درس كبير من أمر بسيط

2022 نوفمبر 8

منذ فترة، قدّمت الأخت لي، وهي قائدة مجموعة، اقتراحًا بتعيين وانغ مي كمسؤولة سقاية. ساورني انطباع بأن الطبيعة البشرية لوانغ مي ضعيفة جدًّا. فقد كانت دائمًا مقصّرة في واجبها ولم تكن تحمي عمل الكنيسة. لذا سارعت إلى سؤال الأخت لي عن تقييمها لوانغ مي لرؤية ما هي عليه الآن. إذا كانت لا تزال غير مسؤولة في واجبها، فهي غير مناسبة لسقاية المؤمنين الجدد. بعدئذ قالت الأخت لي: "تُجِلّ وانغ مي سمعتها ومكانتها، لكن موقفها نحو واجبها مقبول، ولا أرى أي مشكلات ذات أهمية في هذا الخصوص". شعرت بالاطمئنان عند سماع ذلك. إذا كانت الأخت لي قد نظرت في هذه المسألة، فلا بد أن تكون وانغ مي الشخص المناسب كمسؤولة سقاية. بعد بضعة أيام، كنت قد قمت بجميع الترتيبات اللازمة لتسليم المنصب، وأنجزت التحضيرات لكي تتولّى وانغ مي زمام العمل. ولكن بعدئذ أخبرتني الأخت لي بصورة مفاجئة أنه بسبب مراوغتها وتقصيرها، وعدم قبولها الحق، لم تكن صالحة لسقاية المؤمنين الجدد. صدمت عندما سمعت هذا الخبر وفكرت: "ألم تقولي إنها لم تكن تواجه أي مشكلات ذات أهمية عندما أجريت تقييمًا لها قبل بضعة أيام؟" لم أستطع أن أتمالك نفسي عن التذمر: "أنت غير جديرة بالثقة على الإطلاق. طلبت منك أن تتحققي من شخص ولم تقومي بعمل دقيق. إن ذلك يدلّ على نقص حاد في التمييز لديك. لقد أثر اختيار الشخص غير المناسب على عملي أيضًا. ألن يؤدي ذلك إلى تأخير الأمور؟ كيف يمكنك أن تكوني قائدة مجموعة مع خامة كهذه؟" كلما كنت أمعن في التفكير بذلك، كان غضبي يشتد، ولكنني لم أفهم حقيقة الموقف، وظللت أدينها في داخلي فحسب. آنئذ، أردت حقًّا أن أوصل رسالة إلى الأخت لي، لأسألها عما كان يجري معها، وما إذا كان لديها أي تمييز لذلك الشخص، ولِم لمْ تحقق في هذه المسألة بدقة، وكيف أمكن أن تكون مستهترة إلى ذلك الحد. ولكن بعدئذ فكرت: "لا ينبغي إرسال الرسائل إلى الأشخاص الذين هم في حالة غضب". وعليه، لم أرسل لها أيّ رسالة، وبقيت الأمور كما هي.

وخلال أحد الاجتماعات، سمعت أخًا يخبر من خلال شركة كيف أنه استشاط غضبًا وأنحى باللائمة على الآخرين عندما كانت الأمور لا تسير كما يريد، وكيف أنه طلب الحق وتفكّر وتعلّم عن نفسه. شعرت بالخجل عندما سمعت ذلك، ولم أستطع أن أتمالك نفسي عن استعادة تجربتي السابقة في هذا الخصوص. ألم نكن أنا وهذا الأخ في وضعية مماثلة؟ لقد حقق نتائج لأنه طلب الحق وتعلم درسه. فلِم أعجز أنا عن تعلّم درسي؟ وعليه، وضعت هذه المسألة أمام الله في الصلاة، ساعية إلى معرفة الدرس الذي ينبغي عليّ أن أتعلمه. ذات مرة، قرأت كلام الله في خلوتي التعبدية: "تُعدّ طاعة تنظيمات الله وترتيباته هي الدرس الأهمّ في طاعة الله. تشمل تنظيمات الله وترتيباته الناس والأمور والأشياء ومختلف المواقف التي يُظهِرها الله من حولك. كيف يجب أن تتفاعل إذًا عندما تواجه هذه المواقف؟ والجانب الأهمّ على الإطلاق هو القبول من الله. ماذا يعني "القبول من الله"؟ هل التذمُّر والمقاومة قبول من الله؟ هل تقديم الأعذار وتصيُّد الخطأ قبول من الله؟ لا. كيف يجب تطبيق القبول من الله إذًا؟ أوَّلًا، استرخِ واطلب الحقّ ومارس الطاعة. لا تُقدِّم أعذارًا أو ذرائع. لا تحاول تخمين أو تحليل من هو على حقٍّ ومن هو على خطأ. ولا تُحلِّل خطأ أيٍّ من الأشخاص أخطر وخطأ أيٍّ منهم أقلّ خطورة. هل تحليل هذه الأشياء دائمًا هو موقف القبول من الله؟ هل هو موقف الطاعة؟ (لا). هذا ليس موقف طاعة الله، وليس موقف القبول من الله، وليس موقف قبول سيادة الله وترتيباته. فالقبول من الله هو أحد جوانب مبادئ ممارسة طاعة الله. ... أمَّا عدم تحليل الصواب والخطأ، وعدم تقديم الأعذار وعدم تصيُّد الأخطاء لدى الناس، وعدم الجدال في التفاهات، وعدم تحليل الأسباب الموضوعيَّة، وعدم التحليل والفحص باستخدام العقل البشريّ فجميعها هي التفاصيل، وهذا هو القبول من الله. وطريقة تطبيق هذا هي الطاعة أوَّلًا. فحتَّى إن كانت لديك أفكارٌ أو كانت الأمور غير واضحةٍ لك، فأطع ولا تُقدِّم الأعذار ولا تتمرَّد؛ وبعد الطاعة اطلب الحقّ وصلِّ الى الله واسْعَ" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الخضوع لله هو درس أساسيّ في كسب الحق). يقول الله إنه عندما نوضع في موقف ما، وبصرف النظر عما إذا كنا نفهم مشيئته، ينبغي ألا نناقض تلك المشيئة أو أن نتحاجج دفاعًا عن مبرراتنا وحججنا. ينبغي أن نتبنى موقفًا يدلّ على القبول والطاعة في الظرف الذي يضعنا فيه الله. إن ذلك يدل على سلوك تقبل الأمور كما لو أنها من الله. عندما كانت تحدث مشكلة ما، كنت أنظر إليها دائمًا من الخارج، وأحلل الصواب والخطأ فيها، متذمّرة من أمور شتى. لطالما كنت أعتقد أن قائدة المجموعة كانت مقصّرة ومستهترة في واجبها، وأن ذلك يؤثر على عملي، ويجعلني أهدر جهودًا كثيرة. في ذلك الظرف، لم أتحلَّ أبدًا بموقف تقبّل الأمور من الله. ولم أهدئ روعي وأطلب مشيئة الله، أو أتفكر في ماهية الدروس التي ينبغي عليّ أن أتعلمها. بدلاً من ذلك، ركّزت اهتمامي على قائدة المجموعة. أردت أن أفقد أعصابي وأوبخها وأنتقد مثالبها. لم يكن ذلك موقفًا يدلّ على القبول أو الطاعة! هل كانت جميع المشاكل والشوائب القائمة في العمل آنئذ ناجمة حقًّا عن تقصير الآخرين؟ ألم يكن لي أيّ دَخْل فيها؟ لطالما كنت أقاوم المواقف التي أواجهها. حتى إن كانت المشكلات تعزى في النهاية تمامًا إلى تقصير الآخرين، وإن كنت لا أتحمّل أي مسؤولية عنها، استطاع الآخرون أن يتفكروا في أنفسهم، وأن يتعلموا من ذلك، وينموا. ولكن ما الذي كنت أكسبه انا، غير كبت الغضب في داخلي؟ عند هذا الحدّ أدركت أنني كنت في وضعية خاطئة. لم أكن أستطيع أن أواصل التحليل والبحث، والوقوع في فخ تحديد المخطئ وغير المخطئ. كان ينبغي علي أن أهدئ روعي وأن أطلب الحق وأتعلم درسي.

