هل يتطلب نيل الخلاص المكانة؟
لسنوات، كنت أخدم كقائدة بعيدًا عن المنزل، وكنت مسؤولة عن عدة كنائس. أنا أعاني من مرض قلبي خلقي، لكنني لم أعاني من أي مشاكل صحية كبيرة. ولكن مع تقدم العمر في العامين الماضيين، لم أعد كما كنت عقليًا وجسديًا. البقاء مستيقظة لوقت أكثر قليلًا يشعرني بالإرهاق في اليوم التالي، وأشعر بضعف عام، ولا أشعر بأن قلبي على ما يرام. في أغسطس الماضي، قدَّرت القائدة حالتي وخشيت من أن جسدي لم يعد قادرًا على القيام بدور قيادي شديد التوتر، لذلك جعلتني أعود لأعتني بصحتي وأقوم بما أستطيع من واجبات. كان سماع ذلك مزعجًا جدًّا لي. شعرت بأنه وقت حاسم للقيام بأعمال جيدة في الواجب. وإذا تم نقلي، وأصبحت مجرد مؤمنة عادية بدلًا من قائدة، فستقل فرصي في الممارسة، وسأتعلم الحق وأدخل الواقع بشكل أبطأ، لذا ستتضاءل فرصتي في الخلاص. لن يكون الأمر مثل أن أكون قائدة، تحل دائمًا مشاكل الإخوة والأخوات، وتتعلم الحقائق وتدخل فيها بسرعة، مع فرصة أفضل في الخلاص. كنت أتساءل إن كان الله يستخدم ذلك الموقف لكي يكشفني ويُقصيني. شعرت بالضيق أكثر فأكثر عندما فكرت في الأمر، ولم أستطع كبح دموعي. قامت إحدى الأخوات بالشركة معي بعد أن اكتشفت كيف أشعر، وقالت لي إن مشيئة الله موجودة في هذا الأمر، وعندما لا نفهم مشيئة الله، علينا أولًا أن نخضع، ونصلي ونسعى أكثر، لكن لا نسيء الفهم أو نشتكي أبدًا. كانت شركتها تذكرة لي بأن هذا لم يحدث عشوائيًّا، بل لا بد من وجود حق علي السعي إليه والدخول فيه، وعلي أن أخضع. لكن مع أنني قلت إنني سأخضع، إلا أنني كنت ما أزال مستاءة. كنت حين أستيقظ ليلًا ويخطر الأمر ببالي، أتقلب ولا أستطيع النوم، وأكرر القول لنفسي: "لقد آمنت لسنوات، وحين أصبح عمل الله في لحظته الحاسمة، فقدت فرصتي في أن أصبح قائدة. أنا مجرد مؤمنة عادية. أما زال لدي أمل في أن أخلُص وأُكَمَّل؟" أردت أن أبقى وأن أخدم كقائدة، لكني كنت أخشى أنه إذا تفاقم وضعي، يمكن أن يعيق عمل الكنيسة. لا يمكنني أن أكون أنانية، وأفكر في نفسي فقط لا بعمل الكنيسة.
أثناء عبادتي قرأت بعضًا من كلام الله حول كيفية تعامل أضداد المسيح مع التغييرات في واجباتهم وتمكنت من فهم القليل عن نفسي. يقول الله القدير، "في ظل الظروف العادية، ينبغي للمرء قبول التغييرات في واجبه والخضوع لها. وينبغي له أيضًا التفكير في نفسه، والتعرف على جوهر المشكلة، والتعرف على أوجه القصور لديه. هذا أمرٌ نافع للغاية، ومن السهل جدًا على الناس تحقيقه، وهو ليس بهذه الصعوبة. إن التغييرات في واجب الفرد ليست عَقَبة لا يمكن التغلب عليها. إنها بسيطة بما يكفي بحيث يمكن لأي شخص التفكير فيها بوضوح والتعامل معها بشكل صحيح. عندما يحدث شيء من هذا القبيل لشخص عادي، فعلى الأقل يمكنه الخضوع، وكذلك الاستفادة من التفكير في نفسه، وربح تقييم أكثر دقَّة لما إذا كان أداؤه لواجباته مؤَّهلًا أم لا. لكن الأمر ليس كذلك لدى أضداد المسيح. إنهم مختلفون عن الأشخاص العاديين، مهما كان ما يحدث لهم. أين يكمن هذا الاختلاف؟ إنهم لا يطيعون، ولا يتعاونون بروح المبادرة، ولا يطلبون الحق على الإطلاق. بدلًا من ذلك، يشعرون بالاشمئزاز تجاهه، ويقاومونه، ويحللونه، ويتأملونه، ويثقلون عقولهم بالتكهنات: "لماذا لا يُسمح لي بالقيام بهذا الواجب؟ لماذا أنقَل إلى وظيفة غير مهمة؟ هل هذه وسيلة لكشفي وطرحي خارجًا؟" إنهم يستمرون في تقليب ما حدث في أذهانهم، ويحلّلونه إلى ما لا نهاية ويفكرون فيه. وعندما لا يحدث شيء، يكونون بخير تمامًا، ولكن عندما يحدث شيء ما بالفعل، يبدأ في التموج داخل قلوبهم كما لو كانوا في المياه العاصفة، وتمتلئ رؤوسهم بالأسئلة. قد يبدو الأمر من الخارج وكأنهم أفضل من غيرهم في التفكير في الأمور، ولكن أضداد المسيح في الواقع هم أشدّ شرًا من الناس العاديين. كيف يتجلّى هذا الشر؟ إن اعتباراتهم متطرفة ومعقدة وخفيّة. والأمور التي لا تحدث لشخصٍ عادي، أو شخص لديه ضمير ومنطق، تجدها شائعة للغاية لدى أضداد المسيح. عند إجراء تعديل بسيط على واجب الناس، يجب عليهم الاستجابة بسلوك الطاعة، والتصرف بحسب تعليمات بيت الله، وفعل ما يستطيعون فعله، ومهما فعلوا، فليفعلوه على أفضل وجهٍ ممكن لهم، من كل قلبهم وبكل قوتهم. ما فعله الله ليس خطأ يمكن ممارسة هذه الحقيقة البسيطة بشيء من الضمير الحيّ والتعقل، ولكن هذا يتعدى إمكانيات أضداد المسيح. عندما يتعلق الأمر بتعديل الواجبات، سيقدم أضداد المسيح على الفور الحُجَج والسفسطة ويُظهرون المقاومة، وفي قرارة نفوسهم يأبون قبول ذلك. ما الذي يُكنّونه في قلوبهم يا تُرى؟ الشك والريبة، ثم يتفحصون الآخرين مستخدمين كل الطرق. إنهم يختبرون ردود الفعل بأقوالهم وأفعالهم، بل إنهم يجبرون الناس ويحثونهم على قول الحقيقة والتحدث بأمانة من خلال أساليب متحايلة. ... لا يمكن لأحد أن يتخيل أنه، في مسألة صغيرة جدًا مثل نقل الواجبات، سيثير أضداد المسيح ضجة كبرى، وسيحدثون مثل هذه الجلبة، وسيحاولون بكل السبل المتاحة لهم خلق مثل هذه المتاعب الجمة. لماذا يجعلون من أمرٍ بسيطٍ شأنًا معقدًا جدًا؟ هناك سبب واحد فقط: إن أضداد المسيح لا يطيعون أبدًا ترتيبات بيت الله، وهم دائمًا ما يربطون ربطًا وثيقًا بين واجبهم وشهرتهم ومكانتهم وأملهم في البَركات وغايتهم المستقبلية، وكأنه بمجرد فقدان سمعتهم ومكانتهم لا يكون لديهم رجاء في الحصول على البَركات والمكافآت، فيشعرون وكأنهم يفقدون حياتهم من أجل هذه الأشياء. لذلك، فهم يتحفظون مقابل قادة بيت الله وعامليه، حتى لا يفسَد حلمهم في البَركات. إنهم يتشبثون بسمعتهم ومكانتهم؛ لأنهم يعتقدون أن هذا هو رجاؤهم الوحيد في ربح البركات. يرى ضد المسيح أن نَيْل البَركات أعظم من السموات نفسها، وأعظم من الحياة، وأهم من طلب الحق، وتغيير الطباع، أو الخلاص الشخصي، وأهم من أداء واجبه جيدًا، وأن يكون كائنًا مخلوقًا يرقى إلى المستوى المطلوب. إنهم