تأملات "قائدة جيدة"
علّمني أبواي منذ نعومة أظافري أن أكون لطيفة مع الناس، وأن أكون ودودة ومتعاطفة. إذا ألمّت بمن حولي المشاكل أو أوجه القصور، لم يكن بإمكاني كشفها أمامهم، وكنت أفكر في كرامتهم. بسبب هذه النشأة، لم أدخل في خلافات أو نزاعات مع أحد قطّ، وظنَّ من حولي أنني طيبة ورغبوا في مخالطتي. ظننت أيضًا أن التعامل مع الناس بهذه الطريقة أمر جيد. بعد إيماني بالله، لم أتوقف عن استخدام هذه الطريقة للانسجام مع الإخوة والأخوات. خاصة بعد أن أصبحت قائدة كنيسة، ظننت أنني ينبغي أن أكون ودودة مع الآخرين وألا أتهمهم بارتكاب الأخطاء أبدًا. بهذا الطريقة لن تفسد العلاقة الطيبة بيننا، ورغبوا في الاختلاط بي ومدحوني لكوني قائدة لطيفة وودودة.
لاحقًا، وجدت أن قائدة مجموعة تدعى الأخت جون، أدت واجبها دون أي أعباء. ذكَّرتها مرات كثيرة، "ينبغي عليك، بصفتك قائدة مجموعة، أن تفهمي حالة إخوتك وأخواتك وأن تتابعي عمل المجموعة". لكنها استمرت في عدم القيام بذلك، لذا كان عليَّ أن أذكرها مرة أخرى وأسألها عن السبب. قالت إنها لم يكن لديها وقت فراغ سوى ساعة واحدة، لكنها أضاعتها في الدخول إلى الفيسبوك وتصفح الأفلام، لذا لم تتابع أي شيء. غضبت بعد سماع هذا وفكرت: "يا لكِ من كسولة لا تتحملين أي أعباء إطلاقًا. عندما يتغيب الإخوة والأخوات عن الاجتماعات، لا تفكري في دعمهم!" رغبت في التعامل معها لتخبُّطها في واجبها ولعدم تحملها المسؤولية، لكنني فكرت أنها قد تُبعِد نفسها عني إذا تعاملت معها، وتقول إنني لم أكن قائدة جيدة ودودة. لم أرغب في إفساد علاقتنا المتناغمة. لذا شجعتها بدلًا من التعامل معها. قلت: "يمكنكِ استخدام ساعة وقت الفراغ هذه في محاولة فهم حالة إخوتك وأخواتك، ثم ستتمكنين من القيام بواجبك بشكل جيد". كان أداؤها جيدًا لبضعة أيام، لكن المشكلة ذاتها كانت تعاود الظهور دائمًا. وتسببت طريقتها المتخبطة في واجبها في حضور المزيد من الوافدين الجدد للاجتماعات بصورة غير منتظمة، بل إن بعضهم لم يكلفوا أنفسهم عناء الحضور من أساسه. استشَطتُ غضبًا. كانت قائدة المجموعة هذه عديمة المسؤولية! رغبت حقًا في التعامل معها، لكنني عندما فكرت في أنها ستبعد نفسها عني، لم أقل شيئًا، وتعيَّن عليَّ سقاية أولئك الوافدين الجدد ودعمهم بنفسي. بعد أن تحدثت مع هؤلاء الوافدين الجدد، اكتشفت أنهم لم يحضروا الاجتماعات بسبب وجود العديد من المصاعب التي لم تُحلّ، لكن جون أخبرتني قبل ذلك بأنهم لم يردوا على الرسائل. بعد أن رأيت سلوك جون تجاه واجبها، رغبت حقًا في التعامل معها. رغبت في أن أعرِّفها العواقب الجسيمة لعدم مسؤوليتها. إلا أنني رغبت أيضًا في أن أكون قائدة جيدة ودودة ولطيفة المعشر، لذا غيرت رأيي، وبدلًا من ذلك قلت لها كلامًا يشجعها. وهكذا لم تتغير قط. وفي أحد الاجتماعات اشتكت جون: "أنا في المجموعة منذ وقت طويل. لِمِ لَمْ أُرقَّ؟" بعد سماع ما قالته جون، فكرت: "أنتِ كسولة وتتخبطين في واجبك، وعديمة المسؤولية. كيف يمكن ترقيتكِ؟" بالرغم من غضبي منها، هدأتها بقولي: "في أي واجب نؤديه، نفعل ذلك بسبب ترتيبات الله السيادية. وعلى الرغم من اختلاف واجباتنا، نسقي جميعًا الوافدين الجدد ونختبر عمل الله". ظننت أن هذا سيجعلها تشعر بأنني فهمتها وأنني مهتمة بها، وأنني كنت قائدة جيدة. وهكذا، بالرغم من رؤية مشاكل الآخرين، لم أكشفها ولم أتعامل معها قط. بدلًا من هذا كنت أقول كلامًا لطيفًا لتهدئتهم وتشجيعهم. ظننت أن هذا يحافظ على صورتي الطيبة الودودة في قلوب الجميع.
في وقت آخر، لم تسر الأمور بشكل جيد بين شماسة الإنجيل إدنا وقائدة مجموعة تدعى آن. قالت لي إدنا غاضبة: "إن آن شديدة الكسل. سألت عن حالة أفراد مجموعتها والصعاب التي يواجهونها، وأجابتني بعد أن تأخرت جدًا. إذا لم أتمكن من مواكبة حالتهم، فإنها لا تؤدي واجبها بصورة جيدة". علمت أن شخصية إدنا تميل إلى التكبر، وكثيرًا ما كانت تتحدث بلهجة آمرة أو متسلطة، وهو أمر كان يصعب على الآخرين تقبله، وكانت آن يساورها القلق على كبريائها. على الأرجح سمعت لهجة إدنا ولم يكن في استطاعتها أن تقبلها، لذا لم ترغب في الرد. أردت أن ألفت نظر إدنا لهذا الأمر، لكنني لم أرغب أيضًا في أن أجرحها أو في أن تشعر أنني لم أفهمها، لذا قلت لها بطريقة لطيفة: "ربما كانت آن مشغولة ولم تر رسالتك". بعد ذلك ذهبت إلى آن، وقالت آن بحزن: "إن إدنا شديدة التكبر، تصدر أوامر تتعلق بطريقة أدائي لواجبي، لذا لا أرغب في الرد على رسائلها". رأيت أنها لم تقبل نصح الآخرين ورغبت في تذكيرها بهذا، لكنني قلقت من أنها لم تكن لتقبل هذا، وأن ذلك كان سيدمر التناغم بيننا، لذا قلت: "ربما أسأتِ فهم إدنا. فهي تريدك فقط أن تؤدي واجبك بصورة جيدة". لم أقل لهما سوى كلمات تعزية ووعظ، ولم أُشر إلى مشاكلهما. لم تفهم أي منهما نفسها. ما زالت إدنا غير قادرة على متابعة عمل آن، وشعَرَت آن بأن حقها مهضوم ولم يكن بإمكانها تأدية هذا الواجب. علمت أنني لم أحقق مسؤولياتي كقائدة، وهو ما يعني أنهما لم تدركا مشاكلهما. لقد تسببْتُ في هذه النتائج. صلّيتُ إلى الله، طالبة منه أن ينيرني حتى أتمكن من معرفة ذاتي.
في كلمة الله قرأت: "إن ممارسة الحق لا تعني قول كلمات فارغة وتلاوة عبارات محددة، مهما كان ما قد يصادفه المرء في الحياة، طالما يتضمن مبادئ السلوك البشري، ووجهات النظر حول الأحداث، أو في مسألة أداء واجبهم، فإنهم يواجهون اتخاذ القرار، وعليهم أن يسعوا للحق، وعليهم أن يبحثوا عن أساس ومبدأ في كلام الله، ومن ثمَّ، يجب عليهم البحث عن سبيل للممارسة؛ أولئك الذين يستطيعون الممارسة بهذه الطريقة هم أناس يسعون وراء الحق. لتكون قادرًا على السعي وراء الحق بهذه الطريقة، مهما كانت الصعوبات التي يواجهها المرء، فعليك بالسير في طريق بطرس وطريق السعي وراء الحق. على سبيل المثال: ما هو المبدأ الذي يجب اتباعه عند التعامل مع الآخرين؟ وجهات نظرك إنَّ وجهة نظرك الأصلية هي أنه لا ينبغي لك الإساءة إلى أي شخص، ولكن عليك الحفاظ على السلام وتجنب إحراج أي شخص، بحيث يمكن للجميع في المستقبل أن يتعايشوا معًا. تتقيَّد بوجهة النظر هذه، وعندما ترى شخصًا ما يفعل شيئًا سيئًا، أو يرتكب خطأ، أو يرتكب فعلًا مخالفًا للمبادئ، ستفضل أن تتسامح معه، بدلًا من مناقشة هذا الشخص. تنفر من الإساءة إلى أي شخص بسبب تقيدك بوجهة نظرك، مهما كان من تتعامل معه، حيث تعوقك أفكار حفظ ماء الوجه والعواطف، أو المشاعر التي نمت على مدى سنوات عديدة من التفاعل، بغض النظر عمن تتواجد بمحضره، وستقول دائمًا أشياء لطيفة لجعل ذلك الشخص سعيدًا. وحيثما وجدت أشياء تراها غير مُرضِية، فأنت تتسامح أيضًا وبالكاد تُنفِّس عن غضبك قليلًا على انفرادٍ، وتَصُبُّ بعض الطَّعن عليه، ولكن عندما تقابله شخصيًا، فإنك لا تغامر بخسارته وتظل تحافظ على علاقة معه. كيف ترى مثل هذا السلوك؟ أليس هذا من سلوك الرجل الإمعة؟ أليس هذا خداع؟ إنه ينتهك مبادئ السلوك. أليس من الضِعة التصرُّف بهذه الطريقة؟ أولئك الذين يتصرفون على هذا النحو ليسوا أشخاصًا صالحين، ولا هم نبلاء. مهما عانيت، ومهما دفعت من ثمن، إذا سلكت بدون مبادئ، فإنك قد فشلت ولن تحظى بقبول الله، ولن يذكرك ولن تسرّه" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا بدّ للمرء من امتلاك ضمير ومنطق ليحسن أداء واجبه). فهمت بعد التأمل في كلام الله أن تطبيق الحق يعني التصرف وفق مبادئ الحق بغض النظر عما يحدث، وعدم الخوف من إغضاب الناس. لكن عندما انسجمت مع الإخوة والأخوات، رغبت دائمًا في أن يقدِّرني الآخرين، وفي الحفاظ على التناغم معهم، وسعيت لأن أكون ودودة ومتعاطفة لأنال مديح الإخوة والأخوات، لكني تجاهلت تطبيق الحق. عندما رأيت جون تؤدي واجبها دون تحمل أي أعباء، وأنها كسولة وماكرة، رغبت في التعامل معها لكونها عديمة المسؤولية، لكن حفاظًا على علاقتي الطيبة بها وحتى تشعر بأنني قائدة طيبة وودودة، لم أكشف مشكلتها. وعليه، بسبب عدم مسؤوليتها، لم يتمكن بعض الوافدين الجدد من حل مشاكلهم، لذا لم يحضروا الاجتماعات. ومع إدنا وآن، رأيت أنهما لم تتمكنا من التعاون بتناغم ولم تعرفا نفسيهما، لكن بدلًا من الإشارة إلى مشاكلهما أو مساعدتهما على معرفة نفسيهما، كانت استجابتي غامضة، في محاولة لتخفيف حدة الصراع بينهما بالتحدث بكلام التعزية والوعظ. نتيجة لهذا، استمرت إدنا غير قادرة على المتابعة، ولم تؤد آن واجبها بصورة جيدة، ورغبت في أن يحل آخر محلها. رأيت أنني لأحافظ على صورتي كقائدة طيبة ودودة ولطيفة المعشر، لم أحمِ عمل الكنيسة إطلاقًا. فضَّلت أن أدع العمل يعاني حتى أحافظ على العلاقات مع الناس. كنت في غاية الأنانية والخسة. كنت مخادعة وأسعى لإرضاء الناس. بالطريقة التي تصرفت بها وأجريتها بنفسي كانت مبنية على شخصيتي الفاسدة بصورة كاملة. لم أكن أطبِّق الحق. حتى إذا مدحني الآخرين، لن يمدحني الله أبدًا. بالإضافة إلى هذا، لم أكشف مشاكل إخوتي وأخواتي ولا أشرت إليها، ولم أقدّم شركة عن الحق لحلها، فلم يدركوا شخصياتهم الفاسدة ولم يؤدوا واجباتهم على أكمل وجهٍ، مما أثر على عمل الإنجيل. فقط عندما أدركت ذلك، رأيت أنني لم أكن صالحة على الإطلاق، لأنني لم أكن أساعد الإخوة والأخوات على النمو في دخول الحياة. بدلًا من ذلك جعلت الجميع يدافعون عني ويمدحوني ويُقدِّروني، وهي أمور يمقتها الله. عندما أدركت ذلك، أصابني حزن عظيم، لذا صليت إلى الله، طالبة منه أن يرشدني إلى تبديد شخصياتي الفاسدة.
لاحقًا، بعد أن عرفت بشأن حالتي، أرسلت لي إحدى الأخوات مقطعًا من كلام الله. "يمكن وصف جوهر السلوك "الجيد"؛ كأن تكون دمث الأخلاق وودودًا، في كلمة واحدة: التظاهر. فمثل هذا السلوك "الجيد" لا يولد من كلام الله، وليس نتيجة ممارسة الحق أو التصرف وفقًا للمبدأ. ما منبعه؟ إنه يأتي من دوافع الناس ومخططاتهم وتظاهرهم وادعائهم وخداعهم. عندما يتمسك الناس بهذه السلوكيات "الجيدة"، فإن الهدف هو الحصول على الأشياء التي يريدونها؛ وإذا لم يحدث هذا، فلن يُحزِنوا أنفسهم بهذه الطريقة أبدًا ويعيشوا بعكس رغباتهم الخاصة. ماذا يعني العيش بعكس رغباتهم؟ يعني أن طبيعتهم الحقيقية ليست لطيفة وبريئة ورقيقة وعطوفة وفاضلة كما يتصور الناس. إنهم لا يعيشون بالضمير والإحساس؛ لكنهم بدلًا من ذلك يعيشون من أجل تحقيق هدف أو طلب معين. وطبيعتهم الحقيقية طائشة وجاهلة. فلولا النواميس والوصايا التي منحها الله، لما كان لدى الناس أي فكرة عن ماهية الخطية. أليس هذا ما كانت عليه البشرية؟ فالناس لم يكن لديهم مفهوم عن الخطية إلا عندما أصدر الله النواميس والوصايا. ولكنهم كانوا مع ذلك يفتقرون إلى مفهوم الصواب والخطأ، أو الأشياء الإيجابية والسلبية. إذا كانت هذه هي الحالة، فكيف كانوا على دراية إذًا بالمبادئ الصحيحة للتحدث والتصرف؟ هل أمكنهم معرفة أيّ طُرق تصرف وأي سلوكيات جيدة يجب أن توجد في الطبيعة البشرية؟ هل أمكنهم معرفة ما الذي ينتج سلوكًا جيدًا حقًا، والطريق الذي يجب عليهم اتباعه ليعيشوا مثل البشر؟ لم يتمكنوا من ذلك. فبالنظر إلى الطبيعة الشيطانية لدى الناس، وبسبب غرائزهم، لم يكن بإمكانهم إلا التظاهر والادعاء بأنهم يعيشون بلياقة وكرامة – وهو ما أدى إلى مظاهر الخداع مثل اللباقة والعقلانية ودماثة الخُلُق والمجاملة واحترام كبار السن ورعاية الشباب واللطف والود؛ وهكذا ظهرت هذه الحيل وأساليب الخداع. وبمجرد ظهور مظاهر الخداع هذه، تمسك الناس بشكل انتقائي بواحدة أو باثنتين منها. اختار البعض أن يكون متحابًا وودودًا، واختار البعض أن يكون لبقًا وعقلانيًا ودمثًا، واختار البعض أن يكون مجاملًا ومحترِمًا لكبار السن ومراعيًا للصغار، واختار البعض أن يكون هذه الأشياء جميعها. ومع ذلك، فإنني أُعرِّف الناس الذين لديهم مثل هذه السلوكيات "الجيدة" بمصطلح واحد. ما هو ذلك المصطلح؟ "أحجار ملساء". ما هي الأحجار الملساء؟ إنها تلك الأحجار الملساء على حافة النهر التي صُقلت ونُظفت من أي حواف حادة نتيجة أعوام طويلة من المياه العابرة. وعلى الرغم من أنها قد لا تؤذي الناس عندما يطؤونها، فإنهم يمكن أن ينزلقوا عليها دون انتباه. هذه الأحجار رائعة في المظهر والشكل، ولكنها بمجرد أن تأخذها إلى المنزل تصبح عديمة الفائدة تمامًا. لا يمكنك حملها لكي ترميها بعيدًا، ولكن لا فائدة من الاحتفاظ بها أيضًا – وهذا هو معنى "الحجر الأملس". أرى أن الناس الذين لديهم هذه السلوكيات الجيدة ظاهريًا هم أناس فاترون. إنهم يتظاهرون بأنهم صالحون من الخارج، لكنهم لا يقبلون الحق على الإطلاق، ويقولون كلمات تبدو لطيفة، لكنهم لا يفعلون أي شيء حقيقي. إنهم أحجار ملساء لا غير" (الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (3)). قبل ذلك، كنت أشعر دائمًا بأن الأشخاص الودودين واللطفاء صالحون. لم أُفكِّر قط في أن وراء تلك الأعمال الصالحة تقبع شخصيات شيطانية وأهداف ومقاصد شخصية. سعيت وراء أن أصبح ودودة ولطيفة منذ طفولتي، ومدحني أصدقائي وإخوتي وأخواتي كلهم لكوني متفهمة ولطيفة، لكن في أعماق قلبي، كان كل ما فعلته هو جعل الآخرين يقدرونني ويمدحوني. استخدمت مظهر الود واللطف لأعمى إخوتي وأخواتي وأخدعهم. رأيت أن الله وصف الأشخاص الذين يسلكون هذا النوع من السلوك الحسن بأنهم "أحجار ناعمة". تبدو هذه الصخور جيدة من الخارج، ولا تؤلم من يخطو عليها، لكن يسهل الانزلاق عليها والسقوط. لا بأس بالنظر إليها، لكن ليس لها استخدام عملي. أدركت أنني كنت كذلك، شخص كان يبدو ودودًا لطيفًا، لكنني لم أقدم أي مساعدة عملية لإخوتي وأخواتي. كان قلبي مملوء بالخداع والمكر. كنت طيبة مع الجميع ولم أُسِيءْ لأحد. لم أكن سوى "حجر أملس"، إنسانة تسعى لإرضاء الناس وتتمسك بالبقاء في وسط سعيد، ومداهِنة ماكرة. إن الأمر كما تكشفه كلمة الله، "كل أولئك الذين يلزمون موقفًا وسطيًا هم الأكثر شرًا. فهم يحاولون ألّا يسيئوا إلى أي شخص، بل هم أشخاص يُرضون الناس، ويتماشون مع الأشياء، ولا يستطيع أحد أن يتبين حقيقتهم. شخص كهذا هو شيطان حي!" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يتخلص المرء من أغلال الشخصية الفاسدة إلا بممارسة الحق). اعتدت على أن أظن أن الله والآخرين يحبون الودودين ويرضون عنهم، لكني عرفت الآن أن أفعالي لم تتفق على الإطلاق مع مبادئ الحق وكلمة الله. لم أظهِر إلا شخصيتي المخادعة. ليس لدى هؤلاء الأشخاص كرامة ولا أخلاق، ويكرههم الله. علمت أنني إذا لم أتُب وأتغير، فسيكشفني الله ويستبعدني في أحد الأيام. لم أرغب في أن أكون كذلك. لذا صليت إلى الله وتبت طلبت من الله أن يساعدني في تغيير شخصيتي، وأن يمنحني القوة لتطبيق الحق، وأن يساعدني في أن يكون قلبي صادقًا تجاه الله وتجاه إخوتي وأخواتي.
في أحد الأيام أرسلَتْ لي أخت مقطعين من كلام الله: "ما المعيار الذي يُحْكَمُ به على أفعال الشخص على أنها أفعالٌ خيِّرةٌ أو شرِّيرة؟ يعتمد ذلك على ما إذا كانوا في أفكارهم وتعبيراتهم وأفعالهم يملكون شهادة وضع الحقّ موضع التنفيذ وعيشِ واقعِ الحقّ. إذا لم يكن لديك هذا الواقع أو لم تَعِشْهُ، فأنت إذًا شرِّيرٌ بلا شكٍّ" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن كسب الحرية والتحرير إلّا بتخلص المرء من شخصيته الفاسدة). "مسؤوليَّات القادة والعاملين: 1. قيادة الناس ليأكلوا كلام الله ويشربوه ويفهموه ويدخلوا إلى حقيقة كلام الله. 2. التعرُّف إلى حالات كلّ نوعٍ من الأشخاص، وحلّ مختلف الصعوبات المُتعلِّقة بالدخول إلى الحياة التي يواجهونها في حياتهم. 3. إقامة شركةٍ حول مبادئ الحقّ التي يجب فهمها لأداء كلّ واجبٍ أداءً صحيحًا. 4. مواكبة ظروف المشرفين على مختلف الأعمال والمُوظَّفين المسؤولين عن مختلف الوظائف المُهمَّة وإعادة تخصيصهم أو استبدالهم على الفور حسب الضرورة لمنع الخسائر الناجمة عن استخدام الناس بطرقٍ غير مناسبة أو لتخفيفها ولضمان تقدُّم العمل بكفاءةٍ وسلاسة. 5. الحفاظ على استيعابٍ وفهم مُحدَّثين لحالة كلّ مشروعٍ من مشروعات العمل وتقدُّمه، والقدرة على حلّ المشكلات على الفور، وتصحيح الانحرافات، ومعالجة الأخطاء في العمل حتَّى يتقدَّم بسلاسةٍ" (الكلمة، ج. 5. مسؤوليات القادة والعاملين). فهمت بعد قراءة كلام الله، أن الله لا يتخذ معيارًا لتقييم بشريتنا من عدد الأعمال الحسنة الخارجية التي نفعلها، ولا من عدد الأشخاص الذين يُقدروننا. بل إن معياره ما إذا كان بإمكاننا أن نطيعه وما إذا كانت أفكارنا وأعمالنا تشهد لتطبيق الحق. ليس لأحد إنسانية جيدة إلا مثل هؤلاء الأشخاص. رأيت جون تتخبط في واجبها ولا تتحمل المسؤولية، وكذلك إدنا وآن، تعيشان في شخصياتهما الفاسدة وتتجاهلان بعضهما بعضًا. أثَّرت كل هذه الأمور سلبًا على عمل الكنيسة. بصفتي قائدة كنيسة، كان عليَّ أن أقدِّم شركة عن طبيعة ما فعلنَّه وأكشفه وأحلله، لكن بدلًا من ذلك قلت لهن كلمات طيبة وحاولت أن أكون صانعة سلام. حتى مع رؤيتي أن عمل الكنيسة كان يعاني، كان عليَّ أن أحافظ على مظهري الجيد. لم أتمسك بالشهادة لتطبيق الحق، بل فشلت في الوفاء بمسؤولياتي كقائدة كنيسة ولم أساعد في دخول حياة إخوتي وأخواتي بالمرّة. اعتدت الظنّ أنني إذا تمكنت من الحياة في تناغم مع إخوتي وأخواتي وأن أجعلهم يشعرون بأنني ودودة ولطيفة، وأكون قائدة جيدة. أرى أن ذلك الفهم خاطئ بالتفكير في ذلك الآن. يمكن للقائد الجيد حقًا أن يقدِّم شركة عن الحق لحل المشاكل، ويتصرَّف بما يتماشى مع المبادئ، وألا يخشى من إغضاب الآخرين، وتحمل مسؤولية حياة الإخوة والأخوات. عند مواجهة مشاكل الإخوة والأخوات، بدلًا من الإشارة إليها ومساعدتهم على دخول حقائق الحق، استخدمتُ الحيل لحماية مظهري، ومنحتهم الراحة والتشجيع، ولم أحل المشاكل الفعلية. ألم أكن أخدع إخوتي وأخواتي وأغشهم؟ أدركت أن فهمي السابق لكوني قائدة جيدة كان خاطئًا، ولم يكن متماشيًا مع متطلبات الله على الإطلاق. ينبغي لكل كلماتي وأفعالي أن تستند على مبادئ كلمة الله. إذا لم أُطبِّق الحق، فأنا أسير في طريق مقاومة الله. يريد الله الأشخاص القادرين على الكلام والتصرف وفق متطلبات كلماته بدلًا من الالتزام بالفضائل الثقافية التقليدية، والسعي وراء المديح، والتحدث والتصرف بطريقة غير شريفة، وعدم تطبيق الحق. بالتفكير في هذا، أدركت أنه كان عليَّ أن أغير الطريقة التي انسجمت بها مع الآخرين. بصفتي قائدة كنيسة، لم يعد بإمكاني أن أؤدي واجبي وفق أمنياتي الخاصة. بدلًا من هذا، كان عليَّ أن أتصرف بحسب مشيئة الله وأن أساعد إخوتي وأخواتي لحل الصعاب وفقًا لكلمة الله، حتى يتمكنوا من تأدية واجباتهم وفق الحق والمبادئ. كانت هذه مسؤوليتي. وجدت في كلام الله طريقًا للتطبيق. لذا صليت إلى الله، وطلبت منه أن يرشدني في تطبيق الحق لتبديد فسادي.
لاحقًا قرأت كلمة الله: "ما يجب أن يجتهد الناس لتحقيقه هو أن يجعلوا كلام الله أساسهم والحقّ معيارهم؛ فعندئذٍ فقط يمكنهم العيش في النور والحياة كأُناس طبيعيين. إذا كنت ترغب في العيش في النور، فيجب أن تتصرَّف وفقًا للحقّ؛ وإذا كنت تريد أن تكون صادقًا، فيجب التحدُّث بكلماتٍ صادقة وعمل أفعالٍ صادقة. لا يوجد أساسٌ لسلوكك إلّا مع مبادئ الحقّ؛ فبمُجرَّد أن يفقد الناس مبادئ الحقّ ولا يُركِّزون إلّا على السلوك الجيِّد، يُؤدِّي هذا حتمًا إلى التزييف والتظاهر. وإذا لم يوجد مبدأ لسلوك الناس، فبصرف النظر عن مدى صلاح سلوكهم، فإنهم مراؤون؛ قد يتمكَّنون من خداع الآخرين لبعض الوقت، لكنهم لن يكونوا جديرين بالثقة أبدًا. ولن يكون لدى الناس أساس حقيقي إلّا عندما يعملون ويتصرَّفون وفقًا لكلام الله. وإذا لم يتصرَّفوا وفقًا لكلام الله ولم يُركِّزوا إلّا على التظاهر بالتصرُّف الجيِّد، فهل يمكن أن يصبحوا أناسًا صالحين نتيجةً لذلك؟ بالطبع لا. فالسلوك الجيِّد لا يمكنه تغيير جوهر الناس. والحقّ وكلام الله وحدهما يمكنهما تغيير شخصيَّات الناس وأفكارهم وآرائهم، ويمكن أن يصبحا حياة الناس. ... من الضروريّ أحيانًا الإشارة إلى أوجه القصور والنقائص والعيوب لدى الآخرين وانتقادها مباشرةً؛ فهذا مفيدٌ جدًّا للناس، ويُمثِّل مساعدةً حقيقيَّة لهم، وهو بنّاء بالنسبة إليهم، أليس كذلك؟" (الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (3)). أشار كلام الله لي نحو مسار تغيير الشخصية، أي التصرف وفق كلام الله، واستخدام الحق معيارًا لي، وألا أخفي ذاتي بالأعمال الصالحة الظاهرية، وأطبّق الحق، وأن أكون شخصًا صادقًا. عندما أرى أمورًا تحدث ضد مبادئ الحق، أو عندما أرى الإخوة الأخوات يؤدون واجباتهم من شخصيات فاسدة، لابد أن أكون صادقة معهم، وأعاملهم بحسب المبادئ، وأقدِّم شركة معهم، أو أشير إلى الأمور، أو أتعامل معهم بحسب ما يقتضيه الأمر. بهذه الطريقة فقط يمكن للإخوة والأخوات إدراك الانحرافات في وفائهم بواجباتهم وتغيير الأمور في الوقت المناسب. وهذا يساعد إخوتي وأخواتي بحقّ، والدخول في علاقة معهم على أساس كلمة الله. هذا هو معنى العلاقة الطبيعية بين الناس. بعد أن فهمت كيفية تطبيق الحق قلت لنفسي: "لا تخشِ التحدث عن أخطاء الآخرين، ولا تقولي كلامًا طيبًا دائمًا. يكره الله المتظاهرين والمخادعين. يجب أن تكون كلماتي وأفعالي وفق كلام الله ومبادئ الحق". لاحقًا، عندما رأيت جون تتكاسل مرة أخرى، أردت أن ألفت نظرها لهذا الأمر، لكن حين حان وقت التطبيق، شعرت بمدى صعوبة القيام بهذا. كنت ما زلت قلقة من أن أفقد صورتي الحسنة في قلبها. فكرت في كلمة الله التي قرأتها قبل ذلك وأدركت أنني كنت ما زلت أعتمد على فكرة كوني ودودة ولطيفة في الطريقة التي كنت أتصرف بها. صليت إلى الله وطلبت منه أن يرشدني إلى تطبيق الحق. بعد هذا ذهبت إلى جون وقلت لها: "أختاه، لا أدرى ما إذا كنتِ تدركين ذلك، لكن بسبب تخبطك في واجبك وعدم تحملك المسؤولية، لا يأتي الكثير من الوافدين الجدد إلى الاجتماعات. إن تأدية واجبك بهذه الطريقة يسبب تأخيرًا كبيرًا في سقاية الوافدين الجدد..." بعد الإشارة إلى مشكلتها، شاركت أيضًا اختباري معها. ظننتُ أنها ستغضب وتتجاهلني، لكن ما حدث فاجأني. لم تغضب، بل تأملت أيضًا في نفسها وقالت: "هذا تقصير مني، يتعين عليَّ تغيير ذلك". بعد ذلك، بدأت الأخت جون في تأدية واجبها بإخلاص، وحضر الوافدون الجدد الذين سقتهم الاجتماعات بانتظام أكثر. لم تنهار علاقتنا بسبب إرشادي ومساعدتي، بل تحسَّنت. لاحقًا، عندما رأيت فسادها مرة أخرى، وضحته لها مباشرة، وتمكَّنَتْ من تقبُّل ذلك ومعرفة نفسها. الآن تغير سلوكها مع واجبها كثيرًا، وترقَّت بعد ذلك لتصبح قائدة كنيسة. أشرت أيضًا إلى مشاكل إدنا وآن. أدركَت إدنا غرورها وقالت إن عليها أن تُغيِّر من الطريقة التي كانت تتحدث بها مع الآخرين، وتعرَّفَتْ آن على شخصيتها الفاسدة، وقالت إنها ترغب في التغيُّر. أسعدني هذا كثيرًا. شكرًا لله! لا يمكن لشيء أن يغير الناس إلا كلمة الله!
أتاح لي اختبار هذه الأمور أن أرى أن الشخص الصالح حقًا ليس من يتصرف ظاهريًا بما يعتقد الناس أنه تصرف جيد. بل يعني أن يتصرف بكلمة الله، ويطبّق الحق، وأن يكون الشخص صادقًا. هذا هو الشخص الذي يحبه الله. رأيت أيضًا أنني عندما أرى مشاكل في الآخرين، يتعيَّن عليَّ أن أقدّم شركة معهم وأن أساعدهم على وجه السرعة، وأن أكشفهم وأتعامل معهم حين يطلب الأمر. بهذه الطريقة فقط يمكنهم إدراك فسادهم وتقصيرهم ويتمكنون من السعي وراء الحق وتأدية واجباتهم بحسب المبادئ. هذه هي الطريقة المثلى لمساعدتهم. لم أعد أخشى الآن الإشارة إلى مشاكل إخوتي وأخواتي. بغَضّ النظر عما يظنونه بشأني، أرغب في أن أطبّق كوني إنسانة صادقة، وأتَّبع المبادئ، وأحمي عمل الكنيسة. شكرًا لله!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.