الغذاء والشراب اليوميّان اللذان يعدّهما الله للبشر (الجزء الثاني)

2019 أكتوبر 15

ما الموضوعات التي ناقشناها للتوّ؟ تحدّثنا في البداية عن البيئة التي يقطنها البشر وما صنعه الله لأجل تلك البيئة، والتحضيرات التي قام بها. ناقشنا ما رتبه، والعلاقات بين الأشياء التي خلقها، والتي أعدّها الله للبشر، وكيف رتب الله هذه العلاقات للحيلولة دون أن تسبب الأشياء التي خلقها ضررًا للبشر. كذلك خفف الله أيضًا الأذى الذي يمكن للعديد من العوامل المختلفة ضمن خلقه أن تسببه لبيئة البشر، حيث سمح لجميع الأشياء بأداء الغاية العليا منها، ووفّر للبشر بيئةً مفيدة مع عناصر مفيدة، ممّا مكّن البشر من التكيّف مع مثل هذه البيئة ومواصلة دورة الحياة والتكاثر على نحو مطّرد. تحدّثنا بعد ذلك عن الطعام الذي يحتاج إليه جسم الإنسان – الطعام والشراب اليوميّين. هذا أيضًا شرطٌ ضروريّ لبقاء البشر. وهذا يعني أن جسم الإنسان لا يمكنه العيش بالتنفّس لوحده، أو بمجرد ضوء الشمس من أجل المعيشة، أو الرياح أو درجات حرارةٍ مناسبة. يحتاج البشر أيضًا إلى ملء بطونهم. وقد أعدّ الله للبشر، دون أن يغفل أي شيء، مصادر الأشياء التي يمكنهم بواسطتها فعل ذلك، حيث تمثل هذه مصادر الغذاء للبشر. بعد رؤية هذا الإنتاج السّخيّ والوفير – مصادر الطعام والشراب للبشر – هل يمكنك أن تقول إن الله مصدر الرزق للبشر ولجميع الأشياء التي خلقها؟ لو أن الله – في وقت الخلق – لم يخلق سوى الأشجار والعشب أو أي عدد من الكائنات الحيّة الأخرى، ولو أن هذه الكائنات الحيّة والنباتات المختلفة كانت كلّها لغذاء الأبقار والأغنام أو للحُمُر الوحشيّة والغزلان وغيرها من مختلف أنواع الحيوانات، على سبيل المثال، لأكلت الأسود أشياءَ مثل الحمر الوحشيّة والغزلان، ولأكلت النمور أشياءَ مثل الخراف والخنازير – ولكن دون أن يوجد شيءٌ واحد مناسب يأكله البشر، هل كان ذلك سينفع؟ لم يكن لينفع، ولما كان بمقدور البشر الاستمرار طويلًا على قيد الحياة. ماذا لو تناول البشر أوراق الشجر فقط؟ هل كان ذلك سينفع؟ هل كان بإمكان البشر أن يأكلوا العشب المُعدّ للأغنام؟ قد لا يضر لو جربوا قليلاً منه، أما لو استمروا في تناوله فترة طويلة، فلن يكون بإمكان مِعَدهم تحمله، ولن يستمروا في العيش طويلاً. توجد حتى بعض الأشياء التي يمكن أن تأكلها الحيوانات، ولكنها سامة للبشر، أما الحيوانات فيمكنها تناولها دون أن تُؤثّر عليها، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى البشر. وهذا يعني أن الله خلق البشر، ولذا فإن الله أعلم بالمبادئ الخاصة بجسم الإنسان وبنيته وما يحتاج إليه البشر. الله يعلم بمنتهى الوضوح تكوين جسم الإنسان ومحتواه وما يحتاج إليه، وكذلك كيفيّة عمل أعضائه الداخليّة، وكيف تمتص المواد المختلفة وتتخلص منها وتستقلبها. أما البشر فلا يعلمون ذلك؛ إذ أحيانًا ما يأكلون بتهور أو ينخرطون في العناية بأنفسهم بطيش، حيث يؤدي الإفراط في ذلك إلى حدوث اختلالٍ في التوازن. إذا كنت تأكل وتستمتع بالأشياء التي أعدّها الله لك بالكيفية العادية، فلن تعاني مشكلات صحية. وحتّى إذا كان مزاجك سيئًا في بعض الأحيان وكنت تعاني من ركود الدم، فلا يسبب ذلك أي مشكلة على الإطلاق. أنت ببساطة بحاجةٍ إلى تناول نوعٍ مُعيّن من النباتات وسوف يزول الركود، فقد صنع الله استعدادات لجميع هذه الأشياء. ولذلك، يعتبر الله البشر أعلى مرتبةً بكثيرٍ من أيّ شيءٍ حيّ آخر. أعدّ الله بيئة لكل نوع من النبات، وأعدّ الغذاء وبيئة لكل نوع من الحيوانات، ولكن البشر لديهم أشد الاحتياجات صرامة في بيئتهم، وتلك الاحتياجات لا يمكن إغفالها بأيّ حالٍ من الأحوال. وإلّا فلن يكون بمقدور البشر الاستمرار في النمو والعيش والتكاثر بشكلٍ طبيعيّ. الله هو الذي يعرف هذا أفضل معرفةٍ في قلبه. عندما فعل الله هذا الشيء، عقد عليه أهميّةً أكبر مما عقده على أيّ شيءٍ آخر. ربّما لا يمكنك الشعور بأهميّة شيءٍ غير ذي شأن تراه وتستمتع به في حياتك، أو شيء تراه وتستمتع به وقد حصلت عليه منذ الميلاد، ولكن الله أعد بالفعل ترتيبات لك منذ فترة طويلة أو سرًا. أزال الله وخفَّف جميع العناصر السلبيّة غير المواتية للبشر، والتي يمكن أن تؤذي جسم الإنسان. ما الذي يُوضّحه هذا؟ هل يُوضّح موقف الله تجاه البشر عندما خلقهم هذه المرّة؟ ماذا كان ذلك الموقف؟ كان موقف الله حريصًا وجادًا، ولم يتساهل مع تدخّل أيّة قوى معادية أو قوى خارجية أو شروط ليست منه. يمكن من هذا رؤية موقف الله في خلق البشر وفي تدبيره للبشر هذه المرّة. وما هو موقف الله؟ من خلال بيئة البقاء والحياة التي يتمتّع بها البشر، وكذلك في طعامهم وشرابهم اليوميّين واحتياجاتهم اليوميّة، يمكننا أن نرى موقف الله الذي يتصف بالمسؤوليّة تجاه البشر منذ أن خلق الإنسان، وكذلك تصميمه على خلاص البشر في هذا الوقت. هل يمكننا أن نرى صدقية الله من خلال هذه الأشياء؟ هل يمكننا رؤية روعة الله؟ هل يمكننا أن نرى عدم قدرتنا على فهم الله؟ هل يمكننا رؤية كُلّيّة قدرة الله؟ يستخدم الله طرقه الحكيمة والقديرة لرزق البشر جميعًا، وكذلك لإمداد جميع الأشياء التي خلقها. والآن بعد أن قلت الكثير لكم، هل يمكنكم أن تقولوا إن الله مصدر الحياة لجميع الأشياء؟ (نعم). ذلك مُؤكّدٌ. هل لديكم أيّ شكوكٍ؟ (لا). مدد الله لجميع الأشياء كافٍ لإيضاح أن الله مصدر الحياة لجميع الأشياء؛ لأنه مصدر الإمداد الذي مكّن جميع الأشياء من الوجود والعيش والتكاثر والاستمرار، ولا يوجد مصدر سوى الله نفسه. يمدّ الله جميع الاحتياجات لكل الأشياء ولكل البشر، سواء كانت تلك هي احتياجات الناس البيئية الأساسيّة، أو احتياجات حياتهم اليومية، أو الحاجة إلى الحقّ الذي يقدمه لأرواح الناس. بكافة الأحوال، لهوية الله ومكانته أهمية كبرى بالنسبة إلى البشر؛ فإن الله وحده مصدر الحياة لجميع الأشياء. يعني هذا أن الله هو الحاكم والسيّد والرازق لهذا العالم، هذا العالم الذي يمكن للناس رؤيته والإحساس به. بالنسبة إلى البشر، أليست هذه هويّة الله؟ ليس ثمة زيف في هذا. ولذلك عندما ترى طيورًا تُحلّق في السماء، يجب أن تعرف أن الله خلق كل مايمكنه الطيران. توجد كائناتٌ حيّة تسبح في الماء، ولديها أساليبها الخاصة للبقاء. الأشجار والنباتات التي تعيش في التربة تَنبُت وتبرعم في الربيع، وتحمل ثمارها وتُسقِط أوراقها في الخريف، وبحلول الشتاء تكون جميع الأوراق قد سقطت حيث تستعد تلك النباتات لمواجهة فصل الشتاء. هذه طريقتها للبقاء. خلق الله جميع الأشياء، وكلٌّ منها يعيش بأشكالٍ وطرقٍ مختلفة، ويستخدم أساليب مختلفة لإظهار قوّة حياته والشكل الذي يعيش فيه. مهما تكن الطريقة التي تعيش فيها الأشياء، فإنها كلها تحت حكم الله. ما الغاية من حكم الله على جميع الأشكال المختلفة للحياة والكائنات الحيّة؟ هل هو من أجل بقاء البشر؟ إنه يسيطر على جميع نواميس الحياة، وكل ذلك من أجل بقاء البشر. يُبيّن هذا مدى أهميّة بقاء البشر بالنسبة إلى الله.

تعد قدرة البشر على البقاء والتكاثر بشكلٍ طبيعيّ في غاية الأهميّة لدى الله. ولذلك، يستمرّ الله في رزق البشر وجميع الأشياء التي خلقها. إنه يُزوّد جميع الأشياء بمختلف الطرق، ومن خلال الحفاظ على بقاء جميع الأشياء يُمكّن البشر من مواصلة التقدّم للحفاظ على بقاء الوجود الطبيعي للإنسانيّة. هذان هما الجانبان اللذان نتشارك بشأنهما اليوم. ما هذان الجانبان؟ (من المنظور الكُلّيّ، خلق الله البيئة التي يعيش فيها الإنسان. ذلك هو الجانب الأوّل. أعدّ الله أيضًا الأشياء الماديّة التي يحتاجها البشر ويمكنهم رؤيتها ولمسها). لقد شاركنا موضوعنا الرئيسيّ من خلال هذين الجانبين. ما موضوعنا الرئيسيّ؟ (الله مصدر الحياة لجميع الأشياء). يجب أن يكون لديكم الآن بعض الفهم عن سبب مشاركتي مثل هذا المحتوى في هذا الموضوع. هل كانت توجد أيّة مناقشةٍ لا علاقة لها بالموضوع الرئيسيّ؟ لا مطلقًا! بعد سماع هذه الأشياء، ربّما يكتسب بعضكم بعض الفهم، ويشعر الآن أن هذه الكلمات لها وزنها، وأنها مُهمّةٌ جدًّا، لكن البعض الآخر قد يكون لديهم بعض الفهم الحرفيّ ويشعرون أن هذه الكلمات ليست مهمة في حد ذاتها. بغضّ النظر عن كيفيّة فهمكم لهذا في الوقت الحاليّ، فعندما تصل تجربتكم إلى يوم معين، وعندما يصل فهمكم إلى نقطةٍ مُعيّنة، أي عندما تصل معرفتكم بأفعال الله وبالله نفسه إلى مستوى مُعيّن، حينها سوف تستخدمون كلامكم، الذي هو عمليّ، لتقديم شهادة عميقة وحقيقيّة عن أفعال الله.

أعتقد أن فهمكم الحالي لا يزال سطحيًّا وحرفيًّا تمامًا، ولكن هل يمكنكم على الأقل، بعد الاستماع لمشاركتي عن هذين الجانبين، معرفة الأساليب التي يستخدمها الله لإمداد البشر أو الأشياء التي يُقدّمها الله للبشر؟ هل لديكم مفهومٌ أساسيّ، فهمٍ أساسيّ؟ (نعم). ولكن هل هذان الجانبان اللذان شاركتُ بهما يتعلّقان بالكتاب المقدس؟ هل يرتبطان بدينونة الله وتوبيخه في عصر الملكوت؟ (لا). لماذا شاركتُ هذين الجانبين إذًا؟ هل لأن الناس يجب أن يفهموهما لمعرفة الله؟ (نعم). من الضروريّ جدًّا معرفة هذين الأمرين، ومن الضروريّ جدًّا أيضًا فهمهما. بينما تسعى لفهم الله بكليته، لا تحصر نفسك في الكتاب المقدس، ولا تقيّد نفسك بدينونة الله وتوبيخه للإنسان. ما غايتي من قول ذلك؟ غايتي هي أن أدع الناس يعرفون أن الله ليس مُجرّد إله شعبه المختار. أنت تتبع الله حاليًا، وهو إلهك، ولكن هل هو إله الذين لا يتبعونه؟ هل الله هو إله جميع الناس الذين لا يتبعونه؟ هل الله إله جميع الأشياء؟ (نعم). إذًا هل عمل الله وأفعاله مقصورة في نطاقها على الذين يتبعونه فحسب؟ (لا). ما هو نطاق عمله وأفعاله؟ في أدنى المستويات، يشمل نطاق عمله وأفعاله جميع البشر وجميع الأشياء في الخليقة. وفي أعلى المستويات، فإنه يشمل الكون كلّه، وهو ما لا يمكن للبشر رؤيته. ولذلك يمكننا القول إن الله يُؤدّي عمله ويُجري أفعاله بين جميع البشر. وهذا يكفي للسماح للناس بالتوصل إلى معرفة الله نفسه بكلّيّته. إذا أردت معرفة الله والتعرّف إليه وفهمه حقًّا، فلا تتقيّد فقط بالمراحل الثلاث لعمل الله، أو بقصص عمل الله الذي أدّاه في الماضي. إذا حاولت أن تعرفه بهذه الطريقة، فأنت تضع حدودًا لله وتقيده. أنت ترى الله كشيء صغير جدًا. كيف يؤثر فعل ذلك في الناس؟ لن تتمكّن أبدًا من معرفة إعجاز الله وسيادته، ولن تتمكّن أبدًا من معرفة قوّة الله وكُلّيّة قدرته ونطاق سلطانه. ومثل هذا الفهم سوف يُؤثّر في قدرتك على قبول الحقّ بأن الله حاكم جميع الأشياء، بالإضافة إلى معرفتك بهويّة الله الحقيقيّة ومكانته. وبتعبير آخر، إذا كان فهمك لله محدودًا في نطاقه، فإن ما يمكنك الحصول عليه محدودٌ أيضًا. ولهذا يتعيّن عليك توسيع نطاقك وآفاقك. يتعين عليك أن تسعى لفهم هذا كله: نطاق عمل الله، وتدبيره وسيادته وجميع الأشياء التي يُدبّرها ويحكمها. من خلال هذه الأشياء بالذات ينبغي أن تتوصل إلى فهم أفعال الله. ومن خلال هذا الفهم، سوف تتوصل إلى الشعور، دون أن تدري، بأن الله يحكم جميع الأشياء بينهم ويُدبّرها ويُزوّدها. وسوف تشعر حقًّا أنك جزءٌ من جميع الأشياء وعضوٌ في جميع الأشياء. فيما يرزق الله جميع الأشياء، فإنك تقبل أيضًا حكم الله ورزقه. هذه حقيقةٌ لا يمكن لأحدٍ إنكارها. تخضع جميع الأشياء لنواميسها الخاصّة تحت حكم الله، وتحت حكم الله يكون لجميع الأشياء قواعدها الخاصّة بالبقاء، بينما يرتبط مصير البشر واحتياجاتهم معًا أيضًا بحكم الله وإمداده. ولهذا السبب، فإن البشر وجميع الأشياء، تحت سيادة الله وحكمه، مترابطون ومتكاتفون ومتشابكون. هذا هو الهدف والقيمة وراء خلق الله لجميع الأشياء.

– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (8)

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة