خلاص الله
يقول الله القدير، "كل خطوة في عمل الله – سواء كانت كلمات صارمة أو دينونة أو توبيخًا – تجعل الإنسان كاملًا، وهي مناسبة تمامًا. عبر العصور لم يسبق لله أن قام بمثل هذا العمل؛ اليوم هو يعمل في داخلكم حتى يكون لديكم تقدير لحكمته. فمع أنكم عانيتم بعض الألم في داخلكم، فإن قلوبكم تشعر بالثبات، ويغمرها السلام؛ إنها بركة لكم أن تتمكنوا من التمتع بهذه المرحلة من عمل الله. بغض النظر عمَّا سيمكنكم تحقيقه في المستقبل، كل ما ترونه من عمل الله فيكم اليوم هو المحبة. فإذا لم يكن الإنسان يختبر دينونة الله وتنقيته، فإن أفعاله وحماسته ستكون دائمًا مجرد مظهر خارجي، وستظل شخصيته ثابتة دائمًا لا تتغير. فهل هذا يُعد في رأيك مُكتَسبًا من الله؟ اليوم مع أن هناك الكثير في داخل الإنسان مما يتصف بالغطرسة والغرور، فإن شخصية الإنسان أكثر استقرارًا من ذي قبل. إن تعامل الله معك هو من أجل خلاصك، ومع أنك قد تشعر ببعض الألم في ذلك الوقت، سوف يأتي اليوم الذي فيه يحدث تغيير في شخصيتك. في ذلك الوقت، سوف ترجع بنظرك للخلف وترى كم كان عمل الله حكيمًا، وذلك سيكون عندما تكون قادرًا على الفهم الحقيقي لإرادة الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله). عند قراءة هذا المقطع، لا يسعني إلا أن أفكّر في كم كنت متعجرفةً في السابق. كانت لي رغبات جامحة جدًا، ولطالما سعيت إلى الشهرة والمكانة، وتنافست مع الآخرين وقارنت نفسي بهم. عشت من دون أي شبه إنساني. لكن بعد اختبار دينونة كلام الله وتوبيخه وتأديبه، بدأت أفهم طبيعتي الشيطانية قليلًا. أصبحت قادرةً على الندم وكراهية نفسي، واكتسبت قليل من الأمانة والتواضع. شعرت فعلًا بأنّ دينونة كلام الله وتوبيخه هما خلاص للبشرية.
في عام 2005، بعد أكثر من سنة على قبول الله القدير، اُخترت كقائدة كنيسة. ولأنّ الله قد رفعني، وإخوتي وأخواتي وثقوا بي، فقد صلّيت إلى الله عازمةً على تأدية واجبي جيدًا لردّ محبته بالمثل. أصبحت فورًا منغمسةً في عمل الكنيسة. عندما كان آخرون يسقطون في حالات معينة أو يواجهون صعوبات، كنت أجد بعض كلام الله لمساعدتهم، ومع أنّ شركاتي كانت سطحيةً، لكنّني لمست بعض النتائج. قال الإخوة والأخوات إنّ شركتي ساعدتهم قليلًا. بما أنّني أحرزت بعض النجاح في واجبي، طلب منّي أحد القادة لاحقًا أن أتولى عمل عدة كنائس، فكنت متحمسةً. خصوصًا عندما رأيت أنّني كنت استوعب كلام الله أسرع من الأخت التي كنت أعمل معها وأنّ القائد قدّرني، سررت جدًا بنفسي. ظننت أنّ القائد اعتبرني شخصًا لديه إمكانية حقيقية، وموهبة لا غنى عنها في الكنيسة. مع مرور الوقت، أصبحت متعجرفةً أكثر فأكثر، وظننت أنّني أملك الآن القليل من واقع الحق. توقّفت عن التركيز على أكل كلام الله وشربه أو التأمل في نفسي، ولم أسعَ إلى الحق عندما كنت أواجه مشكلةً. كنت دائمًا مزهوّةً بنفسي ومتعاليةً وتكبّرت على الإخوة والأخوات. عندما رأيت أنّ بعضهم كانوا مقيّدين بشخصياتهم الفاسدة وعجزوا عن تأدية واجباتهم جيدًا، توقّفت عن القيام بشركات عن الحق لمساعدتهم بدافع المحبة، بل وأنّبتهم بفارغ الصبر: "لقد بلغ عمل الله هذه المرحلة، لكنّكم ما زلتم تستمتعون بالجسد بجشع. ألا تخشون من أنّكم ستقعون في الكوارث وتعاقَبون؟ إن لم تبدأوا بالقيام بواجبكم جيدًا، فستُقصَون". رأيت أنّهم مقيّدون ولم يريدوا رؤيتي، لكنّني لم أتأمّل في نفسي، بل تذمّرت من أنّهم لا يسعون إلى الحق.
