(ي) حول كيفيَّة السعي لمحبَّة الله

436. إن الهدف ليس مجرد إيمان الإنسان بجوهر الله فحسب، بل أن يحبه أيضًا. لكن العديد من أولئك الذين يؤمنون بالله غير قادرين على اكتشاف هذا "السر". فلا يجرؤ الناس على حب الله، ولا يحاولون أن يحبوه. لم يكتشفوا أبدًا أنه يوجد الكثير ممّا هو جدير بأن يُحب في الله، ولم يكتشفوا أبدًا أن الله هو الإله الذي يحب الإنسان، وأنه هو الإله الذي يجب أن يحبه الإنسان. إن جمال الله مُعبَّر عنه في عمله: لا يمكن للناس أن يكتشفوا جماله إلا عندما يختبرون عمله، ولا يمكنهم تقدير جمال الله إلا في اختباراتهم الفعلية، ولا يمكن لأحد أن يكتشف جمال الله من دون التأمل به في الحياة الحقيقية. يوجد الكثير مما يمكن محبته في الله، ولكن من دون تفاعل معه، يبقى الناس غير قادرين على اكتشاف هذه الأمور. وهذا يعني أنه لو لم يصر الله جسدًا، لكان الناس غير قادرين على التفاعل معه فعليًا. ولو لم يستطيعوا التفاعل معه فعليًا، لما كانوا قادرين على اختبار عمله – ومن ثمَّ لكان حبهم لله مشوبًا بالكثير من الزيف والخيال. إن محبة الله الساكن في السماء ليست حقيقية مثل محبة الله الظاهر على الأرض، لأن معرفة الناس بالله الساكن في السماء قائمة على تصوراتهم، وليس على ما رأوه بأعينهم، وما اختبروه شخصيًا. عندما يأتي الله إلى الأرض، يكون الناس قادرين على النظر إلى أعماله الفعلية وجماله، ويستطيعون أن يروا كل ما في شخصيته العملية والعادية، وجميعها حقيقية أكثر من معرفة الله الساكن في السماء بآلاف المرات. بغض النظر عن مدى حب الناس لله الساكن في السماء، لا يوجد ما هو حقيقي حول هذا الحب، وهو مملوء بالأفكار البشرية. وبغض النظر عن مدى حبهم لله الظاهر على الأرض، فإن هذا الحب حقيقي؛ وحتى لو لم يوجد سوى القليل منه، فإنه لا يزال حقيقيًا. يجعل الله الناس يعرفونه من خلال العمل الحقيقي، ومن خلال هذه المعرفة فإنه ينال حبهم. الأمر أشبه ببطرس: لو لم يكن قد عاش مع يسوع، لكان من المستحيل عليه أن يعبد يسوع. هكذا أيضًا كان ولاؤه تجاه يسوع مبنيًا على شركته مع يسوع. يأتي الله وسط البشر ويعيش مع الإنسان ليجعل الإنسان يحبه، وكل ما يريه للإنسان ويجعله يختبره هو حقيقة الله.

من "أولئك الذين يحبون الله سوف يعيشون إلى الأبد في نوره" في "الكلمة يظهر في الجسد"

437. "المحبة"، كما تُدعى، تشير إلى عاطفة نقية وبلا لوم، حيث تستخدم قلبك لتحب، ولتشعر، ولتكون مراعيًا للآخرين. لا توجد شروط في المحبة، ولا توجد حواجز، ولا مسافات. في المحبة لا يوجد شك، ولا خداع، ولا مكر. في المحبة لا توجد متاجرة ولا شيء غير نقي. إن أحببت، فحينها لن تخدع، أو تتذمَّر، أو تخون، أو تتمرَّد، أو تغتصب، أو تسعى إلى أن تربح شيئًا ما أو أن تربح مبلغ مُعيَّن. إن أحببت فسوف تُضحّي بسرور وتتحمَّل المشقَّة، وسوف تصير منسجمًا معي. سوف تتنازل عن كل ما يخصَّك لأجلي، تتنازل عائلتك، ومستقبلك، وشبابك، وزواجك. وفيما عدا ذلك لن تكون محبتك محبة على الإطلاق، بل ستكون بالأحرى خداعًا وخيانةً! ما هي نوعيّة محبتك؟ هل هي محبة حقيقية؟ أم زائفة؟ كم يبلغ ما تنازلت عنه؟ كم يبلغ ما قدَّمته؟ كم من الحب تلقَّيته منك؟ هل تعرف؟ إن قلوبكم مليئة بالشر، والخيانة، والخداع، وإذا كان الأمر كذلك، كم يبلغ عدد الشوائب في محبتكم؟ تعتقدون أنَّكم قد تخلَّيتم بالقدر الكافي لأجلي؛ إنَّكم تعتقدون أنَّ محبتكم لي كافية بالفعل، لكن لماذا إذن تحمل كلماتكم وأفعالكم التمرُّد والخداع؟ أنتم تتبعونني، لكنَّكم لا تعترفون بكلمتي. هل هذه تُعد محبة؟ أنتم تتبعونني، ومع ذلك تتجنبونني. هل هذه تُعَد محبة؟ تتبعونني، لكنَّكم تسيئون الثقة بيّ. هل يُعَد هذا حبًا؟ تتبعونني، إلَّا أنَّكم لا تقبلون وجودي. هل يُعد هذا حبًا؟ تتبعونني، لكنَّكم لا تعاملونني كما يليق بيّ وتصعِّبون الأمور عليَّ في كل مرةٍ. هل يُعَد هذا حبًا؟ تتبعونني، لكنَّكم تحاولون أن تستغبوني وتخدعوني في كل مسألة. هل يُعَد هذا حبًا؟ تخدمونني، إلَّا أنَّكم لا تهابونني. هل يُعَد هذا حبًا؟ تعارضونني في كل الجوانب وكل الأمور. هل يُعَد هذا كلّه حبًا؟ لقد ضحَّيتم بالكثير، هذا صحيح، لكنَّكم لم تمارسوا أبدًا ما أطلبه منكم. هل ممكن أن يُعَد هذا حبًا؟ إن الحساب الدقيق يُظهر أنَّه لا توجد أدنى لمحة حب ليّ داخلكم. بعد سنوات طويلة جدًا من العمل وكل الكلمات الكثيرة التي منحتها، كم ربحتم بالفعل؟ ألا يستحق الأمر نظرة متأنيَّة للوراء؟

من "كثيرون مدعوون، لكن قليلون مختارون" في "الكلمة يظهر في الجسد"

