على فيسبوك. شاركنا سويًّا في مجموعة دراسة الكتاب المقدس ووجدت أن مشاركة ڤانيسا عن اللتاب المقدس مُتبصِّرة للغاية. في ذات مرّةٍ، خلال اجتماع، قالت ڤانيسا: "لقد قال الرب إنه سيأتي مجددًا في الأيام الأخيرة، فمتى سنتمكّن من الترحيب به؟ قال الرب يسوع، "خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي" (يوحنا 10: 27). "هَأَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى ٱلْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ ٱلْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي" (رؤيا 3: 20). أيضًا، "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ ٱلرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ" (رؤيا 2: 7). من هذه المقاطع يمكننا تبيُّن أنه حينما يأتي الرب في الأيام الأخيرة، سيُفصِح عن كلماته. إنّ السبيل إلى الترحيب بالرب في الأيام الأخيرة أن نُرْهِف السَّمع لصوت الله. عندما نسمع صوت الله، يمكننا الترحيب بالرب مثل العذارى الحكيمات". فوجئتُ حين استمعتُ إلى مشاركة ڤانيسا. لم أسمع كلمات مُتبصِّرة كهذه مُطلقًا. لقد حدَّدتْ السبيل إلى الترحيب بالرب. لم أفطِن إلى هذا أبدًا من قبل. بعدئذ، أرتني ڤانيسا مقطع فيديو عن ترنيمة حيوّية للغاية. في نهاية الفيديو، رأيتُ عنوان: "كنيسة الله القدير"، وانتابني الفضول. عندما اختُتِمتْ دراسة الكتاب المقدس، سارعت للبحث على الإنترنت. ورأيتُ الكثير من المعلومات السلبية ولذا هاتفتُ الأخت ديانا على عُجالةٍ لمعرفة المزيد. قالت ديانا إن الترحيب بالرب أمر جَلَل وشدَّتْ من أزْري في عدم التأثر بالشائعات. يجب أولًا أن أُنحّي مخاوفي جانبًا وأسعى بتواضعٍ لمعرفة ما إذا كان هذا هو الطريق الحقّ. بعد أيام قلائل، دعتني ديانا لحضور اجتماع. أحسستُ بالتضارب الشديد: أينبغي عليّ الذهاب أم لا؟ كانت مشاركة ڤانيسا عن الكتاب المقدس مُتبصِّرة حقًا وأردتُ سماع المزيد، لكن ساورني القلق أيضًا لأن ما كانت تعظ به لم يكن هو الطريق الحقّ. في ثنايا ترددي، صلّيتُ إلى الرب طالبة إرشاده. بعد ذلك، حضرتُ الاجتماع.

قالت لي ڤانيسا بحماسٍ خلال الاجتماع: "لقد عاد الرب يسوع بالفعل مُتَجسِّدًا في هيئة الله القدير. لقد اختتم الله القدير عصر النعمة وأسس عصر الملكوت، الذي عبّر عن ملايين الكلمات وعلى أساس عمل الفداء للرب يسوع، فهو يقوم بعمل الدينونة بدءًا من بيت الله، حتى يُطهِّر ويُخلِّص البشرية بالكامل. يعبّر كلام الله القدير عن الحقّ كله ويكشف عن سِر تجسّد الله والمراحل الثلاث لعمله والقصة الحقيقية للكتاب المقدس. تُخبر كلماته أيضًا عن منبع خطايا الجنس البشري، وكيف يفسد الشيطان البشرية وكيف يُخلّص الله البشرية في مراحل متقدمة، وتخبرنا عن مغزى عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة. لقد بيّن لنا الله أيضًا السُّبُل التي يمكن للمؤمنين بموجبها أن ينالوا الخلاص. على سبيل المثال، يُفَصِّلَ الله كيف نختبر دينونة كلماته لنتخلص من فسادنا، وكيف نمارس الحقّ ونكون صادقين، وكيف نتقيه ونحيد عن الشر لنصبح أناسًا ينفذون مشيئته وما إلى ذلك. لقد حقق كلام الله القدير وعمله نبوءة الرب يسوع: "إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لِأَقُولَ لَكُمْ، وَلَكِنْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا ٱلْآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ" (يوحنا 16: 12-13). "مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلَامِي فَلَهُ مَنْ يَدِينُهُ. اَلْكَلَامُ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ" (يوحنا 12: 48). "لِأَنَّهُ ٱلْوَقْتُ لِٱبْتِدَاءِ ٱلْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ ٱللهِ" (1 بطرس 4: 17)". عندما سمعتِ الأخت تقول إن الرب يسوع قد عاد مُتجسّدًا في هيئة الله القدير، لم أجرؤ على تصديق ذلك ولذا فقد صليّت إلى الله بصمتٍ، وفكّرت كيف قال الله: "طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِٱلرُّوحِ، لِأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ" (متى 5: 3). قلتُ لنفسي: "إنّ عودة الله أمر جَلل، ولا يمكنني التسرّع في أي استنتاجات جُزَافًا. يجب أن أكون باحثة متواضعة وأواصل الاستماع".

بعدئذ، طلبت مني ڤانيسا قراءة مقطع من كلام الله القدير. "مسيح الأيام الأخيرة يهب الحياة، وطريق الحق الأبدي. هذا الحق هو الطريق الذي يستطيع الإنسان من خلاله أن يحصل على الحياة، وهو السبيل الوحيد الذي من خلاله يعرف الإنسانُ اللهَ ويتزكَّى منه. إن لم تَسْعَ نحو طريق الحياة الذي يقدمه مسيح الأيام الأخيرة، فلن تنال أبدًا تزكية يسوع، ولن تكون أهلاً لدخول ملكوت السموات، لأنك ستكون حينها ألعوبة وأسيرًا للتاريخ. أولئك الذين تتحكم فيهم الشرائع والحروف والذين يكبّلهم التاريخ لن يتمكّنوا مطلقًا من بلوغ الحياة ولن يستطيعوا الوصول إلى طريق الحياة الأبدي، فكل ما لديهم ليس إلا ماءً عكرًا تشبّثوا به لآلاف السنين، وليس ماء الحياة المتدفق من العرش. أولئك الذين لا يرويهم ماء الحياة سيبقون جثثًا إلى الأبد، ألعوبة للشيطان وأبناء للجحيم. كيف لهم حينذاك أن يعاينوا الله؟ لو كان كل ما تفعله هو محاولة التشبث بالماضي، والإبقاء على الأشياء كما هي بالوقوف جامدًا، وعدم محاولة تغيير الوضع الراهن وترك التاريخ، أفلا تكون دائمًا ضد الله؟ إن خطوات عمل الله هائلة وجبارة كالأمواج العاتية والرعود المُدوّية، لكنك في المقابل، تجلس وتنتظر الدمار دون أن تحرك ساكنًا، لا بل تتمسّك بحماقتك دون فعل شيء يُذكَر. بأي وجهٍ – وأنت على هذه الحال – يمكن اعتبارك شخصاً يقتفي أثر الحَمَل؟ كيف تبرر أن يكون الله الذي تتمسك به إلهًا متجدّدًا لا يشيخ مطلقًا؟ وكيف يمكن لكلمات كُتُبِكَ العتيقة أن تَعْبُر بك إلى عصرٍ جديدٍ؟ وكيف لها أن ترشدك في السعي نحو تتبّع عمل الله؟ وكيف لها أن ترتقي بك إلى السماء؟ ما تمسكه في يديك ليس إلا كلمات لا تستطيع أن تقدّم لك سوى عزاءٍ مؤقتٍ، وتفشل في إعطائك حقائق قادرة أن تمنحك الحياة. إن الكتب المقدسة التي تقرؤها لا تقدر إلا أن تجعلك فصيح اللسان، لكنها ليست كلمات فلسفية قادرة أن تساعدك على فهم الحياة البشرية، ناهيك عن فهم الطرق القادرة على الوصول بك إلى الكمال. ألا تعطيك هذه المفارقة سببًا للتأمّل؟ ألا تسمح لك بفهم الغوامض الموجودة فيها؟ هل تستطيع أن تقود نفسك بنفسك لتصل السماء حيث تلقى الله؟ هل تستطيع من دون مجيء الله أن تأخذ نفسك إلى السماء لتستمتع بسعادة العِشرَة معه؟ أما زلت تحلم حتى الآن؟ أشير عليك إذاً أن تنفض عنك أحلامك، وأن تنظر إلى مَنْ يعمل الآن، إلى مَنْ يقوم بعمل خلاص الإنسان في الأيام الأخيرة. وإن لم تفعل، فلن تصل مطلقًا إلى الحق ولن تنال الحياة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وحده مسيح الأيام الأخيرة قادر أن يمنح الإنسان طريق الحياة الأبدية). وبينما أقرأ، بدأ يراودني شعور أن هناك شيئًا مختلفًا في هذه الكلمات ولم يسعني سوى أن أشعر بتبجيل يقينيّ لهذه الكلمات. بدت هذه الكلمات صارمة للغاية؛ كانت كل كلمة وعبارة مليئة بالسُّلْطة والقوة. لم تَبدُ مثل الكلمات التي يمكن أن يتفوّه بها أي بشريّ فانٍ. إنّ الله وحده يمكنه التحدث هكذا. لكن لحظتها فكّرتُ أيضًا: "هذا ليس صائبًا، إنّ الله رحيم ومُحبّ – وكلماته زاخرة بالعزاء والحنان. لكن وَقْع هذه الكلمات في غاية القسوة، وكأنها أشبه بلعنةٍ أو إدانةٍ للبشر". أحسستُ بالتضارب الشديد: "أهذا كلام الله حقًا؟ بالنظر إلى أن هذه الكلمات مُفعمة بالسُّلطة، لا بُدَّ أنه كلام الله، أليس كذلك؟ لكن إن كان الله القدير هو الربّ يسوع العائد، فيجب أن يتحدث مثله. يجب أن يكون رحيمًا ومُحبًّا ويجب أن تكون كلماته رقيقة ومُراعية. لكن خطاب الله القدير بالغ القسوة، أيمكن أن يكون حقًا الرب يسوع العائد؟" أحسستُ بالتضارب الشديد.

