الموقف السليم للمرء تجاه واجبه
كنت مستاءة جدًا بعدئذ. لم أكن أستطيع تقبل ذلك فحسب، لا سيما أنني كنت أرى عددًا أكبر من الناس يقبلون عمل الله في الأيام الأخيرة، الذين يحتاجون إلى السقاية بشكل طارئ. إن تغيير واجبي آنئذ تحديدًا جعلني أتساءل عما إذا كنت قد نُبذت. كنت قلقة مما قد يظنّه بي الآخرون عندما يكتشفون ذلك، ومن أنهم سيظنون أنني كنت أفتقر إلى الخامة ولا يمكنني القيام سوى بالأعمال البسيطة والأعمال الغريبة. كنت أتولى سقاية المؤمنين الجدد جنبًا إلى جنب مع الجميع في البداية، ولكن الآن أصبحت أتعامل مع الشؤون العامة والأعمال المملة فحسب، فما الهدف من هذا النوع من الواجب؟ بصرف النظر عن مدى نجاحي في مهمتي الجديدة، سأكون مجرد عاملة خدمة وسأنتهي منبوذة. لكنني لم أطلب مشيئة الله آنئذ، وشعرت بانزعاج متزايد في هذا الخصوص. لم أكن أنجز مهامي جيّدًا، بل كنت أكتفي بأداء العمل من باب رفع العتب دون بذل أي جهد حقيقي. أحيانًا كان يتعين علي القيام بأمور كثيرة خلال المساء، لكنني كنت أنعس في وقت مبكر جدًّا. بعدئذ أرسلت لي أخت مسؤولة عن السقاية رسالة تطلب فيها مني المساعدة في تجميع بعض وثائق العمل السابقة. شعرت بمقاومة حقيقية عندما قرأت ذلك. لم أعد أضطلع بسقاية القادمين الجدد، وبالتالي لم أكن مسؤولة عن هذه الأمور. لِم تطلب مني القيام بذلك؟ لم يكن في وسعي أن أرفض، لذلك وافقت رغمًا عني. لكن في اليوم التالي طلبت مني أخت أخرى مسؤولة عن السقاية المساعدة في أمرٍ ما. كنت أعتقد أن الشؤون العامة هي في الحقيقة وظائف مملة فحسب، إذ يمكن لأي شخص أن يملي علي ما ينبغي القيام به. لم يكن ذلك حقًّا في نطاق اختصاصي، فلِم تطلب مني المساعدة؟ لم أكن أريد أن أوافق، ولكن إن لم أفعل، كنت أخشى أن تعتقد أنني لم أكن أدعم عمل الكنيسة. بعد إدراكي أن لا حيلة لي ولا قوة، أبلغتها بأنني سأقوم بذلك.
على مدى بضعة أيام، لم يكن لدي أي فهم لنفسي على الإطلاق. لم أكن قادرة على قبول هذا التغيير في الواجب من الله وكنت مقاومة للقائدة، إذ كنت أشعر بأنها كانت تصعّب الأمور عليّ. قلت عن قصد تقريبًا لأخت كانت شريكتي فيما مضى: "لم يعرف عملي في السقاية لحظة خمول واحدة أبدًا، وقمت بكل ما كان يُفترض بي أن أقوم به. لكن عندما نشأت المشاكل، لم تساعدني القائدة أبدًا، بل فصلتني بدون أي سبب مقبول. في أيّ حال. منذ أن فُصلت، كان ينبغي عليّ تعلم درس من ذلك". بعد سماع ذلك، شعرت بدورها أن القائدة لم تكن منصفة معي. ولكن آنئذ، كان التفكير في التعامل مع الشؤون العامة وفقدان تقدير الآخرين يجعلني أشعر بالظلم. لماذا أنيط بي التعامل مع الشؤون العامة؟ ألم أكن قادرة على القيام سوى بالوظائف البسيطة؟ ألم أكن أستحق أن يُعتنى بي؟ شعرت أنني سأكون عديمة الفائدة فحسب من ذلك الحين فصاعدًا، وأنني سأُطرد حتى لو حافظت على إيماني حتى النهاية. كانت هذه الأفكار تجعلني أكثر بؤسًا. أدركت أن حالتي لم تكن مناسبة لذلك توجّهت إلى الله في الصلاة. "يا الله، ما الذي دهاني؟ إن هذا واجب أيضًا، فلِم أنا غير راضية إلى ذلك الحد عن التعامل مع الشؤون العامة؟ يا إلهي، أرجو أن تنيرني لأفهم ذاتي وأتوقف عن العيش في الفساد".