438. لا يوجد درس أكثر عمقًا من درس محبة الله، إذْ يمكن القول إن الدرس الذي يتعلمه الناس من حياة الإيمان هو كيفية محبة الله. وهذا يعني أنك إذا كنت مؤمنًا بالله فعليك أن تحبه. أما إذا كنت مؤمنًا بالله فقط دون أن تحبه، ولم تصل بعد إلى معرفته، ولم تحبه قط محبة حقيقية من صميم قلبك، فعندئذٍ يكون إيمانك به عقيمًا. إن كنت لا تحب الله وأنت مؤمنٌ به فأنت تعيش عبثًا، وحياتك بمجملها هي الأكثر وضاعةً بين حياة جميع المخلوقات. إذا كنت لم تحب الله أو ترضيه طوال حياتك كلها فما الهدف من حياتك إذًا؟ وما جدوى إيمانك به؟ أليست هذه مضيعة للجهد؟ خلاصة القول، إذا كان على الناس أن يؤمنوا بالله ويحبوه، فعليهم أن يدفعوا ثمنًا. عليهم أن يبحثوا في أعماق قلوبهم عن بصيرة حقيقية بدلَ محاولة التصرف بطريقة معينة خارجيًا. إذا كنت متحمّسًا للترنيم والرقص، ولكنك عاجز عن ممارسة الحق، فهل يمكن أن يُقال عنك أنك تحب الله؟ إن محبة الله تتطلب السّعي وراء تحقيق إرادته في كل شيء، والتدقيقَ في أعماقك عند حدوث أيّ أمرٍ محاولاً تمييز إرادته في ذلك الأمر، وما يبتغي منك تحقيقه، وكيفية تمييزك لمشيئته. على سبيل المثال: إذا حدث معك أمرٌ تطلب منك تحمُّل مشقّة معينة، عليك أن تفهم حينها ما هي إرادة الله وكيفية تمييزها. عليك عدم إرضاء نفسك: أولاً تنحى جانبًا، فلا يوجد ما هو أكثر وضاعة من الجسد، وعليك أن تقوم بواجبك وتسعى لإرضاء الله. إن فكّرت على هذا النحو سيهبك الله استنارةً خاصة في هذه المسألة، وسيجد قلبك أيضًا الراحة.

من "محبة الله وحدها تُعد إيمانًا حقيقيًا به" في "الكلمة يظهر في الجسد"

439. تعرفون الآن جميعًا أن إيمان الإنسان بالله ليس فقط من أجل خلاص النفس وسلامة الجسد، وليس من أجل إثراء حياته من خلال محبة الله، إلى غير ذلك من الأمور. والآن، إذا كنت تحب الله من أجل سلامة الجسد أو من أجل لذة مؤقتة، فحتى لو بَلَغَتْ – في النهاية – محبتك لله ذروتها ولم تطلب شيئًا، فسوف تظل هذه المحبة التي تنشدها محبة غير نقية وغير مرضية لله. إن أولئك الذين يستخدمون محبة الله في إثراء حياتهم المملة وفي ملء فراغٍ في قلوبهم، هم أولئك الذين ينشدون العيش في راحة، وليس الذين يسعون حقًا إلى محبة الله. هذا النوع من المحبة هو ضد رغبة الفرد، وهو عبارة عن سعي نحو لذة عاطفية، والله ليس بحاجة إلى محبة من هذا النوع. ما نوع محبتك لله إذن؟ لأي شيء تحب الله؟ ما مقدار المحبة الحقيقية التي تكنّها لله الآن؟ إن محبة أغلبكم هي على النحو سالف الذكر. لا يمكن لهذا النوع من المحبة إلا أن يظل كما هو؛ فلا يمكنه أن يصل إلى ثبات أبدي، ولا أن يتأصل في الإنسان. إنه مثل الزهرة التي ذبلت بعد تفتحها ولم تثمر. بعبارة أخرى، ما أن تلبث أن تحب الله على هذا النحو دون وجود أحد يرشدك في الطريق المُمتد أمامك حتى تسقط. إذا لم تكن قادرًا على أن تحب الله إلّا في وقت محبة الله، ولكن يبقى تنظيم حياتك بعد ذلك دون تغيير، فسوف تظل عاجزًا عن التخلص من تأثير الظلمة والهروب والإفلات من قيود الشيطان وخداعه لك. لا يمكن أن يكسِبَ اللهُ إنسانا كهذا؛ فروحه ونفسه وجسده تظل في النهاية مملوكة للشيطان. هذه مسألة لا شك فيها. كل أولئك الذين لا يمكن لله أن يكسَبَهم تمامًا سيعودون إلى مكانهم الأصلي، أي أنهم سوف يعودون إلى الشيطان، وسيُطرحون في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت ليتلقوا المرحلة التالية من عقاب الله. أما أولئك الذين كَسَبَهُم الله، فَهُم الذين تمرّدوا على الشيطان وهربوا من مُلكه. أولئك سيُحسبون في عداد شعب الملكوت، وهكذا يظهر إلى الوجود شعب الملكوت. أترغب في أن تكون هذا النوع من الأشخاص؟ أترغب في أن يكسبَك الله؟ أترغب في الهروب من مُلك الشيطان والرجوع إلى الله؟ هل أنت مملوك للشيطان الآن، أم أنك من المعدودين ضمن شعب الملكوت؟

من "ما وجهة النظر الواجب على المؤمنين تبنيها" في "الكلمة يظهر في الجسد"

440. لقد كان الإنسان يعيش تحت وطأة تأثير الظلمة، مكبلاً بأغلال العبودية تحت تأثير الشيطان بلا ملاذ، ومع الوقت أصبحت شخصية الإنسان فاسدة على نحو متزايد بعد أن خضعت لعمل الشيطان. قد يقول أحدهم إن الإنسان كان دومًا يعيش بشخصيته الشيطانية الفاسدة وغير قادر على محبة الله حقًا، إن كان الأمر كذلك فإذا كان الإنسان يرغب في محبة الله، فعليه أن يتجرد من اعتداده بنفسه وغروره وتكبره واختياله وغير ذلك من الأفعال التي تنتمي كلها إلى شخصية الشيطان، وإلّا كانت محبته محبة غير نقية، بل محبة شيطانية، ولا يمكن لمثل هذه المحبة أن تنال القبول من الله إطلاقًا. ولا يمكن لأحد أن يكون قادرًا على محبة الله حقًا ما لم يكن مكمَّلاً أو مُتَعَهَّداً أو مكسورًا أو مهذَّبًا أو مؤدباً أو موبَّخًا أو مُنَقّىً من الروح القدس.

