أفكار بعد أن ضللت الطريق
ذات يومٍ في أغسطس 2019، أرسلت قائدتي رسالةً تطلب مني اصطحاب أختٍ من خارج المدينة. رأيت أن عنوان منزل الأخت داخل نطاق الكنيسة المجاورة. فكّرت، "لماذا ستُنقَل إلى كنيستنا؟ لماذا لا تذهب إلى كنيسة أقرب؟" لكن سرعان ما تداركتُ، احتاجت كنيستنا إلى أيدي عاملة لجميع أنواع العمل، لذا قررت اصطحابها ورؤيتها. مهما كان واجبها، يمكننا الاستعانة بالمساعدة الإضافية. ثم رأيت رسالة تقول إن اسم الأخت زو يون، وتذكّرت فجأة، "لقد قابلت الأخت زو يون قبل بضع سنوات. إنها في الأربعينيات من عمرها وتتلقى الأمور بشكل جيد. إنْ كانت هي، فربما حتى تصبح قائدة أو عاملة في كنيستنا. هذا سيمنحني مُساعِدة إضافية". أشعرتني هذه الفكرة بسعادة غامرة. لم أعد آبه بأنها تعيش بعيدًا، أردت فقط إحضارها إلى الكنيسة على الفور!
استعنت بالعنوان المدوّن في الرسالة للعثور على منزل الأخت زو يون، وطرقتُ الباب، لكن من فتحت لي الباب كانت طاعنة في السنّ. لم تكن زو يون التي تذكرتها. قلت بسرعة، "آسفة، لقد طرقت الباب الخطأ!" استدرت للمغادرة، لكنها تبعتني وسألتني بلهفةٍ، "عمّن تبحثين؟" قلت إنني أبحث عن زو يون. قالت بسرعة، "إنها أنا". تبعتها إلى داخل المنزل. أثناء حديثنا، علمت أنها اعتُقِلت من الحزب الشيوعي الصيني وقضت أكثر من ثلاث سنوات في السجن. كانت الشرطة لا تزال تراقبها بعد إطلاق سراحها، لذا لم تستطع حضور الاجتماعات في مَسْقط رأسها. لم يكن لديها خيار سوى القدوم إلى منزل ابنها حتى تتمكن من استئناف حياة الكنيسة. بعد أن علمتُ بوضعها، شعرت بخيبة أمل شديدة. فكّرت، "إنْ كانت هذه زو يون التي عرفتها. إنْ انضمَّتْ للكنيسة، سأحظى بمُساعِدة عظيمة. هذه المدعوَّة زو يون لديها سجل اعتقال، ولا تزال الشرطة تراقبها. هذا يعني أنها لا تستطيع القيام بأي واجب في الكنيسة. تعاني كنيستنا بالفعل من نقص في العمالة، والآن شخص ما بحاجة للذهاب للاجتماع معها على انفراد. إنْ استهدفت الشرطة أيضًا الإخوة والأخوات ممّن على اتصال معها، ستكون الخسائر فادحة! لا، لا يمكنني السماح لها بدخول كنيستنا. عندما أعود، سأكتب إلى القائدة وأطلب منها أن تُنقَل إلى الكنيسة المجاورة". بعد أن علمتُ بوضعها، تأهَّبتُ للمغادرة. لم أسألها عمّا إذا كانت تعاني من مشاكل أو صعوبات. سألتني على وجه بإلحاح، "متى ستعودين؟" قلت بشكل روتينيّ، "انتظري هنا فحسب. سأعود إليك بعد مناقشة بعض الأمور".
في طريق عودتي، استنكرت في نفسي وأنا أسير، "القائدة لا تعرف ما تفعله. زو يون قريبة جدًا من الكنيسة المجاورة. لماذا لا يصطحبها شخص ما من تلك الكنيسة؟ إنه طريق طويل بالنسبة لنا. في المستقبل، سنُهدر الكثير من الوقت في الذهاب لمقابلتها..." تذمّرت في قلبي بينما واصلت السير شمالاً، وعندما ذهبت، أدركت أنني ضللت الطريق. عندما سألت عن الاتجاهات، اكتشفت أنني سلكت الاتجاه المعاكس، خارج المدينة. لقد تساءلت، أيضًا، "لقد سِرتُ في هذا الطريق مُسبقًا. كيف ضَلَلْتُ؟" في ذلك الوقت، لم أفكر كثيرًا في الأمر. عندما وصلت إلى منزلي، كتبت رسالة أقترح فيها على القائدة نقل زو يون إلى الكنيسة المجاورة.
