تعلَّمتُ أخيرًاكيفية الوفاء بواجبي
يقول الله القدير، "ودائمًا من خلال عملية إتمام واجبه يتغيّر الإنسان تدريجيًا، ومن خلال هذه العملية يُظهِرُ إخلاصه. وهكذا، كلما تمكنتَ من القيام بواجبك، حصلتَ على مزيد من الحقائق، ويصبح تعبيرك كذلك أكثر واقعية. أما أولئك الذين يتقاعسون عن القيام بواجبهم ولا يبحثون عن الحق فسيُبادون في النهاية، لأن هؤلاء الناس لا يقومون بواجبهم في ممارسة الحق، ولا يمارسونه في إتمام واجبهم. هؤلاء الناس هم الذين يبقون على حالهم وسوف يُلعَنون. فما يظهرونه ليس نجسًا فحسب، إنما الشرّ هو ما يعبّرون عنه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وجه الاختلاف بين خدمة الله المتجسِّد وواجب الإنسان). "إن تأدية واجبك من كل قلبك، وقدرتك على تحمل المسؤولية، تتطلبان منك المعاناة ودفع ثمن، ولا يكفي مجرد الحديث عن ذلك. إذا لم تؤدِّ واجبك من كل قلبك، وكنت بدلًا من ذلك ترغب دائمًا في بذل مجهود بدني، فمن المؤكد أنك لن تؤدي واجبك بشكل جيد؛ إذ ستكتفي ببساطة بالقيام بالأمر دون حماس ليس أكثر، ولن تعرف مقدار جودة أدائك لواجبك. إن أديته من قلبك، فسوف تتوصل إلى فهم الحقَّ تدريجيًّا، وإن لم تفعل، فلن تفهمه. عندما تؤدي واجبك وتسعى إلى الحقِّ من قلبك، تصبح حينها قادرًا تدريجيًّا على فهم إرادة الله، واكتشاف فسادك ونقائصك، والسيطرة على جميع حالاتك المختلفة. إذا لم تستخدم قلبك لتفحص نفسك، بل ركزت على أن تبذل مجهودًا خارجيًّا فحسب، فلن تتمكن من اكتشاف الحالات المختلفة التي تطرأ على قلبك وكل ردود أفعالك تجاه البيئات الخارجية المختلفة؛ إن لم تستخدم قلبك لفحص نفسك، سيكون من الصعب عليك أن تحل هذه الأمور في قلبك" (من "لا يمكنك أن تعيش شبه إنسان حقيقي إلا بكونك شخصًا صادقًا" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). يمكنننا أن نرى من كلمات الله أن علينا أن نكون يقظين ومسؤولين ونسعى للحق، للوفاء بواجبنا. كنت مستهترة في الماضي. ولم أبذل جهدًا كافيًا في أي شيء. وكنت على نفس الشاكلة في بيت الله. لم أكن أسعى لأفضل النتائج في واجبي. كلما واجهت شيئًا معقدًا يتطلّب عملًا شاقًا، كنت مستهترة وعديمة المسؤولية، لذا كنت دائمًا ما أرتكب أخطاء في واجبي. فهمتُ فيما بعد القليل عن شخصيتي الفاسدة من كلمات الله وكيف أفي بواجبي لألبّي مشيئة الله، ومن ثم يمكنني أن أؤدي واجبي بمسؤولية وثبات.
كان واجبي في ذلك الوقت هو فحص الترجمة إلى الإيطالية. كنتُ دؤوبة في بداية الأمر، وعلى استعداد لمعالجة أي صعوبات تطرأ. لكن مع مرور الوقت، واجهني تراكم المستندات، وبدأت أشعر ببعض الانزعاج، خاصة عندما رأيت مستندات بها ملاحظات من كل الأنواع، ومئات النقاط والفواصل وعلامات الترقيم الأخرى، يجب فحص كلٍ منها من حيث التنسيق والموضع. لذا، صرت قلقة. وفكرت: "إلى أي مدى ينبغي علي التفكير في هذا؟ هذا جهد كبير جدًا". ومن ثم لم أعد أريد أن أفحصها بنفس الدأب بعد ذلك، لكنني كنت أراجعها سريعًا فقط، لأتأكد من كونها سليمة نوعًا ما. في بعض الأحيان كنت أحتاج إلى تهدئة ذهني والتفكير حقًا فيما إذا كانت الترجمة دقيقة، ولكن عندما كنت أرى تركيبًا معقدًا لجُملة، كنت أحسب هذه الحسابات الأنانية: "يتطلب الأمر الكثير من الجهد للتأمل في كل كلمة والبحث فيها، وإذا لم أجد ضالتي، ألن يكون ذلك مضيعة للطاقة؟ انسي الأمر، سأتركه لشخص آخر ليتولاه". وبهذه الطريقة، كنت أقوم بواجبي ظاهريًا.
بمرور الوقت، بدأت المشاكل المستمرة في الظهور. كان بعض الأشخاص الآخرين يجدون بعض الأخطاء في الكتابة بالأحرف الكبيرة، وعلامات الترقيم في المستندات التي فحصتها وبعضهم كان ينقصه حتى بعض الكلمات في الترجمة. شعرت بالسوء عندما رأيت ذلك. رأى شخص آخر هذه المشاكل الصغيرة على الفور لكني لم أجدها عندما كانت أمامي مباشرة. وكيف يمكن أن يكون هناك إغفال صارخ كهذا؟ كلما فكرت في الأمر، شعرت بالسوء أكثر. ذات يوم، تلقيت رسالة بعد الغداء تقول إنه كان هناك خطأ أساسي حقًا في المفرد والجمع في مستند قد فحصته. شعرت وكأنها طعنة في قلبي. كيف أمكنني أن أكون مستهترة لهذه الدرجة؟ كيف أمكنني إغفال مثل هذا الخطأ الأساسي؟ لم أستطع التأكد مما إذا كانت المستندات الأخرى التي راجعتها بها أخطاء مماثلة، أم لا. كان عملي متخمًا بالأخطاء. ماذا كان علي أن أفعل؟ في معاناتي، أسرعت للوقوف أمام الله والصلاة. لقد فكّرت في حالتي وموقفي تجاه واجبي مؤخرًا.
قرأت مقطعًا من كلمات الله: "لكنك إن لم تقم بواجبك بحماس، وكنت لا مباليًا، واخترت فعل الأشياء بأسهل الطرق الممكنة، فأيّة عقليّة هذه؟ إنها عقلية تقوم على أداء الأمور باستهتار، ودون وفاء لواجبك، ولا حسّ بالمسؤولية، أو بالمهمة التي يتعيّن إنجازها. وفي كل مرة تقوم فيها بواجبك، لا تستخدم سوى نصف قوّتك ؛ وتؤدّي العمل بفتور، فلا تقوم به من قلبك، وتحاول فقط أن تنجز العمل والتخلص منه، دون ضمير حيّ على الإطلاق. أنت تقوم به بهذه الطريقة المتراخية، وكأنك تريد أن تلهو وتتسلّى. ألن يؤدي ذلك إلى الوقوع في المشاكل؟ في نهاية المطاف، سيقول الناس إنك شخص تقوم بواجبك بشكل سيئ ودون حماس. وما الذي سيقوله الله عن هذا؟ سيقول إنك غير أهل للثقة. إذا ائتُمنت على القيام بعمل ما، سواء كانت مسؤولياتك فيه أساسية أو عادية، إن لم تكن جادًّا في قيامك به، ولم ترتقِ إلى مستوى المسؤوليات الملقاة على كاهلك، ولم تنظر إليه باعتباره مهمّة كلّفك الله بها أو قضية ائتمنك الله على القيام بها، ولم تؤدّه بوصفه عملك وواجبك الخاصّين بك، فستكون هذه مشكلة. إن عبارة "غير أهل للثقة" ستحدّد كيفية سلوكك تجاه واجباتك، وسيقول الله إن شخصيّتك ليست في مستوى المسؤولية الملقاة عليك. إذا ائتُمنت على قضية معينة ولكن كانت هذه طريقة سلوكك وتعاملك معها، فهل ستُعهَدُ إليك أيُّ واجبات أخرى في المستقبل؟ هل يمكن أن تؤتمن على القيام بأي شيء ذي أهمية؟ ربّما يكون ذلك ممكنًا، غير أنّ ذلك يعتمد على سلوكك. لكنْ سيكون هناك دائمًا شيء من انعدام الثقة وعدم الرضى في فكر الله تجاهك، وستكون هذه مشكلة، أليس كذلك؟" (من "لا يمكنك إحراز تقدم إلا بتأمل الحق مرارًا" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). يلاحظ الله قلوب البشر. كشفت كل كلمة من كلماته عيبي الفادح. ثم أدركت أن القيام بالأمور بالطريقة السهلة في واجبنا تصرف لا مبال. لا يوجد دأب في هذا، إنه مجرد تغاضٍ عن الأشياء وعدم تحمل المسؤولية على الإطلاق. بالتفكير ثانية في أدائي، كلما تطلَّب شيء ما وقتًا وجهدًا، كنتُ أعتمد أسرع طريقة مختصرة بأقل جهد لإنجازها. كنت أفعل الأسهل، أو