لم أعد أرتعد خوفًا
سمعت أن أختًا اعتُقلت في الثاني من سبتمبر. كنت في طريقي إلى أحد منازل القادة ذلك اليوم، ولكن لم يكن أحد بالمنزل. ورأتني بالصدفة الأخت شياو هونغ التي تسكن بالجانب الآخر من الشارع. فنادت عليَّ لأذهب إلى منزلها وقالت بعصبية: "لقد حدث شيء ما. لقد أخذت الشرطة زو لينغ. كان هذا منذ يومين ولم نسمع عنه شيئًا. ذهبت القائدة لتخبر الجميع – يجب أن تعود قريبًا". عندما سمعتُ الخبر، شعرتُ بالتوتر والخوف. كانت زو لينغ قائدة في السابق، ولا أعرف نوع التعذيب الذي ستستخدمه الشرطة معها. هل ستنهار تحت التعذيب وتصبح مثل يهوذا؟ لقد كنت في منزلها مؤخرًا. وإن كانت الشرطة قد وضعتها تحت المراقبة، فربما رأوني. انتقلت هنا أساسًا لأنني كنت هاربة. كان التنين العظيم الأحمر يطاردني بلا توقف منذ سنوات. وإن قبضوا عليَّ، فمن المؤكد أنهم سيستخدمون أشد أنواع التعذيب معي. ربما يضربونني حتى الموت. كنت خائفة حقًّا وأردت الخروج من المنطقة بأسرع ما يمكن، لكن كانت هناك بعض الأشياء التي يجب أن أناقشها مع القائدة، وسيعطل رحيلي الأمر. كنت أرجو أن تعود القائدة بسرعة. لم تتأخر القائدة في المجيء إلى منزل شياو هونغ، ثم عادت إلى منزلها بعد أن أنهينا النقاش. وبعد مرور دقيقتين أو ثلاث دقائق فقط، عادت شياو هونغ راكضة في ذعر وقالت: "كانت القائدة على وشك الرحيل عندما أخذها سبعة أو ثمانية من رجال الشرطة وغادروا. وكانت زو لينغ أيضًا في سيارتهم. لا بد أنها أخبرتهم عن المكان الذي تعيش فيه القائدة. أيًّا كان ما تفعلينه، لا تغادري". شعرت بالتوتر الشديد. كانت شياو هونغ والقائدة تعيشان مقابل إحداهما الأخرى. وقد تكون الشرطة على بُعد خطوات. إن قبضوا عليَّ، فأنا متأكدة من أنني لن أنجو من الأذى. لم أجرؤ حتى على النظر من النافذة، وأخذت أدعو الله بلا توقف، على أمل أن ترحل الشرطة قريبًا. رحلت سيارة الشرطة بعد ساعة تقريبًا وهدأ قلبي أخيرًا. لكن كانت زو لينغ في منزلي منذ يومين – ماذا لو خانتني أيضًا؟ لم يعد منزلي أيضًا آمنًا. أين يجب أن أذهب؟ كان لديَّ هناك مفكرة مكتوب فيها أرقام هواتف الإخوة والأخوات وكان يجب أن أخفيها بأسرع ما يمكن. كان هناك ثلاثة منازل استضافة قريبة من منزلي، وإن لم يُبلَّغوا فورًا، فربما يُعتقلون وعندئذ يتورط المزيد من الإخوة والأخوات. لكن إن عدت عندئذ، فربما أوقع نفسي في أياديهم أيضًا. كنت خارج المدينة لأقوم بواجبي لسنوات، وكنت هدفًا أساسيًّا للاعتقال على يد الشرطة. ربما أتعرض حتى لتعذيب أشد إن