يسمع أيُّوب عن الله بسمع الأذن (الجزء الثاني)

2019 أكتوبر 15

أيُّوب يمضي الجزء الأخير من حياته في غمرة بركات الله

مع أن الله مخفيٌّ عن الإنسان، إلا أن أعماله بين جميع الأشياء كافية لأن يعرفه الإنسان

لم يرَ أيُّوب وجه الله ولم يسمع الكلمات التي تكلّم بها الله، فضلًا عن أن يشهد شخصيًّا عمل الله، ومع ذلك فإن اتقاءه الله وشهادته أثناء تجاربه يشهد لهما الجميع، كما أنهما موضع محبّة الله وسروره وثنائه، وموضع حسد الناس وإعجابهم، بل وحتى أكثر من ذلك، فإنهم يُرتّلون تسبيحاتهما. لم يكن هناك شيءٌ عظيم أو استثنائيّ عن حياته: فمثل أيّ شخصٍ عاديّ عاش حياةً عاديّة، إذ كان يخرج للعمل عند شروق الشمس ويعود إلى بيته للراحة عند غروب الشمس. والفرق هو أنه خلال لعقود العدّة العاديّة تعرّف إلى طريق الله، وأدرك وفهم قوّة الله العظيمة وسيادته، كما لم يفعل أيّ شخصٍ آخر من قبل. لم يكن أذكى من أيّ شخصٍ عاديّ، ولم تكن حياته متماسكة تماسكًا خاصًا، كما لم تكن لديه مهارات خاصة غير منظورةٍ. ومع ذلك، كان يتّسم بشخصيّةٍ صادقة وطيّبة القلب ومستقيمة، شخصيّة أحبّت النزاهة والبر والأمور الإيجابيّة – وهي صفات لا يتّسم بأي منها غالبية الناس العاديّين. كان يُفرّق بين المحبّة والكراهية، ولديه إحساسٌ بالعدالة، وكان مثابرًا عنيدًا، وأظهر قدرة فائقة على تقصي دقائق الأشياء و تفاصيلها في تفكيره، وهكذا شاهد خلال مدة حياته العاديّة على الأرض جميع الأشياء غير العاديّة التي كان الله قد فعلها، ورأى عظمة الله وقداسته وبرّه، وعاين اهتمام الله بالإنسان ورأفته عليه وحمايته له، ورأى شرف الله الأسمى وسلطانه. كان السبب الأول وراء قدرة أيُّوب على اكتساب هذه الأشياء التي كانت أبعد من إمكانيّة أيّ شخصٍ عاديّ هو أنه كان لديه قلبٌ نقيّ وكان قلبه ينتمي إلى الله ويقوده الخالق. وكان السبب الثاني سعيه: سعيه ليكون كاملًا بلا عيبٍ، وممتثلًا لإرادة السماء، ومحبوبًا من الله، وحائدًا عن الشرّ. كان أيُّوب يتّسم بهذه الأشياء ويسعى في طريقها مع أنه لم يكن قادرًا على رؤية الله أو سماع كلماته. مع أن أيُّوب لم يرَ الله قط، إلا أنه تعرّف على الوسائل التي يسود بها الله على جميع الأشياء، وفهم الحكمة التي يفعل بها الله ذلك. ومع أن أيُّوب لم يسمع قط الكلمات التي تكلّم بها الله، إلا أنه عرف أن أفعال مباركة الإنسان وأخذ البركات منه تأتي جميعها من الله. ومع أن سنوات حياته لم تختلف عن سنوات حياة أيّ شخصٍ عاديّ، إلا أنه لم يسمح لنمط حياته العاديّ أن يؤثر في معرفته بسيادة الله على جميع الأشياء أو أن يؤثر في اتّباعه طريق اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ. رأى أيُّوب أن قوانين جميع الأشياء كانت ممتلئة بأفعال الله، وأن سيادة الله يمكن رؤيتها في أيّ جانب من جوانب حياة الشخص. لم يرَ الله، لكنه استطاع أن يُدرِك أن أعمال الله في كلّ مكانٍ، وأنها ظاهرة خلال حياته العاديّة على الأرض، وفي كلّ ركنٍ من أركان حياته، استطاع رؤية أعمال الله غير العاديّة والعجيبة وإدراكها، وتمكّن من رؤية ترتيبات الله الرائعة. اختباء الله وصمته لم يمنعا أيُّوب من إدراك أعمال الله، ولم يُؤثّرا في معرفته بسيادة الله على جميع الأشياء. كانت حياته تحقيقًا أثناء حياته اليومية لسيادة الله، الذي كان مخفيًّا بين جميع الأشياء، وترتيباته. وفي حياته اليوميّة سمع أيضًا وفهم صوت قلب الله وكلام الله، الذي هو صامتٌ بين كلّ شيءٍ ولكنه يُعبّر عن صوت قلبه وكلماته من خلال السيادة على قوانين كلّ شيءٍ. ترى، إذًا، أنه إذا كان لدى الناس الإنسانيّة نفسها والسعي نفسه مثل أيُّوب، فبإمكانهم نيل الإدراك نفسه والمعرفة نفسها مثل أيُّوب، وبإمكانهم اقتناء الفهم نفسه والمعرفة نفسها بسيادة الله على جميع الأشياء مثل أيُّوب. لم يظهر الله لأيُّوب ولم يتكلّم معه، ولكن أيُّوب استطاع أن يكون كاملًا ومستقيمًا، وأن يتّقي الله ويحيد عن الشرّ. وهذا يعني أنه بدون أن يظهر الله للإنسان أو يتحدّث إليه، فإن أعماله بين جميع الأشياء وسيادته على جميع الأشياء كافية لكي يُدرِك المرء وجود الله وقوّته وسلطانه، كما أن قوّة الله وسلطانه كافيان لجعل هذا المرء يتبع طريق اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ. بما أن رجلًا عاديًّا مثل أيُّوب استطاع بلوغ اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ، فإن كلّ شخصٍ عاديّ يتبع الله يجب أن يكون قادرًا على ذلك. مع أن هذه الكلمات قد تبدو أشبه بالاستدلال المنطقيّ، إلا أن هذا لا يتعارض مع قوانين الأشياء. ومع ذلك، فإن الحقائق لم تتوافق مع التوقّعات: يبدو أن اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ هما مخزون أيُّوب، وأيُّوب وحده. عند ذكر "اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ"، يعتقد الناس أن هذا لا يفعله سوى أيُّوب، كما لو كان طريق اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ قد اتّخذ من اسم أيُّوب علامةً ولم يكن له علاقة بالأشخاص الآخرين. السبب في ذلك واضحٌ: لأن أيُّوب وحده كان يتّسم بشخصيّةٍ صادقة وطيّبة القلب ومستقيمة كانت تحبّ العدل والبرّ وجميع الأمور الإيجابيّة، فمن ثمَّ لم يستطع سوى أيُّوب اتّباع طريق اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ. ينبغي أن تكونوا قد فهمتم جميعًا المعنى المتضمّن هنا، لأن أحدًا لا يتّسم بإنسانيّةٍ صادقة وطيّبة القلب ومستقيمة تحبّ العدل والبرّ وجميع الأمور الإيجابيّة، فإن أحدًا لا يمكنه أن يتّقي الله ويحيد عن الشرّ، ومن ثمَّ لا يستطيع الناس أبدًا أن ينالوا فرح الله أو يصمدوا وسط التجارب. وهذا يعني أيضًا أنه، باستثناء أيُّوب، لا يزال الشيطان يربط جميع الناس ويُوقِعهم في شركه، ويتّهمهم جميعًا ويُهاجِمهم ويؤذيهم. هم الذين يحاول الشيطان ابتلاعهم، وهم جميعًا بدون حريّةٍ، وسجناءُ قد أسرهم الشيطان.

إذا كان قلب الإنسان معاديًا لله، فكيف يستطيع أن يتّقي الله ويحيد عن الشرّ

بما أن الناس لا يمتلكون اليوم إنسانيّة أيُّوب نفسها، فماذا عن جوهر طبيعتهم وموقفهم من الله؟ هل يتّقون الله؟ هل يحيدون عن الشرّ؟ أولئك الذين لا يتّقون الله أو يحيدون عن الشرّ لا يمكن تلخيص موقفهم سوى بكلمتين: "أعداء الله". كثيرًا ما ترددون هاتين الكلمتين ولكنكم لم تعرفوا معناهما الحقيقيّ قط. تعبير "أعداء الله" له مضمونٌ: إنه لا يعني أن الله يرى الإنسان على أنه العدوّ، ولكن أن الإنسان يرى الله على أنه العدوّ. أولًا، عندما يبدأ الناس في الإيمان بالله، فمَنْ منهم لا تكون له أهدافه ودوافعه وطموحاته الخاصة؟ مع أن جانبًا منهم يؤمن بوجود الله، وعاين وجود الله، فإن إيمانهم بالله مازال يحتوي على تلك الدوافع، وهدفهم النهائيّ في الإيمان بالله هو الحصول على بركاته والأشياء التي يريدونها. في التجارب الحياتيّة للناس، كثيرًا ما يُفكّرون في أنفسهم: "لقد تركت عائلتي وعملي من أجل الله، فماذا أعطاني؟ يجب أن أحسب الأمر وأؤكّده: هل تلقّيتُ أيّة بركاتٍ في الآونة الأخيرة؟ لقد قدّمتُ الكثير خلال هذا الوقت وظللتُ أركض وأركض وعانيتُ الكثير – فهل أعطاني الله أيّة وعودٍ في المقابل؟ هل تذكّر أعمالي الصالحة؟ ماذا ستكون نهايتي؟ هل يمكنني نيل بركات الله؟ ...". يقوم كلّ شخصٍ دائمًا بإجراء هذه الحسابات داخل قلبه، ويُقدّم لله مطالب تحمل دوافعه وطموحاته وعقليته القائمة على الصفقات. وهذا يعني أن الإنسان دائمًا يختبر الله في قلبه، ويضع خططًا باستمرارٍ حول الله، ويتجادل باستمرارٍ في مسألة هدفه الخاص به مع الله، ويحاول الحصول على تصريحٍ من الله، من خلال استكشاف ما إذا كان الله يستطيع أن يعطيه ما يريده أم لا. وفي نفس الوقت الذي يسعى فيه الإنسان إلى الله، لا يعامل الإنسان الله باعتباره الله. فقد حاول الإنسان دومًا إبرام صفقاتٍ مع الله، ولم يتوقف عن تقديم مطالب له، بل حتّى الضغط عليه في كلّ خطوةٍ، محاولًا أن يأخذ الكثير بعد أن ينال القليل. وبينما يحاول الإنسان إبرام صفقاتٍ مع الله، فإنه يتجادل معه أيضًا، بل ويُوجد حتّى أشخاصٌ عندما يتعرّضون للتجارب أو يجدون أنفسهم في مواقف مُعيّنة، فغالبًا ما يصبحون ضعفاء وسلبيّين ومتراخين في أعمالهم، وممتلئين بالشكوى من الله. من الوقت الذي بدأ فيه المرء أول مرة يؤمن بالله، راح يعتبر الله مصدرًا للوفرة ووسيلة مُتعدّدة المهام، واعتبر نفسه أكبر دائنٍ لله، كما لو كانت محاولة الحصول على البركات والوعود من الله حقّه الأصيل والمُلزِم، في حين تكمن مسؤوليّة الله في حمايته ورعايته وإعالته. هذا هو الفهم الأساسيّ لـ"الإيمان بالله" لدى جميع من يؤمنون بالله، وهذا هو فهمهم العميق لمفهوم الإيمان بالله. من جوهر طبيعة الإنسان إلى سعيه الشخصيّ، لا يوجد شيءٌ يتعلّق باتّقاء الله. لا يمكن أن يكون هدف الإنسان في الإيمان بالله له أيّة علاقةٍ بعبادة الله. وهذا يعني أن الإنسان لم يُفكّر أو يفهم قط أن الإيمان بالله يتطلّب اتّقاء الله وعبادته. في ضوء هذه الظروف، فإن جوهر الإنسان واضح. وما هو هذا الجوهر؟ هو أن قلب الإنسان خبيثٌ، إذ يأوي الغدر والخداع، ولا يحبّ العدل والبرّ والأمور الإيجابيّة، كما أنه حقيرٌ وجشع. لا يمكن أن يكون قلب الإنسان أكثر انغلاقًا على الله؛ فهو لم يُسلّمه إلى الله قط. لم يرَ الله قلب الإنسان الحقيقيّ، كما أن الإنسان لم يعبده قط. وبغضّ النظر عن الثمن العظيم الذي يدفعه الله، أو مقدار العمل الذي يعمله، أو مقدار ما يُقدّمه للإنسان، يبقى الإنسان أعمى عن ذلك، وغير مكترثٍ به كله بالمرة. لم يُسلّم الإنسان قلبه إلى الله قط، فهو يريد أن يكون قلبه له وحده، وأن يتّخذ قراراته الخاصة به، وهذا معناه الضمنيّ أن الإنسان لا يريد اتّباع طريق اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ، أو طاعة سيادة الله وترتيباته، ولا يريد أن يعبد الله باعتباره الله. هذه هي حالة الإنسان اليوم. دعونا الآن ننظر مرةً أخرى إلى أيُّوب. في البداية، هل أبرم صفقةً مع الله؟ هل كانت لديه أيّة دوافع خفيّة وراء التمسّك بطريق اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ؟ هل تكلّم الله إلى أيّ أحدٍ في ذلك الوقت عن النهاية القادمة؟ لم يقطع الله وعودًا في ذلك الوقت مع أيّ أحدٍ حول النهاية، وعلى هذه الخلفية استطاع أيُّوب اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ. هل يصمد الناس اليوم عند مقارنتهم مع أيُّوب؟ يُوجد الكثير من التفاوت، فهم في فرقٍ مختلفة. ومع أن أيُّوب لم يكن لديه الكثير من المعرفة بالله، إلا أنه سلّم قلبه لله فأصبح ملكًا له. لم يُبرِم أيّة صفقةً مع الله، ولم تكن لديه أيّة رغباتٍ أو مطالب زائدة من الله؛ ولكنه بدلًا من ذلك آمن بأن "يَهْوَه أَعْطَى وَيَهْوَه أَخَذَ". كان هذا هو ما رآه وما ناله من التمسّك بطريق اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ خلال سنواتٍ عديدة من الحياة. وبالمثل، نال أيضًا النتيجة المتمثلة في الكلمات التالية "أَٱلْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ ٱللهِ، وَٱلشَّرَّ لَا نَقْبَلُ؟". كانت هاتان الجملتان هما ما رآه وتعرّف عليه نتيجةً لموقفه من طاعة الله خلال تجارب حياته، كما كانتا أقوى أسلحته التي انتصر بها أثناء إغواءات الشيطان، وأساس تمسّكه الدائم بالشهادة لله. في هذه المرحلة، هل تتصوّرون أيُّوب شخصًا محبوبًا؟ هل تأملون في أن تكونوا مثل هذا الشخص؟ هل تخشون من التعرّض لإغواء الشيطان؟ هل تُقرّرون الصلاة إلى الله من أجل إخضاعكم لنفس تجارب أيُّوب؟ لا شكّ أن معظم الناس لن يجرؤوا على الصلاة من أجل مثل تلك الأشياء. من الواضح، إذًا، أن إيمانكم ضعيفٌ بدرجةٍ تدعو للرثاء؛ فبالمقارنة مع أيُّوب، لا يستحقّ إيمانكم الذكر. أنتم أعداء الله، فأنتم لا تتّقون الله، وأنتم غير قادرين على الصمود في الشهادة لله، وغير قادرين على الانتصار في هجمات الشيطان واتّهاماته وإغوائه. ماذا يجعلكم مؤهلين لتلقّي وعود الله؟ بعد أن سمعتم قصة أيُّوب وتفهّمتم قصد الله من خلاص الإنسان ومعنى خلاص الإنسان، هل لديكم الآن القدرة على قبول تجارب أيُّوب نفسها؟ ألا يجب أن تكون لديكم عزيمةٌ بسيطة للسماح لأنفسكم باتّباع طريق اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ؟

لا تتشكّك بشأن تجارب الله

بعدما تلقّى الله الشهادة من أيُّوب بعد انتهاء تجاربه، قرّر أن يكسب مجموعةً من الأشخاص – أو أكثر من مجموعةٍ – مثل أيُّوب، ومع ذلك قرّر ألا يسمح مرةً أخرى للشيطان بمهاجمة أيّ شخصٍ آخر أو إيذائه باستخدام الوسائل التي بها أغوى أيُّوب وهاجمه وآذاه من خلال الرهان مع الله؛ لم يسمح الله للشيطان بأن يفعل مثل هذه الأشياء مرةً أخرى للإنسان، الذي هو ضعيفٌ وأحمق وجاهل – فيكفي الشيطان أنه أغوى أيُّوب! إن عدم السماح للشيطان بإيذاء الناس مهما كانت رغباته هي رحمةٌ من الله. يرى الله أنه يكفي أن أيُّوب تحمّل إغواء الشيطان وإيذائه. لم يسمح الله للشيطان بأن يفعل مثل هذه الأشياء مرةً أخرى، لأن حياة جميع الناس الذين يتبعون الله وكلّ شيءٍ يخصّهم يخضع لحكم الله وتنظيمه، وغير مسموح للشيطان أن يتحكّم في مختاريّ الله كما يريد – يجب أن تفهموا هذه النقطة! يهتمّ الله بضعف الإنسان ويتفهّم حماقته وجهله. ومع ذلك، من أجل أن ينال المرء الخلاص كاملًا، يجب أن يُسلّمه الله إلى الشيطان، والله لا يرغب في أن يرى الإنسان أبدًا يلهو به الشيطان كما لو كان أحمقَ ويسيء إليه، ولا يريد أن يرى الإنسان يعاني دائمًا. فالله خلق الإنسان، أما كون الله يحكم كلّ شيءٍ ويرتبه للإنسان؛ فهذا طبيعيٌّ ومبرَّرٌ تمامًا، وهذه مسؤوليّة الله والسلطان الذي يحكم به الله كلّ شيءٍ! لا يسمح الله للشيطان بأن يؤذي الإنسان أو يسيء إليه كما يريد، ولا يسمح للشيطان بأن يستخدم وسائل مختلفة ليُضلّل الإنسان، وإضافة إلى ذلك، لا يسمح للشيطان بالتدخّل في سيادة الله على الإنسان، ولا يسمح للشيطان بأن يدوس القوانين التي يحكم بها الله كلّ شيءٍ أو ينقضها، فضلاً عن أن يعطل عمل الله العظيم في تدبير البشريّة وخلاصها! أولئك الذين يود الله أن يُخلّصهم، وأولئك القادرون على الشهادة لله، هم جوهر وبلورة عمل خطّة الله الممتدّة على مدار ستة آلاف سنةٍ، بالإضافة إلى ثمن جهوده عبر ستة آلاف سنةٍ من العمل. كيف أعطى الله هؤلاء الناس عَرَضًا للشيطان؟

كثيرًا ما يقلق الناس ويخافون من تجارب الله، ولكنهم في جميع الأوقات يعيشون في فخّ الشيطان، ويعيشون في أراضٍ محفوفة بالمخاطر يتعرّضون فيها لهجوم الشيطان وإيذائه – ومع ذلك فهم لا يخافون ولا يقلقون. ماذا يحدث؟ يقتصر إيمان الإنسان بالله على الأشياء التي يمكنه رؤيتها. ليس لديه أدنى تقديرٍ لمحبّة الله واهتمامه بالإنسان أو رحمته وتقديره للإنسان. ولكن بسبب القليل من الذعر والخوف من تجارب الله ودينونته وتوبيخه وجلاله وغضبه، لا يملك الإنسان أدنى فهمٍ لمقاصد الله الصالحة. عند ذكر التجارب، يشعر الناس كما لو أن الله لديه دوافع خفيّة، حتّى أن البعض يعتقدون أن الله لديه أفكارٌ شريرة، غير مُدرِكين ما سيفعله الله لهم بالفعل؛ وهكذا، في الوقت الذي يدّعون فيه طاعة سيادة الله وترتيباته، يبذلون كلّ ما في وسعهم لمقاومة ومعارضة سيادة الله وترتيباته للإنسان، لأنهم يعتقدون أنه إذا لم يكونوا حذرين فسوف يُضلّلهم الله، وإذا لم يُمسِكوا بزمام مصيرهم فإن كلّ ما لديهم يمكن أن يأخذه الله، حتّى أن حياتهم يمكن أن تنتهي. الإنسان مقيمٌ في معسكر الشيطان، ولكنه لا يخاف أبدًا من إيذاء الشيطان له، كما أن الشيطان يؤذيه لكنه لا يخاف أبدًا من أسر الشيطان له. يظلّ يقول إنه يقبل خلاص الله، لكنه لم يثق مطلقًا بالله ولم يؤمن أن الله سوف يُخلّصه حقًّا من مخالب الشيطان. إذا استطاع الإنسان، مثل أيُّوب، الخضوع لتنظيمات الله وترتيباته، وتمكّن من تسليم كيانه بجملته إلى يد الله، ألن تكون نهاية الإنسان هي نفسها نهاية أيُّوب – أي نيل بركات الله؟ إذا تمكّن الإنسان من قبول حكم الله والخضوع له، فما الذي يخسره؟ ومن ثمَّ، أقترح أن تكونوا حذرين في تصرّفاتكم وتجاه كلّ ما سوف يأتي عليكم. لا تتهوّروا أو تتسرّعوا، ولا تتعاملوا مع الله والناس والأمور والأشياء التي رتّبها لكم بحسب مزاجكم أو طبيعتكم أو حسب خيالاتكم ومفاهيمكم؛ ينبغي أن تكونوا حذرين في تصرّفاتكم، وينبغي أن تصلّوا وتسعوا أكثر لتفادي فوران غضب الله. تذكّروا هذا!

– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (2)

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

أيُّوب بعد تجاربه

(أيوب 42: 7-9) "وَكَانَ بَعْدَمَا تَكَلَّمَ يَهْوَه مَعَ أَيُّوبَ بِهَذَا ٱلْكَلَامِ، أَنَّ يَهْوَه قَالَ لِأَلِيفَازَ ٱلتَّيْمَانِيِّ:...

شهادة أيُّوب تريح قلب الله

إذا أخبرتكم الآن أن أيُّوب رجلٌ محبوب، فربّما لا تتمكّنون من تقدير المعنى في هذه الكلمات، وربّما لا تقدرون على فهم المشاعر وراء السبب في...