4. كلمات عن كشف أسرار تجسُّد الله

187. كان الغرض من التجسُّد الأول هو فداء الإنسان من الخطية، فدائه من خلال جسد يسوع، أي إنَّه خلّص الإنسان من الصليب، ولكن الشخصية الشيطانيَّة الفاسدة لا تزال بداخل الإنسان. لم يعد التجسّد الثاني بمثابة ذبيحة خطية بل الهدف منه هو خلاص أولئك الذين نالوا الفداء من الخطية خلاصًا كاملًا. هذا يتم حتى يمكن لمَن نالوا الغفران أن يخلصوا من خطاياهم ويصيروا أطهارًا بصورة كاملة، ومن خلال إحراز تغيير في شخصيتهم، يتحرَّرون من تأثير ظلمة الشيطان ويعودون أمام عرش الله. بهذه الطريقة فقط يمكن للإنسان أن يتقدس بالتمام. بعدما انتهى عصر الناموس، بدأ الله عمل الخلاص في عصر النعمة، الذي يستمر حتى الأيام الأخيرة، عندما يقوم الله، من خلال إدانة الجنس البشري وتوبيخه على تمرّده، بتطهير البشريّة تطهيرًا كاملًا. وحينئذٍ فقط سيختتم الله عمل الخلاص ويدخل إلى الراحة. لذلك، في مراحل العمل الثلاث، صار الله جسدًا مرتين فقط لينفذ عمله بين البشر بنفسه. هذا لأن هناك مرحلة واحدة من مراحل العمل الثلاث تقود البشر في حياتهم، بينما المرحلتان الأخرتان هما عمل الخلاص. لا يمكن لله أن يعيش جنبًا إلى جنب مع الإنسان، ويختبر آلام العالم، ويعيش في جسد عادي، إلا بأن يصير جسدًا. فقط من خلال هذه الطريقة يمكنه أن يمدَّ البشر خليقته بالطريق العملي الذي يحتاجون إليه. ينال الإنسان الخلاص الكامل من الله من خلال تجسُّد الله، وليس مباشرةً من خلال صلواته إلى السماء. لأن الإنسان مخلوق من جسد؛ فهو غير قادر على رؤية روح الله ولا حتى على الاقتراب منه. كل ما يمكن أن يتواصل الإنسان معه هو جسم الله المُتجسّد؛ وفقط من خلاله يمكن للإنسان أن يفهم كل الطرق وكل الحقائق، وينال خلاصًا كاملًا. التجسُّد الثاني يكفي للتخلُّص من خطايا الإنسان وتطهيره بالتمام. لذلك، سيُنهي التجسُّد الثاني كل عمل الله في الجسد ويكمل مغزى تجسُّد الله. بعد ذلك، سينتهي عمل الله في الجسد كليًّا. بعد التجسُّد الثاني لن يصير جسدًا مرةً أخرى من أجل عمله، لأن تدبيره الكلي سيكون قد انتهى. سيكون تجسده في الأيام الأخيرة قد ربح شعبه المختار بالتمام، وكل البشر في الأيام الأخيرة سينقسمون بحسب نوعهم. لن يعود يقوم بعمل الخلاص، ولن يعود في الجسد لتنفيذ أي عمل.

من "سر التجسُّد (4)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

188. بعد عمل يهوه، صار يسوع جسدًا ليتمم عمله بين البشر. لم يُنفَّذ عمله بمعزل، بل كان مبنيًا على عمل يهوه. لقد كان عملاً يهدف إلى تأسيس عصر جديد بعدما أنهى الله عصر الناموس. وبالمثل، بعد انتهاء عمل يسوع، لا يزال الله مستمرًا في عمله من أجل عصر قادم، لأن التدبير الكليّ لله يتقدم دائمًا إلى الأمام. حينما يمر عصر قديم، يحل محله عصر جديد، وبمجرد اتمام العمل القديم، يستمر العمل الجديد في تحقيق تدبير الله. هذا التَجسُّد هو تَجسُّد الله الثاني بعد إكمال عمل يسوع. بالطبع هذا التَجسُّد لا يحدث حدوثًا مستقلاً، بل هو المرحلة الثالثة من العمل بعد عصر الناموس وعصر النعمة. كل مرحلة جديدة من العمل الإلهي دائمًا تجلب بدايةً جديدة وعصرًا جديدًا معها. ولذلك توجد العديد من التغيرات المُصاحبة في شخصية الله، وفي طريقة عمله، وفي مكان عمله، وفي اسمه. إذًا لا عجب أنه من الصعب على الإنسان قبول عمل الله في العصر الجديد. ولكن بغض النظر عن معارضة الإنسان لله، دائمًا ما يقوم الله بعمله، ودائمًا ما يقود الجنس البشري كله إلى الأمام. حين أتى يسوع إلى عالم البشر، جاء بعصر النعمة واختتم عصر الناموس. أثناء الأيام الأخيرة، صار الله جسدًا مرةً أخرى، وحين أصبح جسدًا هذه المرة، أنهى عصر النعمة وجاء بعصر الملكوت. جميع مَنْ يقبلون التَجسُّد الثاني لله سينقادون إلى عصر الملكوت، وسيكونون قادرين على قبول إرشاد الله قبولاً شخصيًا. مع أن يسوع قام بالكثير من العمل بين البشر، فإنه لم يكمل سوى فداء الجنس البشري بأسره وصار ذبيحة خطية عن الإنسان، ولم يخلص الإنسان من شخصيته الفاسدة كلها. إن خلاص الإنسان من تأثير إبليس خلاصًا تامًا لم يتطلّب من يسوع أن يحمل خطايا الإنسان كذبيحة خطية فحسب، بل تطلّب الأمر أيضًا عملاً ضخمًا من الله لكي يخلص الإنسان تمامًا من شخصيته التي أفسدها إبليس. ولذلك بعدما نال الإنسان غفران الخطايا عاد الله ليتجسَّد لكي ما يقود الإنسان إلى العصر الجديد، ويبدأ عمل التوبيخ والدينونة، وقد أتى هذا العمل بالإنسان إلى حالة أسمى. كل مَنْ يخضع لسيادة الله، سيتمتع بحق أعلى وينال بركات أعظم، ويحيا بحق في النور، ويحصل على الطريق والحق والحياة.

من تمهيد "الكلمة يظهر في الجسد"

189. معنى التجسُّد هو أنَّ الله يظهر في الجسد، ويأتي ليعمل بين خليقته من البشر في صورة جسد. لذلك، لكي يتجسَّد الله، يجب أولًا أن يكون جسدًا، جسد له طبيعة بشرية عادية؛ وهذا هو الشرط الأساسي. في الواقع، يشمل تجسُّد الله أن يعيش الله ويعمل في الجسد، وأن يصير الله في جوهره جسدًا، يصير إنسانًا.

من "جوهر الجسد الذي سكنه الله" في "الكلمة يظهر في الجسد"

190. يعني التجسُّد أن روح الله يصير جسدًا، أي أن الله يصير جسدًا؛ والعمل الذي يقوم به في الجسد هو عمل الروح، الذي يتحقق في الجسد، ويُعبَّر عنه بالجسد. لا أحد غير جسد الله يمكنه أداء خدمة الله المُتجسِّد؛ أي أن جسد الله المُتجسِّد وحده، أي هذه الطبيعة البشرية العادية – وليس سواها – يمكنه التعبير عن العمل الإلهي. لو لم يكن لله الطبيعة البشرية العادية قبل عمر التاسعة والعشرين أثناء مجيئه الأول، وكان بمجرد أن وُلد بإمكانه صنع معجزات، وبمجرَّد أن تعلَّم كيف يتكلم استطاع أن يتكلَّم لغة السماء، وبمجرَّد أن وطأت قدمه الأرض استطاع أن يدرك كافة الأمور العالمية ويميز أفكار كل شخص ونواياه، لما دُعي مثل هذا الإنسان إنسانًا عاديًا، ولما دُعي مثل هذا الجسد جسدًا بشريًّا. لو كان هذا هو الحال مع المسيح، لضاع معنى تجسُّد الله وجوهره. إنَّ ما له من طبيعة بشرية يبرهن على أنَّه الله المُتجسِّد في الجسد؛ وتوضِّح أيضًا حقيقة أنَّه خضع لعملية نمو بشرية عادية أنَّه كان جسدًا عاديًا؛ وإضافةً إلى ذلك، عمله هو دليل كاف على أنَّه كلمه الله وروح الله الذي صار جسدًا.

من "جوهر الجسد الذي سكنه الله" في "الكلمة يظهر في الجسد"

191. يُسمَّى الله المُتجسِّد بالمسيح، والمسيح هو الجسد الذي ارتداه روح الله. هذا الجسد لا يُشبه أي إنسان من جسدٍ. هذا الاختلاف هو بسبب أن المسيح ليس من لحمٍ ودمٍ، بل هو تَجسُّد الروح. له طبيعة بشرية عادية ولاهوت كامل. لاهوته لا يمتلكه أي إنسان. تحتفظ طبيعته البشرية بكل أنشطته الطبيعية في الجسد، في الوقت الذي يضطلع فيه لاهوته بعمل الله نفسه. وسواء أكانت طبيعته البشرية أم لاهوته، فكلاهما يخضعان لإرادة الآب السماوي. إن جوهر المسيح هو الروح، أي اللاهوت. لذلك، فإن جوهره من جوهر الله نفسه، ولن يعطِّل هذا الجوهر عمله، ولا يمكنه أن يفعل ما يدمّر عمله، كما أنه لن ينطق بأي كلمات تتعارض مع مشيئته الخاصة. لهذا، لن يفعل الله المُتجسِّد أبدًا أي عمل يعطّل تدبيره. هذا ما يجب أن يفهمه كل إنسان. إن جوهر عمل الروح القدس هو خلاص الإنسان، وهذا لأجل تنفيذ تدبير الله. وبالمثل، فإن عمل المسيح هو خلاص الإنسان، وهذا لأجل إنفاذ مشيئة الله. عندما يصير الله جسدًا، فإنه يُحقِّق‏ جوهره في جسده، حتى يكون جسده كافيًا للاضطلاع بعمله. لذلك، فإن عمل المسيح أثناء زمن التجسُّد يحل محل كل عمل لروح الله، ويوجد عمل المسيح في قلب كل عمل طوال زمن التجسُّد، ولا يمكن خلطه بعمل من أي عصرٍ آخر. وبما أن الله يصير جسدًا، فإنه يعمل في هيئته الجسدية؛ ولأنه يحلّ في الجسد، فإنه يكمل في الجسد العمل الذي يتعيّن عليه القيام به. وسواء أكان روح الله أم المسيح، فكلاهما الله نفسه، وهو يقوم بالعمل الذي يجب أن يقوم به ويؤدي الخدمة التي يجب أن يؤديها.

من "جوهر المسيح هو الطاعة لمشيئة الآب السماوي" في "الكلمة يظهر في الجسد"

192. ذاك الذي هو الله المُتجسّد يحمل جوهر الله، وذاك الذي هو الله المُتجسّد يحمل تعبير الله. بما أنَّ الله يصير جسدًا، فسوف يُنجِز العمل الذي يجب أن يُتمِّمَهُ. وحيث إن الله يصير جسدًا، فسوف يعبِّر عن ماهيته، وسيكون قادرًا على جلب الحق للبشر، ومنحهم الحياة، وإظهار الطريق لهم. الجسد الذي لا يحتوي على جوهر الله هو بالتأكيد ليس الله المُتجسّد؛ هذا أمرٌ لا شك فيه. للتحقق ممّا إذا كان هذا جسد الله المُتجسّد، يجب على الإنسان أن يحدّد هذا من الشخصية التي يعبِّر عنها والكلمات التي يتحدَّث بها. أي أنه سواء كان جسد الله المُتجسّد أم لا، وسواء كان الطريق الحق أم لا، فيجب الحُكم على هذين الأمرين من جوهره. ومن ثمّ، من أجل تحديد إذا ما كان هذا هو جسد الله المُتجسّد، علينا أن ننتبه إلى جوهره (عمله وكلامه وشخصيته والعديد من الأمور الأخرى) بدلاً من مظهره الخارجي. إن رأى الإنسان فقط مظهر الله الخارجي، وتغاضى عن جوهره، فهذا يُظهر جهل الإنسان وسذاجته.

من تمهيد "الكلمة يظهر في الجسد"

193. يشمل تجسُّد الله أن يعيش الله ويعمل في الجسد، وأن يصير الله في جوهره جسدًا، يصير إنسانًا. يمكن تقسيم حياته وعمله في التجسُّد إلى مرحلتين. المرحلة الأولى هي الحياة التي عاشها قبل أداء خدمته، حيث عاش في أسرة بشرية عادية، في طبيعة بشرية كاملة، يطيع الأخلاقيات والقوانين العادية للحياة الإنسانية، مع وجود احتياجات إنسانية عادية (المأكل، الملبس، المأوى، النوم)، وجوانب ضعف بشرية عادية، ومشاعر بشرية عادية. بمعنى آخر، أثناء هذه المرحلة الأولى لم يعش كإله، بل عاش حياة بشرية عادية تمامًا، منخرطًا في كافة الأنشطة الإنسانية الطبيعية. المرحلة الثانية هي الحياة التي عاشها بعد أن بدأ أداء خدمته. لا يزال يسكن في طبيعة بشرية عادية بمظهر إنساني عادي، ولم يُظهر أية علامة خارجية على أية قوة خارقة للطبيعة. ومع ذلك فهو يحيا حياةً خالصة من أجل خدمته، وآنذاك توجد طبيعته البشرية العادية بصورة كاملة من أجل خدمة العمل العادي للاهوته؛ لأنه منذ ذلك الوقت نضجت طبيعته البشرية إلى مستوى أصبح فيه قادرًا على أداء خدمته. لذلك فإن المرحلة الثانية من حياته كانت لأداء خدمته في طبيعته البشرية؛ وهي حياة تتّسم بكلًا من الطبيعة البشرية العادية ولاهوت كامل. السبب وراء كونه قد عاش في طبيعة بشرية عادية كاملة أثناء المرحلة الأولى من حياته هو أن طبيعته البشرية لم تكن بعد مساوية لعمله الإلهي الكليّ، لم تكن ناضجة بعد؛ لكن بعدما نضجت طبيعته البشرية، صار قادرًا على تحمّل مسؤولية خدمته، واستطاع أداءها. وحيث أنَّه يحتاج كجسد إلى أن ينمو وينضج، فأوّل مرحلة من حياته كانت في طبيعة بشرية عادية، بينما في المرحلة الثانية، حيث كانت طبيعته البشرية قادرة على الاضطلاع بعمله وأداء خدمته، فإن حياة الله المُتجسِّد التي عاشها أثناء خدمته هي حياة تجمع بين طبيعته البشرية ولاهوته الكامل. إن كان الله المُتجسِّد قد بدأ خدمته بحماسةٍ منذ لحظة ميلاده، وقام بآيات وعجائب فائقة للطبيعة، لما كان له جوهر جسدي. لذلك، فإن طبيعته البشرية موجودة من أجل جوهره الجسدي؛ فلا يمكن أن يوجد جسد بلا طبيعة بشرية، وشخص بلا طبيعة بشرية ليس إنسانًا. بهذه الطريقة، فإن الطبيعة البشرية لجسد الله هي ملكية جوهرية لجسد الله المُتجسّد. إن قلنا "حين يصير الله جسدًا، فإنَّه إله بصورة كاملة، وليس هو إنسان البتَّة" فهذا تجديف، لأن هذه العبارة ببساطة ليس لها وجود، وتخالف مبدأ التجسّد. حتى بعدما يبدأ أداء خدمته، يظل ساكنًا في لاهوته بمظهر بشري خارجي حين يقوم بعمله؛ كل ما في الأمر هو أن طبيعته البشرية تخدم حينها غرضًا واحدًا وهو السماح للاهوته أن يؤدي العمل في جسد عادي. لذلك فإن القائم بالعمل هو لاهوته الساكن في طبيعته البشرية. إن لاهوته هو العامل، وليس طبيعته البشرية، ومع ذلك فإنه لاهوت محتجب داخل طبيعته البشرية. إنَّ لاهوته الكامل، وليست طبيعته البشرية، هو بصفة أساسية الذي يقوم بعمله، ولكن مُنفِّذ العمل هو جسده. يمكن أن يقول المرء إنه إنسان وهو أيضًا الله، لأن الله يصير إلهًا يحيا في الجسد، له مظهر بشري وجوهر بشري، ولكن أيضًا جوهر الله. ولأنه إنسان بجوهر الله، فهو أسمى من كل البشر المخلوقين وفوق أي إنسان يمكنه أن يؤدي عمل الله. وعليه، من بين كل أولئك الذين لديهم مظهر بشري مثل مظهره، ومن بين كل من لديهم طبيعة بشرية، هو وحده الله المُتجسِّد بذاته – وجميع المخلوقات الأخرى هم بشر مخلوقون. ومع أن جميع البشر المخلوقين لديهم طبيعة بشرية، إلا أنهم لا يمتلكون سوى بشريتهم، بينما الله المُتجسِّد مختلف، فإنَّه لا يحمل في جسده طبيعة بشرية فحسب، بل بالأحرى يمتلك لاهوتًا. يمكن أن تُرى طبيعته البشرية في المظهر الخارجي لجسده وفي حياته اليومية، أمَّا لاهوته فيصعب تصوّره. ولأن لاهوته لا يُعبَّر عنه إلا حين يتَّخذ طبيعة بشرية، وهي ليست خارقة للطبيعة كما يتخيّلها الناس، فمن الصعب للغاية على الناس أن يروه. حتى اليوم يصعب على الناس إدراك الجوهر الحقيقي لله المُتجسِّد. حتى بعدما تحدَّثت حديثًا مطولاً كهذا عنه، أتوقع أن يظل غامضًا بالنسبة إلى معظمكم. وهذه المسألة، في الواقع، في غاية البساطة: منذ أن يصير الله جسدًا، يصير جوهره اتحادًا بين الطبيعة البشرية واللاهوت. وهذا الاتحاد يُدعى الله نفسه، الله بذاته على الأرض.

من "جوهر الجسد الذي سكنه الله" في "الكلمة يظهر في الجسد"

194. توجد الطبيعة البشرية لله المتجسد للحفاظ على العمل الإلهي العادي في الجسد؛ يحفظ تفكيره البشري العادي طبيعته البشرية وكافة أنشطته الجسدية العادية. يمكن للمرء أن يقول إن تفكيره البشري العادي موجود للإبقاء على كل عمل الله في الجسد. لو لم يكن لدى هذا الجسد عقل بشري عادي، لما استطاع الله العمل في الجسد، ولما كان ما يحتاج إلى أن يقوم به في الجسد قد تحقق أبدًا. ومع أن الله المُتجسِّد يملك عقلًا بشريًا عاديًّا، إلَّا أنَّ عمله لم يتنجس بالفكر البشري؛ أي أنَّه يتولَّى العمل في الطبيعة البشرية بعقل عادي وفقًا للشرط الأساسي بأن يملك طبيعة بشرية عاقلة، وليس من خلال ممارسة التفكير البشري العادي. وبغض النظر عن مدى سمو أفكار جسده، فعمله لا يحمل طابع المنطق أو التفكير. بمعنى آخر، لا يدرك عقل جسده عمله، بل هو تعبير مباشر عن العمل اللاهوتي في طبيعته البشرية. كل عمله هو الخدمة التي يحتاج إلى أن يتمِّمها، ولا يوجد فيها ما يمكن لعقله أن يدركه. على سبيل المثال، شفاء المرضى، وطرد الأرواح الشريرة، والصَلب هي أمور لم تكن من نتاج عقله البشري، ولما استطاع أي إنسان له عقل بشري أن يحققها. بالمثل، عمل الإخضاع اليوم هو خدمة يجب أن يؤديها الله المُتجسِّد، ولكنها ليست عمل مشيئة إنسانية، بل هو العمل الذي يجب على لاهوته القيام به، فهو عمل لا يقدر إنسان جسداني على القيام به. لذلك يجب على الله المُتجسِّد أن يملك عقلًا بشريًا عاديًّا، وطبيعة بشرية عادية، لأنه يجب أن يؤدي عمله في الطبيعة البشرية بعقل عادي. هذا هو جوهر عمل الله المُتجسِّد، الجوهر الحقيقي لله المتجسِّد.

قبل أن يؤدي يسوع العمل، عاش فقط في طبيعته البشرية العادية. لم يستطع أحد أن يقول إنَّه الله، ولم يكتشف أحد أنَّه الله المُتجسِّد؛ عرفه الناس فقط كإنسان عادي للغاية. كانت طبيعته البشرية العادية والطبيعية للغاية دليلًا على أنَّ الله تجسَّد في جسدٍ وأنَّ عصر النعمة كان عصر عمل الله المُتجسِّد، وليس عصر عمل الروح. كان دليلًا على أنَّ روح الله قد حلَّ بالكامل في الجسد، وأنَّه في عصر تجسُّد الله، قام جسده بأداء كل عمل الروح. المسيح بطبيعته البشرية العادية هو جسد يحلَّ فيه الروح، ويملك طبيعة بشرية عادية، إحساسًا عاديًّا، وفكرًا بشريًّا. "الحلول" يعني صيرورة الله إنسانًا، وصيرورة الروح جسدًا؛ لأوضح الأمر، حين يسكن الله نفسه في جسد بطبيعة بشرية عادية، ويُعبِّر من خلاله عن عمله الإلهي – فهذا معناه أن يَحلَّ أو يتجسَّد.

من "جوهر الجسد الذي سكنه الله" في "الكلمة يظهر في الجسد"

195. إن الطبيعة البشرية التي للمسيح خاضعة للاهوته. ومع أنه يحلّ في الجسد، إلا أن طبيعته البشرية لا تشبه تمامًا الطبيعة البشرية التي للإنسان الذي من الجسد. فلديه شخصيته الفريدة، وهي أيضًا خاضعة للاهوته، ولا يوجد أي ضعفٍ في لاهوته؛ أمَّا ضعف المسيح فيرجع إلى ضعف طبيعته البشرية، ويقيِّد هذا الضعف لاهوته إلى حدٍ مُعيَّن، ولكن هذه الحدود تقع في نطاق مُعيَّن ووقت مُعيَّن، وليست مُطلقة. عندما يحين الوقت لتنفيذ عمل لاهوته، فإن ذلك يتم دون عائق من طبيعته البشرية. إن الطبيعة البشرية للمسيح تخضع بالكامل لتوجيه لاهوته. وبعيدًا عن الحياة العادية لطبيعته البشرية، تتأثر جميع الأفعال الأخرى الصادرة عن طبيعته البشرية بلاهوته، وتُوجَّه به مع أن للمسيح طبيعة بشرية، إلا أنها لا تعطِّل عمل لاهوته. هذا بالتحديد لأن الطبيعة البشرية للمسيح يوجهها لاهوته؛ ومع أن طبيعته البشرية ليست ناضجة في سلوكه أمام الآخرين، إلا أنها لا تؤثر في العمل الطبيعي للاهوته. عندما أقول إن طبيعته البشرية لم تَفْسد، أعني أن الطبيعة البشرية للمسيح يمكن أن تُوَجَّه مباشرةً من قِبَل لاهوته، وأنه يمتلك عقلاً أرقى من عقل الإنسان العادي. إن طبيعته البشرية هي الأكثر ملاءمة للخضوع لتوجيه اللاهوت في عمله. إن طبيعته البشرية هي الأقدر على التعبير عن عمل اللاهوت، وكذلك الأقدر على الخضوع لهذا العمل. وبينما يعمل الله في الجسد، فإنه لا يغفل أبدًا الواجب الذي يتعيَّن على الإنسان في الجسد أن يقوم به؛ إنه قادر على عبادة الله في السماء بقلبٍ صادق. لديه جوهر الله، وهويته من هوية الله نفسه. كل ما في الأمر أنه قد أتى إلى الأرض وأصبح كائنًا مخلوقًا، له الهيئة الخارجية لكائن مخلوق، ولديه الآن طبيعة بشرية لم تكن لديه من قبل؛ وبهذا فهو قادر على عبادة الله في السماء. هذه هي ماهية الله نفسه التي لا يضاهيها إنسان، وهويته هي الله نفسه. إنه يعبد الله من منظور الجسد. لذلك فإن قولنا: "المسيح يعبد الله في السماء" لا يأتى عن طريق الخطأ. ما يطلبه من الإنسان هو بالتحديد ماهيته. لقد حقق بالفعل كل ما يطلبه من الإنسان قبل أن يطالبه به؛ فلن يطلب من الآخرين ما يتجنّبه هو نفسه، لأن كل هذا يشكِّل ماهيته. وبغض النظر عن الطريقة التي ينفِّذ بها عمله، فإنه لن يتصرَّف بطريقة تخالف الله. وبغض النظر عمَّا يطلبه من الإنسان، لا يوجد طلب يتجاوز ما يمكن أن يُنجزه الإنسان. كل ما يفعله هو إتمام مشيئة الله وهو لأجل تدبيره. إن لاهوت المسيح يعلو جميع البشر، لذا فهو أعلى سلطانًا من جميع الكائنات المخلوقة. هذا السلطان هو لاهوته، أي شخصية الله نفسه وماهيته، والذي يحدد هويته. لذلك، مهما بَدَت طبيعته البشرية عاديَّة، فلا يمكن إنكار أن له هوية الله نفسه. وبغض النظر عن وجهة النظر التي يتكلم منها والكيفية التي يطيع بها مشيئة الله، فلا يمكن القول إنه ليس الله نفسه.

من "جوهر المسيح هو الطاعة لمشيئة الآب السماوي" في "الكلمة يظهر في الجسد"

196. عبّر ابن الإنسان المُتجسّد عن ألوهيّة الله من خلال بشريّته ونقل مشيئة الله إلى البشريّة. ومن خلال التعبير عن مشيئة الله وشخصيّته، كشف أيضًا للناس الله الذي لا يمكن رؤيته أو لمسه في العالم الروحيّ. كان ما رآه الناس هو الله نفسه، ملموسًا بلحمٍ وعظامٍ. ولذلك فإن ابن الإنسان المُتجسّد جعل أمورًا مثل هويّة الله ومكانته وصورته وشخصيّته وما لديه ومَنْ هو ملموسةً وبشريّة. وحتّى مع أن المظهر الخارجيّ لابن الإنسان كانت له بعض القيود فيما يتعلّق بصورة الله، إلّا إن جوهره وما لديه ومَنْ هو تمكنّا تمامًا من تمثيل هويّة الله ومكانته، إذ لم تكن توجد سوى بعض الاختلافات في شكل التعبير. بغضّ النظر عن ناسوت ابن الإنسان أو لاهوته، لا يمكننا إنكار أنه كان يُمثّل هويّة الله ومكانته. ومع ذلك، عمل الله خلال هذا الوقت من خلال الجسد وتحدّث من منظور الجسد ووقف أمام البشريّة بهويّة ومكانة ابن الإنسان، وهذا أتاح للناس الفرصة لمقابلة واختبار الكلمات الحقيقيّة لله وعمله بين البشر. كما أتاح للناس نظرةً ثاقبة في لاهوته وعظمته في وسط التواضع، بالإضافة إلى اكتساب فهمٍ أوّليّ وتعريف مبدئيّ لأصالة الله وحقيقته. مع أن العمل الذي أتمّه الرّبّ يسوع، وطرق عمله، والمنظور الذي تحدّث منه اختلف عن شخص الله الحقيقيّ في العالم الروحيّ، إلّا إن كلّ شيءٍ عنه مثّل الله نفسه تمثيلاً حقيقيًّا لم يره البشر من قبل – وهذا لا يمكن إنكاره! وهذا يعني أنه بغضّ النظر عن الشكل الذي يظهر به الله وبغضّ النظر عن المنظور الذي يتحدّث منه أو في أيّة صورةٍ يقابل البشريّة، فإن الله لا يُمثّل شيئًا سوى نفسه. لا يستطيع أن يُمثّل أيّ إنسانٍ – لا يمكنه أن يُمثّل أيّ إنسانٍ فاسد. فالله هو الله نفسه، وهذا لا يمكن إنكاره.

من "عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (ج)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

197. يعمل الإله العملي – الذي يتم التحدث عنه اليوم – في كل من الإنسانية والأُلوهية. ومن خلال ظهور الإله العملي تتم أعماله الإنسانية العادية وحياته وعمله الإلهي الكامل؛ إذ تجتمع إنسانيته وإلوهيته في واحد، ويتحقق عمل كل منهما[أ] من خلال الكلمات؛ وهو ينطق بكلمات سواء كان في الإنسانية أو الأُلوهية. عندما يعمل الله في الإنسانية، فهو يتكلم لغة الإنسانية، حتى يتمكن الناس من المشاركة والفهم، ويتم نطق كلماته بوضوح، وهي سهلة الفهم، بحيث يمكن تقديمها لجميع الناس. وبغض النظر عمَّا إذا كان هؤلاء الأشخاص ذوي معرفة، أو لم يتلقوا سوى تعليمٍ بسيطٍ، فباستطاعتهم جميعًا تلقي كلمات الله. يتم عمل الله في الأُلوهية أيضًا من خلال الكلمات، ولكنها مليئة بالإحسان، ومليئة بالحياة، وغير ملوثة بالأفكار البشرية، ولا تتضمن ميولاً إنسانية، ولا تحدها حدود بشرية، وخارجة عن حدود أي إنسانية عادية. إنها أيضاً تُنَفَّذ في الجسد، لكنها التعبير المباشر للروح. إن كان الناس لا يقبلون إلا عمل الله في الإنسانية، فعندئذ سوف يحصرون أنفسهم في نطاق معين، وبالتالي سيحتاجون تعاملاً متواصلاً، وتهذيبًا وتأديبًا حتى يحدث تغيير طفيف فيهم. ومع هذا، فبدون عمل الروح القدس أو حضوره، سوف يلجأون دائمًا إلى طرقهم القديمة. إنه من خلال عمل الأُلوهية فحسب يمكن تصحيح هذه الأمراض وأوجه القصور، وعندها فقط يمكن جعل الناس كاملين. والمطلوب – بدلاً من الاستمرار في التعامل والتهذيب – هو الإحسان الإيجابي باستخدام الكلمات للتعويض عن جميع أوجه القصور، واستخدام الكلمات للإعلان عن كل حالة من حالات الناس، واستخدام الكلمات في توجيه حياتهم، وكل تعبير من تعبيراتهم وكل عمل من أعمالهم، ولإظهار نواياهم ودوافعهم. هذا هو العمل الحقيقي للإله العملي. وهكذا، في موقفك تجاه الإله العملي عليك أن تخضع أمام إنسانيته، وتعترف وتقر به، وعلاوة على ذلك، عليك أيضًا أن تقبل العمل الإلهي والكلمات الإلهية وتطيعها. إن ظهور الله في الجسد يعني أن كل عمل روح الله وكلامه يتم من خلال إنسانيته الطبيعية، ومن خلال جسده المُتجسِّد. بعبارة أخرى، يوجه روح الله عمله البشري وينفذ عمله الإلهي في الجسد، ويمكنك أن ترى في الله المُتجسِّد عمل الله في الإنسانية والعمل الإلهي بالكامل. هذه هي الأهمية الفعلية لظهور الله العملي في الجسد. إذا استطعت أن ترى هذا بوضوح، فستكون قادرًا على ربط جميع أجزاء الله المختلفة، وستتوقف عن تعليق أهمية كبيرة للغاية على عمله في الأُلوهية وعن تجاهل عمله تماماً في الإنسانية، ولن تذهب إلى أحد النقيضين، أو تأخذ أي انعطافات. وعمومًا، فإن معنى الإله العملي هو أن عمل إنسانيته وعمل ألوهيته، كما يوجهه الروح، يتم التعبير عنه من خلال جسده حتى يمكن للناس أن يروا أنه مفعم بالحيوية ونابض بالحياة وحقيقي وواقعي.

من "يجب أن تعرف أن الإله العملي هو الله نفسه" في "الكلمة يظهر في الجسد"

198. روح الله هو السلطان السائد على كل الخليقة. إن الجسد مع جوهر الله يمتلك أيضًا سلطانًا، لكن الله الذي يحلّ في الجسد قادر على القيام بكل العمل الذي يُطيع مشيئة الآب السماوي. لا يمكن لأي إنسان أن يدرك هذا أو يتصوّره. الله نفسه سلطان، لكن يمكن لجسده أن يخضع لسلطانه. هذا هو المعنى الباطن للكلمات التي تقول إن: "المسيح يُطيع مشيئة الله الآب". إن الله روح ويمكنه أن يقوم بعمل الخلاص، حيث يمكن أن يصير الله إنسانًا. على أي حال، الله نفسه يقوم بعمله، وهو لا يعارض ولا يتدخل، كما لا يقوم بأعمال متضاربة مع بعضها بعضًا، لأن جوهر العمل الذي يقوم به الروح والجسد متشابهان. سواء أكان الروح أم الجسد، فكلاهما يعملان على إنفاذ مشيئة واحدة وتدبير العمل نفسه، ومع أن الروح والجسد لهما صفات متباينة، إلا أن جوهرهما واحد؛ كلاهما يتمتَّعان بجوهر الله نفسه، وهوية الله نفسه. ليس لدى الله نفسه أوجه عصيان؛ لأن جوهره صالحٌ. إنه التعبير عن كل الجمال والصلاح، وكذلك كل المحبة. حتى في الجسد، لا يقوم الله بأي شيء يعصي الله الآب. حتى إلى حد التضحية بحياته، سيكون مستعدًا من كل قلبه ولن يُقِدم على أي خيار آخر. ليس لدى الله أوجه بر ذاتي وأنانية، أو غرور وغطرسة؛ وليس لديه اعوجاج. فكل عصيان لله يأتي من الشيطان؛ فالشيطان هو مصدر كل قُبحٍ وشرٍ. السبب في أن الإنسان يتَّسِم بصفاتٍ مشابهة لتلك التي يتَّسِم بها الشيطان هو أن الشيطان قد أفسد الإنسان وحوّله. لكن الشيطان لم يُفسد المسيح، ومن ثمَّ فهو لا يمتلك سوى سمات الله، ولا يمتلك أيًا من سمات الشيطان. وبغض النظر عن مدى صعوبة العمل أو ضعف الجسد، فلن يفعل الله أبدًا، وهو يحيا في الجسد، أي شيء يعطِّل عمل الله نفسه، ولاسيّما إهمال إرادة الله الآب بالعصيان. فهو يُفضّل بالأحرى أن يعاني آلام الجسد عن أن يعارض مشيئة الله الآب، تمامًا كما قال يسوع في الصلاة: "يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ ٱلْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لَا إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ". سيظل الإنسان مخيَّرًا في هذا، أما المسيح فلن يكون كذلك. مع أنه يمتلك هوية الله نفسه، فإنه لا يزال يطلب مشيئة الله الآب، ويتمّم ما أوكل به الله الآب له، من ناحية الجسد. هذا أمرٌ لا يمكن للإنسان أن يدركه. ذاك الذي يأتي من الشيطان لا يمكن أن يكون له جوهر الله، بل يكون لديه فقط ما يعصي الله ويقاومه. ولا يمكنه أن يطيع الله طاعةً كاملةً، كما لا يمكنه طاعة إرادة الله عن طيب خاطر. كل ما يمكن للإنسان عمله بعيدًا عن المسيح هو أن يقاوم الله، ولا يمكن لأحد أن يتحمَّل مباشرةً العمل الذي يوكله له الله. لا يقدر أحد على اعتبار تدبير الله واجبه الخاص الذي يتعيَّن عليه القيام به. إن الخضوع لمشيئة الله الآب هو جوهر المسيح؛ وعصيان الله هو سمة الشيطان. هاتان الصفتان غير متوافقتين، وأي شخص يمتلك صفات الشيطان لا يمكن أن يُسمّى بالمسيح. السبب في أن الإنسان لا يستطيع القيام بعمل الله بدلاً عنه هو أن الإنسان لا يملك أيًا من جوهر الله؛ فالإنسان يعمل لله من أجل مصالحه الشخصية وتطلعاته المستقبلية، لكن المسيح يعمل لإتمام مشيئة الله الآب.