اُعتقلت. كلا، كان يجب أن أهرب وأبحث عن مكان آمن فورًا. أصابتني هذه الأفكار بالاضطراب، وأخذت أدعو الله بلا توقف. ثم تذكرت مقطعًا من كلمات الله. "يجب ألا تخاف من هذا وذاك؛ فمهما كانت المصاعب والأخطار التي ربما تواجهها، فأنت قادر على أن تظل ثابتًا أمامي، ولا يعرقلك أي عائق، حتى تُنفَّذ مشيئتي دون أي عرقلة. هذا واجبك، وإلا فسوف أرسل عليك غضبي، ويدي تفعل هذا...حينها تكابد ألمًا ذهنيًا لا ينتهي. لا بد أن تحتمل كل شيء، ومن أجلي لا بد أن تكون مستعدًا لأن تتخلى عن كل ما تملك، وأن تفعل كل ما في وسعك حتى تتبعني، وأن تكون على استعداد لبذل كل ما لك. الآن هو وقت اختباري لك، فهل ستقدم ولاءك لي؟ هل يمكنك أن تتبعني حتى نهاية الطريق بإخلاصٍ؟ لا تخف؛ فَمَنْ ذا الذي يستطيع أن يسد هذا الطريق إذا كان دعمي موجودًا؟ تذكَّر هذا! لا تنسه! كل ما يحدث إنما يحدث بدافع من قصدي الصالح، وكل شيء تحت نظري. هل يمكنك أن تتبع كلمتي في كل ما تقوله وتفعله؟ عندما تأتي عليك تجارب النار، هل ستركع وتصرخ؟ أم ستجبن عاجزًا عن التحرك إلى الأمام؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل العاشر). أدركت أن قامتي كانت صغيرة وأنني افتقرت للإيمان الحقيقي. برؤية اعتقال مَن حولي واحدًا تلو الآخر، خفت وأردت العثور على مكان آمن لأختبئ فيه. كنت أتجاهل مصالح الكنيسة لحماية سلامتي – يا لها من أنانية! مع اعتقال القائدة، كان يجب إبلاغ الكثير من الآخرين، ونقل الكثير من نسخ كلمات الله. وإن لم يتم الاهتمام بهذا بأسرع ما يمكن، فقد يؤدي إلى اعتقال الكثير من أعضاء الكنيسة الآخرين. وبصفتي شماسة كنيسة، فإن حماية الإخوة والأخوات وكذلك كتب كلمات الله كانت واجبي ومسؤوليتي. إن خفت وجبنت، وعشت وجودًا بلا معنى، فسأصبح مستهترة بشكل لا يصدق. كان الله يراقبني في هذا الوقت العصيب ليرى ما إن كنت أراعي مشيئته وأحمي عمل الكنيسة أم لا. كان يجب أن أتَّكل على الله وأهتم بعمل المتابعة فورًا. وسواءً اُعتقلت أم لا، فإن هذا يرجع لله وحده. كنت مستعدة لترك سلامتي الشخصية بين يدي الله. عندما أدركت ذلك، لم أعد أشعر بالتوتر والخوف. عندما اقتربت من منزلي، رأيت سيارة شرطة تقف أمام المدخل. بدأ قلبي يخفق بشدة. من الواضح أن أتباع يهوذا خانوني. لم أعرف ما إن كانت منازل الاستضافة الثلاثة قد فُتشت أم لا. كان يجب أن أبلغ القيادة العليا بالوضع بأسرع ما يمكن، ليستطيعوا اتخاذ الاحتياطات والترتيبات اللازمة في الوقت المناسب لمنع المزيد من الخسائر لعمل الكنيسة.