بعد الصلاة، فكرت في كلمات الله عن موقف أضداد المسيح تجاه التغيير في الواجب. تقول كلمات الله، "يجب أن يعتمد نوع الواجب الملائم لك على نقاط قوَّتك. إذا كنت لا تجيد الواجب الذي تُرتِّبه لك الكنيسة أحيانًا أو لا ترغب في أدائه، فيمكنك طرح المسألة وحلَّها من خلال التواصل. ولكن إذا كان بإمكانك أداء الواجب، وكان واجبًا مطلوبًا ولم تُرِد عمله لمُجرَّد أنك تخشى المعاناة، فإنه توجد مشكلةٌ لديك كإنسانٍ. إذا كنت على استعدادٍ للطاعة وتمكَّنت من التخلِّي عن جسدك، فعندئذٍ يمكن القول بأنك عاقلٌ. ومع ذلك، إذا كنت تحاول دائمًا حساب الواجبات الأكثر اعتبارًا وتفترض أن واجبات مُعيَّنة سوف تجعل الآخرين ينظرون إليك باستخفافٍ، فهذا يثبت أن شخصيَّتك فاسدة. لماذا أنت مُتحيِّزٌ للغاية في فهمك للواجبات؟ هل يمكن أن يكون السبب هو أنك تتمكَّن من أداء الواجب أداءً جيِّدًا إذا كنت قد اخترته بناءً على أفكارك الخاصَّة؟ هذا ليس صحيحًا بالضرورة. فالأهمّ هنا هو تحليل شخصيَّتك الفاسدة، وإذا لم تُحلِّلها فلن تتمكَّن من أداء واجبك جيِّدًا حتَّى لو كان واجبًا تستمتع به. يُؤدِّي بعض الناس واجباتهم دون مبادئ، ويستند أداؤهم لواجبهم دائمًا إلى تفضيلاتهم الخاصَّة، ولذلك لا يمكنهم أبدًا تحليل الصعوبات ودائمًا ما يرتبكون في كلّ واجبٍ يُؤدِّونه وفي النهاية يجري استبعادهم. هل يمكن لأناسٍ مثل هؤلاء أن يخلُصوا؟ ... لا يملك الأشرار وأضداد المسيح الموقف الصحيح تجاه واجباتهم. فما الذي يُفكِّرون به عند نقلهم؟ "هل تعتقد أنني مُجرَّد عامل خدمةٍ يعمل رهن إشارتك ويمكنك نقلي بعيدًا عندما تفرغ مني؟ لن أسمح لنفسي بأن ألقى مثل هذه المعاملة! أريد أن أكون قائدًا أو عاملًا لأن هذه هي الوظيفة الوحيدة المحترمة هنا. إذا لم تسمح لي بأن أكون قائدًا أو عاملًا وما زلت تريد مني المساهمة، فانسَ الأمر!" أيّ نوعٍ من المواقف هذا؟ هل هو موقف الطاعة؟ ما الذي يدفع هذا الموقف تجاه النقل في واجبهم؟ التهوُّر، وأفكارهم الخاصَّة، وشخصيَّاتهم الفاسدة، أليس كذلك؟ وما عواقب التفكير في المسألة بهذه الطريقة؟ أوَّلًا، هل سيقدرون على أن يكونوا مُكرَّسين ومخلصين في واجبهم التالي؟ لا، لن يقدروا. هل سيكون لديهم موقفٌ إيجابيّ؟ ما نوع الحالة التي سوف يكونون عليها؟ (حالةٌ من الكآبة). وما جوهر الكآبة؟ المقاومة. وما النتيجة النهائيَّة لحالة المقاومة والكآبة؟ هل يمكن لشخصٍ يتملَّكه هذا الشعور أن يُؤدِّي واجبه جيِّدًا؟ (لا). إذا كان شخصٌ ما سلبيًّا ومقاومًا دائمًا، فهل هو لائقٌ لأداء الواجب؟ بصرف النظر عن الواجب الذي يُؤدِّيه، لا يمكن أن يُؤدِّيه جيِّدًا. هذه حلقةٌ مفرغة ولن تنتهي على ما يرام. لماذا؟ أمثال هؤلاء الناس ليسوا على المسار الصحيح؛ فهم لا يطلبون الحقّ، وغير مطيعين، ولا يمكنهم أن يفهموا موقف عائلة الله منهم ونهجها تجاههم فهمًا صحيحًا. وهذه مشكلةٌ، أليس كذلك؟ لقد كان تغييرًا مناسبًا تمامًا في الواجب، لكن أضداد المسيح يقولون إنه يجري لتعذيبهم، وإنهم لا يُعامَلون كبشرٍ، وإن عائلة الله تفتقر إلى المحبَّة، وإنهم يُعاملون كآلاتٍ ويُستدعون وقت الحاجة إليهم ثم يُطرحون جانبًا عندما لا توجد حاجةٌ إليهم. أليس هذا منطق تحريفٍ؟ هل الشخص الذي يقول مثل هذا الكلام لديه ضميرٌ أو منطق؟ إنه يفتقر إلى الإنسانيَّة! وهو يُشوِّه مسألةً معقولة تمامًا ويُحرِّف ممارسةً مناسبة تمامًا إلى شيءٍ سلبيّ – أليس هذا هو شرّ ضدّ المسيح؟ هل يمكن لشخصٍ بمثل هذا الشرّ أن يفهم الحقّ؟ بالطبع لا. وهذه هي مشكلة ضدّ المسيح، فسوف يُحرِّف منطق كلّ ما يحدث له. ولماذا يُفكِّر بطريقةٍ ملتوية؟ لأنه شرِّيرٌ للغاية بطبيعته وشرِّير في جوهره. طبيعة ضدّ المسيح وجوهره هما الشرّ بالدرجة الأولى ويليهما الإثم، فهاتان هما الصفتان الرئيسيَّتان فيه. والطبيعة الشرِّيرة لدى أضداد المسيح تمنعهم من فهم أيّ شيءٍ فهمًا صحيحًا وبدلًا من ذلك يُشوِّهون كلّ شيءٍ ويسيئون تفسيره، ويتمادون إلى أقصى الحدود، ويتجادلون في التفاهات، ولا يمكنهم التعامل مع الأمور بصورة صحيحة ولا يطلبون الحقّ. وبعد ذلك، يقاومون الأشياء بشدَّةٍ ويسعون للانتقام، بل وينشرون مفاهيمهم وسلبيَّاتهم ويحثّون الآخرين ويحضّونهم على تعطيل عمل بيت الله. ينشرون بعض الشكاوى سرًّا، ويحكمون على كيفيَّة معاملة الناس في بيت الله، وقواعد إدارته، والكيفيَّة التي يُؤدِّي بها بعض القادة الأشياء، ويدينون هؤلاء القادة. أيّ نوعٍ من الطباع هذا؟ إنه الخبث" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الثاني عشر: يريدون التراجع عند غياب المكانة أو الرجاء في نيل البركات). رأيت من كلام الله أنه في مواجهة أي مشكلة، لا يستطيع أضداد المسيح أن يفهموا مشيئة الله بشكل صحيح، بل يسيئون دائمًا فهم الأمور. إنهم يتعاملون مع التغيير البسيط في الواجب من منظور شرير، ويعتقدون أن مرتبتهم أُنزلت بفعل ذلك، وأن الأمور أصبحت صعبة بالنسبة لهم. إنهم يصبحون سلبيين ومقاومين، وقد يتخلون عن واجبهم في أي وقت، متجاهلين عمل الكنيسة. إن أضداد المسيح يتمتعون بمثل هذه الطبيعة الشريرة والسيئة! لكنني رأيت أنني كنت أتصرف بنفس الطريقة تمامًا. كان ينبغي أن أتفكر كيف أنني فشلت بعد فصلي وأن أغتنم هذه الفرصة للنجاح في واجب جديد. لكنني لم أتفكر في ذلك حتى. شعرت أن القائدة كانت تعاملني بقسوة، وأن التعامل مع الشؤون العامة يحط من مكانة المرء ويحرجه، وأنني كنت أقوم بوظائف بسيطة، وأنني مجرد عاملة خدمة، ولم أكن أستحق أن يُعتنى بي. لم أكن أستطيع ببساطة تقبل الأمر، بل شعرت أنني أعاني من ظلم كبير، وكنت مقاومة جدًّا لهذا الواجب. لطالما كنت متراخية، وأتظاهر ببذل الجهد، وكنت أسير هائمة على وجهي فحسب. كنت أضع نفسي في مواجهة مع الله وأستخدم هذا النوع من السلبية للتنافس مع الله. لم أكن أريد أن أتعاون عندما قصدتني الأخوات المكلفات بعمل السقاية طلبًا للمساعدة، بل كنت مترعة بالشكوى. اعتقدت أنهن كن يأمرنني، ويجعلنني