من "جوهر المسيح هو الطاعة لمشيئة الآب السماوي" في "الكلمة يظهر في الجسد"

199. مع أن مظهر الله المُتجسّد يشبه تمامًا مظهر الإنسان، وأنه يتعلّم المعرفة البشريّة ويتحدّث اللغة البشريّة، وفي بعض الأحيان يُعبّر عن أفكاره من خلال طرق الإنسان أو تعابيره، إلّا أن الطريقة التي يرى بها البشر وجوهر الأشياء تختلف تمام الاختلاف عن الطريقة التي يرى بها الفاسدون البشر وجوهر الأشياء. فوجهة نظره والمكانة التي يستند عليها شيءٌ بعيد المنال عن شخصٍ فاسد. وهذا لأن الله هو الحقّ، والجسد الذي يلبسه يملك أيضًا جوهر الله، كما أن أفكاره وما تُعبّر عنه بشريّته هي أيضًا الحقّ. أمّا للفاسدين، فإن ما يُعبّر عنه في الجسد هو أحكام الحقّ والحياة. هذه الأحكام ليست لشخصٍ واحد فقط ولكنها للبشر جميعًا. لا يوجد في قلب أيّ شخصٍ فاسد سوى أولئك الأشخاص القليلون الذين يرتبطون به. لا يوجد سوى أولئك الأشخاص العديدون الذين يهتمّ بهم ويُفكّر فيهم. عندما تلوح كارثةٌ في الأفق، فإنه يُفكّر أوّلاً بأولاده أو شريك حياته أو والديه، ويكون أقصى ما يُفكّر به الشخص الأكثر إنسانيّة بعض الأقارب أو الأصدقاء الجيّدين؛ هل يُفكّر في المزيد؟ كلا على الإطلاق! لأن البشر هم بشرٌ على أيّة حالٍ، ولا يمكنهم النظر إلى كلّ شيءٍ سوى من منظور ومن مكانة البشر. ومع ذلك، فإن الله المُتجسّد يختلف تمام الاختلاف عن الشخص الفاسد. بغض النظر عن مدى كون جسد الله المُتجسّد عاديًّا ومألوفًا وبسيطًا، أو حتى مدى النظرة الدونية التي تبناها الناس تجاهه، إلّا إن أفكاره وموقفه تجاه البشر هي أشياءٌ لا يمكن لأحدٍ أن يملكها، ولا يمكن لأحدٍ أن يُقلّدها. سوف يلاحظ البشر دائمًا من منظور الألوهيّة، ومن علوّ مكانته باعتباره الخالق. سوف يرى البشر دائمًا من خلال جوهر الله وعقليته. لا يمكن أن يرى البشر على الإطلاق من مكانة شخصٍ عاديّ ومن منظور شخصٍ فاسد. عندما ينظر الناس إلى البشريّة، فإنهم ينظرون برؤيةٍ بشريّة ويستخدمون أشياءً مثل المعرفة البشريّة والقواعد والنظريّات البشرية كمقياسٍ. هذا في نطاق ما يمكن أن يراه الأشخاص بأعينهم؛ إنه في نطاق ما يمكن أن يُحقّقه الفاسدون. أمّا عندما ينظر الله إلى البشر، فإنه ينظر برؤيةٍ إلهيّة ويستخدم جوهره وما لديه ومَنْ هو كمقياسٍ. يشمل هذا النطاق أشياءً لا يستطيع الناس رؤيتها، وهذا مكمن الاختلاف التامّ بين الله المُتجسّد والبشر. وهذا الاختلاف يُقرّره الجوهران المختلفان للبشر والله، وهذان الجوهران المختلفان هما اللذان يُحدّدان هويّتهما ومكانتهما وكذلك المنظور والعلوّ اللذان يران منهما الأشياء.

من "عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (ج)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

200. ويمكن من خلال ما تعبّر عنه رؤيةُ ما إذا كانت لديك خبرات في المجتمع وكيف تعيش فعليًّا وتختبر في أسرتك، فيما تعبر عنه، بينما لا يمكنك أن ترى من خلال عمل الله المتجسد إن كانت لديه خبرات اجتماعية. إنه على دراية تامّة بجوهر الإنسان، ويمكنه أن يكشف كل أنواع الممارسات المتعلقة بجميع أنواع الناس. إنه حتى أفضل في كشف الشخصيات الفاسدة والسلوك المتمرد لدى البشر. إنه لا يعيش بين الناس في هذا العالم، لكنه عالم بطبيعة الفانين وكل أنواع فساد البشر في العالم. هذه هي ماهيّته. على الرغم من أنه لا يتعامل مع العالم، فهو يعرف قواعد التعامل مع العالم؛ لأنه يفهم بالتمام الطبيعة البشرية. إنه يعرف عمل الروح الذي لا يمكن لعيون الإنسان أن تراه ولا يمكن لآذان الإنسان أن تسمعه، في الحاضر والماضي على السواء. يتضمن هذا حكمة ليست فلسفة للمعيشة أو عجائب يصعب على الناس فهمها. هذه هي ماهيته المعلَنة للناس وأيضًا المحجوبة عنهم. ما يعبر عنه ليس ماهية شخص استثنائي، بل هو ماهية الروح وصفاته المتأصلة. فهو لا يجوب العالم ولكنه يعرف كل شيء فيه. إنه يتواصل مع "أشباه الإنسان" الذين ليس لديهم أية معرفة أو بصيرة، لكنه يعبر بكلمات أعلى من المعرفة وفوق مستوى الرجال العظماء. إنه يعيش بين جماعة من الناس البليدين وفاقدي الإحساس الذين يفتقرون إلى الطبيعة البشرية ولا يفهمون الأعراف والحياة البشرية، لكنه يستطيع أن يطلب من البشرية أن تعيش حياة بشرية عادية، وفي الوقت ذاته يكشف الطبيعة البشرية المتدنية والمنحطّة للبشر. كل هذا هو ماهيته، وهي أسمى من ماهية أي شخص من لحم ودم. بالنسبة إليه، من غير الضروري أن يختبر حياة اجتماعية معقدة ومربكة ومتدنية لكي يقوم بالعمل الذي يحتاج أن يقوم به وأن يكشف بصورة شاملة جوهر البشرية الفاسدة. إن الحياة الاجتماعية الدنيئة لا تبني جسده. فعمله وكلامه لا يكشفان سوى عصيان الإنسان، ولا يقدمان للإنسان خبرة ودروسًا من أجل التعامل مع العالم. إنه لا يحتاج إلى أن يتحرى عن المجتمع أو أسرة الشخص عندما يمد الإنسان بالحياة. إن كشف الإنسان ودينونته ليسا تعبيرًا عن خبرات جسده؛ بل هي لكشف إثم الإنسان بعد معرفة طويلة الأمد بعصيان الإنسان وكراهية فساد البشرية. ويهدف العمل الذي يقوم به كله لكشف شخصيته للإنسان والتعبير عن ماهيته. وحده هو من يمكنه أن يقوم بهذا العمل، وهو شيء لا يمكن للشخص الذي من لحم ودم تحقيقه.

من "عمل الله وعمل الإنسان" في "الكلمة يظهر في الجسد"

201. كلًا من عمل المسيح وتعبيره يحددان جوهره. إنه قادر على أن يكمل بقلبٍ صادق ما أُوكل إليه، وهو قادر على عبادة الله في السماء بقلبٍ صادق، وطلب إرادة الله الآب بقلبٍ صادق. إن جوهره هو الذي يحدد كل هذا، ويحدد كذلك إعلانه الطبيعي؛ والسبب في أن إعلانه الطبيعي يُسمى هكذا هو أن تعبيره ليس محاكاةً، أو نتيجة لتعليم إنسان، أو نتيجة لسنوات عديدة من التربية بواسطة الإنسان. فهو لم يتعلَّمه أو يزيِّن نفسه به، بل إنه بالأحرى مُتأصِّل في داخله. قد ينكر الإنسان عمله وتعبيره وطبيعته البشرية والحياة الكاملة لطبيعته البشرية العادية، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أنه يعبد الله في السماء بقلبٍ صادق. لا أحد يستطيع أن ينكر أنه قد جاء ليكمل مشيئة الآب السماوي، ولا يمكن لأحد أن ينكر إخلاصه في طلب الله الآب. ومع أن صورته لا تُسر بها الحواس، ولا يملأ حديثه أجواءً غير عادية، ولا يزعزع عمله الأرض أو يهز السماء كما يتخيَّل الإنسان، إلا أنَّه بالفعل المسيح الذي يحقِّق مشيئة الآب السماوي بقلبٍ صادق، ويخضع خضوعًا كاملًا للآب السماوي، ويطيع حتى الموت. هذا لأن جوهره هو جوهر المسيح. يصعب على الإنسان تصديق هذا الحق، ولكنه قائم بالفعل. عندما تكتمل خدمة المسيح بالكامل، سيكون الإنسان قادرًا على أن يرى من خلال عمله أن شخصيته وماهيته تمثلّان شخصية الله وماهيته في السماء. في ذلك الوقت، يمكن أن يبرهن مجمل عمله على أنه هو بالفعل الكلمة الذي يصير جسدًا، وليس مثل الإنسان الذي من لحمٍ ودمٍ.

من "جوهر المسيح هو الطاعة لمشيئة الآب السماوي" في "الكلمة يظهر في الجسد"

202. يصير الله جسدًا ويُدعى المسيح، لذلك فإن المسيح القادر أن يعطي الحق للناس اسمه الله. لا مبالغة في هذا، حيث إن للمسيح نفس جوهر الله وشخصيته وحكمته في عمله، التي هي أمور لا يمكن لإنسان أن يبلغها. لذلك فإن أولئك الذين يدعون أنفسهم مُسحاء لكنهم لا يستطيعون أن يعملوا عمل الله كاذبون. ليس المسيح صورة الله على الأرض فحسب، ولكنَّه أيضًا الجسد الخاص الذي يتّخذه الله أثناء تنفيذ عمله وإتمامه بين البشر. وهذا الجسد ليس جسدًا يمكن أن يحل محله أي إنسانٍ عادي، لكنه جسد يستطيع إنجاز عمل الله على الأرض بشكل كامل، والتعبير عن شخصية الله، وتمثيله تمثيلاً حسنًا وإمداد الإنسان بالحياة. عاجلاً أم آجلاً، سوف يسقط أولئك الذين ينتحلون شخصية المسيح، لأنهم ورغم ادعائهم بأنهم المسيح، إلا أنهم لا يملكون شيئًا من جوهر المسيح. لذلك أقول أن الإنسان لا يستطيع تحديد حقيقة المسيح، لأن الله نفسه هو الذي يقررها.

من "وحده مسيح الأيام الأخيرة قادر أن يمنح الإنسان طريق الحياة الأبدية" في "الكلمة يظهر في الجسد"

203. الجسد الذي لبسه روح الله هو جسد الله. إنَّ روح الله سامٍ وهو قدير وقدوس وبار. وكذلك فإن جسده أيضًا سامٍ وقدير وقدوس وبار. إن جسدًا مثل هذا لا يمكن أن يفعل إلاّ ما هو بار ومفيد للبشرية، أي ما هو مقدس ومجيد وقدير، وغير قادر على فعل ما ينتهك الحق أو الأخلاق والعدالة، بل ولا حتى ما يخون روح الله. إن روح الله قدوس، وهكذا يكون جسده غير قابل لإفساده من قِبَل الشيطان. فجسده ذو جوهر مختلف عن جسد الإنسان؛ ذلك لأن الإنسان، وليس الله، هو مَنْ أفسده الشيطان، فلا يمكن للشيطان أن يُفسد جسد الله. وهكذا، مع أن الإنسان والمسيح يسكنان في نفس الموضع، فإن الإنسان وحده هو مَنْ يستحوذ عليه الشيطان ويستخدمه ويوقعه في شَرَكه. على النقيض من ذلك، فإن المسيح منيع على فساد الشيطان إلى الأبد؛ لأن الشيطان لن يكون قادرًا أبدًا على الصعود إلى المكان الأعلى، ولن يكون قادرًا على الاقتراب من الله أبدًا. ينبغي عليكم جميعًا اليوم أن تفهموا أن البشرية وحدها - والتي أفسدها الشيطان كما هي الحال - هي التي تخونني، وأن الخيانة لن تكون مطلقًا قضية تشمل المسيح بأي شكل من الأشكال.

من "مُشكلة خطيرة جدًا: الخيانة (2)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

204. صار الله جسدًا لأن الهدف من عمله ليس روح الشيطان، أو أي شيء غير مادي، بل الإنسان المخلوق من جسد، والذي قد أفسده الشيطان. ولأن جسد الإنسان قد فسد، فإن هذا على وجه التحديد هو السبب الذي لأجله جعل الله الإنسان الجسدي هدف عمله؛ وإضافة إلى ذلك، لأن الإنسان هو مَنْ يستهدفه الفساد، فقد جعل الله الإنسان الهدف الوحيد من عمله على امتداد جميع مراحل عمله الخلاصي. الإنسان كائن فانٍ من جسد ودم، والله هو الوحيد الذي يستطيع أن يخلّصه. بهذه الطريقة، يجب على الله أن يصير جسدًا يحمل نفس سمات الإنسان لكي يقوم بعمله، حتى يحقق عمله أفضل النتائج. يجب أن يصير الله جسدًا ليقوم بعمله، والسبب في ذلك بالتحديد هو أنَّ الإنسان مخلوق من جسد، وعاجز عن التغلُّب على الخطية والتجرُّد من الجسد. ومع أن جوهر الله المتجسِّد وهويته يختلفان اختلافًا كبيرًا عن جوهر الإنسان وهويته، إلَّا أنَّ مظهره مطابق لمظهر الإنسان، وله مظهر الشخص العادي، ويحيا حياة الشخص العادي، ومَن يرونه لا يُميِّزون أي فرق بينه وبين الشخص العادي. هذا المظهر العادي وهذه الطبيعة البشرية العادية يكفيانه للقيام بعمله الإلهي في البشرية العادية؛ إذ يسمح له جسده بالقيام بعمله في الطبيعة البشرية العادية، ويساعده على القيام بعمله بين البشر، وتساعده طبيعته البشرية العادية أيضًا على تنفيذ عمل الخلاص بين البشر. مع أنَّ طبيعته البشرية تسببت في الكثير من الاضطراب بين البشر، إلَّا أنَّ هذا الاضطراب لم يؤثر على التأثيرات العادية لعمله. باختصار، عمل جسده الطبيعي ذو منفعة عظمى للإنسان. ومع أنَّ معظم الناس لا يقبلون طبيعته البشرية، إلَّا أن عمله لا يزال مؤثرًا، وتتحقق هذه التأثيرات بفضل طبيعته البشرية. لا شك في هذا. من خلال عمله في الجسد، ينال الإنسان عشرة أضعاف أو عشرات أضعاف الأمور فوق ما هو موجود في تصوّرات الإنسان عن طبيعته البشرية، وسيقضي عمله على كل هذه التصورات نهائيًا. وقد تجاوز التأثير الذي حققه عمله، أي معرفة الإنسان عنه، تصوّرات الإنسان بمراحل. لا توجد وسيلة لتخيل العمل الذي قام به في الجسد أو قياسه، لأن جسده لا يشبه جسد أي إنسان جسداني؛ ومع أن مظهره الخارجي مطابق، إلَّا أن جوهره ليس كذلك. يثير جسده العديد من التصوّرات بين البشر عن الله، ولكن جسده يمكن أيضًا أن يسمح للإنسان باكتساب الكثير من المعرفة، ويمكنه أيضًا أن يُخضع أي إنسان يملك مظهرًا خارجيًّا مشابهًا. لأنه ليس مجرَّد إنسان، بل هو الله بمظهر إنسان خارجي، ولا يمكن لأحد أن يدركه أو يفهمه فهمًا كاملًا.

من "أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد" في "الكلمة يظهر في الجسد"

205. أفسد إبليس الإنسان، الذي هو أسمى سائر مخلوقات الله، لذلك يحتاج الإنسان إلى خلاص الله. هدف خلاص الله هو الإنسان، وليس إبليس، وما يجب أن يُخلَّصُ هو جسد الإنسان وروحه، وليس الشيطان. إبليس سيبيده الله، أما الإنسان فهو هدف خلاص الله، وجسد الإنسان قد فسد بفعل إبليس، لذلك أول ما يجب أن يَخلُص هو جسد الإنسان. فسد جسد الإنسان بصورة عميقة إلى أبعد الحدود، وأصبح شيئًا يقاوم الله، لدرجة أنَّه يعارض وجود الله وينكره علانيةً. هذا الجسد الفاسد هو ببساطة جامح للغاية، ولا يوجد شيء أصعب من التعامل مع شخصية الجسد الفاسدة أو تغييرها. يأتى إبليس داخل جسد الإنسان ليثير التشويش، ويستخدم جسد الإنسان للتشويش على عمل الله، وتعطيل خطة الله، ومن ثمّ فقد أصبح الإنسان شيطانًا، وعدوًّا لله. لكي يَخلُص الإنسان، عليه أولًا أن يُخضَع. لهذا السبب ينهض الله لمواجهة التحدّي ويأتى في جسدٍ للقيام بالعمل الذي ينوي القيام به، ومصارعة الشيطان. إنَّ هدفه هو خلاص البشرية، التي فسدت، وهزيمة إبليس الذي تمرَّد عليه وإبادته. إنَّه يهزم إبليس من خلال عمل إخضاع الإنسان، ويُخلّص البشرية الفاسدة في نفس الوقت. وبذلك فهو عمل يحقق هدفين دفعةً واحدة. يعمل في الجسد، ويتكلَّم في الجسد، وينفِّذ كل العمل في الجسد من أجل تواصل أفضل مع الإنسان وإخضاع أفضل للإنسان. في آخر مرة يصير الله فيها جسدًا، سيُختَتم عمله في الأيام الأخيرة في الجسد. سيصنِّف جميع البشر وفقًا للنوع، ويختتم خطة تدبيره الكليَّة، وأيضًا يختتم كل عمله في الجسد. بعدما ينتهي كل عمله على الأرض، سيغدو منتصرًا انتصارًا كاملًا. من خلال عمله في الجسد، سيُخضع الله البشرية بالتمام، ويربحها بصورة كاملة. ألا يعني هذا أن تدبيره الكليّ سينتهي؟ حين يختتم الله عمله في الجسد، عندما يكون قد هزم إبليس هزيمة ساحقة وصار ظافرًا، لن يكون لدى إبليس فرصة أخرى لإفساد الإنسان. كان عمل التَجسُّد الأول لله هو الفداء وغفران خطايا الإنسان. الآن العمل هو إخضاع البشرية واقتناؤها بالتمام، لكي لا يعُد لدى إبليس أية وسيلة للقيام بعمله، وسيخسر خسارة نهائية، ويصير الله غالبًا غلبة كاملة. هذا هو عمل الجسد، وهو العمل الذي يقوم به الله نفسه.