عرفت أن الأخت سو هو كانت تمتلك معلومات الاتصال بالقيادة العليا، لذلك ذهبت لأجدها. وبعد أن وصلت، قال زوجها غير المؤمن بتوتر: "أتى بعض رجال الشرطة للتو. سو هو بالخارج، وهذا هو السبب الوحيد لعدم القبض عليها. لقد ذهبوا إلى موضعك للتو للمزيد من الاعتقالات". غادرت مسرعة، ولم أجرؤ على التسكع. وفي طريق العودة، أخذت أفكر في مدى شر التنين العظيم الأحمر. إنه يبذل جهودًا مضنية لاعتقال مَن يؤمنون بالله. اعتقل الإخوة والأخوات واحدًا تلو الآخر، وكنت معرضة لخطر الاعتقال في أي لحظة. إن لم أستطع تحمل التعذيب وأصبحت مثل يهوذا، ألن يكون مسار إيماني قد وصل إلى نهاية؟ كلما فكرت في الأمر، ازددت ضعفًا وخوفًا، فإيماني في الصين أمر صعب وخطير جدًّا. دعوت الله في قلبي مرارًا وتكرارًا: "إلهي، ماذا يجب أن أفعل؟" ثم تذكرت هذا المقطع من كلمات الله: "الإيمان أشبه بجسرٍ خشبيّ مُشيَّد من جذع واحد، بحيث يجد الذين يتشبّثون بالحياة في وضاعةٍ صعوبةً في عبوره، أمّا أولئك المستعدون لبذل أنفسهم فيمكنهم المرور عليه واثقي الخطى من دون قلقٍ. إذا كانت لدى الإنسان أفكار جُبن وخوف، فلأن الشيطان قد خدعه؛ إذ يخشى الشيطان أن نعبر جسر الإيمان للوصول إلى الله. يحاول الشيطان بكلّ الطرق الممكنة توصيل أفكاره إلينا، فيجب علينا أن نُصلّي دائمًا إلى الله حتى ينيرنا بنوره، ونتكل عليه في كل لحظة لتطهيرنا من سُمّ الشيطان الذي بداخلنا، ونمارس في أرواحنا كل حين كيفية الاقتراب إلى الله، وندَع الله يملك السيادة على كياننا بأكمله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس). منحتني كلمات الله الإيمان والقوة. وأدركت أنني كنت أعيش في خوف، وأخشى أن أُعتقل وأُضرب حتى الموت. كنت أقع في حيل الشيطان. كان الشيطان يستغل ضعفي ليعيقني، ليجعلني أخسر الإيمان بالله لكيلا أجرؤ على تأدية واجبي. ثم يزداد ابتعادي عن الله ببطء وأخونه. كان يجب أن أدرك حقيقة حيل الشيطان. كلما واجهت هذه الأنواع من المواقف، كان يجب أن ازداد اقترابًا من الله وأتَّكل عليه، وأحيا بحسب كلماته. وحتى لو اعتقلت، سوف أخضع ولن أتذمر. سأتمسك بشهادتي وأرضي الله.
تذكرت المفكرة التي تحوي أرقام هواتف الإخوة والأخوات والتي كانت لا تزال بمنزلي. يجب أن أعود؛ وإلا، فإن وجدتها الشرطة، فسوف يُعتقلون. لكن ربما يراقب رجال الشرطة منزلي – ألا أوقع نفسي هكذا في أياديهم؟ وبينما كنت أشعر بالارتباك، تذكرت كلمات الله: "يعتقد كل واحد منكم أنه في توافق معي، لكن إذا كان هذا هو الحال، فعلى مَنْ إذًا ينطبق هذا الدليل الدامغ؟ تعتقدون أنكم تمتلكون أنقى إخلاص ووفاء نحوي، وأنكم غاية في الحنو والعطف، وأنكم كرَّستم الكثير لي. تعتقدون أنكم صنعتم ما يكفي من أجلي. لكن هل قارنتم من قبل هذه المعتقدات بسلوككم؟ ... تبقونني خارجًا من أجل أبنائكم أو أزواجكم، أو لحماية ذواتكم، وبدلاً من أن تهتموا بي، تهتمون بأُسَرِكم وأبنائكم ومكانتكم ومستقبلكم ومسراتكم الخاصة. متى فكرتم فيَّ في حديثكم أو أفعالكم؟ عندما يكون الجو باردًا، تتجه أفكاركم إلى الأبناء أو الزوج أو الزوجة أو الوالدين، وعندما يكون حارًا، فلا يكون لي مكان في أفكاركم أيضًا. عندما تضطلع بواجبك، فإنك لا تفكر إلا في مصلحتك الشخصية وسلامتك الشخصية وأفراد أسرتك. فأي شيء فعلتَ من أجلي؟ متى فكرتَ فيَّ؟ متى كرَّستَ نفسك لي ولعملي مهما كانت التكلفة؟ أين دليل توافقك معي؟ أين حقيقة ولائك لي؟ أين حقيقة طاعتك لي؟ متى لم تكن نواياك سوى الفوز ببركاتي؟ إنكم تستغفلونني وتخدعونني وتلهون بالحق وتخفون وجوده وتخونون جوهر الحق، وتضعون أنفسكم في عداوة معي، فما الذي ينتظركم في المستقبل إذًا؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. يجب أن تبحث عن طريق التوافق مع المسيح). كان كل سؤال يبدو كاتهام من الله في قلبي. عندما كان كل شيء سلميًا، كنت أستطيع ترك منزلي وعملي من أجل واجبي. شعرت بأنني كنت مخلصة لله. لكن عندما واجهت اعتقالات التنين العظيم الأحمر، أدركت مدى ضآلة قامتي. في السابق، كنت أصيح بشعارات وتعاليم فارغة. وكشفت أزمة حقيقية قامتي الحقيقية. كل ما فكرت فيه هو كيفية حماية مصالحي. لم أكن أحمي عمل الكنيسة مطلقًا. لم أكن شخصًا يراعي مشيئة الله. لو كنت كذلك، عندما يحدث شيء يمس مصالح الكنيسة، لاستطعت التخلي عن كل شيء من أجل الله، حتى لو كانت حياتي. تذكرت كل كتب كلمات الله تلك. لقد خاطر الإخوة والأخوات بحياتهم لإيصالها، واعتقل التنين العظيم الأحمر الكثير جدًّا منهم خلال عملية نقلها. بل إن بعضهم ضُرب حتى الموت. لقد نحَّوا الاهتمام بحياتهم وموتهم جانبًا ليستطيع الإخوة والأخوات قراءة كلمات الله؛ لقد قاموا بواجبهم وأرضوا الله. لكن ماذا عني؟ لم أراعِ مصالح الكنيسة. بل فكرت في سلامتي الشخصية عندما وقع شيء ما. كنت أخشى أن أُعتقل وأُعذب حتى الموت. عادة ما كنت أبذل قصارى جهدي من أجل شيء يعود عليَّ بالفائدة، لكني الآن لم أستطع القيام بأقل تضحية من أجل مصلحة الكنيسة. مقارنة بهؤلاء الإخوة والأخوات، كنت أنانية بشكل لا يصدق. لم أكن أراعي مشيئة الله. والآن بعد أن تعرضت قائدة كنيسة للاعتقال، بصفتي شماسة كان الاختباء، بدلًا من حماية عمل الكنيسة، أكثر أمانًا، لكني سأخسر فرصة تأدية واجبي وتقديم الشهادة. إذن، ما المغزى من حياتي؟ ألست مجرد جثة حيَّة؟ عند هذا التفكير، صليت لله: "إلهي، سواءً اُعتقلت اليوم أم لا فهذا كله بين يديك. أرجوك امنحني الإيمان والحكمة لأستطيع الاتكال عليك وتأدية واجبي".
في الثانية صباحًا تقريبًا، ذهبت إلى منزل أخت تعيش في الجوار. واكتشفت أن الشرطة زارت عدة منازل أخرى بجوار منزلي. وفر بعض الإخوة والأخوات وهربوا من الاعتقال. أخبروني بأن الشرطة ستعود بالتأكيد، وأخبروني بأن أغادر فورًا. لم أجرؤ على التسكع. رأيت أنه لم يكن هناك أحد ينتظر أمام مدخل المنزل، لذلك هرعت بالعودة إلى المنزل وأحضرت مفكرة أرقام الهواتف. وتنفست الصعداء.