يعتقدون أن كونك مخلوقًا يرقى إلى المستوى، ويقوم بواجبه جيدًا ويخلُص، كلها أمور تافهة لا تكاد تستحق الذِكر، في حين أن ربح البَركات هو الأمر الوحيد في حياتهم بأكملها الذي لا يمكن نسيانه أبدًا. في أي شيء يواجهونه، مهما كان كبيرًا أو صغيرًا، يتسمون بالتحفظ واليقظة بشكل مذهل، ويتركون دائمًا مخرجًا لأنفسهم. لذلك عندما يتم تعديل واجبهم، إنْ كان التعديل ترقية، سيعتقد ضد المسيح أن لديه أملًا في أن يُبارك. أما إن كان خفض درجة، من قائد فريق إلى مساعد قائد فريق، أو من مساعد قائد فريق إلى عضو مجموعة عادي، أو إذا لم يكن لديهم واجب على الإطلاق، فإنهم يشعرون بأن هذه مشكلة كبيرة، ويعتقدون أن أملهم في الحصول على البركة ضعيفٌ. أي نظرة هذه؟ هل هي نظرة لائقة؟ حتمًا لا. بل هذه نظرة سخيفة" ("يريدون التراجع عند غياب المكانة أو الرجاء في نيل البركات" في "كشف أضداد المسيح"). "دائمًا ما يساوي أضداد المسيح في قلوبهم بين مدى ارتفاع مكانتهم أو انخفاضها ومدى عِظَمِ بركاتهم أو ضآلتها. وسواء كان ذلك بين أفراد عائلة الله أو أي مجموعة أخرى، فإنهم يرون أن مكانة الناس وفئتهم محددتان بدقة، وكذلك مصائرهم. إن مدى ارتفاع مكانة شخص ما ومقدار القوة التي يمارسها في بيت الله في هذه الحياة يعادل حجم البركات والمكافآت والتاج الذي يحظى به في العالم الآخر – ثمة علاقة مباشرة بين هذا كله. هل هذا رأي صائب؟ لم يقل الله هذا مطلقًا، ولم يَعِد أبدًا بأمرٍ كهذا، ولكن هذا هو نوع التفكير الذي سينشأ داخل أضداد المسيح. ... ألا تتفقون معي بأن أُناسًا مثل أضداد المسيح يعانون من بعض الأمراض العقلية؟ هل بلغ الشر لديهم ذروته؟ مهما قال الله لهم، فإنهم لا يلتفتون إليه ولا يقبلونه" ("يريدون التراجع عند غياب المكانة أو الرجاء في نيل البركات" في "كشف أضداد المسيح").
يُظهر كلام الله أن أضداد المسيح لا يؤمنون إلا بالبركات والمكافآت. ويرتبون الواجبات المختلفة، ويربطون المكانة العالية أو المنخفضة بنعم أكثر أو أقل. يعتقدون أنهم دون المكانة، بالكاد سيحصلون على أي فرصة في الخلاص، لذا يسيئون فهم الله ويلومونه وحتى يحاربونه. يهتمون فقط بمصالحهم الخاصة وبالبركات، لكنهم لا يسعون أبدًا إلى الحق أو يتعلمون درسًا. إنهم لا يتقون الله أو يطيعونه، بل هم أشرار وفاسدون بطبيعتهم. بناء على سلوكي، كنت كضد مسيح. كنت أربط مكانتي ببركاتي، لذا لم أستطع التعامل مع تغيير طبيعي في واجبي بشكل مناسب. أمور كثيرة دارت في ذهني، معتقدة أنني إن لم أكن قائدة، ففرصي في نيل الخلاص ستكون أقل. لكن في الواقع، يرتب بيت الله واجب كل شخص وفقًا للمباديء ولوضعه الحقيقي. عانيت من مشاكل صحية. على القادة القيام بأعمال كثيرة، وتحمل الكثير من الضغوطات، وجسدي لن يحتمل ذلك. سيتأثر واجبي. كانت عودتي للقيام بما يمكنني القيام به جيدة لي وللكنيسة أيضًا. لكنني أسأت الفهم وانتابني الشك. حين قالت القائدة إن عليَّ العودة، كان أول ما فكرت فيه هو أن منصبي سيكون أدنى إن لم أكن قائدة، ولن يكون لدي أمل في نيل الخلاص أو البركات. فكرة ألا أكون مباركة أشعرتني بأن أملي الوحيد في الإيمان قد سُلب مني. وفقدت مل شغفي فجأة. رأيت أنني لا أنظر إلى الأمور بناء على مباديء الحق، بل على مصالحي الخاصة. عندما لم تتم تلبية رغباتي الخاصة، ظننت أن الله كان يستخدم ذلك الموقف ليكشفني ويُقصيني. رأيت أنني أملك طبيعة شريرة وماكرة. كنت أتخيل أن الله كالبشر الفاسدين، بلا عدل أو إنصاف، وكأنه يُقيِّمنا ويحدد آخرتنا بناء على مكانتنا أو واجبنا. ظننت أن الله سيخلصنا فقط إن امتلكنا المكانة، ألم يكن ذلك إنكارًا لبِرِّ الله وتجديفًا عليه؟ بعد كل سنوات الإيمان تلك، رأيت أنني لم أفهم الله أو أُطعه أبدًا. لو لم يستخدم الله ذلك الموقف ليكشفني، لم أكن لأدرك مدى خطأ سعيي.
قرأت لاحقًا مقطعين من كلام الله القدير ساعداني على رؤية منظوري الخاطيء. تقول كلمات الله، "بعض الناس لا يعرفون بوضوح معنى أن ينالوا الخلاص؛ فبعضهم يعتقد أنه كلما زاد عدد السنوات التي آمنوا فيها بالله، زاد احتمال خلاصهم، بينما يعتقد البعض الآخر أنه كلما زاد عدد التعاليم الروحية التي يفهمونها، زاد احتمال خلاصهم، أو يعتقد البعض أن قادة الكنيسة وعمالها سيَخلُصون بالتأكيد. كل هذه مفاهيم وتخيلات بشرية. ومفتاح هذا هو أن عليكم أن تفهموا ما معنى الخلاص. يعني الخلاص في الأساس التحرر من تأثير الشيطان، والتحرر من الخطية، والتوجه بإخلاص إلى الله وطاعته. ماذا يجب عليك أن تمتلك حتى تتحرر من الخطية ومن تأثير الشيطان؟ الحق. إذا كان الناس يأملون في ربح الحق، فيجب أن يكونوا مجهزين بالكثير من كلام الله، وأن يكونوا قادرين على اختباره وممارسته، حتى يتمكنوا من فهم الحق. وعندها فقط يمكنهم نيل الخلاص. وسواء كان يمكن للمرء أن يَخلُصَ أم لا، فلا علاقة لذلك بعدد السنوات التي آمن خلالها بالله، أو مقدار المعرفة التي يمتلكها، أو مقدار معاناته، أو ما هي المواهب أو النقاط القوية التي يمتلكها. الشيء الوحيد الذي له علاقة مباشرة بالخلاص هو ما إذا كان الشخص يمكنه اكتساب الحق أم لا. كم من الحقِّ فهمت حقًا، وكم عدد كلمات الله التي صارت حياتك؟ في أيّ متطلَّبٍ من بين جميع متطلبات الله حققتَ الدخول؟ خلال سنوات إيمانك بالله، ما مقدار الدخول الذي حظيتَ به إلى حقيقة كلمة الله؟ إذا كنت لا تعرف، أو إذا لم تكن قد حققت الدخول في أي من حقائق كلمة الله، فبصراحة، ليس لديك رجاء في الخلاص. خلاصك يُعد مستحيلاً. لا يهم ما إذا كنت تمتلك درجة عالية من المعرفة، أو إذا كنت تؤمن بالله لفترة طويلة، أو تتمتع بمظهر جيد، أو يمكنك التحدث بشكل جيد، أو كنت قائداً أو عاملاً لعدة سنوات. إذا كنت لا تطلب الحق، أو تمارس كلام الله وتجربته بشكل صحيح، وتفتقر إلى الخبرة الحقيقية والشهادة، فلا أمل لك في الخلاص" ("أحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). "إنني لا أحدد مصير كل شخص على أساس العمر والأقدمية وحجم المعاناة وأقل من ذلك مدى استدرارهم للشفقة، وإنما وفقًا لما إذا كانوا يملكون الحق. لا يوجد خيار آخر غير هذا. يجب عليكم أن تدركوا أن كل أولئك الذين لا يتبعون مشيئة الله سيُعاقَبون، وهذه حقيقة ثابتة. لذا، فإن كل أولئك الذين يُعاقبون إنما يُعاقبون لبر الله وعقابًا لهم على أعمالهم الشريرة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أَعْدِدْ ما يكفي من الأعمال الصالحة من أجل غايتك). تأثرت حقًّا بهذين المقطعين. رأيت أنه لا علاقة لنيل الخلاص بكوني قائدة أو أتمتع بالمكانة. يتعلق الخلاص بالتخلص من الشخصيات الشيطانية الفاسدة والخضوع لله. فقط من يمارسون الحق، يُطهَّرُ فسادهم، ويخضعون لله ويعيشون بحسب كلامه يمكن أن يخلُصوا. مهما كان الواجب الذي نقوم به، فما دام بإمكاننا قبول الحق، والتركيز على التأمل الذاتي حين يتم التعامل معنا، ومعرفة فسادنا وعيوبنا من خلال كلام