سرعان ما أتت قائدة إلى اجتماعنا. ظننت أنّها أتت لترقيتي. لكن تفاجأت بقولها إنّ دخولي إلى الحياة سطحي وإنّ شركتي لم تستطع حل المشاكل، وإنّني لم أكن أهلًا للبقاء مسؤولةً عن عمل عدة كنائس. عند سماع هذا، صُعقت – عجزت عن التفكير في أي شيء. لا أعرف حتى كيف وصلتُ إلى البيت بعد الاجتماع. لا أتذكّر سوى أنّني بكيت طوال الطريق وفكّرت: "لقد عملت بجهد كبير في واجبي، لكن بدلًا من أن أتقدّم، تراجعت. ماذا سيكون رأي الإخوة والأخوات فيّ؟ يبدو أنّني لا أقدر على تولّي عمل كبير كهذا، لكن كيف لي أن أقبل بهذه الواجبات الدنيا؟" لم أستطع الأكل أو النوم لبضعة أيام، وكنت غارقةً في البؤس. فأسرعت وصلّيت إلى الله، وطلبت منه أن ينيرني ويرشدني كي أفهم مشيئته. شعرت بهدوء أكبر بكثير بعد الصلاة، وقرأت كلام الله هذا: "لديكم في سعيكم الكثير من المفاهيم الفردية والآمال والخطط المستقبلية. أما العمل الحالي فهو من أجل التعامل مع رغبتكم في المكانة المرموقة وكذلك رغباتكم الجامحة. كلُّ المفاهيم والآمال والرغبة في المكانة الرفيعة هي صورٌ معروفة لشخصية الشيطان. ... أنتم الآن أتباع، وتتحلّون ببعض الفهم لهذه المرحلة من العمل. ولكنكم لم تتخلوا بعد عن رغبتكم في المكانة. تسعون جيدًا إذا كانت مكانتكم رفيعة، ولكن إن كانت وضيعة، فلا تسعون أبدًا. تفتكرون دائمًا في بركات اعتلاء المكانة الرفيعة. لماذا لا يستطيع أغلبية الناس الخروج من الشعور بالسلبية؟ أليست تطلعاتكم المظلمة هي السبب في ذلك؟ ... كلما سعيت بهذه الطريقة، بالشّح جنيت. وكلما عظمت رغبة الشخص في الوصول لأعلى مكانة، كان التعامل معه أكثر جديّة ووجبَ خضوعه لمزيد من التنقية. ذلك النوع من الأشخاص لا قيمة له كثيرًا! يجب التعامل معهم ودينونتهم بطريقة مناسبة ليتخلّوا عن رغبتهم تمامًا. إنْ استمرّيتم بالسّعي هكذا حتى النهاية فلن تجنوا شيئًا. الذين لا يطلبون الحياة لا يمكن تغييرهم. والذين لا يعطشون إلى الحق لا يحظون به. أنت لا تهتمّ بطلب التغيير الشخصي والدخول، إنما تهتمّ دائمًا بتلك الرغبات الجامحة والأمور التي تقيّد محبتك لله وتمنعك عن الاقتراب منه. هل يمكن لهذه الأمور أن تغيّرك؟ هل يمكنها أن تُدخِلَك الملكوت؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. لماذا لا تريد أن تكون شخصية الضد؟). فهمت مشيئة الله بعد قراءة هذا المقطع. لقد دبّر الله ذلك الوضع ليتعامل مع رغبتي في المكانة، وليجعلني أتأمّل في نفسي وأسير على الطريق الصحيح في السعي إلى الحق. فكّرت فيما إن كان سعيي وتضحياتي المتلهفة في الإيمان تهدف فعلًا إلى السعي إلى الحق والقيام بواجب كائن مخلوق. في الواقع، لم تهدف سوى إلى إرضاء طموحي بالتقدم على الآخرين، وليس إلى السعي إلى الحق بتاتًا! فعندما حظيت