ثم ذهبت إلى منزل الأخ يانغ جوانغ. وحالما رآني، قال بخوف: "بالأمس اُعتقلت مع زوجتي. لقد تركونا الليلة الماضية. واعتُقل العديد من الإخوة والأخوات أيضًا". هرعت للخروج من هناك. وأخذت أفكر في طريق عودتي في أن الموقف يزداد سوءًا وأن الاعتقالات تحدث في كل مكان. لو كان أتباع يهوذا قد خانوني، فمن المؤكد أن الشرطة لديها وصفي، ومع الكثير من المراقبة هنا وهناك، من الممكن أن أُعتقل في أي لحظة. ماذا لو لم أستطع تحمل تعذيبهم؟ كانت هذه فكرة فظيعة بالنسبة لي. سيكون من الآمن قليلًا أن أختبئ، لكن عمل المتابعة لم ينتهِ بعد. إن ذهبت للاختباء الآن، ألن يجعلني هذا متمردة هاربة؟ لقد كنت مؤمنة طوال كل هذه السنوات واستمتعت كثيرًا بالسقاية من كلمات الله. وإن هربت في هذا الوقت العصيب، ولم أؤدِ واجبي أو مسؤولياتي، فلن يكون لديَّ أي ضمير أو إنسانية مطلقًا. هل يمكن حتى أن أعد مؤمنة؟ لن أكون مختلفة عن يهوذا الذي يخون الله. عند هذا التفكير، اتخذت قراري بهدوء وفضلت أن أُعتقل وأموت بين يدي الشرطة على الهروب وعيش وجود بلا معنى. كان يجب أن أتمسك بشهادتي، وأرضي الله، وأبذل قصارى جهدي في تأدية واجبي. وهكذا، عدت إلى منزل مضيفتي مباشرة.
ذلك المساء، قرأت هذا في كلمات الله: "في خطتي، لقد حاول الشيطان دائمًا ملاحقة كل خطوة، وبصفته شخصية الضد لحكمتي، كان يحاول دائمًا إيجاد طرق ووسائل لتعطيل خطتي الأصلية. لكن هل يمكنني الخضوع لمخططاته الخادعة؟ فكل ما في السماء وما على الأرض يخدمني، فهل يمكن أن تختلف مخططات الشيطان الخادعة عن ذلك بأية حال؟ هنا بالضبط يأتي دور حكمتي، وهو بالتحديد الأمر العجيب في أفعالي، وهو كذلك المبدأ الذي يتم من خلاله تنفيذ خطة تدبيري بالكامل. وأثناء عهد بناء الملكوت، ما زلت لا أتفادى مخططات الشيطان الخادعة، لكنني أستمر في القيام بالعمل الذي يجب أن أقوم به. وقد اخترت – من الكون وكل الأشياء – أفعال الشيطان كشخصيات ضدٍ لي. أليس هذا مظهرًا من مظاهر حكمتي؟ أليس هذا بالتحديد ما هو عجيب في عملي؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الثامن). استطعت أن أرى قدرة الله وحكمته في كلماته. التنين العظيم الأحمر عدو لله. يعتقل ويضطهد المسيحيين بطريقة جنونية ويعطل عمل الله، ويرجو بلا جدوى أن يدمر العمل الذي يفعله الله لخلاص البشرية. لكن اعتقالات التنين العظيم الأحمر واضطهاده يتيحان لنا اكتساب تمييز بشأن جوهره الشرير الذي يؤذي الإنسان ويعارض الله، ثم نحتقره من قلوبنا ونقطع روابطنا به. تكشف الاعتقالات والاضطهاد أيضًا المؤمنين الحقيقيين من الزائفين، وتفصل الخراف عن الجداء، والحنطة عن الزوان. في أوقات الأزمات، لا يقوم البعض بواجبهم بسبب الخوف، أو يتركون الإيمان، والبعض يخونون الله ويصبحون مثل يهوذا عندما يُعتقلون أو يُعذبون. هؤلاء الذين يُكشفون مثل الزوان، هم الذين يُطرحون بعيدًا. ألا يدل ذلك على حكمة الله وبره؟ يذكرني هذا كيف قال الرب يسوع: "فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا" (متى 16: 25). تذكرت القديسيين عبر العصور الذين استشهدوا لنشر إنجيل الله. البعض صُلب منكَّس الرأس؛ والبعض رُبط بالحبال وشدته الخيول ومُزق إربًا. ورغم أنهم ماتوا، فإن موتهم كان له مغزى. لكن الذين يخونون الله ويصبحون مثل يهوذا يبدون في الظاهر أنهم ما زالوا على قيد الحياة، ولكنهم يعيشون في عذاب داخل قلوبهم. إنهم مثل جثث حية، في بؤس لا يوصف. وبعد موتهم، تهوي أرواحهم في الجحيم ويُعاقبون. كان هذا شيئًا لم أستوعبه تمامًا. بل أردت الهروب من واجبي والاختباء. لو تسببت في ضرر لعمل الكنيسة بسبب التقصير في تأدية الواجب، لكان هذا تعديًا – وصمة عار أبدية. إن استطعت التضحية بحياتي بسبب الإخلاص في واجبي، حتى لو اُعتقلت وضُربت حتى الموت، فسأكون قد قدمت الشهادة لله وأخزيت الشيطان. وسيكون لموتي قيمة ومعنى. ثم قرأت المزيد من كلمات الله. "بغضّ النظر عن مدى "قوّة" الشيطان، وبغضّ النظر عن مدى جرأته وتطلّعه، وبغضّ النظر عن مدى قدرته على إلحاق الضرر، وبغضّ النظر عن مدى اتّساع نطاق طرقه التي يُفسِد بها الإنسان ويغويه، وبغضّ النظر عن مدى مهارة الحيل والمخططات التي يُرهِب بها الإنسان، وبغضّ النظر عن مدى قابليّة هيئته التي يوجد عليها للتغيّر، إلّا أنه لم يقدر قط على خلق شيءٍ حيّ واحد، ولم يقدر قط على وضع قوانين أو قواعد لوجود جميع الأشياء، ولم يقدر قط على حكم ومراقبة أيّ كائن، سواء كان حيًّا أم غير حي. داخل الكون والجَلَد لا يوجد شخصٌ أو كائن واحد وُلِدَ منه أو يوجد بسببه؛ ولا يوجد شخصٌ أو كائن واحد يخضع لحكمه أو سيطرته. وعلى العكس، فإنه لا يتوجّب عليه أن يعيش في ظلّ سلطان الله وحسب، ولكن، علاوة على ذلك، يتعيّن عليه أن يطيع جميع أوامر الله وفروضه. فبدون إذن الله، من الصعب على الشيطان أن يلمس حتّى قطرة ماءٍ أو حبّة رملٍ على الأرض؛ وبدون إذن الله، لا يملك الشيطان حتّى حريّة تحريك نملةٍ على الأرض – ناهيك عن تحريك الجنس البشريّ الذي خلقه الله. يرى الله أن الشيطان أدنى من الزنابق على الجبل ومن الطيور التي تُحلّق في الهواء ومن الأسماك في البحر ومن الديدان على الأرض. يتمثل دوره من بين جميع الأشياء في خدمة جميع الأشياء والعمل من أجل البشرية وخدمة عمل الله وخطة تدبيره. وبغض النظر عن مدى خبث طبيعته وشر جوهره، فإن الشيء الوحيد الذي يمكنه عمله هو التقيد الصارم بوظيفته: كونه خادمًا لله ونقطة تعارض لله. هذا هو جوهر الشيطان ووضعه. إن جوهره غير مرتبطٍ بالحياة، وغير مرتبطٍ بالقوة وغير مرتبطٍ بالسلطان؛ إنه مجرد لعبةٍ في يد الله، مجرد آلةٍ في خدمة الله!" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (1)]. استطعت أن أرى قوة الله وسلطانه من كلماته. بالطبع كل شيء، سواء كان حيًّا أم ميتًا، هو بين يدي الله. يقدم الشيطان خدمة لعمل الله – فهو يخدم كشخصية الضد. يمتلك الحزب الشيوعي الصيني جميع أنواع الحيل، ويسخِّر قوى العديد من الناس والأشياء، لكن بدون إذن الله، لن يلمس شعرة من رؤوسنا. ومثلما حدث في اختبار أيوب، هاجمه الشيطان وأذاه، وحاول أن يجبره على إنكار الله ورفضه. لقد سمح الله للشيطان بأن يسيء معاملة أيوب، لكنه لم يسمح له بتهديد حياته، ولم يجرؤ الشيطان على عصيان أمر الله. ومثلما حدث في عمل المتابعة معي، خرجت من موقف خطير تلو الآخر دون أذى. كانت هذه رعاية الله وحمايته. أظهرت لي كل هذه الاختبارات سلطان الله وسيادته. لو لم يسمح الله للتنين العظيم الأحمر بالقبض عليَّ، لما استطاع ذلك. ولو سمح له باعتقالي، لما استطعت الهروب منه. منحني فهم هذا الإيمان. وشعرت بأنني مستعدة لأن أضع حياتي بين يدي الله وأخضع لترتيباته.
لاحقًا، اكتشفت أن الشرطة لم تتفقد منزلًا كان يعقد فيه القادة الأعلى الاجتماعات. ومع اقتراب موعد أحد الاجتماعات، قلقت من أن يكونوا بانتظار الوقت المناسب للقبض على المزيد من القادة. وإن لم يبلغهم أحد، فقد يُعتقل القادة وقد يتورط المزيد من الناس. طرحنا بعض الأفكار بسرعة، ومن خلال بعض الطرق المتعرجة والملتوية، أبلغت القادة الأعلى بوضع الكنيسة. وأخبرنا القادة بالاختباء أولًا حفاظًا على سلامتنا. وبعد أيام قليلة، أتى خطاب من القادة يقول إنه في الاعتقالات التي قام بها التنين العظيم الأحمر في منطقتنا، داهمت الشرطة منزلين يستخدمان لحفظ الكتب. وبقي منزل واحد فقط، ووجب نقل كل شيء فورًا. وبما أن جميع مَن يعرفون أمناء الكتب اعتقلوا باستثنائي، وبما أنني كنت على دراية نسبية بالمنطقة وأعضاء الكنيسة، فقد أرادوني أن أساعدهم في نقل الكتب. عرفت جيدًا أنه في ظل تلك الظروف من الأفضل لي أن أذهب، وأنها مسؤولية لم يمكنني إهمالها. لكن كان الموقف عصيبًا وقد ظل التنين العظيم الأحمر يطارد الناس. إن ذهبت في هذا الوقت، أفلن أعرض نفسي للأذى؟ شعرت بالتردد. لكنني تذكرت أن الأمر بيد الله، وأن التنين العظيم الأحمر لا يستطيع أن يفعل لي شيئًا، إن لم يسمح الله بذلك. لذلك قررت المساعدة. وتلوت صلاة: "إلهي أتى هذا الواجب لي وأنا مستعدة للوفاء بمسؤوليتي. ومهما كان ما سيحدث بعد ذلك، فأنا مستعدة للخضوع لترتيباتك. وحتى لو اعتقلت، أو عُذبت، فلن أكون متمردة هاربة مرة أخرى. سأقدم لك عبادتي، وأتمسك بشهادتي لأخزي الشيطان".
لذا سألت هنا وهناك، ووجدت المنزل الذي تُحفظ فيه الكتب. قال الأخ إن سبعة أو ثمانية ضباط أتوا إلى هذا المنزل بالفعل وقاموا بعملية اعتقال. لقد اقتادوا زوجته دون أن ينطقوا كلمة، وفرضوا عليها غرامة ألفي يوان، لكنهم لم يعثروا على الكتب المحفوظة – لذا وجب نقلها بأسرع ما يمكن. أسرعنا لإحضار حزم الكتب للسيارة. وطوال الرحلة، لم يجرؤ قلبي على الابتعاد عن الله للحظة. في النهاية أوصلنا الكتب لمكان آمن بنجاح. وشكرت الله مرارًا وتكرارًا.
بالتفكير في ذلك الاختبار كله، أستطيع أن أرى حكمة الله وقدرته، وكذلك مدى ضعف إيماني. لولا اعتقالات التنين العظيم الأحمر، لم أكن لأرى قامتي بوضوح، ولما أدركت تحديدًا أنانيتي وخوفي من الموت، أو امتلكت أي فهم لحكم الله القدير. أدركت أيضًا أن الله يقف بجانبنا حقًّا، وأننا طالما نتكل على الله، فإنه سيكون معنا ويفتح لنا طريقًا. لم يكن من الممكن أن أربح هذا الفهم في بيئة سلمية.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.