من أين يأتي هذا الصوت؟

2019 نوفمبر 22

بقلم شيين – الصين

وُلِدتُ في عائلة مسيحية، والكثير من أقاربي هم واعظون. وقد آمنت بالرب مع والدَيَّ منذ أن كنتُ صغيرة. وبعد أن كبُرت، صلَّيتُ للرب قائلة: إذا تمكَّنتُ من العثور على زوج وكان مؤمنًا أيضًا، فسأبذل نفسي أنا وهو من أجل خدمة الرب. بعد أن تزوَّجت، صارَ زوجي يؤمن حقًّا بالرب، لقد أصبح في الحقيقة واعظًا مُتفرِّغًا. وحتى يتسنَّى لزوجي أن يُركِّزَ في عمله من أجل الرب ويلتزم بالعهد الذي قطعَهُ على نفسِهِ أمام الرب، أخذتُ أنا زمام المبادرة وتولَّيتُ المهمة الصعبة المتمثلة في إدارة شؤوننا المنزلية. وعلى الرغم من أنها كانت مهمة صعبةً ومُتعبةً بعض الشيء، إلا أن قلبي كان مملوءًا بالفرح والسلام مهما صَعُبَت الأمور لأن الله كان يدعمني.

جاء عام 1997 وانتهى، وأدركتُ في مرحلة ما أن عِظاتَ زوجي لَمْ تَعُد تحتوي على النور الذي كانت تحويه من قبل، وكان كُلَّما طلبتُ منه أن يفعل شيئًا ما في المنزل يعتذرُ بحُجَّةِ انشغاله بعمله الوعظي، وحتى لو قامَ ببعض الأعمال المنزلية، فإنه لم يكن يفعل ذلك من قلبه، وغالبًا ما يفقد أعصابه معي بسبب أشياء تافهة. على الرغم من أنني ظللتُ أحتفظ بصبري ظاهريًّا ولم أتجادل مع زوجي، إلا أنني كنتُ أشعرُ في الحقيقة بعدم الرضا عن سلوكه. وقد جعلني عبء عائلتنا الثقيل والظلام الذي يسكُنُ روحي أعيش في عذاب. كان كُلُّ ما يمكنني فعله هو المجيء أمام الرب لكي أصلي وأُفرِغُ مكنوناتِ قلبي في سكون الليل عندما يكون الجميع نيام، وأطلبُ منهُ أن يمنحني المزيد من الإيمان والقوة. وكُنتُ في الوقت نفسه أتوقُ إلى أن يعود الرب قريبًا ويُخلِّصَني من حياتي البائسة.

