وصمة عار من ماضيَّ
في 2015، انتقلت أنا وأسرتي إلى منطقة شينجيانغ. كنت قد سمعت أن الحزب الشيوعي يفرض إجراءات مراقبة وسيطرة مشددة، بدعوى أنها لمكافحة مظاهرات أقلية الأويغور – كانت البيئة خطيرة. بعد الوصول إلى شينجيانغ، بدت الأجواء أكثر توترًا مما تصورت. كانت دوريات الشرطة تجوب كل مكان. وللذهاب إلى المتجر، كنا نتعرض لتفتيش أمني وذاتي كامل. وعند ركوب الحافلة، كان أفراد الشرطة يقومون بدوريات بجوار المحطات وبنادقهم على ظهورهم. رؤية كل هذا أشعرتني بالتوتر. نحن المؤمنين نواجه بالفعل الاعتقال والاضطهاد على يد الحزب الشيوعي. وكانت إجراءات المراقبة والسيطرة مشددة جدًّا هنا، فتوترت بالفعل، وبدا أنني قد أتعرض لخطر الاعتقال أو الموت في أي لحظة. وفي أكتوبر تقريبًا، سمعت أنه تم اعتقال أختين وحُكم عليهما بالسجن لمدة 10 سنوات بسبب توزيع كتب كلام الله. صُدمتُ بشدة عندما سمعت هذا، أيضًا. لم تكونا قائدتين، لكنهما سُجنتا 10 سنوات لمجرد توزيع كتب كلام الله. كنت مسؤولة عن عمل الكنيسة، لذلك اعتقدت أنني إذا اعتُقِلتُ، فسأُسْجَن لمدة 10 سنوات على الأقل. عندئذ، شغلت صور إخوتي وأخواتي الذين يتعرضون للتعذيب في السجن كل تفكيري. شعرت بخوف حقيقي. خشيتُ أن أتعرض للاعتقال، ثم التعذيب، فأندم على اليوم الذي وُلدت فيه. ازداد خوفي، ولم أجرؤ على التفكير في الأمر أكثر من ذلك. لكني سمعت أيضًا شركة بعض الإخوة والأخوات حول كيفية اتِّكالهم على الله لفعل أي واجب في بيئة كهذه، ورأيت حكم الله القدير، وشعرت برعايته وحمايته. لقد شجعني هذا، ومنحني الإيمان اللازم لاجتياز هذا الوضع.
في فبراير 2016، علمت أن وانغ بين، شخص شرير في كنيسة كنت مسؤولة عنها، دائمًا ما كان يتصيد أخطاء القادة، ويعطل حياة الكنيسة بخطورة. ناقشنا هذا أنا وبعض الزملاء، وقررنا أنني يجب أن أسافر إلى تلك الكنيسة لمعالجة هذه المشكلة. لكني كنت خائفة قليلًا. فالأختان اللتان حكم عليهما بالسجن لمدة 10 سنوات، تعرضتا للاعتقال في تلك الكنيسة. بل وجمع الحزب الشيوعي الصيني القرويين المحليين ليعلن خبر الحكم على هاتين الأختين، لكي يرهب السكان المحليين ويهددهم لكيلا يؤمنوا بالله. كانت بيئة خطيرة. ولم أعرف إن كنت سأُعتقل إذا ذهبت. بحثت عن أعذار لعدم الذهاب. لكن عندئذ رأيت أن شريكتي، الأخت شين قين، مستعدة وراغبة في الذهاب، فشعرت بالخزي. لم تؤمن شين قين منذ وقت طويل، وكانت فقط تتدرب كقائدة. كانت هناك مشكلات عديدة في تلك الكنيسة، ولم تكن بيئة جيدة. شعرت بالضيق لتركها تذهب. لذلك قلت: "ربما يكون من الأفضل أن أذهب أنا". عندما وصلتُ، رأيتُ أن وانغ بينغ لم يستطع مشاركة فهم كلام الله في الاجتماعات، وأنه دائمًا ما يتصيد أخطاء القادة، ويعطل حياة الكنيسة بشكل خطير. ناقشت الأمر مع الواعظة، وقررنا أن نعزل هذا الشرير أولًا، ونعقد شركة حول الحق مع الآخرين لمساعدتهم على التمييز ومنع المزيد من التعطل. ثم استطعنا تدريب الأخت زونج شين بأسرع ما يمكن لتتولى أعمال الكنيسة. لكن حل جميع مشكلات تلك الكنيسة كان سيتطلب وقتًا كبيرًا. بعد تعرُّض نصف الإخوة تقريبًا في تلك الكنيسة للاعتقال، كلما طال وقت بقائي هناك، ازداد الأمر خطورة. وبما أننا قررنا حلًّا للمشكلة، اعتقدت أنني أستطيع أن أترك الواعظة تتابع الأمر منذئذ. وأسرعتُ إلى تسليم المهام المتبقية وعدت. أبلَغَتْ الواعظة لاحقًا أن الشرير ازداد وقاحة، وشكَّل طائفة في الكنيسة لمهاجمة القادة، معطلًا حياة الكنيسة بخطورة. تشاركتُ مع الواعظة حول بعض الحلول، لكن ظلت المشكلة قائمة. فشعرت بالذنب قليلًا. كانت معالجة الفوضى في الكنيسة مسؤوليتي، ولم أرغب في البقاء بها خوفًا من الاعتقال – ولم يكن هذا صحيحًا. لكني تذكرت أيضًا أختًا نجت بصعوبة من الاعتقال مؤخرًا عندما كانت تستقل قطارًا لحضور اجتماع بكنيستنا. ماذا لو ركبت القطار، وحدث الشيء نفسه معي؟ كنت أفكر بصفتي قائدة، لا أستطيع القيام بوظيفتي إلا إذا ضُمِنَتْ سلامتي. لذلك، استمررتُ في إحالة مشكلات تلك الكنيسة إلى الواعظة، لكن لأن قدراتها كانت محدودة، ظلت مشكلات الكنيسة قائمة.
وفي سبتمبر 2016، تلقيت خطابًا مفاجئًا يقول إن أربعة إخوة وأخوات من تلك الكنيسة تعرضوا للاعتقال بسبب توزيع كتب كلام الله. ومن بينهم زونج شين، وتعرضت للضرب بوحشية. وبعد يومين، ورد خطاب آخر يقول إن الشرطة ضربتها حتى الموت. نزل عليَّ هذا الخبر كالصاعقة. لم أستطع تقبله. لطالما عرفت أن أساليب الحزب الشيوعي قاسية تمامًا، ولكني لم أتصور شخصًا حيًّا وبصحة جيدة يتعرض للضرب حتى الموت خلال أيام قليلة. فزعت بشدة. شعرت بأن الهواء تجمد حولي، ولم يسعني سوى الانفجار في البكاء. وشعرت بالمزيد من الضيق كلما فكرت في الأمر، وظللت أسأل نفسي كيف يمكن أن يحدث هذا. فقد علمتُ منذ فترة أن شريرًا يعطل عمل الكنيسة، وأن أعضاءها لا يستطيعون عيش حياة الكنيسة بشكل صحيح. كنت قائدة للكنيسة، لكني فشلت في حل المشكلة بسبب الخوف من الاعتقال. لو تحملتُ المزيد من المسؤولية، أو لو أصدرتُ التوجيهات من وراء الكواليس، وحللت المشكلات، وذكّرت الإخوة والأخوات بأن يولوا سلامتهم المزيد من الاهتمام، وربما لم تتعرض زونج شين للضرب حتى الموت على يد الشرطة. أشعرني موتها بذنب شديد وشعرت بالفزع. شعرت بأن هذه بيئة قمعية بالفعل، وكأن سحبًا سوداء تضغط على صدري، ولا أستطيع التنفس. لكني عرفت أنني في منعطف حرج كهذا، لا أستطيع مواصلة الهرب، لذلك أسرعت في مساعدة الواعظة على معالجة تبعات الكارثة. لكن لم يتم الاهتمام بالظروف القائمة في تلك الكنيسة بشكل كامل، وعرفت أن أختًا عملتُ معها مؤخرًا، تعرضت للاعتقال، وأن الشرطة علمت بعض الأشياء عن القادة والعمال الأساسيين في كنيستنا. كنت أتواصل كثيرًا مع هؤلاء الإخوة والأخوات، لذلك إن راجعت الشرطة أشرطة المراقبة، خشيتُ أن أُعتقل في أي وقت. ولو اُعتقلتُ وسجنتُ، يستحيل أن أعرف يقينًا ما إن كنت سأبقى على قيد الحياة أم لا. قد ينتهي بي الأمر مثل زونج شين، فأتعرض للضرب حتى الموت على يد الشرطة في سن صغيرة. وازددت خوفًا كلما فكرت في الأمر، ولم أرد الاستمرار في هذا الواجب. لم أعد أرغب في البقاء أكثر من ذلك. ولأنني لم أتعرض لهذه الحالة من قبل، وفشلت في حل مشكلات الشرير الذي يعطل الكنيسة طوال عدة شهور، انتهى الأمر بإعفائي. بعدئذ توليتُ عملًا نصيًّا في الكنيسة، لكني كنت لا أزال أشعر بأن هذا خطير. خشيت احتمال أن أتعرض للاعتقال في أي يوم، وأردت بالفعل أن أؤدي الواجب في مدينتي. تشارك الإخوة والأخوات معي وهم يأملون في هذا الوقت الحرج أن أستطيع البقاء وأساعدهم في معالجة تبعات الكارثة. لكن كان الخوف يسيطر عليَّ ولم أستمع إليهم وهم يحثونني على البقاء، وانتهى الأمر برحيلي عن ذلك المكان.
وفي أبريل 2017، بسبب سلوكي، أوقفت الكنيسة مؤقتًا حضوري للاجتماعات، وشجعتني على العزلة وتأمل نفسي في المنزل. لم أستطع كبح دموعي عندما سمعت هذا الخبر، لكن لأني تخليتُ عن واجبي، وأصبحت هاربة في وقت حرج كهذا، عرفت أن بر الله هو السبب وراء عزلي من أجل التأمل في نفسي. كنت مستعدة للخضوع. وذات يوم، قرأت هذا في كلام الله خلال عبادتي: "إذا كان لديك دور مهم في نشر الإنجيل وتنصلت من مهمتك دون إذن الله، فلا يوجد تعدٍّ أعظم من هذا. ألا يعتبر هذا فِعل خيانة لله؟ كيف برأيكم ينبغي أن يعامِل الله المتنصلين إذًا؟ (يجب تحييدهم). تحييدهم يعني تجاهلهم وتركهم لفعل ما يريدونه. إذا شعر الناس الذين يُحيَّدون بالندم، فمن الممكن أن يرى الله أن موقفهم موقف ندم بما فيه الكفاية وما زال يريد عودتهم. ولكن حيال أولئك الذين يتنصلون من واجبهم – وحيال هؤلاء الناس وحدهم – ليس لدى الله هذا الموقف. كيف يعامل الله أمثال هؤلاء؟ (الله لا يُخلِّصهم بل يمقتهم ويرفضهم). هذا صحيح تمامًا. وبشكل أكثر تحديدًا، فإن الناس الذين يؤدون واجبًا مهمًا قد كلفهم الله به، وإذا تنصلوا من مهمتهم، فبصرف النظر عن جودة أدائهم من قبل أو فيما بعد، فإن الله يراهم على أنهم يخونون الله ولن يُمنَحوا الفرصة أبدًا لأداء واجب" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. نشر الإنجيل هو الواجب الذي يلتزم به جميع المؤمنين). "إن لدى الله أقصى الازدراء لأولئك الذين يتنصلون من واجبهم أو لا يأخذون واجبهم على محمل الجد، لما لا يُحصى من تصرفات وأفعال ومظاهر الخيانة لله، لأن هؤلاء الناس وسط مختلف السياقات والناس والأمور والأشياء التي يرتبها الله يؤدون دور إعاقة عمل الله أو إتلافه أو تأخيره أو تعطيله أو التأثير على تقدمه. وكيف، لهذا السبب، يشعر الله ويتفاعل تجاه المتنصلين ومن يخونون الله؟ ما موقف الله؟ لا شيء سوى الازدراء والكراهية. هل يشعر بالشفقة؟ لا، فإنه لا يشعر بالشفقة أبدًا. يقول البعض: "أليس الله محبة؟" الله لا يحب أمثال هؤلاء الناس، فهؤلاء الناس لا يستحقون المحبة. إذا كنت تحبهم، فإن محبتك حمقاء، ومجرد أنك تحبهم لا يعني أن الله يحبهم. قد تعتز بهم، لكن الله لا يعتز بهم لأن أمثال هؤلاء الناس ليس فيهم شيء يستحق الاعتزاز به. وهكذا، يتخلى الله بحزم عن أمثال هؤلاء الناس ولا يمنحهم أي فرصة ثانية. هل هذا معقول؟ هذا ليس معقولًا فحسب، بل هو قبل كل شيء جانب واحد من جوانب شخصية الله، وهو أيضًا الحق" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. نشر الإنجيل هو الواجب الذي يلتزم به جميع المؤمنين). كانت دينونة كلام الله وإعلانه مؤلمة كسكين مغروس في القلب. ضُربت زونج شين حتى الموت، واعتُقِلت شريكتي. في هذا الوقت المهم، كان يجب أن أعمل مع الإخوة والأخوات في معالجة تبعات الكارثة، لكني هربت فحسب. لن يفعل شيئًا كهذا أي شخص يمتلك ذرة من ضمير. لم أستطع مسامحة نفسي على فعل كهذا. كنت أعتقد أنه مهما ارتكبت من أخطاء، سوف يرحمني الله طالما أتوب إليه. لكني أدركت أن هذا ليس إلا تصوري وتخيلي. يقول الله إنه يتخلى عن الذين يتخلون عن واجبهم ويديرون ظهورهم له في أي وقت حرج، وأنه لن يمنحهم فرصًا أخرى. بقراءة كلام الله، تعلمتُ أن هناك مبادئ لرحمة الله وتسامحه. لا يغفر الله جزافًا، ولا يمنح رحمته لأي شخص، على أي إثم. الله أيضًا بارٌّ ومهيب ولن يتسامح في الإساءة. منذ لحظة هروبي، شعرت بأن الله تخلى عني بالفعل. لم أشعر براحة البال مطلقًا – واعتراني الندم. لا أعرف كم مرة صليت، وكم دمعة ذرفت. سواءً تخلى الله عني أم لا، كنت مستعدة لأخدمه لأسدد دَيني، وعرفت أنه مهما عاملني، وأيًا كان ما سيفعله، فسيكون بارًّا. لن أشكو حتى لو أرسلني إلى الجحيم لأن ما فعلته كان مسيئًا جدًّا لله، ومؤذيًا جدًّا له. كنت مؤمنة كل هذه السنوات، وقدمت بعض التضحيات، وأردت السعي للخلاص، لكني لم أتصور أبدًا أنه عند مواجهة الاعتقال والاضطهاد على يد الحزب الشيوعي، أنني سأطمع في الحياة، وأتخلى عن واجبي، وأخون الله، وأرتكب تعديًا فظيعًا. جعلني التفكير في هذا أشعر بالضيق واليأس بالفعل. لم أستطع إيقاف دموعي. واعتراني الشعور بالذنب والندم. لو أني لم أصر بعناد على مغادرة المنطقة، واستطعت الاستمرار في أداء واجبي عند الحاجة، وإدارة تبعات الكارثة مع الآخرين، لكان هذا أفضل بكثير. ولما عشت في هذا الشقاء واليأس. لم يكن هذا ما أردت أن تؤول الأمور إليه! لكن كان الأوان قد فات، مهما حدث. يجب أن أتحمل عواقب تصرفاتي. كرهت نفسي لأنني أردت إنقاذها، ولأنني كنت أنانية وحقيرة. لا يستحق شخص مثلي تسامح الله ورحمته. شعرتُ بأنه طالما لم تطردني الكنيسة، يجب أن أخدم بقدر استطاعتي لأعوض عن تعدياتي.
في واجبي بعد ذلك، ذهبت أينما رتب لي القادة أن أذهب. إن طُلب مني أن أذهب لتقديم الدعم للكنائس التي تواجه المخاطر، أذهب فحسب، وأحقق بعض النتائج بعد وقت قصير. لكني لم أرد ذكر الأمر مرة أخرى. أردت حماية نفسي منه، وأن أنساه فحسب. لكني لم أستطع أفعل ذلك. شعرتُ بأنه عار عميق بقلبي ويأبى أن يفارقني. كانت كل فكرة تتعلق به مؤلمة، وشعرتُ بالذنب الشديد. وذات يوم قرأت شيئًا في كلام الله يلقي الضوء على حالتي. يقول الله القدير، "من أجل سلامتهم الشخصية، ولتفادي القبض عليهم، وللهروب من أي قمع، ولوضع أنفسهم في بيئة آمنة، كثيرًا ما يستجدي أضداد المسيح ويصلُّون من أجل سلامتهم الشخصية، ولا يتكِلون حقًا على الله، ولا يقدِّمون له ذواتهم إلا عندما يتعلَّق الأمر بسلامتهم الشخصية. عندما يتعلَّق الأمر بهذا، فإن إيمانهم بالله حقيقي، واتكالهم عليه حقيقي. إنهم لا يهتمون بالصلاة إلى الله إلا ليطلبوا منه أن يحمي سلامتهم، ولا يولون أدنى اهتمام لعمل الكنيسة أو لواجبهم. السلامة الشخصية هي المبدأ الذي يقودهم في عملهم. حيثما كان المكان الآمن، فإنهم يقومون ببعض العمل، وسيكونون بالفعل سبَّاقين وإيجابيين في عملهم، ويُظهرون "إحساسهم بالمسؤولية" و"ولائهم". وإذا كان بعض العمل ينطوي على مخاطر بالفعل ويمكن أن يُمنَى بالإخفاق، فإنهم يختلقون أعذارهم، وينقلونه إلى شخص آخر، ويجدون فرصة للتهرب منه؛ لكي يجد التنين العظيم الأحمر مَن فعله. بمجرد وجود خطر أو إشارة خطر، فإنهم يفكرون في طُرق لتخليص أنفسهم والتخلي عن واجبهم دون اهتمام بالإخوة والأخوات. فهم لا يهتمون إلا بإبعاد أنفسهم عن الخطر. قد يكونون مستعدين بالفعل في قلوبهم. وبمجرد ظهور الخطر يتخلون فورًا عن العمل الذي يؤدونه، دون اهتمام بكيفية سير عمل الكنيسة، أو الخسارة التي قد يُسبِّبها ذلك لمصالح بيت الله أو لسلامة الإخوة والأخوات. فما يهمهم هو الهروب، بل ولديهم خطة "الورقة الرابحة" لحماية أنفسهم: فبمجرد أن يداهمهم الخطر أو بمجرد اعتقالهم، يقولون كل ما يعرفونه، ويبرئون أنفسهم ويعفون أنفسهم من كل مسؤولية من أجل حماية سلامتهم الشخصية. هذه هي خطتهم الجاهزة. هؤلاء الناس غير مستعدين لتحمل الاضطهاد بسبب إيمانهم بالله، وهم خائفون من الاعتقال والتعذيب والإدانة. والحقيقة هي أنهم استسلموا للشيطان منذ زمن طويل. إنهم مذعورون من جبروت النظام الشيطاني، وأكثر خوفًا من أن تصيبهم أمور مثل التعذيب والاستجواب القاسي. ولذلك، يعتبر أضداد المسيح أنه إن كان كل شيء يسير بسلاسة، ولا يوجد أي تهديد لسلامتهم، أو لا ينطويِ الأمر على مشكلة، ولا يوجد خطر محتمل، فقد يُضحّون بالمشاركة بحماستهم و"ولائهم" وحتى بمواردهم. أمّا إن كانت الظروف سيئة، وكان من الممكن اعتقالهم في أي وقت بسبب الإيمان بالله وأداء واجبهم، وكان ثمة احتمال بأن يؤدي إيمانهم بالله إلى طردهم من منصبهم الرسمي أو تخلي المقربين عنهم، فسيكونون حذرين للغاية؛ فلا يعظون بالإنجيل، ولا يشهدون لله، ولا يؤدون واجبهم. وعندما توجد علامة طفيفة على وجود مشكلة، يصبحون ضعفاء خجولين؛ وعندما توجد أدنى بادرة للمتاعب، فإنهم يرغبون فورًا في إعادة كتبهم التي تحتوي على كلام الله وأي شيء يتعلق بالإيمان بالله إلى الكنيسة، ليحافظوا على سلامتهم دون أذى. أليس مثل هذا الشخص خطيرًا؟ إن اعتُقل، ألن يصبح مثل يهوذا؟ إن ضد المسيح خطير للغاية لدرجة أنه قد يصبح مثل يهوذا في أي وقت؛ فهناك احتمال دائم بأن يدير ظهره لله. وبالإضافة إلى ذلك، فهو أناني ولئيم إلى أقصى الحدود. وهذا يتحدد من خلال طبيعة ضد المسيح وجوهره" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثاني)). "أضداد المسيح أنانيون ولئيمون للغاية. يفتقرون إلى الإيمان الحقيقي بالله، فهيهات لهم أن يكرّسوا أنفسهم لله. عندما يواجهون مشكلةً، فإنهم لا يحمون أو يحرسون إلا أنفسهم. يعتبرون أنه لا شيء أهم من سلامتهم. لا يهتمون بمدى الضرر الذي يلحق بعمل الكنيسة – طالما هم على قيد الحياة ولم يُعتَقلوا، فإن هذا هو المهم. هؤلاء الناس أنانيون للغاية. إنهم لا يفكرون في الإخوة والأخوات على الإطلاق أو في عمل الكنيسة، بل يفكرون فقط في سلامتهم. إنهم أضداد المسيح" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثاني)). نفَذَتْ كل كلمة من دينونة الله وإعلانه إلى قلبي مباشرة. لم يكن هناك مكان أختبئ فيه – ولم أستطع الهرب. كنت تمامًا كالشخص الذي يريد حماية نفسه عندما يواجه الخطر، دون أي اعتبار لعمل الكنيسة أو لحياة الإخوة والأخوات. كنت أنانية وحقيرة. عندما وصلت شينجيانغ لأول مرة، رأيت بيئة مريعة في كل مكان. كدت أتعرض لخطر الاعتقال أو الموت عند كل منعطف. وندمت على الذهاب من أجل الواجب. وعندما علمت أن شخصًا شريرًا يعطل الأمور في الكنيسة، وذلك يحتاج إلى معالجة، قدمت الأعذار لكيلا أذهب خشية التعرض للاعتقال والتعذيب. ثم ذهبت على مضض، لكني لأني كنت أراعي سلامتي فحسب، غادرت على عجل، قبل أن تُحل الأمور. كنت أدرك جيدًا أن هناك مشكلات خطيرة في تلك الكنيسة، وكان يجب أن أتعامل معها، لكني أردت النجاة بنفسي. استخدمت منصبي في إلقاء الأوامر بدلًا من القيام بعمل حقيقي، بل دفعت الإخوة والأخوات إلى التعامل مع المشكلات بينما انكمشت خوفًا في مكان آمن، ممددة أجل وجودي الحقير، ما جعل مشكلات تلك الكنيسة لا تحل لشهور عديدة. بل قدمت عذرًا يبدو منطقيًا، بأنه يجب عليَّ، كقائدة، أن أضمن سلامتي لأقوم بعملي، لكني في الحقيقة، كنت أبحث عن عذر فحسب لأهرب من مواجهة الخطر. وعندما تعرضت زونج شين للاعتقال والضرب حتى الموت، كنت لا أزال أفكر في سلامتي الشخصية، وأخشى احتمال التعرض للاعتقال والتعذيب حتى الموت. وأردت أيضًا العثور على فرصة لأتخلى عن واجبي وأغادر ذلك المكان الخطر. بعد إعفائي، لم أرغب في المساعدة مع تبعات الكارثة، وهربت عائدة إلى مدينتي. لم يوبخني الإخوة والأخوات، لكني شعرت في أعماقي بتخلي الله عني، واشمئزازه مني، وإدانته لي. وأكثر ما ندمت عليه هو أن الكنيسة منحتني فرصة لأكون قائدة، وحملتني مسؤولية العديد من الإخوة والأخوات، لكني هربت في وقت عصيب، ولم أهتم بحياة الآخرين أو موتهم، دون أي تفكير في الطرق التي قد يتعطل عمل الكنيسة بسببها. أصبحت هاربة، وخائنة طامعة في الحياة، وأضحوكة للشيطان. وحتى الأسوأ أن هذا أصبح جرحًا أبديًّا في قلبي. من خلال ما عرضَتْهُ تلك الحقائق، أدركت أنني كنت جبانة أعيش بطريقة أنانية دون أي إنسانية. أصاب كلام الله كبد الحقيقة، وكشف الدوافع الحقيرة الخفية التي تختبئ في أعماق قلبي. لم أستطع الاستمرار في الهروب من الواقع. في تلك المرحلة، أحسست في أعماقي بذنبي الكبير بخيانة الله، وأنني لا أستحق خلاصه. وفكرت أيضًا في تجسد الله مرتين لإنقاذ البشرية، وأنه يعطي كل شيء. منذ ألفي عام، صُلب الرب يسوع لافتداء البشرية، وقدم دمه حتى آخر قطرة. والآن في الأيام الأخيرة، تجسد الله مرة ثانية لإنقاذ البشرية الفاسدة، ووضع حياته على المحك للعمل في عرين التنين العظيم الأحمر، وتعرض للملاحقة والاضطهاد على يد الحزب الشيوعي. لكن لم يتخل الله أبدًا عن إنقاذ البشرية. لقد استمر في التعبير عن الحقائق من أجل سقايتنا وتغذيتنا. منح الله الإنسان كل شيء – محبته لنا حقيقية جدًّا، وإيثارية جدًّا. لكني كنت أنانية وحقيرة للغاية. في واجبي حميتُ نفسي، ولم أهتم مطلقًا بعمل الكنيسة. كنت مدينة لله، ولم أستحق الحياة أمامه. كل ما أردته هو أن أخدم الله لكي أستطيع أن أخفف آثامي قليلًا.
وفي ديسمبر 2021، انتُخِبت قائدة للكنيسة مرة أخرى. عندما تذكرت كيف خنت الله، ولم أستحق أن أكون قائدة، أخبرت إحدى القائدات، وأنا أبكي بأنني كنت هاربة سابقًا. قالت القائدة: "هذا منذ سنوات، وأنتِ ما زلتِ عالقة في حالة من السلبية وسوء الفهم. وهذا يجعل من الصعب أن تربحي عمل الروح القدس". كنت أفكر أيضًا أن سنوات عديدة قد مرَّت، إذن لماذا لا أزال منزعجة من التعدي الذي ارتكبته، وسوء فهمي لله؟ كيف يجب أن أحل حالتي؟ بعد ذلك اجتهدت في الصلاة والسعي للحقّ. وقرأت هذا في كلام الله: "لا تخف حتى عندما توجد أوقات تشعر فيها أن الله قد تركك وأنك غرقت في الظلمة: فما دمت على قيد الحياة ولست في الجحيم، لا تزال لديك فرصة. ولكن إذا كنت مثل بولس الذي شهد في النهاية أن الحياة هي المسيح، فقد انتهى أمرك. إذا تمكنت من الاستيقاظ، فلا تزال لديك فرصة. ما الفرصة التي لديك؟ إنها تمكُّنك من المثول أمام الله وتمكُّنك إلى الآن من الصلاة إلى الله وطلب استجابات منه قائلًا: "يا الله! أرجو أن تمنحني الاستنارة لفهم هذا الجانب من طريق الممارسة وهذا الجانب من الحق". ما دمت واحدًا من أتباع الله، فإن لديك أملًا بالخلاص، وسوف تحقق النجاح حتى النهاية. هل هذه الكلمات واضحة بما يكفي؟ هل ما زلتم عُرضةً للسلبية؟ (لا). عندما يفهم الناس مشيئة الله، فإن طريقهم يكون واسعًا. وإذا لم يفهموا مشيئته، فإن طريقهم يكون ضيقًا وتوجد ظلمة في قلوبهم ولا يكون لديهم طريق يسلكونه. أولئك الذين لا يفهمون الحق هم كالتالي: إنهم ضيقو الأفق، ويتجادلون دائمًا، ويشتكون دائمًا من الله ويسيئون فهمه، ونتيجةً لذلك، كلما تقدموا في المسير تلاشى طريقهم. والواقع أن الناس لا يفهمون الله. لو كان الله قد عامل الناس كما في خيالهم، لكان الجنس البشري قد مُحي منذ زمن بعيد" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. كيف تتعرف على طبيعة بولس وجوهره). "لا أريد أن أرى أيّ شخصٍ يشعر كما لو أن الله قد تركه في البرد، أو أن الله قد تخلَّى عنه أو أدار ظهره له. كل ما أريده هو أن أرى كلّ شخصٍ على طريق السعي إلى الحقّ وطلب فهم الله، وأن يسير بجرأةٍ إلى الأمام بإرادةٍ لا تتزعزع دون أيّ شكوكٍ ودون تحمُّل أيّ أعباءٍ. بغضّ النظر عن الأخطاء التي قد ارتكبتها، وبغضّ النظر عن مدى ضلالتك أو مدى خطورة تَعدّيك، لا تدع هذه الأمور تصير أعباءًا أو أمتعةً زائدة عليك أن تحملها معك في سعيك إلى فهم الله: واصل السير إلى الأمام، ففي جميع الأوقات، يحمل الله خلاص الإنسان في قلبه، وهذا لا يتغير أبدًا. هذا هو الجزء الأكثر قيمة في جوهر الله" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (6)). "كان غضب الله من أهل نينوى لأن أعمالهم الشريرة صعدت أمامه. في ذلك الوقت كان غضبه مستمدًا من جوهره. لكن عندما تلاشى غضب الله ومنح تسامحه لأهل نينوى مرة أخرى، كان كل ما كشف عنه لا يزال جوهره. كان كل هذا التغيير بسبب تغير في موقف الإنسان تجاه الله. خلال هذه الفترة الزمنية بأكملها، لم تتغير شخصية الله التي لا تقبل الإساءة إليها، ولم يتغير جوهر الله المتسامح، كما لم يتغير جوهر الله المحب الرحيم. عندما يرتكب الناس الأفعال الشريرة ويسيئون إلى الله، سوف يُنزل غضبه عليهم. عندما يتوب الناس حقًا، سيتغير قلب الله، وسيتوقف غضبه. وعندما يستمر الناس في معارضة الله بعناد، سيكون غضبه غير متوقف، وسيضغط عليهم غضبه شيئًا فشيئًا حتى يتم هلاكهم. هذا هو جوهر شخصية الله. بغض النظر عما إذا كان الله يعبر عن الغضب أو الرحمة والمحبة، فإن سلوك الإنسان واتجاهه والموقف الذي يتبناه تجاه الله في عمق قلبه هو ما يملي ما يعبر عنه من خلال الإعلان عن شخصية الله" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)). تأثرت بشدة، وشعرت بالذنب الشديد عندما قرأت هذا الكلام من الله. أدركت أنني كنت أسيء فهم الله طوال هذه السنوات. مشيئة الله هي أن يُخلِّص البشرية لأقصى حد ممكن. ولن يتخلى عن شخص بسبب تعدٍّ مؤقت، بل يمنحه فرصًا كثيرة للتوبة. مثل أهل نينوى. قال الله إنه سيدمرهم لأن ارتكبوا الشرور، وعارضوه، وأساءوا إليه. لكن قبل أن يدمر نينوى، أرسل يونان ليشارك كلمته، ويمنحهم فرصة أخيرة للتوبة. وعندما تابوا إلى الله بحق، تراجع عن غضبه وحوله إلى تسامح ورحمة، وغفر لهم أفعالهم الشريرة. استطعت أن أرى من هذا محبة الله العظيمة ورحمته بالناس. يقوم غضب الله الشديد ورحمته وكرمه على المبادئ، ويتغير تمامًا اعتمادًا على سلوكيات الناس نحو الله. ورغم أن كلمات دينونة الله وإعلانه قاسية، بل وتدين وتلعن أيضًا، فإن الأمر يتعلق بمواجهة الكلمات، وليس الأحداث الحقيقية. أرادت مشيئة الله لي أن أفهم شخصيته البارَّة التي لا يمكن الإساءة إليها، وأن أوقره، وأتوب إليه بحق، لذلك في أي وقت، وتحت أي ظرف، أستطيع تكريس نفسي لأداء الواجب. في تلك المرحلة، أدركت أنني كنت عنيدة ومتمردة للغاية. أسأت فهم الله طوال سنوات، وقيدت نفسي بالمفاهيم، ووضعت نفسي في طريق مسدود. لكن في الحقيقة، لم يتخلَّ الله عن خلاصي. كنت أسيء فهم مقاصد الله الرامية لخلاصي. ويذكِّرني هذا بشيء قاله الله: "رحمة الله وتسامحه ليسا نادرين – بل توبة الإنسان الصادقة هي النادرة" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)). رغم غضب الله، ودينونته، وإعلاناته لنا، ورغم أنه يديننا ويلعننا، فإنه يمتلئ بالمحبة والرحمة. وإن لم نفهم شخصيته البارَّة، فإننا نميل إلى إساءة فهمه. شعرت بالندم والذنب حقًّا بعدما فهمت رغبة الله في خلاص البشرية. لم أرغب في مواصلة الهرب من تعدياتي السابقة أو الاستمرار في سوء فهم الله والاحتراس منه. كنت مستعدة للتوبة. أردت استخدام الدرس من هذا الخطأ للاستمرار في تحذير نفسي. كنت أنانية وحقيرة أطمع في الحياة. وفي مواجهة الخطر، أصبحت هاربة، ولم أراعِ عمل الكنيسة. أدركت أن نقطة ضعفي كانت خوفي من الموت. كان يجب أن أسعى إلى الحقّ لأُعالج ضعفي هذا، وأبتعد عنه.