أكدح وأقوم بأعمال مملة. كنت سخيفة جدًّا وشريرة! أردت التنفيس عن مشاعر التعرض للظلم، فعبّرت لشريكتي السابقة عن شكواي، متذمرة من القائدة. أثر ذلك عليها وانحازت نتيجة لذلك ضد القائدة. لقد كشفني هذا التغيير في الواجب تمامًا. قمت بكامل واجبي استنادًا إلى تفضيل شخصي، وكنت لا أريد سوى واجب يجعلني أبدو بحال جيدة أمام الآخرين. ومن خلال مكانة أحط، شعرت أن الآخرين سيحجمون عن تبجيلي، وأنه لم يكن لي أي أمل في الحصول على البركات، لذلك تصرفت بسلبية وتقاعست، ووضعت نفسي في مواجهة الله، حتى أنني استخدمت واجبي للتنفيس عن غضبي. لقد نشرت تحيزي ومفاهيمي الخاصة، واستقطبت شخصًا آخر للوقوف إلى جانبي والمحاربة من أجلي. بِم كان ذلك يختلف عن تصرف المسيح الدجال؟ في تفكّري، رأيت أنني كنت حقًّا مجرّدة من أيّ طبيعة بشرية أو عقل، وأن لدي طبيعة سيئة جدًّا.
بعدئذ قرأت بعضًا من كلام الله. "لا يُؤدِّي بعض الناس واجبهم أداءً صحيحًا، فهم دائمًا مهملون وغير مبالين، ممَّا يتسبَّب في عراقيل أو اضطراباتٍ، وفي النهاية يجري استبدالهم. ومع ذلك، لا يجري استبعادهم من الكنيسة وبالتالي يُمنحون فرصة للتوبة. كلّ شخصٍ لديه طباعٌ فاسدة، وكلّ شخصٍ يمرّ بأوقاتٍ يشعر فيها بالحيرة أو الارتباك، ويمرّ بأوقاتٍ تكون فيها قامته ضئيلة. والهدف من منحك فرصة هو أن تتمكَّن من تغيير هذا كلّه. وكيف يتسنى لك أن تغيره كله؟ ينبغي أن تُفكِّر في أخطاء الماضي وتتعرَّف عليها؛ لا تختلق الأعذار ولا تنشر المفاهيم. إذا كنت تسيء فهم الله، ودون قصدٍ نقلت سوء الفهم هذا إلى الآخرين ليسيئوا فهم الله معك أيضًا، وإذا كانت لديك مفاهيم وكنت تنشرها بحيث تكون لدى الجميع مفاهيم معك ويحاولون أن يجادلوا الله معك، أليست هذه غوغائيَّة؟ أليست هذه معارضة لله؟ وهل يمكن أن يأتي شيءٌ صالح من مقاومة الله؟ هل لا يزال من الممكن أن تُخلَّص؟ أنت ترجو من الله أن يُخلِّصك، لكنك تقاوم الله وتعارضه؛ فهل يمكن أن يُخلِّصك الله؟ انسَ هذه الآمال. فعندما ارتكبت خطأً لم يحاسبك الله ولم يستبعدك بسبب هذا الخطأ بمفرده. منحك بيت الله فرصةً وسمح لك بالاستمرار في أداء الواجب وفي التوبة، وهذه هي الفرصة التي أعطاها الله لك. إذا كنت تتمتَّع بالضمير والحسّ، فيجب أن تُقدِّر هذا. دائمًا ما يكون بعض الناس مهملين وغير مبالين عند أداء واجبهم فيجري استبدالهم، ويجري نقل البعض. هل هذا يعني أنه قد جرى استبعادهم؟ إذا لم يقل الله ذلك، فلا تزال أمامك فرصة. ماذا يجب أن تفعل إذًا؟ يجب أن تتأمَّل نفسك وتتعرَّف عليها وتصل إلى التوبة الحقيقيَّة؛ فهذا هو الطريق. لكن هذا ليس ما يفعله بعض الناس. إنهم يقاومون ويقولون: "لم يُسمَح لي بأداء هذا الواجب؛ لأنني قلت الشيء الخطأ وأسأت إلى شخصٍ ما". إنهم لا يبحثون عن المشكلة في أنفسهم، ولا يتأمَّلون، ولا يطلبون الحقّ، ولا يطيعون ترتيبات الله وتنظيماته، ويعارضون الله من خلال نشر المفاهيم. ألم يصبحوا هم الشيطان؟ عندما تفعل الأشياء التي يفعلها الشيطان، فأنت لم تعد من أتباع الله، بل أصبحت عدوًا لله، فهل يمكن لله تخليص عدوه؟ لا. فالله يُخلِّص الناس أصحاب الشخصيَّات الفاسدة؛ أي الناس الفعليَّين، وليس الشياطين أو أعداءه. عندما تقاوم الله، وتشكو من الله، وتسيء فهم الله، وتدين الله، وتنشر مفاهيم عن الله، فأنت بذلك ضدّ الله تمامًا وتثير احتجاجًا على الله" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء أداء واجبه بشكل جيد إلّا من خلال السعي لمبادئ الحق). كانت قراءة كلام الله مؤثرة بالنسبة لي. لقد فقدت ذلك الواجب، لكن الله لم يحرمني من فرصة القيام بواجب آخر. لم يقل الله إنني لا أستطيع تقصّي الحق، وإنني سأُنبذ، بل رُتّب لي القيام بواجب آخر، ما أتاح لي فرصة التفكّر في نفسي وفهم ذاتي بصورة فعلية. ولكن بسبب عدم فهم مشيئة الله، اعتقدت أن هذا التغيير كان بمثابة فقدان المكانة، وفقدان ماء الوجه. كنت سلبيًّا ومقاومًا. كنت متمرّدة وغير عقلانية للغاية! عندما كنت أضطلع بسقاية المؤمنين الجدد، وبما أنني لم أكن أتمتع بخامة جيدة، لم أكن أستطيع المشاركة بوضوح بشأن مختلف حقائق الرؤى ولم تُحلّ أسئلتهم. ولكن خوفًا من أن ينظر الآخرون إليّ بازدراء، كنت أتظاهر بالعمل فحسب، ولم أنفتح أو أطلب المساعدة بشأن الصعوبات التي واجهتها. أجرت القائدة شركة معي بشأن مبادئ ذلك الواجب وأساليبه، لكنني اكتفيت بمعرفتها في الظاهر، ولم أفكر بعدئذ في كيفية ممارستها وتطبيقها. لذا لم أستوعب مبادئ كثيرة رغم القدر الكبير من الشركة كما أن عملي في السقاية لم يسفر إطلاقًا عن نتائج جيدة. لم أكن أتمتع بخامة ضعيفة فحسب، بل كنت متكبرة للغاية ولم يكن لدي إرادة البحث عن الحق. لم أكن أعكف على تحسين مهاراتي حقًّا، ولم يكن هناك أيّ تقدم في العمل الذي كنت مسؤولة عنه. لذا كان ينبغي أن يتم فصلي. لكنني لم أكن لأقرّ بفسادي وأخطائي. كنت ساخطة على فصلي ورفضت قبوله. حتى أنني أسأت فهم أن الله كان يكشفني، ويجعلني أبدو سيئة، وينبذني. كان ذلك سخيفًا وغير عقلاني تمامًا بالنسبة لي. مع ضعف خامتي وافتقاري إلى الإنجازات المتعلقة بسقاية القادمين الجدد، كنت أشعر دائمًا بأنني مقهورة وعاجزة، وكنت مكتئبة جدًا. لو واصلت القيام بذلك الواجب، لما كان ذلك سيؤدي إلى الإضرار بحياتي فحسب، بل كان سيعيق أيضًا عمل الكنيسة. بالاستناد إلى خامتي ومواطن قوتي، أعطتني القائدة واجبًا يمكنني القيام به، وكان في استطاعتي إنجازه. كان ذلك بمثابة اتباع المبدأ، وتحمل المسؤولية تجاه حياتي. لكنني لم أكن أعرف صالحي. لم أتفكر في نفسي لأعرفها، بل قمت بهجوم مضاد، فحكمت على القائدة من وراء ظهرها، ونشرت أجواء سلبية. بدا الأمر وكأنني أتصيّد أخطاءها فحسب، ولكن في الواقع كنت أعارض الله، وأسعى لمواجهته. عندما انكشفت بهذه الطريقة، رأيت أنني لم أكن أفتقر إلى الخامة فحسب، بل أنني كنت أتمتع أيضًا بشخصية فاسدة للغاية. إن لم أخضع كما ينبغي وأؤدِّ واجبي بجدّ، كنت سأكشف وأُنبذ.
في تفكّري، اكتشفت أيضًا وجهة النظر المغلوطة التي كنت أتّبعها. كنت أعتقد أن الواجبات متفاوتة من حيث الترتيب، إذ توجد واجبات وضيعة وأخرى متسامية، وأن الواجب الحقيقي يتمثل في كون المرء قائدًا أو مسؤول سقاية، وأنه في المقابل لا يُعوّل على المهام الوضيعة وأعمال الشؤون العامة. اعتقدت أن ذلك كان عملًا قليل الشأن، وأنه كان في أحسن الأحوال بمثابة عمل الخدمة، وأنني سأطرد في نهاية المطاف. ولذا عند سماعي أنني كُلفت بالتعامل مع الشؤون العامة شعرت بأنني أحط مرتبة، وأنني كنت أُعامل كآلة. كنت مقاومة لذلك حقًّا، ولم يكن لديّ حتى أي دافع للقيام بواجبي. ولكن في بيت الله، تندرج جميع الواجبات في خطة تدبير الله لخلاص البشرية. سواء كان المرء قائدًا أو مسؤول سقاية أو عاملًا في الشؤون العامة، يحدث كل ذلك بتكليف من الله، وينبغي علينا جميعًا أن نتعاون. يشبه ذلك تمامًا عمل الآلة، حيث لكل جزء منها هدفًا بعينه، وبالتالي لا يوجد جزء كبير وآخر صغير، أو واحد رفيع وآخر خفيض، أو واحد نبيل وآخر وضيع في الواجبات، بل وظائف متباينة فحسب. بصرف النظر عن الواجب الذي يقوم به، لدى كل امرئ دروس ليتعلمها، وحقائق ينبغي عليهم الدخول إليها. طالما أننا نتقصّى الحق، يمكننا جميعًا أن نخلص بواسطة الله. لكنني كنت أفكر دائمًا في الأمور بطريقة خاطئة. لقد شعرت أن التعامل مع الشؤون العامة كان مجرد مشقة، وبمثابة وظائف مملة، وعمل خدمة. لقد طبقت هذا المنظور المنحرف والشرير على التغيير في واجبي وأسأت فهم مشيئة الله. هذا مقرف وبغيض بالنسبة لله!
ذكرني ذلك ببعض من كلام الله. "إن رغبة الله هي أن يكون كل إنسان كاملاً، وأن يقتنيه في النهاية، وأن يطهّره تمامًا، وأن يصبحوا الناس الذين يحبّهم. لا يهم ما إذا كنت أقول إنك متخلف أو من ذوي الشأن الضعيف – هذه كلها حقيقة. قولي هذا لا يثبت أنني أعتزم التخلي عنك، وأنني فقدت الأمل فيكم، ولا حتى أنني غير راغب في خلاصكم. لقد جئتُ اليوم لأعمل عمل خلاصكم، وهذا يعني أن العمل الذي أقوم به هو استمرار لعمل الخلاص. كل شخص أمامه الفرصة ليصبح كاملاً: في النهاية ستتمكن من تحقيق هذه النتيجة، ولن يتم التخلي عن أحد منكم بشرط أن تكون مستعدًا، وبشرط أن تسعى. إذا كنت من ذوي الشأن الضعيف، فسوف تتوافق متطلباتي منك مع شأنك الضعيف. إذا كنت من ذوي الشأن الرفيع، فسوف تتوافق متطلباتي منك مع شأنك الرفيع. إذا كنت جاهلاً وأميًّا، فسوف تتوافق متطلّباتي منك مع أميتك؛ وإذا كنت متعلمًا، فسوف تتوافق متطلباتي منك مع كونك ملمًّا بالقراءة والكتابة؛ وإذا كنت مسنًا، فسوف تتوافق متطلباتي منك مع عمرك؛ وإذا كنت قادرًا على تقديم واجب الضيافة، فسوف تتوافق متطلباتي منك مع هذه المقدرة؛ وإذا قلت إنه لا يمكنك تقديم واجب الضيافة، ولا يمكن أن تؤدي سوى وظيفة معينة، سواء أكانت نشر الإنجيل، أو الاعتناء بالكنيسة، أو حضور الشؤون العامة الأخرى، فسوف يكون تكميلي لك متوافقًا مع الوظيفة التي تؤديها" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. استعادة الحياة الصحيحة للإنسان وأخذه إلى غاية رائعة). لقد تأثرت حقًّا، ولكنني شعرت بالخجل أيضًا في موازاة ذلك. لقد أسأت فهم الله وأنحيت عليه باللائمة دون أن أفهم مشيئته. في الواقع، لم يقل الله أبدًا إنه لن يخلص الأشخاص ذوي الخامة الضعيفة، كما أن خامتهم أو ماهية الواجب الذي يقومون به، لا تحددان كيفية معاملته لهم. إنه ينظر إلى ما إذا كانوا يحبون الحق ويتبعونه. هذا هو المفتاح لمعرفة ما إذا كان يمكن أن يخلصوا. فكرت في فاعلة شرّ طردتها الكنيسة سابقًا. بدا أن لديها خامة كما أن واجبها كان مدعاة للتقدير، لكنها لطالما سعت إلى الحصول على المكانة، وقمع الآخرين واستبعاد أولئك الذين لديهم وجهات نظر مختلفة عنها. لقد تعرضت للتهذيب والتعامل معها بشكل متكرر، لكنها لم تتب. وقد طُردت في نهاية المطاف. كذلك يبدو في الغالب أن القادة الكذبة وأضداد المسيح الذين كُشفوا ونُبذوا في السنوات الأخيرة يتمتعون بالخامة والعطايا، لكنهم لم يتقصوا الحقّ. بل كانوا يتقصّون دائمًا الاسم والمكانة، وكانوا يسيرون في طريق مواجهة الله. بصرف النظر عن مدى عظمة الخامة التي يتمتع بها، ومدى رفعة مكانته، إذا لم يتقصى المرء الحق، يعدّ كشفه ونبذه من الله مسألة وقت فحسب. فكرت أيضًا في بعض الإخوة والأخوات من ذوي الخامة المتوسطة الذين لا يتولون واجبات هامّة، لكنهم يؤدونها بأمانة، ويقومون بعمل الكائن المخلوق. عندما يكشفون عن الفساد، يأتون إلى الله للصلاة والتقصي، ليتفكروا بأنفسهم ويعرفوا أنفسهم من خلال كلام الله. يمكن لشخصياتهم الفاسدة أن تتغير مع مرور الزمن. عندما فكرت في ذلك، أصبح في استطاعتي أن أشعر كم أنّ شخصية الله بارّة. إن الله لا يعامل أي شخص بطريقة غير عادلة. بصرف النظر عن نوعية خامتنا، ومهما كان الواجب الذي نقوم به، يرعى الله الجميع ويسقيهم على قدم المساواة، ويهيّئ المواقف لكي نختبر كلام الله وندخل إلى حقيقة الحق. إن عمل الله لتخليص الإنسان عمليّ جدًّا! بعد فهم مشيئة الله، لم أعد مقاومة لواجبي الراهن كما كنت في السابق، بل أردت أن أخضع وأن أقوم به.
قرأت بعضًا من كلمات الله لاحقًا. "اليوم، عندما تُؤدُّون واجبًا في بيت الله، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، وسواء كان يتعلَّق بالعمل البدنيّ أو باستخدام عقولكم، وسواء تمّ خارج الكنيسة أو داخلها، فإن الواجب الذي تؤدُّونه ليس من قبيل الصدفة؛ فكيف يكون هذا اختيارك؟ إنه بتوجيهٍ من الله. إنك لا تتأثَّر سوى بفضل إرساليَّة الله، ويكون لديك هذا الإحساس بالمُهمَّة والمسؤوليَّة، وتكون قادرًا على أداء هذا الواجب. من بين غير المؤمنين يوجد كثيرون من الجذَّابين والأذكياء والقادرين. ولكن هل يفضّلهم الله؟ لا، لم يخترهم الله؛ فالله لا يفضّل سواكم، أي هذه المجموعة من الناس. إنه يجعلكم تضطلعون بجميع الأدوار وتُؤدّون جميع الواجبات والمسؤوليَّات في عمل تدبيره. وفي نهاية المطاف، عندما تنتهي خطَّة تدبير الله وتكتمل، فيا للمجد والتكريم في هذا! وهكذا، عندما يعاني الناس قدرًا ضئيلًا من المشقَّة أثناء أداء واجبهم اليوم، وعندما يتخلَّون عن الأشياء ويبذلون أنفسهم، وعندما يدفعون الثمن، وعندما يفقدون المكانة والشهرة والثروة في العالم، ولا يعودون يملكون هذه الأشياء، يبدو الأمر كما لو أن الله قد أخذ منهم تلك الأشياء – لكنهم ربحوا شيئًا أنفسَ وأغلى. فما الذي ربحوه من الله؟ إن أداء الواجب هو الذي يربح الناس من خلاله الحق والحياة. فقط عندما تُؤدِّي واجبك أداءً جيِّدًا، وعندما تكون قد أكملت إرساليَّة الله لك، وعندما تعيش حياتك بأكملها لمُهمَّتك ولإرساليَّتك التي كلفك الله بها، وعندما تكون لديك شهادة جميلة تعيش حياةً جديرة بالاهتمام – فحينها فقط تكون شخصًا حقيقيًّا! ولماذا أقول إنك شخصٌ حقيقيّ؟ لأن الله اختارك وسمح لك بأداء واجب أحد مخلوقات الله في تدبيره، ولا يمكن أن توجد قيمةٌ أو معنى أكبر لحياتك من هذا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). "لا ينظر الله إلى ما تقوله أو تَعِد به أمامه. ينظر الله إلى ما تفعله، لكن الله لا يهتمّ بمدى سموّ أفعالك أو غموضها أو عظمتها. فحتَّى إذا فعلت شيئًا بسيطًا، إذا رأى الله الصدق في أفعالك سوف يقول: "هذا الشخص يؤمن بي بصدقٍ ولم يبالغ قطّ. يتصرَّف حسب مكانته. وعلى الرغم من أنه قد لا يكون قد قدَّم إسهامًا كبيرًا في بيت الله، وعلى الرغم من إمكاناته الضئيلة، فهو ثابتٌ في كلّ ما يفعله ويتَّسم بالصدق". ما الذي يتضمَّنه هذا "الصدق"؟ يتضمَّن اتّقاء الله وطاعته، وكذلك الإيمان والمحبَّة الحقيقيّين، ويتضمَّن كلّ ما يريد الله أن يراه. يعتبِر آخرون أن مثل هؤلاء الناس قد يكونوا غير مُميَّزين، فمِن الممكن أن يكون هذا شخصًا يصنع الطعام أو يُؤدِّي عمل التنظيف أو يُؤدِّي واجبًا عاديًّا. ومثل هؤلاء الناس غير مُميَّزين للآخرين، فهم لم ينجزوا أيّ إنجازٍ عظيم وليس لديهم أيّ شيءٍ جدير بالتقدير أو الإعجاب أو يمكن أن يُحسدوا عليه – لكنهم مُجرَّد أناسٍ عاديّين. ومع ذلك، فإن كلّ ما يريده الله موجودٌ فيهم ويظهر في طريقة عيشهم، كما أنهم يُسلِّمون كلّ شيءٍ لله. هل تعتقدون أن الله يريد ما هو أكثر من ذلك؟ الله مسرورٌ بهذا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). أظهرت لي كلمات الله أنه وبصرف النظر عن الواجب الذي يُناط بي، فإن مصدره حكم الله وترتيباته. ينبغي علي أن أخضع وأن أقترب منه بقلبي. بصرف النظر عن ماهية خامتي أو مقدار ما يمكنني القيام به، عليّ أن أبذل قصارى جهدي فيما أقوم به. هذه هي مشيئة الله، وهذه فحوى قيامي بواجبي حقًّا.
بعد التعامل مع الشؤون العامة لفترة من الزمن، رأيت أنها لم تكن على الإطلاق عملًا كادحًا بالشكل الذي كنت أتخيله. هناك مبادئ كثيرة ينبغي عليّ فهمها والدخول إليها في هذا الواجب، الذي يتطلب في سياق القيام به قلبًا حقيقيًّا يطلب الحق. لقد اكتسبت الكثير من التعامل مع الشؤون العامة بعد أن مارستها بعض الشيء. تعلمت بعض المهارات وفهمت بعض المبادئ، كما أنني اختبرت كم أن خلاص الله للبشرية عمليّ! لقد أدى هذا التغيير في الواجب إلى تغيير المنظور الخاطئ الذي كنت أتبعه تجاه الواجبات وأصبحت مستعدة للخضوع لترتيبات الله وبذل قصارى جهدي في واجبي. شكرًا لله!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.