كلمات الله اليومية: معرفة الله | اقتباس 16

2020 مايو 28

موقف الله تجاه أولئك الذين يهربون أثناء عمله

ستجد هذا النوع من الأشخاص في كل مكان: بعد أن يتيقنوا من طريق الله، لأسباب متنوعة، يرحلون في صمت دون كلمة فراق وفعل ما تشتهيه قلوبهم. في الوقت الحاضر لن نخوض في السبب وراء رحيل هذا النوع من الأشخاص. أولاً، لنلقِ نظرة على موقف الله من هذا النوع من الأشخاص. إنه واضح للغاية! من اللحظة التي يغادر فيها هذا الشخص، تنتهي مدة إيمانه في عينيّ الله. وليس هذا الشخص هو الذي ينهيها، بل الله. وكون هذا الشخص قد ترك الله يعني أنه قد رفضه بالفعل، وأنه لم يعد يريد الله بالفعل. هذا يعني أنه لا يقبل بالفعل خلاص الله. وما دام أن هذا الشخص لا يريد الله، فهل لا يزال الله يريده؟ إضافةً إلى ذلك، عندما يكون لهذا الشخص هذا الموقف ووجهة النظر هذه، ويقرّر أن يترك الله، فإنه يكون بالفعل قد أغضب شخصية الله. حتى مع أنه لم يستشط غضبًا ويلعن الله، وحتى لو لم ينخرط في أية سلوكيات دنيئة أو مفرطة، ومع أن هذا الشخص يعتقد أنه: إن جاء اليوم الذي آخذ فيه كفايتي من المتعة من الخارج، أو عندما أبقى في احتياج إلى الله من أجل شيء ما، فإنني سأعود. أو إن ناداني الله، فسأعود. أو يقول: عندما أتألم من الخارج، وعندما أرى أن العالم الخارجي مظلم للغاية وشرير للغاية، ولا أعود أريد السير في هذا التيار، فسأعود إلى الله. ومع أن هذا الشخص قد حسب في ذهنه متى سيرجع، ومع أنه ترك باب رجوعه مفتوحًا، فإنه لا يدرك أنه مهما كان ما يفكر فيه ويخطط له، فإن ذلك كله مجرد أمانيّ. وأكبر خطأ يرتكبه هذا الشخص هو عدم إدراك ما يشعر به الله تجاهه عندما يريد أن يتركه؛ إذ بدايةً من اللحظة التي يقرّر فيها هذا الشخص أن يترك الله، فإن الله يهجره بالكامل؛ فقد حدّد الله عاقبته في قلبه مسبقًا. ما هي تلك العاقبة؟ هي أن هذا الشخص واحدٌ من القوارض وسيفنى معها. وهكذا كثيرًا ما يرى الناس مثل هذا الموقف: شخص يهجر الله، ولكنه لا ينال عقابًا. فالله يعمل وفقًا لمبادئه الخاصة. يستطيع الناس رؤية بعض الأمور، وهناك أمور موجودة في قلب الله فقط، ولذلك لا يستطيع الناس رؤية النتيجة. ليس ما يراه الناس بالضرورة هو الجانب الحقيقي من الأمور؛ بل الجانب الآخر، الجانب الآخر الذي لا تراه – وهي أفكار واستنتاجات قلب الله الحقيقية.

الناس الذين يهربون أثناء عمل الله هم من يهجرون الطريق الصحيح

لماذا إذًا يمكن أن يقدم الله لهذا النوع من الأشخاص هذا العقاب القاسي؟ لماذا يغتاظ الله منهم هكذا؟ أولاً نعرف أن شخصية الله هي الجلال والغضب. فهو ليس خروفًا ليذبحه أي شخص، فضلاً عن أنه ليس دمية يتحكم فيها الناس كيفما يشاؤون، وهو أيضًا ليس هواءً فارغًا يتحكم فيه الناس. إن كنت تؤمن حقًّا أن الله موجود، فينبغي أن يكون لديك قلب يتقي الله وينبغي أن تعرف أنه لا يمكن إغضاب جوهر الله. قد تتسبب كلمة في إحداث هذا الغضب، وربما فكرة، وربما نوع من أنواع السلوكيات الدنيئة، وربما سلوك معتدل، سلوك مقبول في نظر الإنسان وأخلاقياته، أو ربما يحدثه تعليم أو نظرية. لكن بمجرد أن تُغضب الله، تضيع فرصتك وتكون أيامك الأخيرة قد اقتربت. هذا أمر مروّع! إن كنت لا تفهم أنه لا يمكن الإساءة إلى الله، فربما لست خائفًا من الله، وربما تسيء إليه في كل الأوقات. إن كنت لا تعرف كيف تتقي الله، فأنت غير قادر على مخافته، ولا تعرف كيف تضع نفسك في طريق مسيرة الله؛ أي اتقاء الله والحيدان عن الشر. ما أن تدرك، ستعي أن الله لا يمكن الإساءة إليه، ثم ستعرف ما معنى أن تتقي الله وتحيد عن الشر.

إن السير في طريق اتقاء الله والحيدان عن الشر لا يتعلق بالضرورة بحجم الحق الذي تعرفه، وعدد التجارب التي اختبرتها، والقدر الذي تأدبتَ به، بل يعتمد على ما هو جوهر قلبك فيما يتعلق بالله، وما هو موقفك من الله. جوهر الناس ومواقفهم الذاتية هي الأمور المهمة للغاية، هي الأمور الرئيسية. فيما يتعلق بالناس الذين تنصّلوا من الله وتركوه، فإن موقفهم الخسيس من الله وقلوبهم التي تحتقر الحق قد أساءت إلى شخصية الله، وهكذا بقدر ما يتعلق الأمر بالله، لن يُغفر لهم أبدًا. لقد تعرفوا على وجود الله، وحصلوا على معلومات عن أن الله قد جاء بالفعل، حتى إنهم اختبروا عمل الله الجديد. رحيلهم لم يكن لأنهم مخدوعون أو لأن الأمر يبدو ضبابيًّا لهم، فضلاً عن أنه لم يجبرهم أحد على الرحيل. بل اختاروا بكل وعي، وبذهن صافٍ، أن يهجروا الله. رحيلهم ليس ضلالاً لطريقهم؛ وليس نبذًا لهم. لذلك، في عينيّ الله، هم ليسوا حملاً قد ضل عن القطيع، ولا ابنًا ضالاً ضل طريقه. لقد رحلوا بلا عقاب، وهذه الحالة وهذا الموقف قد أساءا إلى شخصية الله، وبسبب هذه الإساءة يعطيهم عاقبة بلا أمل. أليس هذا النوع من العواقب مخيفًا؟ لذلك إن كان الناس لا يعرفون الله، فيمكنهم الإساءة إليه. هذا ليس أمرًا بسيطًا! إن كان أحد لا يأخذ موقف الله على محمل الجد، ويبقى مع ذلك يؤمن أن الله يتطلع إلى عودته؛ لأنه خروف من خراف الله الضالة، وما زال الله ينتظر منه أن يتغيّر قلبه، فهذا الشخص ليس بعيدًا عن يوم الدينونة. لن يكتفي الله بأن يرفض قبوله. هذه هي المرة الثانية التي يسيء فيها إلى شخصية الله؛ إنه أمر أكثر فظاعةً! الموقف الذي لا يتسم باتقاء الله الذي يتبناه هذا الشخص قد انتهك مراسيم الله الإدارية. هل سيظل يقبلها؟ إنه يرى في قلبه أن مبادئ الله فيما يتعلق بهذا الأمر هي كما يلي: إن كان أحدهم متيقنًا بشأن الطريق الحق، ومع ذلك رفض الله وابتعد عنه بذهن صافٍ وبوعي، فإن الله سيغلق طريق خلاصه، وسيُغلق باب الملكوت أيضًا أمامه. وعندما يأتي هذا الشخص قارعًا مرةً أخرى، لن يفتح الله له الباب مجددًا. سيظل هذا الشخص ممنوعًا من الدخول إلى الأبد. لعل بعضكم قرأ قصة موسى في الكتاب المقدس. بعد أن مسح الله موسى، عبّر المئتان والخمسون قائدًا عن عصيانهم لموسى بسبب أفعاله ولأسباب مختلفة أخرى. مَنْ الذي رفضوا أن يطيعوه؟ لم يكن موسى. لقد رفضوا أن يطيعوا ترتيبات الله، ورفضوا أن يطيعوا عمل الله في هذا الشأن. قالوا ما يلي: "كَفَاكُمَا! إِنَّ كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ بِأَسْرِهَا مُقَدَّسَةٌ وَفِي وَسَطِهَا يَهوه..." هل هذه الكلمات خطيرة للغاية في نظر الإنسان؟ إنها ليست خطيرة! على الأقل المعنى الحرفي للكلمات ليس خطيرًا. وبالمعنى القانوني، فهي لا تنتهك أية قوانين؛ لأنها في الظاهر ليست لغة أو كلمات عدائية، فضلاً عن أنها لا تحمل أي معنى تجديفي. هي مجرد جملة شائعة، لا أكثر ولا أقل. ولكن لماذا تثير هذه الكلمات غضب الله؟ لأنها لا تُقال للناس بل لله. إن الموقف والشخصية المعبَّر عنهما من خلالها هي بالتحديد ما يسيء إلى شخصية الله، وبالأخص إلى شخصية الله التي لا يمكن الإساءة إليها. نعرف جميعًا ما هي عاقبتهم في النهاية. من جهة أولئك الذين هجروا الله، ما وجهة نظرهم؟ ما موقفهم؟ ولماذا أدت وجهة نظرهم وموقفهم إلى أن يتعامل الله معهم بمثل هذا الأسلوب؟ السبب هو أنهم يعرفون بوضوح أنه هو الله ومع ذلك اختاروا أن يخونوه. لهذا السبب لم تعد أمامهم أية فرصة مطلقًا للخلاص. مثلما يقول الكتاب المقدس: "فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِٱخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ ٱلْحَقِّ، لَا تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ ٱلْخَطَايَا". هل أصبح هذا الأمر واضحًا لكم الآن؟

– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. كيفية معرفة شخصيّة الله والنتائج التي يحققها عمله

عرض المزيد

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

اترك رد

مشاركة

إلغاء الأمر