بعدئذ، بُحْتُ لڤانيسا بشكوكي وتشاركت معي بصبرٍ، قائلة: "لطالما آمنّا أن الله رحيم ومُحب، وأنه يخاطبنا بطريقة لطيفة ومُراعية، ولذلك إنْ كانت كلماته قاسية، فهي ليست كلمات الله. لكن هل تتماشى هذه الفكرة مع الحقائق والحقّ؟ في واقع الأمر، وفي كل عصرٍ، لم يتحدث الله بكلمات التقدير والتشجيع فحسب، وإنّما تحدث أيضًا بكلمات تُوبِّخ وتُدين وتلعن البشر. الأمر فقط أننا لم نُعِر اهتمامًا لهذا. لنلقي نظرة على المُسجَّل في الكتاب المقدس: قال يهوه الله، "مُرَاقِبُوهُ عُمْيٌ كُلُّهُمْ. لَا يَعْرِفُونَ. كُلُّهُمْ كِلَابٌ بُكْمٌ لَا تَقْدِرُ أَنْ تَنْبَحَ. حَالِمُونَ مُضْطَجِعُونَ، مُحِبُّو ٱلنَّوْمِ. وَٱلْكِلَابُ شَرِهَةٌ لَا تَعْرِفُ ٱلشَّبَعَ. وَهُمْ رُعَاةٌ لَا يَعْرِفُونَ ٱلْفَهْمَ. ٱلْتَفَتُوا جَمِيعًا إِلَى طُرُقِهِمْ، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى ٱلرِّبْحِ عَنْ أَقْصَى" (إشعياء 56: 10-11). ولقد قال الرب يسوع: "أَيُّهَا ٱلْحَيَّاتُ أَوْلَادَ ٱلْأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟" (متى 23: 33). "لَا تُعْطُوا ٱلْقُدْسَ لِلْكِلَابِ، وَلَا تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ ٱلْخَنَازِيرِ، لِئَلَّا تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ" (متى 7: 6). هناك الكثير والكثير من الآيات من هذا القبيل. من هذه الآيات يمكننا تبيُّن أنه في عصر الناموس وعصر النعمة، وبَّخ الله وأدان ولعن البشر. ومع أن كلماته بدت قاسية وضربة في الصَّميم، فقد كانت حقيقية كلها وكلها كشفت عن جوهر الذين يقاومون الله ويعصونه. في الواقع، لا يهمّ إنْ كان كلام الله لطيفًا أو قاسيًا، فكلّها تعبيرات عن شخصية الله. إنْ لم نفهم شخصية الله وحدَّدناه في الرحمة والرِّفق، سنُكوِّن آراءً بعينها حين يتكلم بقسوة، ونظن أن الله لا يتحدث إلا بطريقة لطيفة ولا يجب أن يتحدث بمثل هذه اللهجات الصارمة، ولذلك، من المستحيل أن تكون مثل هذه الكلمات من الله. إنّ بناء تصميمنا على ما إذا كانت الكلمات لطيفة أو صارمة أمر خاطئ ونتيجة لمفاهيمنا ومعتقداتنا. على سبيل المثال، إنْ اعترفنا بوالدينا كأبوين فقط إذا تحدثا إلينا بلطفٍ، لكننا لم نعترف بهم كآباء لنا حين تحدَّثا إلينا بصرامة أو وبَّخانا إزاء فعل خاطئ، ألن يكون هذا سخيفًا؟" بعد الاستماع إلى مشاركة الأخت، أحسست أن الأمور أكثر وضوحًا إزاء هذه المسألة. قلتُ لنفسي: "هذا صحيح، بغضّ النظر عما إذا كان آباؤنا يتحدثون إلينا بلطفٍ أو بصرامةٍ، أليسوا دائمًا آباءنا؟ لقد تكلّم يهوه الله والرب يسوع بلهجة صارمة من قبل، فلماذا لم أفطِن إلى هذا مُسْبقًا؟ أعتقد أن من الخطأ تحديد ما إذا كان هذا كلام الله مبنيّ على ما إذا كان لطيفًا أو صارمًا". بعد أن أدركت هذا، لم أشعر أني مقاوِمة. ولكن كلما قرأتُ مقاطع من كلام الله كشفت وأدانت البشر، كنتُ أشعرُ أنها صارمة، كما لو أنني مُدانة. ظللنا نتناقش دون توقف: الرب يسوع رحيم ومُحبّ، فلمَ الله القدير شديد الصرامة ويغضب دائمًا على البشر؟ في ذات مرّةٍ خلال اجتماع، طرحتُ سؤالي على أختٍ: "لا يمكنني رؤية الله القدير والرب يسوع على أنهما الله نفسه – فشخصيتهما مختلفة تمامًا. عندما أتخيّل الرب يسوع، أفكر في مدى رحمة الله ومحبته لكن الله القدير يبدو شديد الصرامة، والكثير من الأمور التي يقولها تكشف وتُشرِّح البشر. فلمَ الله القدير والرب يسوع مُختلِفيْن تمامًا؟"

تشاركت الأخت قائلة: "كثيرًا ما يعاني الناس من هذا الالتباس ويرجع ذلك أساسًا إلى أنهم لا يفهمون شخصية الله. لنُلقي نظرة على عمل الله السابق. بمجرد أن نحظى بشيء من الفهم عن شخصية الله البارَّة، ستحلّ هذه المشكلة نفسها. نعلم جميعًا أنه عندما لاحظ الله شرّ شعبي سدوم ونينوي، استشاطت شخصيته غضبًا وقرر تدمير هاتين المدينتين. قبل أن يدمرهما، أرسل الله ملاكين إلى سدوم وكان لوط هو الشخص الوحيد الذي استضافهما. لم يُرحّب السُّكّان الآخرون بالملاكين فحسب، بل أرادوا قتلهما. رأى الله شرّهم واستشاط غضبًا. وبعد أن أنقذ الملاكين لوطًا وأسرته، أمطر الله نارًا من السماء فأبادت كل الناس ومواشيهم والحياة النباتية في المدينة. والآن لنلقي نظرة على نينوي. لقد خطط الله لإهلاك هذه المدينة أيضًا ولذلك أرسل يونان ليُبلّغ رسالته: "بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تَنْقَلِبُ نِينَوَى" (يونان 3: 4). عندما سمع ملك نينوي هذه الأخبار، جعل شعب مدينته يبدّلون ثيابهم ويرتدون المسوح ويجلسون في الرماد ويصومون ويُصلّون ويتخلصون من الشر الذي تبنّوه ويتوبون إلى الله. عندما رأى الله هذا، انحسر غضبه ونجّاهم برحمةٍ من الهلاك. من مواقف الله المختلفة تجاه نينوي وسدوم، يمكننا أن نستشفّ أن شخصية الله حقيقية وحيّة. إنه ليس رحيمًا ومُحبًّا فحسب، وإنما مَهيب وغاضب أيضًا. عندما يخطئ الناس، يمنحهم الله فرصة للتوبة، ويُبدي لهم شخصيته المُحبّة والرحيمة. عندما يُعاند البشر ولا يرغبون في التوبة، بل وعندما يقاومون الله بعنادٍ ويحتجّون عليه، فيصبّ الله جامّ غضبه عليهم، ويُبدي شخصيته البارَّة والمَهيبة. هذا يسمح لنا بإدراك أن شخصية الله البارَّة ليست مُحبّة ورحيمة فحسب، وإنما مَهيبة وغاضبة أيضًا. كلا الجانبين وارد في شخصية الله المتأصّلة.