من "أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد" في "الكلمة يظهر في الجسد"

206. فسد جسد الإنسان بفعل الشيطان، وأصبح الإنسان أعمى بدرجة عميقة، وتأذَّى بشدةٍ. السبب الأساسي الذي يجعل الله يعمل شخصيًا في الجسد هو أن هدف خلاصه هو الإنسان، المخلوق من جسد، ولأن الشيطان أيضًا يستخدم جسد الإنسان للتشويش على عمل الله. في الواقع إن المعركة مع الشيطان هي عمل إخضاع الإنسان، وفي الوقت ذاته، الإنسان أيضًا هو هدف خلاص الله. بهذه الطريقة، فإن عمل الله المُتجسِّد ضروري. أفسد الشيطان جسد الإنسان، وأصبح الإنسان تجسيدًا للشيطان، وأصبح هو الهدف الذي سيهزمه الله. بهذه الطريقة، فإن عمل الدخول في معركةٍ مع الشيطان وخلاص البشرية يحدث على الأرض، ويجب على الله أن يصير إنسانًا ليقاتل الشيطان. هذا عمل ذو طابع عملي لأقصى درجة. حينما يعمل الله في الجسد، فإنَّه يقاتل الشيطان بالفعل في الجسد. حينما يعمل في الجسد، فإنَّه يقوم بعمله في العالم الروحي، ويجعل كل عمله في العالم الروحي واقعيًّا على الأرض. مَنْ يُخضَع هو الإنسان؛ الإنسان الذي يعصي الله؛ ومَنْ يُهزم هو تجسيد الشيطان (وهذا بالطبع هو أيضًا الإنسان)، الذي هو في عداوة مع الله، ومَنْ سيخلُص في النهاية هو أيضًا الإنسان. بهذه الطريقة، من الضروري لله أن يصير إنسانًا له مظهر مخلوق خارجي، لكي يكون قادرًا على مصارعة الشيطان في معركة واقعية، وإخضاع الإنسان الذي يعصاه والذي له نفس المظهر الخارجي، ويُخلِّص الإنسان الذي له نفس المظهر الخارجي وقد تأذَّى بفعل الشيطان. إن عدوه هو الإنسان، وهدف إخضاعه هو الإنسان، وهدف خلاصه هو الإنسان الذي خلقه. لذلك لابد أن يصير إنسانًا، وبهذه الطريقة، يصبح عمله أكثر سهولةً. إنَّه قادرٌ على هزيمة الشيطان وإخضاع البشرية، بالإضافة إلى أنَّه قادرٌ على تخليص البشرية.

من "أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد" في "الكلمة يظهر في الجسد"

207. لا يتم خلاص الله للإنسان مباشرةً من خلال طريقة الروح وهوية الروح، لأن روحه لا يمكن للإنسان أن يلمسه أو يراه، ولا يمكن للإنسان الاقتراب منه. إن حاول تخليص الإنسان مباشرةً من منظور الروح، لما استطاع الإنسان أن ينال خلاصه. ولو لم يتسربل الله بالشكل الخارجي لإنسان مخلوق، لما استطاع البشر أن ينالوا هذا الخلاص. لأن الإنسان لا يمكنه بأية وسيلة الاقتراب منه، بالضبط مثلما لم يستطع أحد الاقتراب من سحابة يهوه. فقط من خلال صيرورته إنسانًا مخلوقًا، أي من خلال وضْع كلمته في الجسد، يستطيع أن يعمل عمل الكلمة بصورة شخصية في كل من يتبعه. وقتها فقط يمكن للإنسان أن يسمع كلمته ويراها وينالها، ومن خلال هذا يَخلُص بالتمام. لو لم يصر الله جسدًا، لما استطاع أي إنسان ذو جسد أن ينال مثل هذا الخلاص العظيم، ولما استطاع أي شخص أن يخلُص. إن كان روح الله يعمل مباشرةً بين البشر، لطُرِح الإنسان واستحوذ عليه إبليس كأسير بالتمام لأن الإنسان غير قادر على الارتباط بالله.

من "سر التجسُّد (4)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

208. السبب الوحيد الذي جعل الله المُتجسِّد يأتي في جسد هو احتياجات الإنسان الفاسد. فالسبب هو احتياجات الإنسان وليس الله، وكل تضحياته ومعاناته هي من أجل البشرية، وليس من أجل منفعة تعود على الله نفسه. لا توجد إيجابيات وسلبيات أو مكافآت لله؛ ولن يجني الله حصاد ما في مستقبل، بل سيجني ما كان لديه في الأصل. كل ما يفعله ويضحِّي به من أجل البشرية ليس من أجل الحصول على مكافآت عظيمة، بل يقدّمه خالصًا من أجل البشرية. ومع أن عمل الله في الجسد ينطوي على العديد من الصعوبات التي لا يمكن تخيّلها، إلَّا أنَّ النتائج التي يحققها في النهاية تتجاوز العمل الذي يقوم به الروح مباشرةً. عمل الجسد تستتبعه الكثير من المشقات، ولا يمكن للجسد أن تكون لديه نفس هوية الروح العظيمة، ولا يمكنه تنفيذ نفس الأفعال الخارقة للطبيعية، فضلًا عن أنَّه لا يمكن أن يكون له نفس سلطان الروح. ومع ذلك فإن جوهر العمل الذي يقوم به هذا الجسد غير الملحوظ يفوق بكثير العمل الذي يقوم به الروح مباشرةً، وهذا الجسد نفسه هو الإجابة عن كافة احتياجات البشرية جمعاء. لمَنْ سيخلُصون، فإن قيمة الفائدة التي يحقِّقها الروح أقل بكثير من تلك التي يحقِّقها الجسد: عمل الروح قادر على تغطية الكون بأسره، وعبر كافة الجبال والأنهار والبحيرات والمحيطات، ومع ذلك فإن عمل الجسد يرتبط بأكثر فاعلية بكل شخص يتصل به. بالإضافة إلى هذا، يمكن للإنسان أن يفهم جسد الله بصورته الملموسة ويثق به بصورة أفضل، ويمكنه أيضًا تعميق معرفة الإنسان بالله، ويترك لدى الإنسان انطباعًا أكثر عمقًا عن أعمال الله الفعلية. إن عمل الروح مُغلَّف بالأسرار، ومن الصعب على الكائنات الفانية إدراكه، ومن الأصعب عليهم رؤيته، ولذلك يمكنهم فقط الاعتماد على خيالات جوفاء. ولكن عمل الجسد طبيعي ويعتمد على الواقعية، ويملك حكمة غنية، وهو واقع يمكن لعين الإنسان الجسدية رؤيته؛ يمكن للإنسان أن يختبر حكمة عمل الله اختبارًا شخصيًا، ولا حاجة له لاستخدام خياله الخِصْب. هذه هي دقّة عمل الله في الجسد والقيمة الحقيقية له. يمكن للروح فقط أن يقوم بعمل الأشياء غير المرئية للإنسان والتي يصعب عليه تخيّلها، على سبيل المثال، استنارة الروح، وتحريك الروح، وإرشاد الروح، ولكن ينظر الإنسان الذي يعتمد على عقله إلى هذه الأمور على أنَّها لا تقدم أي معنى واضح. إنَّها لا تقدم سوى حركة، أو معنى واسعًا، ولا يمكنها تقديم إرشاد من خلال كلمات. مع ذلك فإن عمل الله في الجسد مختلف اختلافًا عظيمًا: به كلمات إرشاد دقيقة، ومشيئة واضحة، وأهداف واضحة منشودة. ولذلك لا يحتاج الإنسان أن يتلمَّس طريقه ولا أن يستخدم خياله، ولا حتى أن يقوم بعمل تخمينات. هذا هو وضوح العمل في الجسد، واختلافه الكبير عن عمل الروح. عمل الروح غير مناسب إلَّا لنطاق محدود، ولا يمكن أن يحل محل عمل الجسد. يعطي عمل الجسد الإنسان أهدافًا ضرورية ومحددة بدرجة أكبر، وأكثر واقعية، ومعرفة قيِّمة أكثر من عمل الروح. العمل الذي له قيمة عُظمى للإنسان الفاسد هو العمل الذي يقدم كلمات دقيقة، وأهداف واضحة للسعي وراءها، والذي يمكن أن يُرى ويُلمس. فقط العمل الواقعي والإرشاد في الوقت المناسب هما ما يناسبان أذواق الإنسان، ولا شيء سوى العمل الحقيقي يمكنه أن يخلِّص الإنسان من فساده وشخصيته المنحرفة. لا يستطيع أحد أن يحقق هذا إلَّا الله المتجسِّد؛ الله المتجسِّد وحده هو الذي يستطيع أن يخلِّص الإنسان من شخصيته الفاسدة المنحرفة السابقة. ومع أن الروح هو جوهر الله المتأصِّل، فإنه لا يمكن أن يتم عملًا مثل هذا إلَّا من خلال جسده. إنْ عمل الروح منفردًا، لما أمكن لعمله أن يكون مؤثرًا – هذا هو الحق الخالص. ومع أن معظم الناس قد أصبحوا أعداء الله بسبب هذا الجسد، فإنه حين يُنهي عمله، لن يكف أولئك الذين كانوا يعادونه عن أن يصبحوا أعدائه فحسب، بل على العكس سيصبحون شهودًا له. سيصيرون الشهود الذين أخضعهم؛ شهودٌ متوافقون معه ولا ينفصلون عنه. سيعطي الإنسان أن يعرف أهمية عمله في الجسد من أجل البشر، وسيعرف الإنسان أهمية هذا الجسد لمعنى الوجود الإنساني، ويعرف القيمة الحقيقية لنمو حياته، إضافة إلى أنه سيعرف أن هذا الجسد سيصبح ينبوع حياة لا يطيق الإنسان الانفصال عنه.

من "أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد" في "الكلمة يظهر في الجسد"

209. مع أن جسد التجسُّد الذي اتخذه الله لا يطابق على الإطلاق هويته ومكانته، ويبدو للإنسان أنه لا يتماشى مع مكانته الفعلية، إلَّا أنَّ هذا الجسد، الذي لا يحمل صورة الله الحقيقية، أو هوية الله الحقيقية، يمكنه أن يقوم بالعمل الذي لا يقدر روح الله أن يعمله بطريقة مباشرة. هذه هي الأهمية والقيمة الحقيقيتين لتجسُّد الله، وهذه هي الأهمية والقيمة الحقيقيتين اللتين يعجز الإنسان عن تقديرهما والإقرار بهما. مع أن كافة البشر ينظرون بسمو إلى روح الله وبتدنٍّ إلى جسده، فبغض النظر عمَّا يرونه أو يفكرون به، فإن الأهمية والقيمة الحقيقيتين للجسد تتجاوزان بكثير أهمية الروح وقيمته. بالطبع هذا فقط فيما يتعلَّق بالبشرية الفاسدة. لكل شخص يسعى إلى الحق ويشتاق لظهور الله، فإن عمل الروح يمكنه فقط أن يقدِّم تحفيز أو إإلهامًا، وإحساس بالإعجاب لا يمكن تفسيره ولا تخيّله، وإحساس بأن هذا عظيم ومتعالٍ وبديع، ومع ذلك لا يمكن تحقيقه أو الحصول عليه بالكامل. لا يمكن للإنسان وروح الله إلّا أن ينظر كل منهما للآخر من بعيد، كما لو كانت هناك مسافة كبيرة بينهما، ولا يمكنهما أبدًا أن يكونا متماثلين، كما لو أنّ هناك خطًا فاصلًا غير مرئي يفصل بين الإنسان والله. في الواقع، هذا وهم يعطيه الروح للإنسان، لأن الروح والإنسان ليسا من نفس النوع، الروح والإنسان لا يمكن أبدًا أن يتعايشا في العالم ذاته، لأن الروح لا يملك شيئًا مما للإنسان. لذلك لا يحتاج الإنسان إلى الروح، لأن الروح لا يمكنه القيام بالعمل الذي يحتاج إليه الإنسان بشدة مباشرةً. عمل الجسد يقدِّم أهدافًا واقعية للإنسان لكي يسعى وراءها، ويقدِّم كلمات واضحة، وإحساسًا بأنَّه (أي الله المتجسِّد) حقيقي وطبيعي، وأنَّه متَّضع وعادي. ومع أنَّ الإنسان قد يتَّقيه، إلَّا أنَّه من السهل على معظم الناس أن يتعلّقوا به: فيمكن للإنسان أن يرى وجهه، وأن يسمع صوته، ولا يحتاج إلى أن ينظر إليه من بعيد. يمكن للإنسان الوصول إلى هذا الجسد؛ فهو ليس ببعيد، ولا غير مُدرك، بل مرئي وملموس، لأن هذا الجسد موجود في العالم نفسه الذي يوجد فيه الإنسان.

من "أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد" في "الكلمة يظهر في الجسد"

210. يرى الإنسان الآن أن عمل الله المتجسد هو في الواقع غير عادي. به الكثير مما لا يستطيع الإنسان تحقيقه؛ وهو مملوء بالأسرار والعجائب. لذلك، قد خضع العديد. لم يخضع البعض أبدًا لأي إنسان منذ يوم ولادتهم، ومع ذلك حين يرون كلمات الله هذا اليوم، يخضعون بالتمام دون أن يلاحظوا أنهم فعلوا ذلك، ولا يدققون أو يتفحصون أو يقولون أي شيء آخر. لقد سقط البشر تحت الكلمة ويرقدون خاضعين تحت الدينونة بالكلمة. إن تكلم روح الله مباشرةً مع البشر، لخضع البشر كافة لصوته، وسقطوا على وجوههم دون كلمات من الوحي، مثلما سقط بولس على الأرض من النور عندما كان مسافرًا إلى دمشق. إن استمر الله في العمل بهذه الطريقة، لما استطاع الإنسان أبدًا أن يعرف فساده من خلال دينونة الكلمة ومن ثمَّ يحصل على الخلاص. فقط من خلال صيرورته جسدًا يستطيع أن يقدم كلماته بصورة شخصية لآذان كل إنسان، حتى يسمع جميع مَن لهم آذان كلامه ويقبلون عمل ديونته بالكلمة. هذه فقط هي النتيجة التي حققتها كلمته، بدلًا من ظهور الروح الذي يخيف الإنسان فيخضع. فقط من خلال هذا العمل العملي غير العادي يمكن لشخصية الإنسان القديمة، المستترة عميقًا بداخله للعديد من السنوات، أن تنكشف فيدركها الإنسان ويغيرها. هذا هو العمل العملي لله المتجسِّد؛ إنه يتكلم وينفذ الدينونة بأسلوب عملي لتحقيق نتائج الدينونة على الإنسان بالكلمة. هذا هو سلطان الله المتجسِّد ومغزى تجسُّد الله. يتم هذا العمل لإعلان سلطان الله المتجسِّد، والنتائج التي يقوم عمل الكلمة بتحقيقها، والروح الذي أتى في جسد؛ إنه يبين سلطانه من خلال الدينونة على الإنسان بالكلمة. مع أن جسده له الشكل الخارجي للطبيعة البشرية العادية والطبيعية، فإن النتائج التي تحققها كلماته هي التي توضح للإنسان أنه مملوء سلطانًا، وأنه هو الله بذاته وأن كلماته هي تعبير عن الله بذاته. هذا يوضح للناس كافة أنه هو الله بذاته، الله بذاته الذي صار جسدًا، وأنه لا يمكن لأحد الإساءة إليه، ولا أحد يستطيع أن يتخطى دينونته بالكلمة، ولا قوى الظلمة يمكنها أن تسود على سلطانه. يخضع الإنسان له بالكامل لأنه هو الكلمة الصائر جسدًا، وبسبب سلطانه وبسبب دينونته بالكلمة. العمل الذي تحقق بجسمه المتجسد هو السلطان الذي يمتلكه. إنه يصير جسدًا لأن الجسد يمكنه أيضًا أن يمتلك سلطانًا، وهو قادر على تنفيذ عمل بين البشر بأسلوب عملي، وهو مرئي وملموس بالنسبة للإنسان. هذا العمل أكثر واقعية من أي عمل قام به روح الله الذي يملك كل السلطان مباشرةً، ونتائجه واضحة أيضًا. هذا لأن جسم الله المتجسِّد يمكنه التحدث والقيام بالعمل بطريقة عملية: الشكل الخارجي لجسده لا يملك سلطانًا ويمكن للإنسان الاقتراب منه. يحمل جوهره سلطانًا، ولكن هذا السلطان غير مرئي لأحد. عندما يتكلم ويعمل، لا يستطيع الإنسان تمييز وجود سلطانه؛ وهذا أمر يسهِّل عليه عملًا له طبيعة عملية. وكل هذا العمل العملي يمكنه تحقيق نتائج. حتى على الرغم من أنه لا يوجد إنسان يدرك أنه يحمل سلطانًا أو يرى أنه لا يمكن الإساءة إليه أو النظر لغضبه، من خلال سلطانه وغضبه المستترين وحديثه العلني، يحقق نتائج كلمته المرجوة. بمعنى آخر، من خلال نبرة صوته وصرامة خطابه وحكمة كلماته كلها، يقتنع الإنسان تمامًا. بهذه الطريقة يخضع الإنسان لكلمة الله المتجسِّد، الذي يبدو بلا سلطان، ومن ثمّ يتمّم هدف الله في خلاص الإنسان. وهذه أهمية أخرى لتجسُّده: أن يتكلم بصورة أكثر واقعية وأن يدع واقعية كلماته تؤثر على الإنسان لكي يشهد عن قوة كلمة الله. لذلك فإن هذا العمل، لو لم يتم من خلال التجسد، لما حقق أقل نتائج ولما استطاع تخليص الخطاة بالكامل. لو لم يصر الله جسدًا، لظل الروح غير المرئي وغير الملموس بالنسبة للإنسان. الإنسان مخلوق من جسد، والله والإنسان كل منهما ينتمي إلى عالمين مختلفين وهما مختلفان في الطبيعة. روح الله لا يُقارن مع الإنسان المخلوق من جسد، ولا يمكن تأسيس علاقة بينهما؛ بالإضافة إلى أن الإنسان لا يمكن أن يصير روحًا. ومن ثمَّ فإن روح الله يجب أن يصير من المخلوقات ويقوم بعمله الأصلي. يمكن لله أن يصعد إلى أعلى مكان ويتضع ويصير إنسانًا من الخليقة، ويقوم بالعمل ويحيا بين البشر، ولكن الإنسان لا يمكنه الصعود إلى أعلى مكان ولا يمكنه أن يصير روحًا فضلًا عن أنه لا يمكنه النزول إلى أدنى مكان. وهذا هو السبب وراء حتمية أن يصير الله جسدًا لينفذ عمله. مثلما حدث في التجسُّد الأول، وحده جسم الله المتجسِّد كان يمكنه أن يفدي الإنسان من خلال الصلب، ولكن لم يكن ممكنًا أن يُصلب روح الله كذبيحة خطية عن الإنسان. أمكن لله أن يصير جسدًا مباشرةً ليكون ذبيحة خطية من أجل الإنسان، ولكن لا يمكن للإنسان أن يصعد إلى السماء ليأخذ ذبيحة خطية قد أعدها الله له. وعليه، يجب على الله أن يرتحل جيئة وذهابًا بين السماء والأرض بدلًا من أن يجعل الإنسان يصعد إلى السماء ليأخذ هذا الخلاص، لأن الإنسان قد سقط ولا يمكنه الصعود إلى السماء، فضلًا عن عدم إمكانية حصوله على ذبيحة خطية. لذلك كان من الضروري أن يأتي يسوع بين البشر ويقوم بالعمل الذي لا يمكن لأي إنسان ببساطة تحقيقه بصورة شخصية. في كل مرة صار فيها الله جسدًا، كان من الضروري بشكل مطلق أن يفعل هذا. لو نُفِّذت أية مرحلة من المراحل مباشرةً من قبل روح الله، لما استطاع تحمل إهانات التجسُّد.

من "سر التجسُّد (4)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

211. لا أحد ملائم ومؤهل أكثر من الله في الجسد للقيام بعمل دينونة فساد جسد الإنسان. إن قام روح الله مباشرةً بتنفيذ الدينونة، لما كانت ستشمل الجميع. إضافةً إلى أنَّه كان سيصعب على الإنسان قبول هذا العمل، لأن الروح غير قادر على مواجهة الإنسان وجهًا لوجه، ولهذا السبب، لما كانت ستصبح التأثيرات فورية، ولما استطاع الإنسان أن يرى شخصية الله التي بلا عيب بدرجة أكثر وضوحًا. لا يمكن أن يصبح الشيطان مهزومًا هزيمة كاملة إلَّا إذا أدان الله في الجسد فساد البشرية. بعد أن اتخذ الله نفس الطبيعة البشرية التي للإنسان، يستطيع الله في الجسد أن يدين إثم الإنسان مباشرةً؛ هذه هي علامة قداسته المتأصِّلة فيه، وروعته. الله وحده هو المُؤهَّل ليدين الإنسان بحكم مكانته، لأنه يملك الحق والبر، ولذلك هو قادر أن يدين الإنسان. أولئك الذين ليس لديهم الحق والبر لا يصلحون لإدانة الآخرين. إن كان روح الله قد قام بهذا العمل، لما كان يُعد انتصارًا على الشيطان. الروح في الأصل أسمى من المخلوقات الفانية، وروح الله قدوس قداسةً متأصِّلةً، ومنتصر على الجسد. إن قام الروح بهذا العمل مباشرةً، لما استطاع أن يدين كل عصيان الإنسان، ولما استطاع الكشف عن إثم الإنسان. لأن عمل الدينونة يُنفَّذ أيضًا من خلال تصوّرات الإنسان عن الله، ولم يكن لدى الإنسان أبدًا أية تصوّرات عن الروح، لذلك فإن الروح غير قادر على الكشف عن إثم الإنسان بدرجة أفضل، ناهيك عن أنَّه لا يقدر على كشف مثل هذا الإثم كشفًا كاملًا. الله المتجسِّد هو عدو كل من لا يعرفونه. من خلال دينونة لتصوّرات الإنسان ومعارضته لله، يكشف كل عصيان البشرية. آثار عمله في الجسد واضحة أكثر من آثار عمل الروح، وعليه فإن دينونة كل البشرية لا تُنفَّذ مُباشرةً مِن قِبَل الروح، بل هي عمل الله المُتجسِّد. يمكن للإنسان أن يرى الله المُتجسِّد ويلمسه، والله في الجسد يمكنه أن يُخضع الإنسان خضوعًا كاملًا. في علاقة الإنسان بالله في الجسد، ينتقل الإنسان تدريجيًا من المقاومة إلى الطاعة، ومن الاضطهاد إلى القبول، ومن التصوّر إلى المعرفة، ومن الرفض إلى المحبة. هذه هي آثار عمل الله المُتجسِّد. لا يَخلُص الإنسان إلَّا من خلال قبول دينونة الله، ولا يعرفه تدريجيًّا إلَّا من خلال كلمات فمه، ويُخضعه الله المُتجسِّد أثناء مقاومة الإنسان له، وينال منه الإمداد بالحياة أثناء قبول توبيخه. كل هذا العمل هو عمل الله في الجسد وليس عمل الله بهويته كروح.

من "أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد" في "الكلمة يظهر في الجسد"

212. عندما لم يكن الله قد صار جسدًا، لم يفهم الناس الكثير ممّا قاله لأنه خرج من لاهوتٍ كامل. كان البشر لا يرون منظور ما قاله وسياقه ولا يمكنهم الوصول إليه؛ فقد عُبّرَ عنه من عالمٍ روحيّ لم يستطع الناس رؤيته. لم يكن ممكنًا للأشخاص الذين كانوا يعيشون في الجسد اختراق العالم الروحيّ. ولكن بعد أن صار الله جسدًا، تحدّث إلى البشر من منظور البشر وخرج من نطاق العالم الروحيّ وانطلق فيما ورائه. تمكّن من التعبير عن شخصيّته الإلهيّة ومشيئته وموقفه من خلال أشياءٍ كان بمقدور البشر تخيّلها وأشياءٍ كانوا يرونها ويقابلونها في حياتهم، وباستخدام أساليب كان يمكن أن يقبلها البشر، وبلغةٍ يمكنهم فهمها ومعرفةٍ يمكنهم استيعابها، وذلك للسماح للبشر بفهم الله ومعرفته وفهم قصده ومعاييره المطلوبة في نطاق قدرتهم، وبحسب درجة قدرتهم. كانت هذه هي طريقة ومبدأ عمل الله في البشريّة. ومع أن طرق الله ومبادئه في العمل في الجسد تحقّقت في معظمها من البشريّة أو من خلالها، إلّا أنها حقّقت حقًّا نتائج لم يمكن تحقيقها من خلال العمل مباشرةً في الألوهيّة. كان عمل الله في البشريّة أكثر واقعيّة وأصالة وتوجّهًا، وكانت الأساليب أكثر مرونة، وقد تجاوزت في شكلها عصر الناموس.

من "عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (ج)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

213. إن وصول الله في الجسد هو في المقام الأول لتمكين الناس من رؤية أعمال الله الحقيقية، ولتجسيد الروح الذي لا شكل له في الجسد، والسماح للناس برؤيته ولمسه. وبهذه الطريقة، فإن الذين تكمَّلوا به سوف يعيشون به، وسوف يُربحون بواسطته، ويكونون بحسب قلبه. لو أن الله تكلم في السماء فحسب، ولم يأت إلى الأرض فعليًا، لظل الناس عاجزين عن معرفة الله، ولظلوا غير قادرين إلا على التبشير بأعمال الله، مستخدمين نظرية جوفاء، ولما أخذوا كلمات الله كحقيقة. لقد جاء الله على الأرض في المقام الأول ليكون قدوة ونموذجاً لأولئك الذين يجب أن يربحهم الله، وبهذه الطريقة فقط يستطيع الناس أن يعرفوا الله حقًا، وأن يلمسوا الله، ويروه، وعندئذ فقط يمكن أن يربحهم الله حقًا.

من "يجب أن تعرف أن الإله العملي هو الله نفسه" في "الكلمة يظهر في الجسد"

214. فقط حين يتضع الله لمدى معين، أي عندما يصير الله جسدًا، يستطيع الإنسان أن يكون صديقًا حميمًا وخليلاً له. الله روح: كيف يكون الإنسان مؤهلاً ليصبح خليلاً لهذا الروح السامي للغاية الذي يفوق الإدراك؟ فقط حين ينزل روح الله في الجسد، ويصير كمخلوق بنفس المظهر الخارجي للإنسان، يستطيع الإنسان أن يفهم مشيئته ويُربَح منه فعليًّا. هو يتكلم ويعمل في الجسد، ويشارك في أفراح الإنسان وأحزانه وضيقاته، ويحيا في نفس العالم مثل الإنسان، ويحمي الإنسان ويرشده، ومن خلال هذا يطهّره ويسمح له بالحصول على خلاصه وبركاته. بعدما يحصُل الإنسان على هذه الأشياء يفهم بذلك حقًّا مشيئة الله، ووقتها فقط يمكنه أن يكون خليلاً لله. هذا فقط هو الأمر العملي. إن كان الله غير مرئي وغير ملموس للإنسان، كيف يمكن للإنسان أن يكون خليله؟ أليس هذا تعليمًا أجوفًا؟

من "مَنْ يعرفون الله وعمله هم وحدهم مَنْ يستطيعون إرضاءه" في "الكلمة يظهر في الجسد"

215. لكي يُغيِّر كل من يعيشون في الجسد شخصيتهم يحتاجون إلى أهداف يسعون وراءها، ومعرفة الله تحتاج شهادة عن الأفعال الواقعية لله ووجهه الحقيقي. ولا يمكن تحقيق كليهما إلَّا من خلال الله المُتجسِّد، ولا يمكن إنجاز كليهما إلَّا من خلال الجسد الحقيقي والعادي. لهذا السبب فإن التجسُّد ضروري، ولهذا تحتاج إليه كل البشرية الفاسدة. حيث إنَّ الناس مطلوب منهم أن يعرفوا الله، فيجب أن تختفي من قلوبهم صور الآلهة المُبهَمة والخارقة للطبيعة، وحيث إنَّه مطلوب منهم أن يتخلَّصوا من شخصيتهم الفاسدة، عليهم أولًا أن يعرفوا شخصيتهم الفاسدة. لو أن الإنسان قام بالعمل للتخلُّص من صور الآلهة المُبهَمة من قلوب الناس فحسب، فسوف يفشل في تحقيق التأثير السليم، ذلك لأنَّ صور الآلهة المُبهمة في قلوب الناس لا يمكن الكشف عنها أو التخلّص منها أو طردها بالكامل من خلال الكلمات وحدها. فحتى مع القيام بهذا، سيظل في النهاية من غير الممكن التخلُّص من هذه الأشياء المتأصلة في الناس. لا يمكن تحقيق التأثير المطلوب إلا بأن يحل الإله العملي والصورة الحقيقية لله محل هذه الأشياء المبهمة والخارقة للطبيعة وتعريف الناس بهما تدريجيًا. يقر الإنسان بأن الإله الذي كان يطلبه في الأزمنة الماضية هو إله مُبهم وخارق للطبيعة. ما يمكنه تحقيق هذا الأثر ليس القيادة المباشرة للروح، ولا تعاليم إنسان معيَّن، بل الله المُتجسِّد. تتعرَّى تصوّرات الإنسان حين يقوم الله المُتجسِّد بعمله رسميًّا، لأن الحالة الطبيعية والحقيقية لله المُتجسِّد هي نقيض الإله المُبهَم الخارق للطبيعة الموجود في مخيلة الإنسان. لا يمكن أن تنكشف التصوّرات الأصلية للإنسان إلَّا من خلال مقارنتها مع الله المُتجسِّد. فبدون المقارنة مع الله المُتجسِّد، لا يمكن أن تنكشف تصوُّرات الإنسان. بعبارة أخرى، لا يمكن أن تنكشف الأشياء المُبهَمة بدون مقارنتها مع الحقيقة. لا أحد يستطيع استخدام الكلمات للقيام بهذا العمل، ولا أحد يقدر على التكلّم عن هذا العمل مُستخدِمًا الكلمات. الله وحده يمكنه بنفسه القيام بعمله، ولا أحد آخر يستطيع القيام بهذا العمل نيابةً عنه. مهما كان غنى لغة الإنسان، فهو عاجز عن النطق بالحالة الحقيقية والطبيعية لله. لا يمكن للإنسان أن يعرف الله على نحو عملي أكثر، أو أن يراه بصورة أوضح إن لم يعمل الله بصورة شخصية بين البشر ويظهر صورته وكيانه لهم على نحو كامل. هذا التأثير لا يمكن تحقيقه من خلال أي إنسان جسداني. بالطبع، لا يقدر روح الله أيضًا على تحقيق هذا التأثير. يمكن لله أن يُخلِّص الإنسان الفاسد من تأثير إبليس، ولكن هذا العمل لا يمكن تحقيقه تحقيقًا مباشرًا من قِبَل روح الله؛ بل يمكن أن يتم فقط من خلال الجسد الذي يلبسه روح الله، جسد الله المُتجسِّد. هذا الجسد هو إنسان وهو أيضًا الله، هو إنسان يملك طبيعة بشرية عادية وأيضًا إله يملك لاهوتًا كاملًا. وعليه، حتى لو أن هذا الجسد ليس هو روح الله، ويختلف اختلافًا كبيرًا عن الروح، إلَّا أنَّه لا يزال هو الله المُتجسِّد نفسه الذي يُخلِّص الإنسان، والذي هو الروح وأيضًا الجسد. لا يهم المُسمَّى الذي يُطلق عليه، فهو في النهاية لا يزال الله نفسه الذي يُخلِّص البشرية. لأن روح الله لا يتجزَّأ عن الجسد، وعمل الجسد هو أيضًا عمل روح الله؛ كل ما في الأمر أن هذا العمل لا يتم باستخدام هويَّة الروح، بل باستخدام هويَّة الجسد. العمل الذي يحتاج إلى أن يقوم به الروح مباشرةً لا يحتاج إلى التجسُّد، والعمل الذي يحتاج إلى أن يقوم به الجسد لا يمكن أن يتم مباشرةً بواسطة الروح، ولا يستطيع أن يقوم به إلَّا الله المُتجسِّد. هذا هو المطلوب من أجل هذا العمل، وهو المطلوب من البشرية الفاسدة. في المراحل الثلاث لعمل الله، هناك مرحلة واحدة فقط تُنفَّذ مباشرةً بواسطة الروح، والمرحلتان الباقيتان تُنفَّذان من قِبَل الله المُتجسِّد، وليس بواسطة الروح مباشرةً. عمل عصر الناموس الذي قام به الروح لم يتضمن تغيير شخصية الإنسان الفاسدة، ولم يكن له أية علاقة بمعرفة الإنسان بالله. ولكن عمل جسد الله في عصر النعمة وعصر الملكوت، يتضمَّن شخصية الإنسان الفاسدة ومعرفته بالله، وهو جزء هام وحيوي من عمل الخلاص. لذلك فإن البشرية الفاسدة في أمس احتياج إلى خلاص الله المُتجسِّد، وأكثر احتياجًا إلى عمل الله المُتجسِّد المباشر. تحتاج البشرية إلى الله المُتجسِّد ليرعاها، ويدعمها، ويرويها، ويُطعِمها، ويدينها ويوبِّخها، وتحتاج إلى مزيد من النعمة وفداءً أعظم من قِبَل الله المتجسِّد. الله في الجسد وحده يمكنه أن يكون خليل الإنسان، وراعي الإنسان، والعون الحاضر للإنسان، وكل هذا هو ضرورة التجسُّد اليوم وفي الأزمنة الماضية.

من "أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد" في "الكلمة يظهر في الجسد"

216. لقد جاء الله إلى الأرض ليعمل عمله بين البشر، وليظهر نفسه شخصيًا للإنسان وليسمح للإنسان بأن يراه. هل هذا أمر هيّن؟ إنه حقًا أمر عظيم! ليس كما يتخيل الإنسان أن الله قد جاء حتى ينظره الإنسان، وحتى يفهم الإنسان أن الله حقيقي وليس غامضًا أو أجوفًا، وأن الله عالٍ، ولكنه متواضع أيضًا. هل من الممكن أن يكون الأمر بهذه السهولة؟ لأن الشيطان هو مَنْ أفسد جسد الإنسان تمامًا، ولأن قصد الله من الخلاص هو الإنسان، فلا بد أن يتخذ الله جسدًا ليخوض معركة مع الشيطان، وليرعى الإنسان رعايةً شخصية. وهذا وحده نافع لعمله. لقد وُجد الجسدان المتجسدان لله من أجل هزيمة الشيطان، كما وُجدا من أجل خلاص الإنسان على نحو أفضل. ذلك لأن مَنْ يخوض المعركة مع الشيطان لا يمكن أن يكون إلا الله، سواء أكان روح الله أم جسد الله المُتجسِّد. باختصار، لا يمكن أن يكون الملائكة هم مَنْ يخوضون المعركة مع الشيطان، فضلًا عن أن يكون الإنسان، الذي أفسده الشيطان؛ فالملائكة عاجزون عن القيام بذلك، والإنسان أكثر عجزًا. على هذا النحو، إذا أراد الله أن يعمل في حياة الإنسان، وإذا أراد أن يأتي شخصيًا إلى الأرض لتخليص الإنسان، فيجب أن يصير هو نفسه جسدًا، أي يجب عليه أن يتخذ لنفسه جسدًا، وبهويته المتأصلة والعمل الذي يجب عليه القيام به، يأتي بين البشر ويخلِّص الإنسان بنفسه. إذا لم يكن الأمر كذلك، ولو كان روح الله أو الإنسان هو الذي قام بهذا العمل، فإن هذه المعركة كانت لتفشل إلى الأبد في تحقيق أثرها، ولن تنتهي أبدًا، ولم يكن الإنسان ليحظى بفرصة الخلاص إلا عندما يصير الله جسدًا ليذهب بنفسه إلى الحرب ضد الشيطان بين البشر. وعندها فقط يُخزى الشيطان، ويغادر دون أية فرص لاستغلالها أو أية خطط لتنفيذها. إن العمل الذي عمله الله المتجسد لا يمكن تحقيقه بواسطة روح الله، ولا حتى يمكن لأي إنسان جسدي أن يقوم به نيابة عن الله، لأن العمل الذي يقوم به هو من أجل حياة الإنسان، ومن أجل تغيير شخصية الإنسان الفاسدة. لو شارك الإنسان في هذه المعركة، لهرب في حالة من الفوضى، ولعجز ببساطة عن تغيير شخصيته الفاسدة. سيكون غير قادر على تخليص الإنسان من الصليب، أو على إخضاع جميع البشر المتمرّدين، ولكنه لن يكون قادرًا إلّا على القيام بالقليل من العمل القديم الذي لا يتجاوز المبادئ، أو القيام بعمل غير مرتبط بهزيمة الشيطان. إذًا فلِمَ التعب؟ ما أهمية العمل الذي لا يمكن أن يقتني البشرية، ولا حتى أن يهزم الشيطان؟ وبهذا، فإن المعركة مع الشيطان لا يمكن أن يقوم بها إلا الله نفسه، وسيكون ببساطة من المستحيل على الإنسان أن يقوم بها. فواجب الإنسان هو الطاعة والاتّباع، لأن الإنسان غير قادر على القيام بعمل مماثل لخلق السماوات والأرض، ولا يمكنه تنفيذ عمل محاربة الشيطان. لا يمكن للإنسان أن يُرضي الخالق إلا تحت قيادة الله نفسه، الذي يهزم الشيطان. هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن للإنسان القيام به. وهكذا، في كل مرة تبدأ معركة جديدة، أي في كل مرة يبدأ فيها عمل العصر الجديد، يعمل الله نفسه هذا العمل شخصيًا، وفيه يقود العصر بأكمله، ويفتح طريقًا جديدًا أمام البشرية بأسرها. إن فجر كل عصر جديد هو بداية جديدة في المعركة مع الشيطان، يدخل الإنسان من خلالها إلى عالم أكثر جِدةً وجمالاً، وإلى عصر جديد يقوده الله بنفسه.

من "استعادة الحياة الصحيحة للإنسان وأخذه إلى غاية رائعة" في "الكلمة يظهر في الجسد"

217. لماذا أقول إن عمل التجسُّد لم يكتمل في عمل يسوع؟ لأن الكلمة لم يصر جسدًا كليّةً. فما فعله يسوع لم يكن إلا جزءًا من عمل الله في الجسد؛ قام فقط بعمل الفداء ولم يقم بعمل ربح الإنسان بالكامل. لهذا السبب صار الله جسدًا مرةً أخرى في الأيام الأخيرة. هذه المرحلة من العمل تتم أيضًا في جسد عادي، وبواسطة إنسان عادي للغاية، إنسان طبيعته البشرية ليست خارقة على الإطلاق. بمعنى آخر، قد صار الله إنسانًا كاملًا، وشخصًا هويته هي هوية الله، إنسانًا كاملًا، وجسدًا كاملًا يقوم بأداء العمل. بالنسبة للعين البشرية، هو مجرَّد جسد غير فائق على الإطلاق، شخص عادي جدًّا يستطيع التحدُّث بلغة السماء، لا يُجري أية آيات خارقة، ولا يصنع معجزات، ولا حتى يكشف عن الحق الداخلي للدين في قاعات الاجتماعات الكبرى. إن عمل جسد التجسُّد الثاني يبدو للناس مختلفًا كليَّةً عن الأول، لدرجة أنَّه يبدو أنَّ الاثنين ليس بينهما أي شيء مشتركٍ، ولا يمكن أن يُرى أي شيءٍ من عمل الأول في هذه المرَّة. مع أنَّ عمل جسد التجسُّد الثاني يختلف عن عمل الأول، فهذا لا يثبت أن مصدرهما ليس واحدًا. يعتمد تحديد ما إذا كان مصدرهما واحدًا من عدمه على طبيعة العمل الذي يقوم به الجسدان وليس على مظهرهما الخارجي. أثناء المراحل الثلاث لعمل الله، تجسّد الله مرتين، وفي كل مرة منهما يدشِّن عمل الله عصرًا جديدًا، ويبدأ عملًا جديدًا؛ التجسّدان يكمِّلان بعضهما البعض. من المستحيل للأعين البشرية أن تقول إنَّ الجسدين يأتيان فعليًا من نفس المصدر. إنَّ الأمر بطبيعة الحال يتجاوز قدرة العين البشرية أو العقل البشري. ولكن التجسّدين في جوهرهما سواسية، ذلك لأن عملهما ينبع من نفس الروح. سواء أكان الجسدان المتجسِّدان ينشآن من نفس المصدر أم لا فإن هذا الأمر لا يمكن الحكم عليه بناءً على العصر الذي وُلِدا فيه أو مكان مولديهما أو أية عوامل أخرى كهذه، بل بالعمل الإلهي الذي يعبِّران عنه. لا يؤدي جسد التجسُّد الثاني أي عمل قام به يسوع، لأن عمل الله لا يلتزم بتقليدٍ، ولكنَّه في كل مرَّة يفتتح طريقًا جديدًا. لا يهدف جسد التجسُّد الثاني إلى تعميق انطباع الجسد الأول في أذهان الناس أو تقويته، بل ليُتمِّمه ويُكمِّله، وليُعمِّق معرفة الإنسان بالله، وليكسر جميع القواعد الموجودة في قلوب الناس، وليزيل من قلوبهم الصور الوهمية عن الله. يمكن أن يقال إنَّه لا توجد مرحلة واحدة من عمل الله يمكنها أن تعطي الإنسان معرفةً كاملةً عنه؛ كل مرحلة تعطي الإنسان جزءًا فقط وليس الكل. ومع أن الله قد عبَّر عن شخصيته تعبيرًا كاملًا، إلَّا أنَّه بسبب قدرات فهم الإنسان المحدودة، لا تزال معرفته عن الله ناقصة. من المستحيل التعبير عن شخصية الله برمّتها باستخدام اللغة البشرية؛ فكم بالأحرى يمكن لمرحلة واحدة من مراحل عمله أن تُعبِّر عن الله تعبيرًا كاملًا؟ إنَّه يعمل في الجسد تحت غطاء طبيعته البشرية العادية، ولا يمكن للمرء إلَّا أن يعرفه من خلال تعبيرات لاهوته، وليس من خلال مظهره الجسدي. يأتي الله في الجسد ليسمح للإنسان بأن يعرفه من خلال عمله المتنوِّع، ولا تتشابه أي مرحلتين من مراحل عمله. بهذه الطريقة وحدها يمكن أن يقتني الإنسان معرفة كاملة عن عمل الله في الجسد، معرفة غير مقصورة على جانب واحد. مع أن عمل الجسدين المُتجسِّدين مختلف، إلَّا أنَّ جوهر الجسدين، ومصدر عملهما، متطابقان؛ كل ما في الأمر هو أنَّهما يوجدان لأداء مرحلتين مختلفتين من العمل، ويظهران في عصرين مختلفين. ومهما كان الأمر، فإن جسدي الله المُتجسِّدين يتشاركان نفس الجوهر والأصل – هذه حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها.

من "جوهر الجسد الذي سكنه الله" في "الكلمة يظهر في الجسد"

218. لم يكْمل الله عمل التجسُّد في تجسُّده الأول؛ إنه لم يكمل سوى الخطوة الأولى من العمل، والتي كان من الضروري أن يقوم الله بها في الجسد. لذلك، لكي ينهي عمل التجسُّد، عاد الله للجسد من جديد، وعاش كل ما هو حقيقي وطبيعي للجسد، أي أنَّه جعل كلمة الله ظاهرًا في جسد عادي وطبيعي للغاية، وأنهى من خلاله العمل غير المُتمَّم في الجسد. إن جسد التجسُّد الثاني مُشابه في جوهره للأول، ولكنَّه حقيقي وعادي بدرجة أكبر من التجسُّد الأول. ونتيجة لذلك فإنَّ المعاناة التي يتحمَّلها الجسد المُتجسِّد الثاني أعظم من معاناة الأول، ولكن كانت هذه المعاناة نتيجة لخدمته في الجسد وهي تختلف عن معاناة الإنسان الفاسد. إنَّها تنبع كذلك من الطبيعة الحقيقية والعادية التي لجسده. لأنه يؤدي خدمته في جسد حقيقي وعادي تمامًا، فيجب على الجسد أن يتحمَّل قدرًا كبيرًا من المشقَّة. كلَّما كان الجسد طبيعيًّا وحقيقيًا، عانى المزيد في أداء خدمته. يُعبّر عن عمل الله في جسد عادي للغاية، جسد غير فائق للطبيعة على الإطلاق. ولأن جسده عادي ويجب أيضًا أن يضطلع بعمل خلاص الإنسان، فإنه يعاني بمقدار أعظم من الجسد الفائق للطبيعة؛ كل هذه المعاناة ناشئة من كون جسده حقيقيًّا وطبيعيًّا. من المعاناة التي اجتاز فيها الجسدان المتجسِّدان أثناء أداء خدماتهما، يمكن للمرء أن يرى جوهر الجسد المُتجسِّد. كلَّما كان الجسد عاديًا، عَظُمت المشقَّة التي يجب عليه تحمُّلها أثناء أداء العمل؛ وكلَّما كان الجسد الذي ينفِّذ العمل حقيقيًا، زادت قسوة الأفكار التي تراود الناس، وكثرت الأخطار التي قد تلحق به. ومع ذلك، كلَّما كان الجسد حقيقيًا، وكلَّما كانت له الاحتياجات والعقل الكامل التي للإنسان العادي، كان أكثر قدرةً على تولي عمل الله في الجسد. كان جسد يسوع هو ما سُمِّر على الصليب، جسده الذي قدَّمه كذبيحة خطيئة؛ من خلال جسد له طبيعة بشرية عادية هزم الشيطان وخلّص الإنسان خلاصًا تامًا من الصليب. وإنّما يؤدي الله كجسد كامل في تجسُّده الثاني عمل الإخضاع ويهزم الشيطان. لا يمكن إلَّا لجسد عادي وحقيقي تمامًا أن يقوم بعمل الإخضاع برمّته وأن يقدِّم شهادة قوية. أي أن عملإخضاع الإنسان يصير فعالًا من خلال كون الله في الجسد حقيقيًّا وطبيعيًّا، وليس من خلال المعجزات والإعلانات الخارقة للطبيعة. إن خدمة هذا الإله المُتجسِّد هي التكلُّم، ومن خلال التكلُّم يُخضِع الإنسان ويُكمِّله؛ بمعنى آخر، عمل الروح الحالّ في الجسد، أي واجب الجسد، هو التحدُّث ومن خلال التحدُّث يُخضع الإنسان ويكشفه ويُكمِّله ويبيده بالتمام. وهكذا، سوف يتحقَّق عمل الله في الجسد على أكمل وجه في عمل الإخضاع. لم يكن العمل الفدائي الأوليّ سوى بداية عمل التجسُّد؛ الجسد الذي يؤدي عمل الإخضاع سيُكْمل العمل الكليّ للتجسُّد. في تصنيف الجنس، هناك ذكر وهناك أنثى، وفي هذا قد اكتمل معنى تجسُّد الله، بحيث يزيل تصوّرات الإنسان عن الله: يمكن أن يصير الله ذكرًا وأنثى، والله المُتجسِّد في جوهره بلا جنس. لقد خلق الرجل والمرأة، وبالنسبة إلى الله، لا يوجد تمييز بين الجنسين. في هذه المرحلة من العمل، لا يقوم الله بعمل آيات وعجائب، لذلك فإن العمل سيحقق نتائجه من خلال الكلمات. إضافة إلى ذلك، يرجع السبب في هذا إلى أنَّ عمل الله المتجسِّد هذه المرة ليس شفاء المرضى وطرد الأرواح الشريرة، بل إخضاع الإنسان من خلال الكلام، أي أن القدرة الفطرية الموجودة لدى جسد الله المُتجسِّد هذا هي قول الكلمات وإخضاع الإنسان، وليس شفاء المرضى وطرد الأرواح الشريرة. إن عمله في الطبيعة البشرية ليس صنع المعجزات ولا شفاء المرضى وطرد الأرواح الشريرة، بل التكلُّم، ولذلك فإن الجسد المُتجسِّد الثاني يبدو للناس أنه عادي أكثر من الجسد الأول. لا يرى الناس أن تجسُّد الله أكذوبة؛ لكن هذا الإله المُتجسِّد يختلف عن يسوع المُتجسِّد، ومع أن كليهما هما الله المُتجسِّد، إلا أنهما ليسا متشابهين بالكامل. امتلك يسوع طبيعة بشرية عادية وطبيعية، لكن كانت تلازمه آيات وعجائب عديدة. في هذا الإله المُتجسِّد، لن ترى العيون البشرية أية آيات أو عجائب، أو شفاء مرضى أو طردًا للأرواح الشريرة، أو مشيًا على المياه، أو صومًا لأربعين يومًا... إنَّه لا يقوم بنفس العمل الذي قام به يسوع، ليس لأن جسده يختلف في جوهره بأية حال عن جسد يسوع، بل لأن خدمته ليست شفاء المرضى وطرد الأرواح الشريرة. إنَّه لا يهدم عمله ولا يشوِّش عليه. وحيث أنَّه يُخضع الإنسان بكلماته الحقيقية، فلا حاجة أن يُخضعه بمعجزات، ولذلك فإن هذه المرحلة هي لتكميل عمل التجسُّد.

من "جوهر الجسد الذي سكنه الله" في "الكلمة يظهر في الجسد"

219. كل مرحلة من العمل الذي يقوم به الله لها أهميتها العملية. قديمًا عندما جاء يسوع، كان ذكرًا، لكن عندما يأتي الله هذه المرة يكون أنثى. من خلال هذا يمكنك أن ترى أن الله قد خلق الرجل والمرأة من أجل عمله، وهو لا يفرق بين الجنسين. عندما يأتي روحه، يمكنه أن يلبس أي نوع جسد حسب مشيئته وذلك الجسد سيمثله. سواء كان رجلاً أم امرأة، يمكن للجسد أن يمثل الله طالما أنه هو جسمه المتجسد. لو ظهر يسوع في صورة أنثى عندما أتى، أو بمعنى آخر، لو كان طفلة وليس طفلاً، هي التي حُبِلَ بها من الروح القدس، لكانت مرحلة العمل اكتملت بنفس الطريقة ذاتها. لو كان الحال كذلك، فإذًا مرحلة العمل الحالية كان يجب أن يكملها رجل، ولكن العمل كان سيكتمل كله بالمثل. العمل الذي يتم في كل مرحلة له أهمية مساوية؛ ولا يتم تكرار أية مرحلة من العمل ولا تتعارض مرحلة مع أخرى. في ذلك الوقت، عندما كان يقوم يسوع بعمله كان يُدعى "الابن الوحيد" وكلمة ابن تشير ضمنيًّا إلى الجنس المُذَكر. فلماذا إذًا الابن الوحيد ليس مذكورًا في هذه المرحلة؟ هذا لأن شروط العمل تطلبت تغييرًا في الجنس بخلاف الوضع مع يسوع. لا يفرق الله بين الجنسين. يقوم بعمله كما يحلو له، ولا يخضع لأية قيود أثناء أداء عمله، لكنه حر بصورة خاصة. مع ذلك، كل مرحلة من العمل لها أهميتها العملية الخاصة.

من "التجسُّدان يُكمِّلان معنى التجسد‎" في "الكلمة يظهر في الجسد"

220. مرحلة العمل التي أتمها يسوع لم تحقق إلا جوهر "الكلمة كان عند الله": كان حق الله مع الله، وكان روح الله مع الجسد غير قابل للانفصال عن ذلك الجسد، وهذا يعني أن جسد الله المتجسد كان مع روح الله، وهذا أعظم برهان على أن يسوع المتجسد كان هو أول تجسد لله. تحقق هذه المرحلة من العمل بدقة المعنى الداخلي لعبارة "الكلمة صار جسدًا"، كما أنها منحت عبارة "الكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله" معنى أعمق، وسمحت لك بأن تؤمن بقوة بعبارة "في البدء كان الكلمة". وهذا يعني، أن الله في وقت الخلق كان يملك الكلام، وكان كلامه عنده وكان غير منفصل عنه، وهو يُبيِّن في العصر الأخير بوضوح أكبر قوة كلماته وسلطانها، ويسمح للإنسان بأن يرى كل طرقه، أي أن يسمع كل كلامه. ذلك هو عمل العصر الأخير. يجب أن تفهم هذه الأشياء جيدًا. ليست المسألة أن تعرف الجسد، بل كيفية فهم الجسد والكلمة معًا، وهذه هي الشهادة التي يجب أن تشهدها، وما يجب على كل واحد أن يعرفه. ما دام هذا هو عمل التجسد الثاني – والأخير – لله، فإنه يستكمل أهمية التجسد بصورة تامة، ويضطلع بدقة بكل عمل الله في الجسد ويعلنه، وينهي عصر وجود الله في الجسد؛ لذلك، يجب أن تعرف معنى التجسد.

من "الممارسة (4)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

221. لقد أتى الله إلى الأرض في الأساس ليتمم حقيقة "الكلمة يصير جسدًا"، أي إنه أتى لكي يصدر كلامه من الجسد (ليس كما حدث في زمن موسى في العهد القديم، حين كان الله يتكلم مباشرةً من السماء). بعد هذا، كل كلمة من كلماته ستتمم في عصر المُلك الألفي، وستكون حقائق مرئية أمام أعين الناس، وسينظرها الناس بأم أعينهم بلا أدنى تفرقة. هذا هو المعنى الأسمى لتجسُّد الله. أي أن عمل الروح سيتم من خلال الجسد، ومن خلال الكلام. هذا هو المعنى الحقيقي "للكلمة يصير جسدًا" و"ظهور الكلمة في الجسد". وحده الله هو مَنْ يمكنه التعبير عن مشيئة الروح، ووحده الله في الجسد هو مَنْ يمكنه التحدث نيابةً عن الروح؛ يتضح كلام الله في الله المتجسِّد، وهو يرشد الآخرين جميعًا. لا أحد معفيّ، فجميع الناس موجودون داخل هذا النطاق. فقط من خلال هذه الأقوال يحصل الناس على المعرفة؛ ومَنْ لا يحصلون على الأقوال بهذه الطريقة هم حالمون لو ظنوا أن بإمكانهم الحصول عليها من السماء. هذا هو السلطان الظاهر في الله المتجسِّد؛ إنه يجعل الكل يؤمنون. حتى أعظم الخبراء والقساوسة الدينيين لا يمكنهم قول هذا الكلام. ينبغي عليهم جميعًا الخضوع له، ولن يقدر أحد على أن يقدم بدايةً أخرى. سيستخدم الله الكلام ليُخضِع الكون. ولن يفعل هذا من خلال جسده المتجسِّد، بل من خلال استخدام أقوال من فم الله تصبح جسدًا لتُخضِع الناس كافة في الكون بأسره؛ هذا فقط هو الكلمة الذي يصير جسدًا، وهذا فقط هو ظهور الكلمة في الجسد. ربما يبدو الأمر للناس أن الله لم يفعل الكثير من العمل، ولكن كان على الله أن ينطق كلامه للناس ليقتنعوا ويتأثروا تمامًا. بدون الحقائق، يصرخ الناس ويصيحون؛ وبكلام الله، يستكينون. سيحقق الله هذا الواقع بالتأكيد، لأن هذه هي خطة الله الراسخة: تحقيق واقع وصول كلمته على الأرض.

من "المُلْك الألفي قد أتى" في "الكلمة يظهر في الجسد"

222. يُظهر الله الصائر جسدًا نفسه فقط لبعض الناس الذين يتبعونه خلال هذه الفترة إذ ينفذ عمله بصورة شخصية، وليس للمخلوقات كافة. لقد صار جسدًا فقط لإكمال مرحلة من العمل، وليس لإظهار صورته للإنسان. ولكن يجب تنفيذ عمله بنفسه، لذلك من الضروري عليه أن يقوم بذلك في الجسد. عندما يُختتم عمله، سيرحل من الأرض؛ لا يمكنه أن يبقى لمدة طويلة بين البشر خوفًا من الوقوف في طريق العمل القادم. ما يُظهره للجموع هو شخصيته البارة فقط وكل أعماله، وليس صورة ما كان عليه عندما صار جسدًا مرتين، لأن صورة الله يمكن أن تظهر فقط من خلال شخصيته، ولا يمكن أن يحل محلها صورة جسد الله المتجسِّد. تظهر صورة جسده فقط لعدد محدود من الناس، فقط لأولئك الناس الذين يتبعونه إذ يعمل في الجسد. هذا هو السبب وراء أن العمل الذي يُنفذ الآن يُنفذ في السر. بالضبط كما أن يسوع أظهر نفسه فقط لليهود عندما قام بعمله، ولم يظهر نفسه علانيةً قط لأية أمم أخرى. لذلك، بمجرد أن أكمل عمله، رحل عن الإنسان في عجالة ولم يمكث؛ في الوقت الذي تلا ذلك، لم يظهر صورته للإنسان، بل كان الروح القدس يقوم بالعمل مباشرةً. بمجرد أن اكتمل عمل الله المتجسد بالتمام، رحل عن العالم الفاني، ولم يقم بعمل مشابه مرة أخرى قط منذ الوقت الذي كان فيه في الجسد. العمل الذي جاء بعد ذلك قام به كله الروح القدس مباشرة. أثناء هذا الزمن، كان الإنسان بالكاد قادرًا على أن يرى صورته في الجسد؛ إنه لا يُظهر نفسه للإنسان على الإطلاق، بل يظل مستترًا. هناك وقت محدد لعمل الله الصائر جسدًا، وهو يُنَفَذ في عصر وزمن محدديْن وسط أمة محددة وبين أناس محددين. يمثل هذا العمل فقط العمل أثناء زمن الله الصائر جسدًا، وهو مختص بالعصر ويمثل عمل روح الله في عصر واحد محدد، وليس كلية عمله. لذلك، صورة الله الصائر جسدًا لن تظهر لكل الشعوب. ما يظهر للجموع هو بر الله وشخصيته في كليتها، بدلًا من صورته عندما صار جسدًا مرتين. إنها ليست صورة واحدة التي تظهر للإنسان ولا الصورتين مجتمعتين. لذلك، من الإلزام على جسد الله المتجسِّد أن يرحل عن الأرض عند اكتمال العمل الذي يحتاج إلى القيام به، لأنه قد جاء فقط ليقوم بالعمل الذي ينبغي عليه القيام به وليس ليظهر للناس صورته. مع أن أهمية التجسُّد قد تمت بالفعل من خلال صيرورة الله جسدًا مرتين، إلا أنه ما زال لا يظهر نفسه علنًا لأية أمة لم تَرَهُ قط من قبل. لن يُظهِر يسوع نفسه أبدًا من جديد لليهود كشمس البر، ولن يصعد إلى جبل الزيتون ويظهر لكل الشعوب؛ كل ما يراه اليهود هو صورته أثناء زمانه في اليهودية. هذا لأن عمل يسوع الصائر جسدًا انتهى منذ وقت طويل قبل ألفي عام؛ لن يعود إلى اليهودية في صورة رجل يهودي، فضلًا عن أنه لن يظهر نفسه في صورة رجل يهودي لأي من الشعوب الأممية، لأن صورة يسوع الصائر جسدًا هي مجرد صورة ليهودي، وليست صورة ابن الإنسان التي قد رآها يوحنا. مع أن يسوع وعد أتباعه أنه سيأتي مجددًا، لن يظهر نفسه ببساطة في صورة يهودي لكل الشعوب الأممية. ينبغي عليكم أن تعرفوا أن الله الصائر جسدًا سيفتتح عصرًا. هذا العمل مقصور على سنوات قليلة، ولا يمكنه إنجاز كل عمل روح الله. هذا مطابق لكيفية تمثيل صورة يسوع كيهودي لصورة الله عندما عمل فقط في اليهودية، وكان بإمكانه فقط أن يقوم بعمل الصلب. أثناء الوقت الذي كان يسوع فيه في الجسد، لم يمكنه القيام بعمل افتتاح عصر أو إنهاء البشرية أو تدميرها. لذلك بعد أن صُلب وأنهى عمله، صعد إلى أعلى وحجب نفسه إلى الأبد عن الإنسان. منذ ذلك فصاعدًا، استطاع أولئك المؤمنون الأمناء في الشعوب الأممية أن يروا فقط صورته التي نسخوها على الجدران، وليس ظهور الرب يسوع. هذه الصورة ليست إلا صورة رسمها الإنسان، وليست الصورة التي أظهرها الله نفسه للإنسان. لن يظهر الله نفسه علانيةً للجموع في الصورة التي ظهر فيها حينما تجسَّد مرتين. العمل الذي يقوم به بين البشرية يقوم به لكي يسمح لهم أن يفهموا شخصيته. هذا كله يَظهر للإنسان من خلال عمل العصور المختلفة. إنه يتحقّق من خلال الشخصية التي جعلها معروفة والعمل الذي قد قام به بدلًا من توضيحها من خلال إظهار يسوع. أي إن صورة الله لا تُعرف للإنسان من خلال الصورة المتجسدة، بل من خلال العمل المنفذ من قِبَل الله المتجسِّد في صورة وشكل؛ ومن خلال عمله، تتضح صورته وشخصيته تُعلن. هذه هي أهمية العمل الذي يرغب في القيام به في الجسد.

من "سر التجسُّد (2)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

223. هل بإمكان الله، وهو الكيان الأعظم في كل الكون وفي السماوات العليا، أن يشرح نفسه بالتمام مُستخدمًا صورة الجسد؟ يلبس الله هذا الجسد لكي يقوم بمرحلة واحدة من عمله. لا توجد دلالة خاصة في صورة الجسد هذه، وليس لها علاقة بمرور العصور، وليس لها علاقة بشخصية الله. لماذا لم يسمح يسوع لصورته أن تبقى؟ لماذا لم يدع الإنسان يرسم صورته حتى تتناقلها الأجيال جيلًا بعد جيل؟ لماذا لم يدع الناس يقرون بأن صورته هي صورة الله؟ على الرغم من أن صورة الإنسان خُلقت على صورة الله، هل كان من الممكن أن يمثل مظهر الإنسان صورة الله الممجدة؟ عندما يصير الله جسدًا، فهو ينزل فقط من السماء في جسد معين، وروحه هو الذي ينزل في جسد، ومن خلال الجسد يقوم بعمل الروح. الروح هو الذي يُعبر عنه في الجسد، والروح هو الذي يقوم بعمله في الجسد. العمل الذي يتم في الجسد يمثل الروح تمامًا، والجسد هو من أجل العمل، ولكن هذا لا يعني أن صورة الجسد هي بديل للصورة الحقيقية لله ذاته؛ فهذا ليس الغاية ولا الدلالة لصيرورة الله جسدًا. لا يصير جسدًا إلا لكي يجد الروح مكانًا يسكن فيه يتناسب مع عمله، ويكون الأفضل لتحقيق عمله في الجسد، لكي يستطيع الناس أن يروا أعماله ويفهموا شخصيته، ويسمعوا كلماته، ويعرفوا روعة عمله. يمثل اسمه شخصيته، ويمثل عمله هويته، ولكنه لم يقل أبدًا إن مظهره في الجسد يمثل صورته؛ هذه فقط مجرد تصور لدى الإنسان. ومن ثم، فإن الجوانب الحيوية لتجسد الله هي اسمه وعمله وشخصيته وجنسه، ويتم استخدامها لتمثيل تدبيره في هذا العصر؛ حيث لا توجد علاقة بين ظهوره في الجسد وتدبيره؛ إذْ هو فقط من أجل عمله آنذاك. لكن من المستحيل على الله المتجسد أن يكون بلا مظهر معين، ولذلك فهو يختار أسرةً مناسبة ليحدد مظهره. لو كان لمظهر الله أهمية تمثيلية، لكان كل أولئك الذين لديهم ملامح مشابهة لملامح وجهه يمثلون أيضًا الله. ألا يكون ذلك خطأً فادحًا؟ رسم الإنسان صورة يسوع لكي يعبده. لم يعطِ الروح القدس آنذاك تعليمات خاصة، ولذلك مرَّر الإنسان تلك الصورة التي تخيَّلها حتى اليوم. في الواقع، بحسب مقصد الله الأصلي، لم يكن ينبغي للإنسان أن يفعل هذا. إن حماس الإنسان وحده هو الذي جعل صورة يسوع تبقى إلى هذا اليوم. فالله روح، ولن يستطيع الإنسان أبدًا أن يستوعب ما هي صورته في التحليل النهائي. يمكن فقط لشخصيته أن تمثل صورته.

من "رؤية عمل الله (3)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

224. لا يصير الله جسدًا بنية أن يجعل الإنسان يعرف جسده، أو ليسمح للإنسان بتمييز الاختلافات الموجودة بين جسد الله المتجسِّد وجسد الإنسان؛ كما لا يصير الله جسدًا ليدرب قدرة الإنسان على التمييز، فضلًا عن أنه لا يفعل ذلك بنية السماح للإنسان أن يعبد جسد الله المتجسِّد، لينال من ذلك مجدًا عظيمًا. لا يمثل أيٌّ من هذه الأمور مقصد الله الأصلي من تجسده. وكذلك لا يصير الله جسدًا ليُدين الإنسان أو لكي يكشفَه عمدًا أو يصعِّبَ الأمور عليه. ليس أيٌّ من هذه الأمور يمثل المقصد الأصلي لله. ففي كل مرة يصير الله فيها جسدًا، يكون ذلك شكلًا حتميًا من أشكال العمل. إنه يفعل ذلك من أجل عمله الأكبر وتدبيره الأعظم، وليس من أجل الأسباب التي يتخيلها الإنسان. لا يأتي الله إلى الأرض إلّا كما يتطلب عمله، وحسب الضرورة فقط. إنه لا يأتي إلى الأرض بقصد مجرد التجوال، بل لتنفيذ العمل الواجب عليه تنفيذه، وإلا لماذا كان سيتحمل مثل هذا العبء الثقيل ويتجشّم مثل هذه المخاطر لتنفيذ هذا العمل؟ لا يصير الله جسدًا إلّا عندما يتعيّن عليه ذلك، وعندما يكون لهذا دائمًا أهمية فريدة. لو كان يفعل ذلك فقط ليجعل الناس ينظرون إليه ويوسّعوا آفاقهم، فبكل تأكيد، لَمَا جاء قط بين البشر بهذه البساطة. إنه يأتي إلى الأرض من أجل تدبيره وعمله الأعظم، ولعله يكسب المزيد من البشر. إنه يأتي ليمثل العصر ويهزم الشيطان، وفي داخل الجسد يأتي ليهزم الشيطان. وبالإضافة إلى ذلك فإنه يأتي ليرشد الجنس البشري في حياتهم. كل هذا يتعلق بتدبيره، ويتعلق بعمل الكون بأسره. لو صار الله جسدًا فقط ليسمح للإنسان أن يتعرف على جسده ويفتح أعين الناس، فلماذا لا يسافر إذًا إلى كل أمة من الأمم؟ أليس هذا أمرًا بمنتهى السهولة؟ لكنه لم يفعل ذلك، بل اختار مكانًا مناسبًا ليستقر فيه ويبدأ العمل الذي ينبغي عليه القيام به. هذا الجسد وحده له أهمية عظيمة. إنه يمثل عصرًا بأسره وينفذ أيضًا عمل عصر بأسره؛ إنه ينهي العصر السابق ويستهل عصرًا جديدًا. كل هذا أمر مهم يتعلق بتدبير الله، ويمثل أهمية مرحلة العمل التي يأتي الله إلى الأرض لينفذها.

من "سر التجسُّد (3)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

225. مع أن المسيح على الأرض قادر على العمل نيابةً عن الله نفسه، إلا أنه لا يأتي بنية أن يُظهر لكل الناس صورته في الجسد. لا يأتي بهدف أن يراه جميع البشر؛ بل جاء ليسمح للإنسان أن يُقاد بيده، وبذلك يدخل في العصر الجديد. إن وظيفة جسد المسيح هي القيام بعمل الله نفسه، أي من أجل عمل الله في الجسد، وليس لتمكين الإنسان من الفهم الكامل لجوهر جسده. بغض النظر عن الكيفية التي يعمل بها، فإنه لا يتجاوز ما يمكن للجسد تحقيقه. وبغض النظر عن الطريقة التي يعمل بها، فهو يفعل ذلك في الجسد بطبيعة بشرية عادية، ولا يعلن للإنسان إعلانًا كاملا عن ملامح الله. بالإضافة إلى ذلك، فإن عمله في الجسد ليس خارقًا للطبيعة أبدًا أو لا يمكن تقديره كما يتصوَّر الإنسان. مع أن المسيح يمثل الله نفسه في الجسد ويُنفِّذ شخصيًا العمل الذي يجب على الله أن يفعله بنفسه، إلا أنَّه لا ينكر وجود الله في السماء، ولا يسعى سعيًا حثيثًا لنشر أعماله. بل بالأحرى فإنه لا يزال محتجبًا داخل جسده باتضاعٍ. وبعيدًا عن المسيح، لا يملك أولئك الذين يزعمون كذبًا أنّهم المسيح صفاته. وبمقارنته مع التصرّف المتعجرف والمتكبّر لأولئك المسحاء الكذبة، يصبح من الواضح أي نوع من الجسد كان حقًا للمسيح. وكلّما ازداد هؤلاء المسحاء الكذبة كذبًا، تفاخروا بأنفسهم أكثر، وأصبحوا أكثر قدرة على عمل الآيات والعجائب لخداع الإنسان. ليس لدى المسحاء الكذبة صفات الله؛ ولا يشوب المسيح أي شائبة من تلك التي للمسحاء الكذبة. يصير الله جسدًا ليكمل عمل الجسد فحسب، وليس لمجرَّد السماح لجميع البشر أن يروه. ولكنه بالأحرى يدع عمله يؤكد هويّته، ويسمح لما يعلنه أن يشهد لجوهره. فجوهره ليس بلا أساس؛ ولم تحجِّم يده هويته، بل يحددها عمله وجوهره.

من "جوهر المسيح هو الطاعة لمشيئة الآب السماوي" في "الكلمة يظهر في الجسد"

226. أفضل شيء بشأن عمل الله في الجسد هو أنَّه يمكنه أن يترك لأولئك الذين يتبعونه مواعظ وكلمات دقيقة، وإرادته المحددة لأجل البشرية. بحيث يمكن لأتباعه بعد ذلك أن ينقلوا كل كلماته ومشيئته على نحو أكثر دقّة وواقعية للبشرية جمعاء لكل الذين يقبلون هذا الطريق. إنَّ عمل الله في الجسد بين البشر هو وحده الذي بالحق يتمم حقيقة وجود الله وحياته بينهم. هذا العمل وحده هو ما يشبع رغبة الإنسان في رؤية وجه الله، والشهادة عن عمل الله، وسماع كلمة الله الشخصية. يُنهي الله المُتجسّد العصر الذي لم يظهر فيه إلا ظل يهوه للبشرية، ويُنهي أيضًا عصر إيمان البشرية بالإله المُبهَم. وعلى وجه الخصوص يأتي عمل آخر مرحلة لتجسّد الله بالبشرية جمعاء إلى عصر أكثر واقعية وعملية وسرورًا. إنَّهُ لا يختتم عصر الناموس والعقيدة فحسب؛ بل الأهم من ذلك أنَّه يكشف للبشرية عن الله الحقيقي والعادي، البار والقدوس، الذي يكشف عن عمل خطة التدبير ويُظهر غاية البشرية وأسرارها، الذي خلق البشرية، والذي سينهي عمل التدبير، والذي ظل مُحتجبًا لآلاف السنين. يُنهي عصر الغموض تمامًا، ويختتم العصر الذي ابتغت فيه البشرية جمعاء طلب وجه الله ولكنها لم تقدر أن تنظره، وينهي العصر الذي فيه خدمت البشرية جمعاء الشيطان، ويقود البشرية كلّها إلى عصر جديد كليًّا. كل هذا هو نتاج عمل الله في الجسد بدلًا من روح الله. حين يعمل الله في جسده، لن يعود أولئك الذين يتبعونه يتلمسون ويسعون وراء الأمور التي يبدو أنها موجودة وغير موجودة على حد سواء، وسيتوقفون عن تخمين مشيئة الله المُبهَم. حين ينشر الله عمله في الجسد، سيوصِّل مَنْ يتبعونه العمل الذي قام به في الجسد إلى كل الديانات والطوائف، وسيتكلَّمون بكل كلماته في آذان البشرية بأسرها. كل ما يسمعه أولئك الذين قبلوا بشارته سيكون حقائق عمله، وأمورًا رآها الإنسان وسمعها شخصيًا، ستكون حقائق، وليست هرطقة. هذه الحقائق هي الدليل الذي ينشر به عمله، وهي أيضًا الأدوات التي يستخدمها لنشر العمل. بدون وجود حقائق، لما انتشرت بشارته عبر جميع الدول وإلى كافة الأماكن؛ لم يكن ممكنًا أبدًا في ظل غياب الحقائق ووجود تخيلات الإنسان فقط أن يقوم الله المتجسِّد بعمل إخضاع الكون بأسره. الروح غير مرئي وغير محسوس للإنسان، وعمل الروح غير قادر على ترك أي دليل إضافي أو حقائق إضافية عن عمل الله للإنسان. لن يرى الإنسان أبدًا وجه الله الحقيقي وسوف يؤمن دائمًا بإله مبهم غير موجود. لن يرى الإنسان أبدًا وجه الله، ولن يسمع أبدًا الكلمات التي يقولها الله شخصيًا. في النهاية، تخيّلات الإنسان جوفاء ولا يمكنها أن تحل محل وجه الله الحقيقي؛ لا يمكن لشخصية الله المتأصِّلة وعمله أن يجسدهما الإنسان. إن الله غير المرئي في السماء وعمله لا يمكن أن يجيئا إلى الأرض إلَّا من خلال الله المتجسِّد الذي يقوم بعمله شخصيًا بين البشر. هذه هي الطريقة المُثلى التي يظهر بها الله للإنسان، وفيها يرى الإنسان الله ويعرف وجهه الحقيقي، ولا يمكن تحقيق هذا من خلال إله غير متجسِّد. بعد أن نفَّذ الله عمله حتى هذه المرحلة، حقق عمله بالفعل التأثير الأمثل، والنجاح الكامل. إن عمل الله الشخصي في الجسد قد أنهى بالفعل تسعين بالمئة من عمل تدبيره الكليّ، حيث قدَّم هذا الجسد بدايةً أفضل لكل عمله، وتلخيصًا لكل عمله، وأعلن كل عمله، وقام بعمل التجديد الأخير الشامل لكل هذا العمل. لذلك، لن يكون هناك إله متجسِّد آخر ليقوم بمرحلة رابعة من عمل الله، ولن يكون هناك المزيد من العمل المعجزي في تجسُّد ثالث لله.

