إبراهيم يُقدّم ابنه محرقةٍ

2019 مارس 12

(التكوين 22: 2-3) "فَقَالَ: "خُذِ ٱبْنَكَ وَحِيدَكَ، ٱلَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَٱذْهَبْ إِلَى أَرْضِ ٱلْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ ٱلْجِبَالِ ٱلَّذِي أَقُولُ لَكَ". فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ، وَأَخَذَ ٱثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ، وَإِسْحَاقَ ٱبْنَهُ، وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ، وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي قَالَ لَهُ ٱللهُ".

(التكوين 22: 9-10) "فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي قَالَ لَهُ ٱللهُ، بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ ٱلْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ ٱلْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ٱبْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ فَوْقَ ٱلْحَطَبِ. ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ ٱلسِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ٱبْنَهُ".

يبدأ عمل تدبير الله وخلاص البشر بتضحية إبراهيم بابنه إسحاق

معجزة سيدنا ابراهيم | الله يأمر إبراهيم بتقديم إسحاق

بعد أن رزق الله إبراهيم بابنٍ، تحققّت كلماته التي قالها لإبراهيم. هذا لا يعني أن خطّة الله توقّفت هنا؛ ولكن على العكس من ذلك، فإن خطّة الله الرائعة لتدبير البشريّة وخلاصها كانت قد بدأت للتوّ، ومباركته لابن إبراهيم لم تكن سوى مُقدّمة لخطّة تدبيره الشاملة. في تلك اللحظة، مَنْ كان يعرف أن معركة الله مع الشيطان بدأت بهدوءٍ عندما قدّم إبراهيم إسحاق كمحرقةٍ؟

لا يهتمّ الله بحماقة الإنسان ولكنه يطلب من الإنسان أن يكون صادقًا

دعونا ننظر بعد ذلك إلى ما فعله الله لإبراهيم. في التكوين 22: 2 أمر الله إبراهيم قائلًا: "خُذِ ٱبْنَكَ وَحِيدَكَ، ٱلَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَٱذْهَبْ إِلَى أَرْضِ ٱلْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ ٱلْجِبَالِ ٱلَّذِي أَقُولُ لَكَ". كان المعنى الذي يقصده الله واضحًا: كان يطلب من إبراهيم أن يُقدّم ابنه الوحيد إسحاق، الذي كان يُحبّه، محرقةٍ. بالنظر إلى هذا الأمر اليوم، هل ما زال أمر الله يتعارض مع تصوّرات الإنسان؟ نعم! كل ما فعله الله في ذلك الوقت يتناقض تمامًا مع مفاهيم الإنسان؛ إنه غير مفهومٍ للإنسان. يؤمن الناس في تصوّراتهم بما يلي: عندما لا يُصدّق المرء معتقدًا أن الأمر مستحيل، يرزقه الله بابنٍ، وبعد أن يُرْزَقَ بابنٍ يطلب الله منه أن يضحي بابنه. أليس هذا عصيًّا تمامًا على التصديق؟ ماذا كان ينوي الله أن يعمله بالفعل؟ ماذا كان مقصد الله الفعليّ؟ لقد رُزِقَ إبراهيم بابنٍ دون شرطٍ، لكن الله طلب أيضًا من إبراهيم أن يُقدّم محرقة غير مشروطةٍ. هل كان هذا أمرًا مبالغًا فيه؟ من وجهة نظرٍ محايدة، لم يكن هذا الأمر مبالغًا فيه فحسب، بل كان أيضًا أشبه "بإثارة المتاعب بلا مبرر". لكن إبراهيم نفسه لم يعتقد أن الله كان يطلب الكثير. ومع أنه كانت لديه بضع أفكار قليلة حول الأمر، وكان مُتشكّكًا قليلًا من الله، فقد كان لا يزال مستعدًا لتقديم المحرقة. في هذه المرحلة، ما الذي تراه يُثبِت أن إبراهيم كان مستعدًا لتقديم ابنه؟ ما الذي يُقال في هذه العبارات؟ يُقدّم النصّ الأصليّ الروايات التالية: "فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ، وَأَخَذَ ٱثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ، وَإِسْحَاقَ ٱبْنَهُ، وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ، وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي قَالَ لَهُ ٱللهُ" (التكوين 22: 3). "فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي قَالَ لَهُ ٱللهُ، بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ ٱلْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ ٱلْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ٱبْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ فَوْقَ ٱلْحَطَبِ. ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ ٱلسِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ٱبْنَهُ" (التكوين 22: 9-10). عندما مدَّ إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه، هل رأى الله أعماله؟ نعم. فالعملية كلها – منذ البداية عندما طلب الله من إبراهيم أن يقدم إسحاق محرقةإلى الوقت الذي رفع فيه إبراهيم سكينه فعليًا ليذبح ابنه – كشفت لله عن قلب إبراهيم، وبغض النظر عن حماقة إبراهيم السابقة وجهله وسوء فهمه لله، كان قلبه في ذلك الوقت صادقًا وأمينًا مع الله وكان ينوي حقًا وبإخلاص أن يعيد إلى الله إسحاق ابنه الذي رزقه الله إياه. رأى الله فيه الخضوع؛ الخضوع ذاته الذي كان يتمناه.

بالنسبة إلى الإنسان، يعمل الله الكثير من الأمور التي لا يمكن استيعابها، ولا حتى تصديقها. عندما يرغب الله في تنظيم شخصٍ ما، فإن هذا التنظيم غالبًا ما لا يكون متماشيًا مع مفاهيم الإنسان، ولا يستطيع استيعابه، لكن عدم التماشي هذا وتعذُّر الاستيعاب هما على وجه التحديد تجربة الله للإنسان وامتحانه له. في هذه الأثناء، استطاع إبراهيم أن يبرهن على خضوعه لله، والذي كان الشرط الأكثر جوهريّة لكونه قادرًا على إرضاء مطلب الله. وعندها فقط، عندما تمكّن إبراهيم من طاعة طلب الله، بتقديم إسحاق، هل شعر الله حقًّا بالاطمئنان والقبول تجاه البشريّة – أي تجاه إبراهيم الذي اختاره؟ عندها فقط كان الله واثقًا من أن هذا الشخص الذي اختاره كان قائدًا لا غنى عنه يستطيع أن يأخذ وعده وخطّة تدبيره اللاحقة على عاتقه. مع أن هذا كان مُجرّد تجربة واختبار، إلا أن الله شعر بالرضا وبمحبّة الإنسان له، وبالارتياح من طرف الإنسان كما لم يحدث من قبل. في اللحظة التي رفع فيها إبراهيم سكينه ليذبح إسحاق، هل منعه الله؟ لم يسمح الله لإبراهيم بالتضحية بإسحاق، لأن الله ببساطةٍ لم يكن ينوي أن يأخذ حياة إسحاق. ومن ثمَّ، أوقف الله إبراهيم في الوقت المناسب. رأى الله أن طاعة إبراهيم اجتازت الاختبار بالفعل وأن ما فعله كان كافيًا، ورأى الله بالفعل نتيجة ما كان ينوي فعله. هل كانت هذه النتيجة مُرضية لله؟ يمكن القول إن هذه النتيجة كانت مُرضية لله، وإن هذا ما أراده الله وما كان يتوق لرؤيته. هل هذا صحيحٌ؟ مع أن الله يستخدم طرقًا مختلفة في سياقاتٍ مختلفة لاختبار كل شخصٍ، فقد رأى الله في إبراهيم ما أراده، ورأى أن قلب إبراهيم كان صادقًا، وأن طاعته كانت غير مشروطةٍ، وكان الله لا يريد سوى هذا الجانب "غير المشروط". كثيرًا ما يقول بعض الناس: "لقد قدَّمتُ هذا بالفعل وتركت ذلك بالفعل؛ لماذا لا يزال الله غير راضٍ عني؟ لماذا لا يزال يعرِّضني للتجارب؟ لماذا لا يزال يمتحنني؟". هذا يدلّ على حقيقةٍ واحدة: الله لم يرَ قلبك، ولم يربح قلبك. هذا يعني أن الله لم ير مثل هذا القلب الحق الذي كان لدى إبراهيم عندما استطاع رفع سكينه ليذبح ابنه بيده ويُقدّمه لله. لم يرَ خضوعك غير المشروط له، وهو لم يُعَزَّ من قبِلَك. من الطبيعي إذًا أن يستمر الله في تجربتك. أليس هذا صحيحًا؟

– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (2)

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

وعد الله لإبراهيم

(التكوين 22: 16-18) "بِذَاتِي أَقْسَمْتُ، يَقُولُ يَهْوَه، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا ٱلْأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ٱبْنَكَ...

الله يعد إبراهيم بابنٍ

(التكوين 17: 15-17) "وَقَالَ ٱللهُ لِإِبْرَاهِيمَ: "سَارَايُ ٱمْرَأَتُكَ لَا تَدْعُو ٱسْمَهَا سَارَايَ، بَلِ ٱسْمُهَا سَارَةُ....