لنلقي نظرة الآن على عصر النعمة الذي قام فيه الرب يسوع بعمله. عندما أخطأ الناس ومَثلوا أمام الرب ليعترفوا بخطاياهم ويتوبوا، فإنه غفر لهم خطاياهم وأغدق عليهم بنعمته الوفيرة، لذلك يعتقد الكثيرون أن شخصية الرب هي مجرد محبة ورحمة وليست شخصية غاضبة وتكيل اللعنات. في الواقع، هذه الأمور ما هي إلا مفاهيم الناس وتصورّاتهم. فيما يتعلّق بالفريسيين الذين أدانوا وقاوموا الرب بل وحتى احتجّوا عليه على المَلأ، وشعر الرب يسوع بالغضب الشديد. فأدانهم ولعنهم ونطق بالويلات السبعة عليهم. لم يشعر بأدنى شفقة عليهم. من هذا يمكننا أن ندرك أنه منذ وقت الخلق وحتى يومنا هذا، عبّر الله دائمًا عن شخصيته البارَّة تجاه البشر. إنّ الله مُحبّ ورحيم، لكنه أيضًا مَهيب وغاضب ويلعن ويعاقب. تمامًا كما يقول الله القدير: "إن رحمة الله وتسامحه موجودان بالفعل، ولكن قداسة الله وبرّه عندما يُعلِن غضبه يُظهِران للإنسان جانب الله الذي لا يحتمل أيّة إساءةٍ. عندما يكون الإنسان قادرًا تمامًا على طاعة وصايا الله والتصرّف وفقًا لمتطلّباته، يكون الله كثير المراحم تجاه الإنسان. وعندما يكون الإنسان مملوءًا بالفساد والكراهية والعداء ضده، يكون الله غاضبًا جدًّا. وإلى أيّ مدى يكون غضبه شديدًا؟ سوف يستمرُّ غضبه إلى أن تختفي من وجه الله مقاومة الإنسان وأعماله الشريرة، وحتّى لا تكون أمام عينيه. عندها فقط سيختفي غضب الله. ... إنه متسامحٌ ورحوم تجاه الأشياء اللطيفة والجميلة والجيّدة، ولكنه شديد الغضب تجاه الأشياء الشريرة والخاطئة والفاسدة، وكأن غضبه لا يتوقّف. هذان هما الجانبان الرئيسيّان البارزان في شخصيّة الله، إضافة إلى أنهما الجانبان اللذان كشف عنهما الله من البداية إلى النهاية: الرحمة الوفيرة والغضب الشديد" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (2)). من خلال كلام الله، يمكن أن ندرك "الرحمة الوفيرة والغضب الشديد" أن هناك جانبين من جوانب شخصية الله يُظهرهما على الدوام للبشرية. هذان الجانبان من شخصيته ليسا متناقضين. يُمثِّل كلاهما جزءًا من شخصيته المتأصِّلة. يجب ألا نُحِدّ الله بوصفه قادرًا فقط على منح الرحمة وعدم إنزال غضبه استنادًا على حقيقة أننا قد استمتعنا بنعمته في الماضي. هذا النوع من الفهم أحاديّ الجانب للغاية". بعد سماعي لهذا، أدركتُ أن الله ليس مُحبًّا ورحيمًا فحسب، لكنه أيضًا مَهيبٌ وغاضبٌ ويكيل اللعنات. كلّ هذه جوانب شخصية الله المتأصِّلة. كان هذا لأنني فهمت القليل جدًا من شخصية الله لدرجة أنني تبنَّيتُ اعتقادًا أحادي الجانب أن الله رحيم ومُحبّ فحسب. كانت هذه بالفعل مفاهيمي وتصوّراتي ولم تتماشَ مع الواقع. أدركتُ أنه كان عليَّ الاستماع إلى مزيد من المشاركات لتعميق فهمي.

واصلت الأخت مشاركتها قائلة: "الشخصية التي يُظهرها الله في كل عصر، تقوم على متطلبات عمل خلاص الله، فَضْلًا عن احتياجات البشرية الفاسدة. يمكن أن يساعد هذان المقطعان من كلام الله القدير في توضيح هذا الأمر لنا: "كان العمل الذي قام به يسوع متوافقًا مع احتياجات الإنسان في ذلك العصر. وكانت مهمته فداء البشرية وغفران ذنوبها، ولذا كانت شخصيته تتسم كليًّا بالتواضع والصبر والمحبة والتقوى والحلم والرحمة والإحسان. لقد أغدق على البشرية بركته وأسبغ عليها نعمته، وكل الأشياء التي يمكن أن تستمتع بها، ومتّعها بالسلام والسعادة، وبرفقه ومحبته ورحمته وإحسانه. وفي ذلك الزمان، لم يتلق البشر إلا الكثير من الأشياء التي يمكنهم الاستمتاع بها: فنزل السلام والسكينة على قلوبهم، وغشيت السلوى أرواحهم، وكان المخلّص يسوع يمدّهم بالقوت. وكان تمكنهم من الحصول على تلك الأشياء نتيجة للعصر الذي عاشوا فيه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. القصة الحقيقية وراء العمل في عصر الفداء). "في عمله الأخير باختتام العصر، شخصية الله هي شخصية توبيخ ودينونة، وفيها يكشف كل ما هو آثم بهدف إدانة جميع الشعوب علانيةً، وتكميل أولئك الذين يحبونه بقلب مخلص. لا يمكن إلا لشخصية مثل هذه أن تنهي العصر. لقد حلّت الأيام الأخيرة بالفعل. سيتم فصل جميع الأشياء في الخليقة وفقًا لنوعها، ومن ثم توزيعها إلى فئات مختلفة بناءً على طبيعتها. هذا هو الوقت الذي يكشف الله فيه عن مصير الناس وغايتهم. إذا لم يخضع الناس للتوبيخ والدينونة، فلن تكون هناك طريقة لكشف عصيانهم وعدم برهم. فقط من خلال التوبيخ والدينونة يمكن أن يُعلن بوضوح مصير الخليقة كلها. يُظهِر الإنسان فقط طِباعه الحقيقية عندما يُوبَّخ ويُدان. الشرير سيُوضعُ مع الأشرار، والصالح مع الصالحين، ويُفصَل جميع البشر بحسب نوعهم. من خلال التوبيخ والدينونة، ستُعلن نهاية كل الخليقة، حتى يُعاقب الشرير ويُكافأ الصالح، ويصير جميع الناس خاضعين لسيادة الله. يجب أن يتحقق كل هذا العمل من خلال التوبيخ والدينونة البارَّين. ولأن فساد الإنسان قد بلغ ذروته، وصار عصيانه شديدًا على نحو متزايد، فلن تستطيع أن تُحدِث تحولاً كاملاً في الإنسان وتمنحه الكمال سوى شخصية الله البارة، التي تشمل التوبيخ والدينونة، والتي ستُستعلن أثناء الأيام الأخيرة. لا يمكن إلا لهذه الشخصية وحدها تعرية الشر ومن ثمّ معاقبة كل الأشرار بشدة. ولذلك فإن شخصية مثل هذه مشبّعة بأهمية العصر، كما سيتجلّى إعلان وإظهار شخصيته من أجل عمل كل عصر جديد. إن الله لا يظهر شخصيته اعتباطًا وبلا أهمية. إذا افترضنا أنه، بإعلان عاقبة الإنسان أثناء الأيام الأخيرة، ما زال الله سينعم على الإنسان برحمة ومحبة مطلقين ويستمر في معاملته بمحبة، ولا يُخضع الإنسان لدينونة بارّة بل يُظهر له التسامح، والصبر والغفران ويعفو عنه بغض النظر عن فداحة الخطايا التي يرتكبها، بدون أدنى ذرةِ دينونةٍ بارة: فمتى إذًا ينتهي كل تدبير الله؟ متى تكون شخصية مثل هذه قادرة على قيادة الناس إلى غاية مناسبة للبشرية؟ خذ على سبيل المثال قاضيًا محبًّا دائمًا، يحكم بوجه بشوش وقلب لطيف، يحب الناس بغض النظر عن الجرائم التي ارتكبوها، وهو محب لهم ومتسامح معهم أيًّا كانوا. في تلك الحالة، متى سيكون قادرًا على إصدار حكم عادل؟ في الأيام الأخيرة، لا يمكن إلاّ للدينونة البارة وحدها أن تفرز الإنسان بحسب نوعه وأن تُحضِرُ الإنسان إلى عالم جديد. بهذه الطريقة، ينتهي العصر بأكمله من خلال شخصية الله البارة القائمة على التوبيخ والدينونة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. رؤية عمل الله (3)).

تشاركت الأخت قائلة: "في عصر النعمة، عبّر يهوه الله عن نفسه بشخصيات يغلب عليها اللعنات والحرق والغضب. خلال ذلك الوقت، كان الناس يفتقرون إلى الفهم العميق. لم يعرفوا ما هي الخطيّة وكيف يعيشون أو كيف يعبدون الله، لذا بناءً على احتياجاتهم آنذاك، أصدر الله الشرائع والوصايا لإرشاد الناس في حياتهم. أولئك الذين أطاعوا شرائع الله نالوا رحمته، لكن أولئك الذين انتهكوا الناموس أحرقهم الله بناره السماوية أو رجمهم حتى الموت. ومع ذلك، وقرب نهاية عصر الناموس، حيث صار الناس أكثر فسادًا وأخطأوا وانتهكوا الناموس رغمًا عنهم، كان من الممكن إعدامهم جميعًا بموجب الناموس إنْ حُكِم على أفعالهم بموجب ناموس ذلك الوقت. لذا، خلال عصر النعمة، صار الله نفسه جسدًا ليفدي البشرية بحسب احتياجاتهم، وأظهر شخصيته الرحيمة والمُحبّة ومنح الناس نعمته الوفيرة. لقد عاملهم برحمةٍ ومحبةٍ لا حدود لهما، وتجاوز عن خطاياهم وغفر لهم، وصُلِبَ في النهاية ليفتدي كل البشر من خطاياهم. رفع عقوباتهم عنهم وسمح لهم بمواصلة العيش. في عصر الناموس، إنْ كان الله قد استمر في التعبير عن شخصيته على شكل لعنات وحرق وغضب، لم تكن لتُغفَر خطايا البشر قطّ، ولم يكن ليُفتَدى البشر بموجب الناموس قطّ، ولآل حال البشرية إلى العدم ولم تكن لتبلغ حيث هي اليوم. لذلك عبّر الله عن شخصيته الرحيمة والمُحبّة في عصر النعمة. طالما أن الناس مَثلوا أمامه وقَبِلوا فداءه، فإنه سيغفر لهم خطاياهم. في الأيام الأخيرة، صار الناس أكثر فسادًا. على الرغم من أننا تلقينا فِداء الرب يسوع وغُفِرت لنا خطايانا، إلا أن طبيعتنا الخاطئة مثل الغطرسة والخيانة والشر والتعنُّت والشراسة، لا تزال جميعها مُتأصِّلة في أعماقنا. لم تُستأصل شخصيتنا الشيطانية بالكامل، ولذلك مازلنا في كثير من الأحيان نكذب ونخطئ ونتمرد ونقاوم الله. مازلنا غير جديرين بدخول ملكوت الله. من أجل خلاص البشرية وتحريرنا تمامًا من الخطيّة، تجسّد الله مرة أخرى، ليقوم لعمل الدينونة والتطهير على أساس عمل الرب يسوع ليستأصل شخصياتنا الشيطانية ويُطهِّرنا من الخطايا ويسمح لنا بالخضوع وتبجيل الله بحقّ، ويجلبنا إلى ملكوته في النهاية. وبالنظر إلى ضرورات عمله، لم يعد الله يعبّر عن شخصيته الرحيمة والمُحبّة، وبدلًا من ذلك يختار إظهار شخصيته البارَّة والمهيبة والغاضبة ليُدين ويكشف شخصيات الإنسان الفاسدة. ولن يتمكّن من تحويل وتطهير البشرية إلا بقيامه بذلك. ومع أنّ الشخصية التي يُظهرها الله في كل عصر مختلفة، لكن جوهر الله لا يتغيّر أبدًا. يقوم الله بعمله ويكشف عن شخصيته بحسب احتياجات البشرية الفاسدة، مما يُمَكِّن الناس من فهم الله ومعرفته بشكل أفضل، حتى لا يُحِدّوه ويُحِدّوا شخصيته. لا يجب أن نعتقد أن الله القدير والرب يسوع ليسا هما الله نفسه لمجرد أنهما يُعبّران عن شخصيات مختلفة".

فقط بعد سماع مشاركة الأخت، أدركتُ أن الله يقرر نوع الشخصية التي يُظهرها في كل عصر بِناءً على مُقتضيات عمله في الخلاص، واحتياجات البشرية الفاسدة. في عمله للدينونة في الأيام الأخيرة، يُظهِر الله القدير شخصيته البارَّة والمَهيبة ليُطَهِّر ويُخلِّص البشرية – على الرغم من أن الشخصية التي يُعبِّر عنها تختلف عن شخصية الرب يسوع؛ إلا أنها لا تزال تتجلّى في تلبية احتياجات البشرية الفاسدة. إنّ الله القدير والرب يسوع واحد وهما الله نفسه. كانت مشاركة الأخت واضحة للغاية وبدَّدت كل حَيْرتي.

في الاجتماع التالي، قرأت لي ڤانيسا مقطعًا آخر من كلام الله القدير: "بماذا يتحقق تكميل الله للإنسان؟ إنه يتحقق بواسطة شخصية الله البارَّة. تتكوَّن شخصية الله في المقام الأول من البِرِّ والنقمة والجلال والدينونة واللعنة، وتكميله للإنسان يتحقَّق أساسًا من خلال دينونته. بعض الناس لا يفهمون ويسألون لماذا لا يكون باستطاعة الله أن يُكمِّل الإنسان إلا من خلال الدينونة واللعنة. يقولون: "إذا كان على الله أن يلعن الإنسان، أفلن يموت الإنسان؟ وإذا كان على الله أن يدين الإنسان، أفلن يكون الإنسان مدانًا؟ فكيف رغم هذا يمكن جعله كاملًا؟" هذه هي كلمات الناس الذين لا يعرفون عمل الله. ما يلعنه الله هو عصيان الإنسان، وما يدينه هي خطايا الإنسان. ومع أنه يتكلم بصرامة وبلا هوادة، فهو يكشف كل ما بداخل الإنسان، ومن خلال هذه الكلمات الصارمة يكشف ما هو جوهري في داخل الإنسان، ولكن من خلال مثل هذه الدينونة يمنح الإنسان معرفة عميقة بجوهر الجسد، وهكذا يخضع الإنسان أمام الله. إن جسد الإنسان هو جسد خطية، وهو من الشيطان، وهو متمرد، وهو موضع توبيخ الله – ومن ثمَّ، فمن أجل السماح للإنسان بمعرفة نفسه، يجب أن تحلَّ كلمات دينونة الله عليه ويجب أن توظَّف كل أنواع التنقية؛ عندها فقط يمكن أن يكون عمل الله فعالًا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله). هذا ما قالته ڤانيسا في مشاركتها فحسب. قالت: "في الأيام الأخيرة، عمل دينونة الله هي خطوة العمل الأخيرة في خلاصه للبشرية وهي نهاية خطة تدبيره التي تبلغ6000 عام. إنه يختتم العصر بأكمله للتعبير عن شخصيته البارَّة والمهيبة، ويُصنِّف كلًّا منها بحسب نوعه، الصالح مع الصالح والشرير مع الشرير. إنْ عبرّ الله عن شخصيته الرحيمة والمُحبّة فحسب، وأنه دائمًا يتسامح ويتصبَّر ويغفر لنا فمهما ارتكبنا من الخطايا، فلن نتحرر من خطايانا مطلقًا، وسنكون خاضعين لسيادة الشيطان وتخريبه إلى الأبد. أيضًا، لن يكتمل عمل الله في الخلاص مطلقًا ولن يُميَّز بين الخير والشر أبدًا كما يجب. لذلك، في الأيام الأخيرة، يعبّر الله عن شخصيته البارَّة والمهيبة والغاضبة في عمله، وتكشف لغته الصارمة عن طبائع البشر الشيطانية. أولئك الذين يحبون الحقّ يعرفون أنفسهم ويقبلون دينونة كلام الله، ويفهمون شخصيته البارَّة التي لا تتسامح مع الإساءة، وهكذا، يُظهِرون تبجيلًا لله ويتجنَّبون الشر، ويحققون تغييرًا في شخصيتهم في نهاية المطاف. أما أولئك الذين سَئِموا الحقّ ويرفضون دينونة الله وتوبيخه، فيكشفهم الله ويستبعدهم. وهكذا، يُصَنَّف كل شخص بحسب نوعه".

أدركتُ أنه إذا قام الله القدير بعمل دينونته في الأيام الأخيرة بالطريقة ذاتها التي قام بها الرب يسوع بعمل الفِداء، إذا أظهر الرحمة والمحبة للناس فحسب ولم يكن صارمًا ويُدينهم، فلن يتمكّن من تصنيف الجميع بحسب نوعهم، ولن تتبدَّد طبيعتنا الخاطئة والمقاومة لله قطّ، ولن نُخَلَّص أو ندخل ملكوت الله أبدًا. لذلك هناك مغزى عميق لله يُعبّر به عن شخصية تتسم بالبرَّ والمهابة والدينونة والتوبيخ في الأيام الأخيرة!

لاحقًا، قرأنا مقطعين من كلام الله القدير، مما منحني فهمًا أفضل لعمل الله القدير والشخصية التي يُعبِّر عنها في الأيام الأخيرة. "يدينكم الله اليوم ويحكم عليكم ويوبِّخكم، ولكن يجب أن تدرك أن الهدف من إدانتك هو أن تعرف نفسك. إن الهدف من الإدانة واللعنة والدينونة والتوبيخ أن تعرف نفسك لكي تتغيَّر شخصيتك وتعرف قيمتك وترى أن جميع أعمال الله بارة ومتوافقة مع شخصيته ومتطلبات عمله، وأنه يعمل وفقًا لخطته لخلاص الإنسان، وأنه الإله البار الذي يحب الإنسان ويخلِّصه ويدينه ويوبِّخه. ... لم يأتِ الله ليقتل ويدمر، بل ليدين ويلعن ويوبِّخ ويُخلِّص" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عليك أن تتخلَّى عن بركات المكانة وتفهم مشيئة الله لجلب الخلاص للإنسان). "مع أن كلماتي قد تبدو صارمة، إلا أنها تُقال كلها من أجل خلاص الإنسان، إذ إنني أقول كلمات فقط ولا أعاقب جسد الإنسان. تجعل هذه الكلمات الإنسان يعيش في النور، ويعرف أن النور موجود، وأنه ثمين، ويعرف بالأحرى مدى منفعة هذه الكلمات له، ويعرف أن الله خلاص. مع أنني قد قلت العديد من كلمات التوبيخ والدينونة، إلا أنها لم تتم عليكم في صورة أفعال. لقد أتيت لأقوم بعملي وأقول كلماتي، ومع أن كلماتي قد تكون صارمة، إلا أنها تُقال من أجل إدانة فسادكم وعصيانكم. يظل الهدف مما أفعله هو خلاص الإنسان من مُلك الشيطان، واستخدام كلماتي لخلاص الإنسان؛ هدفي ليس إيذاء الإنسان بالكلمات. كلماتي صارمة لكي يحقق عملي نتائج. لا يمكن للإنسان أن يعرف نفسه ويتخلَّى عن شخصيته المتمردة إلا من خلال عملي بهذه الطريقة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عليك أن تتخلَّى عن بركات المكانة وتفهم مشيئة الله لجلب الخلاص للإنسان). تشاركت ڤانيسا قائلة: "من خلال كلام الله، يمكن أن نتبيّن أنه في الأيام الأخيرة، يستخدم الله كلماته ليُدين ويُطهِّر البشر. بغض النظر عن مدى قسوة وصرامة كلماته، فإنّ جميعها يهدف إلى مساعدتنا في التعرّف على حقيقة فسادنا، والتحرر من تأثير الشيطان المُظلم وقبول خلاص الله. نعلم جميعًا أن شخصية الله بارَّة ومقدسة، بينما نحن البشر الذين أفسدهم الشيطان بشدةٍ ونسعى وراء الاتجاهات الدنيوية الشريرة، ونتحارب ونتآمر ضد بعضنا بعضًا في السعي وراء المال والمكاسب الشخصية، دون أدنى مظهر من مظاهر الإنسان الحقيقيّ. حتى أولئك الذين يؤمنون بالرب عاجزين عن ممارسة ما يطلبه الله وكثيرًا ما يطلبون النعمة والبركات من الله. ومهما كانت إسهاماتهم التي يقومون بها، فإنهم يفعلون ذلك لدخول السماء وربح الحياة الأبدية، وليس لأنهم يحبون الرب ويسعون لإرضائه. إنهم يفعلون كل هذا لاستغلال الرب في تحقيق أغراضهم الدنيئة. يبدو ظاهريًّا أن بعض القادة الدينيين خُدّام الله متواضعون وصبورون ومتحمسون، لكنهم كثيرًا ما يُمجِّدون ويشهدون لأنفسهم في عِظاتهم لنَيْل إعجاب واحترام الآخرين. عندما تجسَّد الله ثانيةً وظهر ليقوم بعمله، لم يُرحّب به أحد، وتحالف العالم الدينيّ بأسره مع الحكومة المُلحدة لإدانة ومقاومة عودته، ونشر الأكاذيب على نحو تعسفيّ للنيْل من كنيسة الله القدير ومنع الناس من تحرِّي الطريق الحقّ. بعبارةٍ أخرى، لقد كان البشر جميعًا يدينون الله ويقاومونه ويرفضون قدومه. تمامًا كما يقول الكتاب المقدس: "وَٱلْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي ٱلشِّرِّيرِ" (1 يوحنا 5: 19). تعارض البشرية الفاسدة الله بكل السُّبُل. كلهم على شاكلة الشيطان والثعابين السامة. عندما يُفصِح الله عن كلماته الصارمة ليكشف حقيقة فساد البشرية، فإنّ أولئك الذين يحبون الحقّ فحسب هم القادرون على التعرّف بحقّ على طبيعتهم الشيطانية التي تقاوم وتخون الله، وهم يدركون أنهم في إيمانهم لا يسعون إلى معرفة الله، وأن لديهم مقاصد خسيسة مثل ربح البركات وعقد الصفقات مع الله. إنهم يرون بوضوح الحقيقة البشعة لفسادهم العميق من قِبَل الشيطان، ويتوبون بصدقٍ إلى الله ويُقسِمون على التصرّف بحسب مطالب الله، ويربحون بعض الشبه الإنسانيّ في النهاية. من هذا يمكننا أن ندرك أنه بغض النظر عن مدى قسوة وصرامة كلام الله، فإن كله يكشف عن حقيقة فسادنا، ويساعدنا على إحياء أرواحنا فاقدة المُخدَّرة، والتعرّف على جواهر فسادنا وتحرير أنفسنا تمامًا من قيود الخطيّة وأن نصبح مُطهَّرين. إنّ كلام الله الصارم في طرحه ودينونته مفيد للغاية في عملية معرفة وخلاص أنفسنا!"

بعد الاستماع إلى مشاركة ڤانيسا، أدركتُ أخيرًا أن الله قد أفصح عن الكثير من كلماته الصارمة في الأيام الأخيرة ليكشف عن ذواتنا الحقيقية. هذا هو خلاصه وليس إدانته. ظننتُ أنني أؤمن بالله لأربح بركاته ونعمته فحسب، بل وحصرتُ الله باعتباره رحيم ولطيف، وفشلتُ في التعرّف عليه حينما تحدث بصرامةٍ. كنتُ لا عقلانية للغاية! ومنذئذ، تمكّنتُ من قبول كلام الله الصارم ودينونته وكنتُ أكثر استعدادًا لقراءة كلام الله القدير. صِرتُ على يقين أن الله القدير هو الرب يسوع العائد.

بعد التثبُّت من صحة عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، واظبتُ بنشاط على حضور الاجتماعات وقراءة كلام الله القدير يوميًّا. ذات يومٍ، رأيتُ مقطعًا من كلام الله: "إن بقي الناس في عصر النعمة فلن يتحرروا أبدًا من شخصيتهم الفاسدة، ناهيك عن أنَّهم لن يعرفوا الشخصية المتأصّلة لله. إن عاش الناس دائمًا في وافر النعمة ولكنهم بدون طريق الحياة الذي يسمح لهم بمعرفة الله وإرضائه، فلن يحصلوا على الله أبدًا على الرغم من إيمانهم به. يا له من شكل بائس من الإيمان! عندما تكون قد انتهيت من قراءة هذا الكتاب، وعندما تكون قد اختبرت كل خطوة من خطوات عمل الله المُتجسّد في عصر الملكوت، ستشعر أن آمال السنين العديدة قد تحقّقت أخيرًا، وستشعر أنك الآن فقط قد عاينت الله وجهًا لوجه، وأنك الآن فقط نظرت إلى وجه الله وسمعت أقواله الشخصية، وقدَّرت حكمة عمل الله وشعرت بمدى قدرة الله وحقيقته. ستشعر أنك قد نلت العديد من الأشياء التي لم يقتنيها أو يراها أبدًا مَنْ عاشوا في الأزمنة الماضية. وقتها ستعرف بوضوح ما هو معنى الإيمان بالله ومعنى أن تكون إنسانًا بحسب قلب الله. بالطبع إن تشبثت بآراء الماضي، ورفضت أو أنكرت حقيقة تجسُّد الله الثاني، ستظل خاوي الوفاض، ولن تكتسب شيئًا، وستكون مذنبًا في النهاية لمعارضتك الله. سيأتي أولئك الذين يطيعون الحق ويخضعون لعمل الله تحت اسم الله المتُجسّد الثاني – القدير. وسيكونون قادرين على قبول إرشاد الله الشخصي، وسيكتسبون المزيد من الحق الأسمى، وينالون حياةً إنسانيّة حقيقية. وسينظرون الرؤية التي لم يرها أناس الماضي قط: "فَٱلْتَفَتُّ لِأَنْظُرَ ٱلصَّوْتَ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ مَعِي. وَلَمَّا ٱلْتَفَتُّ رَأَيْتُ سَبْعَ مَنَايِرَ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي وَسْطِ ٱلسَّبْعِ ٱلْمَنَايِرِ شِبْهُ ٱبْنِ إِنْسَانٍ، مُتَسَرْبِلًا بِثَوْبٍ إِلَى ٱلرِّجْلَيْنِ، وَمُتَمَنْطِقًا عِنْدَ ثَدْيَيْهِ بِمِنْطَقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَأَمَّا رَأْسُهُ وَشَعْرُهُ فَأَبْيَضَانِ كَٱلصُّوفِ ٱلْأَبْيَضِ كَٱلثَّلْجِ، وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ. وَرِجْلَاهُ شِبْهُ ٱلنُّحَاسِ ٱلنَّقِيِّ، كَأَنَّهُمَا مَحْمِيَّتَانِ فِي أَتُونٍ. وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. وَمَعَهُ فِي يَدِهِ ٱلْيُمْنَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ، وَسَيْفٌ مَاضٍ ذُو حَدَّيْنِ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ، وَوَجْهُهُ كَٱلشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا" (رؤيا 1: 12-16). هذه الرؤية هي تعبير عن شخصية الله الكليّة، وهذا التعبير عن شخصية الله الكليّة هو تعبير أيضًا عن عمل الله حين يصير جسدًا هذه المرة. في وابل التوبيخ والدينونة، يعبّر ابن الإنسان عن شخصيته المُتأصّلة من خلال قول كلمات، سامحًا لمن يقبلون توبيخه ودينونته برؤية الوجه الحقيقي لابن الإنسان، وهذا الوجه هو تصوير أمين لوجه ابن الإنسان الذي رآه يوحنا. (بالطبع كل هذا سيكون غير مرئي لمَنْ لم يقبلوا عمل الله في عصر الملكوت). لا يمكن التعبير عن وجه الله الحقيقي تعبيرًا كاملاً باستخدام كلمات بشرية، لذلك استخدم الله التعبير عن شخصيته المُتأصّلة ليُظهر للإنسان وجهه الحقيقي" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تمهيد). من خلال كلام الله، أدركتُ أن رؤية يوحنا المذكورة في سِفْر الرؤيا تنبّأت بأن كلام دينونة الله القدير في الأيام الأخيرة مثل لهيب النار أو سيف باتر وهو حافل بشخصية الله البارَّة. فقط أولئك الذين يقبلون عمل الله القدير في الأيام الأخيرة بوسعهم أن يفهموا شخصية الله البارَّة بحقّ، ويُقدِّرون مقصده الجاد في استخدام كلماته ليُدين البشرية ويُخلِّصها. لا يسعني إلا أن أتأثر بعمق إدراكي: "يا الله القدير! من خلال طرح ودينونة كلماتك، أدركتُ أنك لستَ رحيمًا ومُحبًّا فحسب، وإنما مَهيب وغاضب أيضًا. هذه كلها جوانب من شخصيتك البارَّة المُتأصلة. يا الله القدير! إنّ كلماتك ثمينة بحقّ. إني بحاجةٍ ماسّة إلى قبول دينونة وتوبيخ كلماتك لأعرف نفسي. من الآن فصاعدًا، سآكل وأشرب كلماتك بجِدٍّ، وأقبل دينونة وتوبيخ كلماتك وأسلك طريق تقصّي الحقّ!"

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

العثور على طريق العودة بعد الضلال

بقلم ذيلي – الولايات المتحدة الأمريكية لقد أردت دائمًا أن أحيا حياةً سعيدة ذات مستوى معيشي مرتفع، لذا جئت إلى الولايات المتحدة لأعمل بأقصى...

اترك رد