في الأيام التي تلت إرسالي للرسالة، لطالما شعرت بعدم ارتياح، كما لو كان هناك خطأ ما. عجزت عن تهدئة نفسي عندما قرأت كلمة الله، ولا التركيز على العِظات أو الشركة. أدركت أنني ربما ارتكبت شيئًا ضد مشيئة الله، لذا سرعان ما صلّيت وسعيت لله، طالبة منه أن يُنيرني ويرشدني لأعرف ذاتي. بعد الصلاة، تذكرت فجأة أنني ضللت الطريق في ذلك اليوم. أدركت أنه عندما تعلّق الأمر بقبول زو يون في الكنيسة، كل ما كان يهمّني هي مصالحي الخاصة. إنْ كان الأمر لصالحي، لكنت فعلتها، لكن إنْ لم يكن، فإني أقاوم وأرفض وأشتكي. لم آبه بحياة أختي على الإطلاق. فقط فيما بعد، بعد قراءتي لكلام الله، اكتسبت بعض الفهم لمشكلتي. تقول كلمات الله، "إنَّ الأمور التي ترتبط بمصالح الشخص تكشفه أكثر من أيّ شيءٍ آخر. ترتبط المصالح ارتباطًا وثيقًا بحياة كلّ شخصٍ، وكلّ ما يتعامل معه الشخص في كلّ يومٍ يتضمَّن مصالحه. مثال ذلك، عندما تقول شيئًا ما أو تتحدَّث عن أمرٍ ما، ما المصالح التي يشملها هذا؟ عندما يناقش شخصان شيئًا ما، تتطرَّق المصالح إلى مَن يمكنه التحدُّث ببلاغةٍ ومَن لا يمكنه ذلك، وكذلك مَن منهما يحظى بالإعجاب ومَن منهما يُنظَر إليه بازدراءٍ. ... وبصرف النظر عن هذا، ما الذي يتطرَّق إليه سعي الشخص وراء مصالحه؟ عندما يعمل الناس الأشياء، فإنهم دائمًا ما يقيسون ويُفكِّرون ويتأمَّلون ويُجهدون عقولهم بالتفكير حول ما سوف يفيدهم وما لن يفيدهم، وما الذي سوف يُعزِّز مصالحهم أو على الأقلّ يمنع الإضرار بمصالحهم، وما الذي سوف يُكسبهم أعظم درجات التكريم وأفضل معاملةٍ دنيويَّة، وما الذي سوف يجعلهم المستفيد الأكبر من أيّ مسألةٍ بعينها" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع: لا يُؤدِّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء الأول)). "كانت طبيعة الشيطان هي التي تتولى القيادة وتسيطر علي الناس من داخلهم، حتى اختبروا عمل الله وفهموا الحق، فما هي الأمور المحددة التي انطوت عليها تلك الطبيعة؟ على سبيل المثال، لمَاذا أنت أناني؟ لمَاذا عليك حماية منصبك؟ لمَاذا لديك مثل هذه العواطف القوية جدًّا؟ لمَاذا تستمتع بتلك الأمور الآثمة؟ لمَاذا تحبّ تلك الشرور؟ علام يستند غرامك بهذه الأمور؟ من أين تأتي هذه الأمور؟ لماذا تسعد كثيرًا بقبولها؟ الآن فهمتم جميعًا أنّ هذه الأمور تعود بالدرجة الأولى إلى سمّ الشيطان الموجود داخل الإنسان. ما هو إذًا سُمُّ الشيطان؟ وكيف يمكن التعبير عنه؟ على سبيل المثال، إذا سألت قائلًا: "كيف يجب أن يعيش الناس؟ ما الذي يجب أن يعيش الناس من أجله؟" سيجيب الناس: "اللهم نفسي، وكُلٌ يبحث عن مصلحته". إن هذه الجملة الواحدة تعبّر عن أصل المشكلة. فلقد أصبحت فلسفة الشيطان ومنطقه حياة الناس. بغض النظر عما يسعى إليه الناس، فإنهم يفعلون ذلك من أجل أنفسهم، ومن ثَمَّ يعيشون من أجل أنفسهم فحسب. "اللهم نفسي، وكُلٌ يبحث عن مصلحته" – هذه هي فلسفة حياة الإنسان، وهي تمثّل الطبيعة البشرية أيضًا. لقد أصبحت تلك الكلمات بالفعل طبيعة البشرية الفاسدة، والصورة الحقيقية لطبيعة البشرية الشيطانية الفاسدة، وقد أصبحت هذه الطبيعة الشيطانية أساس وجود البشرية الفاسدة. عاشت البشرية الفاسدة عدة آلاف من السنين على سُمِّ الشيطان هذا، وحتى يومنا الحاضر" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. كيف تسلك طريق بطرس؟). كشفت كلمة الله حالتي. رأيت أنني كنت أنانية وحقيرة بوجه خاص. في كل شيء، لم أفكر إلا في مصالحي الخاصة فحسب، وأردت فقط إيجاد طرق لتعظيم الفائدة بالنسبة لي. لم أفكّر على الإطلاق في إخوتي وأخواتي، ناهيك عن عمل الكنيسة. عندما طلبت مني القائدة اصطحاب الأخت زو يون، ظننت أن بإمكانها القيام بعمل للكنيسة، وسيكون لدي مُساعِدة أخرى لتخفيف حِملي وجعل عملي أكثر فعالية، مما سيجعلني أبدو أفضل، لذا لم أستطع الانتظار لإعادتها. لكنني عندما رأيت أنها ليست الأخت التي عرفتها، وأنها كانت تُشكِّل خطرًا أمنيًا، كنت مُدرِكة أنها لن تستطيع القيام بواجبها فحسب، بل شخص ما عليه أن يجتمع بها على انفرادٍ. ظننت أنها ليس فقط لن تُحسِّن إنتاجيتنا أو تجعلني أبدو بمظهر جيد، لكنها قد تُشكِّل خطرًا على سلامتنا. كنت ضد ذلك، واشتكيت أن ترتيبات القائدة لم تكن عقلانية، لذا حاولتُ نقلها على عَجَلٍ إلى كنيسة مجاورة. رأيت أن عيشي بالسمّ الشيطاني "اللهم نفسي، وليبحث كل امرئ عن مصلحته فقط" قد جعلني أكثر أنانية وحقارة. لم يكن لديّ سوى مصالحي الخاصة في قلبي، وكل ما كان يعنيني هو نفسي. الله يرى ما في قلوبنا. كيف لا يكره الله أفكاري؟ عندما فكّرت كيف نُقِلت الأخت زو يون إلى الكنيسة المجاورة، شعرت أنني مدينة لها، علِمُت أنه كان عليّ ممارسة كلمة الله ولم يعد بإمكاني التفكير في مصالحي الخاصة.
بعد فترةٍ، تلقيت رسالة أخرى من قائدتي. كان بعض الإخوة والأخوات هاربين من الحزب الشيوعي الصيني، وكنا بحاجة لترتيب قدومهم إلى كنيستنا. هذه المرة، لم يعد بإمكاني التفكير في مصالحي الخاصة. بغضّ النظر عما إذا كان بإمكانهم أداء واجباتهم، كنت على استعداد لقبولهم حتى يتمكنوا من عيش حياة كنسية. ذهبت إلى العناوين التي أعطتني إياها قائدتي، رحَّبتُ بهم في كنيستنا، واتخذت الترتيبات اللازمة. بعد ممارستي هذه، شعرت بالسلام والراحة إلى حدّ بعيدٍ.
لاحقًا، كانت الشرطة تراقبني أيضًا، لذا كنتُ خطرًا أمنيًا ولم أستطع الاتصال بالآخرين. لم أستطع حضور الاجتماعات، ولم أستطع أداء واجباتي. كان ذلك وقتًا عصيبًا للغاية بالنسبة لي. كثيرًا ما افتقدت الأيام عندما كنت أجتمع مع إخوتي وأخواتي وأؤدي واجباتي. تطلَّعتُ لرؤية إخوتي وأخواتي مجددًا، لنشارك الحقّ معًا، وأتحدث عمّا بداخل قلبي. لقد عذبني توقي للحياة الكنسية وإخوتي وأخواتي. وحينئذٍ فقط فهمت كيف شَعُر الإخوة والأخوات الذين يطاردهم الحزب الشيوعي الصيني عندما لم يحظوا بحياة كنسية أو اتصال مع إخوتهم وأخواتهم. فكّرت في الأخت زو يون، التي نَقَلْتُها إلى الكنيسة المجاورة. في ذلك الوقت، ظننت أنه بما أنها لا تستطيع أداء واجباتها، فلن تساعد في عمل الكنيسة. لكنني لم أفكر في مقدار العذاب والألم الذي لابد وأنها تعانيه الآن، نظرًا لأن الحزب الشيوعي الصيني قد سجنها لأكثر من ثلاث سنوات، وكانت لا تزال تحت المراقبة بعد إطلاق سراحها، ولم تستطع الاتصال بإخوتها وأخواتها أو عيش حياة كنسية. من أجل حضور الاجتماعات، كانت مُرْغَمة على القدوم إلى كنيستنا من مَسْقط رأسها. فعلت ذلك لتتواصل مع الإخوة والأخوات، لكنني أبعدتها بدون حتى كلمة تبعث فيها الراحة أو ذرة من التعاطف. كلما فكّرت في الأمر، شعرت بالذنب أكثر. لماذا كنت باردة ومُتَحَجِّرة القلب إلى هذه الدرجة؟ لم تكن لدي إنسانية على الإطلاق!
لاحقًا، قرأت كلمات من الله كشفت أضداد المسيح، وهي ساعدتني على رؤية مشكلتي بشكل أوضح. تقول كلمات الله، "إنَّ المظاهر الأوَّليَّة لمكر أضداد المسيح وحقدهم هي أن كلّ شيءٍ يفعلونه له هدفٌ. الشيء الأوَّل الذي يُفكِّرون فيه هو مصالحهم الخاصَّة؛ وأساليبهم دنيئة وفجَّة وخسيسة وبائسة ومريبة. ولا يوجد صدقٌ في الطريقة التي يفعلون بها الأشياء وفي الطريقة التي يعاملون بها الناس والمبادئ التي يعاملونهم بها. فالطريقة التي يعاملون بها الناس هي استغلالهم والتلاعب بهم، وعندما لا تعود للناس قيمةٌ مفيدة لهم فإنهم يتخلَّصون منهم. وإذا كنت تُمثِّل قيمةً مفيدة لهم، فإنهم يتظاهرون بأنهم يهتمّون بك: "كيف حالك؟ هل واجهت أيّ صعوباتٍ؟ يمكنني مساعدتك على حلً صعوباتك. أخبرني إذا كانت لديك أيّ مشكلاتٍ. فأنا هنا لمساعدتك. كم نحن محظوظون لمثل هذه العلاقة الجيِّدة!" يبدو أنهم يقظون للغاية. ومع ذلك، إذا جاء يومٌ لم تعُد لك أيّ قيمةٍ مفيدة لهم، فسوف يتخلّون عنك وسوف يتخلَّصون منك ويعاملونك كما لو أنهم لم يقابلوك قطّ. وعندما تكون لديك مشكلةٌ بالفعل وتبحث عنهم للحصول على المساعدة، يتغيَّر موقفهم فجأةً ولا تعود كلماتهم تبدو لطيفة كما كانت عندما وعدوا في البداية بمساعدتك – فلماذا؟ لأنك لا تُمثِّل أيّ قيمةٍ مفيدة لهم، ولذلك يتوقَّفون عن الاهتمام بك. وهذا ليس كلّ شيءٍ: فإذا اكتشفوا أنك ارتكبت شيئًا خاطئًا أو وجدوا شيئًا يمكنهم استخدامه كوسيلة ضغطٍ عليك، يصبحون ساخرين تجاهك في برودٍ بل وقد يدينونك. أيّ نوعٍ من طريقة العمل هذا؟ هل هو مظهرٌ من مظاهر اللطف والصدق؟ عندما يُظهِر أضداد المسيح هذا النوع من المكر والحقد في سلوكهم تجاه الآخرين، هل يوجد أيّ أثرٍ للإنسانيَّة؟ هل لديهم أدنى صدقٍ تجاه الناس؟ بالطبع لا. فكلّ ما يفعلونه هو من أجل ربحهم وافتخارهم وسمعتهم ولمنح أنفسهم مكانة وشهرة بين الآخرين. وإذا تمكَّنوا من استغلال كلّ شخصٍ يقابلونه فسوف يفعلون ذلك. وأولئك الذين لا يتمكَّنون من استغلالهم يحتقرونهم ولا يلتفتون إليهم؛ وحتَّى إذا أخذت على عاتقك الاقتراب منهم يتجاهلونك كما لو كانوا لا يرونك. ولكن إذا جاء يومٌ احتاجوا فيه إليك، فإن موقفهم تجاهك يتغيَّر فجأة إذ يصبحون مجاملين وودودين للغاية لسببٍ غير مفهوم. لماذا تغيَّر موقفهم تجاهك؟ (لأنك تُمثِّل قيمةً مفيدة لهم). هذا صحيحٌ: فعندما يرون أنك تُمثِّل قيمةً مفيدة يتغيَّر موقفهم" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. الملحق الرابع: تلخيص شخصيَّة أضداد المسيح وجوهر شخصيَّتهم (الجزء الأول)). عندما رأيت ما كشفته كلمة الله، شعرت بالبؤس والذنب. ما فعلته كان مثل ما فعله ضد المسيح. كان لدي دافع في كل موقف، ولم أفكر سوى في مصالحي الخاصة. لطالما حَسِبْتُها واسْتَغْلَلْتُ الناس في تفاعلاتي. لم يكن لدي حب لإخوتي وأخواتي، ولا صدق أو عطف. كانت الأخت زو يون تحت مراقبة الحزب الشيوعي الصيني لفترة طويلة ولم تستطع عيش حياة كنسية. كان يجب أن أتفهّم موقفها، وأدعمها وأساعدها بكل حبّ، أرتب لها حضور الاجتماعات وأداء الواجبات التي يمكنها القيام بها في أسرع وقت ممكن. لكن ساورني القلق بسبب الخطر الأمنيّ الذي تُشكّله. ظننت أن قبولها بالكنيسة لن يفيد في مساعدة عمل الكنيسة، وعلينا استنفاذ المزيد من الطاقة ودفع ثمن مساعدتها. في أسوأ الأحوال، شكّلت خطرًا على سلامة الإخوة والأخوات الآخرين، ممّا سيؤثر سلبًا على عمل الكنيسة. لذا، لم آبه على الإطلاق لما إذا كان بإمكانها عيش حياة كنسية أم لا، ولم أسألها سؤالاً واحدًا بشأن حالتها أو صعوباتها. أردت التخلص منها فحسب، وعدم قبولها في كنيستنا. كنت لا مُبالية وأنانية. لم تكن لديّ أي إنسانية على الإطلاق! لم يسعني سوى سؤال نفسي، "لم أستطع حتى التفكير في أختي بشأن مسألة صغيرة. لم يكن لدي حبّ أو تعاطف معها. إذًا فكيف يمكن أن تكون المساعدة التي عرضتها على إخوتي وأخواتي مُسْبقًا مُخلِصة؟" من خلال التفكُّر، وجدت أنه لمراتٍ عديدةٍ، ساعدت إخوتي وأخواتي لأنني كنت قائدة الكنيسة. فكّرت أنه بمنحهم الدعم المناسب والتأكد من أن حالة الجميع طبيعية، سأتمكن من إحراز نتائج في واجبي والتأكد من أن أظهر بصورة مُشرِّفة. الآن فقط أدركت أن أفعالي لم تكن مراعية لمشيئة الله، وأنني لم أفِ بمسؤولياتي كقائدة. بدلاً من ذلك، كنت أحمي سُمْعتي ومكانتي. ظاهريًّا، كنت أؤدي واجبي، لكن في الواقع، كنت أعتني بمصالحي الخاصة تحت ستار القيام بواجبي، واسْتَغْللتُ الآخرين كنقاط انطلاقٍ في سعيي إلى السُّمْعة والمكانة. ما ارتكبتُه كان مثيرًا للاشمئزاز أمام الله، وكنت أسير في طريق مقاومة الله. إنْ لم أكن عانيت من ألم فقدان حياة الكنيسة، لما عرفتُ أبدًا الألم والمعاناة التي تكبّدها إخوتي وأخواتي دون اجتماعات وحياة الكنيسة. ولم أكن لأتعرّف أبدًا على شخصية ضد المسيح الشريرة والخبيثة لديّ.
لاحقًا، قرأت مقطعًا آخر من كلمة الله. "تتمثل المشكلة مع الأشخاص الساعين وراء مصالحهم في أن الأغراض التي يسعون وراءها هي أهداف الشيطان؛ إنها أغراض شريرة وجائرة. عندما يسعى الناس وراء مصالحهم الشخصية، كالوجاهة والمكانة، فإنهم يغدون دون أن يشعروا أداةً للشيطان وقناةً له، وفوق ذلك يصبحون تجسيدًا للشيطان. إنهم يلعبون دورًا سلبيًا في الكنيسة، كما أن لهم دورًا سلبيًا كذلك تجاه عمل الكنيسة ونحو الحياة الطبيعية في الكنيسة والسعي الطبيعي لشعب الله المختار، حيث يتمثل تأثيرهم في السلبية وإحداث الضرر" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع: لا يُؤدِّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء الأول)). هذا الإعلان من كلام الله جعلني أدرك أنه إذا قمنا بواجبنا دون ممارسة الحقّ، وحماية سُمْعتنا ومكانتنا، مهما كان الثمن الذي ندفعه باهظًا، سنلعب دائمًا دورًا سلبيًا في الكنيسة وسنكون مُتَنَفَّسًا للشيطان. سنتسبب فقط في إحداث تعطيل واضطراب لعمل الكنيسة وإلحاق الضرر بالدخول إلى حياة إخوتنا وأخواتنا. فكّرت في أختي وهي مُرْغَمة على القدوم إلينا من مسقط رأسها فقط لمجرد المشاركة في حياة الكنيسة. كانت تؤمن بالله بإخلاص وتتوق إلى كلمة الله. إنْ كان لديّ ولو حتى القليل من الإنسانية، لما عاملتها هكذا. كنت قائدة كنيسة، لكن عندما وقعت الأخت زو يون في مأزق، لم أساعدها، حاولت بلا مبالاةٍ وبلا رحمةٍ نقلها إلى كنيسة أخرى. كلما فكّرت أكثر فيما فعلته، كرهت نفسي أكثر. شعرت أنني مدينة لأختي، وأكثر من ذلك أنني مدينة لله. أتيتُ أمام الله وصلّيت، "إلهي! إني لا أفكر سوى في مصالحي الخاصة عندما أقوم بالأشياء، وليس لديّ حب لإخوتي وأخواتي. أنا أنانية وشريرة للغاية! إلهي! أريد التوبة..."
لاحقًا، وأنا أقرأ كلمة الله، رأيت مؤونة الله الإيثارية ورعايته للبشرية، وشعرت حتى بخجل أكبر من أنانيتي وخُبثي. تقول كلمات الله، "بصرف النظر عن مقدار كلام الله الذي سمعته، أو مقدار الحقّ الذي يمكنك قبوله وفهمه، أو مقدار الواقع الذي عشته، أو مقدار النتائج التي حصلت عليها، توجد حقيقةٌ ينبغي أن تفهمها: الله يمنح الطريق والحقّ والحياة مجَّانًا لكلّ شخصٍ، وهذا أمرٌ عادل لكلّ شخصٍ. لن يُفضِّل الله أبدًا شخصًا على شخصٍ آخر بسبب طول مدَّة إيمانه بالله أو مدى معاناته، ولن يُفضِّل أو يبارك أبدًا شخصًا ما بسبب طول مدَّة إيمانه بالله أو مدى معاناته. كما أنه لن يعامل أيّ شخصٍ معاملةً مختلفة بسبب عمره أو مظهره أو جنسه أو خلفيَّته العائليَّة، وما إلى ذلك. فكلّ شخصٍ يحصل على الشيء نفسه من الله. والله لا يجعل أيّ شخصٍ يحصل على ما هو أقلّ، ولا يجعل أيّ شخصٍ يحصل على ما هو أكثر بكثير. الله عادلٌ ومنصف لكلّ شخصٍ. فهو يعول الإنسان في الوقت المناسب وبالقدر المناسب، ولا يتركه للجوع أو للبرد أو للعطش، ويَسُدُّ جميع احتياجات قلب الإنسان. عندما يفعل الله هذه الأشياء، ماذا يطلب من الناس؟ يمنح الله هذه الأشياء للناس، فهل لدى الله أيّ أنانيَّة؟ (لا). الله ليست لديه أنانيَّة على الإطلاق. فكلام الله وعمله جميعهما لصالح البشر ويهدفان لحلّ جميع الشدائد والصعوبات التي يعاني منها البشر حتَّى يتمكَّنوا من نيل الحياة الحقيقيَّة من الله. وهذه حقيقةٌ" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الإنسان هو المستفيد الأكبر من خطة تدبير الله). يمن الله على الجميع دون أنانية. إنه يعمل بجدّ في كل واحد منا، ولا ينتظر أبدًا شيئًا في المقابل، يأمل فقط أن نسعى للحقّ، نغيّر شخصياتنا، وأن نعيش شبه الإنسان الحقيقي. لكن معاملتي لإخوتي وأخواتي كانت مبنية على ما إذا كانوا مفيدين. إنْ كانوا مفيدين، كنت على استعداد لدفع أي ثمن. إنْ لم يكن الأمر كذلك، فلن أُلقي لهم بالاً. لم أرغب في إزعاج نفسي إنْ لم تكن هناك فائدة. كنت أنانية وحقيرة. قال الرب يسوع، "ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلَاءِ ٱلْأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ" (متى 25: 40). نعم. حتى الإخوة والأخوات الأقل لَفتًا للأنظار في الكنيسة يجب تقديم المساعدة لهم، طالما أنهم يؤمنون بالله بصدقٍ، وليسوا أشرارًا، ولا أضدادًا للمسيح، أو غير مؤمنين. ومساعدتهم بمحبةٍ مراعاةً لمشيئة الله، ولتحظى برضا الله. خاصة أولئك الإخوة والأخوات المُطارَدين والمطلوبين من الحزب الشيوعي الصيني، الذين لا يستطيعون العودة إلى ديارهم، علينا أن نُحْسِن معاملتهم ونتأكد أنهم بمَأمن. هذا عمل أكثر صلاحًا بكثير. سلوك الشخص تجاه إخوته وأخواته يُظِهر إنسانيته. شعرت بإحساس عميق من الندم. إنْ تهيَّأت لي فرصة أخرى للقيام بواجبي، لما عدت بهذه الأنانية والحقارة، أو مراعية لمصالحي الخاصة فقط عند التفاعل مع إخوتي وأخواتي. كان عليّ بذل قصارى جهدي لمساعدة إخوتي وأخواتي، وأن أكون امرأة تمتلك الإنسانية والعقل.
في يناير من هذا العام، بدأت أخيرًا واجبًا آخر. رتبت لي قائدتي دعم أخت كان تُشكّل خطرًا أمنيًا. فكّرتُ، "بعد كل ما مررت به، أخيرًا لديّ واجب. إذا تواصلتُ هذه الأخت، فماذا سيحدث إذا تورطتُ؟" في هذه المرحلة، أدركت أنني لم أكن في الحالة الصحيحة، وسرعان ما أتيت أمام الله وصلّيت أن أتخلّى عن ذاتي، قائلةً إنني أردت بذل قصارى جهدي لمساعدة ودعم أختي. من خلال الاجتماع ومشاركة كلمة الله معها، تحوّلت حالتها السلبية شيئًا فشيئًا، وأرادت كتابة مقال للشهادة لله. عندما بذلت قصارى جهدي لمساعدة أختي، شعرت بسلامٍ عظيمٍ.
في الماضي شعرت أن بإمكاني تحمُّل المَشقّة، وعملت بجدّ في واجبي، وحظيت بإنسانية حقيقية، وأحببت إخوتي وأخواتي. من خلال ما أظهرته الحقائق ودينونة وإعلان كلمة الله، لقد رأيت أخيرًا أنني سعيت فقط للكسب. كنت أنانية، غير مبالية، ولم يكن في قلبي صدق أو عطف. أفسدني الشيطان إلى حدّ اللاإنسانية! جعلتني كلمة الله أفهم كيف أعامل إخوتي وأخواتي بالإنسانية والعقل. لقد ساعدتني على التعايش مع الآخرين دون البحث دائمًا عن مصالحي الخاصة، وأن أكون صادقة في دعم ومساعدة إخوتي وأخواتي. شكرًا لله!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.