وفيما كنت أتفكر، قرأت مقطعًا من كلمة الله. "إذا كنت لا تتَّكل على الله ولا تتطلَّع إليه عند أداء واجبك، وتفعلُ ما يحلو لك فحسب، فسوف توجد دائمًا أوقاتٌ تفشل فيها بصرف النظر عن مدى ذكائك. يميل العنيدون لاتّباع أفكارهم الخاصَّة، فهل يملكون قلبًا يتَّقي الله؟ والناس الذين يعانون من فرط العناد نسوا الله ونسوا طاعة الله، ولا يخطر ببالهم أنهم لم يطيعوا الله ولم يُصلِّوا إلى الله إلَّا عندما تحدث بعض الأمور ويفشلون في إحراز تقدُّم أو يفشلون في تحقيق أيّ إنجازٍ. ما معنى هذا؟ معناه أن الله ليس في قلوبهم؛ فأفعالهم تدلّ على أن الله غائبٌ عن قلوبهم، وأن كلّ شيءٍ ينبع من أنفسهم. وهكذا، سواء كنت تُؤدِّي عملًا كنسيًّا، أو تُؤدِّي واجبًا، أو تتعامل مع بعض الشؤون الخارجيَّة، أو تتعامل مع أمورٍ في حياتك الشخصيَّة، ينبغي أن توجد مبادئ في قلبك، وينبغي أن توجد حالةٌ روحيَّة. أيّ حالةٍ يا تُرَى؟ "بصرف النظر عن نوعها، قبل أن يحدث لي أيّ شيءٍ ينبغي أن أصلِّي، وينبغي أن أطيع الله، وينبغي أن أطيع سيادته، فكلّ شيءٍ رتَّبه الله، وعندما يحدث شيءٌ ما، ينبغي أن أطلب مشيئة الله، وينبغي أن أفكِّر بهذه العقليَّة، وينبغي ألَّا أضع خططي الخاصَّة". بعد اختبار ذلك لبعض الوقت، سوف يجد الناس أنفسهم يشهدون سيادة الله في أشياء كثيرة. إذا كانت لديك دائمًا خططك واعتباراتك وأمنياتك ودوافعك الأنانيَّة ورغباتك الخاصَّة، فسوف يضلّ قلبك عن الله دون قصدٍ، ولن ترى طريقة عمل الله، وفي معظم الأوقات سوف يتوارى الله عنك. ألا تحب فعل الأشياء وفقًا لأفكارك الخاصَّة؟ ألا تضع خططك الخاصَّة؟ أنت تتمتَّع بالعقل، ومُتعلِّم وواسع المعرفة، ولديك القدرة والمنهجيَّة لعمل الأشياء، ويمكنك عملها بنفسك؛ لأنك بارعٌ، ولست بحاجةٍ إلى الله؛ ولذلك يقول الله: "امضِ وافعل ذلك بنفسك، وتحمَّل مسؤوليَّة ما إذا كان الأمر يسير على ما يرام أم لا، فأنا لا أهتمّ". الله لا يبالي بك. عندما يتبع الناس إرادتهم بهذه الطريقة في إيمانهم بالله ويؤمنون كيفما شاءوا، ماذا تكون العاقبة؟ لا يمكنهم أبدًا اختبار سيادة الله، ولا يمكنهم أبدًا معاينة يد الله، ولا يمكنهم أبدًا الشعور باستنارة الرُّوح القُدُس وضيائه، ولا يمكنهم الشعور بإرشاد الله. وماذا سيحدث بمرور الوقت؟ سوف تبعد قلوبهم عن الله أكثر من أي وقت مضى، وسوف توجد آثارٌ ثانويَّة. ما هي الآثار؟ (الشكّ في الله وإنكاره). وهذه ليست مُجرَّد حالة شكٍّ في الله وإنكاره؛ فعندما لا يكون لله مكانٌ في قلوب الناس وعندما يفعل الناس ما يحلو لهم على المدى الطويل، سوف تنشأ العادة: عندما يحدث لهم شيءٌ ما، فإن الشيء الأوَّل الذي سوف يفعلونه هو التفكير في حلِّهم وأهدافهم ودوافعهم وخططهم. سوف يُفكِّرون أوَّلًا فيما إذا كان هذا مفيدًا لهم. فإذا كان الأمر كذلك، فسوف يفعلونه، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلن يفعلوه. سوف يصبح من عادتهم أن يسلكوا هذا المسار مباشرةً. وكيف سيتعامل الله مع مثل هؤلاء الناس إذا واصلوا التصرُّف على هذا النحو دون توبةٍ؟ لن يهتمّ الله بهم وسوف يتركهم جانبًا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. مبادئ ممارسة الخضوع لله). بعد أن تأملت في كلام الله، رأيت حالتي بوضوح أكبر. تقول كلمة الله إن الأشخاص الذين يتمتعون بإرادة قوية للغاية يبدأون غالبًا بالتخطيط وإرساء القواعد، وتقييم أثر ما سيقومون به، وكيف سيقومون به. إنهم يبدأون بصياغة خطة ووضع اللمسات الأخيرة عليها، ثم ينفذونها باستخدام الوسائل والأساليب التي يختارونها، بينما يطالبون الآخرين باتباع طريقتهم أيضًا. في الظاهر، هم يؤدون واجبهم ويحافظون على عمل الكنيسة، ويحرصون على أن يحقق عملهم نتائج جيدة. ولكن عندما يؤدون الأمور بهذه الطريقة، يظهر عملهم إلى حد بعيد كانعكاس لمشيئتهم وقواعدهم. إنهم لا يصلون ولا يطلبون الله بما يكفي، ويفتقرون إلى موقف يدل على الطاعة، كما أنهم لا يهتمون باتباع إرشاد الروح القدس. إنهم يقومون بجميع الأمور وفقًا لرغباتهم الخاصة ويريدون أن تتطور الأمور حسب رغبتهم. يقول الله إن رغبتهم الشخصية قوية للغاية، وإنه لا يوجد مكان لله في قلوبهم. إن الله يكره هذا النوع من الأشخاص ويتجاهلهم. أظهر لي التفكّر في سلوكي أنني كنت شديدة الصرامة في واجباتي، وأنه بصرف النظر عما كنت أقوم به، كنت فور اتخاذ القرار، ألتزم بتنفيذه بشكل صارم. حتى أنني كنت أجعل الآخرين يلتزمون بمطالبي، وإن امتنعوا، كنت أفكر بأنهم غير أمناء في واجبهم، وأنهم لا يحمون عمل الكنيسة. هكذا كانت الحال في التحقيق بشأن مسؤولة السقاية. سمعت أن وانغ مي لم يكن لديها أي مشكلات، لذا حدّدت لها موعدًا لتأتي وتتسلّم العمل. ولكن بعدئذ أخبرتني قائدة المجموعة بأن وانغ مي لم تستطع المجئ لسقاية المؤمنين الجدد، ما أربك خططي. كنت أريد أن أفقد أعصابي، وكان قلبي يفيض بالشكوى. لقد حكمت على قائدة المجموعة بأنها تفتقر إلى المقدرة والتمييز، وبأنها غير مسؤولة. كنت بارّة في عين نفسي، ومتكبرة وغير عقلانية! حتى وإن كانت الأمور التي أخطّط لها وأقرّرها صحيحة، ولا تنتهك مبادئ بيت الله، لا تحدث الأمور دائمًا حسبما أرغب، ولا تنطوي دائمًا على التأثير الذي أبتغيه. أنا أضع الخطط والترتيبات، وهذا واجبي، وهذه هي الطريقة التي ينبغي أن أتعاون من خلالها، ولكن لا يجدر بي أن أقرّر مسبقًا كيف ينبغي أن تكون النتيجة النهائية لتلك الخطط. ينبغي عليّ أن أبذل قصارى جهدي، وأسلّم أمري بعدئذ لمشيئة الله. أما فيما يتعلق بما إذا كان يمكن في نهاية المطاف إتمام مسألة ما، وأيّ متغيرات قد تدخل في الاعتبار، وكيف تتطور، ينبغي أن أتبع إرشاد الروح القدس وأن أخضع لحكم الله. هذا هو حسّ العقل الذي ينبغي أن أتحلى به. إن الأمور التي كنت أقوم بها كانت تعبيرًا كاملًا عن مشيئتي، ولم أكن أراعي سيادة الله، ولم يكن لله مكان في قلبي. كيف كان يمكنني الحصول على استنارة الله وإرشاده من خلال أداء واجبي على هذا النحو؟

لاحقًا، قرأت مقطعًا آخر من كلمة الله أعطاني شيئًا من البصيرة عن الشخصية الفاسدة التي تقف وراء غضبي. يقول الله، "إذا فهمت الحق في قلبك حقًا، فستعرف كيف تمارس الحق وتطيع الله، وسوف تشرع بطبيعة الحال في سبيل السعي للحق. إذا كان السبيل الذي تسلكه هو الصحيح، ويتوافق مع مشيئة الله، فلن يتركك عمل الروح القدس؛ وفي هذه الحالة ستقل فرصة خيانتك لله تدريجيًا. من دون الحق، من السهل أن تفعل الشر، وسوف تفعل ذلك رغمًا عنك. إذا كنت تتسم بشخصية متغطرسة ومغرورة، فإن نهيك عن معارضة الله لا يشكّل فرقًا، إذ تفعل هذا رغمًا عنك، وهو خارج عن إرادتك. لن تفعل ذلك عمدًا، بل ستفعل ذلك تحت سيطرة طبيعتك المتكبرة والمتعجرفة. إن تكبرك وتعجرفك سيجعلانك تنظر بازدراء إلى الله وتعتبره بدون أهمية وتمجّد نفسك وتُظهر نفسك باستمرار. سيجعلانك تحتقر الآخرين، ولن يتركا أحدًا في قلبك إلا نفسك. سينتزعان مكان الله من قلبك، وفي النهاية سيجعلانك تجلس في مكان الله وتطلب من الناس أن يخضعوا لك، ويجعلانك تعظّم خواطرك وأفكارك ومفاهيمك معتبرًا أنها الحق. ثمّةَ كثير من الشر يرتكبه الأشخاص الذين يقعون تحت سيطرة طبيعتهم المتكبرة والمتعجرفة!" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك). وبينما كنت أتأمل في كلام الله، اكتسبت بعض الفهم لطبيعتي المتكبرة والمغرورة. لقد اتضح أنني لم أكن أكن أفعل الأشياء وفقًا لرغباتي الخاصة فحسب، بل أن شخصية متكبرة كانت تحتجب وراء ذلك. عند التفكير من جديد في مشكلة العمل هذه المرة، لم أفهم السياق العام، ولم أسأل عما إذا كانت قائدة المجموعة تواجه أي صعوبات. لقد تذمرت منها وحكمت عليها بلا تمييز. وعندما احتقرتها وحكمت عليها، كنت في الواقع أحطّ من شأنها لأرفع نفسي، وأبجّل نفسي، معتقدةً أنني أفضل من الآخرين، كما لو أنني كنت أتمتع بفهم للحق لا يتمتع به الآخرون، وكما لو كنت أنا وحدي متيقظة، والآخرون كلهم مهملون، وكما لو أنني كنت أستطيع إدراك جميع الأمور، وأن الآخرين كانوا عميانًا. رأيت أنني كنت سيدة الحق، وأن الآخرين كنوا خدامًا للحق. كذلك كنت أذكر الآخرين بأن يتفكروا في أفعالهم، ويعرفوا أنفسهم، ويتعلموا الدروس، كما لو أن الشيطان لم يفسدني أنا، وكما لو أن لا حاجة لي إلى التفكّر والوعي الذاتي. في نظري، كان الآخرون غير أكفاء ولا يطاقون، وكنت الأفضل، لذا عندما كانت أي مشكلات تظهر في سياق قيام أحدهم بواجبه، كنت دائمًا أفكر: "هل تسمّي ذلك قيامًا بواجبك؟" "هل أنت قادر حتى على القيام بواجبك؟" "أنت تعطل الأمور فحسب"، وكنت أنعتهم بصفات كثيرة. كنت أريد إلقاء اللوم على الآخرين وتوبيخهم فحسب. في الواقع، ارتكبت أيضًا خلال واجباتي الكثير من الأخطاء ذاتها التي يرتكبها الآخرون أثناء واجباتهم، وعلقت في نفس الأمور، فهل كنت حقًّا أفضل منهم بكثير؟ يمر الجميع بأوقات لا يستطيعون فيها رؤية شخص أو موقف ما بوضوح، كما أن الناس قد يتهاونون حتمًا ويقصّرون في واجباتهم. طالما أنه يمكن تحديد المشكلات والانحرافات في الوقت المناسب ومراجعتها وعكس مسارها بطريقة مستمرة، يمكن تحويل هذه المشكلات والانحرافات إلى عملية نمو فحسب. في الواقع، أرتكب غالبًا أخطاء في واجبي، تمامًا كما حدث مع وانغ مي. كنت أعرف بوضوح أن سلوكها كان سيّئًا في الماضي، ولكن عندما قالت الأخت لي إنه لم يكن لديها أي مشكلات في سلوكها مؤخرًا، أحجمت عن استيضاح الأمر. لقد افترضت أن الأخت لي قد قيمت الوضع فحسب، وأنه لا ينبغي أن تكون هناك أي مشاكل. في نهاية المطاف، ظهرت مشكلة، وكنت أشارك في المسؤولية عنها بوضوح، لكنني أنحيت باللائمة كلها على الأخت لي، ووجهت أصابع الاتهام إليها، وحكمت عليها، وانتقدتها. كنت متكبّرة جدًّا ولم يكن لديّ أيّ طبيعة بشرية على الإطلاق! إن قيام المرء بواجبه على هذا النحو لا يؤدي فقط إلى عدم القيام بأي شيء لمساعدة الآخرين أو بنائهم، بل يُرجّح أيضًا أن يُقيّد حركتهم ويجعلهم سلبيين. عند مواجهة مشكلة، لم أكن أنظر إلى الأمور أو الأشخاص من خلال كلمة الله. كنت أتذمر فحسب، وأصبح سريعة الانفعال، وأوبخ الآخرين. حتى أنني كنت أعتقد أن هذه هي فحوى أن يكون المرء مسؤولًا، وأن ذلك كان عملًا لإحقاق العدل، وأنني كنت أحمي عمل الكنيسة. كانت هذه النظرة سخيفة للغاية!

لاحقًا، قرأت مقطعًا من كلمة الله أضاء قلبي. يقول الله القدير، "بمجرد أن يتمتع الإنسان بمكانة ما، فإنه سيجد أن من الصعوبة بمكان السيطرة على مزاجه، ومن ثمَّ سوف يستمتع باستغلال الفرص للتعبير عن عدم رضاه وتنفيس عواطفه، وغالبًا ما يستشيط غضبًا من دون سبب واضح، ليكشف عن قدرته ويدع الآخرين يعرفون أن مكانته وهويته تختلفان عن الأشخاص العاديين. وبطبيعة الحال، فإن الأشخاص الفاسدين دون أي مكانة كثيرًا ما يفقدون السيطرة، وغالبًا ما يحدث غضبهم بسبب الضرر الذي يصيب مصالحهم الشخصية. ولكي يحموا مكانتهم وكرامتهم، ينفّسون في كثير من الأحيان عن عواطفهم ويكشفون عن طبيعتهم المتعجرفة. يستشيط الإنسان غضبًا وينفس عن مشاعره للدفاع عن وجود الخطيئة وحفظ وجودها، وهذه الأعمال هي الطرق التي يعبر بها الإنسان عن عدم رضاه. وهي تمتلئ بالشوائب، والمكائد والدسائس، وفساد البشر وشرهم؛ وأكثر من أي شيء آخر، تعجّ بطموحات الإنسان ورغباته الجامحة. عندما تتعارض العدالة مع الشر، لن يستشيط الإنسان غضبًا للدفاع عن وجود العدالة أو لتأييدها؛ بل على النقيض من ذلك، عندما تتعرض قوى العدالة للتهديد والاضطهاد والاعتداء، فإن موقف الإنسان هو التجاهل أو التهرب أو التراجع. أما عندما يواجه الإنسان قوى الشر، فإن موقفه يتمثل في الإقامة والانحناء والبقاء على قيد الحياة. ولذلك، فإن تنفيس الإنسان هو هروب لقوى الشر، وتعبير عن السلوك الشرير المتفشي والجامح للإنسان الشهواني. لكن عندما يرسل الله غضبه، ستُوقف جميع قوى الشر، كما ستكف جميع الخطايا التي تؤذي الإنسان، وأيضًا سوف تكون جميع القوى المعادية التي تعيق عمل الله ظاهرة ومعزولة وملعونة، بينما سيُعاقب ويُقتلع جميع المتواطئين مع الشيطان الذين يعارضون الله، وسوف يتم عمل الله دون أي عقبات، كما ستستمر خطة تدبير الله في التطور خطوة بخطوة وفقًا للجدول الزمني، وسيكون شعب الله المختار خاليًا من إزعاج الشيطان وخداعه، بينما أولئك الذين يتبعون الله سوف يتمتعون بقيادة الله وإعالته في محيط هادئ ومسالم. إن غضب الله هو ضمانة تمنع كل قوى الشر من التكاثر والانتشار، وهي أيضًا ضمانة تحمي الوجود وانتشار كل الأشياء العادلة والإيجابية، وتحميها أبديًا من القمع والتخريب" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)). بعد قراءة كلمة الله فهمت أنه من أجل حماية مصالحهم الشخصية وتلبية رغباتهم وطموحاتهم، يغضب الناس من دون أن يأخذوا في الاعتبار الدافع وراء غضبهم أو مبدأه أو هدفه. وتعدّ تلك جميعًا صورًا لسرعة الانفعال، وتعبيرًا عن شخصية فاسدة، كما أنها تجافي الله. ولكن إذا كان الناس يستطيعون رؤية الأمور والأشخاص وفقًا لكلمة الله، ويحبون ما يحبه الله، ويكرهون ما يكرهه، ويمقتون فاعلي الشر والمخربين وأضداد المسيح أولئك لحماية عمل الكنيسة ومصالح مختاري الله، فذلك يعدّ تعبيرًا عن الطبيعة البشرية العادية، ومظهرًا من مظاهر حس العدل لدى المرء. حتى لو كان المرء يتحدث أحيانًا بحزم أو صرامة مفرطين، طالما أن كل ما يقوله مبنيّ على كلمة الله، ولا يتعارض مع الحق، ولا يشكّل مُتنفّسًا للأحقاد الشخصية، وليس مشوبًا بالدوافع الخاصة، عندئذ سيقتنع الناس ويرون جوهر المشكلات بوضوح أكبر، وستحقق تعليقات المرء نتائج إيجابية. إن هذا النوع من الغضب يعد أمرًا إيجابيًّا، وليس تعبيرًا عن شخصية فاسدة. إن فقدان المرء لأعصابه نتيجة الشخصية الفاسدة أمرٌ مختلف. إن الغضب ملوث بدوافع شخصية وأهداف مريعة. يفقد بعض الأشخاص أعصابهم لحماية سمعتهم ومكانتهم، وآخرون لحمل الآخرين على الاستماع إليهم والتصرف حسب رغبتهم، وآخرون بسبب تضرر مصالحهم الشخصية. إن هذه جميعًا صور لسرعة الانفعال والشخصية الفاسدة. وعلى سبيل المثال، عندما رأيت المشكلات تظهر وتؤخر التقدم في واجبات الآخرين، بدا أن الدافع وراء غضبي هو الرغبة في حماية عمل الكنيسة، ولكن في الواقع، غضبت لأن الآخرين لم يلبوا مطالبي واضطررت إلى تحمل الكثير من المتاعب التي كان يمكن تداركها. كنت أستخدم ذلك الغضب بوصفه فرصة للتنفيس عن مشاعر عدم الرضا، وأحكم على الآخرين وأستخف بهم في داخلي. ومن الواضح أن ذلك كان نتيجة سرعة الانفعال التي تطل برأسها.

لطالما واجهت هذا النوع من المواقف أثناء أداء واجباتي النظامية. في السابق، كانت طبيعتي تتحكم بي، لكنني لم أكن أفكر فيها كثيرًا. إذًا كيف ينبغي أن أتصرف عندما أواجه موقفًا كهذا في المستقبل؟ أثناء خلواتي التعبدية، قرأت مقطعًا من كلمة الله. "عندما يرتبط الأمر بالعمل أو بفرز الأشياء، على الأقلّ لا تنتهك معايير الضمير والحسّ؛ اندمج وتفاعل مع الناس وتعامَل مع الأشياء وفقًا للطبيعة البشريَّة. بطبيعة الحال، الأفضل هو الممارسة وفقًا لمبادئ الحقّ التي يتطلَّبها الله، فهذا يُرضي الله. ما هي مبادئ الحقّ التي يتطلَّبها الله إذًا؟ أن يفهم الناس ضَعف الآخرين وسلبيَّتهم عندما يكونون ضعفاء وسلبيّين، وأن يهتمّ الناس بآلام الآخرين وصعوباتهم، وأن يستفسروا بعدها عن هذه الأشياء، وأن يُقدِّموا المساعدة والدعم، وأن يقرأوا لهم كلام الله لمساعدتهم على حلّ المشكلات فلا يعودوا ضعفاء، بل يأتوا أمام الله. هل هذه طريقة ممارسةٍ تتماشى مع المبدأ؟ الممارسة بهذه الطريقة تتماشى مع المبدأ. تتماشى العلاقات من هذا النوع أيضًا مع المبدأ بطبيعة الحال. فعندما يكون الناس فضوليّين ومزعجين عن عمدٍ، أو عندما يتعمَّدون الإهمال واللامبالاة عند أداء واجبهم، وإذا كنت ترى هذا ويمكنك التعامل مع الأمور وفقًا للمبدأ ويمكنك لفت انتباههم إلى هذه الأشياء وتوبيخهم ومساعدتهم، فهذا بالتالي يتماشى مع مبادئ الحقّ. وإذا كنت تتجاهل هذا أو كنت تتساهل معهم وتتستَّر عليهم بل وتتمادى إلى حدّ قول كلماتٍ معسولة لهم، وتثني عليهم وتمدحهم، وتحتال عليهم بكلماتٍ كاذبة، فمن الواضح أن مثل هذه السلوكيَّات والطرق للتفاعل مع الناس والتعامل مع المسائل ومعالجة المشكلات تتعارض مع مبادئ الحقّ وليس لها أيّ أساسٍ في كلام الله. وفي هذه الحالة يكون من الواضح أن هذه السلوكيَّات وطرق التفاعل مع الناس والتعامل مع المسائل لا مُبرِّر لها" (الكلمة، ج. 5. مسؤوليات القادة والعاملين). بعد قراءة كلمة الله، فهمت أن الطريقة الفضلى والأكثر عقلانية للتصرف عندما تبرز المشكلات أثناء قيام الآخرين بواجباتهم هي الدخول في شركة حول الحق ومساعدة الآخرين ودعمهم. إذا كان الآخرون يتسببون في حدوث تأخير في العمل بسبب هفوة عابرة أو لأنهم لم يستوعبوا المبادئ، ينبغي عليك عندئذ أن تشارك الحق معهم بصبر، وأن تدخل معهم أيضًا في شركة واضحة عن المبادئ لتوعيتهم بالمشكلات القائمة ووضعهم على المسار الصحيح. يتصرّف بعض الأشخاص دائمًا بإهمال في واجبهم. لا يمكنهم تحمّل الأعباء، وتظهر المشكلات باستمرار، والأمور التي يمكن القيام بها بشكل جيد لا تُنجز على هذا النحو. وتستمر نفس المشكلات في الظهور مرارًا وتكرارًا، فتؤثر على العمل، أو حتى تتسبب في حدوث أضرار جسيمة. عندها يمكن التعامل مع هذا النوع من الأشخاص أو تهذيبهم أو تحذيرهم. إذا لم يتغير هؤلاء على الرغم من التحذيرات المتكررة، يمكن تعيينهم في واجب آخر أو فصلهم. ولكن بصرف النظر عن طبيعة الموقف، ينبغي على المرء دائمًا النظر إلى الأمور والتعامل معها بالاستناد إلى كلمة الله ومبادئ الحق، وعدم التصرف بدافع سرعة الانفعال أو الشخصية الفاسدة. بعد التأمل في هذه الأمور، أشرق قلبي، ووجدت طريقًا للممارسة.

بعدئذ، سعيت إلى البحث عن الأخت لي لفهم ما حدث مع وانغ مي. عندئذ فقط علمت أن وانغ مي كانت تؤدي سابقًا واجبات في كنائس أخرى، ولم تُنقل إلى كنيستنا إلا منذ فترة وجيزة، لذا لم تكن الأخت لي تعرفها جيّدًا بعد. من خلال السؤال عنها في الكنائس الأخرى، اكتشفَت لاحقًا أن وانغ مي كانت دائمًا مهملة، فضلًا عن كونها مخادعة ومراوغة. كانت أقوالها تبدو جيدة في الظاهر، لكنها لم تكن تقرن القول بالفعل، بل كانت تفتقر إلى الطبيعة البشرية وتحب أن تضيّق على الآخرين، لذا لم تكن مناسبة لسقاية المؤمنين الجدد. شعرت بالخجل الشديد عندما اكتشفت سياق الأمور هذا. لم تكن الأخت لي عديمة المسؤولية كما كنت أعتقد. لأنه كان ينبغي فحسب إجراء تحقيق عنها في كنائس أخرى، حدثت بعض الأخطاء خلال العملية ولم يتم التحقق بشكل واضح. لم أنتقد الأخت لي بشأن هذه المسألة أكثر من ذلك وذكرتها فقط باستخدام هذه المسألة كفرصة لمراجعة هذه الأخطاء، والسعي إلى تلافي حدوث مثل هذا النوع من المشكلات من جديد. عندما تعاملت مع المشكلة هذه المرة، لم يكن ذلك نابعًا من الغضب أو من مشيئتي الخاصة، بل من طلب مبادئ الحق فحسب. من خلال الممارسة بهذه الطريقة، شعرت بالسلام في قلبي.

من هذه التجربة، رأيت أنه بصرف النظر عما إذا كان الأمر يتعلق بأداء المرء لواجبه أو كيفية تعامله مع الآخرين، لا يمكنه الاعتماد على مفاهيمه وتخيلاته الشخصية أو غضبه. ينبغي أن تستند جميع الأمور إلى كلام الله. وينبغي طلب مبادئ الحق من كلام الله، وأن يمارس المرء واجباته ويقوم بها وفقًا لمطالب الله. إن ذلك وحده هو السعي وراء الحق والسبيل إلى دخول الحياة.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

بعد الأكاذيب

يقول الله القدير، "عليكم أن تعرفوا أن الله يحب الإنسان الصادق. لدى الله جوهر الأمانة، وهكذا يمكن دائمًا الوثوق بكلمته. فضلاً عن ذلك، فإن...