بمنصب، كنت راضية عن نفسي جدًا ولم أحاول التقدم. عندما طردت من مهمتي، لم أتأمّل في نفسي، وكذلك شعرت بسلبية وضعف، ولمت الله. حتى أنّني فكّرت في الاستسلام وخيانة الله. كنت منعدمة الضمير والعقل جدًا، وأنانيةً وبغيضةً جدًا. كان طردي هو حماية الله لي. ما كان يجدر بي أن أصبح سلبيةً أو أسيء فهم الله، بل كان يجدر بي أن أسعى إلى الحق لحل فسادي. عندما أدركت هذا، مثلت أمام الله وصلّيت: "يا الله، لم أعُد أريد السعي إلى المكانة. أتمنّى الخضوع لحُكمك وترتيباتك، والسعي الفعلي إلى الحق، وإتمام واجبي لإرضائك". في الأيام التالية، ركّزت على أكل كلام الله وشربه والتأمل في نفسي، وعندما كشفت عن شخصيتي المتعجرفة من جديد، صلّيت إلى الله بوعي وأهملت نفسي. شعرت براحة أكبر بكثير بعد الممارسة بهذه الطريقة لبعض الوقت، واستطعت التفاعل مع الإخوة والأخوات بشكل ملائم.
بعد عدة سنوات من هذا، اُخترت مجددًا لأكون قائدة كنيسة. بعد فترة وجيزة من حدوث هذا، دُمجَت كنيستي بأخرى، فاحتجنا إلى إجراء انتخابات للقادة من جديد. عادت رغبتي في المكانة إلى الظهور بسبب هذا، فكنت خائفةً جدًا من خسارة منصبي. في اجتماعات مع قادة كنائس آخرين، وجدت أنّ فهمهم لكلام الله وشركاتهم عن الحق عادية، فاعتقدت أنّ انتخابي كقائدة أمر محتّم. لأضمن منصبي وأجعل المزيد من الناس يرون مدى قدرتي، عرضت أن أذهب للتعامل مع بعض المسائل في كنيسة أضعف من كنيستي، ووعدت بأن أحلّها بسرعة. انهمكت بالاجتماعات كل يوم، وأقمت شركات وحللت مشاكل، وفي شركاتي، تكلّمت عمدًا عن كيفية قيامي بعملي في السابق، وعن الإنجازات العظيمة التي حقّقتها، وعن تقدير القادة لي آنذاك. تكلّمت عمدًا أيضًا عن الأخطاء والانحرافات في عمل قادة كنائس آخرين كي أرفع من شأني وأحطّ من قدرهم بطريقة غير مباشرة. لكنّ الله يرى ما في قلوبنا وعقولنا، وبما أنّ دوافعي في واجبي كانت خاطئةً، حجب الله نفسه عنّي. خلال ذلك الوقت، مع أنّني كنت منشغلةً باستمرار، لكنّني لم أحقّق شيئًا في عملي. ظهرت قروح في فمي، وحتى شرب الماء كان مؤلمًا. كنت أعاني فعلًا وفكّرت في كيف أنّني منذ أن ذهبت إلى تلك الكنيسة لم أحلّ أي مسألة، ولم يحقّق عملي أي نتائج. تساءلت ما سيكون رأي القادة فيّ، وإن كانوا سيعتقدون أنّني لا أملك الإمكانية. ماذا لو طردت من واجبي حتى قبل الانتخابات؟ يا لها من مهانة! كنت أتلهّف إلى حل كل المشاكل فورًا بطريقة التفكير هذه، لكن كيفما كانت شركاتي، استمرّت الأمور كما كانت عليه. شعرت بعذاب شديد، كل ما كان بوسعي فعله هو المثول أمام الله ودعاؤه في الصلاة: "يا الله! لقد سقطت في الظلمة وأنا لا أفهم أي مشكلة إطلاقًا. يا الله، لا بد من أنّني تحدّيتك، فأرجوك أن ترشدني. أنا مستعدة للتأمل في نفسي والتوبة إليك".