لاحقًا، قرأت هذا المقطع من كلام الله. "يرى البشر وفقًا لمفاهيمهم أنهم إذا دفعوا مثل هذا الثمن الباهظ لنشر عمل الله فينبغي على الأقل أن يحظوا بمَيتة جيدة. لكن هؤلاء الناس عُذِّبوا حتى الموت قبل أوانهم. وهذا لا يتوافق مع المفاهيم البشرية، لكن الله فعل ذلك بالضبط – فقد سمح الله بحدوث ذلك. ما الحق الذي يمكن البحث عنه في حقيقة أن الله قد سمح بحدوث هذا؟ هل كان سماح الله لهم بالموت بهذه الطريقة هو لعنته وإدانته، أم كان خطته وبَركته؟ لم يكن أيًا من هذا أو ذاك. ماذا كان؟ يتأمل الناس الآن في موتهم بكثير من وجع القلب، لكن الأمور كانت تسير هكذا. أولئك الذين آمنوا بالله ماتوا بتلك الطريقة، وهذا يوجع قلوب الناس. كيف يمكن تفسير هذا؟ عندما نتطرق إلى هذا الموضوع، تضعون أنفسكم في مكانهم؛ فهل قلوبكم حزينة إذًا، وهل تشعرون بألم خفي؟ تقولون لأنفسكم: "هؤلاء الناس أدوا واجبهم لنشر إنجيل الله ويجب اعتبارهم أناسًا صالحين، فكيف وصلوا إلى مثل هذه العاقبة ومثل هذه النهاية؟" في الواقع، كانت هذه هي الطريقة التي ماتت بها أجسادهم؛ أي كانت هذه طريقة خروجهم من عالم البشر، لكن ذلك لم يكن يعني أن آخرتهم هكذا. مهما كانت طريقة موتهم ورحيلهم أو كيفية حدوث ذلك، فإن الله لم يُحدد الآخرة النهائية لتلك الحيوات، أي لتلك الكائنات المخلوقة، بهذه الطريقة. هذا شيء يجب أن تراه بوضوح. فعلى العكس من ذلك، فقد اتخذوا هذه الوسائل لإدانة هذا العالم وللشهادة لأعمال الله. استخدَم هؤلاء المخلوقات حياتهم الأكثر قيمة – واستخدموا اللحظة الأخيرة من حياتهم للشهادة لأعمال الله وللشهادة لقوة الله العظيمة وللإعلان أمام الشيطان والعالم أن أعمال الله هي الحق، وأن الرب يسوع هو الله وهو الرب وهو جسد الله المتجسد. لم ينكروا اسم الرب يسوع حتى اللحظة الأخيرة من حياتهم. ألم يكن هذا شكلًا من أشكال الحكم على هذا العالم؟ لقد استخدموا حياتهم ليعلنوا للعالم وليؤكدوا للبشر أن الرب يسوع هو الرب، وأن الرب يسوع هو المسيح، وأنه جسد الله المتجسِّد، وأن عمل الفداء الذي صنعه لجميع البشر يسمح للبشر بمواصلة العيش – وهذه الحقيقة لا تتغير إلى الأبد. إلى أي مدى أدوا واجبهم؟ هل كان إلى أقصى حد؟ كيف ظهر الحد الأقصى؟ (لقد ضحوا بحياتهم). هذا صحيح، فقد دفعوا حياتهم ثمنًا. فالعائلة والثروة والأشياء المادية في هذه الحياة جميعها أشياء خارجية؛ والشيء الوحيد الداخلي للنفس هو الحياة. بالنسبة إلى كل شخص حيّ، فإن الحياة هي الشيء الذي يستحق بالأكثر الاعتزاز به وهي الشيء الأثمن. وفي الواقع، تمكَّن هؤلاء الناس من تقديم أثمن ما لديهم – أي حياتهم – كتأكيد وشهادة على محبة الله للبشر. وإلى اليوم الذي ماتوا فيه، لم ينكروا اسم الله ولم ينكروا عمل الله بل استخدموا آخر لحظة في حياتهم ليشهدوا على وجود هذه الحقيقة. أليست هذه هي أسمى أشكال الشهادة؟ هذه هي الطريقة الفضلى لتتميم المرء لواجبه؛ وهذا هو تتميم المرء بمسؤوليته. عندما هددهم الشيطان وروَّعهم، بل وعندما جعلهم في النهاية يدفعون حياتهم ثمنًا، فإنهم لم يتخلوا عن مسؤوليتهم. وهذا ما يعنيه أداء المرء واجبه إلى الحد الأقصى. ماذا أعني بهذا؟ هل أقصد أن عليكم أن تستخدموا الطريقة نفسها للشهادة لله ونشر الإنجيل؟ لست بحاجة بالضرورة إلى ذلك، ولكن يجب أن تفهم أن هذه هي مسؤوليتك، وأنه إذا احتاجك الله لذلك، فينبغي عليك قبوله كالتزام أخلاقي" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. نشر الإنجيل هو الواجب الذي يلتزم به جميع المؤمنين). خجلت حقًّا بعد قراءة كلام الله. قدم القديسون عبر العصور حياتهم، وأُريقت دماؤهم لنشر الإنجيل. واستُشهِد عدد لا يحصى من أجل الله. ورُجم بعضهم بالحجارة حتى الموت أو سحلتهم الخيول حتى الموت. ووُضع بعضهم في الزيت المغلي، وصُلب البعض الآخر. وعرف العديد من المبشرين أن القدوم إلى الصين يعني مواجهة خطر القتل، لكنهم خاطروا بحياتهم من أجل القدوم ومشاركة إنجيل الله. والآن، يتعرض العديد من المؤمنين للتعذيب والاضطهاد حتى الموت على يد الحزب بسبب نشر الإنجيل، ويضحون بحياتهم ليقدموا شهادة مدوية لله. كان اضطهادهم من أجل البر، وكان موتهم جميعًا ذا مغزى ونالوا رضا الله. في السابق لم أدرك هذه الأشياء بوضوح، لكني كنت أسعى يائسة للبقاء حية. اعتقدت أن كل شيء سينتهي بموتي، لذلك مع الاضطهاد الجنوني للحزب، تخليت عن واجبي وعشت وجودًا حقيرًا. هذه وصمة عار دائمة، وتعدٍّ خطير. عندما واجهت مواقف مفزعة، دون أن أتعرض للاعتقال، خنت الله لأنني خشيت الموت. أدركت أنني لا أفهم حكم الله القدير. أيًّا كان ما نواجهه في الحياة، وأيًّا كانت معاناتنا، كل شيء بقدر الله. لا نستطيع الفرار منه. أنا ممتنة لاستنارة الله وإرشاده، ممّا أتاح لي فهم هذا، لكي أستطيع تغيير وجهة نظري الخطأ، والتعامل مع الموت بشكل صحيح. منحتني هذه الفكرة المزيد من الإيمان. بعد ذلك، أيًّا كان ما أواجهه، أصبحت مستعدة للاتكال على الله، وتقديم الشهادة له، وعدم التخلي عن واجبي أو خيانة الله.
في 6 يوليو 2022، اتصلت بي شريكتي، وقالت: "حدث شيء جلل. تم اعتقال ثلاثة قادة". شعرت بالانزعاج بعدما سمعت ما قالته. فلقد تواصلوا مع الكثير من الأشخاص والأسر، وكان أحدهم على اتصال بنا قبل أيام قليلة. يجب أن نهتم بتبعات الأمر على الفور لمنع المزيد من الخسائر. لكني كنت لا أزال أشعر ببعض الجبن والخوف. إن كانت الشرطة تضع أعينها على هؤلاء الإخوة والأخوات، فقد أقع بين أيدي الشرطة لو تواصلت معهم. لكني عندئذ تذكرت الدرس المؤلم الذي تعلمته عندما أصبحت هاربة، كيف خنت الله وأغضبتُ شخصيته. كان هذا ألمًا لن أنساه أبدًا ولم أرغب في تكرار خطئي. لذلك واصلت الصلاة إلى الله: "إلهي، أشعر بالخوف مما أُوشك على مواجهته اليوم، لكن هذه المرة أريد البقاء مخلصة لواجبي، وألا أهرب. أرجوك امنحني الإيمان والقوة".
أبلغت الأخوة بأن يهتموا بسلامتهم، ونقلت كتب كلام الله إلى أماكن آمنة. ثم خطر ببالي أن منزلي ليس آمنًا أيضًا، لذلك أردت الذهاب لإخبار حماتي وأجعلها تستأجر غرفة في ذلك اليوم. وعندما اقتربت من المدخل، رأيتُ شابين يرتديان ملابس سوداء. لم أجرؤ على الدخول، لكني ذهبت إلى منزل أحد الأقارب لأكتشف ما يحدث. علمت أن حماتي اُعتقلت بالفعل، وأن الرجلين الذين يرتديان ملابس سوداء كانا ضابطي شرطة. لاحقًا، اكتشفت أن أختًا ذهبت لإخبار الإخوة بالمغادرة لم تعد وربما اُعتقلت أيضًا. لم تتح لي الظروف التفكير في الأمر كثيرًا. أسرعت إلى التعامل مع الأعمال الأخرى مع الأخت التي أتشارك معها. واكتشفت لاحقًا أن هذه عملية اعتقال منظمة بواسطة الحزب الشيوعي، وأنه تم اعتقال 27 شخصًا بين ليل اليوم الخامس وصباح اليوم السادس من الشهر. في مواجهة وضع مُروّع كهذا، عرفت أن الله منحني فرصة لأقوم بخيار مختلف. في السابق، كنت هاربة، وخنت الله. لم أستطع خذلان الله مرة أخرى هذه المرة، لكن كان يجب أن اتَّكل على الله وأعمل مع الآخرين للتعامل مع تبعات الكارثة وأداء واجبي. شعرت بالمزيد من الهدوء والسلام عندما فكرت في الأمر بهذه الطريقة.
عندما أتحدث عن تعدياتي مرة أخرى، أستطيع المواجهة والاعتراف بأنني أطمع في الحياة، وأنانية وحقيرة، لكني لا أريد أن أكون من هذا النوع من الأشخاص مرة أخرى. أريد أن يكون هذا التعدي مثل جرس إنذار؛ ليُذكِّرني بألّا أكرر الخطأ نفسه. هذا الخطأ جعلني أحتقر الشخصية الفاسدة في نفسي، ولا أرغب في مواصلة العيش بطريقة أنانية. والآن، عندما أرى الإخوة والأخوات في حالة مشابهة، أقدم لهم شركة ليستطيعوا فهم شخصية الله البارَّة التي لا يمكن الإساءة إليها، ويعتبرون ذلك تحذيرًا. هذا التعدي محفور في قلبي، ومؤلم جدًّا، لكنه أصبح تجربة ثمينة في حياتي. الشكر لله!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.