ما يجنبني أغلب العناء، أو الأقل إجهادًا. عندما كانت هناك الكثير من الكلمات الجديدة أو القواعد النحوية أو تراكيب الجمل الصعبة، لم أكن أبذل جهدًا جادًا للبحث عنها. كنت أسلك الطريق السهل بوضع علامات عليها، وسؤال شخص آخر. وعندما رأيت ملاحظات معقدة، أو كنت بحاجة إلى التحقق بعناية من علامات الترقيم، كنت أطالعها بنظرة خاطفة ثم أتجاهل بعض المشاكل. كنت مستهترة وأتنصل من مسؤوليتي تجاه واجبي ورسالة الله. لم أفكّر إلا في تجنب المعاناة الجسدية، فهل كان هناك حتى مكان صغير لله في قلبي؟
قرأت فيما بعد المزيد من كلمات الله التي قالت: "من السهل على الأشخاص الذين يتمتعون بالإنسانية تأدية واجباتهم دون مراقبة من أحد؛ وينبغي إدراج هذا في نصيبهم من المسؤوليات. أما بالنسبة إلى أولئك الذين لا يتمتعون بالإنسانية، والذين لا يمكن الاعتماد عليهم، فإن أداءهم لواجباتهم هو عملية شاقة للغاية؛ إذ يجب على الآخرين دائمًا أن يقلقوا عليهم ويشرفوا عليهم ويسألوا عن مدى التقدم الذي أحرزوه، وإلا فإنهم سيتسببون بضرر في كل مرة تطلب منهم فيها القيام بعمل ما. باختصار، يحتاج الناس دائمًا إلى التأمل الذاتي عند تأدية واجباتهم وإلى أن يسألوا أنفسهم قائلين: "هل قمت بهذا الواجب على النحو المناسب؟ هل قمتُ به من قلبي؟ أم أنني أديته بأسلوب متخبط فحسب؟" إذا حدث شيء من هذه الأشياء، فهذا سيء، بل هو أمر خطير. بالمعنى الضيق، هذا يعني أن مثل هذا الشخص لا يتمتع بمصداقية، وأنه لا يمكن للناس الوثوق به. وبمعنىً أوسع، إذا كان مثل هذا الشخص دائمًا يؤدّي عمله بطريقة لا مبالية، وكان باستمرار لامباليًا تجاه الله، فهو عندئذ في خطر كبير! ما هي عواقب الخداع عن قصد؟ على المدى القريب، سيكون لديك شخصية فاسدة، وترتكب آثامًا متكررة دون توبة، ولا تتعلم كيف تمارس الحق، ولن تمارسه. وعلى المدى البعيد، بينما تقوم باستمرار بتلك الأمور، فستختفي آثارك، وسيجر ذلك عليك المتاعب، وهذا ما يُعرَف بعدم ارتكاب أي أخطاء كبيرة، لكنك ترتكب أخطاء صغيرة باستمرار. وفي النهاية، سيؤدي هذا إلى عواقب يتعذر إصلاحها، وسيكون ذلك في غاية الخطورة!" (من "يجب أن يبدأ دخول الحياة باختبار تأدية واجبك" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). عندما رأيت الله يكشف طبيعة إهمالي وعواقبه أمامي، لم يسعني إلا أن أشعر بالخوف. إن الأداء الظاهري لواجبنا هو خداع للآخرين والله. وقد أدان الله هذا السلوك. إذا لم أتُب، سأرتكب، عاجلًا أم آجلًا، تعديًا خطيرًا وسيقصيني الله. عندما رتبت الكنيسة واجبي، تعهدت بأدائه بشكل صحيح، ولكن عندما تطلَّب ذلك مني فعلًا أن أبذل جهدًا، لم أفكر إلا في الجسد، خوفًا من المتاعب والمعاناة. كنت متعجلة ومستهترة عندما راجعت الوثائق لذلك فاتني حتى أكثر الأخطاء وضوحًا. ألم يكن هذا غشًا؟ هذه الأفكار ملأتني بالندم ولوم النفس، لذلك صليت إلى الله: "يا الله القدير! لم أكن مسؤولة في واجبي، بل كنت أحاول خداعك. هذا يثير اشمئزازك، فقد افتقرتُ إلى الضمير. يا الله، أريد أن أتوب. فأرشدني، امنحني الإرادة لأتحمَّل المشقة، والقدرة على إهمال الجسد والوفاء بواجبي".
في كل وثيقة بعد ذلك، كنت أتحقق من كل كلمة كنت أرى أنها لم تكن مناسبة تمامًا في قواميس متعددة. وكنت أسأل الإخوة والأخوات أو مترجمًا محترفًا عندما لم يكن باستطاعتي التأكد، حتى أصبح متأكدة تمامًا. بالنسبة للمستندات التي كانت صعبة وطويلة، لم أكن أجرؤ على التعامل معها بسطحية وفوضى، لكنني أدرس كل جملة بعناية، بشكل متكرر وبالتفصيل، وأحاول بذل قصارى جهدي لزيادة دقة الترجمة. عند وضع اللمسات الأخيرة على المستند، أدرج جميع التفاصيل التي احتجت للتحقق منها وأذكِّر نفسي باستمرار بأن كل خطوة تحتاج إلى فحصها بدقة. كنت أتحقَّق من كل التفاصيل عند المراجعة النهائية، وأبذل قصارى جهدي لتقليل عدد الأخطاء في المرحلة الأخيرة. بعد فترة من الزمن، بات من الواضح أنني كنت أحقق نتائج أفضل في واجبي، وانخفض معدل الخطأ أيضًا.
انضمت أخت أخرى إلى الفريق فيما بعد وساعدت في توحيد تنسيق الترجمات النهائية. كانت تسألني من وقت لآخر: "هل علامة الترقيم هذه صحيحة؟ ما هي مشكلة هذا الترقيم؟" عندما كانت تسأل الكثير من الأسئلة، كنت أنزعج للغاية وأفكر: "إن شرح كل شيء يسبب مشقة كبيرة. ما عليك سوى مراجعة المستند النهائي". لذا ضللتها فحسب، وقلت: "هذه هو المستند النهائي. لا توجد أي مشاكل في علامات الترقيم. علامات الترقيم في الإيطالية والإنجليزية هي نفسها بشكل أساسي. يمكن التعامل مع معظمها مثل اللغة الإنجليزية، ولكن هناك استثناءات. عليكِ التفكير في المعنى". ثم سألتني: "كُتبنا المرجعية الحالية هي تلك التي يستخدمها المحترفون. لا أفهم بعض الأجزاء. هل لدينا أي مستندات أبسط حول علامات الترقيم الإيطالية؟" قلت إننا لم نفعل ذلك بعد. بعد ذلك أدركت أنني يجب أن أنشئ مستندًا يمكن للأعضاء الجدد الرجوع إليه، ولكن كان هناك الكثير من علامات الترقيم. وهذا يعني التحقق من الكتب المرجعية، وسيتسبب ذلك في عناء كبير. لذا أجلته في ذلك الوقت. اعتقدت أن هذه ستكون نهاية الأمر، ولكن عندما تعاملَتْ مع علامات الترقيم الإيطالية مثل الإنجليزية كما أخبرتها في تنسيقها، مضت قدمًا وحذفت كل المسافات قبل وبعد الشَرطات في مستند يبلغ حجمه 150،000 كلمة. لقد ذهلت عندما علمت بذلك. في الإيطالية، يجب أن يكون لديك مسافة قبل وبعد الشَرطَة لتجنب خلط الشَرطات مع الواصلات، وهو ما يختلف عن اللغة الإنجليزية. لكنني لم أخبرها بذلك. لم يكن هناك حل لذلك. كان عليها أن تعود وتصحِّح كل واحدة. شعرت بالسوء والندم. كرهت نفسي وفكرت: "لماذا لم أبذل مجهودًا بسيطًا في المقام الأول لإعداد مستند مرجعي؟ لماذا كنت أفكر دائمًا في الجسد وخائفة جدًا من العناء؟ كان عليها أن تراجع المستند من جديد، كل ذلك بسبب إهمالي. يجب التحقُّق منه مرة أخرى أيضًا. استغرق ذلك جهدًا، والشيء الرئيسي هو أنه أخَّرَ تقدُّم عملنا. ألم يكن ذلك عرقلة لعمل بيت الله؟" عادت تلك المشاعر بالتقصير ولوم النفس والندم، مرة أخرى. أردت أن أصفع نفسي على وجهي. لماذا أفعل ذلك مرة أخرى؟ ما خطبي؟
ذات مرة، رأيت كلام الله، في خلواتي التعبدية: "أليس التعامل مع الأمور بهذا الاستخفاف وعدم الشعور بالمسؤولية من صفات الشخصية الفاسدة؟ ما هذا؟ إنها حقارة. في جميع الأمور، يقولون: "هذا حقٌّ تقريبًا"، و"هذا قريب بما فيه الكفاية"؛ إنه موقف يستخدمون فيه كلمات مثل: "ربما"، و"من المحتمل"، و"أربعة من أصل خمسة"، إنهم يفعلون الأشياء بلا مبالاة، وهم راضون عن القيام بالحد الأدنى، كما أنهم راضون عن التخبط قدر المستطاع؛ إذ إنهم لا يرون أي فائدة في أخذ الأمور على محمل الجد أو السعي إلى تحقيق الدقة، ولا يرون كثيرَ فائدةٍ في السعي إلى المبادئ. أليست هذه صفات الشخصية الفاسدة؟ هل تعتبر مظهرًا من مظاهر الطبيعة البشرية؟ إن سمَّيناها غطرسة فذلك صحيح، وإن سميناها فسادًا فذلك مناسب تمامًا أيضًا، ولكن الكلمة الوحيدة التي تصفها تمامًا هي "الحقارة". هذه الحقارة موجودة في إنسانية غالبية الناس؛ فهم في جميع الأمور يرغبون في القيام بأقل قدر ممكن ليروا ما يمكنهم الإفلات منه، وهناك نفحة من الخداع في كل ما يفعلونه. إنهم يغشون الآخرين عندما يستطيعون ذلك، ويختارون الطريق الأسهل عندما يمكنهم ذلك، ويكرهون قضاء الكثير من الوقت أو التفكير كثيرًا في أمر ما. ويعتقدون أن كل شيء على ما يرام ما داموا يستطيعون تفادي أن يكشفهم أحد، وما داموا لا يتسببون في أي مشاكل، ولا يُحاسَبون، وبالتالي يمضون قدُمًا متخبطين. بالنسبة إليهم، يمثل أداء العمل بشكل جيد صعوبة أكبر مما يستحق الأمر. لا يتعلم أشخاص كهؤلاء شيئًا إلى حد إتقانه، ولا يبذلون جهدًا في مجال دراستهم. إنهم لا يريدون سوى فَهمِ الخطوط العريضة لأي موضوع، ثم يعتبرون أنفسهم بارعين فيه، ومن ثم يعتمدون على ذلك للمضي في تخبطهم. أليس هذا موقف الناس تجاه الأشياء؟ هل هو موقف جيد؟ هذا النوع من المواقف التي يتبناها مثل هؤلاء الأشخاص تجاه الناس والأحداث والأشياء هو، في بضع كلمات، "موقف متخبط"، ومثل هذه الحقارة موجودة في كل البشرية الفاسدة" (من "إنّ اختيار طريق أمر بالغ الأهمية للقادة والعاملين (9)" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). تشير كلمات الله بشكل قاطع إلى سبب افتقاري للجهد في واجبي. كانت طبيعتي الوضيعة خطيرة للغاية. كنت أعيش بشخصية شيطانية فاسدة، أفعل كل شيء بموقف روتيني ومخادِع. عندما سألتني الأخت عن الاستخدام الصحيح لعلامات الترقيم، لم أكن أرغب في العناء. لم آخذ الأمر على محمل الجد ولم أرِد الكثير من الأسئلة، لذا فقد ضلّلتها فحسب بإخبارها باتباع قاعدة بسيطة. وعندما سألتني عن المستند المرجعي، كان بإمكاني إعداد واحد لها، ولكن عندما فكرت في المعاناة التي سيكلفني إياها القيام بذلك، قررت ألا أهتم. كنت قلقة من ظهور الأخطاء، لكنني ظللت مصرّة أن أواصل طريقتي في الخداع. لكان من الرائع لو وفَّرتُ الجهد وسارت الأمور على ما يرام. في كل مرة كنت أفعل فيها أشياء دون مجهود، كنت أعتمد على الحظ في العمل السطحي. كنت أتطلع دائمًا لبذل أدنى قدر من الجهد لإنجاز الأمور. لم أبذل جهدًا حقيقيًا وصادقًا لإنجاز واجبي من خلال مراعاة كل التفاصيل وبذل قصارى جهدي، لضمان عدم وجود أخطاء. ظهرتُ وكأنني كنت أعمل، وكنت أجيب عن الأسئلة، ولكن في الواقع، كنت فقط أخدع تلك الأخت وأتعامل بخبث. ونتيجة لذلك، وثقَتْ بإجاباتي وارتكبتْ بعض الأخطاء الجسيمة وأرهقت نفسها بعمل غير مثمر. حتى إنها اضطرت إلى إعادة كميات كبيرة من العمل، مما أبطأ تقدُّم العمل بشكل عام، وجلب خسائر لعمل الكنيسة. المبدأ وراء أفعالي، القيام بأسهل الأشياء، وأقلها عناءً، كان مبدأ لإيذاء الناس. كنت أستخدم حيلًا صغيرة لتوفير الجهد على المدى القصير. لم أعاني جسديًا، لكن تعدياتي في واجبي كانت بلا توقف وعرقلت عمل بيت الله. لقد كنت أؤذي الآخرين ونفسي! كُلفت بعمل مُهمٍ كهذا، لكنني تعاملت معه باستخفاف، وكنت روتينية، وغير مسؤولة، ومخادعة ومستهترة، ومتجاهلة للعواقب. لم يكن لديَّ أدنى ضمير. عندها فقط رأيت إلى أي مدى كانت طبيعتي الوضيعة خطيرة، كم كانت نزاهتي متدنية وكم كنت عديمة القيمة.
لاحقًا شاهدت مقطع فيديو لقراءة كلمات الله. يقول الله القدير، "إذا لم يستطع الإنسان أن يعبّر عمّا يجب التعبير عنه أثناء الخدمة أو أن يحقق ما يمكنه أساسًا تحقيقه، وبدلاً من ذلك يخادع ويتهاون، فقد خسر الوظيفة التي على المخلوق أن يتحلى بها. يُعد هذا النوع من الناس عاديًا وتافهًا وعديم النفع. كيف يمكن لشخص كهذا أن يُكَرَّم بلقب مخلوق؟ أليسوا كيانات من الفساد تسطع في الخارج ولكنها فاسدة من الداخل؟ ... مَنْ الذي يستحق أقوالكم وأفعالكم؟ هل يمكن أن تستحق تضحيتكم الصغيرة هذه كل ما قد منحتكم إياه؟ ليس لديَّ خيار آخر وقد كرّست نفسي لكم بالكلية، ومع ذلك أنتم فاترو الهمة وتُكِنّون نوايا شرّيرة نحوي. هذا هو مقدار واجبكم، وظيفتكم الوحيدة. أليس كذلك؟ ألا تعرفون أنكم لم تتمّموا على الإطلاق واجب المخلوق؟ كيف يمكن اعتباركم كائنات مخلوقة؟ ألا تعرفون جليًا ما تُعَبِّرون عنه وتحيوه؟ لقد أخفقتم في القيام بواجبكم، ومع ذلك تسعون إلى الحصول على سماحة الله ونعمته الجزيلة. لم تُهيَّأ نعمةٌ كهذه لأشخاص مثلكم لا قيمة لهم أو أساس، إنما لمن لا يطلبون شيئًا ويضحّون بكل سرور. لا يستحق الأشخاص العاديون والتافهون الذين هم على منوالكم التمتّع بنعمة السماء على الإطلاق. يجب فقط أن ترافقَ أيامَكم المشقةُ والعقابُ اللامتناهي! إذا لم تستطيعوا أن تكونوا مخلصين لي، فستكون المعاناة مصيركم. وإذا لم تستطيعوا أن تكونوا مسؤولين عن كلامي وعملي، فسيكون العقاب من نصيبكم. لا علاقة لكم بأية نعمة وبركاتٍ وحياة رائعة في الملكوت. هذه هي النهاية التي تستحقونها وعاقبة أعمالكم!" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وجه الاختلاف بين خدمة الله المتجسِّد وواجب الإنسان). تقول كلمات الله: "ليس لديَّ خيار آخر وقد كرّست نفسي لكم بالكلية، ومع ذلك أنتم فاترو الهمة وتُكِنّون نوايا شرّيرة نحوي. هذا هو مقدار واجبكم". اخترقت هذه الكلمات قلبي. منحني الله الفرصة لأؤدي واجبي، حتى أتمكَّن من السعي للحق وربحه من خلال واجبي، وأتخلّص من شخصيتي الفاسدة وأنال خلاص الله. ولكن بدلًا من السعي للحق، لم أهتم إلا بالجسد، وتضليل الله وخداعه. فكرت كيف صار الله جسدًا ليخلِّص البشرية، متحملًا الإذلال والألم الهائلين، من ملاحقة الحكومة واضطهادها، ورفض الناس، لكنه دائمًا ما يعبِّر عن الحق ويعمل على خلاص الناس. إن مقدرتنا ضعيفة، لذا نفهم الحق ببطء. الله لم يتخلَّ عنا، وليس هذا فحسب، لكنه يعقد معنا شركة جادة حول كل موضوع. يشرح كل الحقائق بتفصيل كبير. يروي القصص، ويقدِّم أمثلة ويستخدم الاستعارات لمساعدتنا على الفهم. بعض الحقائق معقَّدة وتلمس أمورًا كثيرة، لذلك يقسّمها الله ويعطينا الخطوط العريضة. إنه يرشدنا بصبر ومنهجية لفهم الحق شيئًا فشيئًا من خلال الشركة. يمكننا رؤية أن الله يتحمَّل مسؤولية كبيرة عن حياتنا. ولكن كيف تعاملتُ مع واجبي؟ اعتقدت أن بذل المزيد من التفكير والجهد لا يستحق كل هذا العناء. لم أكن جادة أو مسؤولة عند مراجعة المستندات. كنت أسلك الطريق الأسهل، دون النظر إلى العاقبة أو النتائج. كنت أتعامل مع رسالة الله باستخفاف ولا مبالاة. أين كان ضميري؟ لقد أستحققت عقاب الله. لكن الله لم يتخلَّ أبدًا عن خلاصي. استخدم كلماته لينيرني ويقودني، ويساعدني على معرفة نفسي وفهم مشيئته. إذا واصلت التنصل وممارسة واجبي بسطحية، فلن أستحق أن أعيش أو أن يطلق عليَّ إنسان. لذلك صليت لله: "يا الله القدير! إن طبيعتي الوضيعة خطيرة للغاية. لا أرغب في مواصلة العيش بهذه الطريقة المخزية والمخجلة. من فضلك امنحني القوة لتطبيق الحق حتى يمكنني أن أحيا بحسب الشَبَه الإنساني الحقيقي، وأفي بواجب الكائن المخلوق".