لاحقًا، قرأت مقطعًا من كلام الله يقول: "ففي أفواهكم لسان وأسنان الآثمين. تشبه أقوالكم وأفعالكم أقوالَ وأفعالَ الحية التي أغوت حواء لتخطئ. تطالبون بعضكم بعضًا العين بالعين والسن بالسن، وتتصارعون أمامي لانتزاع المنصب والشهرة ومصلحتكم الشخصية ومع ذلك لا تعرفون أنني أراقب سرًا أقوالكم وأفعالكم. قد فحصت قلوبكم حتى قبل قدومكم في محضري. يود الإنسان دائمًا الهروب من قبضة يدي، والتملّص من مراقبة عيناي، غير أني لم أتهرَّب قط من كلامه أو أفعاله. وبدلاً من ذلك، أسمح عن قصدٍ لهذه الكلمات والأفعال أن تكون تحت نظري، كي أتمكَّن من توبيخ إثم الإنسان وإدانة عصيانه. وهكذا دائمًا، تبقى كلمات الإنسان وأفعاله السرية أمام كرسي دينونتي، إذ لم تترك دينونتي الإنسان قط، لأن عصيان الإنسان فاق حدّه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عمل نشر الإنجيل هو أيضًا عمل تخليص الإنسان). ارتجفت خوفًا من جرّاء كلام دينونة الله وإعلانه! تذكّرت كيف كنت أفكّر وأتصرّف. لأضمن منصبي كقائدة وأحظى بعدد أكبر من المعجبين، حوّلت حل المشاكل عبر الشركات إلى عرض كي أثبت نفسي وألفت الانتباه، ورفعت نفسي وقلّلت من شأن الآخرين كل مرة. تعاملت مع الإخوة والأخوات كمنافسين واستخدمت خِدَعًا وأساليب مدبَّرة. لم يكن لي شبه إنسان مؤمن ولا إنسانية. كيف اختلفت عن أي حيوان يقاتل من أجل لقمة طعام؟ كنت أنانيةً وبغيضةً جدًا! كنت أمارس الشر وأقاوم الله في أفعالي وكنت قد أغضبت شخصيته منذ وقت طويل. معاناتي بسبب تلك القروح وعدم إنجازي أي شيء في العمل كانا تزكية الله لي وتأديبه لي. كانت مشيئته لي أن أتأمّل في نفسي وأتوب وأتغيّر. فكّرت في سبب ملاحقتي المتواصلة للشهرة والمكانة، ووضعهما قبل أي اعتبار. عاد هذا بالكامل إلى خداع الشيطان وفساده لي. فقد استخدم التعليم والتأثير الاجتماعي كي يُغرق قلبي في هذه السموم والفلسفات، تمامًا مثل "أصحاب العقول يحكمون أصحاب العضلات" و"يميِّز المرء نفسه ويجلب الشرف لأجداده". ترسّخَت هذه الفلسفات الشيطانية عميقًا في قلبي وصارت طبيعتي. كنت أحيا بحسب هذه السموم، وزاد تعجرفي وغروري أكثر فأكثر، وعبدت الشهرة والمكانة، وحاولت دائمًا أن أتقدّم على الآخرين وأكون أفضل منهم. بما أنّني لم أكن على الطريق الصحيح، بل كنت أعيش في هذه الشخصية الشيطانية الفاسدة، كنت عمياء وعجزت عن رؤية جذور أي مسائل، وعجزت أيضًا عن حل مشاكل الآخرين، وأجلّت عمل الكنيسة. لم أكن أقوم بواجبي، بل كنت أمارس الشر. سجدت أمام الله وتبت إليه: "يا الله، لقد أهملت واجباتي لأجل السمعة والربح، وحاولت خداعك وخيانتك. يجب أن أُلعن! يا الله، لم أعُد أريد أن أكون هكذا. أريد التوبة إليك". ثم قرأت هذا الكلام من الله: "ولأنكم مخلوقات الله عليكم تأدية واجب المخلوق، ولا توجد متطلبات أخرى منكم. وسوف تصلّون قائلين: "يا الله! سواء أكانت لي مكانة أم لا، أنا الآن أفهم نفسي. إذا كانت مكانتي رفيعة فهذا بسبب تزكيتك، وإذا كانت وضيعة فهذا بسبب ترتيبك. فالكلّ في يديك. لا أملك خياراتٍ وليست لدي شكاوى. ... لا أهتمّ بالمكانة، فأنا لست سوى مخلوق. إذا ما طرحتني في الهاوية السحيقة وبحيرة النار والكبريت، فأنا لست سوى مخلوق. أنا مخلوقٌ إذا ما استخدمتني، ومخلوقٌ إذا ما كمّلتني. وإذا لم تكمّلني سأبقى أحبك لأني لست إلا مخلوقًا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. لماذا لا تريد أن تكون شخصية الضد؟). أعطاني كلام الله طريقًا للممارسة. ما إن استُبدلت أو ما إن كانت لي مكانة، كان لا يزال عليّ أن أسعى إلى الحق وأقوم بواجبي جيدًا، وأركّز على ممارسة الحق في واجبي وأطرح عنّي شخصيتي الشيطانية. بعد ذلك، صحّحت دوافعي في واجبي وركّزت على تهدئة نفسي أمام الله لقراءة كلامه والصلاة. وضعت مشاكل الكنيسة بين يدَي الله ونظرت إليه، وسعيت إلى الحق مع الإخوة والأخوات. حُلّت هذه المسائل في الكنيسة بسرعة كبيرة. امتلأت بالامتنان لله! الله واقعيّ جدًا ومحبوب جدًا، وكان بقربي، يدبّر الأمور كي يطهّرني ويغيرني. أدركت أيضًا ضرورة أن أسعى إلى الحق وإلى تغيير شخصيتي في إيماني.
بعد ستة أشهر، أوكِلت بمسؤولية عمل بضع كنائس إضافية. بما أنّني عرفت كم كانت رغبتي في المكانة شديدةً وكم كانت شخصيتي متعجرفةً، صلّيت إلى الله بلجاجة كي أتمكن من تصحيح دوافعي وأقوم بواجبي جيدًا. اقتُرنت آنذاك بالأخت وانغ التي كانت تتمتّع بنظرة واضحة للأمور وتتعاطى مع المشاكل بنضج. طلبت منها النصح مرارًا وتعلّمت من نقاط قوّتها. بعد بضعة أشهر على هذه الحال، كنت قد تقدّمت كثيرًا في شركات الحق التي تهدف لحل المشاكل وفي القيام بمجموعة متنوعة من عمل الكنيسة. قدّرني الإخوة والأخوات أيضًا. سرعان ما بدأت أشعر بسرور كبير بنفسي من جديد، واعتقدت أنّ شركتي كانت بجودة شركة الأخت وانغ مع أنّني كنت حديثة الإيمان نسبيًا، وأنّني تطوّرت في قدرتي على التعاطي مع المسائل. ظننت أنّ قامتي قد نمت. لم أدرك أنّ تعجرفي كان يظهر أينما توجهت وأنّ رغبتي في الشهرة والمكانة قد عادت بقوة أكبر من أي وقت مضى. أردت أن تصغي إليّ الأخت وانغ في كل شيء. لم أتحمّل رؤية الآخرين يستحسنون شركتها أو تولّيها زمام القيادة في مسائل الكنيسة. ظننت أنّني قمت ببعض الممارسة واكتسبت الكثير من الخبرة، وأنّني لم أكن مبتدئةً جاهلةً، وأنّ مقدرتي تضاهي مقدرتها. كنّا كلتانا قائدتين، فلماذا حلّت هي دائمًا في الصدارة؟ لماذا يجب أن أصغي إليها؟ إن استمرّ هذا، ألن أكون قائدةً بالاسم فقط؟ بدأت أعمل بجهد كبير وأتزوّد بكلام الله كي أتفوّق عليها، وخلال نقاشاتنا عن عمل الكنيسة في اجتماعات الزملاء، عندما كانت تعبِّر عن أرائها، كنت أنتقد أتفه التفاصيل عمدًا وأجد فيها الأخطاء. ثم أشارك "فكرتي الذكية" كي أحطّ من قدرها وأرفع من شأني. بعد فترة وجيزة، خلال مناقشة عمل الكنيسة، أحَبّ بعض الزملاء أفكاري وبدأوا يأتون إليّ ويصغون إلى اقتراحاتي عندما كانوا يواجهون مشاكل. أحببت رؤيتهم كلهم محتشدين حولي. لاحقًا، أصبحت الأخت وانغ غير قادرة على الذهاب لتأدية واجبها لأنّ الحزب الشيوعي الصيني كان يتعقّبها، فأصبحتُ المسؤولة الوحيدة عن عمل الكنيسة في ذلك الوقت. لم أشعر بأنّ العمل كان ينهكني، بل كنت مسترخيةً جدًا، وظننت أنّه ستكون لي الكلمة الفصل في كل شيء أخيرًا. حينئذٍ، أدركت أنّ طريقة تفكيري كانت خاطئةً، لكن لم أتأمّل في نفسي أو آخذ الأمر على محمل الجد بتاتًا.