الله، وبإمكاننا التوبة والتغير، فمن خلال هذا السعي يمكننا ربح الحق ونيل الخلاص. مهما عَلَت مكانة المرء، أو بلغت معاناته، فإن لم يمارس الحق، سيتم إقصاؤه في النهاية. تمامًا مثل بولس. كان يتمتع بمكانة وهيبة عظيمتان، وحقق الكثير، لكنه لم يسعَ أبدًا إلى الحق أو إلى تغيير شخصيته. لم يكن يملك فهمًا لنفسه أو لله في النهاية. كانت كل جهوده من أجل ربح البركات والمكافآت، وكان دائمًا يقدم الشهادة لنفسه، ويذكر كم عانى من أجل الرب. وتفاخر بأنه ليس أقل من أعظم الرسل، وتباهى قائلًا: "وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ ٱلْبِرِّ". قدرته على قول هرطقة كهذه، وإنه المسيح الحي، أغضب شخصية الله، وعاقبه الله. لم يهتم أبدًا بالمكانة في إيمانه. سعى فقط إلى أن يعرف الله ويخضع له. سعى إلى ممارسة كلام الله واختباره، ومعرفة فساده، وأخيرًا، صُلب من أجل الله. خضع حتى الموت، وأحب الله إلى أقصى حد، وكمَّله الله. يُبين لنا هذا أن كون المرء قائدًا أو ذو مكانة ليس معيارًا للخلاص. من يتمتع بالمكانة ولا يسعى إلى الحق بل يقاوم الله، ولا يقدم شهادة حقيقية للحياة بحسب كلام الله لا بد من إقصائه. إن لم يتمتع المرء بالمكانة، لكنه يسلك المسار الصحيح ويسعى إلى الحق، يمكنه أن يربح الحق وينال خلاص الله. شعرت بتحسن كبير حين أدركت ذلك. كنت مستعدة للخضوع لحكم الله وترتيباته، ولقبول التغيير بهدوء.
لاحقًا شاهدت فيديو ساعدني على فهم مشيئة الله بشكل أفضل. تقول كلمات الله، "ليس الذين تتم ترقيتهم ورعايتهم بأفضل كثيرًا من الآخرين؛ فقد اختبر الجميع عمل الله خلال المدة نفسها تقريبًا. على الذين لم يترقُّوا أو ينالوا الرعاية أن يسعوا أيضًا إلى الحق في الوقت الذي يمارسون فيه واجباتهم، وليس من حق أحد حرمان غيره من طلب الحق. يتمتع بعض الناس بحماس أكبر في طلبهم للحق ويمتلكون بعض القدرات؛ لذا تتم ترقيتهم ورعايتهم. وهذا يرجع إلى متطلبات عمل بيت الله. إذن، لماذا يمتلك بيت الله هذه المبادئ لترقية الناس واستخدامهم. نظرًا لوجود تباينات في قدرات الأشخاص وشخصياتهم، ولأن كل شخص يختار مسارًا مختلفًا، فإن ذلك يفضي إلى نتائج مختلفة من حيث إيمان الناس بالله. فالذين يسعون وراء الحق يخلصون ويصبحون أهلاً للملكوت، أمّا أولئك الذين لا يقبلون الحق على الإطلاق، والذين لا يكرسون أنفسهم لواجبهم، فإنهم يُطرحون خارجًا. يرعى بيت الله الناس ويستخدمهم بناءً على ما إذا كانوا يسعون وراء الحق، وما إذا كانوا مخلصين لواجبهم. هل يوجد تمييز في التسلسل الهرمي لمختلف الأشخاص في بيت الله؟ في الوقت الحالي، لا يوجد تسلسل هرمي في مكانة الأشخاص المختلفين أو مناصبهم أو قيمتهم أو ألقابهم. لا يوجد فرق بين الرتب أو المناصب أو الاستحقاقات أو مراكز الأشخاص على اختلافهم، وذلك خلال الفترة التي يعمل فيها الله على تخليص الناس وإرشادهم على أقل تقدير. تكمن الاختلافات الوحيدة في تقسيم العمل وفي أدوار الواجب التي يتم أداؤها. بالطبع، يتمّ، خلال هذه الفترة، ترقية بعض الأشخاص ورعايتهم بشكل استثنائي، ويقومون بأداء بعض الوظائف الخاصة، بينما لا يحصل البعض الآخر على مثل هذه الفرص لأسباب مختلفة؛ مثل مشاكل في قدراتهم أو بيئتهم الأسرية. ولكن ألا يخلِّص الله أولئك الذين لم يحصلوا على فرصٍ كهذه؟ ليس الأمر كذلك. هل مركزهم ومنصبهم أدنى من الآخرين؟ لا، بل يتساوى الجميع أمام الحقّ، حيث تتاح للجميع فرصة طلب الحق وربحه، ويعامل الله الجميع بعدلٍ ومنطق" ("تعريف القادة الكَذَبة"). أظهر لي كلام الله أنه في بيته، لا توجد مكانة عالية ومتدنية في الواجبات. الجميع يقومون بواجبات مختلفة بناء على ما يتطلبه العمل، لكن الجميع سواء أمام الحق. أينما أدينا واجبًا، سواء كانت لدينا مكانة أم لا، فكلام الله يقُوت كل واحد منا. الله لا يتحيز ضد أي شخص بسبب مكانته. يرتب الله كل أنواع المواقف، والأحداث والأشخاص للجميع بناء على احتياجاتهم، ليختبروا عمله ويدخلوا واقع الحق. هو لا يُجرد أي شخص أبدًا من فرصته في ممارسة الحق والدخول فيه. الله عادل وبارٌّ مع الجميع. ربح الحق أو نيل خلاص الله لا يتحددان وفقًا لواجبك، بل بالكامل وفقًا لسعيك. كونك قائدًا لا يعني أن الله سيمنحك النعمة وينيرك بشكل خاص بينما يتجاهل المؤمنين العاديين. الله ينير الناس ويقُوتهم بناء على سعيهم وموقفهم تجاه الحق. يمكننا رؤيه بِرِّهِ في هذا. لكل شخص واجب مختلف ويواجه أمورًا مختلفة، لكن الشخصيات المتعجرفة والماكرة والفاسدة التي يكشفون عنها كلها متشابهة. ما داموا راغبين في السعي إلى الحق وممارسته، وفي التخلص من فسادهم، يمكنهم ربح الحق ونيل خلاص الله. من ناحية أخرى، إن كان أحدهم لا يسعى إلى الحق، ولا يسعى إلى الحق أو يمارسه في مواجه المشاكل، فمهما كان الواجب الذي يؤديه أو كيفية تدربه، فلن يربح الحق أبدًا ولن ينال خلاص الله. مثلي تمامًا، بعد أن كنت قائدة طوال تلك السنوات، مع كل الفرص التي نلتها، ما مقدار الحق الذي ربحته حقًّا؟ ذلك التغيير في واجبي جعلني أكتئب وأسيء الفهم، وأتذمر، لم أكن خاضعة لله عن بعد ولم أملك أي واقع للحق. كنت مثالًا ممتازًا. ومع ذلك، ظللت أعتقد بغباء بأن المكانة ضرورية لنيل الخلاص. لقد سيطرت المكانة تمامًا على عقلي. بعض الإخوة والأخوات لم يكونوا قادة أبدًا لكنهم يواصلون السعي إلى الحق، ويتحملون عبئًا في واجبهم، ويسعون إلى الحق حين تطرأ المشاكل، وينفذون الحقائق التي يعرفونها. ويتضاءل الفساد الذي يظهرونه تدريجيًّا ويخضعون أكثر فأكثر لله. لديهم شهادة حقيقية للحياة بحسب كلام الله. وهذا يربح استحسان الله وفرحه. ذكرني ذلك بشيء قاله الله: "إذا ما سعيت بصدق أنا على استعداد أن أهبك طريق الحياة كلها لتحيا ثانية كالسمك الذي تمت إعادته إلى البحر. وإذا لم تسعَ بصدقٍ، فسأستردّها جميعًا. لستُ على استعداد للتفوّه بكلماتي لأولئك الباحثين بنهم عن الراحة، المشابهين للخنازير والكلاب!" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. لماذا لا تريد أن تكون شخصية الضد؟). قال الرب يسوع أيضًا: "لِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَٱلَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ" (متى 25: 29). الله عادل وبارٌّ معنا والحق غير متحيِّز. المؤمنون العاديون والقادة يملكون نفس الفرص لربح الحق. المفتاح هو أن يمتلك المرء العزم للسعي إلى الحق، وأن يتمكن من ممارسته. كان فهم هذا منيرًا حقًّا بالنسبة لي. في السابق، كنت أخشى دائمًا ألا أحصل على العديد من الفرص للممارسة إن لم أكن قائدة، وحينها سيكون لدي أمل أقل في الخلاص. حتى إنني اعتقدت أن الله أراد إقصائي، وإنه لن يخلصني بعد الآن. كان تلك مفاهيمي وتصوراتي عن الله، وكانت تجديفًا عليه. لم أكن أملك أي فهم لمقاصد الله الصادقة. بالتفكير حقًّا في الأمر، رأيت أنني طوال سنوات إيماني كنت مدفوعة بسعيي الخاطيء، أؤدي واجبي فقط لكي أُبارك، معتقدة أن سعيي رائع. لقد خدعتني صورتي الزائفة، ولم أتأمل في نفسي أو أعرف نفسي أبدًا. هذا التغيير في واجبي كشف منظوري الخاطيء في الإيمان، وأخيرًا أتيت أمام الله لأتأمل في نفسي وأعرفها. لقد ربحت بعض الفهم لفسادي والمشاكل التي في منظوري، ورأيت بِرَّ الله. كما عرفت من يخلصون ومن يقصيهم الله. وربحت بعض الخضوع لله. كان هذا الموقف تحديدًا حماية الله وخلاصه لي.
لاحقًا قرأت مقطعًا آخر من كلام الله ساعدني على رؤية مساري للدخول. تقول كلمات الله، "على الإنسان – كأحد مخلوقات الله – أن ينشد القيام بواجبه كخليقة الله، وأن يسعى نحو محبة الله دون أن يتخذ أي خيارات أخرى، فالله يستحق محبة الإنسان. ينبغي على الساعين نحو محبة الله ألا ينشدوا أي منافع شخصية أو أي منافع يشتاقون إليها بصفة شخصية؛ فهذا أصح وسائل السعي. إذا كان ما تنشده هو الحق، وما تمارسه هو الحق، وما تحرزه هو تغيير في شخصيتك، فإن الطريق الذي تسلكه هو الطريق الصحيح. ... ما إذا كنتَ ستُكمَّل أم ستهلك، فإن الأمر يتوقَّف على سعيك، وهذا أيضًا يعني أن النجاح أو الفشل يتوقف على الطريق الذي يسلكه الإنسان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. النجاح أو الفشل يعتمدان على الطريق الذي يسير الإنسان فيه). وجدت مسارًا للممارسة في كلام الله. أنا كائن مخلوق، ومهما رتب لي الله، عليَّ أن أخضع لحكمه وترتيباته. لا يمكن أن أؤمن وأؤدي واجبًا فقط من أجل البركات والمكافآت. سواء كنت سأخلًص أم لا، أو سواء كنت سأبارك أم لا، فما دمت أحيا، عليَّ أن أسعى إلى الحق ومعرفة الله. حتى لو رفضني الله وأقصاني في النهاية، سيكون هذا هو بِرُّه. بعد فهم مشيئة الله، لم أتأثر كثيرًا بنوع الواجب الذي أؤديه، وأصبحت قادرة على قبول ترتيبات الكنيسة بهدوء.
من خلال ما سلط هذا الموقف الضوء عليه، عرفت منظوري الخاطيء حول السعي في إيماني. كما عرفت أن خلاص المرء من عدمه لا يعتمد على مكانته أو حجم العمل الذي قام به. المفتاح هو ما إذا كان قد ربح الحق، وكان شخصًا يخضع حقًّا لله. كون المرء قادرًا على ربح الحق، وإحداث تغيير في شخصيته الحياتية في إيمانه هو ما يهم حقًّا. منذ ذلك الحين، أردت فقط أن أتصرف بحكمة، وأقوم بواجبي لإرضاء الله.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.