في أحد أيام شهر نيسان/أبريل من عام 2000 وعندما كنتُ أضع بعض الملابس جانبًا عثرتُ على حقيبة زوجي ووجدتها ممتلئة تمامًا بالأغراض، وبدافع الفضول فتحتُها فوجدتُ نسخة من الكتاب المقدس، وكتاب ترانيم، وكذلك كتابًا جديدًا له غلاف خارجي، ففكَّرتُ قائلة لنفسي: "كيف لم أر هذا الكتاب من قبل؟ لا بُدَّ بأنه كتابٌ مرجعيٌّ للوعظ أو اختبارات شخص روحاني. يجب أن أقرأه – فقد أتمكنُ من الحصول على بعض القوت منه". فتحت الكتاب بدافع الفضول فرأيت عنوانًا يقول:"أولئك الذين سيصيرون كاملين يجب أن يخضعوا للتنقية". ففكَّرتُ قائلة لنفسي: "يا له من عنوان جديد! بالحُكمِ من خلال العنوان، فإن تجربة التنقية ليست بالأمر السيئ! أنا أمُرُّ الآن بتنقيةِ أعجَزُ عن اجتيازها، لذلك أحتاج إلى قراءة هذا الاختبار بعناية لأعرفَ اختبارَهُ في التنقية، ثم سأتمكَّنُ من العثور على طريقة للممارسة من خلال ذلك". وعندها بدأتُ القراءة: "اعتاد الناس على اتخاذ قراراتهم أمام الله قائلين: "بغض النظر عمّن لا يحب الله، يجب عليّ أن أحبه". لكنك الآن تواجه التنقية. إنها لا تتماشى مع مفاهيمك، لذلك تفقد الإيمان بالله. هل هذا حب حقيقي؟ لقد قرأت عدة مرات عن أفعال أيوب – هل نسيتها؟ لا يمكن أن يتشكل الحب الحقيقي إلا من داخل الإيمان. ... عندما تواجه معاناة، يجب أن تكون قادرًا على عدم مراعاة الجسد وعدم التذمّر على الله. عندما يحجب الله نفسه عنك، يجب أن تكون قادرًا على أن يكون لديك الإيمان لتتبعه، وأن تحتفظ بمحبتك السابقة دون أن تسمح لها بأن تتعثَّر أو تختفي. مهما كان ما يفعله الله، يجب أن تخضع لتصميمه، وتكون أكثر استعدادًا للعن جسدك بدلاً من التذمر على الله. عندما تواجه التجارب، يجب عليك إرضاء الله دون أي تردد في التخلي عن شيء تحبه، أو البكاء بمرارة. هذان فحسب هما ما يمكن تسميتهما الحب والإيمان الحقيقيين. بغض النظر عن قامتك الفعلية، يجب أن تمتلك أولاً الرغبة في المعاناة من الضيقة، وكذلك إيمانًا حقيقيًا، ويجب أن تكون لديك الرغبة في التخلي عن الجسد. يجب أن تكون على استعداد لتحمل المصاعب الشخصية وأن تعاني من خسائر في مصالحك الشخصية من أجل إرضاء مشيئة الله. يجب أيضًا أن يكون لديك قلب يندم على حالك، وأنك لم تكن قادرًا على إرضاء الله في الماضي، وأن تكون قادرًا على الندم على حالك الآن. لا يمكن أن تنقص أية واحدة من هذه الأمور، وسيكمِّلك الله من خلال هذه الأمور. إذا كنت تفتقر إلى هذه الشروط، لا يمكنك أن تصل للكمال" (في الكلمة يظهر في الجسد). لقد لامسَتْ هذه الكلمات قلبي حقًّا وبكيتُ أثناء قراءتها – ألَمْ يكن هذا بالضبط ما كنتُ أمُرُّ به؟ كنتُ قد عقدتُ العزم في الماضي على تكريس نفسي وزوجي للرب، وكنتُ سعيدةً تمامًا بِتحمُّل كُلِّ أعباء إدارة الأسرة مهما كانت شاقَّةً ومُتعبة لكي أدعمَ زوجي في العمل الذي كان يقوم به من أجل الرب خارج المنزل، لكن في تلك المرحلة، وبسبب الصعوبات التي أواجهها في المنزل وعدم اهتمام زوجي بي، كان ينتابني شعورٌ دائمٌ بأنني مخطئة؛ فقد كنت أعيش في حالة من التنقيةِ وفقدان الإيمان والمحبة اللذان كنتُ أملكهما في السابق. لقد أصبحتُ عاجزة عن التمسُّك بالقرار الذي اتخذتُهُ أمام الله، وكنتُ كثيرًا ما أبكي وحدي سرًّا. فكَّرتُ في كيف استطاع أيوب أن يتمسَّكَ بالشهادة لله في خِضمِّ تلك التجربة العظيمة والشاقة التي خاضها ولَمِ يفقد إيمانه بالله. حتى إنه قال: "يَهْوَه أَعْطَى وَيَهْوَه أَخَذَ، فَلْيَكُنِ ٱسْمُ يَهْوَه مُبَارَكًا" (أيوب 1: 21). كيف كنت قد نسيت حتى ذلك؟ بعد ذلك شعرتُ بالندمِ العميق على كُلِّ ما فعلتُهُ في حضرةِ الرب. لقد فضَّلَ أيوب أن يُعاني شخصيًّا ويُضحِّي بمصالِحهِ الشخصيةِ على أن يَفشلَ في إرضاء الله. أما أنا، فقد فقدتُ إيماني بالرب على الرغم من إيمانه به لسنوات عديدة. لقد كنت أشتكي للرب وأنا أمرُّ بمرحلة التنقية ولَمْ أكُن أُعبِّرُ عن محبَّتي له عن بُعد! عندما أدركتُ هذا قرَّرتُ سرًّا أن عليَّ ألا أكون كما كنتُ من قبل، وأنَّ عليَّ دعمُ زوجي في عمله من أجل الرب، وأنَّ عليَّ أن أتحمَّل بعض المصاعب.

