الجزء الثاني: يضع الله حدودًأ لكل شكل من أشكال الحياة
بسبب هذه الحدود التي رسمها الله، أنتجت التضاريس المُتنوِّعة بيئات مختلفة للبقاء، وقد كانت هذه البيئات من أجل البقاء ملائمة للأنواع...
نرحّب بكل الساعين المشتاقين إلى ظهور الله!
تحدّثنا للتوّ عن جزءٍ من البيئة بصورة عامة، وتحديدًا، الظروف الضروريّة لبقاء الإنسان التي أعدّها الله عندما خلق العالم. تحدّثنا عن خمسة أشياء، خمسة عناصر من البيئة. وموضوعنا التالي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحياة البدنية لكلّ إنسانٍ. وهو أشد ارتباطًا بتلك الحياة وأكثر استيفاء لشروطها المطلوبة من العناصر الخمسة السابقة؛ وهو الغذاء الذي يتناوله الناس. خلق الله الإنسان ووضعه في بيئةٍ ملائمة للحياة. وبعد ذلك، احتاج الإنسان إلى الغذاء والماء. كان للإنسان هذا الاحتياج؛ لذا صنع الله تحضيرات مناسبة له. ولذلك، فإن كلّ خطوةٍ من خطوات عمل الله وكلّ شيءٍ يعمله ليس كلماتٍ جوفاء تقال، بل هو عمل فعلي حقيقي يُنفّذ. أليس الغذاء شيئًا لا يمكن الاستغناء عنه في حياة الناس اليوميّة؟ هل الطعام أهمّ من الهواء؟ إنهما على القدر نفسه من الأهميّة. كلاهما شرط ومادة ضرورية لبقاء البشر وللحفاظ على استمراريّة الحياة البشريّة. أيهما أكثر أهمية: الهواء أم الماء؟ درجة الحرارة أم الغذاء؟ كلّها أمورٌ على درجة واحدة من الأهمية. لا يمكن للناس الاختيار بينها؛ لأنهم لا يمكنهم الاستغناء عن أيٍّ منها. هذه قضية واقعية وحقيقيّة، وليست شيئًا يمكنك اختياره من بين الأشياء. أنت لا تعلم ولكن الله يعلم. عندما ترى الطعام تقول في نفسك: "لا يمكنني البقاء بدون غذاء!". ولكن بعد أن خُلِقتَ مباشرةً، هل كنت تعلم أنك بحاجةٍ إلى الطعام؟ لم تكن تعلم، ولكن الله كان يعلم. لم تدرك أنك بحاجة إلى الغذاء إلّا عندما شعرت بالجوع ورأيت الثمار على الأشجار والحبوب على الأرض لتأكلها. ولم تدرك أنك بحاجة إلى الماء إلّا عندما شعرت بالعطش ووقع بصرك على ماء الينبوع، وعندما شربت. وقد أعدّ الله الماءَ مسبقًا للبشر. أمّا بالنسبة إلى الطعام، فلا يهمّ ما إذا كان المرء يتناول ثلاث وجباتٍ في اليوم أو وجبتين، أو حتّى أكثر من ذلك؛ فهو باختصارٍ، لا يمكن للبشر الاستغناء عنه في حياتهم اليوميّة. إنه أحد الأشياء الضروريّة للحفاظ على البقاء الطبيعيّ المستمر لجسم الإنسان. إذًا من أين يأتي معظم الغذاء؟ أوّلاً، إنه يأتي من التراب. وقد أعدّ الله التراب مسبقًا للبشر؛ فهو ملائم لبقاء أنواع كثيرة من النباتات، وليس فقط للأشجار أو الأعشاب. أعدّ الله للبشر بذور جميع أنواع الحبوب وبذور أغذية مختلفة، وأعطى البشر التربة والأرض الملائمتين للزراعة، ومن خلال هذه الأشياء يحصل البشر على الغذاء. ما هي أنواع الأطعمة المختلفة؟ لعلكم تعرفون بالفعل. أوّلًا، توجد أنواعٌ مختلفة من الحبوب. ما أنواع الحبوب المختلفة الموجودة؟ القمح ودخن ذيل الثعلب والذرة البيضاء والذرة الصفراء وأنواع أخرى من الحبوب المقشورة. وتأتي الحبوب أيضًأ بأنواعها جميعًا، وبنوعيات مختلفة من الجنوب إلى الشمال: الشعير والقمح والشوفان والحِنطة السوداء وغيرها. الأنواع المختلفة ملائمةٌ للزراعة في مناطق مختلفة. توجد أيضًا أنواعٌ مختلفة من الأرز. فالجنوب به أصنافه الخاصّة التي تكون أطول بين الحبوب ومناسبة لسكان الجنوب؛ لأن المناخ هناك أشدّ حرارة، بمعنى أن السكان المحليين يتعين عليهم أن يأكلوا أصنافًا متنوعة مثل الأرز الهنديّ الذي لا يكون لزجًا جدًّا. لا يمكن أن يكون أرزهم شديد اللزوجة؛ وإلّا فقدوا شهيّتهم وتعذر عليهم تحمّله. يأكل الناس في الشمال أرزًا أكثر لزوجة؛ وبما أن الشمال أكثر برودة دائمًا، فإنه يتعين على الناس هناك تناول أشياء أكثر لزوجة. وبعد هذا، توجد أيضًا أنواعٌ مختلفة من البقول، التي تُزرَعْ فوق الأرض، وخضروات جذرية تنمو تحت الأرض، مثل البطاطس والبطاطا الحلوة والقلقاس وغيرها الكثير. تنمو البطاطس في الشمال حيث تكون عالية الجودة. عندما لا تتوفّر للناس حبوبٌ يأكلونها، يمكن أن تكون البطاطس غذاءً أساسيًّا يُمكّنهم من تناول ثلاث وجباتٍ يوميًّا. يمكن استخدام البطاطس أيضًا احتياطيًّا غذائيًّا. أمّا البطاطا الحلوة فهي نوعًأ ما أقل جودة من البطاطس، ولكن ما زال من الممكن استخدامها غذاءً أساسيًّا يُمكّن الناس من تناول ثلاث وجباتٍ يوميًّا. عندما يصعب توافر الحبوب، يمكن للناس استخدام البطاطا الحلوة لإسكات جوعهم. ويمكن استخدام القلقاس الذي غالبًا ما يأكله الناس في الجنوب بالطريقة ذاتها، ويمكنه أيضًا أن يكون غذاءً أساسيًّا. هكذا هي المحاصيل الكثيرة المتنوعة، وهي مكونات ضروريّةٌ للغذاء والشراب اليوميّين للناس. يستخدم الناس حبوبًا مختلفة لصنع الخبز والكعك المطهو بالبخار والأرز وشعرية الأرز وأشياء أخرى. منح الله البشر هذه الأنواع المختلفة من الحبوب بوفرةٍ. السبب وراء وجود العديد من الأصناف المختلفة هو شأن من شؤون المشيئة الإلهية: فهي ملائمة للنمو في أنواع التربة والمناخات المختلفة في الشمال والجنوب والشرق والغرب، بينما تتوافق المكوّنات والمحتويات المختلفة لهذه الحبوب مع المكوّنات والمحتويات المختلفة لجسم الإنسان. فلا يمكن للناس الحفاظ على العناصر الغذائيّة والمكونات المختلفة المطلوبة لأجسامهم إلّا بتناول هذه الحبوب. ثمة اختلاف بين طعام الشمال وطعام الجنوب، إلّا أن أوجه تشابههما أكثر من أوجه اختلافهما؛ فكلاهما يمكن أن يُشبع الاحتياجات المعتادة لجسم الإنسان ويدعم بقاءه الطبيعي. ولذلك، فإن هناك وفرة من الأنواع المُنتَجة في كل منطقة؛ لأن أجسام البشر المادية تحتاج ما تُوفّره مثل هذه الأغذية المختلفة. يحتاج الناس إلى ما تُوفّره هذه الأغذية المختلفة التي تَنبت من التربة للحفاظ على الوجود الطبيعيّ للجسم لعلها تفضي إلى حياة بشريّة طبيعيّة. وباختصارٍ، كان الله شديد المراعاة للبشر. فالأطعمة المختلفة التي وهبها الله للناس ليست على وتيرة واحدة بلا اختلاف فيما بينها، بل هي على العكس من ذلك انتقائية تمامًا. إذا أراد الناس تناول الحبوب فإنه يمكنهم تناول الحبوب. بعض الناس يفضلون الأرز على القمح، وبما أنهم لا يحبون القمح فيمكنهم تناول الأرز. توجد جميع أنواع الأرز – الأرز الطويل والأرز القصير – وكل منهما يمكن أن يلبي أذواق الناس. ولذلك، إذا أكل الناس هذه الحبوب – ما دام من السهل إرضاؤهم بخصوص طعامهم – فلن تنقصهم التّغذية، وسوف يضمنون العيش بصحّةٍ جيّدة إلى أن يموتوا. كانت تلك هي الفكرة التي كانت في ذهن الله عندما منح الطعام للبشر. لا يمكن أن يستغني جسم الإنسان عن هذه الأشياء – أليس ذلك هو الواقع؟ هذه مشكلات عملية لم يستطع الإنسان أن يحلها بنفسه، ولكن الله كان مستعدًا لها: فقد فكّر فيها مسبقًا وأعدّ العدة للبشر.
ولكن ذلك ليس كل ما أعطاه الله للبشر، فقد منح الله البشر الخضروات أيضًا. فبالرز، إن كان ذلك هو كلّ ما تأكله وليس أي شيء آخر، قد لا تحصل على ما يكفي من المغذيات. ومن ناحية أخرى، إذا قليت بضع خضراوات أو خلطت بعض مكونات السلطة لتتناولها مع الوجبات، فسوف يكون بإمكان الفيتامينات الموجودة في الخضروات وعناصرها النادرة المختلفة، أو غيرها من المواد المُغذّيّة، تلبية احتياجات جسمك بطريقةٍ طبيعيّة. ويستطيع الناس تناول بعض الفاكهة بين الوجبات. وأحيانًا يحتاج الناس إلى المزيد من السوائل، أو إلى مواد مُغذّيّة أخرى، أو نكهات مختلفة، والفواكه والخضروات موجودة لتلبية هذه الاحتياجات. ما دام الشمال والجنوب والشرق والغرب تحوي تربة ومناخات مختلفة، فإنها تنتج أنواعًا مختلفة من الخضروات والثمار. وبما أن المناخ في الجنوب حارٌ جدًّا، فإن غالبيّة الفاكهة والخضروات هناك من النوع المُلطِّف الذي يمكن أن يوازن بين البرد والحرارة في جسم الإنسان. بالمقابل، توجد أنواعٌ مختلفة من الخضروات والفاكهة أقل كمًّا في الشمال، ولكنها كافية ليتمتع بها أهل الشمال. غير أنه نتيجة للتطوّرات في المجتمع في السنوات الأخيرة، وما يُسمّى بمظاهر التقدّم الاجتماعيّة، بالإضافة إلى التحسينات في الاتصالات والنقل اللذين يربطان بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، يمكن للناس في الشمال أيضًا تناول بعض فاكهة الجنوب وخضرواته، أو المنتجات الإقليمية من الجنوب، ويمكنهم عمل ذلك في فصول السنة الأربعة جميعًا. ومع أن هذا يمكن أن يُشبع شهية الناس ورغباتهم الماديّة، فإن أجسامهم تتعرّض عن غير قصدٍ لدرجات مختلفة من الضرر. ويرجع السبب في ذلك إلى أنه من بين الأغذية التي أعدّها الله للبشر، توجد أغذية وفاكهة وخضروات مهيأة للناس في الجنوب، وكذلك توجد أغذية وفاكهة وخضروات معدَّةٌ للناس في الشمال. وهذا يعني أنك إذا كنت من مواليد الجنوب، فإن تناول أطعمة من الجنوب ملائمٌ لك. أعدّ الله تحديدًا هذه الأطعمة والفاكهة والخضروات؛ لأن الجنوب له مناخٌ مُعيّن. يمتلك الشمال الطعامٍ اللازم لأجسام الناس في الشمال. ولكن نظرًا لأن لدى الناس شهيّةٌ شرهة، فقد سمحوا لأنفسهم بأن ينجرفوا عن غير قصدٍ في تيّار التوجهات المجتمعيّة الجديدة، ممّا جعلهم يخالفون مثل هذه النواميس دون وعي منهم. وعلى الرغم من أن الناس يشعرون أن حياتهم أفضل مما كانت عليه في الماضي، فإن هذا النوع من التقدّم المجتمعيّ يجلب ضررًا خفيًّا لأجسام عدد متزايد من الناس الآخرين. ليس هذا ما يريد الله أن يراه، وهو ما لم يقصده عندما أمدَّ البشر بهذه الأطعمة والفاكهة والخضروات. فالبشر أنفسهم قد سببوا الوضع الراهن من خلال مخالفة نواميس الله.

حتى إن صرفنا النظر عن ذلك كله، فإن ما منحه الله للبشر وفير جدًا بالفعل، ولكلّ مكانٍ ناتجه المحلي. على سبيل المثال، بعض الأماكن غنيّةٌ بالسدر الأحمر (المعروف باسم العنّاب)، في حين أن بعضها الآخر غنيّ بالجوز، وبعضها الآخر غنيٌّ بالفول السودانيّ أو غيره من المكسّرات المتنوعة. جميع هذه الأشياء الماديّة توفر العناصر الغذائيّة التي يحتاج إليها جسم الإنسان. لكن الله يمدّ الإنسان بالمقدار الصحيح وفي الوقت المناسب، حسب الموسم والوقت من العام. يطمع البشر في المتعة الجسديّة، وهم شرهون، ممّا يجعل من السهل مخالفة وإفساد النواميس الطبيعيّة لنموّ الإنسان التي أرساها الله عندما خلق البشر. لنأخذ الكرز كمثال؛ فهو ينضج في شهر يونيو حزيران تقريبًا. وفي الظروف العاديّة يَنفَد بحلول شهر أغسطس آب. ولا يمكن حفظه طازجًا إلّا لمدّة شهرين، ولكن باستخدام التقنيات العلميّة يستطيع الناس الآن تمديد تلك المدة إلى 12 شهرًا، وحتّى إلى أثناء موسم الكرز في العام التالي. وهذا يعني أن الكرز يتوافر على مدار السنة. هل هذه الظاهرة طبيعيّةٌ؟ (لا). إذًا متى يكون أفضل موسم لتناول الكرز؟ تلك هي الفترة من يونيو حزيران إلى أغسطس آب. وبعد ذلك، مهما كنت تحتفظ به في حالةٍ طازجة، فإن مذاقه يختلف، كما أنه لا يوفر ما يحتاج إليه جسم الإنسان. وبمُجرّد مرور تاريخ انتهاء صلاحيّته، مهما استخدمت من مواد كيميائيّة، فلن تتمكّن من إضفاء كل شيء عليه كما هو الحال عندما ينمو بها نموًّا طبيعيًّا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الضرر الذي تُسبّبه المواد الكيميائيّة للبشر هو شيءٌ لا يمكن لأحدٍ أن يعالجه أو يغيره مهما حاول. إذًا، ما الذي يجلبه اقتصاد السوق الحالي للناس؟ تبدو حياة الناس أفضل، وتغدو المواصلات بين المناطق مريحة للغاية، ويستطيع الناس تناول جميع أنواع الثمار في أيّ فصلٍ من الفصول الأربعة من السنة. يستطيع الناس في الشمال تناول الموز بانتظام، وكذلك أيّ أغذية طيبة إقليمية أو فاكهةٍ أو أطعمة أخرى من الجنوب. ولكن هذه ليست الحياة التي يريد الله أن يعطيها للبشر. فهذا النوع من اقتصاد السوق يمكن أن يجلب بعض الفوائد لحياة الناس، ولكنه يمكن أن يتسبّب أيضًا في حدوث الضرر. ذلك أنه بسبب الوفرة في السوق، يأكل الكثير من الناس دون تفكيرٍ فيما يضعونه في أفواههم. وهذا التصرف يخالف نواميس الطبيعة ويضرّ بصحّة الناس. ولذلك فإن اقتصاد السوق لا يمكن أن يُحقّق للناس السعادة الحقيقيّة. تحقَّقوا بأنفسكم. ألا يُباع العنب في السوق في كلّ الفصول الأربعة؟ في الواقع، لا يبقى العنب طازجًا إلّا لفترةٍ قصيرة جدًّا من الوقت بعد قطفه. وإذا أبقيته حتّى شهر يونيو حزيران القادم، فهل لا يزال من الممكن تسميته بالعنب؟ أـم أن من الأفضل تسميته "قمامة"؟ لا يقتصر الأمر على أنه يفتقر إلى جوهر العنب الطازج، ولكنه يحتوي أيضًا على مزيد من المواد الكيميائية. وبعد مرور عامٍ، لا يعود طازجًا، وما فيه من عناصر غذائية تكون قد اختفت أيضًا منذ أمد بعيد. عندما يأكل الناس العنب يراودهم هذا الشعور: "كم نحن محظوظون! هل كان بإمكاننا أن نأكل العنب خلال هذا الموسم قبل 30 عامًا؟ لم يكن بإمكانك تناوله حتّى لو أردت ذلك. فالحياة رائعة الآن!". هل هذه سعادة في الواقع؟ إذا كنت مهتمًّا، فيمكنك أن تقوم بأبحاثك الخاصة في العنب المحفوظ بالمواد الكيميائيّة، وترى تكوينه وما إذا كانت هذه المواد يمكن أن تكون مفيدة للبشر. في عصر الناموس، بعد أن غادر بنو إسرائيل مصر، أعطاهم الله المنّ والسلوى. ولكن هل سمح الله للشعب بالاحتفاظ بهذه الأغذية؟ كانت نظرة البعض منهم قصيرة، وخافوا من أنه لن يوجد المزيد في اليوم التالي، ولذلك أبقوا بعض الطعام جانبًا في حال احتاجوا إليه لاحقًا. ماذا حدث بعد ذلك؟ فسد الطعام في اليوم التالي. لا يدعك الله تترك البعض جانبًا؛ لأن الله عمل بعض الاستعدادات التي تضمن ألّا تجوع. لكن البشر لا يملكون مثل هذه الثقة، وليس لديهم إيمانٌ حقيقيّ بالله. إنهم يريدون دائمًا أن يتركوا مجالًا لأنفسهم ليناوروا، ولا يمكنهم أبدًا رؤية مقدار الرعاية والتفكير وراء ما أعدّه الله للبشر. إنهم لا يمكنهم الشعور بذلك، ولذلك لا يتكلون على الله، ويفكرون دائمًا قائلين: "إن أعمال الله غير موثوقٍ بها! من يعلم ما إذا كان الله سيعطينا ما نحتاج إليه أو متى سيعطيه لنا! إذا كنت جائعًا حقًّا ولم يوفره الله، ألن أتضوّر جوعًا عندئذ؟ ألن أفتقر إلى التّغذية؟". انظر مدى ضآلة ثقة الإنسان!
الحبوب والفاكهة والخضروات وجميع أنواع المكسّرات – هذه كلّها أغذية نباتيّة. وهي تحتوي على موادٍ مُغذّيّة كافية لتلبية احتياجات جسم الإنسان، حتى وإن كانت أغذية نباتية. غير أن الله لم يقل: "سأعطي هذه الأغذية وحدها للبشر. ليتناولوا هذه الأشياء وحدها!". لم يتوقّف الله عند هذا الحدّ، بل تابع ليعدّ مزيدًا من الأغذية الأشهى للبشر. ما هي هذه الأغذية؟ إنها الأنواع المختلفة من اللحوم والأسماك التي يستطيع أن يراها معظمكم ويتناولها. لقد أعد للإنسان أنواعًا كثيرة جدًّا من اللحوم والأسماك على السواء. تعيش الأسماك في الماء، وتختلف لحوم أسماك المياه في جوهرها عن لحوم الحيوانات التي تعيش على الأرض ويمكنها توفير عناصر غذائية مختلفة للإنسان. وتمتلك الأسماك أيضًا خصائص يمكنها ضبط البرودة والحرارة في جسم الإنسان، مما يجعلها عظيمة الفائدة للإنسان. ولكن يجب عدم الإفراط في تناول الأطعمة الشهيّة. وكما سبق أن قلت، ينعم الله على البشر بالمقدار المناسب في الوقت المناسب، بحيث يمكن للناس التمتّع بعطائه بشكلٍ طبيعيّ بحسب الموسم والزمان. والآن ما هي أنواع الأغذية التي تشتمل عليها فئة الدواجن؟ الدجاج والسُمّان والحَمَام وما إلى ذلك. يأكل كثيرٌ من الناس أيضًا البط والإوزّ. على الرغم من أن الله وفر كل هذه الأنواع من اللحوم، فقد حدد مُتطلّبات معيّنة من شعبه المختار، ووضع قيودًا محددة لنظامهم الغذائي أثناء عصر الناموس. ترتكز هذه القيود في هذه الأيام إلى الذوق الفرديّ والتفسير الشخصيّ. تُزوّد هذه الأنواع المختلفة من اللحوم جسم الإنسان بالعناصر المُغذّية المختلفة، التي يمكن أن تسدّ نقص البروتين والحديد، وتثري الدم، وتُقوّي العضلات والعظام، وتبني القوة البدنية. وبغضّ النظر عن الأساليب التي يستخدمها الناس لطهيها وتناولها، فإن هذه اللحوم باختصار يمكنها من ناحيةٍ مساعدة الناس على تحسين نكهات طعامهم وتقوي شهيتهم، بينما تُشبع مِعَدَهم أيضًا. والشيء الأهمّ هو أن هذه الأغذية يمكنها تزويد جسم الإنسان باحتياجاته الغذائيّة اليوميّة. هذا هو الاعتبار الذي كان لدى الله عندما جهز الغذاء للبشر. توجد خضروات وتوجد لحوم – أليس هذا وفيرًا؟ ولكن يجب على الناس أن يفهموا ما هو مقصد الله عندما أعدّ جميع الأطعمة للبشر. هل كان المقصود هو دفع البشر للإفراط في التمتّع بهذه الأطعمة؟ ماذا يحدث عندما يصبح الإنسان أسير السعي إلى إشباع هذه الرغبات الماديّة؟ ألا يصاب بفرط التغذية؟ ألا يضر فرط التغذية جسم الإنسان بطرق كثيرة؟ (بلى). لهذا السبب يُوزّع الله الكميّة الصحيحة في الوقت المناسب ويجعل الناس يتمتعون بالأطعمة المختلفة وفقًا للفترات الزمنيّة والمواسم المختلفة. مثال ذلك، بعد صيفٍ حار جدًّا يُراكم الناس قدرًا كبيرًا من الحرارة في أجسامهم، وكذلك الجفاف والرطوبة المُسبّبين للأمراض. وعندما يحلّ الخريف تنضج أنواعٌ كثيرة من الثمار، وعندما يأكل الناس هذه الثمار تزول الرطوبة من أجسامهم. وفي هذا الوقت، تكون الماشية والأغنام قد أصبحت قوّيّة أيضًا، ولذلك فهذا هو الوقت الذي ينبغي فيه للناس أن يتناولوا المزيد من اللحوم للتغذية. ومن خلال تناول أنواعٍ مختلفة من اللحوم تحصل أجسام الناس على الطاقة والدفء لمساعدتها على تحمّل برد الشتاء، وتصبح نتيجة لذلك قادرة على اجتياز الشتاء في أمان وصحة. يسيطر الله وينسق بأقصى عناية وبمنتهى الدقة ما يمد به البشرية ومتى يمدها، ومتى يجعل أشياء مختلفة تنمو وتثمر وتنضج. يتعلق هذا بـ"كيفيّة إعداد الله الغذاء الذي يحتاج إليه الإنسان في حياته اليوميّة". وإلى جانب أنواع عديدة من الأغذية، يُزوّد الله الإنسان أيضًا بمصادر المياه. إذ بعد تناول الطعام لا يزال الناس بحاجة إلى شرب الماء. هل تكفي الفاكهة وحدها؟ لم يستطع الناس العيش على الفاكهة وحدها، وبالإضافة إلى ذلك لا توجد فاكهةٌ في بعض المواسم. فكيف يمكن حلّ مشكلة المياه للبشر إذًا؟ لقد حلها الله بإعداد كثير من مصادر المياه فوق الأرض وفي باطنها، بما في ذلك البحيرات والأنهار والينابيع. مصادر المياه هذه صالحة للشرب ما دام لا يوجد فيها أيّ تلوّثٍ أو معالجةٍ بشريّة أو ضررٍ. وهذا يعني أنه فيما يتعلّق بمصادر الغذاء التي تدعم حياة الأجسام الماديّة للبشر، صنع الله إعدادات مُحكَمة جدًّا ودقيقة جدًّا وملائمة جدًّا حتّى تكون حياة الناس غنيّة ووفيرة ولا ينقصها أيّ شيءٍ. هذا شيءٌ يمكن أن يشعر به الناس ويروه.
بالإضافة إلى ذلك، من بين جميع الأشياء، خلق الله بعض النباتات والحيوانات، وأعشابًا متنوعة خُلقت خصيصًا لشفاء الإصابات أو لعلاج المرض في الجسم البشري. على سبيل المثال، ماذا ينبغي أن يفعل المرء إذا أصيب بحروق أو اكتوى مصادفة بالماء الساخن؟ هل يمكنك غسل موضع الحرق بالماء؟ هل يمكنك الاكتفاء بلفها بقطعةٍ عتيقة من القماش؟ إن فعلت ذلك فقد يمتلئ الجرح بالقيح أو يُصاب بالعدوى. وإذا أصيب امرؤ بحمّى، مثلًا أو بنزلة بردٍ، أو عانى إصابة أثناء العمل، أو أُصييب بمرضٍ في المعدة من تناول الطعامٍ الخطأ، أو أُصيب بأمراضٍ مُعيّنة بسبب عوامل تتعلق بأسلوب الحياة أو قضايا عاطفية؛ مثل أمراض الأوعية الدمويّة، أو ظروف نفسيّة، أو أمراض الأعضاء الداخليّة، فهناك نباتاتٌ بالمقابل لعلاج حالاته. توجد نباتاتٌ تُحسّن الدورة الدمويّة، وتزيل الركود، وتخفف الألم، وتوقف النزيف، وتوفر التخدير، وتساعد على شفاء البشرة وإعادتها إلى الحالة الطبيعيّة، والقضاء على ركود الدم في الجسم، وإزالة السموم من الجسم. باختصارٍ، لهذه النباتات فوائد في الحياة اليوميّة. يمكن أن يستخدمها الناس، وقد أعدّها الله لجسم الإنسان في حالة الضرورة. سمح الله للإنسان باكتشاف بعضها عن طريق الصدفة، بينما اكتشِف البعض الآخر على يد أشخاصٍ اختارهم الله للقيام بذلك، أو كنتيجة لظواهر خاصة رتبها الله. وعقب اكتشاف الإنسان لهذه النباتات، كان ينقلها للأجيال التالية وبالتالي عرفها الكثير من الناس. وهكذا يحمل خلق الله لهذه النباتات قيمة ومعنى. باختصارٍ، جميع هذه الأشياء من الله، وقد أعدّها وغرسها عندما خلق بيئةً معيشيّة للبشر. إنها أساسية. هل كانت عمليات التفكير عند الله أدق وأشمل من عمليات التفكير البشري؟ عندما ترى جميع ما فعله الله، هل تشعر بالجانب العمليّ لدى الله؟ يعمل الله في السرّ. خلق الله هذا كلّه قبل أن يوجد الإنسان في هذا العالم، وقبل أن يكون له أي اتصال بالجنس البشريّ. كان كلّ ما فعله من أجل البشر، ومن أجل وجود الإنسان، ومن أجل بقائه، حتّى يتمكّن البشر من العيش في سعادةٍ في هذا العالم الماديّ الغنيّ والوفير الذي أعدّه الله لهم، دونما شعور بالقلق بخصوص المأكل أو الملبس، ودون أن ينقصهم أيّ شيءٍ. في مثل هذه البيئة يستمرّ البشر في التكاثر والبقاء.
من بين أفعال الله جميعًا، كبيرها وصغيرها، هل يوجد أيّ منها بدون قيمة أو معنى؟ كلّ شيءٍ يفعله له قيمةٌ ومعنى. دعونا نبدأ نقاشنا بموضوع شائع. يسأل الناس غالبًا: أيهما جاء أوّلًا، الدجاجة أم البيضة؟ (الدجاجة). الدجاجة جاءت أوّلًا، لا ريب في ذلك! لماذا جاءت الدجاجة أوّلًا؟ لماذا لا يمكن أن تكون البيضة قد جاءت أوّلًا؟ ألا تفقس الدجاجة من البيضة؟ وبعد احتضان الدجاج للبيض لمدّة 21 يومًا فإنها تفقس لتخرج دجاجة صغيرة. ولاحقًا تضع تلك الدجاجة المزيد من البيض، ثم تفقس الدجاجات مرّةً أخرى من تلك البيوض. إذًا هل جاءت الدجاجة أم البيضة أوّلاً؟ أنتم تجيبون "الدجاج" بيقين مطلق. ولكن لِمَ هذا هو جوابكم؟ (يقول الكتاب المُقدّس إن الله خلق الطيور والبهائم). إذن، إجابتكم تستند إلى الكتاب المُقدّس. لكنني أريدكم أن تتحدّثوا عن فهمكم الخاصّ لكي أرى ما إذا كانت لديكم أيّة معرفةٍ عملية بأفعال الله. والآن هل أنتم مُتأكّدون من إجابتكم أم لا؟ (الله خلق الدجاجة ثم أعطاها القدرة على التكاثر؛ بمعنى القدرة على احتضان البيض). هذا التفسير صحيح إلى حد ما. جاءت الدجاجة أوّلًا ثم البيضة. هذا أمرٌ مُؤكّد. إنه ليس لغزًا عميقًا بخاصة، ولكن سكان العالم رغم ذلك يعتبرونه كذلك، ويحاولون حله بنظريات فلسفية من دون أن يصلوا إلى نتيجة. وهذا يشبه تمامًا الحال عندما لا يعرف الناس أن الله خلقهم؛ فهم لا يعرفون هذا المبدأ الأساسي ولا يملكون فكرة واضحة عما إذا كان المفروض أن البيضة أو الدجاجة قد جاءت أوّلًا. إنهم لا يعرفون أيهما يُفترَض أن يكون قد جاء أوّلًا، ولذلك لا يمكنهم أبدًا العثور على الإجابة. من الطبيعيّ تمامًا أن تكون الدجاجة قد جاءت أوّلًا. لو كانت ثمة بيضة قبل الدجاجة، لكان ذلك أمرًا غير طبيعيٍّ! إنه أمر بغاية البساطة: الدجاجة حتمًا جاءت أوّلًا. هذا ليس سؤالًا يتطلّب معرفة متقدمة. خلق الله كل شيء بقصد أن يتمتّع به الإنسان. بُمجرّد أن توجد الدجاجة تتبعها البيضة بشكلٍ طبيعيّ. أليس هذا حلًا سهلًا؟ لو كانت البيضة قد وُجِدَتْ أوّلاً، ألن تكون بحاجةٍ إلى الدجاجة كي تحضنها؟ خلقُ الدجاجة مباشرةً هو حل أسهل بكثيرٍ. بهذه الطريقة، أمكن أن تضع الدجاجة البيض وتحضن أيضًا الكتاكيت في الداخل، وتمكَّن الناس من الحصول على الدجاج ليأكلوه. يا له من أمر مريح! الطريقة التي يصنع بها الله الأشياء متقنة ونظيفة، وغير مُرهِقة على الإطلاق. من أين تأتي البيضة؟ إنها تأتي من الدجاجة. لا توجد بيضةٌ بدون الدجاجة. ما خلقه الله كان شيئًا حيًّا! الجنس البشريّ سخيفٌ وتافه، ودائمًا ما يتورّط في مثل هذه الأشياء البسيطة، وينتهي به الأمر إلى مجموعةٍ كاملة من المغالطات السخيفة. يا للسخافة! العلاقة بين البيضة والدجاجة واضحةٌ: الدجاجة جاءت أوّلًا. هذا هو التفسير الأصحّ والطريقة الأصحّ لفهمه والإجابة الأدق. إنه صحيحٌ.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (8)
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.
بسبب هذه الحدود التي رسمها الله، أنتجت التضاريس المُتنوِّعة بيئات مختلفة للبقاء، وقد كانت هذه البيئات من أجل البقاء ملائمة للأنواع...
ما الموضوعات التي ناقشناها للتوّ؟ تحدّثنا في البداية عن البيئة التي يقطنها البشر وما صنعه الله لأجل تلك البيئة، والتحضيرات التي قام بها....
ما الشيء الثالث؟ إنه أيضًا جزء لا يتجزأ من البيئة الطبيعيّة للوجود الإنساني؛ شيءٌ كان على الله أن يهيئ له الترتيبات عندما خلق الأشياء...
ناقشنا موضوعات عديدة وكثيرًا من المحتوى المتعلّق بالكلمات "الله مصدر الحياة لجميع الأشياء"، ولكن هل تعرفون في قلوبكم ما هي الأشياء التي...