بعد ذلك، قرأت كلمات الله: "كإنسان، يجب أن يكون المرء مخلصًا ليقبل بإرسالية الله. يجب أن يكون المرء مخلصًا كليًا لله، ولا يمكنه أن يكون غير مبالٍ أو يفشل في تحمل المسؤولية أو يتصرّف بالاستناد إلى مصالحه ومزاجه، هذا لا يُدعى إخلاصًا. إلامَ يشير الإخلاص؟ يعني أنّه خلال تأدية واجباتك، لا يؤثّر فيك مزاجك أو البيئات أو الناس أو المسائل أو الأشياء ولا تقيّدك. "لقد تلقّيت هذه الإرسالية من الله، وهو أعطاني إياها. هذا ما يُفترض بي فعله. بالتالي، سأفعله وأعتبره شأني الخاص بأي طريقة تؤدّي إلى نتائج جيدة، مع التركيز على إرضاء الله". عندما تتمتّع بهذه الحالة، لا يتحكّم بك ضميرك وحده، بل ثمة دور للإخلاص أيضًا. إن كنت ترضى فقط عن إنهاء العمل من دون أن تطمح إلى الفعالية وتحقيق النتائج، وتشعر بأنّه من الكافي ببساطة أن تبذل بعض الجهد، فهذا مجرد معيار الضمير، ولا يمكن اعتباره إخلاصًا. عندما تكون مخلصًا لله، يعلو هذا المعيار أكثر بقليل عن معيار الضمير. إذًا، لا تعود هذه مجرد مسألة بذل بعض الجهد، فيجب أن تصبّ كامل قلبك فيها أيضًا. يجب أن تنظر دائمًا إلى واجبك على أنّه عملك الخاص الذي يجب أن تقوم به، وتتحمّل الأعباء لأجل هذه المهمة، وتتلقّى اللوم إن اقترفت أدنى الأخطاء أو كنت مهملًا ولو قليلًا، وتشعر بأنّك لا تقوى على أن تكون هذا النوع من الأشخاص لأنّ هذا يجعلك غير جدير بالله بتاتًا. مَن يتمتّعون حقًا بالعقل، يتمّون واجباتهم كأنّها أعمالهم الخاصة التي يجب أن يقوموا بها بغضّ النظر عما إن كان أحد يشرف عليهم. ما إن كان الله مسرورًا بهم أم لا وكيفما عاملهم، يضعون دائمًا لأنفسهم متطلبات صارمةً كي يتمّوا واجباتهم وينهوا الإرسالية التي عهد بها الله إليهم. هذا يدعى إخلاصًا" (من "فقط عبر كونه شخصًا مستقيمًا، يمكن للإنسان أن يكون سعيدًا حقًّا" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). أظهرت لي كلمات الله سبيلًا للتطبيق. لا يمكننا أن نؤدي واجبنا وفق مزاجنا وأهوائنا ونفعل ما شئنا. لا يمكننا أن نعمل بشكل سطحي، عندما يتطلب الأمر عملًا شاقًا، ولكن يجب أن نتعامل مع واجبنا على أنه تكليف من الله، على أنه مسؤوليتنا. يجب أن نبذل الجهد والتفكير لتحقيق أفضل النتائج. مهما كان الأمر صعبًا، سواء كنا تحت إشراف أم لا، يجب علينا دائمًا القيام بواجبنا من كل قلبنا وذهننا وقوتنا. عندما أدركت هذا، صليت لله، مستعدة للتوبة والممارسة بحسب كلام الله. بعد ذلك، خصصت وقتًا لإعداد مستند حول استخدام علامات الترقيم في الإيطالية ليرجع إليه الأعضاء الجدد. بعد ذلك لخَّصت المشاكل الشائعة التي واجهتها في الترجمات وأدرجت كل شيء يتطلب الاهتمام. لأتحقق من ذلك أثناء مراجعة المستند، حتى لا يفوت شيء. وعندما كان يسألني أخ أو أخت سؤالًا عن واجبه، لم أكن لألقي نظرة خاطفة فقط وأستخدم مخيّلتي للإجابة، بل أفكّر بعناية في سؤالهم، وأطبق المبادئ وأبحث عن المعرفة المهنية التي يمكنني استخدامها للرد عليه. عندما كنت لا أفهم شيئًا، فمن خلال جهد حقيقي مقترنًا باستنارة الله وإرشاده، كنت أفهمه تدريجيًا. وتأملتُ كذلك كثيرًا في دوافعي الخاطئة في واجبي. كلما واجهت صعوبات وأردت أن أتعامل باستخفاف، كنت أصلي لله لأهمل الجسد حتى أتمكّن من حل هذه المشاكل مع مقدار الجهد الحقيقي المطلوب. تصحح موقفي تدريجيًا في واجبي بشكل كبير، وكنت أتعامل مع الأشياء بسطحية أقل. أصبحت قادرة على أداء واجبي بطريقة ثابتة. كان هذا التغيير في داخلي بالكامل نتيجة دينونة الله وتوبيخه. الشكر لله!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.