ذات يوم، قال لي أحد القادة إنّني بحاجة إلى حضور تجمّع في بقعة أخرى، وإنّ حوالى عشرة أشخاص فقط قد اختيروا، مع أنّ التجمّع شمل منطقةً كبيرةً. سمعت أيضًا أنّني سأترقّى. شعرت فعلًا بأنّني مميزة، وبأنّني من النخبة في منطقتنا. استقللت قطارًا مع أربع أخوات أخريات بمعنويات مرتفعة، لكنّ شيئًا غير متوقع حصل في الطريق. تعقّبتنا شرطة الحزب الشيوعي الصيني واعتقلتنا. لم تثمر استجواباتهم، فحكموا عليّ بعامين من الأشغال الشاقة بتهمة "تنظيم واستخدام منظمة دينية محظورة لتقويض إنفاذ القانون". خضت وقتًا عصيبًا بعد صدور الحكم عليّ. ظهر سوء فهم الله والشكوك حياله في قلبي: "لماذا اعتُقلت وزُج بي في السجن عندما كنت على وشك أن أترقّى؟ أليس هذا منع الله لي واستخدام هذا للكشف عنّي وإقصائي؟ هل خسرت فرصتي بتأدية واجبي وتلقّي الخلاص؟" كنت أتألّم بشدة وأشعر بضياع كبير. ذرفت الدموع وصلّيت إلى الله مرات كثيرةً: "يا الله، لا أفهم مشيئتك الآن. يبدو أنّك ترفضني وأنّك لا تريدني. يا الله، أرجوك أن تنيرني وترشدني كي أفهم مشيئتك، وكي أتمكّن من معرفة كيفية الدخول إلى الحق في هذا الوضع". الشكر لله على سماعه لصلاتي. ذات يوم، مرّرت أخت في جناح السجن عينه لي رسالةً سرًا كانت قد نقلت عليها بعض كلام الله. كان الكلام: "تُعد التنقية لكل الناس موجعة وصعبة القبول للغاية، ومع ذلك يكشف الله أثناء التنقية عن شخصيته البارة للإنسان، ويعلن عن متطلباته من الإنسان، ويقدم المزيد من الاستنارة والمزيد من التهذيب والمعاملة الفعليين. من خلال المقارنة بين الوقائع والحق، يعطي الله الإنسان معرفة أكبر عن النفس وعن الحق، ويعطي الإنسان فهمًا أكبر لمشيئته، وبذلك يسمح للإنسان أن يقتني محبة أصدق وأنقى نحوه. هذه هي أهداف الله من إجراء التنقية. كل العمل الذي يقوم به الله في الإنسان له أهدافه وأهميته؛ لا يقوم الله بعمل بلا مغزى، ولا يقوم بعمل بلا منفعة للإنسان. التنقية لا تعني محو البشر من أمام الله، ولا تدميرهم في الجحيم، بل تعني تغيير شخصية الإنسان أثناء التنقية، وتغيير دوافعه، وآرائه القديمة، ومحبته لله، وتغيير حياته بأسرها. إن التنقية هي اختبار حقيقي للإنسان، وهي شكل من أشكال التدريب الحقيقي، ولا يمكن لمحبة الإنسان أن تقوم بوظيفتها المتأصلة إلا أثناء التنقية" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. لا يمكن للإنسان أن يتمتع بمحبة حقيقية إلا من خلال اختبار التنقية). استنار قلبي فورًا. كان الوضعُ تجربةَ من الله لي. لم تقضِ مشيئته بأن يقصيني، بل بأن يجعلني قادرةً بشكل أفضل على التأمل في نفسي ومعرفة نفسي والدخول إلى الحق. عرفت أنّني لم أعُد أستطيع البقاء سلبيةً وضعيفةً، ولم أستطع فعلًا أن أعتمد على مفاهيمي وأتكهّن مشيئة الله. بل يجب أن أُهدّئ نفسي وأسعى إلى الحق وأتأمّل في نفسي وأعرف نفسي بصدق.
ذات ليلة، عجزت عن النوم، وتساءلت رغمًا عن نفسي لماذا سمح الله بحصول هذا لي. ثم خطر كلام الله هذا لي: "هل تكرهون حقًا التنين العظيم الأحمر؟ هل تكرهونه حقًا وبصدق؟ لماذا وجهت إليكم هذا السؤال مرات عديدة؟ لماذا أظل أسألكم هذا السؤال مرارًا وتكرارًا؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الثامن والعشرون). فسألت نفسي مرارًا وتكرارًا: "هل أكره فعلًا التنين العظيم الأحمر؟ هل أكرهه فعلًا؟" ثم فكّرت في هذا المقطع من "عظات وشركات عن الدخول إلى الحياة": "يقول البعض: لقد نبذت التنين العظيم الأحمر. فهو يقمعني وأنا أبغضه الآن. يمكنك أن تنبذه بكلامك، لكن ليس بقلبك. ربما تكرهه في قلبك، لكنّ سلوكك وطبيعتك لا تزالان تحت سيطرته. لأنّ سموم التنين العظيم الأحمر وأفكاره ومنظوراته وفلسفاته ونظراته إلى الحياة لا تزال تستحوذ على قلبك. ما زالت طريقة رؤيتك للأمور هي نفسها طريقته التي يرى بها الأمور. أفكارك ونظرتك إلى الحياة وإلى الأشياء عمومًا متطابقة مع أفكاره ونظراته. تنتمي كلها إلى التنين العظيم الأحمر، لذك فأنت لا تزال تحت سلطته... إن أردت فعلًا الهروب من تأثير الشيطان، فيجب أن تطهّر بالكامل كل السموم الشيطانية التي في داخلك..." (من "عظات وشركات عن الدخول إلى الحياة"). في ظل هذا الكلام، أدركت أنّني لا أكره التنين العظيم الأحمر سوى لاعتقاله الإخوة والأخوات واضطهاده لهم، وإعاقته عمل الله وتخريبه له، لكنّ هذا لم يكن كراهيته وإهماله فعليًا. لا يستطيع الكره والإهمال الفعليان أن ينبعا سوى من رؤية جوهره الشرير والرجعي بالكامل، كي نكرهه بحقّ من أعماق قلوبنا، وننبذ سمومه التي في داخلنا. عبر اختبار الاعتقال والاضطهاد والتعذيب شخصيًا على يد التنين العظيم الأحمر، وخضوعي لتعاليمه قسرًا، رأيت حقًا أنّه شيطان يكره الحق ويكره الله. رأيت وجهه القبيح كمخادع ومفسد للإنسان. إنّه يجاهر بالإلحاد والمادية، وهو مصرّ على إنكار وجود الله، وبذل قصارى جهوده ليمجّد نفسه ويتباهى على أنّه "رائع وعظيم وصحيح". يشيد بنفسه كمخلص الشعب ويريد من الجميع أن يعبدوه ويؤمنوا به كما لو كان الله، ويأمل بغرور أن يحلَّ محلَّ الله في قلوب الناس. التنين العظيم الأحمر بغيض وشرير ووقح جدًا. أدركت أنّ جوهري يشبه جوهره كثيرًا. رفعني الله وسمح لي بأن أمارس واجب قائدة، وأتعلّم كيفية حل المسائل عبر الشركة عن الحق كي يعرف الآخرون الله ويخضعوا له، لكنّني استعملت تلك الفرصة لأتباهى قدر الإمكان، فلم أرِد سوى أن يقدّرني الآخرون ويفعلوا ما أقوله. ألم أكن أعارض الله بفعل ذلك؟ شعرت بالغيرة من الأخت وانغ، فاستبعدتها، وانتقدت أخطاءها وقلّلت من شأنها دائمًا. حتى أنّني كنت أتحرّق شوقًا كي تُطرد من منصبها لتكون لي الكلمة الفصل في الكنيسة. ألم أكن أتصرّف كدكتاتور؟ ألم تكن سموم التنين العظيم الأحمر تسيطر عليّ، مثل: "لا يمكن أن يكون هناك سوى رجل حاكم واحد" و"أنا الأفضل في الكون كله"؟ تقول مراسيم الله الإدارية: "لا يجب على الإنسان أن يعظم نفسه ولا يمجدها. ينبغي أن يعبد الله ويمجده" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. المراسيم الإدارية العشرة التي يجب على شعب الله المختار طاعتها في عصر الملكوت). بالنظر إلى كل ما أظهرته، كيف يمكن تسمية هذا أداء واجبي؟ كنت أمارس الشر وأقاوم الله! انتهكَت أفعالي مراسيم الله الإدارية منذ وقت طويل، ولو لم يؤدّبني الله، ولو لم يستعمل ذلك الوضع ليمنعني عن طرق الشر، ولو تابعت العمل بحسب طبيعتي وطموحاتي، فأنا متأكدة من أنّه ما من شيء كان ليردعني عن بلوغ الشهرة والمكانة إلى أن أرتكب أخيرًا شرًا عظيمًا وينتهي بي المطاف بأن يعاقبني الله. كان إدراكُ هذا جرسَ إنذار قوي لي. كنت قد بلغت مرحلةً خطيرةً جدًا، لكنّني كنت غافلةً كليًا. أُجبِرت أخيرًا على التأمل في نفسي ومعرفة نفسي بسبب اعتقالي. من دون وجود هذا الشيطان، أي التنين العظيم الأحمر، كشخصية الضد، ما كنت لأرى على الأرجح مقدار ما كان في داخلي من سمومه، وأنّني في الواقع من نسله. ما كنت فعلًا لأتمكّن من إهماله حقًا والسعي إلى تحرير نفسي من سمومه. رأيت أنّ كل ما فعله الله كان يهدف إلى تطهيري وشكرته من كل جوارحي لأنّه خلّصني.
تأمّلت في نفسي كثيرًا في السجن، وندمت تحديدًا على أنّني لم أقدّر الفرص التي اُتيحت لي للقيام بواجبي. بل أصررت على السعي إلى الشهرة والمكانة وعشت بحسب سموم الشيطان. قمتُ بأمور كثيرة كانت تتعارض مع الحق وجرحَت الإخوة والأخوات، وأعقتُ عمل الكنيسة وعرقلته. لقد آذيت الله كثيرًا، وكنت أدين بالكثير وامتلأت بالندم. فقط آنذاك غمرتني رغبة عميقة في السعي إلى الحق واختبار دينونة الله وتوبيخه كي أتخلّص قريبًا من تلك السموم وأحيا بشبه إنسان. عدت إلى أداء واجبي بعد إطلاق سراحي، وعندما انتُخبت كقائدة كنيسة مجددًا، لم أشعر بالرضا وتهنئة النفس كالسابق. بل شعرت بأنّ هذه مسؤولية عظيمة، وأنّها إرسالية الله لي ويجب أن أقدّرها، ويجب أن أبذل قصارى جهدي لأسعى إلى الحق وأنفّذ واجبي. إنّ تزكيتي وتأديبي المتكررين أيقظا أخيرًا روحي التي كان الشيطان قد خدعها. أدركت أنّ السعي إلى الحق والسعي إلى تغيير شخصيتي والقيام بواجب كائن مخلوق جيدًا هي وحدها المساعي الصحيحة! لم تعُد رغبتي في الشهرة والمكانة شديدةً كالسابق، ويقل تعجرفي شيئًا فشيئًا. أستطيع العمل جيدًا مع الآخرين والقيام بواجبي بشكل ملائم، وأحيا الآن بحسب شبه الإنسان بعض الشيء. أشعر بعمق بأنّ التغيير الصغير لم يأتِ بسهولة. تحقَّق كل هذا بدينونة كلام الله وتوبيخه. أشكر خلاص الله القدير لي!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.