من "الإنسان الفاسد غير قادر على تمثيل الله" في "الكلمة يظهر في الجسد"

441. عندما يتواصل الناس مع الله بقلوبهم، وعندما تكون قلوبهم قادرة على التوجه الكامل إليه، تكون هذه هي الخطوة الأولى لمحبة الإنسان لله. إذا كنت تريد أن تحب الله، فيجب أولاً أن توجه قلبك إليه. ماذا يعني أن توجه قلبك إلى الله؟ إنه عندما يكون كل شيء تسعى إليه في قلبك هو من أجل محبة الله وربحه، وهذا يدل على أنك توجهت بقلبك تمامًا إلى الله. فلا يوجد أي شيء آخر تقريبًا في قلبك (الأسرة أو الثروة أو الزوج أو الزوجة أو الأطفال وإلى آخره) سوى الله وكلامه. حتى لو كان هناك شيء، فلا يمكن لأشياء كهذه أن تشغل قلبك، وأنت لا تفكر في تطلعاتك المستقبلية، ولكنك فقط تسعى إلى محبة الله. في مثل هذا الوقت سوف تكون قد وجهت قلبك تمامًا إلى الله. هب أنك كنت لا تزال تضع خططًا لنفسك في قلبك، وتسعى لتحقيق الربح الشخصي وتفكر دائمًا قائلًا لنفسك: "متى يمكنني تقديم طلب صغير إلى الله؟ متى ستصبح عائلتي غنية؟ كيف يمكنني الحصول على بعض الملابس الجميلة؟ ..." إذا كنت تعيش في هذه الحالة، فإن هذا يدل على أن قلبك لم يتوجه بالكامل إلى الله. إذا كان لديك فقط كلام الله في قلبك وأنت قادر على أن تصلي إلى الله وتصبح قريبًا منه في كل الأوقات، كما لو كان قريبًا جدًا منك، وكما لو كان الله داخلك وأنت داخله، إذا كنت في هذه الحالة، فهذا يعني أن قلبك في حضرة الله. إذا صلّيت إلى الله وأكلت وشربت من كلامه كل يوم، وتفكر دائمًا في عمل الكنيسة، وإذا كنت تبدي اهتمامًا بإرادة الله، وتستخدم قلبك لتحبه بحق وترضي قلبه، فعندئذٍ سيمتلك الله قلبك. إذا كان قلبك منشغلًا بعدد من الأشياء الأخرى، فإن الشيطان لا يزال يشغله ولم يتجه إلى الله حقًا. عندما يتجه قلب أحدهم نحو الله حقًا، ستكون لديه محبة حقيقية وعفوية له، وسيكون قادرًا على الاهتمام بعمل الله. على الرغم من أنه قد تظل لديه حالات من الحماقة وعدم الجدوى، إلا أنه يُظهر الاهتمام بمصالح بيت الله وبعمله، وبتغيير شخصيته، ويكون قلبه في المكان الصحيح. يدّعي بعض الناس دائمًا أن كل ما يفعلونه هو من أجل الكنيسة والحقيقة أن هذا لأجل مصلحتهم الخاصة؛ فليس لدى هذا النوع من الأشخاص الدافع المناسب، فهو نوع ملتوٍ ومخادع ومعظم الأشياء التي يفعلها هي من أجل مصلحته الشخصية. لا يسعى هذا النوع من الأشخاص إلى محبة الله؛ إذ لا يزال قلبه ينتمي إلى الشيطان ولا يمكن أن يتجه إلى الله. ليست لدى الله طريقة لاقتناء هذا النوع من الأشخاص.

من "المحبة الحقيقية لله محبةٌ عفويةٌ" في "الكلمة يظهر في الجسد"

442. إن عمل الله الذي يقوم به في الناس يبدو ظاهريًا في كل مرحلة من مراحله كأنه تفاعلات متبادلة بينهم أو وليد ترتيبات بشرية أو نتيجة تدخل بشري. لكن ما يحدث خلف الكواليس في كل مرحلة من مراحل العمل وفي كل ما يحدث هو رهان وضعه الشيطان أمام الله، ويتطلب من الناس الثبات في شهادتهم لله. خذ على سبيل المثال عندما جُرِّبَ أيوب: كان الشيطان يراهن الله خلف الكواليس، وما حدث لأيوب كان أعمال البشر وتدخلاتهم. إن رهان الشيطان مع الله يسبق كل خطوة يأخذها الله فيكم، فخلف كل هذه الأمور صراعٌ. فعلى سبيل المثال، إذا كنت متحاملًا على إخوتك وأخواتك، فستفكّر بكلام تريد قوله، وقد تشعر أنه كلامٌ لا يرضي الله، ولكن إن لم تقل هذا الكلام، فستشعر بعدم ارتياح في داخلك، وفي هذه اللحظة سيقومُ صراعٌ في داخلك: "هل أتحدث أم لا؟". هذا هو الصراع. وهكذا، تواجه صراعًا في كل شيء. وعندما يقوم صراع فيك سيعمل فيك الله بفضل تعاونك الفعلي ومعاناتك الحقيقية. وبالنتيجة سيمكنك أن تُنَحِّي الأمر في داخلكَ جانبًا ويَخمُدُ الغضبُ بطريقة طبيعية. هذه هي نتيجة تعاونك مع الله. كل ما يفعله الناس يتطلب منهم دفعَ ثمنٍ مُعيّنٍ من مجهودهم. لا يمكنهم إرضاء الله، ولا حتى الاقتراب من إرضاء الله، بدون مشقة فعلية، بل يطلقون شعارات فارغة فحسب! هل يمكن لهذه الشعارات الفارغة أن ترضي الله؟ عندما يتصارع الله والشيطان في العالم الروحي، كيف عليك إرضاء الله والثبات في شهادتك؟ يجب عليك أن تعرف أن كل ما يحدث لك هو تجربة عظيمة، وأن تعرف الوقت الذي يريدك الله فيه أن تشهد له. ظاهريًا قد لا يبدو هذا بالأمرِ الجَلَل، ولكن عندما تحدث هذه الأشياء فإنها تُظهِرُ ما إذا كنتَ تُحبُّ اللهَ أم لا. فإذا ما كنت تحبّه فستستطيع أن تثبت في شهادتك، وإذا لم تكن قد مارست محبته فهذا يدلّ على أنك لست شخصًا يمارس الحق، وأنك تفتقد للحقيقة والحياة، وأنك قشٌّ! كل ما يحدث للناس يحدثُ لهم عندما يريدهم الله أن يثبتوا في شهادتهم له. لم يحدث لك أمرٌ جلل في هذه اللحظة ولا تقدم شهادة عظيمة، ولكن كل تفاصيل حياتك اليومية تتعلق بالشهادة لله. إذا تمكنت من الفوز بإعجاب إخوتك وأخواتك وأفراد عائلتك وكل من حولك، وجاء غير المؤمنين يومًا ما وأعجبوا بكل ما تفعله واكتشفوا أن كل ما يفعله الله رائع، فحينها تكون قد قدمت شهادتك. مع أنك لا تتحلى بالبصيرة وأن مقدرتك ضعيفة، ستقدر من خلال تكميل الله لك على إرضائه والاهتمام بمشيئته، مُظهرًا للآخرين عِظَمِ عمل الله في أناس لا يملكون من القدرات إلا أضعفها، وعندما يتعرّف الناس على الله ويصبحوا غالبين أمام الشيطان، ويصبحوا أوفياء لله إلى حدٍّ كبير، فلن يمتلك أحدٌ شجاعةً أكثر من هذه المجموعة من الناس، وهذه أعظم شهادة. مع أنك غير قادر على القيام بعمل عظيم، إلا أنك قادرٌ على إرضاء الله. لا يستطيع الآخرون تنحية مفاهيمهم جانبًا، لكنك تستطيع. لا يستطيع الآخرون تقديم شهادة لله وقت خبراتهم الفعلية، ولكن يمكنك استخدام قامتك الفعلية وأعمالك لتوفي الله محبّته، وتقدم شهادة مدويّة عنه. هذا فقط ما يمكن اعتباره محبة حقيقة لله.

من "محبة الله وحدها تُعد إيمانًا حقيقيًا به" في "الكلمة يظهر في الجسد"

443. كلما وضعت الحق موضع الممارسة، امتلكت المزيد من الحق؛ وكلما وضعت الحق موضع الممارسة، امتلكت المزيد من محبة الله؛ وكلما وضعت الحق موضع الممارسة، ازدادت بركة الله عليك. إذا كانت ممارستك دائمًا بهذه الطريقة، فسوف ترى تدريجيًا محبة الله في داخلك، وستعرف الله كما عرفه بطرس: قال بطرس إن الله ليس لديه الحكمة لخلق السماوات والأرض وكل الأشياء فحسب، بل ولديه أيضًا الحكمة للقيام بعمل حقيقي في الناس. وقال بطرس إن الله لا يستحق محبة الناس بسبب خلقه للسماوات والأرض وكل الأشياء فحسب، بل بسبب قدرته على أن يخلق الإنسان ويخلّصه ويُكمّله ويهبه محبته. هكذا أيضًا قال بطرس إنه يوجد فيه الكثير مما يستحق محبة الإنسان. لقد قال بطرس ليسوع: "ألا تستحق محبة الناس لأسباب أكثر من مجرد خلق السماوات والأرض وكل الأشياء؟ يوجد الكثير مما هو جدير بأن يُحب فيك، فأنت تتصرف وتتحرك في الحياة الحقيقية، وروحك يحركني في الداخل، وتؤدبني وتوبخني، وهي أشياء تستحق بالحري المزيد من محبة الناس". إذا كنت ترغب في رؤية محبة الله واختبارها، فعليك أن تستكشف وتسعى في الحياة الحقيقية، وأن تكون على استعداد لتنحية جسدك جانبًا. يجب عليك اتخاذ هذا القرار. يجب عليك أن تكون شخصًا ذا عزيمة، قادرًا على إرضاء الله في كل شيء، دون أن تكون كسولاً، أو طامعًا في مُتع الجسد، ولا تعيش من أجل الجسد بل من أجل الله. قد توجد أوقات لا ترضي فيها الله، ذلك لأنك لا تفهم إرادة الله؛ في المرة القادمة، مع أن الأمر سوف يتطلب المزيد من الجهد، يجب أن ترضيه هو، وليس الجسد. عندما يكون اختبارك بهذه الطريقة، ستكون قد تعرّفت على الله. سترى أن الله قد استطاع أن يخلق السماوات والأرض وكل الأشياء، وأنه قد صار جسدًا حتى يتمكن الناس من رؤيته رؤية حقيقية وواقعية ويتفاعلون معه تفاعلاً حقيقيًا وواقعيًا، وأنه قادر على السير وسط البشر، وأنه يمكن لروحه أن يُكمِّل الناس في الحياة الحقيقية، ويسمح لهم برؤية جماله واختبار تأديبه وتزكيته وبركاته. إن كنت تختبر دائمًا بهذه الطريقة، فإنك لن تنفصل عن الله في الحياة الواقعية، وإن لم تَعُد علاقتك بالله طبيعية في يوم من الأيام، فسوف تعاني اللوم وتشعر بالندم. وعندما تكون لديك علاقة طبيعية مع الله، فلن ترغب أبدًا في ترك الله، وإن قال الله يومًا إنه سيتركك، فسوف تشعر بالخوف، وستقول إنك تفضل الموت عن أن يتركك الله. ما أن تمتلك هذه المشاعر، ستشعر بأنك غير قادر على ترك الله، وبهذه الطريقة سيكون لديك أساس، وسوف تتمتع حقًا بمحبة الله.

من "أولئك الذين يحبون الله سوف يعيشون إلى الأبد في نوره" في "الكلمة يظهر في الجسد"

444. ما مقدار محبتك لله اليوم؟ وما مدى معرفتك بكل ما فعله الله فيك؟ هذه هي الأمور التي أنت بحاجة لتعلمها. عندما يصل الله إلى الأرض، فإن كل ما فعله في الإنسان وسمح للإنسان أن يراه إنما هو لكي يجعل الإنسان يحب الله ويعرفه حق المعرفة. كما أن قدرة الإنسان على أن يتألم لأجل الله وأن يتمكّن من الوصول إلى هذا الحد، هي من جانب بسبب محبة الله، ومن جانب آخر بسبب خلاص الله. إضافة إلى ذلك، فهي بسبب عمل الدينونة والتوبيخ الذي يُجريه الله في الإنسان. فلو أنكم بدون دينونة وتوبيخ وتجارب من الله، وإذا لم يدعكم الله تتألمون، فعندئذ، أقولها بصدق، لن تكون لكم محبة حقيقية لله. فكلما زاد عمل الله في الإنسان وزادت معاناة الإنسان، أمكن إظهار مدى جدوى عمل الله، وزادت قدرة قلب الإنسان على محبة الله فعلًا. كيف تتعلم أن تحب الله؟ فبدون ضيقات وتنقية، وبدون تجارب مؤلمة – وأيضًا لو أن كل ما أعطاه الله للإنسان هو النعمة والمحبة والرحمة – هل يكون باستطاعتك أن تحوز على محبة الله الحقيقية؟ من جهة، أثناء التجارب الإلهية يصل الإنسان إلى معرفة أوجه قصوره ويرى كيف أنه ضئيل ومزدرى ووضيع، وأنه لا يملك أي شيء وهو نفسه لا شيء؛ وعلى الجانب الآخر، أثناء تجاربه يخلق الله بيئات مختلفة للإنسان تجعل الإنسان أكثر قدرةً على اختبار محبة الله. ومع أن الألم يكون كبيرًا وأحيانًا لا يمكن التغلب عليه – بل يصل إلى حد الحزن الساحق – فإن اختبار الإنسان له يجعله يرى كم هو جميل عمل الله فيه، وفقط على هذا الأساس تُولد في الإنسان المحبة الحقيقية لله. يرى الإنسان اليوم أنه بواسطة نعمة الله ومحبته ورحمته فقط، يكون الإنسان غير قادر على إدراك المعرفة الحقيقية لنفسه، فضلاً عن عدم قدرته على معرفة جوهر الإنسان. فقط من خلال تنقية الله ودينونته، ومن خلالهما فقط، يمكن للإنسان معرفة أوجه قصوره وإدراك أنه لا يملك أي شيء. ومن ثمَّ، فإن محبة الإنسان لله مبنية على أساس تنقية الله ودينونته.

من "اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله" في "الكلمة يظهر في الجسد"

445. ليس لدى معظم الناس اليوم هذه المعرفة. هم يعتقدون أن المعاناة لا قيمة لها، وأنهم منبوذون من العالم، وحياتهم المنزلية مضطربة، وأنهم ليسوا محبوبين من الله، وآفاقهم قاتمة. تصل معاناة بعض الناس إلى حدودها القصوى، وتتحول أفكارهم نحو الموت. هذه ليست المحبة الحقيقية لله؛ مثل هؤلاء الناس جبناء، ليس لديهم قدرة على المثابرة، وهم ضعفاء وعاجزون! الله حريص على جعل الإنسان يحبه، لكن كلما زادت محبة الإنسان لله، زادت معها معاناته، وكلما زادت محبة الإنسان له، أصبحت تجاربه أكثر شدة. إذا كنت تحبه، فستقع عليك كل أنواع الآلام – أمّا إذا لم تكن تحبه، عندها ربما تمضي كل الأمور على ما يرام لك، وكل شيء سيكون هادئًا من حولك. عندما تُحب الله، ستشعر أن الكثير من الأمور حولك لا تُقهر، ولأن قامتك صغيرة للغاية فسوف تُنقَّى؛ وإضافة إلى ذلك، أنت غير قادر على إرضاء الله، وستشعر دومًا أن إرادة الله سامية جدًا وبعيدة عن متناول الإنسان. بسبب كل هذا سوف تُنقَّى – لأن هناك الكثير من الضعف داخلك، والكثير مما هو غير قادر على تتميم إرادة الله، فسوف تُنقَّى من الداخل. يجب عليكم أن تدركوا تمامًا أن التطهير لا سبيل له إلا بواسطة التنقية. ولذلك، أثناء هذه الأيام الأخيرة يجب أن تحملوا الشهادة لله. بغض النظر عن مدى حجم معاناتكم، عليكم أن تستمروا حتى النهاية، وحتى مع أنفاسكم الأخيرة، يجب أن تظلوا مخلصين لله، وتحت رحمته. فهذه وحدها هي المحبة الحقيقية لله، وهذه وحدها هي الشهادة القوية والمدوّية. عندما تتعرض للإغواء من الشيطان يجب أن تقول: "إن قلبي هو لله، وقد ربحني الله بالفعل. لا أستطيع أن أخضع لغوايتك – يجب أن أكرس كل ما لي من أجل إرضاء الله". وكلما زاد إرضاؤك لله، زادت بركة الله لك، وزادت معها قوة محبتك لله؛ هكذا أيضًا سيكون لديك الإيمان والعزيمة، وستشعر أن لا شيء أكثر قيمة أو أهمية من حياة تقضيها في محبة الله. يمكن القول إن الإنسان لكي يتخلَّص من الأحزان لا سبيل له إلا بأن يحب الله. ومع أن ثمة أوقات يكون فيها الجسد ضعيفًا وتعصف بك العديد من المشاكل الحقيقية، إلا أنه خلال تلك الأوقات سوف تتكل حقًا على الله وستتعزى في روحك وستشعر باليقين وستدرك أن لديك ما يمكنك أن تتكل عليه. بهذه الطريقة سيكون باستطاعتك أن تتغلب على العديد من الظروف، ومن ثمَّ فلن تتذمر من الله بسبب المعاناة التي تتجرعها؛ بل ستود أن تُغني وترقص وتصلي، وتحضر اجتماعات وتتواصل، وتكرِّس فكرك لله، وستشعر أن كل الناس والأشياء والأمور من حولك التي نظمها الله ملائمة لك. أمّا إذا كنت لا تُحب الله، فكل ما ستنظر إليه سيبدو مزعجًا لك، لن يكون هناك شيء سار للعين؛ وفي روحك لن تكون حرًا بل مقهورًا، وسيظل قلبك دائمًا يتذمر من الله، وستشعر دائمًا أنك تعاني من ضيقات كثيرة، وأن الحياة ليست عادلة. إذا لم تكن تسعى فقط لإدراك السعادة، بل بالأحرى تسعى لإرضاء الله وألا يتهمك الشيطان، عندها سيمنحك سعيك قوة عظيمة لكي تحب الله. يستطيع الإنسان أن يعمل كل ما تكلم به الله، وكل ما يفعله يمكن أن يُرضي الله – وهذا هو معنى أن تكون مُمتلكاً للحقيقة. إن طلب إرضاء الله هو استخدام محبة الله لممارسة كلماته؛ بغض النظر عن الوقت – عندما يكون الآخرون عاجزين – سيظل بداخلك قلب يحب الله ويشتاق بعمق له ويفتقده. هذه هي القامة الحقيقية.

من "اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله" في "الكلمة يظهر في الجسد"

446. أثناء التنقية المُرّة، يسهل على الإنسان أن يسقط تحت تأثير الشيطان، فكيف ينبغي عليك إذًا أن تحب الله أثناء التنقية؟ ينبغي أن تستدعي إرادتك، وتسكب قلبك أمام الله، وتكرّس وقتك له. لا يهم كيف ينقيك الله، فما ينبغي عليك فعله هو أن تكون قادرًا على ممارسة الحق لإتمام مشيئة الله، وينبغي عليك أن تعزم على السعي وراء الله ووراء الاتحاد به. في أوقات كهذه، كلما كنت مستسلمًا، صرت سلبيًّا، وبات من السهل عليك أن تتراجع. عندما يكون من الضروري عليك القيام بوظيفتك، ومع أنك لا تقوم بها جيدًا، فإنك تفعل كل ما بوسعك، وتفعلها غير مستخدم لشيء أكثر من محبتك لله. بغض النظر عمّا يقوله الآخرون، سواء كانوا يقولون إنك أبليت بلاءً حسنًا أو إنك تصرفت على نحو سيء، فدوافعك صحيحة، وليس لديك بر ذاتي، لأنك تتصرف نيابةً عن الله. عندما يسيء الآخرون تفسير تصرفك، تكون قادرًا على الصلاة لله قائلاً: "يا الله! لا أطلب أن يتسامح معي الآخرون ولا أن يحسنوا معاملتي، ولا أن يفهموني أو يرضوا عني.. أنا لا أطلب إلا أن أكون قادرًا على أن أحبك في قلبي، وأشعر بالراحة في قلبي، وضميري نقي. لا أطلب أن يمدحني الآخرون، أو ينظروا إلي باحترام فائق؛ إنني لا أسعى إلا إلى أن أرضيك من قلبي، وأقوم بدوري من خلال فعل كل ما بوسعي، ومع أني أحمق وغبي، وفقير في الإمكانيات وأعمى، إلا أنني أعرف أنك جميل، وأرغب في تكريس ذاتي بجملتها لك." ما أن تصلي بهذه الطريقة، تبرز محبتك لله، وتشعر بالكثير من الراحة في قلبك. هذا هو معنى ممارسة محبة الله.

من "لا يمكن للإنسان أن يتمتع بمحبة حقيقية إلا من خلال اختبار التنقية" في "الكلمة يظهر في الجسد"

447. كيف ينبغي على الإنسان أن يحب الله أثناء التنقية؟ يحدث ذلك من خلال استخدام العزم على محبة الله لقبول تنقيته: أثناء التنقية تتعذّب من الداخل، كما لو كان سكين قد انغرس في قلبك، ومع ذلك أنت ترغب في إرضاء الله مُستخدِمًا قلبك، الذي يحبه، ولا ترغب في الاهتمام بالجسد. هذا ما تعنيه ممارسة محبة الله. أنت تتألم من الداخل، وعذابك قد وصل إلى نقطة معينة، ومع ذلك تظل راغبًا في المجيء أمام الله والصلاة قائلاً: "يا الله! لا أستطيع أن أتركك. ومع أنه توجد ظلمة بداخلي، إلا أنني أرغب في إرضائك؛ فأنت تعرف قلبي، وأرغب في أن تستثمر المزيد من محبتك بداخلي". هذه هي الممارسة أثناء التنقية. إن كنت تستخدم محبة الله كأساسٍ، يمكن للتنقية أن تقربك من الله وتجعلك أكثر حميمية معه. وحيث إنك تؤمن بالله، عليك أن تسلّم قلبك أمامه. إن قدمت قلبك وسكبته أمام الله، فمن المستحيل أن تنكر الله أو تتركه أثناء التنقية. بهذه الطريقة تغدو علاقتك مع الله أكثر قربًا، وتكون عادية على نحو أكبر، وسيصير اتحادك بالله أمرًا دائمًا. إن كنت تمارس دائمًا بهذه الطريقة، فستقضي المزيد من الوقت في نور الله، والمزيد من الوقت تحت إرشاد كلماته، وستحدث أيضًا المزيد والمزيد من التغيرات في شخصيتك، وستزداد معرفتك يومًا تلو الآخر. عندما يأتي اليوم وتلحق بك تجارب الله فجأةً، لن تكون قادرًا على الوقوف إلى جانب الله فحسب، بل ستستطيع أيضًا تقديم شهادة له. في ذلك الوقت، ستكون مثل أيوب وبطرس. بعد أن تقدم الشهادة لله ستحبه حقًّا، وستضع حياتك بسرور من أجله؛ ستكون أحد شهود الله، ومحبوبه. المحبة التي اختبرَتْ التنقية هي محبة قوية، وليست ضعيفة. بغض النظر عن متى وكيف يُخضِعَك الله لتجاربه، ستستطيع ألَّا تبالي بالحياة أو الموت، وستتخلّى عن كل شيء من أجل الله بسرورٍ، وتتحمَّل كل شيء بسرورٍ من أجل الله، وهكذا ستكون محبتك نقيَّة وإيمانك حقيقياً. وحينئذٍ فقط ستكون شخصًا يحبّه الله بحقٍ، وقد كمّله الله حقًّا.

من "لا يمكن للإنسان أن يتمتع بمحبة حقيقية إلا من خلال اختبار التنقية" في "الكلمة يظهر في الجسد"

448. يوبِّخ الله الإنسان ويدينه لأن عمله يتطلب هذا، ولأن هذا ما يحتاجه الإنسان أيضًا. يحتاج الإنسان إلى التوبيخ والدينونة، وعندها فقط يستطيع أن يصل إلى محبة الله. إنكم اليوم مقتنعون تمامًا، لكنكم تصبحون في ورطة عندما تواجهون أدنى انتكاسة؛ لا تزال قامتكم صغيرة للغاية، ولا تزالون بحاجة إلى اختبار المزيد من هذا التوبيخ والدينونة من أجل تحقيق معرفة أعمق. إنكم تكنّون اليوم بعض الاتقاء لله، وتخافون الله، وتعرفون أنه الإله الحقيقي، لكنكم لا تحبونه حبًا كبيرًا، ولا حتى وصلتم لاقتناء حب صافٍ نحوه. معرفتكم معرفة سطحية للغاية، ولا تزال قامتكم ناقصة. عندما توجدون في بيئة حقًا، فما زلتم لا تقدمون شهادة، ودخولكم ليس فعَّالًا سوى بقدر ضئيل جدًا، وليس لديكم فكرة عن كيفية الممارسة. معظم الناس سلبيون وغير نشطين؛ ولا يحبون الله إلا سرًا في قلوبهم، لكن ليس لديهم طريقة للممارسة، ولا هم فاهمون ماهية أهدافهم. أولئك الذين تكمَّلوا لا يمتلكون بشرية عادية فحسب، بل يمتلكون حقائق تفوق مقاييس الضمير، وأعلى من معايير الضمير؛ إنهم لا يستخدمون ضميرهم فقط لردِّ محبة الله، ولكن بالإضافة إلى ذلك، عرفوا الله، ورأوا أن الله محبوب، ويستحق محبة الإنسان، وأنه يوجد الكثير مما يمكن محبته في الله حتى أن الإنسان لا يسعه إلا أن يحبه. تهدف محبة الله عند أولئك الذين تكمَّلوا إلى تحقيق تطلعاتهم الشخصية. فحبهم هو حب عفوي، حب لا يطلب شيئًا في المقابل، ولا هو تجارة. إنهم يحبون الله لا لسبب سوى معرفتهم به. لا يهتم مثل هؤلاء الناس بما إن كان الله يمنحهم بركات أم لا، وكل ما يكفيهم هو إرضاء الله. إنهم لا يساومون الله، ولا يقيسون حبهم لله بالضمير: لقد أعطيتني، ولهذا أنا أحبك في المقابل؛ وإن لم تعطني، فليس لدي ما أعطيه في المقابل. فأولئك الذين قد تكمَّلوا يؤمنون دائمًا بأن الله هو الخالق، وأنه يُنفِّذ عمله فينا، وبما أنني أحظى بهذه الفرصة والظرف والمؤهلات لأكون كاملاً، فيجب أن يكون سعيي هو إلى أن أحيا حياة ذات معنى، وعليّ أن أرضيه.

من "اختبارات بطرس: معرفته بالتوبيخ والدينونة" في "الكلمة يظهر في الجسد"

449. اختبر بطرس التنقية مئات المرات في حياته واجتاز في العديد من المِحن المؤلمة. صارت هذه التنقية أساسًا لمحبته لله، وصارت أهم خبرة في حياته كلها. يمكن القول إن قدرته على امتلاك محبة فائقة لله كانت بسبب تصميمه على محبة الله؛ لكن الأهم أنها كانت بسبب التنقية والمعاناة التي اجتاز فيهما. صارت هذه المعاناة دليله في طريق محبة الله، وصارت الأمر الأجدر بأن يتذكره. لو لم يجتز الناس في ألم التجربة عندما يحبون الله، فستمتلأ محبتهم بنجاسات وبتفضيلاتهم الشخصية؛ محبة مثل هذه هي محبة مملوءة بأفكار الشيطان، وعاجزة ببساطة عن إرضاء مشيئة الله. إن امتلاك العزم على محبة الله ليس مثل محبة الله بحق. مع أن كل ما يفكر فيه الناس في قلوبهم هو من أجل محبة الله، وإرضائه، كما لو كانت معتقداتهم بلا أية أفكار بشرية، وكما لو كانت كلها من أجل الله، إلا أنه عندما تأتي معتقداتهم أمام الله، لا يمدحها أو يباركها. وحتى عندما يفهم الناس كل الحقائق فهمًا كاملاً، أي عندما يعرفونها جميعًا، فلا يمكن أن يُقال إن هذا علامة على محبة الله، ولا يمكن أن يُقال إن هؤلاء الناس يحبون الله فعلاً. ومع أن الناس قد فهموا العديد من الحقائق دون الاجتياز في تنقية، إلا أنهم عاجزون عن ممارسة هذه الحقائق؛ لا يمكن للناس فهم المعنى الحقيقي لهذه الحقائق إلا أثناء التنقية، ووقتها فقط يمكن للناس تقدير المعنى الداخلي لها بصدق. في ذلك الوقت، عندما يحاولون ثانيةً، يستطيعون ممارسة الحقائق ممارسةً سليمة، ووفقًا لمشيئة الله. في ذلك الوقت، تنحصر أفكارهم البشرية، ويتقلص فسادهم الإنساني، وتضعف مشاعرهم الإنسانية؛ وفي هذا الوقت فقط تكون ممارستهم تعبيرًا حقيقيًّا عن محبة الله. لا يتحقق تأثير حق محبة الله من خلال المعرفة المنطوقة أو الرغبة العقلية، ولا يمكن تحقيقه ببساطة من خلال فهمه؛ بل إنه يتطلب أن يدفع الناس ثمنًا، وأن يجتازوا في الكثير من المرارة أثناء التنقية، وحينئذٍ فقط تصير محبتهم نقية، وبحسب قلب الله.

من "لا يمكن للإنسان أن يتمتع بمحبة حقيقية إلا من خلال اختبار التنقية" في "الكلمة يظهر في الجسد"

450. قرب نهاية حياة بطرس، بعد أن كان قد تكمَّل، صلى قائلًا: "يا الله! لو كان لي أن أعيش بضع سنوات أخرى، لتمنيت أن أقتني حبًا أنقى وأعمق نحوك." وعندما كان على وشك أن يُسمَّر على الصليب، صلى في قلبه قائلًا: "إلهي! لقد حان وقتك الآن، حان الوقت الذي أعددته لي. يجب أن أُصلب من أجلك، ولا بُدّ أن أقدّم هذه الشهادة عنك، وآمل أن يفي حبي لك بمتطلباتك، وأن يصير أكثر نقاءً. واليوم، إنه لأمر مطمئن ومعزٍ أن أكون قادرًا على الموت من أجلك، وأن أُسمّرَ على الصليب من أجلك، لأنه لا يوجد ما يرضيني أكثر من أن أتمكن من أن أُصلب من أجلك وأُرضي رغباتك، وأن أكون قادرًا على أن أعطي لك نفسي، وأن أقدم لك حياتي. يا الله! كم أنت محبوب! لو سمحت لي أن أعيش، لازداد استعدادي لأن أحبك. طالما أنا على قيد الحياة، فسوف أحبك. آمل أن أحبك حبًا أكثر عمقًا. أنت تدينني وتؤدبني وتجربني لأنني لست بارًا، لأنني قد أخطأت. وهكذا تصبح شخصيتك البارة أكثر وضوحًا لي. هذه بركة لي، لأنني قادر على أن أحبك حبًا أكثر عمقًا، وعلى استعداد لأن أحبك بهذه الطريقة حتى لو كنت لا تحبني. أنا على استعداد أن أعاين شخصيتك البارَّة، فهذا يمنحني قدرة أكبر على أن أحيا حياة ذات معنى. أشعر أن حياتي الآن ذات معنى أكبر، لأنني صُلبت من أجلك، ويا له من معنى أن أموت من أجلك. ما زلت لا أشعر بالرضا، لأنني لا أعرف سوى القليل جدًا عنك، وأعلم أنني لا أستطيع إتمام رغباتك تمامًا، وأنني لم أردَّ لك إلا القليل جدًا. لم أستطع خلال حياتي أن أعود لك بجملتي، فأنا بعيد عن ذلك. وعندما أنظر إلى الوراء في هذه اللحظة، أشعر بأنني مدين لك بالكثير، وليس أمامي سوى هذه اللحظة للتعويض عن كل أخطائي وكل الحب الذي لم أردَّه لك."

من "اختبارات بطرس: معرفته بالتوبيخ والدينونة" في "الكلمة يظهر في الجسد"

451. يجب على الإنسان أن يسعى ليحيا حياة ذات معنى، وألا يكون راضيًا عن ظروفه الحالية. لكي يحيا الإنسان حياة بطرس، يجب أن يمتلك معرفة بطرس واختباراته. يجب على الإنسان أن يسعى إلى ما هو أعلى وأعمق. يجب عليه أن يسعى إلى محبة أعمق وأنقى نحو الله، وحياة ذات قيمة ومعنى. لأن هذه فحسب هي الحياة. عندها فقط يصير الإنسان مثل بطرس. يجب أن تركز على أن تكون فعَّالًا تجاه دخولك على الجانب الإيجابي، وألا تسمح لنفسك بالارتداد خانعًا من أجل راحة مؤقتة بينما تتجاهل حقائق أكثر عمقًا وأكثر تحديدًا وعملية بدرجة أكبر. يجب أن يكون حبك عمليًا، ويجب أن تجد طرقًا لتحرير نفسك من هذه الحياة الفاسدة الرغدة التي لا تختلف عن حياة الحيوانات. يجب أن تحيا حياة ذات معنى، حياة ذات قيمة، ويجب ألا تخدع نفسك، أو تعامل حياتك كأنها لعبة تلعب بها. لكل من يطمح لأن يحب الله، لا توجد حقائق لا يمكن الحصول عليها، ولا عدالة لا يستطيعون الثبات من أجلها. كيف يجب أن تعيش حياتك؟ كيف يجب أن تحب الله، وتستخدم هذا الحب لإرضاء رغبته؟ لا يوجد شيء أعظم من هذا في حياتك. بادِئ ذِي بَدْءٍ، يجب أن يكون لديك مثل هذه التطلعات والمثابرة، ويجب ألا تكون مثل أولئك الضعفاء الواهنين. يجب أن تتعلم كيف تختبر حياة ذات معنى، وأن تختبر حقائق ذات مغزى، وألا تعامل نفسك بسطحية على هذا النحو. دون أن تدرك ذلك، فسوف تمرّ حياتك منك دون أن تدري؛ ولكن هل بعد ذلك ستتاح لك فرصة أخرى لكي تحب الله؟ هل يمكن للإنسان أن يحب الله بعد موته؟ يجب أن يكون لديك نفس تطلعات بطرس وضميره؛ يجب أن تكون حياتك ذات مغزى، ويجب ألا تعبث بنفسك! يجب عليك كإنسان وكشخص يطلب الله أن تكون قادرًا على التفكير مليًّا في كيفية تعاملك مع حياتك، وكيف ينبغي عليك تقديم نفسك لله، وكيف ينبغي أن تقتني إيمانًا أكثر معنى بالله، وكيف ينبغي، طالما أنك تحبه، أن تحبه بطريقة أكثر نقاءً، وأكثر جمالًا، وأكثر صلاحًا.

من "اختبارات بطرس: معرفته بالتوبيخ والدينونة" في "الكلمة يظهر في الجسد"

452. إن كان الناس يرغبون في محبة الله، فعليهم أن يتذوّقوا جمال الله، وأن يعاينوا محبة الله؛ وعندها فقط يمكن أن يُوقظ فيهم قلب يحب الله، قلب مستعد أن يضحي بإخلاص من أجل الله. الله لا يجعل الناس يحبونه من خلال الكلمات والتعابير، أو من خلال خيالهم، ولا يجبر الناس على أن يحبوه. بل يجعلهم يحبونه بإرادتهم، ويجعلهم يرون جماله في عمله وأقواله، وبعدها تولد في داخلهم محبة الله. بهذه الطريقة فحسب يستطيع الناس أن يشهدوا حقًا لله. الناس لا يحبون الله لأن الآخرين قد حثّوهم على فعل ذلك، ولا هو اندفاع عاطفي مؤقت. إنهم يحبون الله لأنهم رأوا جماله، لقد رأوا أنه يوجد الكثير فيه مما يستحق محبة الناس، ولأنهم رأوا خلاص الله وحكمته وأعماله العجيبة – فإنهم نتيجة لذلك يسبحون الله حقًا، ويتوقون إليه حقًا، وقد التهب فيهم مثل هذا الشغف حتى أنهم لا يستطيعون الاستمرار بدون أن يربحوا الله. السبب في أن أولئك الذين يشهدون حقًا لله قادرون على تقديم شهادة مدوية له هو أن شهادتهم قائمة على أساس المعرفة الحقيقية والتوق الحقيقي لله. إنها ليست وفقًا لاندفاع عاطفي، ولكن وفقًا لمعرفة الله وشخصيته. ولأنهم عرفوا الله، فهم يشعرون بأنهم بالتأكيد يشهدون لله، ويجعلون كل الذين يتوقون إلى الله يعرفون الله، وعلى دراية بجمال الله وبكونه حقيقيًا. ومثل محبة الناس لله، تكون شهادتهم عفوية وحقيقية ولها أهمية وقيمة حقيقيتين. إنها ليست سلبية أو جوفاء وبلا معنى. السبب في أن أولئك الذين يحبون الله حقًا هم وحدهم مَنْ لديهم أكبر قيمة ومعنى في حياتهم، وهم وحدهم مَنْ يؤمنون بالله حقًا، هو أن هؤلاء الناس يعيشون في نور الله، وهم قادرون على العيش من أجل عمل الله وتدبيره؛ إنهم لا يعيشون في الظلمة، بل يعيشون في النور، ولا يعيشون حياة بلا معنى، بل هي حياة قد باركها الله. لا يقدر على الشهادة لله إلا أولئك الذين يحبون الله، وهم وحدهم شهود الله، وهم وحدهم مَنْ يباركهم الله، وهم وحدهم قادرون على تلقي وعود الله. أولئك الذين يحبون الله هم أصدقاء الله المقربون، هم الناس المحبوبون من الله، ويمكنهم التمتع ببركات مع الله. مثل هؤلاء الناس فحسب هم مَنْ سيعيشون إلى الأبد، وهم فحسب سيعيشون إلى الأبد تحت رعاية الله وحمايته. إن الله موجود حتى يحبه الناس، وهو جدير بكل محبة الناس، ولكن لا يقدر جميع الناس على محبة الله، ولا يمكن لجميع الناس أن يشهدوا لله وأن يملكوا مع الله. ولأنهم قادرون على الشهادة لله، وتكريس كل جهودهم لعمل الله، فيمكن لأولئك الذين يحبون الله حقًا أن يسيروا في أي موضع تحت السماوات دون أن يجرؤ أحد على معارضتهم، ويمكنهم أن يمارسوا السلطة على الأرض وأن يحكموا كل شعب الله. اجتمع هؤلاء الناس معًا من جميع أنحاء العالم، يتكلمون لغات مختلفة ولديهم ألوان بشرة مختلفة، لكن وجودهم له نفس المعنى، فجميعهم لديهم قلب يحب الله، وكلهم يشهدون الشهادة نفسها، ولديهم العزيمة نفسها، والرغبة نفسها. أولئك الذين يحبون الله يمكنهم المشي بحرية في جميع أنحاء العالم، وأولئك الذين يشهدون لله يمكنهم السفر عبر الكون. هؤلاء الناس محبوبون من الله، ومباركون من الله، وسيعيشون إلى الأبد في نوره.

من "أولئك الذين يحبون الله سوف يعيشون إلى الأبد في نوره" في "الكلمة يظهر في الجسد"

السابق: (ط) حول كيفيَّة اختيار طريق المرء في الإيمان

التالي: (ك) حول كيفيَّة تحقيق معرفة الله

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب