كلمات الله اليومية: معرفة الله | اقتباس 82

2020 يونيو 17

خلال وقت عمل الرّبّ يسوع في الجسد، لم يتمكّن معظم أتباعه من التحقّق من هويّته والأشياء التي قالها. وعندما صعد على الصليب كان موقف أتباعه موقف توقّعٍ؛ وعندما كان مُسمّرًا على الصليب لحين وضعه في القبر، كان موقف الناس تجاهه موقف خيبة أملٍ. خلال هذا الوقت، بدأ الناس بالفعل بالانتقال في قلوبهم من الشكّ في الأشياء التي قالها الرّبّ يسوع خلال وقته في الجسد إلى إنكارها. وعندما خرج من القبر وظهر للناس واحدًا تلو الآخر، فإن غالبيّة الناس الذين رأوه بعيونهم أو سمعوا بخبر قيامته تحوّلوا بالتدريج من الإنكار إلى التشكّك. لم يتقبّلوا حقًّا حقيقة أن الرّبّ يسوع هو المسيح في الجسد إلّا في الوقت الذي طلب فيه الرّبّ يسوع من توما أن يضع يده في جنبه، وفي الوقت الذي كسر فيه الرّبّ يسوع الخبز وأكله أمام الجموع بعد قيامته، وبعد أن أكل سمكًا مشويًّا أمامهم. يمكنكم القول إنه كما لو كان هذا الجسد الروحانيّ بلحمه ودمه يقف أمام أولئك الناس وكان يُوقِظ كلّ واحدٍ منهم من حلم: ابن الإنسان الواقف أمامهم كان الشخص الذي كان موجودًا منذ الأزل. كانت له هيئة ولحم وعظام وكان قد عاش بالفعل وأكل مع البشر لفترةٍ طويلة... شعر الناس في هذا الوقت أن وجوده كان حقيقيًّا للغاية ورائعًا للغاية؛ كما كانوا فرحين وسعداء، وفي الوقت نفسه كانت تغمرهم العواطف. وقد سمح ظهوره من جديدٍ للناس بأن يروا تواضعه حقًّا ويشعروا بقربه من البشر وحنينه إليهم وتعلّقه بهم. وهذا الوصال القصير جعل الناس الذين رأوا الرّبّ يسوع يشعرون كما لو أن دهرًا قد مرّ. فقلوبهم الضائعة والمرتبكة والخائفة والقلقة والتوّاقة وفاقدة الحسّ وجدت الراحة. ولم يعودوا متشكّكين أو خائبي الأمل لأنهم شعروا أنه يوجد الآن رجاءٌ وشيءٌ يمكن الاعتماد عليه. فابن الإنسان الواقف أمامهم سوف يَسْنُدهم إلى الأبد، وسوف يكون برجهم الحصين، وملجأهم في جميع الأوقات.

مع أن الرّبّ يسوع قام من الموت، إلّا إن قلبه وعمله لم يتركا البشر. أخبر الناس بظهوره أنه بغضّ النظر عن الهيئة التي كان موجودًا بها فإنه كان يرافق الناس ويمشي معهم ويكون معهم في جميع الأوقات وفي جميع الأماكن. كان يهتمّ بالبشر ويرعاهم في جميع الأوقات وفي جميع الأماكن، ويسمح لهم برؤيته ولمسه، ويتأكّد من أنهم لن يشعروا بالبؤس أبدًا. أراد الرّبّ يسوع أيضًا أن يعرف الناس هذا: أن حياتهم في هذا العالم ليست وحدها. فالبشر يرعاهم الله والله معهم؛ كما أن الناس يمكنهم دائمًا الاعتماد على الله؛ فهو عائلة كلّ واحدٍ من أتباعه. وبوجود الله الذي يمكن أن يعتمد عليه البشر، لن يكونوا وحيدين أو عاجزين، وأولئك الذين يقبلونه باعتباره ذبيحةً عن خطاياهم لن تربطهم الخطيّة مرّةً أخرى. من وجهة نظر البشر، كانت أجزاء العمل هذه التي صنعها الرّبّ يسوع بعد قيامته أشياء صغيرة للغاية، ولكني أرى أن كلّ شيءٍ له معنى كبير وقيمة هائلة، كما أنها كانت جميعها في غاية الأهميّة والتأثير.

مع أن وقت عمل الرّبّ يسوع في الجسد كان مملوءًا بالمصاعب والمعاناة، إلّا أنه من خلال ظهوره في جسده الروحانيّ من لحمٍ ودم أنجز عمله إنجازًا تامًّا ومثاليًّا في ذلك الوقت في الجسد لفداء البشر. بدأ خدمته بأن صار جسدًا واختتم خدمته بأن ظهر للبشر في هيئته الجسديّة. أعلن عن عصر النعمة وبدأ عصر النعمة من خلال هويّته باعتباره المسيح. ومن خلال هويّته باعتباره المسيح أجرى العمل في عصر النعمة وقوّى جميع أتباعه في عصر النعمة وقادهم. يمكن القول عن عمل الله إنه ينهي حقًّا ما يبدأه. توجد خطواتٌ وخطّة، وهي مملوءة بحكمة الله وكليّة قدرته وأعماله الرائعة. كما أنها مملوءة بمحبّة الله ورحمته. وبالطبع، فإن العنصر الرئيسيّ الذي يُشكّل عمل الله بأكمله هو رعايته للبشر؛ فهو نافذٌ مع مشاعر اهتمامه لدرجة أنه لا يمكنه أن يضعه جانبًا. في هذه الآيات من الكتاب المُقدّس، في كلّ شيءٍ فعله الرّبّ يسوع بعد قيامته، كان ما انكشف هو آمال الله غير المتغيّرة واهتمامه بالبشر، بالإضافة إلى رعاية الله الدقيقة وعنايته بالبشر. وحتّى الآن، لم يتغيّر شيءٌ من هذا – هل يمكنكم رؤية هذا؟ عندما ترون هذا، ألا يصبح قلبكم قريبًا من الله تلقائيًّا؟ إذا عشتم في ذلك العصر وظهر لكم الرّبّ يسوع بعد قيامته، في شكلٍ ملموس يمكنكم أن تروه، وإذا جلس أمامكم وأكل الخبز والسمك وشرح لكم الكتب وتكلّم معكم، فكيف كنتم ستشعرون؟ هل كنتم ستشعرون بالسعادة؟ ماذا عن الشعور بالذنب؟ ألم تكن لتختفي جميعُ مظاهر سوء الفهم السابقة عن الله وتجنّب الله والصراعات مع الله والشكوك في الله؟ ألم تكن لتصبح العلاقة بين الله والإنسان أكثر ملائمة؟

من خلال تفسير هذه الأصحاحات المحدودة من الكتاب المُقدّس، هل اكتشفتم أيّة نقائص في شخصيّة الله؟ هل اكتشفتم أيّ غشٍّ في محبّة الله؟ هل رأيتم أيّ خداعٍ أو شرٍّ في كليّة قدرة الله أو كليّة حكمته؟ كلا بالتأكيد! هل يمكنكم الآن القول على وجه اليقين إن الله قدوسٌ؟ هل يمكنكم القول على وجه اليقين إن مشاعر الله تكشف جميعها عن جوهره وشخصيّته؟ آمل بعد أن قرأتم هذه الكلمات أن يساعدكم ما فهمتموه ويُقدّم لكم الإفادة في سعيكم إلى تغيير الشخصيّة واتّقاء الله. كما آمل أن تؤتي هذه الكلمات ثمارًا لكم تنمو يومًا بعد يومٍ، ومن ثمّ تُقرّبكم أكثر فأكثر إلى الله في سياق هذا السعي، وتُقرّبكم أكثر فأكثر إلى المقياس الذي يطلبه الله، بحيث لا تعودون تشعرون بالملل من السعي في طريق الحقّ ولا تعودون تشعرون بأن السعي في طريق الحقّ والتغيير في الشخصيّة شيءٌ مزعج أو زائد عن الحاجة. ولكن التعبير عن شخصيّة الله الحقيقيّة وجوهر الله القدوس هو بالأحرى الذي يُحفّزكم على أن تشتاقوا إلى النور وتشتاقوا للعدل وتتطلّعوا إلى السعي في طريق الحقّ وتسعوا إلى إرضاء مشيئة الله وتصيروا أشخاصًا ربحهم الله وتصيروا أشخاصًا حقيقيّين.

– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (ج)

عرض المزيد

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

اترك رد

مشاركة

إلغاء الأمر