عندما وصلَتُ بأفكاري إلى هذه النقطة، تحوَّلَ مزاجي بقوة نحو الأفضل. شعرتُ أن هذه الكلمات كانت مَصوغةً بشكلٍ جيِّدٍ وأنها أصابَتْ صميم ظروفي الفعلية. لقد دلَّتني على طريق للممارسة ونشأ في داخلي شعورٌ بالقوة والإيمان حتى قبل أن أدرك ذلك، فتساءلتُ قائلة: "من قال هذه الكلمات؟ كيف يمكن أن يتمتَّعَ بمثل هذا الفهم رفيع المستوى؟ لقد قرأتُ كتُبًا كتَبَتها شخصيَّاتٌ روحانية معروفة، وعلى الرَّغم من أنها مُنوِّرةٌ إلى حدٍّ ما، إلا أنها ليست مكتوبة بطريقة واضحة ومُفسَّرة مثل هذا الكتاب، ولا تحوي الحق. من الذي قال هذه الكلمات حقًّا؟" لقد انجذبتُ إلى الكلمات الواردة في هذا الكتاب وأردتُ مواصلة القراءة؛ إذ كُلَّما قرأتُ أكثر شعرتُ أكثرَ كم هي تلك الكلمات رائعة. لقد كان كُلُّ سطر فيها يتحدَّثُ إلى قلبي مباشرة، وقد مكَّنتني مِنَ أن أفهم أنه بغض النظر عن مدى عِظَمِ معاناتنا، فإنه يجب علينا أن نتَّبعَ اللهَ إلى النهاية ونخضع له بسعادة في وجه المعاناة، فحتى لو أصبح المرء ضعيفًا في خِضمِّ التجربة، يجب عليه أن يؤمن بالرب ويعتمد على الله لِيَقِفَ بثبات. كنتُ كُلَّما قرأتُ أكثر شعرتُ بإضاءة أكبر في قلبي وبأنني لديَّ طريقًا الممارسة. عاد زوجي إلى المنزل في ذلك الوقت وسألته على الفور قائلة: "من أين حصلتَ على هذا الكتاب؟" فابتسم وقال: "لقد استعَرتُهُ من أحدِهِم وعليَّ إعادتُهُ إليه قريبًا". ولَمْ أقُل أيَّ شيءٍ آخر.

ذات يوم بينما كنتُ أطهو، سمعتُ أجزاءً من ترنيمةٍ كان زوجي يستمِعُ إليها تقول: "من الذي لا يُؤخذ بهذا؟ من الذي لا يتوق لرؤية الله؟... ذات وقت شارك الله الإنسان أفراحه وأحزانه، واليوم اجتمع شملُه بالجنس البشري، ويشرك الإنسان في حكاياته من الزمن الماضي. بعد أن غادر الله اليهودية، اختفى من دون أثر. يتوق الناس لرؤيته من جديد، لكنهم لم يتوقعوا قط أن يلتم شملهم به هنا واليوم. كيف لذلك ألا يعيد ذكرياتٍ من الماضي؟ منذ ألفي عام قابل سمعان بن يونا الرب يسوع، وتشارك مع الرب نفس طاولة الطعام. سنوات من التبعية عمقت حبّه له. لقد أحبَ يسوع من أعماقِ قلبِه. اليوم ظهر الله نفسه لتجديد حبه القديم للإنسان، لتجديد حبه القديم للإنسان" ("ألفا عام من التَوْقِ" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). عبَّرَت كلمات هذه الترنيمة عن أعمقِ أفكاري وأثارت شعوري بالتَّوقِ إلى عودة الرب. لقد بكيتُ وأنا أستمع إليها وفكَّرتُ قائلة لنفسي: "منذ أن أصبحتُ مؤمنةً وحتى الآن كنتُ طوال تلك المدة أفكِّرُ في الرب يسوع يوميًّا وآملُ أن يعود قريبًا حتى نتمكن من أن نلتقي معًا ونتذكر الأوقات الماضية". كانت كلمات الترنيمة صادقةً ومؤثِّرةً جدًّا وقادرةً بشكلٍ خاصٍّ على التعبير عن شعور التَّوق الذي يشعر به الناس تجاه الرب. ثم وضعتُ الطعام الذي كنتُ أُعِدُّهُ جانبًا واستمعتُ باهتمامٍ تام. بعد ذلك بدأت ترنيمة أخرى تُدعى: "قلب وفيّ لله": "لا أطلب أي شيء في حياتي سوى أن تكون أفكاري الخاصة بحب الله ورغبة قلبي مقبولة لدى الله"("اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). فكَّرتُ قائلة لِنفسي: "من كتب هذه الترنيمة؟ كيف يُمكنُ أن يكون ثباتُهُ عظيمًا إلى هذا الحدّ؟" لقد كان هذا السطرُ تحديدًا مُلهِمًا حقًّا بالنسبة لي: "لا أطلب أي شيء في حياتي سوى أن تكون أفكاري الخاصة بحب الله ورغبة قلبي مقبولة لدى الله". هذا النوع من المحبة لله نقيٌّ جدًّا! في إيماني في السابق، لم أكُنْ أعرِفُ كيفَ أُحبُّ الرب، لكنني أردت فقط أن أستمتع بنعمته وأسعى إلى السلام والفرح. لقد وسَّعت هذه الترنيمة رؤيتي الكونية في ذلك اليوم، وأدركتُ أنَّ على مَن يؤمنون بالله أن يُحبُّوه وألا يبحثوا عن أي شيء لأنفسهم – فقط هذا النوع من المحبة يمكن أن يكون نقيًّا. لقد كانت هذه الترنيمة مَصوغةً بشكلٍ جيِّد. بعد ذلك قرَّرتُ سرًّا في قلبي أنني أريدُ السعي أيضًا إلى تحقيق هذا الهدف، وأنني سأُحبُّ الرب سواء فعل أيُّ أحدٍ آخر ذلك أم لَمْ يفعل.

بعد قراءة الكلمات الموجودة في ذلك الكتاب والاستماع إلى تلك الترانيم، بدأت في التصرف وفقًا لما تقولُه. وعندما ذهب زوجي إلى العمل ثانيةً ولَمْ يكُنْ لديه وقتٌ للمساعدة في الأعمال المنزلية، لَمْ أشعر بالأسى كما كنتُ أشعرُ من قبل. وإذا زلَّ الإخوة والأخوات الآخرون في شيء قالوه أصبحتُ قادرةً على التسامح لأنني أردتُ إرضاء الله. لقد سعيتُ فقط إلى محبَّةِ اللهِ من كُلِّ قلبي كما هو مُوضَّحٌ في الترنيمة.

في غمضة عين، حان الوقت لِزَرعِ محاصيلنا. وفي إحدى الليالي بينما كنتُ أُرتِّب قال لي زوجي: "عليَّ الذهاب إلى كنيسة أخرى خارج المدينة غدًا" فأجبته على الفور: "هل ستعود خلال بضعة أيام؟" فقال: "لا أعرف، سأبذل قصارى جهدي للعودة قريبًا. لا تتوتَّري بشأن العمل هنا في المنزل". فاكتئبتُ على الفور وفكَّرتُ قائلة لِنفسي:"تقول لي لا تتوتَّري بذلك الشأن، لكن كيف لي ألا أتوتَّر؟ ستغادرُ ولا فكرة لديَّ عن موعد عودتك. حقولُ الآخرين قد زُرِعَتْ ونحن حتى لم نحرث حقولنا، وإذا زُرِعَت البذور في وقت متأخر، فلن يكون لدينا حصادٌ جيِّدٌ في الخريف. فماذا سنفعل حينها؟ لو أن زوجي يُنهي عملية زرعِ الحقول ثُم ينطلق لِمُساعدةِ الإخوة والأخوات!" في ذلك المساء استلقيتُ على الفراش عاجزة تمامًا عن النوم. لقد شعرتُ بالضيق التام والاضطراب وفكَّرتُ قائلة لِنفسي: "آخر مرة غادر فيها زوجي غابَ أكثر من أسبوعين، لكن لَمْ يكُن لدينا أي عمل في المزرعة آنذاك. هذا هو الوقت الحاسم للزراعة، لذا ماذا سأفعل إن غاب ثانيةً لمدة أسبوعين؟ ربما عليَّ أن أطلب منه الاستعانة بزميلٍ له للقيام بالعمل بدلاً منه والانتهاء من الأمر". لكنني فكَّرتُ أكثر في الأمر قائلة لنفسي: "لا، هذا لَنْ يحدث. الإخوة والأخوات ينتظرون دعمه، وإذا لَمْ يذهب، أفلن يكون ذلك إثمًا يرتكبُهُ بحقِّ الرب؟" وفي خضمِّ تلك التنقية جئتُ إلى حضرة الرب وصلَّيت له قائلة: "يا رب! أنا لست غير راغبة في أن يذهب زوجي لِدَعمِ الإخوة والأخوات، لكن علينا أن نزرع الحقول الآن. أنا أشعرُ حقًّا بآثار هذه التنقيةِ ولا أعرف ماذا أفعل. يا رب! أطلبُ مساعدتك لِتَحميَ قلبي وتمنعني من الشعور بالانزعاج من هذه الأمور". وبعد الصلاة، تبادرت الكلمات التالية إلى ذهني بوضوح شديد: "بغض النظر عن قامتك الفعلية، يجب أن تمتلك أولاً الرغبة في المعاناة من الضيقة، وكذلك إيمانًا حقيقيًا، ويجب أن تكون لديك الرغبة في التخلي عن الجسد. يجب أن تكون على استعداد لتحمل المصاعب الشخصية وأن تعاني من خسائر في مصالحك الشخصية من أجل إرضاء مشيئة الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أولئك المُزمَع تكميلهم لا بدّ أنْ يخضعوا للتنقية). استحوذت هذه الكلمات فورًا على قلبي وأنارَتهُ بقوة. فكَّرتُ قائلة لِنفسي: "هذا صحيح! إذا أراد شخصٌ ما أن يُرضِيَ الرب، فهو بحاجة إلى امتلاكِ العزم لكي يتحمَّل المشقَّة، ويجب أن يكون سعيدًا بالمعاناة في الجسد وبأن تتعرض مصالحه الشخصية للخطر طالما كان ذلك يعني تلبية مشيئة الله!" لقد منحتني هذه الكلمات الإيمان وفكَّرتُ قائلة لِنَفسي: "إذا كانت الحقول ستُزرع في وقت متأخر قليلاً فليَكُن! فمِقدارُ حصادِنا هو أمر يعودُ لله، وعَمَلُ زوجي من أجل الرب هو الأهم". عندما وضعتُ ذلك في الاعتبار، انتابني شعورٌ من الراحة والتحرُّر في قلبي، وغفوتُ قبل أن أُدرك ذلك. قُلتُ لزوجي في صباح اليوم التالي: "اذهب وأدِّ عملكَ من أجل الرب ولا تقلق بشأن أي شيء، ولا بأس في أن تعود في أيِّ وقت. سأخضعُ لِما يُرتِّبهُ الرب". وعندما فكَّرتُ في حقيقة أن أفعالي تُرضي الرب، شعرتُ بالبهجة والثبات في قلبي.

عاد زوجي بعد بضعة أيامٍ وبدا لي وكأنه شخصٌ مختلفٌ تمامًا؛ فقد بدأ يساعدني في الأعمال المنزلية وحتى إنه قال لي: "أنت تعملين بجِدّ! لقد كانت السنوات القليلة الماضية صعبة عليكِ بما فيه الكفاية، كنتِ تتولَّينَ جميع شؤوننا داخل المنزل وخارجه، وأنا أُدركُ ذلك. كُنتُ دائمًا أتَّجِه إلى العمل فحسب دون المساعدة في تحمُّل عبء العمل المنزلي معك. من الآن فصاعدًا، سأُقدِّم المزيد من المساعدة كلما كان لدي وقتٌ لذلك". كان سماعه يقول ذلك أمرًا مُؤثرًا للغاية بالنسبة لي إذ لَمْ يسبِق وأن تحدَّثَ زوجي بهذا الشكل أبدًا من قبل. فكَّرتُ قائلة لنفسي: "لقد رأيتُ هذا التحول الكبير فيه منذُ أن قرأَ ذلك الكتاب. لَمْ تُصبح عِظاتُهُ مملوءة بالنور فحسب، لا بل إن سلوكهُ معي أصبح مُختلفًا. قراءة الكتاب المقدس طوال كُلِّ تلك السنوات لَمْ تُغيِّره، لكنه تغيَّرَ الآن كثيرًا في مثل هذه المدة القصيرة. يبدو أن الكلمات الموجودة في هذا الكتاب تملكُ القدرة حقًّا على تغيير الناس!" في الوقت نفسه شعرتُ بأن ما يحويه ذلك الكتاب كان ذو فائدة كبيرة لي أيضًا. فقد جعلتني قراءتهُ أمتليء بالإيمان والقوة، وعندما تصرَّفتُ وفقًا لما يقولُه تلاشى الاستياء الذي شعرتُ به تجاه زوجي. وبعد قراءته تغيَّر سلوك زوجي تجاهي؛ فقد فَهِمَ كيف يُراعي مشاعري ويعتني بي. لقد عمَّقتْ كُل هذه التغييرات شعوري بأنَّ محتوى هذا الكتاب قويٌّ وموثوقٌ به حقًّا. لكنني تساءلت عن هوية مَن كتب كلمات هذا الكتاب؟ ولَمْ أعثر على الإجابة.

في أحد الأيام، وبعد مرور شهرين، قال زوجي إنه يريد اصطحابي معه لحضور اجتماع. كان لديَّ شعورٌ بأن هذا الاجتماع سيكون مميَّزًا للغاية وإلا لما أخذني إليه. كان الشعور بالترقُّبِ يملؤني وكنتُ أتطلع لرؤية ذلك الكتاب مرة أخرى. في اليوم التالي، كنتُ أنا وزوجي مع شقيقتين أخريين سعداء في السيارة ونحن في الطريق إلى منزل إحدى الأخوات. كان هناك عدد من الإخوة والأخوات الآخرين المُشاركين، ومن بينهم أختٌ في الثلاثينات من عُمرها قامت بدمج الكتاب المقدس في الشركة وشاركتنا العديد من الحقائق حول عمل الله في الأيام الأخيرة. لقد أُضيء قلبي حقًا عندما استمعت إليها، واكتسبتُ فهمًا واضحًا للعديد من آيات الكتاب المقدس التي لم أكن أفهمُها من قبل ولِعودة اللهِ من أجل القيام بعمل الدينونة. فكَّرتُ قائلة لِنَفسي: "كيف تكون شركَتُها بهذه الرَّوعة بحيثُ يمكنها أن تشرح الكتاب المقدس بهذا الوضوح؟ كيفَ تتمتَّعُ بكُلِّ هذا القَدر من الفَهم؟" حينها قالت لنا تلك الأختُ بصوتٍ عالٍ وابتسامةٌ تملأ وجهها: "أود أن أُخبركم أيها الإخوة والأخوات بأنباء جيدة بشكل لا يصدق ومثيرةٌ حقًّا. الرب يسوع الذي كنا نتوق إليه منذ زمن بعيد قد عاد مُتجسِّدًا بيننا ليقوم بعمله الجديد؛ ليقول الكلام ويكشف عن كُلِّ الحقائق والأسرار؛ لِيَكشف أسرار مراحل عمل الله الثلاث، وخطة تدبيرِهِ التي امتدَّت لستة آلاف عام، وتجسُّدَ الله، والكتاب المقدس. كُلُّ ما قُلتُه في الشركة اليوم هو من الكلام الذي نطق به الله". سمعتُ أنا وكُلُّ الإخوة والأخوات الحاضرين ذلك الخبر العظيم وأدركتُ أخيرًا ما يلي: اتضح أن هذه الأخت كانت تفهمُ الكثير لأنَّ الرب الذي قد عاد أطْلَعَ كُلَّ البشرية على تلك الأمور. والآن نحن أيضًا كنا نسمعُ صوت الرب. احتضنا جميعًا بعضنا بعضًا من السعادة وذرفنا دموع التأثُّر – وبدأ المكان بأكمله يعجُّ بالحيوية. كنتُ سعيدةً جدًّا لدرجة أنني شعرت بالرغبة في القفز من الفرح وفكَّرتُ قائلة لِنفسي: "لطالما كنتُ آملُ أن يعود الرب يسوع قريبًا، وها قد عاد حقًا! أنا مباركة جدًّا وبشكل لا يصدق لأنني أستطيعُ أن أُرحِّبَ بعودة الرب يسوع خلال حياتي!"

عندما أوشكَ الاجتماع على الانتهاء، أعطت الأختُ كُلَّ واحدٍ منا كتابًا يسمى (الدينونة تبدأ ببيت الله). وأنا أُمسِكُ بكتاب كلام الله بحذر بكلتا اليدين، تبادر إلى ذهني فجأة ذلك الكتاب الذي قرأتُهُ من قبل. هل يمكن أن يكون نفس الكتاب؟ وبعد أن عدنا إلى المنزل لم أستطع الانتظار حتى أسأل زوجي قائلة: "ألَم يكن الكتاب الذي رأيتُهُ في ذلك اليوم هو نفسُهُ كتابُ كلمات الله الذي أعطتنا إياه أختُنا اليوم؟" فابتسم وقال: "هو كذلك". شعرتُ بعد ذلك كما لو أنني كنتُ أستيقظ من حلم. لقد كان ذلك الصوت من الله في النهاية – ذلك هو صوت الرب يسوع العائد، صوت الله! لا عجب في أن تلك الكلمات كانت مؤثِّرةً بالنسبة لي، ومنحتني الإيمان والقوة، وغيَّرَتني، وأخرجَتني من معاناتي. ثم عاتبتُ زوجي قائلة: "لماذا أخفيتَ عني قبولَكَ لِعَمَلِ الله الجديد؟" فقال: "لقد أردت حقًا إخبارَكِ في ذلك الوقت، لكن معظم أفراد عائلتك واعظون في الأوساط الدينية وهم يعارضون عمل الله في الأيام الأخيرة ويدينونَه. لقد وقفوا طوال الوقت كعثرةٍ في طريقنا لِتحرِّي الطريق الصحيح. كنت أخشى أنني إذا لم أتمكن من شرح الأمر لكِ بوضوح كافٍ وبعد ذلك اكتشفَهُ أقرباؤك، فبمجرد أن يبدأوا بالظهور فجأة لإعاقتك وتعطيلك لن يؤدي ذلك إلى تضييعِ فرصتكِ في الخلاص فحسب، بل سيجعلُني أبدو فاسدًا. لذلك قرَّرتُ أن أخبرك بعد أن تحرَّيتُ الأمر وفهمته بوضوح". لقد بدَّد سماعي لهذا التفسير سوء فهمي لزوجي وشعرتُ بالمتنان الشديد لله على خلاصه لي. لقد عقدت العزم على قراءة كتاب كلام الله هذا بعناية.

لقد زوَّدَت قراءة كلام الله القدير روحي العطشى بالتغذية والقوت. لم أكن أعتقد أبدًا أنني سأتمكَّنُ من سماع كلام الرب العائد بأذُناي، أو أن أُرفَعَ أمام الله، أو أن ألتقي مع الله وجهاً لوجه. لقد شعرت بالامتنان بشكل خاص لله على محبَّتِهِ وخلاصه. بعد عشرة أيام أو ما يقاربها، عمِلنا أنا وزوجي مع الأخوات اللواتي ينشُرنَ الإنجيل لِجَلبِ الإخوة والأخوات الآخرين في كنيستنا الذين يملكون إيمانًا حقيقيًّا بالرب إلى حضرة الله القدير.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

العثور على طريق العودة بعد الضلال

بقلم ذيلي – الولايات المتحدة الأمريكية لقد أردت دائمًا أن أحيا حياةً سعيدة ذات مستوى معيشي مرتفع، لذا جئت إلى الولايات المتحدة لأعمل بأقصى...

عدت إلى الديار

بقلم تشو كين بونغ – ماليزيا آمنت بالرب لأكثر من عقد من الزمان وخدمت في الكنيسة لمدة عامين، ثم تركت كنيستي للذهاب إلى الخارج للعمل. ذهبت إلى...