من "أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد" في "الكلمة يظهر في الجسد"

227. ومع أن هذا الجسد عادي وواقعي، إلَّا أنَّه ليس الجسد الشائع؛ إنَّه ليس جسدًا إنسانيًا فحسب، بل هو جسد إنساني وإلهي معًا. هذا هو اختلافه عن الإنسان، وهذه هي علامة هويَّة الله. جسد مثل هذا فحسب يمكنه القيام بالعمل الذي ينوي الله القيام به، وإتمام خدمة الله في الجسد، وإكمال عمله بالتمام بين البشر. لو لم يكن الأمر كذلك، لكان عمله بين البشر دائمًا أجوفًا ومعيبًا. ومع أن الله يمكنه مصارعة روح الشيطان والانتصار، إلَّا أن الطبيعة القديمة للإنسان الفاسد لا يُمكن أن تتبدَّد، والذين يعصون الله ويقاومونه لا يمكنهم أبدًا أن يخضعوا لسيادته، أي أنَّه لن يستطيع أبدًا إخضاع البشرية، ورِبحها جمعاء. لو كان عمله على الأرض لا يمكن أن يتم، لما انتهى تدبيره أبدًا، ولما استطاعت البشرية جمعاء أن تدخل إلى الراحة. إن لم يستطع الله أن يدخل إلى الراحة مع كافة مخلوقاته، لما كانت هناك نتيجة أبدًا لهذا العمل التدبيري، وعليه لكاناختفى مجد الله. ومع أنه ليس لجسده سلطان، إلَّا أنَّ العمل الذي يقوم به سيكون قد حقق تأثيره. هذا هو التوجُّه الحتمي لعمله. بغض النظر عَمَّا إذا كان جسده يملك سلطانًا أم لا، طالما أنَّه قادر على القيام بعمل الله نفسه، فهو الله بذاته. بغض النظر عن كون هذا الجسد عاديًا وطبيعيًّا، يمكنه القيام بالعمل الذي ينبغي عليه فعله، لأن هذا الجسد هو الله وليس مجرَّد إنسان. السبب وراء قدرة هذا الجسد على القيام بالعمل الذي لا يقدر إنسان أن يقوم به هو أنَّ جوهره الداخلي لا يشبه جوهر أي إنسان. والسبب وراء إمكانية تخليصه للإنسان هو هويَّته المختلفة عن هوية أي إنسان. هذا الجسد هام جدًّا للبشرية لأنَّه إنسان وأيضًا الله، لأنه يستطيع القيام بالعمل الذي لا يستطيع أي إنسان مخلوق من جسد أن يفعله، ولأن بإمكانه تخليص الإنسان الفاسد، الذي يعيش معه على الأرض. ومع أنَّه مطابق للإنسان، إلا أن الله المتجسِّد أكثر أهمية للبشرية من أي إنسان ذي قيمة، لأنه يستطيع القيام بالعمل الذي لا يستطيع روح الله القيام به مباشرةً، وهو أكثر قدرةً من روح الله على أنْ يشهد لله نفسه، وأكثر قدرة من روح الله على أن يربح البشرية بالتمام. ونتيجةً لذلك، مع أن هذا الجسد عادي وطبيعي، إلَّا أنَّ إسهامه للبشرية وأهميته للوجود البشري تجعله ثمين القيمة، ولا يمكن لأي إنسان قياس القيمة والأهمية الحقيقيتين لهذا الجسد. ومع أن هذا الجسد لا يمكنه مباشرةً تدمير الشيطان، إلَّا أنَّ بإمكانه استخدام عمله لإخضاع البشرية وهزيمة الشيطان، وجعل الشيطان يخضع بالتمام لسيادته. لأن الله تجسّد، استطاع أن يهزم الشيطان ويُخلّص البشرية. إنَّه لا يدمر الشيطان مباشرةً، ولكنه يصبح جسدًا للقيام بعمل إخضاع البشرية التي أفسدها الشيطان. بهذه الطريقة هو أقدر على أن يشهد لنفسه بين المخلوقات، وأقدر على تخليص الإنسان الفاسد. انتصار الله المُتجسِّد على الشيطان يقدِّم شهادةً أعظم، وهو أكثر إقناعًا من الدمار المباشر للشيطان من خلال روح الله. الله في الجسد أكثر قدرة على مساعدة الإنسان أن يعرف الخالق، وأكثر قدرة على أن يشهد لنفسه بين المخلوقات.

من "أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد" في "الكلمة يظهر في الجسد"

228. في هذه المرة يأتي الله ليقوم بعمل ليس في جسد روحاني، بل في جسد عادي جدًا، وليس هو جسد التجسد الثاني لله فحسب، بل هو أيضًا الجسد الذي يعود به الله، فهو جسد عادي جدًا، لا يمكنك أن ترى فيه أي شيء يختلف عن الآخرين، ولكن يمكنك أن تتلقى منه الحقائق التي لم تكن قد سمعتها من قبل على الإطلاق. وهذا الجسد الضئيل هو تجسيد لجميع كلام الحق الذي من الله، والذي يتولى عمل الله في الأيام الأخيرة، وهو تعبير عن شخصية الله كلها للإنسان لكي يصل إلى معرفته. ألا تساورك الرغبة كثيرًا في أن ترى الله الذي في السماء؟ ألا ترغب كثيرًا في أن تفهم الله الذي في السماء؟ ألا تكن ترغب كثيرًا في أن ترى غاية البشرية؟ سوف يخبرك هو عن كل هذه الأسرار التي لم يستطع إنسان أن يخبرك عنها، بل إنه حتى سيخبرك بالحقائق التي لا تفهمها. إنه بابك للدخول إلى الملكوت، ودليلك إلى العصر الجديد. يكمن في هذا الجسد العادي العديد من الأسرار التي يصعب إدراكها. قد تبدو أفعاله غامضة لك، ولكن هدف كل العمل الذي يعمله يكفي لأن ترى أنه ليس مجرد جسد بسيط كما يعتقد الإنسان؛ ذلك أنه يمثل إرادة الله وكذلك العناية التي يبديها الله للبشرية في الأيام الأخيرة. ومع أنه لا يمكنك أن تسمع الكلام الذي ينطق به، والذي تهتز له السماوات والأرض، أو ترى عينيه مثل اللهب المتّقد، ومع أنك لا تستطيع أن تشعر بالتأديب بقضيبه الحديدي، فإن بإمكانك أن تسمع من كلامه غضب الله، وتعلم أن الله يظهر الشفقة على الإنسان. يمكنك أن ترى شخصية الله البارة وحكمته، كما أنك تدرك كذلك الاهتمام والعناية من الله لجميع البشر. يتمثل عمل الله في الأيام الأخيرة في أن يسمح للإنسان بأن يرى الإله الذي في السماء يعيش بين الناس على وجه الأرض، ويمكّن الإنسان من معرفة الله وطاعته واتقائه ومحبته. وهذا ما جعله يعود إلى الجسد مرة أخرى. ومع أن ما يراه الإنسان اليوم هو إله يشبه الإنسان، إله له أنف وعينان، وإله عادي، فسوف يريكم الله في النهاية أنه بدون وجود هذا الرجل ستتعرض السماء والأرض لتغير هائل، وبدون هذا الإنسان سوف تصبح السماء معتمة وتغدو الأرض في حالة فوضى، ويعيش البشر جميعًا في مجاعة وأوبئة. وسوف يريكم أنكم لولا الخلاص بالله المتجسّد في الأيام الأخيرة لأهلك الله الناس جميعًا في جهنم منذ أمد طويل، ولولا وجود هذا الجسد لكنتم إذًا وإلى الأبد أوائل الخُطاة وجثثًا على الدوام. عليكم أن تعلموا أنه لولا وجود هذا الجسد لواجهت البشرية كلها كارثة حتمية، ولوجدتم أنه من الصعب النجاة من عقاب الله الأشد للناس في الأيام الأخيرة. لولا ميلاد هذا الجسد العادي لكنتم جميعًا في حال لا تحظون فيها بالحياة ولا بالموت مهما طلبتموهما، ولولا وجود هذا الجسد لما كنتم قادرين في هذا اليوم على تلقي الحقيقة والمثول أمام عرش الله، بل لعاقبكم الله بسبب خطاياكم الفظيعة. هل تعلمون؟ لولا عودة الله إلى الجسد، لما أتيحت لأحد فرصة للخلاص، ولولا مجيء هذا الجسد، لأنهى الله هذا العصر القديم. وعليه، فهل ما زال بإمكانكم رفض التجسد الثاني لله؟ وما دمتم تستفيدون كثيرًا من هذا الإنسان العادي، فلماذا إذًا لا تسارعون إلى قبوله؟

إن عمل الله هو ذلك الذي لا تدركونه. فإذا كنتم لا تدركون ما إذا كان قراركم صائبًا، ولا تعلمون ما إذا كان عمل الله ناجحًا، فلماذا إذًا لا تجربون حظكم وترون ما إذا كان هذا الإنسان العادي ذا عون كبير لكم، وما إذا كان الله قد صنع عملاً عظيمًا. لكنني لا بد أن أقول لكم إن الناس في زمن نوح كانوا يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى حد لم يكن الله يطيق رؤيته، ولذلك أنزل طوفانًا عظيمًا دمر البشرية ولم يترك سوى عائلة نوح المكونة من ثمانية أفراد وجميع أنواع الطيور والحيوانات. أما في الأيام الأخيرة فكل الذين يبقيهم الله هم المُخْلصون له حتى النهاية. ومع أن كلا الزمنين شهدا فسادًا عظيمًا لا يطيق الله رؤيته، وكان الإنسان في كلا العصرين فاسدًا جدًا حتى إنه أنكر ربوبية الله، لذا دمّر الله جميع البشر في زمن نوح. لقد أغضب الناس الله في كلا العصرين إلى حد كبير، ومع ذلك صبر الله على الناس في الأيام الأخيرة وحتى الآن. لِمَ ذلك؟ ألم يخطر ذلك ببالكم؟ إن كنتم حقًا لا تعلمون، فدعوني إذًا أخبركم. السبب وراء تفضُّل الله على الناس في الأيام الأخيرة ليس أنهم أقل فساداً من الناس في زمن نوح، أو أنهم تابوا إلى الله، ولا أن الله لا يتحمّل أن يدمّر الناس في الأيام الأخيرة حيث تقدمت التكنولوجيا، بل إن لدى الله عملاً يفعله في جماعة من الناس في الأيام الأخيرة، وسيتم فعل هذا من قبل الله المتجسد نفسه. إضافة إلى ذلك، سوف يختار الله جزءاً من هذه الجماعة هدفاً لخلاصه، وثمرة لخطة تدبيره، ويأتي بهؤلاء معه إلى العصر التالي. لذلك، مهما يكن الأمر، فقد كان هذا الثمن الذي يدفعه الله هو تمامًا تحضيرًا لعملية تجسّده في الأيام الأخيرة. الحقيقة التي وصلتم لها هذا اليوم هي بفضل هذا الجسد، وما أتيحت لكم الفرصة للعيش إلا لأن الله يعيش في الجسد. وكل هذه البركات التي نلتموها هي بسبب هذا الإنسان العادي. ليس هذا فحسب، بل إن كل أمة في نهاية المطاف ستعبد هذا الإنسان العادي، كما تقدم الشكر لهذا الرجل العادي وتطيعه، لأن الطريق والحق والحياة اللاتي جاء بها هي التي خلصت البشر جميعًا، وهدأت الصراع بين الله والإنسان، وقللت المسافة بينهما، وأوجدت صلة بين أفكار الله والإنسان. وهو أيضًا الذي مجّد الله بمزيد من المجد. أليس رجل عادي كهذا جديرًا بأن تثق به وتعبده؟ ألا يصلح جسد عادي مثل هذا أن يُدعى المسيح؟ ألا يستطيع هذا الرجل العادي أن يكون تعبيرًا عن الله بين الناس؟ أليس هذا الرجل الذي يساعد البشر على الخلاص من الضيقة جديرًا بحبكم وبأن تتمسكوا به؟ فإذا رفضتم مَنْ نطق بالحق من فمه وكرهتم وجوده بينكم، فماذا سيكون مصيركم؟

من "هل علمت؟ لقد صنع الله أمرًا عظيمًا بين الناس" في "الكلمة يظهر في الجسد"

229. يتم عمل الله كله في الأيام الأخيرة عن طريق هذا الرجل العادي، حيث سيمنحك كل شيء، كما يمكنه بالإضافة إلى ذلك أن يقرّر كل ما يتعلق بك. فهل يمكن أن يكون رجل كهذا كما تعتقدون: رجل بسيط جدًا إلى درجة أنه غير جدير بالذكر؟ أليس الحق الذي لديه كافٍ لإقناعكم تمامًا؟ وهل لا تكفي بيّنة أفعاله لكي تقتنعوا تمامًا؟ أم أن السبيل الذي يهديكم إليها غير جديرة بأن تتبعوها؟ ما الذي يجعلكم تشعرون بالكراهية تجاهه واستبعاده والتملص منه؟ إنه هو الذي ينطق بالحق، وهو الذي يقدّم الحق، وهو الذي يمكّنكم من إتاحة سبيل للتحرك. فهل ما زلتم لا تستطيعون أن تجدوا آثار عمل الله ضمن هذه الحقائق؟ لولا عمل يسوع لما نزلت البشرية من على الصليب، ولكن لولا التجسُّد في هذا اليوم لما زكّى الله أولئك الذين نزلوا من على الصليب أو لما دخلوا في العصر الجديد. ولولا قدوم هذا الرجل العادي لما أتيحت لكم الفرصة إذًا، ولما كنتم أهلاً لرؤية الوجه الحقيقي لله؛ لأنه كان ينبغي أن تتعرضوا جميعًا للهلاك منذ أمد بعيد. لقد غفر الله لكم وأظهر لكم رحمته بسبب مجيء التجسد الثاني لله. وبغض النظر عن هذا، فإن الكلمات التي يجب أن أودعكم بها في النهاية هي ما يلي: هذا الرجل العادي – الذي هو الله المتجسّد – ذو أهمية حيوية لكم. هذا هو الأمر العظيم الذي صنعه الله بالفعل بين الناس.

من "هل علمت؟ لقد صنع الله أمرًا عظيمًا بين الناس" في "الكلمة يظهر في الجسد"

230. أولئك الذين يرغبون في الحصول على الحياة من دون الاعتماد على الحق الذي نطق به المسيح هُم أسخف مَنْ على الأرض، وأولئك الذين لا يقبلون طريق الحياة الذي يقدّمه المسيح هم تائهون في الأوهام. لذلك أقول إن أولئك الذين لا يقبلون مسيح الأيام الأخيرة سوف يُرذَلون من الله إلى الأبد. المسيح هو بوابة الإنسان الوحيدة إلى الملكوت في الأيام الأخيرة، التي لا يستطيع أحد أن يتجنبها. لن يكمّل الله أحدًا إلا بالمسيح. إن كنت تؤمن بالله، عليك أن تقبل كلماته وتطيع طريقه. يجب ألّا ينحصر تفكيرك في نيل البركات من دون قبول الحق. أو قبول الحياة المُقدَّمَة إليك. يأتي المسيح في الأيام الأخيرة حتى ينال الحياة كل مَنْ يؤمن به إيمانًا حقيقيًا. إن عمله إنما هو من أجل وضع نهاية للعصرالقديم ودخول العصر الجديد، وعمله هو السبيل الوحيد الذي يجب أن يسلكه كل من يريد دخول العصر الجديد. إذا كنتَ غير قادر على الاعتراف به، لا بل من الرافضين له أو المجدّفين عليه أو حتى من الذين يضطهدونه، فأنت عتيدٌ أن تحرق بنار لا تُطفأ إلى الأبد، ولن تدخل ملكوت الله. لهذا فالمسيح نفسه هو من يُعبّر عن الروح القدس وعن الله، هو مَنْ أوكل إليه الله إتمام عمله على الأرض؛ لذلك أقول إنك إن لم تقبل كل ما عمله مسيح الأيام الأخيرة، تكون مجدفًا على الروح القدس. والعقوبة التي تنتظر مَنْ يجدف على الروح القدس واضحة للجميع. كذلك أقول لك إنك إن قاومت مسيح الأيام الأخيرة وأنكرته، فلن تجد مَنْ يحمل تبعات ذلك عنك. وأيضًا أقول إنك من اليوم فصاعدًا، لن تحصل على فرصة أخرى لتنال تزكية الله، وحتى لو حاولتَ أن تصلح أخطاءك، فلن تعاين وجه الله مرة أخرى مُطلقًا. لأن الذي تقاومه ليس إنسانًا عاديًا ومَن تنكره ليس كائنًا لا قيمة له، بل هو المسيح. هل تدرك هذه النتيجة؟ أنت لم ترتكب خطأ صغيرًا، إنما اقترفتَ جريمة شنعاء. لذلك، فنصيحتي لكل واحد هي ألا تقاوم الحق أو تبدي نقدًا مستهترًا، لأن الحق وحده قادرٌ أن يمنحك الحياة، ولا شيء غير الحق يسمح لك بأن تُولَدُ من جديد وأن تعاين وجه الله.

من "وحده مسيح الأيام الأخيرة قادر أن يمنح الإنسان طريق الحياة الأبدية" في "الكلمة يظهر في الجسد"

الحواشي:

أ. يرد في النص الأصلي: "وكلاهما يكونان".

السابق: 3. كلمات عن الشهادة لظهور الله وعمله.

التالي: 5. كلمات عن العلاقة بين كلّ مرحلةٍ من مراحل عمل الله واسم الله

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب